logo

logo

logo

logo

logo

درايدن (جون-)

درايدن (جون)

Dryden (John-) - Dryden (John-)

درايدن (جون -)

(1633-1700م)

 

 
 

جون درايدن John Dryden، شاعر ومسرحي وناقد إنكليزي، يعد من أهم الكتاب في إنكلترا في الربع الأخير من القرن السابع عشر، ومؤسساً للنقد الأدبي، ورائداً لجنس أدبي في المسرح هو المأساة البطولية Heroic Tragedy، ومبلوراً قالباً شعرياً ازدهر على يده هو البيت المزدوج البطولي heroic couplet الذي استخدمه تشوسر[ر] في القرن الرابع عشر واستمر الكتاب يستخدمونه في عصر النهضة. وتسمى هذه الفترة أحياناً «عصر درايدن».

ولد درايدن في آلدوينكل Aldwinkle في نورثامبتونشر Northamptonshire لعائلة ذات مكانة اجتماعية رفيعة الشأن ولكن ليست على قدر كبير من الثراء. عند نشوب الحرب الأهلية وهو في الحادية عشرة من عمره، كان أبوه من أنصار البرلمان وحركة  البيوريتانيين (التطهيريين) Puritans ضد الملك، واتخذ درايدن التوجه ذاته في بداية الأمر. تلقى تعليماً جيداً في مدرسة وست مينستر في لندن، ثم دخل عام 1650 في كلية ترينيتي في جامعة كامبردج، وحصل على إجازة جامعية في الأدب والحضارة الكلاسيكية عام 1654. تزوج عام 1663 إليزابيث  هوارد ابنة الكاتب المسرحي روبرت هوارد Robert Howard.

بدأ درايدن مسيرته في الأدب بشعر المديح، فامتدح رجال السلطة ملوكاً كانوا أم رجال دين، مع أنه اشتهر أيضاً بالهجاء ولكنه ركز هجاءه على المعارضة أياً كانت. وقد حصلت في حياته تغيرات عدة في السلطة الحاكمة، إذ عاصر درايدن حكم كرومويل Cromwell ت(1653-1658) المتشدد الذي قاد حركة البيوريتانيين، وعاصر ثلاثة ملوك هم تشارلز الثاني وجيمس الثاني ووليم الثالث. وتنعكس هذه الأحداث السياسية المهمة في شعره في المديح والهجاء على حد سواء، وكلاهما يدل على تحولات فكر درايدن وتغير ولائه في السياسة والدين ما بين التيارات والمذاهب. ففي إحدى أولى قصائده «مقاطع شعرية بطولية»Heroic Stanzas  عام (1658) امتدح كرومويل، ولكن عند دخول عصر إعادة الملكية Restoration بعودة الملك تشارلز الثاني للعرش بدأ درايدن كغيره من الكتاب يمتدح الملك كما في قصيدته «عودة العدالة» Astraea Redux عام (1660) التي تتألف من ثلاثمئة بيت. وقد اتهم درايدن من قبل البعض بأنه وصولي يغير ولاءه حسب المتغيرات، ولكن ثبت أن مديحه للملك كان صادقاً، وأنه إنما كان دائماً يهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية في ظل أي حاكم كان. وقد دافع أيضاً عن الكنيسة الأنغليكانية Anglican في قصيدته «دين العلماني» Religio Laici أو A Layman‘s Religion، ثم أصبح كاثوليكياً في عهد الملك جيمس الكاثوليكي وامتدح الكنيسة الكاثوليكية في قصيدته «اليل والنمر» The Hind and the Panther عام (1687)، وبقي كاثوليكياً حتى آخر حياته، حتى بعد تولي الملك وليم الثالث البروتستانتي العرش بعد الملك جيمس الثاني في عام 1688 فخسر بهذا الكثير من امتيازاته كشاعر للبلاط.

كان درايدن رائداً في الهجاء، ولم يضاهه أحد في ذلك إلا بوب[ر] وبايرون[ر]، فقد أسس لوزن شعري في الهجاء يعتمد على البيت المزدوج البطولي. كان لاذعاً ومتزناً ومقنعاً في هجائه لرجال الدين والسياسة، ومن أهم قصائده الهجائية «أبسالوم وأخيتوفل»Absalom and Achitophel  عام (1681) التي قدم فيها تحليلاً بارعاً لأحداث سياسية مهمة ودعا فيها إلى الوحدة الوطنية في ظل حكم الملكية. ومن قصائده الهجائية المهمة أيضاً «ماك فليكنو» Mac Flecknoe عام (1668)، رد فيها على هجاء الشاعرين سيتل Settle وشادويل  Shadwell له. وقد منح درايدن لقب شاعر البلاط عام 1668 لقاء خدماته.

تناول درايدن في شعره موضوعات وأجناس شتى، فكتب مثلاً قصيدته «سنة العجائب» Annus Mirabilis  عام (1666) عن الوباء الذي انتشر في لندن وعن حريق لندن الكبير الذي حدث عام 1666، وعن حرب إنكلترا مع هولندا وانتصارها عليها. وهناك بعض الشعر الغنائي Lyrics مثل «أود لعيد القديسة سيسيليا» Ode for St. Cecilia’s Day، و«وليمة ألكسندر» Alexander’s Feast.

كان درايدن من أهم المسـرحييـن في عصره مع أن مسـرحه لم يبق مشهوراً عبر العصور. كتب الملهاة مثل «السيدات المتنافسات»The Rival Ladies  عـام (1663)، و«زواج على الموضة»Marriage à La Mode  عام (1672)، ومع أنه لم ينجح في الملهاة لافتقار نصوصه لخفة الظل والمرونة الدرامية التي يتطلبها العرض المسرحي، إلا أنه مهد لكتاب الملهاة من بعده من أمثال كونغريف[ر] Congreve وإيثردج Etherege. وكتب أيضاً التراجيكوميديا مثل «الملكة العذراء» The Maiden Queen، و«الحب السري» The Secret Love، ولكن أهميته في المسرح تكمن في أنه أسس جنساً أدبياً جديداً هو المأساة البطولية heroic tragedy وكتب عدة منها، وهي نوع من المسرحيات ازدهر في عصره وبفضله، تكتب بالبيت المزدوج البطولي، وهي متأثرة بالمسرح الفرنسي الاتباعي (الكلاسيكي) الجديد وتعالج موضوعات الصراع بين الحب والواجب أو بين العاطفة والشرف وتنتهي نهاية سعيدة، وبها دخل درايدن عصر الإتباعية الجديدة  Neo-classicism الذي انتشر في إنكلترا بتأثير الكتاب الفرنسيين من أمثال كورنيّ[ر] Corneille، ومن هذه المسرحيات « الملكة الهندية»The Indian Queen  عـام (1664) التي حققت نجاحاً كبيراً وتقديراً عند الملك تشارلز لأن قصة الحب فيها تشبه قصة الملك مع خليلته الممثلة المشهورة آنذاك نيل غوين Nell Gwynn، و«أورنـغ زيـب»Aureng Zebe  عـام (1675)، و«الحـب المتسـلط» Tyrannick Love عام (1669)، و«غزو غرناطة»The Conquest of Granada  عام (1670)، ومن أفضلها من حيث البنية «كل شيء في سبيل الحب» All for Love عام (1677) التي كتبها درايدن مقلداً شكسبير[ر] في استخدامه الشعر الحر المرسل blank verse وفي اقتباسه قصة أنطونيوس وكليوباترا، ولكنه اتبع فيها الوحدات الدرامية الثلاث التي امتاز بها المسرح الاتباعي الجديد في فرنسا.

أما في مجال النقد فقد أطلق الناقد صموئيل جونسون[ر] على درايدن لقب «مؤسس النقد الإنكليزي». امتازت كتاباته في النقد قبل كل شيء بأسلوب نثري بارع وبمهارة في التحليل المنطقي وبرؤية ثاقبة، فعكس في دراساته سمات عصره الذي كان يسمى أيضاً «عصر النثر والعقل». تمتاز مقالاته النقدية المتعددة ومقدماته التي كان يرفقها مع نصوصه المسرحية أو مع قصائده بمستوى رفيع من الفكر، وتعد نماذج في النقد والأسلوب النثري الذي اتصف به ودعي لأجل هذا «مؤسس النثر الإنكليزي» أيضاً. تعد مقالاته النقدية من أول الدراسات النقدية في اللغة الإنكليزية، وتشبه إلى حد كبير مقدمات المسرحي شو[ر] مع فارق وحيد هو أن شو ركز على الناحية الاجتماعية في الكتابة الدرامية، بينما ركز درايدن على الناحية الأدبية والأسلوب. ومن أهم مقدماته في النقد الأدبي «مقالة في الشعر الدرامي» An Essay of Dramatic Poesie عام (1668)، التي يتحدث فيها بوساطة أربع شخصيات، عن مبادئ الكتابة المسرحية وتقنياتها. ويستخدم درايدن في هذه المقالة أسلوباً نثرياً بسيطاً يعتمد على العقل والتحليل لم يتقنه إلا القليل من الكتاب من بعده.

لم يحقق درايدن في أواخر حياته الأدبية النجاح الذي حققه في بدايتها، خاصة وأنه خسر الامتيازات السياسية عندما أقصي الملك جيمس عن العرش.  فعمل في دار نشر جيكوب تونسون Jacob Tonson، يقرأ الشعر ويشرف على النشر، وكتب بعض القصائد ونشرها عن طريق ذات الدار، ولكن أهم ما قدمه في هذه الفترة من حياته هو ترجمات لفرجيليوس[ر]، ومجموعته «حكايات قديمة وجديدة» Fables Ancient and Modern عام (1700) وهي مجموعة قصائد مقتبسة من أعمال هوميروس[ر] وأوفيد[ر] وتشوسر وبوكاتشو[ر]  أرفقها  درايدن بمقدمات مطولة عن هؤلاء الأدباء مع بعض الملاحظات النقدية.

كان درايدن مرآة لعصره الذي كان يمجد العقل والفكر، وقد قال النقاد في تقويم أهميته أن شعر درايدن قد مهد لبوب[ر] ومهد نثره لأديسون[ر]  في القرن  الثامن عشر. توفي درايدن في لندن ودفن في زاوية الشعراء بين الشاعرين تشوسر وكاولي[ر] في دير وست مينستر.

ريما الحكيم 

الموضوعات ذات الصلة:

إنكلترة (الأدب). 

مراجع للاستزادة:

- CEDRIC D. REVERAND, Dryden‘s Final Poetic Mode: The Fables (Univ. of Pa. Press 1988).

- J.A. WINN, John Dryden and His World (Yale Univ. Press 1987).

- JAMES M. HALL, John Dryden: A Reference Guide (G.K. Hall 1984).

- WILLIAM FROST, John Dryden: Dramatist, Satirist, Translator (AMS Press 1988).


التصنيف : الآداب الجرمانية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 225
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1079
الكل : 40520826
اليوم : 50641

كوجيكي

كوجيكي (القرن 7ـ 8 الميلادي)   يعد كتاب «كوجيكي» Kojiki أول أثر تراثي أدبي ديني في تاريخ اليابان، وله في ديانة الشينتو Shinto التي تعتنقها غالبية اليابانيين مكانة تقارب القداسة. يعود تاريخ تدوين الكتاب إلى عهد الامبراطور الأربعين تِنْمُ ـ تِنّو Tenmu-Tenno (حكم بين 673 ـ 686م) الذي أراد تجنب الوقوع في الخطأ أو التحريف فيما يتعلق بالتراث من أنساب ووقائع، فأمر بجمع كل ما هو محفوظ شفهياً من أنساب وأساطير وحكايات بطولية وأشعار وأخبار تاريخية، لكي تُصنف وتُرتب، فيضمن بذلك توثيقاً حقيقياً لتاريخ اليابان القديمة، وكان ذلك عام 682م عندما اختار للمهمة هيدا نو آرِه Hieda No Are التي كانت حكواتية محترفة Katari-be من مقام رفيع، فشرعت بتنفيذ المشيئة الامبراطورية.
المزيد »