logo

logo

logo

logo

logo

البياتي (عبد الوهاب-)

بياتي (عبد وهاب)

Al-Bayati (Abd al-Wahhab-) - Al-Bayati (Abd al-Wahhab-)

البياتي (عبد الوهاب ـ)

(1926 ـ 1999)

 

عبد الوهاب البياتي شاعر عراقي متميز، يُعد في طليعة الشعراء المحدثين الذين طوروا الشعر العربي. ولد في بعض أرباض بغداد، وشب في ضاحية بغدادية قريبة من جامع الشيخ عبد القادر الجيلاني.

التحق بدار المعلمين عام 1944 ودرس على كبار المعلمين في العراق مثل المؤرخ اللغوي مصطفى جواد والمؤرخ عبد الفتاح السرنجاوي، ومحمد مهدي البصير. وهناك تعرف نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وسليمان العيسى.

اندمجت سيرته الشعرية بحياته الشخصية، وعاش شعره منفى ومعاناة وثقافة منتجة متطورة. فقد اطلع في دراسته الجامعية على الأدب الروسي والإنكليزي فضلاً عن كتاب الأغاني ومؤلفات ابن عربي التي ظلت ترافقه طول عمره.

وفي عام 1954 اشترك في تحرير مجلة «الثقافة الجديدة» واشتغل بالتعليم، إلا أن معارضته دخول العراق حلف بغداد أدت إلى فصله وملاحقته فغادر العراق إلى سورية ثم بيروت فالقاهرة.

في عام1956 أقام في القاهرة واشتغل محرراً في صحيفة الجمهورية. وفي عام 1958 نشبت ثورة 14 تموز في العراق فعاد إليه البياتي واستلم مديرية التأليف والترجمة والنشر في وزارة المعارف. وفي عام 1959 عُين مستشاراً ثقافياً في سفارة الجمهورية العراقية في موسكو ثم استقال عام 1961، وعمل أستاذاً في جامعة موسكو إلى عام 1964 حين انتقل إلى القاهرة، وظل فيها إلى عام 1970.

كان البياتي في القاهرة ضيفاً شخصياً على الرئيس جمال عبد الناصر، وهو يصف إقامته في القاهرة من عام 1964إلى 1970 بأنها: «كانت أعواماً مباركة حفلت بأفضل ما أنتجت». بعد ذلك عاد إلى العراق فأقام فيه طوال السبعينيات، وأكثر من زيارة البلدان العربية فزار فاس عام 1970، وتونس عام 1973، وبيروت عام 1978. وفي عام 1982 عُين مديراً للمركز الثقافي العراقي في مدريد فأقام في إسبانية إلى أن اندلعت حرب الخليج الثانية عام1991، فاستقال وأقام في عمان. وفي عام 1995 نال جائزة سلطان العويس للشعر فأسس على الفور «جائزة البياتي الشعرية» ورصدها لأول ديوان يطبعه شاعر شاب. في عام 1997، انتقل إلى دمشق بدعوة من الرئيس الراحل حافظ الأسد، فأقام فيها مكرماً إلى أن توفي، وأوصى أن يدفن في دمشق إلى جانب شيخه محيي الدين بن عربي.

 يقسم البياتي المرحلة الأولى من حياته الشعرية إلى ثلاثة أقسام:

1ـ الثوري اللامنتمي في «أباريق مهشمة»، وهو يحفل بنماذج مثل «الجواب» و«المتمرد» و«سيزيف» و«مسافر بلا حقائب». من شعره فيه قوله (من قصيدة مسافر بلا حقائب):

مِن لا مكان

لا وجه، لا تاريخ لي، من لا مكان

تحت السماء، وفي عويل الريح أسمعها تنادي: تعال

لا وجه، لا تاريخ، أسمعها تنادي: تعال

2ـ الثوري المنتمي في دواوين «المجد للأطفال والزيتون» (1956) و«أشعار في المنفى» (1957) و«عشرون قصيدة من برلين» (1959) و«كلمات لاتموت» (1960)، إضافة إلى ديواني «عيون الكلاب الميتة» (1969) و«يوميات سياسي محترف» (1970)، لأن قصائدهما تتعلق بتاريخ المرحلة الأولى. وهي أشعار تنتمي إلى تيار الواقعية الاشتراكية. وفي هاتين المرحلتين توجهت القصائد توجها لاشعورياً إلى صياغة نموذج بدئي هو الشاعر ـ الفارس ـ القتيل ـ العائد. يقول من قصيدة في ديوانه «المجد للأخضر والزيتون» عنوانها: إلى إخواني الشعراء:

يا إخوتي: الحياة أغنية جميلة، وأجمل الأشياء

ما هو آتٍ، ما وراء الليل من ضياء

ومن مسرات، ومن هناء

وأجمل الغناء

ما كان من قلوبكم ينبع، من أعماق

فلتلعنوا الظلام

وصانعي المأساة والآلام

ولتمسحوا الدموع

وتوقدوا الشموع

3ـ المتصوف الثائر: وفيها خرج من مرحلة القناع التي سيطر عليها الحلاج والمعري في التصوف العقلي، ودخل في مرحلة وحدة الوجود التي طبعها ابن عربي بطابعه ومفرداته، حيث نجد توتراً بيناً بين الظاهر والباطن في التصوف القلبي. كذلك فإن الرحيل إلى مدن البحر قام بديلاً من الانتظار ومعاناته في المرحلة السابقة. الدواوين التي تنضوي تحت هذه المرحلة: «قصائد حب على بوابات العالم السبع» (1972)، و«كتاب البحر» (1973)، و«سيرة ذاتية لسارق النار» (1975)، و«قمر شيراز» (1976)، و«صوت السنوات الضوئية» (1979)، و«مملكة السنبلة» (1979-1985)، و«حب تحت المطر». يقول من قصيدة في ديوانه «قصائد حب على بوابات العالم السبع» عنوانها «عين الشمس أو تحولات محيي الدين بن عربي في ترجمان الأشواق»:

عدت إلى دمشق بعد الموت

أحمل قاسيون

أعيده إليها

مقبلاً يديها

فهذه الأرض التي تحدها السماء والصحراء

والبحر والسماء

طاردني أمواتها وأغلقوا علي باب القبرة

وحاصروا دمشق

أما المرحلة الثانية من حياته الشعرية فهي مرحلة الصوفي العاشق، وهي مرحلة الفناء. فقد توفيت نادية ابنته الكبرى، وتهدم العراق وطنه، وألفى نفسه وحيداً بلا أمل ولا مال ولا أهل. أفلت زمام الحياة من يد الشاعر كما أفلت زمام الأحداث من أيدي أولي الأمر. وانتهى الصراع بهزيمة على الصعد الشخصية والتاريخية، فألقى الشاعر بنفسه في الجريان حيث تسيل الحياة إلى غير غاية، ويلتقي فيها الموت والعشق والانتظار والتطلع الدائم إلى تحرر الإنسان وإقامة مدينة الله على الأرض دواوين هذه المرحلة «بستان عائشة» (1989)، و«كتاب المراثي» (1995)، و«البحر أسمعه يتنهد» (1998)، و«بكائية إلى حافظ الشيرازي»، و«تحولات عائشة» (1999).

ترجمت قصائد البياتي إلى معظم لغات العالم، وخاصة الإسبانية التي ترجم إليها ثمانية من دواوينه. وترجم إلى الفرنسية عبد اللطيف اللعبي «سيرة ذاتية لسارق النار». كما ترجم إلى اليونانية والإنكليزية والألمانية وغيرها.

 

محيي الدين صبحي

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ إحسان عباس، عبد الوهاب البياتي والشعر العراقي الحديث (بيروت 1958).

ـ مجموعة من الباحثين، عبد الوهاب البياتي رائد الشعر الحديث (بيروت 1958).

ـ مجموعة من الباحثين، مأساة الإنسان المعاصر في شعر عبد الوهاب البياتي (القاهرة 1966).

ـ عبد الوهاب البياتي، تجربتي الشعرية (بيروت 1968).

ـ عبد الوهاب البياتي ومحيي الدين صبحي، ينابيع الشعر والرؤيا (بيروت 1981).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 650
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1107
الكل : 40519381
اليوم : 49196

دار الحديث

دار الحديث   اتخذ المسلمون مساجدهم للصلاة والعبادة وتلقي القرآن الكريم وعلومه والحديث الشريف وفنونه وعلوم اللسان على أنواعها. وكانت بلاد ما وراء النهر أسبق البلاد الإسلامية في تأسيس المدارس الفقهية المنفصلة عن المسجد فيما يبدو، فقد ظهرت فيها مدرسة لتعليم الفقه الإسلامي في حدود سنة 290هـ.
المزيد »