logo

logo

logo

logo

logo

الاستيطان

استيطان

land settlement - Peuplement d’un terrain

الاسْتِيْطان

 

الاستيطان Land Settlement لغة هو اتخاذ الأرض موطناً. فيقال: أوطنت بالأرض أي اتخذتها موطناً. 

أما اجتماعياً، فالاستيطان عملية اجتماعية اقتصادية، تهجر فيها جماعة بشرية أرضها إلى أرض أخرى، لإقامة مجتمعات بشرية مستحدثة [ر.الهجرة]. 

يمرّ الاستيطان عادة بالمراحل الرئيسية التالية:

مرحلة تبلور المفهوم: يتبلور مفهوم الاستيطان تدريجياً بفعل منظرِّين، يطرحون فكرة الاستيطان، وأهدافها، وأساليب تحقيقها، والمصالح الناتجة منها. وتتأثر تلك الفكرة بعوامل عدة منها: الأوضاع الاقتصادية والتغيرات البيئية، والمشاكل الاجتماعية، والأحوال السياسية والعسكرية، والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات أو الجفاف أو الحرائق.

ويؤثر تحديد مفهوم الاستيطان في التنظيم الاقتصادي، ونظام السلطة، ودرجة الإشراف على المهاجرين، وتكوينهم السكاني، ومتطلبات التكيف مع أساسيات التقانة المعاصرة، وتغير مفهوم النظم والأنساق الاقتصادية والاجتماعية. 

مرحلة التخطيط: تتم في هذه المرحلة الأعمال الأساسية التالية:

أ ـ إجراء الدراسات الجغرافية الطبيعية والبيئية لتحديد معالم بيئة الاستيطان الطبيعية، وتهيئة البنى التحتية.

ب ـ إجراء الدراسات الاجتماعية لتحديد خصائص السكان الأصليين، وخصائص الأفراد والجماعات التي تشملها عملية الاستيطان. 

ج ـ إنشاء نظام إداري لنقل المهاجرين وإدارة الأنشطة الاقتصادية والخدمات الصحية والتربوية والترفيهية. 

ء ـ تحديد الأنماط التنظيمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تناسب الحياة في المجتمع الجديد. 

3 ـ مرحلة التنفيذ: تتحدد في هذه المرحلة الميادين التالية: 

أ ـ النظام الإداري، ليكون العاملون فيه من المتخصصين، ويكون لدى هذا النظام القدرة على توفير حوافز العمل والعيش، ولامركزية السلطة ومرونتها. 

ب ـ المستوطنون، وتوضع معايير عدة لاختيارهم بحسب أهداف المجتمعات المستحدثة والعوامل المؤثرة في إنشائها. 

ج ـ ضمان علاقة توازن بين النظام الإداري والمستوطنين، من أجل تماسك المجتمع وتكامله، والتقليل من حدة آثار المشكلات الاجتماعية. 

4 ـ مرحلة المتابعة: بقصد تعرف نقاط القوة والضعف، ثم إجراء التطويرات والتعديلات المناسبة وفق معطيات كل موقف. 

أنماط الاستيطان

يمكن تصنيف الاستيطان إلى الأنماط الرئيسة التالية: 

1 ـ استيطان تلقائي أو طبيعي: وهو استيطان يأخذ شكله النهائي بطريقة تمليها الأحوال الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تدفع الأفراد والجماعات خارج أوطانهم، أو تجذبهم إلى أوطان جديدة. وفي هذا النوع من لاستيطان، تكون عملية الجذب والدفع فيه محصلة قوى تعمل مستقلاً بعضها عن بعض. 

ويمكن أن يكون هذا الاستيطان داخلياً، أي أن تستوطن جماعة بشرية منطقة جديدة داخل حدودها القومية. أو أن يكون خارجياً، تستوطن فيه جماعة بشرية أرضاً خارج حدودها القومية. والعامل المشترك بين كل هذا هو أن عملية الاستيطان لم تنفذ في إطار خطة مرسومة متكاملة. 

استيطان مخطط: وهو استيطان جماعة بشرية أرضاً وفق خطة مدروسة، ووفق أهداف محددة. ويكون داخلياً نتيجة حاجات قومية في ميادين التنمية. فيقوم المجتمع، بتهجير جماعة منه من مكانها وتوطينها في مكان آخر داخل حدوده القومية. مثل تهجير سكان الأودية النهرية التي بنيت فيها سدود وغمرت مواطنهم بالمياه مثل النيل والفرات والكونغو وأنهار أخرى. ويكون خارجياً، تستوطن فيه جماعة بشرية أرضاً خارج حدودها القومية، على الرغم من إرادة السكان الأصليين، مع شعور بالتفوق العرقي عليهم، وممارسة شتى ضروب التمييز العنصري، وإنكار وجود السكان الأصليين القومي (مثل الاستيطان الروسي في آسيا الوسطى وسيبيرية والقفقاس، والأوربي في الأمريكتين والجنوب الإفريقي والصهيوني في فلسطين). ويكون الاستيطان في النمطين ذا طابعين هما: 

أ ـ استيطان عسكري، واستعماري ،وصناعي، وحضري، وريفي. 

ب ـ استيطان اختياري أو إجباري، أي أن يختار المستوطنون المكان أو يجبروا على الانتقال إليه. 

الاستيطان والتطور الاجتماعي

يؤدي الاستيطان إلى إحداث سلسلة من التغيرات في المجتمع في مجالات تكوين النظام الأسري (ظهور الأسرة الصغيرة، عمل المرأة إلى جانب الرجل، تخطيط حياة الأسرة والإنجاب)، وتطوير القيادات المحلية وتنميتها وفق الكفاية والمقدرة، والتنمية الاقتصادية المتكاملة، وربط الإنسان ببيئته الجديدة. ويتفاوت مدى التأثير الذي يحدثه الاستيطان في هذا المجال من مجتمع إلى آخر بحسب عوامل مختلفة، تتعلق بالقائمين على الاستيطان والسياسة التي تتبع في التوطين وأهدافها، ثم طبيعة المستوطنين ودرجة استجابتهم للتغيرات والتأقلم مع المجتمعات المستحدثة، وكذلك في طريقة معالجة المشكلات والقضايا التي تعترض طريق التغيير المخطط والبناء الاجتماعي والاقتصادي. 

المشكلات التي تواجه الاستيطان

تتفاوت المشكلات التي تواجه الاستيطان من حيث العمق والنوع وفق عوامل عدة متعلقة بعملية الاستيطان في مختلف مراحلها منها: 

ـ مشكلات تتعلق بالتخطيط مثل عدم وضوح الأهداف وتحديدها، أو الوسائل التي تتبع في تحقيقها، وقصور التشريع عن الوفاء بحاجات المستوطنين، وسياسات التمويل التي تقف عقبة أمام تقدم المستوطنين، وعدم بناء التخطيط على بحوث علمية، وعدم ربط المستوطنات بمشروعات التنمية الشاملة. 

ـ مشكلات الموقع والبيئة متمثلة في عدم ملاءمة البيئة من النواحي الزراعية والفنية، وانخفاض إنتاجية الأرض، وعدم التنسيق بين مواقع العمل والسكن، وبناء مساكن المستوطنين. 

ـ مشكلات التنظيم والإدارة مثل، تنظيم العمل والخدمات، وتدريب العاملين في ميادين الأنشطة الإنتاجية والخدمات المتنوعة، وقصور الأنظمة الإدارية عن إتاحة الفرصة أمام المستوطنين للقيام بدورهم في اتخاذ القرارات، والمركزية والروتين في الإدارة. 

4ـ مشكلات مصدرها المستوطن: منها، عدم تقديم المستوطن معلومات صحيحة عن أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، وانتمائه النفسي والروحي إلى المجتمعات السابقة، وعدم التجانس في التركيب الاجتماعي والثقافي بين المستوطنين، ومقاومة التغيير والتشكيك في الجديد، وعدم إعداد المستوطنين إعداداً كافياً قبل عملية الاستيطان، وفي أثناء مرحلة الانتقال والاستقرار في المجتمعات المستحدثة. 

كامل عمران

 

الموضوعات ذات الصلة

 

الاستعمار ـ الهجرة. 

 

مراجع للاستزادة

 

ـ شاكر مصطفى، العرب في التاريخ، (دار طلاس، دمشق 1996).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 241
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1068
الكل : 45615230
اليوم : 15913

أوروزكو (خوسيه كليمنتي-)

أوروزكو (خوسيه كليمينتي ـ) (1883 ـ 1949)   خوسيه كليمينتي أوروزكو José Clemente Orozco مصور مكسيكي، زاول التصوير الزيتي والجداري والمائي والحفر، ويعدّ في رواد الفن المكسيكي المعاصر. وقد أسهم مع دافيد ألفارو سيكويروس Siqueiros ودييغو ريفيرا Rivera في وضع أسس مدرسة فنية مكسيكية اشتراكية ثورية لها مواقفها الواضحة من علاقة الفن بالمجتمع، إذ جعلت الفن في خدمة النضال السياسي للشعب المكسيكي، واستوحت الحضارة المكسيكية القديمة، ودعت إلى فن مباشر يخاطب الناس، ويطرح قضاياهم، وبدلت المفهومات الفنية التقليدية التي كانت سائدة، واستخدمت الفن الجداري بدلاً من اللوحة الزيتية ليساعدها على الوصول إلى الجماهير، وقدمت التقنيات الفنية الملائمة للفن الجداري، وملأت الساحات والأماكن العامة باللوحات النضالية التي تتمتع بالروح المكسيكية الخالصة. ولد أوروزكو في مدينة زابوتلان Zapotlan من مقاطعة ياليسكو Jalisco وتوفي في مدينة مكسيكو. انتقل مع أسرته عام 1888 إلى مدينة مكسيكو لينجز دراسته الأولى فيها، فدرس الهندسة الزراعية، ثم الرسم المعماري، وتخلى عن هذه الدراسة ليدخل كلية الفنون الجملية (سان كارلوس) في مكسيكو عام 1908 وبقي فيها حتى عام 1914. وقد شهدت المكسيك في هذه المدة ثورة مسلحة عارمة أطاحت حكم الدكتاتور دياز Diaz وامتدت تأثيرات الثورة لتشمل مرافق الحياة المكسيكية كلها. وأثرت في الفنون التشكيلية، وبدأ الفنانون يبحثون عن الفن الجديد الذي يتماشى مع الثورة. وقد تأثر أوروزكو بالأحداث، ورسم مجموعة من اللوحات المائية، والرسوم الانتقادية السياسية وأظهرت لوحاته تأثره بالفنان الإسباني غويا[ر] Goya الذي رسم «مآسي الحرب» قبله. ولكن أوروزكو ظل مكسيكياً في صياغته الفنية، وبعيداً عن التأثيرات الأوربية، وعبر في هذه الأعمال عن معاناة الشعب المكسيكي، الممتدة عبر قرون طويلة. وفي هذه المرحلة من تطور الفن المكسيكي، اتجهت النية لدى الفنانين إلى تجديد الفن وتطوير أساليبه تحت تأثير الأفكار الثورية، ولهذا قاموا بتأليف تنظيم ثوري باسم «نقابة المصورين والنحاتين والحفارين الثوريين في المكسيك» وأصدروا صحيفة «الماشيتا» التي تنطق باسمهم، وقد توصلوا إلى قناعة رئيسية بأن الفن الجداري هو الوسيلة الرئيسة ليكون الفن ثورياً، وليؤدي دوره المباشر في التأثير في الجماهير. ولهذا رفضوا فنّ اللوحة الزيتية، وقالوا إنها فن لا يتماشى مع الثورة، وإن الفن الجداري هو الفن الاشتراكي. سافر أوروزكو إلى الولايات المتحدة وأقام فيها مدة من الزمن مابين 1917-1919، ثم عاد إلى المكسيك. وفي هذه المرحلة المهمة تبلورت أهداف الفن الثوري المكسيكي، ودوره الأساسي، وبدأ الفنانون الثوريون يعملون في لوحات جدارية لها جذورها في الحضارات المكسيكية القديمة، (المايا) و(الأزتيك) وتعبر عن الحياة المكسيكية ومعاناة الفلاحين والطبقات المعدمة. نفذ أوروزكو أول لوحة جدارية في المدرسة الإعدادية الوطنية في المكسيك في المدة بين 1922 و1925 وقدم فيها أروع لوحات «الأمومة» التي صُوِّرت بروح جديدة بعيدة عن الفن التقليدي ومتوافقة مع المفهومات الثورية الجديدة، كما عالج موضوعات عدة منها: «علاقة النظام بالثورة» و«الحرية» و«يوم الحساب» و«رسم الثالوث المقدس الجديد» كما يراه على أنه الفلاح والعامل والجندي، وبرزت المعالجة الدرامية الإنسانية في عمله التي تصور حالة استلاب الإنسان وضياعه في واقع مأسوي. وقد أتيحت الفرصة لأوروزكو، ليرسم لوحات جدارية عدة في الولايات المتحدة في المدة مابين 1927و1934 وأهمها لوحة «بروميثيوس» في كلية يومونة في كليرمون (كاليفورنية) وقد قدم شخصية بروميثيوس الأسطورية، التي ترمز إلى المخلّص الذي يضحي من أجل الناس، ليحصل لهم على النار والحياة. وفي عام 1931 رسم لوحة جدارية مهمة لمدرسة «البحوث الاجتماعية» في نيويورك وهي لوحة «الطاولة المستديرة» ومثل فيها شخصيات عدة شهيرة مثل لينين وغاندي. عاد أوروزكو إلى المكسيك فرسم لوحات عدة تبلورت فيها شخصيته الفنية المستقلة، واللغة التعبيرية ذات البعد السياسي، والحالات المأسوية للإنسان المعاصر ومن أهمها: ـ «نكبة العالم» في مبنى كلية الفنون الجميلة في مكسيكو عام 1934. ـ «الشعب والقادة المخادعون» في جامعة غوادالاخار  عام 1936. ـ «الإنسان والنيران» في قصر الحاكم في عام 1939. ـ «هزيمة الجهل وموته، والشعب يصل إلى المدرسة» عام 1948 وهي لوحة ضخمة بمساحة 380 م2. كان أوروزكو فناناً مبتكراً بأسلوبه، وموضوعاته، وقد أراد أن يعبر فن التصوير عن الوضع الإنساني المأسوي، والإنسان المسحوق في أمريكة اللاتينية، وضياعه، وقد تنبأ بأن وراء ذلك كله قوة ثورية تنبثق وتبعث الحياة وتجددها.   طارق الشريف   مراجع للاستزادة:   - Dicitionnaire Universel de la  Peinture. (V.5) (Paris robert. 1975). - Art and Artist Thames and Houd Son Dictionary of Art and Artist (Herbert Read).
المزيد »