logo

logo

logo

logo

logo

سان بطرسبرغ

سان بطرسبرغ

Saint Petersburg - Saint Pétersbourg

سان بطرسبرغ

 

مدينة روسية اسمها الرسمي سان بطرسبرغ Saint Petersburg، الذي استعادته عام 1991، بعدما سُميت بتروغراد  بين عامي 1914ـ1924، ثم لينينغراد بين عامي 1924ـ1991. وهي ثاني مدن روسيا بعد موسكو[ر] وأول مرفأ بحري فيها، وأغنى مدن روسيا بالمعالم التراثية والثقافية والتاريخية، ونواتها مصنفة في قائمة التراث الإنساني العالمي لدى اليونسكو.

تقع مدينة سان بطرسبرغ شمال غربي روسيا على دلتا نهر نيفا Neva الذي ينتهي في خليج فنلندة أحد أذرع بحر البلطيق، عند تقاطع خط العرض 59درجة و55دقيقة شمالاً مع خط الطول 30درجة و19دقيقة شرقاً، أي إنها تبعد عن الدائرة القطبية الشمالية قرابة سبع درجات عرض. ينتشر عمران المدينة على نحو 42جزيرة منبسطة، وعلى ضفتي الخليج ومصب النهر وسهله الفيضي في أرض واطئة معرضة لغمر مياه الفيضانات في الخريف والربيع.

يخضع مناخ المدينة لتأثير موقعها الجغرافي القريب من الدائرة القطبية الشمالية، ولتأثير الكتل الهوائية القادمة من المحيط الأطلسي التي تعدل من حدة حرارتها المنخفضة، ومع ذلك يراوح معدل حرارة كانون الثاني حول - 8 ْم، وحرارتها الدنيا المطلقة تنخفض إلى -40 ْم، فتتجمد مياه نهر نيفا وقنواته بين شهري تشرين الثاني ونيسان. أما في الصيف فتعتدل الحرارة فيصل متوسط حرارة تموز إلى 18 ْم. كذلك يكثر الهطل الذي يبلغ معدله السنوي نحو 584مم في فصل الصيف، الذي يتمتع فيه سكان المدينة بـ(الليالي البيضاء) المضيئة، مقابل ليالي الشتاء الطويلة والباردة حين تغطي الثلوج الأرض مدة 132يوماً في السنة.

عُرف التجمع السكاني الروسي الأول لموقع سان بطرسبرغ اليوم بـ: إنغريا Ingria التي نشأت في أواخر القرن الثامن أو بدايات القرن التاسع للميلاد، وكانت تابعة لمدينة نوفغورود Novgorod الواقعة جنوب شرقيها. ثم أصبحت تابعة لإمارة موسكو في القرن الخامس عشر، لكنها سقطت بيد السويديين عام 1617، فأقاموا فيها عدداً من الحصون والقلاع على امتداد النهر. وفي عام 1703 هاجم بطرس الكبير (1700ـ1721) القلاع السويدية واحتلها وسيطر على دلتا النهر، وأقام قلعة بطرس على جزيرة زاياتشي. ويعد هذا العام البداية الفعلية لقيام مدينة سان بطرسبرغ، إذ أنشئت فيها قلعة كرونشتات وحوض سفن الأميرالية وحولهما مبان كثيرة، وتم التخطيط للمدينة لتكون عاصمة، بدلاً من موسكو عام 1712، على الرغم من بقاء بطرسبرغ تابعة رسمياً للسيادة السويدية، حتى عقد معاهدة السلام بين البلدين عام 1721.

وقد أجبر بطرس الكبير التجار والنبلاء والقواد والعاملين في الدولة على الانتقال إلى العاصمة الجديدة وإعمارها، فأُنشئت فيها الأبنية والمساكن والمؤسسات المختلفة والقصور، ونُظمت بنيتها التحتية والقنوات والجسور التي زاد عددها على 365جسراً، كذلك ربطت المدينة بالداخل الروسي بطرق ملاحية نهرية عن طريق قناة فيشنفولوتسكي Vyshnevolotsky، ونمت فيها الصناعات مثل صناعة السفن والبارود والورق والمواد الغذائية والألبسة وغيرها. وما حلت نهاية القرن الثامن عشر حتى أصبح عدد سكان سان بطرسبرغ 220000نسمة ثلثهم من القوات المسلحة والعاملين في الدولة.

قلعة بطرس ـ بول وكاتدرائيتها في سان بطرسبورغ

استمر نمو المدينة وتطورها عاصمة ومركزاً صناعياً وتجارياً حتى أصبح فيها أكثر من 100مصنع للمعادن وورشات لصنع السفن، وافتتح ميناؤها الجديد (1885)، وانتشرت فيها المصارف والمؤسسات المالية والاقتصادية الروسية والأجنبية أواخر القرن التاسع عشر.

شهدت سان بطرسبرغ أحداثاً سياسية مهمة في التاريخ الروسي أبرزها ثورة الديسمبريين (كانون الأول 1825) التي فجرها الصراع حول التاج القيصري، ثم ثورة كانون الثاني من عام 1905 وزحف الجماهير على القصر الامبراطوري الشتوي، والمذبحة التي حصلت حين فتح الحرس الامبراطوري النار على الجماهير فيما عرف بيوم «الأحد الدامي». لكن أهم الأحداث، هو انطلاق ثورة عام 1917 التي جاءت بالبلاشفة إلى الحكم، إذ كانت المدينة مسرحاً لأكثر أحداث قيام روسية الشيوعية حتى انتقال العاصمة منها إلى مدينة موسكو عام 1918، من دون بقائها بعيدة عن تطورات بناء الاتحاد السوڤييتي السابق. وفي المدة بين 1941ـ1944 عانت سان بطرسبرغ الكثير من الحرب العالمية الثانية، إذ حاصرتها القوات الألمانية (باستثناء ممر واحد) وقطعت عن سكانها التموين والإمدادات، كما قصفت المدينة ودمرت نحو 10000مبنى فيها، وقُدر عدد من مات جوعاً ومرضاً وقتلاً من سكان المدينة بنحو مليون نسمة. وقد عملت الدولة على إعادة بناء ما خربته الحرب، حتى داهمت البلاد أحداث التحول من الشيوعية إلى الرأسمالية وانهيار الاتحاد السوڤييتي قبل إزالة آثار الدمار كلياً. وتعيش سان بطرسبرغ بعد عام 1991 المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الأخلاقية المتردية، وكذلك التلوث الناجم عن الصناعة وارتفاع أعداد السيارات والمركبات وازدياد الازدحام، إضافة إلى الفيضانات المتكررة على الرغم من إجراءات التخفيف من حدتها.

يغلب الروس على سكان المدينة، إضافة إلى بقايا جاليات أجنبية كانت تقطنها قبل ثورة عام 1917 من البولنديين والبلطيقيين والألمان والتتار والصينيين، وجاليات قصدتها بعد الثورة من الأوكرانيين والبيلوروسيين وقوميات الاتحاد السوفييتي السابق، وكانت مقصد الريفيين الروس ومازالت منتهى هجرة أعداد كبيرة منهم، لدرجة فاقت معها أعدادهم أعداد السكان الأصليين، ويعمل أكثر من 52% من العاملين من السكان في القطاع الصناعي، الذي يستأثر بمعظم النشاطات الاقتصادية في المدينة. وتشير الإحصاءات إلى تراجع أعداد السكان نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العقد الأخير (1991ـ2000). ويقدر عدد سكان سان بطرسبرغ بنحو 4837000نسمة عام 1997، وبنحو 5149689نسمة مع سكان الضواحي. ويدين السكان بالنصرانية على المذهب الأرثوذكسي إضافة إلى قلة من الكاثوليك واليهود، وفيها جالية إسلامية مهمة نسبياً، أغلب أفرادها من التتار.

سان بطرسبرغ مدينة متنوعة الوظائف فهي إدارياً وسياسياً وريثة عاصمة روسيا القيصرية لقرنين (1712ـ1918) وموطن أحداث سياسية تاريخية مهمة. وهي ثقافياً وفكرياً مركز جامعة عريقة (1819)، ونحو 200معهد علمي وتقني و40كلية وعدة مكتبات أهمها المكتبة الروسية الوطنية (1795) ومكتبة أكاديمية العلوم (1789)، وهي مقر الأكاديمية بذاتها. وللمدينة دور عريق في نشر الثقافة، ظهر فيها كُتّاب كبار وأدباء ذوو أعمال عالمية أمثال دوستويفسكي وغوغول وتورجنيف، ولها إسهام مميز في تطور الفنون من رقص وموسيقى ومسرح، تشهد عليه أعمال تشايكوفسكي وشوستاكوفتش وغيرهم، وفيها كذلك المسارح والمتاحف التي يتصدرها متحف الأرميتاج (1764)، وهي مقصد الباحثين عن المتعة السياحية التاريخية والثقافية والمعمارية ومنجزات أعلام أوربا في الفن والعمارة في العهد القيصري المتأخر (1700ـ1917). وعلى الرغم من أهمية هذه الوظائف، فإن الوظيفة الاقتصادية، ولاسيما الصناعية منها، هي أهم وظائف سان بطرسبرغ، فهي عريقة في صناعاتها المتنوعة التي بدأت مع بناء حوض السفن في العقد الأول من القرن الثامن عشر، وتحول مساحات مهمة من وسط المدينة إلى منشآت صناعية. وكان معمل البورسلان البطرسبرغي (1744) المشهور أحدها. وفي المدينة اليوم صناعات رائدة أهمها صناعة الآلات الثقيلة والعنفات والمولدات والجرارات والحفارات، وكذلك الصناعات الإلكترونية والنسيجية والكيمياوية وصناعة الأدوية والأثاث والورق والتبغ إضافة إلى صناعة السفن والناقلات ومحطمات الجليد وسفن الصيد. كذلك تمارس المذينة وظيفة تجارية، وهي ملتقى خطوط المواصلات مع الداخل الروسي والعالم الخارجي، عن طريق مينائها البحري والنهري الذي يتصل بالبحر الأسود وآزوف وبحر الخزر وبالبحر الأبيض في الشمال بوساطة القنوات النهرية التي تنتشر في أنحاء روسيا الأوربية. وفي سان بطرسبرغ تلتقي خمسة خطوط حديدية رئيسية، وطرق جيدة للسيارات، وفيها شبكة قطار أنفاق (مترو) منذ عام 1955، إضافة إلى وسائط النقل العامة الأخرى، كما تتصل بأنحاء روسيا والعالم جواً عن طريق مطار بولكوف الواقع جنوبها.

تأثر مخطط المدينة وعمرانها بجغرافية المنطقة وتضاريسها ومياهها، إذ سمح السطح المنبسط والسهلي بامتداد العمران بسهولة. لكن المياه متمثلة بالنهر والخليج والمستنقعات والجزر عند الدلتا فرضت على المدينة مخططاً ينسجم مع محاور النهر وعشرات القنوات المتفرعة عنه، فأخذ مع توسع المدينة ونموها شكل حدوة فرس تحيط بالخليج من الشمال والشرق والجنوب، ويعبرها النهر والقنوات الكثيرة التي كانت وراء تسمية المدينة «بندقية الشمال».

تقسم المدينة إلى 21وحدة إدارية تضم خمس ضواح، تنتشر على مساحة نحو 1500كم2، تؤلف أربعة أحياء رئيسية هي: الأميرالية، وجزيرة فاسيليفسكي، وبتروغراد، وفيبورغ، أهمها حي الأميرالية الواقع جنوب نهر نيفا، الذي يعد النواة الأولى الفعلية للمدينة، وتكثر فيه المعالم والصروح التاريخية والثقافية، ففيها القصر الشتوي مقر القياصرة والقصر الصيفي المبني على نمط الباروك، وحوله الحديقة الصيفية بتماثيلها الـ250، ومتحف الأرميتاج الضخم والغني بمحتوياته، وفي هذا الحي ساحة الديسمبريين وتمثال القيصر بطرس الكبير ممتطياً الحصان، ومنه يتفرع أهم شارع في المدينة، شارع نفسكي الغني بمبانيه الفخمة وقصوره وكنائسه ومؤسساته التجارية ومخازنه ومطاعمه ومسرح بوشكين، وفيه مجمع سمولني المعماري.

أما حي فاسيليفسكي في الجزء الشمالي الغربي من وسط المدينة ففيه الكثير من المنشآت الثقافية والعلمية مثل الجامعة وأكاديمية العلوم وأكاديمية الفنون ومتحف الآداب ويُعرف ببيت بوشكين، والمتحف البحري وغيره. ويضم حي بتروغراد معالم تاريخية أهمها قلعة بطرس ـ بول وكاتدرائيتها التي تضم مدافن معظم القياصرة. ويقوم شمال شرقي المدينة حي فيبورغ الذي تطور إلى منطقة صناعية، ومن أبرز معالمه محطة فنلندة للقطارات، وشارع كارل ماركس الذي يضم كاتدرائية سان سامبسون.

وتنتشر حول سان بطرسبرغ عدة ضواح، يبتلعها توسع المدينة، أشهرها ضاحية بترودفورتس ذات الحدائق والمدرجات، وتضم القصر الكبير الباروكي الطراز (1714ـ1728) المطل على الشلال الكبير وتمثال شمشون والأسد. ثم ضاحية بوشكين وفيه قصر كاترين (1717ـ1723) والقرية الصينية والليسية، ثم ضاحية بافلوفسك وقصورها وحدائقها، وضاحية غوتشينا وفيها قصر وحديقة غنية بالتماثيل والمنحوتات الجميلة. ويقصد سكان المدينة ضواحيها للراحة والاستجمام، ولكثيرين من أغنياء القوم بيوت استجمام (داتشا) فيها.

عادل عبد السلام

الموضوعات ذات الصلة:

 

الاتحاد السوفييتي ـ روسيا.

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 613
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1070
الكل : 40515376
اليوم : 45191

فانت هوف

فانت هوف (ياكوبوس هنريكوس -) (2581-1191)   ياكوبوس هنريكوس فانت هوف Jacobus Henricus van’t Hoff كيميائي فنلندي عمل في حقل الكيمياء الفيزيائية.
المزيد »