logo

logo

logo

logo

logo

البالادة

بالاده

Ballad - Ballade

البالادة

 

البالادة Ballade نوع من القصائد في الأدب الغربي. تتكون من ثلاثة مقاطع، كل مقطع منها ذو ثمانية أبيات أو عشرة، ومن دور ختامي يتألف من أربعة أبيات إلى خمسة. أما قوافيها فلا تتجاوز الثلاث أو الأربع. ويُشترط في البالادة أن ينتهي كل مقطع بالبيت نفسه الذي تنتهي به المقاطع الأخرى وهو ما يسمى اللازمة. وتحتوي المقاطع على عدد من الأبيات بمقدار ما تحتوي تلك الأبيات من مقاطع لفظية، أما الدور الختامي فيأخذ صيغة النصف الثاني من المقطع الشعري.

يعود أصل كلمة بالادة Balada إلى اللغة البروفنسية القديمة في فرنسة وتعني الرقص، وهي مشتقة من الأصل اللاتيني Ballata المحرف عن كلمة «بالاري» Ballare التي كانت تعني، نحو عام 1250، قصائد راقصة متنوعة من حيث البنية الموسيقية والوزن الشعري.

البالادة في الشعر الفرنسي

كانت كلمة بالادة في العصور الوسطى تعني قصيدة غنائية ذات أصل إيقاعي راقص. وفي البداية كانت تتألف من ثلاثة مقاطع أو خمسة من دون دور ختامي. وفي بداية القرن الرابع عشر تحدد شكل البالادة في المؤلف الهجائي «حكاية دي فوفل» (1314) Roman de Fauvel الذي ينسب إلى جيرفيه دي بوس Gervais du Bus، فأصبح يتألف من ثلاثة مقاطع وأصبحت البالادة قصيدة ينشدها صوت واحد، ثم أصبح للبالادة شكل أكثر دقة على يد الشاعر غيّوم دي ماشو[ر] Guillaume de  Machaut فصارت تتألف من ثلاثة مقاطع متبوعة بلازمة من دون الدور الختامي، يصاحبها عزف على آلة موسيقية. وترك دي ماشو اثنتين وأربعين بالادة من بينها الكثير من القصائد الغنائية الإفرادية. ولم يُشَر في هذه المرحلة إلى الآلات الموسيقية المرافقة لهذه القصائد.

يُذكر في هذه المرحلة أيضاً الشاعر أوستاش ديشان Eustache Deschamps الذي عدَّل في شكل البالادة، فتألف المقطع من تسعة أبيات وكل بيت تكون من ثمانية مقاطع لفظية ما عدا البيت الخامس فتألف من سبعة مقاطع لفظية.

كتبت البالادة في القرن الخامس عشر بأبيات متساوية من سبعة مقاطع لفظية أو ثمانية أو عشرة. أما المقاطع فيمكن أن تكون مؤلفة من سبعة أبيات إلى ثلاثة عشر بيتاً. واعتُمِدت كثيراً العشرية ذات القوافي الأربع والثمانية ذات القوافي الثلاث، وهذا الشكل المقطعي استعمله كثيراً الشاعر الفرنسي فرانسوا فِيّون[ر] Francois Villon ومارو[ر]  Marot وغيرهما. وقد تحددت صيغة البالادة أيضاً في كتاب جان مولينيه Jean Molinet «فن وعلم الخطابة» (1493) L'art de la science de rhétorique، ولكن لم يتقيد الشعراء بدقة بما جاء في الكتاب. ومن أشهر بالادات فيون تلك المجموعة في ديوانه «الوصية الكبرى» Le grand testament التي ألفها بين عامي 1456 و1463، ومن أشهرها «بالادة سيدات الزمن الغابر» La ballades des dames du temps jadis و«بالادة نساء باريس» La ballades des femmes de Paris.

وقد أهملت قصائد البالادة في بداية القرن السادس عشر في فرنسة في مجالات عديدة مع الحفاظ على طابعها الشعبي. ولكن في عصر لويس الرابع عشر عادت البالادة لازدهارها من جديد، فبرزت البالادة ذات الثمانيات الثلاث (كل مقطع منها مؤلف من ثمانية مقاطع لفظية) وتنتهي المقاطع بدور مؤلف من أربعة أبيات، وفي نهاية القرن السادس عشر أهملت البالادة مجدداً لظهور جماعة البلياد La Pléiade (أو الثريا) ورواج الأسلوب المارويّ الذي ينسب إلى الشاعر مارو (وهوالأسلوب البسيط). ولما انتقلت البالادة من العصور الوسطى إلى العصر الحديث ومن فرنسة إلى الساحة الأنكلوسكسونية اختلف شكلها المحدد في الشعر الغنائي واكتسبت صفة ملحمية سردية.  

وفي القرن التاسع عشر لم تكن البالادات التي نُظمت سوى تكرار للبالادة التي كُتبت في العصر الوسيط والقرن السابع عشر. ومن الشعراء الذين نظموا البالادة في هذه الحقبة: فكتور هوغو[ر] Victor Hugo وجان لافورغ Jean Laforgue وغِيّوم أبولينير[ر] Guillaume Apollinaire ولوي آراغون[ر]Louis Aragon  وبول فور Poul Fort الذي كتب الكثير منها في مجموعة دواوين شعرية بدأها عام 1897، منها «أزهار الزنبق» Les Fleurs de lys و«شجرة الجنيات» L'arbre des fées وغيرها. وقد اشتهر لهوغو مجموعة «أناشيد وبالادات» (1862) Odes et ballades وهي بالادات تضم كثيراً من الصور الرائعة. ولعل أشهر البالادات الفرنسية تلك التي استخدمها إدمون روستان[ر] Edmond Rostand في عمله «سيرانو دي بيرجراك» (1897) Cyrano de Bergerac.

البالادة في الشعر الإنكليزي

اشتهرت البالادة ذات الأصل الفرنسي في أواخر القرن الرابع عشر حين اقتبسها جيفري تشوسر[ر] Chaucer وجون غاور[ر] John Gower و جون ليدغيت John Lydgate. وقد اشتهر لتشوسر بالادة «الافتقار إلى الصمود» Lack of Steadfastness و«بالادة النصح الخيِّر» Ballad of Good Council وبالادة «شكوى لمحفظته الخاوية» Complaint to His Empty Purse. وقد اختفت البالادة بهذه الصفة من الأدب الإنكليزي في القرن السادس عشر وعادت إلى الظهور من جديد في القرن التاسع عشر بعد أن نشر أندرو لانغ Andrew Lang «مجموعة البالادات والقصائد الغنائية الفرنسية» (1872). وبدأ الشعراء في هذا القرن يعيدون إحياء هذا النوع من القصائد كما فعل هنري أوستن دوبسن Henry Austin Dobson  وإدموند غوس[ر] Edmund Gosse  وسوينبورن[ر] Swinburne في بالادته المشهورة «بالادة أرض الأحلام» (1876) Ballad of Dreamland .

 وفي القرن الثامن عشر انفصلت البالادة عن الرقص وحولها الموسيقيون إلى صيغة موسيقية إبداعية (رومنسية) كما فعل برامز[ر] Brahms وشوبان[ر] Chopin وغريغ[ر] Grieg وليست[ر] Liszt الذين ألفوا بالادات خاصة بآلة البيانو. واستخدم شوبرت[ر] Schubert صيغة البالادة كصيغة غنائية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن اسم البالادة يطلق أيضاً على نوع من القصيدة القصصية المغناة التي تعود إلى فولكلور الشعوب الغربية والتي اشتقت قصصها وموضوعاتها من الأساطير والتاريخ وقصص الأبطال الخارقين للطبيعة أو الخارجين عن القانون، والقصص المأسوية والعاطفية والغنائية التي تتبع أسلوب السرد الغنائي القديم وتتحدث عن الحب والإخلاص والقيم المثالية. وتختلف هذه القصائد القصصية الشعبية عن البالادة أو الصيغة الشعرية ذات الأصل الفرنسي التي وردت في بداية هذا البحث، إذ لا ترجع هذه القصائد في أصلها إلى بلد أوربي محدد و لا تتبع صيغة غنائية محددة ثابتة، إنما هو نوع من الأدب الشعبي أو أدب الشعوب أينما كانت قبل أن تصل إليها المدنية والحضارة الحديثة.

ولا تفصل اللغة الفرنسية البالادة كصيغة شعرية ثابتة عن القصيدة القصصية الشعبية هذه، فكلاهما يأتي تحت اسم بالادة Ballade، على عكس اللغة الإنكليزية التي تستخدم Ballade وهي الصيغة الشعرية الثابتة ذات الأصل الفرنسي وBallad على أنها الأغنية الشعرية القصصية الشعبية المليئة بالأحداث، وإيقاعها سردي.

ويصعب معرفة أصل القصيدة القصصية هذه، فهي ذات أصل متفرع ويكون أسلوبها عادة سهلاً، تستخدم فيه حبكة بسيطة تروي قصة أو حادثة في صيغة قصصية تصلح للغناء. ويعود هذا النوع من الأدب الشعبي التقليدي إلى ما قبل القرن الخامس عشر ولكن لم يصل منه إلا ما حفظ  مكتوباً ابتداءً من القرن الخامس عشر، إذ كانت هذه القصائد والقصص المغناة تنتقل شفهياً بين الناس وقلما تكتب، وهي في الغالب حوار بين شخصيات حذف منه عبارة «قال» أو «قال فلان» وتعتمد بكثرة على الصور المجازية والتشابيه التقليدية ويكثر فيها الوصف والسرد ولكن تملؤها الحيوية والتنويع. ولعل أشهر القصائد الفولكلورية المغناة هي «مغامرة روبن هود» Geste of Robin Hood التي تعود إلى القرن الخامس عشر. ومعظم هذه القصائد الشعبية مجهولة الكاتب وتتماثل في الكثير من السمات مثل الموضوعات والتكرار وأنماط الشخصيات والعواطف التي تؤلف العصب الأساسي في تركيبها.

بدأ الاهتمام بالقصائد الشعبية في إنكلترة منذ نشر أول مجموعة للشعر الإنكليزي القديم «آثار في الشعر الإنكليزي القديم» (1765) Reliques of Ancient English Poetry التي جمعها توماس بيرسي T.Percy

بعد أن أحدث تغييرات على بعضها. وقد وصلت شهرة هذه القصائد القصصية إلى ألمانية مما شجع يوهان غوتفريد فون هردر[ر]

Johann Gottfried Von Herder على نشر مجموعة أصوات الشعوب في أغانيها (1778-1779) Stimmen der Völker in Liedern. ومن أهم جامعي القصائد الشعبية القصصية هذه برنز[ر] Burns وغرونتفيغ[ر] Grundtvig وفرنسيس تشايلد الذي جمع القصائد الشعبية الاسكتلندية (1882- 1898).

حاول الأدباء الأوربيون تقليد البالادات الشعبية هذه فكتبوا قصائد قصصية مغناة اشتهرت بصيغة أدبية خاصة، إلا أنها لم تتسم دائماً بالروح الشعبية ذاتها والخصائص التقليدية للقصائد الفولكلورية الأصلية. وقد اشتهرت البالادات الأدبية هذه في القرن التاسع عشر في إنكلترة و فرنسة وألمانية. ويعد الأديب الألماني بورغر Bürger في الأوائل في كتابة هذا النوع من القصائد القصصية الأدبية، وقد اشتهرت له بالادة «الصياد المتوحش» Der Wilde Jäger و«لِنوره»  (1773) Lenore التي تتحدث عن أشياء خارقة للطبيعة والتي ترجمها الأديب الإنكليزي والتر سكوت[ر] Walter Scott. وهناك أيضاً الأديب الألماني غوته[ر] الذي كتب بالادة «صياد السمك» (1778) Der Fischer و«ملك تولِه» (1774) Der König Von Thule و«ملك الجنيات» Erlkönig. وقد اشتهرت أيضاً بالادات شيلر[ر] Schiller ومنها «القفاز» (1797) Der Handschuh .

أما في إنكلترة فقد اشتهرت القصائد القصصية المغناة لوليم وردزورث[ر] Wordsworth وصموئيل تيلر كولريدج[ر] Coleridge، ومنها للأول «دير تينترن» Tintern Abbey و«لوسي غري» Lucy Gray، وللثاني بالادة «البحار العجوز» The Ancient Mariner. واشتهرت أيضاً «بالادة سجن ريدينغ» The Ballad of Reading Gaol لأوسكار وايلد[ر] Wilde التي كتبها في السجن ونشرت عام 1898، وهي من أروع ما كتبه وتطرق فيها لأوضاع السجناء والعدالة الإنسانية العمياء والعدالة الإلهية الموسومة بالرأفة والرحمة.

وقد وجد الأدباء الإيرلنديون في طبيعة هذه القصائد القصصية المغناة أداة للمقارنة الشعبية ضد الاحتلال الإنكليزي للحيلولة دون تقهقر الهوية الثقافية الإيرلندية، ويذكر من الشعراء الإيرلنديين الذين كتبوا هذا النوع من القصائد بمضمون سياسي ثوري وحزين في بعض الأحيان توماس مور [ر] Moore الذي كتب «الأنغام الإيرلندية» Irish melodies وغافان دوفي Gavan Duffy (1802).

زينب منصور، ريما الحكيم

 

مراجع للاستزادة:

 

- ANDRÉ LAGARDE et LAURENT MICHARD, XV1-0 siècle, XV11-0 s, XV111-0 s, X1X-0 s, Bordas (Paris-Montréal 1970).

- PIERRE ABRAHAM et ROLAND DESNE, Histoire littèraire de la France, I, Editions Sociales (Paris 1971).

- W. EDSON RICHMOND, Ballads and Ballad Scholarship, Garland (1986)


التصنيف : الأدب
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 645
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1000
الكل : 57202965
اليوم : 22250

التربيعي (الشكل-)

ازداد الاهتمام بظاهرة التآثر بين الفوتونات والمادة interaction of photons with ionized matter منذ اكتشاف الليزر في ستينيات القرن الماضي، وكان من أهم نتائج تلك الدراسات محاولة فهم الآليات الأولية والأساسية لتبخير المادة وتشكيل البلازما. ويعدّ تآثر الليزر مع سطح المادة الصلبة وتشكل البلازما مثالاً نموذجياً عن تآثر الفوتونات مع المادة بأطوارها السائلة والغازية والصلبة، كما يعدّ مظهراً مميّزاً لما يحدث في المجال اللاخطّي لتفاعل الضوء المركّز مع المادة.

المزيد »