logo

logo

logo

logo

logo

تريِسِته

تريسته

Trieste - Trieste

تريستة

 

تريستة Trieste مدينة إيطالية ومرفأ مهم على البحر الأدرياتي[ر] ومنطقة وخليج يحملان الاسم نفسه. وهي حاضرة محافظة فريولي ـ البندقية ـ غيوليا. تقع في شمال شرقي البحر الأدرياتي، عند تقاطع خط العرض 45درجة و39 دقيقة شمالاً مع خط الطول 13 درجة و45 دقيقة شرقاً، قريبة من الحدود الإيطالية ـ السلوفينية. قامت بين البحر وتلة سان غيوستو، وتوسع عمرانها على شريط الساحل، ومنه إلى سفوح التلة، وإلى أراضي هضبة الكارست الخصبة التربة. مناخها معتدل عموماً، تهب عليها رياح البورا Bora الباردة القادمة من الشمال الشرقي في الشتاء.

كانت تريستة (ترغستة Tergeste قديماً) موقعاً تجارياً، ثم صارت مدينة محصنة ومستوطنة رومانية منذ عام 51ق.م، ازدهرت في زمن الامبراطور أغسطس. غزاها القوط ثم الهون بقيادة أتيلا[ر] ودمروها عام 453 ميلادية. استعادها البيزنطيون عام 539م واحتفظوا بها إلى عام 752م، حين غزاها الجرمان واستولوا عليها، ثم انتقلت تبعيتها إلى شارلمان والحكام الكارولنجيين منذ عام 788م. وقد عاشت تريستة تعاقب سلطة الأساقفة عليها في زمن الصراع بين البابوية والملوك حتى خضعت للمدينة التجارية المنافسة لها، وهي البندقية (1202م)، التي تحررت من سيطرتها عام 1380م، لتتحول إلى محمية نمسوية عام 1382م.

وازدهرت المدينة ونمت حتى مطلع القرن السادس عشر، حين أخذت تعاني من المنافسة التجارية التي رافقت الكشوف الجغرافية الأوربية، وازدهار موانىء البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، واندلاع الحروب التي أسهمت في تراجع أهمية المدينة وتدهورها. لكنها استعادت نشاطها عام 1719م حين أعلنتها النمسة[ر] ميناءً حراً، وأنشأت مرفأها في عهد الملكة النمسوية ماريا تيريزا. وبعد مدة من الحكم الفرنسي النابوليوني المتقطع، والحصار البريطاني الذي أضر بمصالحها، استفادت تريستة من افتتاح قناة السويس[ر]، فأصبحت ميناءً مهماً للتبادل التجاري بين أوربة الوسطى وعالم البحر المتوسط وآسيا [ر] الجنوبية. وحافظت على هذا الدور حتى احتلتها إيطالية عام 1918م، وأُلحقت بها، بناءً على معاهدة سان جرمان (1919م) بين الحلفاء والنمسة، مع بقاء ميناء المدينة حراً، لكن ذلك لم يحل دون تراجع وظيفة تريستة التجارية في زمن الحكم الفاشي الإيطالي، وانقطاع شرايين التجارة بينها وبين وسط أوربة.

احتلت القوات اليوغسلافية بقيادة تيتو[ر] تريسته وقطاعها في نيسان عام 1945، ودخلتها القوات الأمريكية والبريطانية بعد أيام. وبعد الحرب العالمية الثانية أتُفق في معاهدة السلام مع إيطالية لعام 1947، على أن تكون المدينة وقطاعها جزءاً من «مقاطعة تريستة الحرة»، التي وضعت تحت وصاية مجلس الأمن في الأمم المتحدة. وقد قسم هذا القطاع إلى المنطقة (آ) في الشمال ومساحتها 222كم2 ويضم المدينة تحت الإدارة الأمريكية ـ البريطانية، والمنطقة (ب) ومساحتها 515كم2 تحت الإدارة اليوغسلافية. وفي عام 1948 اتفق الحلفاء على إعادة المقاطعة الحرة إلى إيطالية. لكنه، وبعد سلسلة من المفاوضات تم الاتفاق في لندن 1954 بين أطراف النزاع على تقسيم «المقاطعة الحرة»، إلى قسم يتألف من المنطقة (ب) المذكورة وشريط أرضي من المنطقة (آ) مساحته 23كم2، أٌعطي إلى يوغسلافية، وصار تابعاً لسلوفينية منذ عام 1991، وقسم يضم المدينة وبقية مساحة المنطقة (آ) أُلحق بإيطالية. وقد تأثرت تريستة بهذا الوضع السياسي ـ الدولي الذي انعكس سلباً على وظيفتها التجارية ومكانتها الاقتصادية، إذ تحولت إلى ميناء ومدينة من الدرجة الثانية في إيطالية، على الرغم من بقائها ميناءً حراً، يواجه منافسة كبيرة من موانىء البحر الأدرياتي، وبصورة خاصة ميناء فيومه Fiume (رييكا Rijeka) الكرواتي المجاور.

لتريستة وظائف مختلفة، أهمها الوظيفة التجارية المعتمدة على مينائها ذي المياه العميقة، والذي تنتشر فيه مؤسسات ومنشآت صناعة السفن. وقد ازدادت أهميته ونشطت حركة التبادل عبره بين أوربة الوسطى وحوض البحر المتوسط، منذ أواخر القرن التاسع عشر، وأصبح عدد أحواضه ثلاثة منذ عام 1900. وقد ارتبطت بنمو الميناء صناعات، أهمها صناعة الصلب والحديد، ثم تكرير النفط، وعصر الزيتون وصنع الأكياس من الجوت (القنب الهندي) وصنع الدهانات والورق والمشروبات الروحية. وفي تريستة ورشات للقطارات والسكك الحديدية وشركات ومؤسسات متنوعة النشاطات. ويعتمد السكان على الظهير الجغرافي لتأمين المواد الغذائية الزراعية والحيوانية لكنها غير كافية، باستثناء العنب المشهور بجودته، وكذلك الأسماك التي تصاد بكثرة، تسمح بفائض للتصدير وتحتل المركز الأول في قائمة المواد الغذائية المحلية.

 

سكان تريستة إيطاليون بالدرجة الأولى، وفيها سلوفينيون وكروات وجاليات من أصل نمسوي وقلة من الألمان وغيرهم، وكان عددهم حين أُعلنت ميناءً حراً عام 1719 نحو 5700 نسمة فقط، ارتفع إلى 229.510 نسمة عام 1910، وأقل من ذلك في عام 1997 (222.589) نسمة.

من أبرز معالم تريستة الرومانية، الآثار الباقية من المسرح والطريق الرومانية، وبقايا الهيكل الروماني الذي تشغله كاتدرائية سان غيوستو. أما المدينة الجرمانية القديمة فتحيط بالتلة، وأبرز معالمها المتأخرة القلعة العائدة للقرون الوسطى (1470-1680م) والكاتدرائية، وفيها متحف القرون الوسطى. أما المدينة الأحدث التي تعود إلى عام 1719م وما بعده فيمتد عمرانها على طول المنبسط المصاقب للخليج، وشوارعها عريضة حديثة تطل على أغلبها أبنية من القرن الثامن عشر من طراز الباروك، وأبنية حديثة من القرن التاسع عشر وما بعده. وفي تريستة جامعة ومعهد للدراسات الفيزيائية المعمقة.

 

عادل عبد السلام

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الأدرياتي (البحر ـ) ـ إيطالية ـ النمسة.


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 381
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 718
الكل : 32213277
اليوم : 58523

إيلوار (بول-)

إيلوار(بول-) (1895-1952)   بول إيلوار Paul Éluard  شاعر وكاتب فرنسي ولد في بلدة سان دُني Saint-Denis  بالقرب من باريس كان والده محاسباً وكانت والدته خيّاطة. أصيب إيلوار في صباه بالسل مما حال بينه وبين متابعة دراسته النظامية، فاعتمد على المطالعة في تثقيف نفسه. خلال الحرب العالمية الأولى خدم إيلوار في مستشفى ميداني وأصيب بتسمم غازي. وانحاز إلى الذين يرفضون القيم الزائفة في عالم يتحكم فيه العنف بعد أن شاهد ويلات الحرب وعانى من آلامها، فغيّر عنوان ديوانه الأول من «الواجب»  (1916) Le devoir إلى «الواجب والقلق» (1917) Le devoir et l` inquiétude، ثم نشر غير آبه للرقابة ديوان «قصائد من أجل السلم» (1918) Poèmes pour la paix. وقد قربته تجربة الحرب إلى الحركة الدادئية[ر] DadaÎsme الثائرة على القيم الموروثة ثم إلى الحركة السريالية[ر] Surréalisme. قام إيوار برحلة طويلة إلى شرق آسية وشارك بصورة فعّالة عام 1930 في المؤتمر العالمي للكتاب الثوريين الذي انعقد في مدينة خاركوف Charkov السوفييتية. وقد انعكست المسائل الاجتماعية السياسية لتلك المرحلة ممزوجة بحياة الشاعر العاطفية المضطربة في دواوين عدة، مثل: «الموت من عدم الموت» (1924) Mourir de ne pas mourir و«عاصمة الألم» (1926) Capitale de la douleur و«الحب، الشعر» (1929) L’Amour, la poésie، و«الحياة المباشرة» (1932) La vie immédiate الذي تضمن موقفه النقدي من الحركة الشعرية ووظيفة الشعر الاجتماعية، وكذلك في ديوان «الوردة العامة»  (1934) La rose publique الذي ضم آخر أشعاره السريالية. ساعدت الدادئية والسريالية بتجاربهما إيلوار على تكوين لغته الخاصة. المتحررة من التقاليد الشعرية السائدة ومن المعاني المتداولة. ومن أعماله المشتركة مع السرياليين كتاب «الحَبَل بلا دَنَس» (1930) L’Immaculée conception الذي أعده مع أندريه بروتون[ر]A. Breton والذي تلا تجارب الكتابة التلقائية والاستماع إلى الأحلام، وألقى إيلوار بمناسبة معرض فني سريالي في لندن عام 1936 محاضرة عن «البداهة الشعرية» L’Evidence poétique ركز فيها على بداهة ارتباط الشاعر بحياة الناس العامة وبحريتهم. وبمناسبة انعقاد معرض باريس العالمي عام 1937 ألقى إيلوار محاضرة مهمة بعنوان «مستقبل الشعر» L’avenir de la poésie. انضم إيلوار عام 1927 إلى الحزب الشيوعي منطلقاً من محاولة السرياليين التوفيق بين الشعر الطليعي وإرادة التغيير الثوري، ولكن صعوبة تقيده بتعليمات ونظام الحزب جعلته يبتعد عنه دون التوقف عن متابعة كفاحه في سبيل تحرير الشعوب. فقد ناهض حرب الريف Rif الاستعمارية في المغرب ونظم قصيدته «تشرين الثاني/ أكتوبر»  (1936) Octobre مندداً بالعنف، ودعم الجمهوريين الإسبان في قصيدته الشهيرة «نصر غيرنيكا» (1937) La victoire de Guernica، وقد متنت هذه المرحلة النضالية الروابط بين الشاعر والشعب. وفي الحرب العالمية الثانية في فرنسة انضم إيلوار إلى المقاومة السرّية ضد الاحتلال النازي وأسهم في ازدهار «دار نشر نصف الليل» Editions de minuit السريّة. وقد صدر له في هذه المرحلة مجموعة «شعر وحقيقة» (1942) Poésie et vérité التي اكتمل بها تطوره، ثم مجموعة «إلى الملتقى الألماني» (1944) Au rendez-vous allemand التي ضمت قصائده المنشورة تحت أسماء مستعارة. وبعد تحرير فرنسة من الاحتلال تابع إيلوار كتابة مجموعة «قصائد سياسية» (1948) Poèmes politiques و«درس أخلاقي» (1949) Une Leçon de morale متغنياً بمستقبل الإنسانية وبتغلب الفضيلة. وآخر دواوينه هو «طائر الفينيق» (1951) Le Phénix الذي انتقل في قصائده من موضوع الحب الفردي إلى الأفكار الاجتماعية والإنسانية. وقد توفي الشاعر بسبب نزلة صدرية في باريس. تمتع إيلوار بشعبية واسعة لقربه من الجماهير ولشعوره بشعورها، وقد جعلته موضوعات ولغة قصائده أحد أهم شعراء فرنسة.   زكي عروق   الموضوعات ذات الصلة:   الأدب الفرنسي، الدادئية، الرمزية، السريالية.   مراجع للاستزادة:   - A. MINGELGRÜN, Essai sur L’évolution esthétique, de Paul Eluard Peinture et Langage,  (Lausanne, L’Age d’homme 1977). - L. KITTANG , Paul Eluard (Lettres modernes 1969). - L. PERCHE, Eluard (Ed. Universitaires 1964). - Paul Eluard , Numéro spécial d’Europe (nov1962). - R. JEAN, Paul Eluard, par lui-même (Le Seuil 1968).  
المزيد »