logo

logo

logo

logo

logo

البيلة الفنولية الكيتونية

بيله فنوليه كيتونيه

Phenylketonuria - Phénylcétonurie

البيلة الفنولية الكيتونية

 

التعريف والأسباب

البيلة الفنولية الكيتونية (أو الخلونية) phenyl ketonuria اضطراب استقلابي وراثي يفقد فيه المريض القدرة على تفكيك الفنيل آلانين، وهو حمض أميني أساسي موجود في معظم الأغذية، وذلك لأن كبد المريض ينتج كميات قليلة أو معدومة من خميرة فنيل آلانين هيدروكسيلاز phenyl alanine hydroxylase، التي تحول الفنيل آلانين الذي يتناوله الإنسان عبر الغذاء إلى التيروزين الذي يستعمله الجسم لتشكيل الدوبامين، المادة الكيميائية الضرورية للدماغ كي يعمل بشكل طبيعي.

يكون لدى الطفل المولود المصاب بالبيلة الفنولية الكيتونية مستوى فنيل آلانين طبيعي عند الولادة، وذلك بسبب حماية التبادل الوالدي ـ الجنيني ضمن الرحم. لكن بعد عدة ساعات من الولادة يصبح لديه فرط فنيل آلانين الدم، فإذا لم يصحح هذا الاضطراب الاستقلابي أو ضبطه على الأقل بالنظام الغذائي، فإن الطفل سيبدي خلال 3-4 أشهر علامات تأخر التطور وسيصبح في النهاية متأخراً عقلياً.

يكون تركيز الفنيل آلانين الطبيعي في الدم 2مغ/دل أو أقل، ويصبح لدى معظم الأطفال المصابين بالبيلة الفنولية الكيتونية 6مغ/دل على الأقل أو أعلى من ذلك في اليوم الثالث من العمر.

الوراثة والحدوث

يورث المرض بشكل جسمي مقهور، وهذا يعني أن كلا الأبوين يجب أن يكون حاملاً للمورثة كي يكون هناك احتمال لإصابة طفلهما بالمرض. ويكون هذا الاحتمال 25٪ في كل حمل. تتوضع مورثة الفنيل آلانين هيدروكسيلاز على الذراع الطويل للصبغي 12. وقد وصفت عدة طفرات لهذه المورثة في عائلات مختلفة.

تبلغ نسبة حَمَلة المورثة في التعداد العام للأشخاص 1 لكل 50 شخصاً، ويكون احتمال تزاوج شخصين حاملين للمرض هو 1/2.500. تختلف نسبة حدوث المرض بحسب البلدان والأعراق، وتقدر بنحو 1/10.000 - 1/20.000 ولادة حية في الولايات المتحدة الأمريكية.

الأشكال السريرية والأعراض

توجد عدة أشكال سريرية وكيميائية حيوية لفرط آلانين الدم وهي:

ـ الشكل النموذجي: ينجم عن العوز التام أو شبه التام لخميرة فنيل آلانين هيدروكسيلاز، وبذلك تنعدم القدرة على تحويل الفنيل آلانين إلى تيروزين، وهذا يؤدي إلى تراكم الفنيل آلانين ومستقلباته في الدم والنسج والبول عند إعطاء تغذية طبيعية. يتحول الزائد من الفنيل آلانين إلى حمض فنيل بيروفيك phenyl pyruvic acid، أو إلى فنيل إيتيل أمين phenyl ethyl amine. تعطل هذه المواد ومستقلباتها إضافة إلى الفنيل آلانين نفسه، الاستقلاب الطبيعي وتؤذي الدماغ. يكون الطفل المصاب طبيعياً عند الولادة ثم يتطور التأخر العقلي على نحو تدريجي، وقد لا يتضح إلا بعد عدة أشهر. ولقد قدر أن الطفل غير المعالج يفقد بحدود 50 نقطة من معدل الذكاء IQ مع نهاية السنة الأولى من العمر. يكون التأخر العقلي شديداً عادة ويتطلب معظم المرضى رعاية في مؤسسات متخصصة. قد يكون القيء عرضاً باكراً وقد يكون شديداً. يصبح الأطفال الأكبر سناً وغير المعالجين مفرطي الحركية مع حركات غير هادفة، اهتزازات منتظمة أو حركات كَنْعيّة athetosis. يكون هؤلاء الأطفال شقراً أكثر من أقاربهم مع لون جلد فاتح وعيون زرقاء، وقد يكون لدى بعضهم اندفاعات جلدية دهنية أو أكزمائية الشكل متوسطة الشدة عادة، وتغيب مع نمو الطفل؛ تكون رائحة هؤلاء المرضى غير مستحبة بسبب حمض فنيل الخلي وتوصف برائحة الفئران. لا توجد علامات ثابتة بالفحص العصبي، ومع ذلك فإن معظم الأطفال مفرطو التوتر hypertonic، مع زيادة نشاط المنعكسات الوترية العميقة. تحدث الاختلاجات لدى ربع المرضى تقريباً، وتوجد اضطرابات تخطيطية في مخطط كهربائية الدماغ لدى أكثر من 50٪. من العلامات الشائعة أيضاً لدى الأطفال غير المعالجين صغر الجمجمة، بروز الفك مع تباعد الأسنان، ونقص تصنع الميناء وتأخر النمو. صار من النادر في أيامنا هذه رؤية هذه المظاهر السريرية النموذجية للبيلة الفنولية الكيتونية في الدول التي تتبع برامج الاستقصاء والكشف الباكر عند الولدان.

ـ فرط فنيل آلانين الدم التالي لعوز التميم تيتراهيدروبيوبتيرين tetrahydrobiopterine (BH4): تبين في 2٪ من حالات الأطفال المصابين بفرط فنيل آلانين الدم، أن الخلل يكمن في إحدى الخمائر اللازمة لتشكيل التميم تيتراهيدروبيوبترين، (التميم هو العامل الذي يساعد الخميرة)، وليس في الخميرة نفسها. وقد وصفت أربعة أشكال للعوز الخمائري تؤدي إلى خلل تشكل هذا التميم. تشبه التظاهرات السريرية لهذه الاضطرابات تلك الخاصة بالبيلة الفنولية الكيتونية النموذجية ويصعب تمييزها منها. يكشف هؤلاء المرضى بالاستقصاء الخاص بالبيلة الفنولية الكيتونية لوجود فرط فنيل آلانين الدم، إلا أن التظاهرات العصبية تتطور بعد الشهر الثالث على الرغم من الحمية.

 ـ فرط فنيل آلانين الدم السليم: يكشف أحياناً أطفال لديهم مستوى فنيل آلانين عالٍ، لكنه أقل من20مغ/دل، وهو غير كاف لطرح حمض فنيل بيروفيك. لدى هؤلاء عوز في خميرة فنيل آلانين هيدروكسيلاز، لكن مع بقاء فعالية مقبولة (من 1-35٪ من الطبيعي). يكشف هؤلاء المرضى بالاستقصاءات في فترة الوليد وهم أسوياء، ويمكن أن يتطوروا بشكل طبيعي من دون حمية خاصة، مع ذلك يجب اختبارهم لكشف وجود خلل التميم تتراهيدروبيوبترين ومعالجتهم وفق ذلك.

ـ فرط فنيل آلانين عابر: يحدث لدى الأطفال المصابين بفرط التيروزين العابر ارتفاع معتدل في الفنيل آلانين، وعندما تنضج قدرة الطفل على أكسدة التيروزين، تعود نسبة كل من التيروزين والفنيل آلانين إلى الطبيعي. كما أن غياب أو تأخر نضج خميرة فنيل آلانين ترانساميناز يمكن أن يؤدي إلى فرط فنيل آلانين إذا تمت تغذية الطفل بحليب عالي المحتوى من البروتين. لا يمكن لهؤلاء الأطفال تشكيل نسبة عالية من حمض فنيل بيروفيك حتى لو اقتربت نسبة فنيل آلانين الدم لديهم من 30مغ/دل. تعود نسبة الفنيل آلانين إلى الطبيعي عندما تقارب نسبة البروتين في الحليب المعطى نسبته في حليب الإنسان.

التشخيص

معايير تشخيص البيلة الفنولية الكيتونية النموذجية هي:

 1ـ مستوى فنيل آلانين المصل أكثر من 20مغ/دل بوجود حمية غذائية طبيعية.

  2ـ مستوى تيروزين مصل طبيعي (قد يكون في الحد الأدنى للطبيعي).

 3ـ ازدياد مستوى مستقلبات الفنيل آلانين في البول: حمض فنيل بيروفيك وحمض هيدروكسي فنيل أستيك.

 4ـ مستوى طبيعي للتميم تتراهيدروبيوبترين.

وقد صار من الممكن اليوم كشف الحَمَلة أو المرضى قبل الولادة بفحص الخلايا الأمنيوسية المزروعة المأخوذة ببزل السائل الأمنيوسي، وكذلك الخلايا المأخوذة من خزعة الزغابات المشيمية، باستخدام مسابر وراثية خاصة genetic probes.

الكشف الباكر

البيلة الفنولية الكيتونية أول اضطراب استقلابي تأكد استفادته من الحمية الغذائية في أواخر الخمسينات، وبدأ بعد ذلك التحدي من أجل الكشف المبكر عن الإصابة قبل حدوث الأذية الدماغية غير القابلة للتراجع. في عام 1962، استطاع غوثري Guthrie أن يطور طريقة بسيطة لكشف الفنيل آلانين تقوم على وخز عقب القدم ووضع بضع قطرات من الدم على ورقة ترشيح، ثم توضع الورقة في هلام الآغار الذي يحتوي على جراثيم مع وسط للنمو وعناصر أخرى ضرورية، فإذا حدث نمو جرثومي واسع حول نموذج الدم، دل ذلك على ارتفاع نسبة الفنيل آلانين فيه ومن ثم يقترح وجود البيلة الفنولية الكيتونية.

يجب أن يؤخذ نموذج الدم من كل وليد قبل تخرجه من المشفى أو بعمر 4 أيام أيهما أبكر. ويكرر هذا الاختبار بعد أسبوعين في حال إيجابيته للتأكد من احتمال الإصابة، ويجب عندها إجراء اختبارات إضافية وقياس مستوى الفنيل آلانين والتيروزين في المصل لتأكيد التشخيص أو نفيه.

المعالجة

هدف المعالجة إنقاص الفنيل آلانين ومستقلباته في سوائل الجسم، وذلك للوقاية أو التقليل من الأذية الدماغية. يمكن الوصول إلى ذلك بتأمين غذاء منخفض الفنيل آلانين، أي باستبعاد الأغذية ذات المحتوى العالي من البروتين مثل الحليب، اللحوم، السمك، الطيور، البيض، الجبن، المثلجات، المكسرات، بعض الخضار وكثير من المنتجات التي تحوي الدقيق الطبيعي، كذلك المنتجات الحاوية على الأسبارتام (بديل للسكر). يجب البدء بالحمية باكراً ما أمكن بعد الولادة بعد وضع التشخيص مع العناية بتأمين وارد حروري ملائم في الوقت نفسه. يوجد اليوم في الأسواق أغذية بديلة عن الحليب خاصة للرضع، وكذلك مستحضرات غذائية خاصة للكبار. تقاس كمية الفنيل آلانين بالمليغرام أو بوحدة التبادلexchange = 15 مغ، (ا غ من البروتين فيه 3 وحدات تبادل أو 45 مغ من الفنيل آلانين). تختلف كمية الفنيل آلانين الممكن تحملها من شخص إلى آخر، وتقدر الكمية الوسطية التي يتحملها المصاب بالشكل النموذجي بـ300 مغ = 20 وحدة تبادل. وتحدد هذه الكمية في الواقع بواسطة الشخص نفسه مع طبيبه الخاص واختصاصي التغذية بالاعتماد على الاختبارات الدموية، إذ يستدعي تطبيق الحمية مراقبة غذائية صارمة وعيارات متكررة لمستوى الفنيل آلانين في المصل للمحافظة على مقدار بين 3-15مغ/دل. هناك اختلاف حول مدة تطبيق الحمية العلاجية، لكن التوصيات الحديثة تطالب بحمية دائمة مدى الحياة خشية حدوث مشكلات مثل انخفاض معدل الذكاء IQ وعجز في التعلم ومشاكل سلوكية مثل فرط الحركية، النزق والهياج ومشكلات عصبية مثل الرجفان واضطراب جلدي أكزمائي واضطرابات شخصية مثل انفصام شخصية، نُوَب من الذعر، رُهاب الخلاء.

الحمل لدى الأم المصابة بالبيلة الفنولية الكيتونية

تزداد نسبة الإجهاض لدى الأمهات المصابات واللواتي لا يخضعن للحمية، ويكون ولدانهن في الغالب متأخرين عقلياً. وقد يكون لديهم صغر جمجمة أو شذوذ قلب ولادي. ينتقل الفنيل آلانين من المرأة الحامل إلى الجنين بنسبة 1/3 أي إذا كان مستوى الفنيل آلانين لديها 2مغ/دل، فالجنين يتلقى 6مغ/دل في دمه، لذلك تحتاج المرأة المصابة التي ترغب في الحمل أن تتبع حمية قليلة الفنيل آلانين قبل الحمل بشهرين للمحافظة على نسبة تقدر بـ2-6مغ/دل، ثم طوال فترة الحمل، وبعده أيضاً إذا ما رغبت في الإرضاع.

 

نسمة كراوي

 

مراجع للاستزادة:

 

- American Academy of Pediatrics Committee on Genetics Newborn Screening Fact sheets. Pediatrics, Volume 98 (1996).

- R. MATALON, K. MICHALS, C.AZEN et al; Maternal PKU Collaborative Study: Pregnancy Outcome and Postnatal Head Growth. J. Inherited Metab. Dis. (1994).

- C.R SCRIVER, & C.L.CLOW,: Avoiding Phenyl Ketonuria: Why Parents Seek Prenatal Diagnosis, J. Pediatr. (1988).


التصنيف : طب بشري
النوع : صحة
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 771
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 544
الكل : 29587021
اليوم : 41937

الأذن في الإنسان

المزيد »