logo

logo

logo

logo

logo

تشيلي

تشيلي

Chile - Chili

تشيلي

 

تشيلي Chile دولة من دول أمريكة الجنوبية تقع بين جبال الأنديز والمحيط الهادئ، عاصمتها سانتياغو. تمتد على هيئة شريط ضيق طويل بمحاذاة ساحل المحيط الهادئ، ويبلغ طول البلاد من الشمال إلى الجنوب 4275 كم، بينما لا يزيد عرضها من الغرب إلى الشرق في أعرض نقطة لها على 435 كم. تقع بين خطي الطول 17 درجة و30 دقيقة و55 درجة جنوب خط الاستواء وخطي العرض 70 درجة و75 درجة غرب غرينتش، وتمتد جنوباً حتى رأس هورن Chorn، حيث تنتهي جبال الأنديز في أرض النار وعشرات الجزر جنوب مضيق ماجلان. يبلغ طول الحدود التشيلية نحو 8202 كم، منها قرابة النصف حدود بحرية.

يحد تشيلي من الشمال البيرو، ومن الشرق بوليفية والأرجنتين، ومن الجنوب ممر دريك بين أمريكة الجنوبية والقارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، ومن الغرب المحيط الهادئ، تبلغ مساحة تشيلي 756096 كم2.

الأوضاع الجغرافية الطبيعية

ساعد الامتداد الكبير لتشيلي من الشمال إلى الجنوب، والتضاريس المعقدة، على وجود أحوال طبيعية متباينة. وتمتد على كامل البلاد منظومتان جبليتان بشكل متواز، ففي الشرق تمتد جبال الأنديز التي تغطي قممها العالية الثلوج الدائمة، كما تمتد في الغرب جبال الكورديلّيرا الساحلية. ويفصل جبال الأنديز عن الكورديلّيرا منخفض الوادي الطولي الذي يختفي عند درجتي العرض 28-33 درجة بين الأقواس الجبلية.

ويرتفع العديد من القمم الجبلية فوق 5000م، وتُغطى بالثلوج الدائمة. ويعد بركان ليوليالياك أعلى مخروط بركاني في البلاد (6723م)، وقد تجدد نشاطه آخر مرة منذ 100 سنة تقريباً.

وتؤلف الأنديز في القسم الشمالي كتلة ضخمة تمتد على أطرافها سلاسل الكورديليرا الشرقية والغربية. وتقع هذه الكتلة الجبلية في بوليفية والأرجنتين. أما الكورديليرا الغربي فجزء منه يؤلف حدود تشيلي مع بوليفية والأرجنتين. وإن العديد من قمم الكورديليرا الغربي تبلغ ارتفاعاً كبيراً (سانت ـ بيدرو 6165م، بولار 6225م). وإلى الجنوب من خط العرض 27 درجة تنتهي جبال الكورديليرا الشرقي وجبال بون والجبال التشيلية ـ الأرجنتينية، وتستمر السلسلة الغربية والكورديليرا الأساسي فقط. وتقع المعابر (السروج) التي تصل تشيلي بالأرجنتين في هذه المنطقة من الأنديز على ارتفاع كبير، وتكون في كثير من الأحيان غير آمنة بسبب الانهيارات الثلجية، وتنخفض الأنديز تدريجياً نحو الجنوب حتى 2000-2500م.

أما إلى الغرب من الكورديليرا الرئيسي فيمتد حوض منخفض، وإلى الغرب أكثر يمتد الكورديليرا الساحلي. ويقع القسم الشمالي من هذا المنخفض على ارتفاع 1000م، وتغطيه الرمال والتربة السوداء والتربة المحجرة. وتبرز في بعض المناطق القاعدة الصخرية للمرتفعات على السطح. أما القسم الجنوبي لهذا المنخفض (الوادي المركزي) فتملؤه المنقولات الحصوية الرملية المحمولة من الأنديز. ويغطي هذه المنقولات تربة بنية ورماد بركاني، أما إلى الجنوب فتغطي سطح المنخفض تربة رمادية. ينخفض سطح الوادي المركزي بشكل تدريجي نحو الجنوب، وعند مدينة بورتو ـ مونت يكوّن هذا المنخفض خليجاً. ويفصل هذه المنخفضات عن المحيط الهادئ. مجموعة من الجزر التي تؤلف استمراراً للكورديليرا الساحلي، ويحيط بها من الشرق سلسلة الأنديز الرئيسية.

المناخ

يؤثر المحيط الهادئ على مناخ تشيلي، فدرجة الحرارة ترتفع تدريجياً عند الانتقال باتجاه العروض المرتفعة بشكل أبطأ من ارتفاعها في البلاد القارية الموجودة على خطوط العرض نفسها. ويؤثر على النظام الحراري تيار البيرو البارد الذي يتحرك من الجنوب إلى الشمال، ويقلل هذا التيار من ارتفاع درجة الحرارة، كلما زاد القرب من خط الاستواء. أما بالنسبة للتقلبات الفصلية للحرارة فهي ليست كبيرة نسبياً، بسبب المحيط الهادئ، وخاصة على الساحل، ففي البارايسو يبلغ متوسط درجة الحرارة لأشد الأشهر حرارة (كانون الثاني) + 17.6ْ مئوية، أما متوسط أشد الشهر برودة (تموز) فهو +11.3ْمئوية. ويمكن على أساس خصائص الرطوبة تقسيم البلاد إلى قسمين كبيرين:

1ـ القسم الأول، وهو القسم الشمالي من البلاد الذي يتميز برطوبة قليلة حتى متوسطة في بعض الأقسام.

2ـ القسم الجنوبي، ويتميز برطوبته الكافية بالنسبة للقسم الشمالي. ويمكن رسم الحدود الطبيعية بين الإقليمين بالخط المار من تولكوانو ـ تشيليان ـ ليناريس. ويتطابق مع هذا الخط الحدود الجنوبية للنشاط الزراعي تقريباً، بالإضافة إلى الحدود الشمالية للغابات. وتزداد درجة الجفاف بالانتقال التدريجي نحو الشمال بعيداً عن هذا الخط، وإلى الشمال من خط العرض 27ْ مئوية جنوب خط الاستواء، فإن كمية الأمطار الملحوظة تهطل على السفوح العالية لجبال الأنديز فقط، وفي هذه المنطقة تبدأ صحراء أتاكاما، أما إلى الجنوب من الخط المذكور فإن كمية الهطل تتضاعف بسرعة كبيرة، حيث تصل على سواحل تشيلي الجنوبية حتى 3000-5000مم/ السنة. ويتلقى القسم الوسط من تشيلي أكبر كمية من الهطل في فصل الشتاء، أما في فصل الصيف فلا تهطل الأمطار بغزارة إلا جنوب خط العرض 40 درجة جنوب خط الاستواء، أما الثلج فلا يتساقط إلا في أعالي جبال الأنديز جنوبي تشيلي.

المياه

توجد معظم الأنهار ذات الغزارة الكبيرة في تشيلي في القسم الجنوبي من البلاد، وهي ذات تغذية مطرية. أما الأنهار الأقل غزارة فتتمركز في القسم الشمالي الجاف، ويعد ذلك انعكاساً واضحاً للأحوال المناخية السائدة في البلاد. وتتميز أنهار تشيلي بأهميتها الكبيرة في مجال الري، ومن دونها لا يمكن أن تقوم الزراعة على ما يعادل نصف مساحة البلاد، ولكن هذه الأنهار غير ملائمة للملاحة النهرية، وذلك بسبب الانقطاعات والجنادل والوديان الضيقة أحياناً والمصبات العديدة المشغولة بالحواجب الرملية. ويعد كل من نهري بيو ـ بيو Bio-Bio وماولي Maule في القسم الأوسط من البلاد من أكبر أنهار تشيلي. وتتميز أنهار تشيلي بقصرها، فوادي نهر بيو ـ بيو لا يزيد طوله على 380كم، ومساحة حوضه 24 ألف كم2.

وفي القسم الجنوبي من البلاد كثير من البحيرات الناتجة عن الحركات التكتونية أو الجليديات. وتعد بحيرة بونس ـ أيرس (2100كم2)  التي يتبع نصفها الشرقي إلى الأرجنتين من أكبر هذه البحيرات. والبحيرة الثانية من حيث المساحة هي بحيرة ليانكيو Liankio التي تقع بكاملها في تشيلي.

النبات والحيوان

ينعكس التباين في الأحوال الطبيعية للبلاد على التباينات التي تلاحظ في النبات والحيوان، الموجودة في شمال ووسط وجنوب البلاد، فالقسم الشمالي يتميز بنباتاته الصحراوية. وتوجد في أقصى شمال الوادي الطولي أجمات صغيرة، وتظهر إلى الجنوب من صحراء أتاكاما في النطاق شبه المداري أيكات دائمة الخضرة من الأجمات نموذج الماكي المميزة لحوض البحر المتوسط. وبالانتقال أكثر باتجاه الجنوب تظهر في إقليم الشتاء المتوسط الرطوبة تجمعات من الأشجار ليست كبيرة، أما على سفوح الجبال فتظهر تجمعات من الغابات الشجرية. وتعد شجرة النخيل التشيلية من الأشجار المميزة لهذه العروض، حيث يصل ارتفاعها إلى 28م. أما في إقليم الرطوبة الكافية والمرتفعة، فتسود نماذج من الغطاء النباتي الغابي المتمثل بالأشجار المميزة للأقاليم شبه المدارية الرطبة كالسنديان والصنوبريات (الأشجار الراتنجية) الدائمة الخضرة. أما في النطاق المعتدل لجنوبي تشيلي فتنمو النباتات المميزة للمنطقة شبه القطبية الجنوبية من الغابات المختلطة.

 

وتسود غابات السنديان في الوادي الطولي إلى الجنوب من نهر بيو ـ بيو، التي تختلط مع الغابات الراتنجية على ارتفاع 1800م، ثم تحل محلها غابات السنديان القطبية الجنوبية المتساقطة الأوراق على ارتفاع 2000م.

أما من حيث الحيوانات فإن القسم الشمالي من تشيلي فقير بالأنواع الحيوانية، في حين يصير في غابات الجنوب أغنى وأكثر تنوعاً من الشمال، وبخاصة الوحوش المفترسة والطيور. ويوجد من الحيوانات الماشية الآلن الصغيرة (الأيمول) والبودو، ومن الوحوش المفترسة هر الكولوكولو وكلب ماجلان وغيرها. كما إن البلاد غنية بعالم الطيور كالببغاء من فصيلة الفاروبيان، الذي يسبب خراباً كبيراً للحدائق، والبط وغيرها من الطيور المائية، كما تشتهر تشيلي بوفرة الطيور الجارحة التي تنتشر في جبال الأنديز، ابتداءً من الحدود مع البيرو إلى مضيق ماجلان.

 

 

السكان

تشغل تشيلي المركز السابع بين دول أمريكة الجنوبية من حيث عدد السكان، فقد كان عدد سكان البلاد في عام (1960) 7.6 مليون نسمة، وفي عام (1993) 8.13 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يصل عام 2000 إلى 14.3 مليون نسمة. وتعد العاصمة سانتياغو[ر] من أكبر مدن أمريكة الجنوبية، إذ بلغ عـدد سكانها 4.5 مليون نسمة عام 1993، وتقسم البلاد إلى 12 محافظة إدارية، وتقسم كل محافظة إلى مناطق يبلغ عددها كاملة 40 منطقة.

تكوَّن سكان تشيلي خلال عملية طويلة من الاختلاط والانصهار بين عدة عناصر بشرية سلالية، وقام سكان تشيلي الأصليون (الهنود والسكان المهاجرون من إسبانية) في هذه العملية بالدور البارز، لذلك فإن 90٪ من السكان من أصل تشيلي، تكوَّن نتيجة التمازج مع الأوربيين وخاصة الإسبان، لذلك فإن السلالة العرقية في تشيلي في غاية التعقيد بسبب النماذج الأنتروبولوجية المتعددة الموجودة في البلاد. ولكن السائد هو العرق الأوربي نموذج البحر المتوسط ذو اللون الأسمر والشعر الأسود، كما توجد جماعات ذات بشرة بنية ـ مصفرَّة وشعر أسود سابل وعيون قاتمة. ويؤلف الهنود أكثر من 6٪ من السكان (المابوتشي نحو 200 ألف، الكيتشوا نحو 60 ألف، الإيمارا نحو 40 ألف). ويعيش المابوتشي في القسم الجنوبي من الوادي الطولي، أما الكيتشوا والإيمارا فيقطنون الوديان الجبلية شمالي تشيلي. وحتى ظهور الأوربيين كان يعيش في أرض النار هنود الأونا والآلاكالوفي والياغاني. وقد أجلى الباحثون عن الذهب ورعاة الماشية سكان أرض النار عن مناطقهم، وأُبيد من رفض النزوح.

يتكلم جميع سكان تشيلي اللغة الإسبانية ذات اللهجة الخاصة، التي أثرت عليها لغة السكان الأصليين، ويدين 80٪ من السكان بالكاثوليكية. ويوجد تحت إشراف الكنيسة عدد من المدارس والمؤسسات التعليمية العالية.

ويبلغ المعدل الوسطي لتزايد السكان 1.5٪، بينما كان بين عامي (1960-1993) 18بالألف، ويبلغ معدل المواليد 26.7 في الألف، ومعدل الوفيات 5.7 في الألف، ومعدل الخصوبة الإجمالي 1.7 في الألف (1993). والعمر المتوقع عند الولادة بالسنوات 73.9 (1993).

وتشهد البنية الاجتماعية للسكان وتوزيعها على مختلف الفروع الاقتصادية على الارتفاع النسبي لمستوى التطور في تشيلي، ويظهر ذلك من خلال توزعهم على الفعاليات الاقتصادية، حيث يؤلف العمال الذين يعيشون على راتب العمل نحو 80٪، وأكثر من 18٪ من الفعالية الاقتصادية للسكان مشتغلة بالصناعة، ونحو 16٪ في الزراعة والباقي 52٪ في مختلف الأعمال الأخرى، ويبقى نحو 12٪ عاطلين عن العمل. وتتميز تشيلي بأن نسبة كبيرة من العمال والمستخدمين يعملون في مشروعات صغيرة، والباقي في الأعمال الزراعية.

إن توزع سكان تشيلي، كما هي الحال في باقي دول أمريكة اللاتينية، غير منتظم، ففي الوقت الحاضر تبلغ الكثافة السكانية العامة في الأقسام الشمالية من البلاد 10 نسمة/كم2، وفي الجنوبية 1-2 نسمة/كم2، بينما ترتفع في تشيلي الوسطى إلى أكثر من 200 نسمة/كم2، وكما هي حال عدد من دول أمريكة الجنوبية، فإن العاصمة سانتياغو تزيد على جميع المدن الأخرى من حيث عدد السكان، وكذلك من حيث أهميتها الاقتصادية، ففي سانتياغو يتمركز أكثر من 1/3 السكان، وأكثر من 45٪ من سكان المدن السبع الكبيرة، التي يزيد عدد سكانها عـلى 100 ألف نسمة، وجميعها موانئ بحرية ما عدا اثنتين (سانتياغو وتيموكو).

تكوَّنت أكبر المدن في عهد الاستعمار الإسباني، ومازالت حتى الآن بشكلها المميز لتلك الحقبة، من حيث التخطيط: ذات شوارع ضيقة تتقاطع بزوايا قائمة، وفي وسط المدينة ساحة كبيرة. وقد تهدم العديد من الأبنية القديمة بسبب الهزات الأرضية. أما إلى الجنوب من الوادي الطولي الذي قطنه في القرن التاسع عشر الكثير من المهاجرين الألمان، فإن نمط المدن من حيث طرازها يذكر بالطراز الألماني. يعيش السكان الريفيون في القرى والمزارع. وتتمركز القرى الأكبر في الوادي الطولي، وقليل منها في الجبال.

الحياة الاقتصادية

تعد تشيلي من البلدان الغنية بالمواد الأولية، ففي جبال الأنديز والكورديليرا الساحلي توجد المكامن المعدنية وخاصة النحاس، وتشغل المركز الأول في العالم في إنتاج النحاس (1338ألف طن 1993). وتوجد في القسم الشمالي من البلاد من الحوض غني بنترات التشيلي (البوتاسيوم) الذي تكوّن في بحيرات مالحة سابقة. كما يوجد النفط في أقصى الجنوب.

ومازالت الصناعة الحديدية حديثة بالمقارنة مع استخراج النحاس، إذ بدأت تتطور في بداية القرن العشرين. وتتوزع مناجم الحديد فيما يطلق عليه اسم (نطاق الحديد)، الذي يمتد إلى الشمال من سانتياغو، ويصدر أغلب خامات الحديد، وينقل قسم منها بحراً إلى مصنع الحديد في ياتشيباتو، بالقرب من كونسيبسون، حيث يصهر في هذا المصنع سنوياً أكثر من 500 ألف طن من الحديد، إضافة إلى مجموعة من المصانع الصغيرة. أما البوتاسيوم فيستخرج شمالي تشيلي في صحراء أتاكاما منذ أكثر من مئة سنة، ويستخدم في إنتاج الأسمدة الآزوتية واليود، الذي كان في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين المادة التصديرية الأساسية في تشيلي. وكذلك تنتج تشيلي الكبريت وحمض الكبريت والسوبر فوسفات والبلاستيك بكميات قليلة وغيرها من المواد الكيميائية. تتجمع أكبر مراكز الصناعة الكيميائية في سانتياغو وفالبارايسو وفينيا ـ دل ـ مار وكونسيبسون.

وأهم فروع الصناعات الكبيرة: تجميع السيارات والراديو والتلفزيون وإنتاج الأدوات الإلكترونية والمنزلية وصناعة السفن وقضبان السكك الحديدية. وتؤمن تشيلي جزءاً من متطلبات البناء ومواده وإنتاج الصناعات الخفيفة والغذائية. وتتوزع معامل الإسمنت في كوكيمبو وهوان سولدادو، كما تتمركز الصناعات النسيجية والأحذية الجلدية في العاصمة وفالبارايسو وكونسيبسون وغيرها من المدن الجنوبية. وتتوزع المعامل التي تعمل على تصنيع المواد الزراعية في الأقاليم الزراعية الرئيسية في تشيلي الوسطى. وتشغل تشيلي أحد المراكز الأولى في أمريكة الجنوبية بصيد الأسماك، التي يصنع القسم الأعظم منها محلياً ثم يصدر، وتقع معظم معامل الأسماك في المدن الساحلية.

يُستخرج النفط من أرض النار والأراضي الواقعة غرب خليج ماجلان وشبه جزيرة أرادكو، وينقل النفط إلى الشمال بالصهاريج، حيث أكبر مصفاتين للنفط (في كونسيبسون وكونكون(. وتوجد أكبر مكامن للفحم في المقاطعات الواقعة إلى الجنوب من كونسيبسون، وقد زاد إنتاج الفحم ببطء في البلاد، وإن أحد أسباب الصعوبات الاقتصادية في تشيلي، هو عدم كفاية الطاقة الكهربائية، مما حول الأنظار إلى استخدام الطاقة المائية، إذ أقيمت محطات الطاقة الكهربائية في القسم الأوسط من التشيلي، وتقدم الطاقة الكهرمائية نحو 70٪ من حاجة البلاد.

الزراعة

يغطي الإنتاج الزراعي جزءاً محدوداً فقط من حاجيات البلاد من المواد الغذائية الأساسية، أما الفواكه والعنب، فتنتج بكمية تمكن من تصديرها مباشرة أو مصنعة. وتعد تشيلي دولة مهمة في تصدير نبيذ العنب، ويزرع في تشيلي الوسطى وحدها أكثر من نصف زراعة الحبوب، وأهم مركز لزراعته يقع في الوادي الطولي (نحو 35٪ من المساحة المزروعة). وأهم المحاصيل هي الذرة والرز، ويعد الشوندر السكري من الزراعات المهمة التي تحتل مركزاً مرموقاً، وتنمو زراعته تدريجياً مع نمو صناعة السكر، كما توجد زراعات محاصيل صناعية أخرى على رأسها التبغ، وتشغل البساتين والحدائق مساحات هامة.

أما من حيث تربية المواشي فتحتل تشيلي مركزاً مهماً في تربية الأبقار (3.5 مليون رأس) والأغنام (6 مليون رأس) إضافة إلى الخنازير.

للتجارة الخارجية أهمية كبيرة بالنسبة لتشيلي، فإنتاج البلاد من الفواكه بكميات كبيرة تساعد على تصديرها، وعلى تأمين الحاجيات الأساسية للبلاد من المواد الصناعية والمنتجات والمواد الغذائية التي لا يمكن تأمينها محلياً. ويستأثر النحاس بأكثر من 70٪ من صادرات تشيلي، ثم تليه خامات الحديد واليود والبوتاسيوم والسمك المطحون والسليلوز والورق. أما وارداتها فتشتمل على الآلات والسيارات والمواد الصناعية والكيميائية والطاقة والمواد الغذائية. وأهم الدول التي تتعامل معها تجارياً هي ألمانية الغربية واليابان والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.

وللامتداد الطولي الكبير لمساحة تشيلي فإن هناك خطوط مواصلات طويلة لنقل المواد الزراعية، ويأتي على رأسها النقل البحري حيث يحتل مركزاً مهماً بالنسبة للتجارة الخارجية. وخلافاً لجميع بلدان أمريكة الجنوبية يوجد في تشيلي شبكة مواصلات إسفلتية وحديدية متطورة، إذ يبلغ مجموع أطوال الخطوط الحديدية 9800كم، والإسفلتية أكثر من 65 ألف كم. ويوجد فيها أكثر من مليون سيارة 40٪ منها للشحن. ويقع أكبر تمركز لخطوط المواصلات الحديدية من الشمال إلى الجنوب، بمحاذاة الساحل حتى بوير ـ تومونت، ثم تتوقف إلى الجنوب منها الخطوط الحديدية، وهناك ثلاثة خطوط حديدية تربط تشيلي مع الجوار. وتربط مجموعة من الخطوط الجوية تشيلي مع البلدان الأمريكية الجنوبية الكبرى وأمريكة الشمالية وأوربة برحلات منتظمة، كما ترتبط بمعظم الخطوط الجوية العالمية، وللخطوط الجوية أهمية في النقل الداخلي أيضاً، حيث يربط بين الأجزاء الجنوبية والشمالية، وتعد سانتياغو أكبر ميناء جوي في البلاد.

لمحة تاريخية

كان يعيش في تشيلي حتى دخول الإسبان إلى الجزء الشمالي من البلاد، شعوب هندية من الكيتشوا والإيمارا، أما في الجزء الأوسط فكان يعيش المابوتشي، ويقطن الأجزاء الجنوبية الألاكالوفي والياغاني والأونا. وكان يعمل الكيتشوا بالزراعة المروية، والمابوتشي بالزراعة البعلية وجمع الغذاء والنباتات البرية، وصيد الأسماك والصيد البري وصنع الثياب الصوفية. أما الألاكالوفي والياغاني والأونا فكانوا يعملون بالصيد البري والبحري وجمع الثمار الطبيعية، كما كانت العشيرة هي المنظمة الرئيسية في تشيلي التي توحدت في قبائل. وقبل ظهور الإسبان في تشيلي بـ 100-150 سنة، أي في بداية القرن الرابع عشر أو نهاية القرن الثالث عشر كان القسم الشمالي من تشيلي (حتى نهر ماولي) يحتله الإنكا أصحاب حضارة عرفت باسمهم[ر]. أما القسم الجنوبي فكان يسيطر عليه المابوتشي الذين قاوموا الإنكا بضراوة.

وإن تقسيم البلاد إلى إقليمين يسود فيهما نظامان اجتماعيان متباينان، كان له أهمية كبيرة بالنسبة للتاريخ اللاحق للبلاد. فالجزء الشمالي اعتاد الخضوع للإنكا والإسبان بعدهم، وكانت السيطرة عليهم سهلة، أما المابوتشي فلم يعترفوا بالظلم الإسباني ولم يعرفوا الاستقرار، ولكن الإسبان تقدموا بعد حروب طويلة معهم، ودفعوا حدودهم حتى نهر بيو ـ بيو، ووجدوا الشروط الطبيعية الملائمة التي تشبه أحوال حوض البحر المتوسط المناخية، وكانت زراعة القمح أولى الزراعات، ثم ظهرت زراعة الشعير. وكان للكرمة أهمية خاصة، وبدأ استخراج الذهب والنحاس في القرن الثامن عشر.

ترافق دخول الإسبان إلى تشيلي بتغيرات اجتماعية جذرية إذ تحول المجتمع القبلي الزراعي إلى مجتمع رأسمالي. وحتى نهاية سيادة السيطرة الإسبانية كان يسود في تشيلي طبقتان اجتماعيتان: الملاك الزراعيون والفلاحون، ولكن الدور الأساسي في هذه المرحلة صار للتجار والملاك وأصحاب الورشات.

شهدت البلاد مقاومة كبيرة من السكان الأصليين للإسبان، جعلت عدد السكان في تشيلي حتى نهاية القرن الثامن عشر أقل مما كان عليه في منتصف القرن السادس عشر، إذ تكوّن المجتمع الإسباني الهندي الذي نشأ فيما بعد، وانصهر تدريجياً في بوتقة واحدة، وصار الدور الأساسي في جميع المستعمرات للإسبان في القرن الثامن عشر. وحدثت في سانتياغو في 11 تموز 1810 انتفاضة من سكان تشيلي على الإسبان، استمرت ثماني سنوات، وحصل سكان تشيلي بعدها على الاستقلال عام 1817، وصارت السلطة بيد برناردو ـ أو خينكينس قائد حركة التحرر، الذي وقّع وثيقة الاستقلال في 1 كانون الثاني عام 1818. وبدأت في عام 1879 حرب ما يعرف بحرب المحيط الهادئ، التي انتهت في عام 1883، بانتصار تشيلي على البيرو وبوليفية، وبعد انتهاء الحرب مباشرة أرسل الجيش لحرب قبائل المابوتشي، وقام سكان تشيلي بإبادة الهنود وحرق بيوتهم واحتلوا أرضهم.

تمخضت الحرب العالمية الأولى عن سيطرة الولايات المتحدة على البلاد، وخاصة على مناجم النحاس والحديد. واستمر الصراع بين الأحزاب السياسية إلى أن تم في عام 1970 وصول «سلفادور اللندي» إلى السلطة عن طريق الاقتراع الشعبي، وأُمَّمت المؤسسات الصناعية التابعة للولايات المتحدة، ونفذ قانون الإصلاح الزراعي. وفي عام 1973 وقع انقلاب عسكري، وتسلم السلطة العسكريون، وقد قتل نتيجة هذا الانقلاب نحو 30 ألف شخص، واعتقل خلال عام 1980 نحو 4 آلاف شخص. وفي عام 1981 وضع دستور جديد للبلاد، وزال الحكم الدكتاتوري عام 1993.

المعالم الحضارية والثقافية

الثقافة في تشيلي مزيج من الثقافة الإسبانية والثقافة الأصلية للسكان، وبدأت تسود الثقافة الإسبانية بسرعة خلافاً لما عليه الوضع في البيرو وبوليفية. ويفسر ذلك بالمستوى الثقافي المتواضع عند السكان الأصليين، والعدد القليل لهنود المابوتشي الذين قطنوا تشيلي حتى عهد الاستعمار الإسباني، وذلك موازنةً مع قبائل الكيتشوا والإيمارا، وبعد دخول الإسبان صارت هذه القبائل تستخدم أدوات الإنتاج المستخدمة في حوض البحر المتوسط، كما ظهرت في البلاد أنواع جديدة من الماشية وأنواع مستوردة من البذور الزراعية والزراعات، ولا تختلف أدوات الإنتاج اليوم في تشيلي عن أدوات الإنتاج في حوض البحر المتوسط الأوربي. ويذكّر طراز البناء فيها بعصر الاستعمار الإسباني، وتختلف مساكن الفلاحين من حيث المظهر الخارجي ومواد البناء من إقليم إلى آخر، ففي الشمال تبنى البيوت من الحجارة والسقف من جذوع الصبار، وفي وسط البلاد من الطين أو اللبن، والسقف من القش أو القصب، أما في الجنوب فهي على الأغلب خشبية. أما في الأقاليم التي يعيش فيها هنود المابوتشي، فكثيراً ما تشاهد الخيام المصنوعة من القصب، إضافة إلى البيوت الخشبية. ويرتدي معظم سكان تشيلي الألبسة الأوربية الحديثة التي تكمل أحياناً باللباس المحلي.

بدأ يتطور فن الموسيقا في تشيلي بتأثير الفنانين الأوربيين في النصف الأول من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وظهرت مجموعة من الموسيقيين المحليين الذين حاولوا تطوير الموسيقى المحلية على أسس أوربية.

ويقترن حب التشيليين للرقص والغناء والموسيقى مع حبهم للفن الشعبي، وقد وقعت الثقافة التشيلية، كما هو الحال في بلدان أمريكة اللاتينية، تحت التأثير القوي للثقافة الأوربية، وخاصة الإسبانية والفرنسية، ولكن التأثير الفعلي للثقافات ظهر في القرن العشرين، ولاسيما ثقافات أمريكة الشمالية، ومكَّنَ العمل الجاد من ظهور ثقافة تشيلية خالصة إلى حد ما. وظهرت مدراس فنية عدة، تصارع بعضها مع بعض من خلال إبداع مجموعة من الكّتاب، وعلى رأسهم الشاعرة ميسترال غبريل التي حازت جائزة نوبل عام 1945، وكان عمرها حين ذاك 29 سنة، ثم سافرت إلى تيموكو لتشغل منصب مديرة مدرسة، وهناك تعرفت شاباً في الرابعة عشرة من عمره، هو نفتال ريكاردو ديس باسوالتو الذي دخل تاريخ تشيلي تحت اسم الشاعر بابلو نيردوا، حاز جائزة نوبل عام 1971، وتوفي عام 1973. ومن المعروف أن المسرح التشيلي مشهور جداً، وقد ولد هذا المسرح في عهد الاستعمار، أما السينما فحديثة العهد ولم ينتج فيلم بإنتاج تشيلي كامل إلا بعد الحرب العالمية الثانية.

تصنف تشيلي بين دول أمريكة الجنوبية التي ترتفع فيها نسبة التعليم، فمعدل من يعرف القراءة والكتابة بين البالغين 49.7٪ (1993)، ولايزيد معدل الأمية بين الإناث على 5.5٪ (1993)، مع أن التعليم الإلزامي يستمر حتى الصف الثامن رسمياً. وهناك قسم من السكان وخاصة في الأرياف ليس لديهم إمكان متابعة الدراسة لعدم كفاية المدارس والمدرسين بسبب الوضع المادي الصعب. لذلك فإن 8٪ من الأطفال فقط يكملون المدارس المتوسطة.

تعد جامعة تشيلي الرسمية في سانتياغو أكبر مركز علمي في البلاد، حيث تضم علماء وباحثين في مختلف الاختصاصات، ابتداءً من معهد الأدب التشيلي وانتهاءً بمعهد الفيزياء الذرية، بالإضافة إلى جامعة سانتياغو هناك مؤسسات تعليمية عليا في كل من فالبارايسو، كونسيبسون، أنتوفاغستا وفالديفيا.

 

أمين طربوش

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ البلدان والشعوب، أمريكة الجنوبية (موسكو 1983).

ـ تقرير التنمية البشرية لعام 1996، منشورات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP (مطبعة جامعة أكسفورد، نيويورك).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 486
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 559
الكل : 31587709
اليوم : 22564

تسفايغ (شتيفان-)

تْسْفايغ (شتيفان ـ) (1881 ـ 1942)   شتيفان تسفايغ  Stefan Zweigأديب نمسوي كتب في القصة والرواية والشعر والسيرة والمقالة والمسرح، واشتهر أيضاً مترجماً عن الفرنسية. انحدر من عائلة من الصناعيين، ودرس الآداب الألمانية والفرنسية في مدينة فيينة Wien مسقط رأسه ثم في برلين Berlin حيث حصل على الدكتوراه. قام إثر ذلك بعدة رحلات طويلة عبر أوربة وشمال أفريقية والهند وأمريكة إلى أن استقر في مدينة سالزبورغ Salzburg عام 1919.
المزيد »