logo

logo

logo

logo

logo

دارات العرب

دارات عرب

Darat al-Arab - Darat al-Arab

دارات العرب

 

واحدتُها دارة؛ وهي كلّ أَرضٍ واسعةٍ تَحُفُّها الجبال في حَزْنٍ كان ذلك أو سَهْل، وقِيْل: لا تكون الدَّارة إلاَّ من بطون الرَّمل المنبتة، فإن كانت في الرِّمال فهي الدَّيِّرة، والجمع الدَّيِّر. وقال ابن دريد وقد ذكر اثنتي عشرة دارة: جميع هذه الدَّارات بُرُوثٌ (البَرْثُ: الأَرض السّهلة اللَّيِّنة) بِيْضٌ تنبت النَّصِيّ والصِّلِّيان وأَفواهَ العُشْب ولا يكاد ينبت فيها من حُرِّيَّة النّبت شيءٌ (حُرِّيَّة النّبت: البَقْل والقُرَّاص والمِكنان).

شُغِف السلف من العلماء، ولاسيّما صُنَّاع معجمات اللّغة والبلدان، بتَطْلابِ الدَّارات، واستقصاء عددها، وعاظمَ بعضهم بعضًا في ذلك، وتَباروا في ضَبْط أسْمائها ومُعاناتها، وتنافسوا في تعيين تَوَضُّعاتها في جزيرة العرب، مَشْفوعةً بالشِّعر، مُعَزَّزةً بأثارةٍ من أخبار المَشاهد والمَغازي والأيّام التي وقعت فيها؛ وأخبارِ مَنْ حَضَرها من النّابِهِيْن، فُرسانًا كانوا أو راكبين؛ وأخبارِ العُشّاق الّذين كانوا يتناشدون فيها الأشعار، ويتشاكون إليها الوَجْد والفِراق، وفي ذلك يقول أبو عُبَيْد البكري، ذاكرًا مُسْتَدرَكه على ما جُمِع من الدّارات: رأيتُ محمّد بن حبيب قد رام جَمْعَها، وتلاه صاعد بن الحَسَن، فزاد على ما جمعه محمّد بن حبيب. وقد ذكرت ما ذكرت، واستدركتُ ما أغْفَلاَه. ثمّ ذكر في معجمه اثنتين وعشرين دارة. وقال ياقوت: دارَاتُ العرب تُنِيْفُ على ستِّين دارة استخرجتُها من كُتُبِ العلماء المُتْقَنَة وأَشعارِ العرب المُحْكَمَة وأَفْواهِ المَشايِخ الثِّقات واسْتَدْلَلْتُ عليها بالأشعار حسب جهدي وطاقتي، والله الموفِّق، ولم أَرَ أَحدًا من الأَئِمّة القُدماء زاد على العشرين دارة إلاَّ ما كان من أبي الحسين ابن فارس، فإنه أفرد له كتابًا فذكر نحو الأربعين فزِدْتُ أنا عليه بحول الله وقوّته نحوها. ثمّ سَرَد في معجمه تسعًا وستّين دارة. وقال الفيروز آبادي: داراتُ العربِ تُنِيفُ على مئةٍ وعشْرٍ، ولم تَجْتَمِعْ لغيري، مع بَحْثِهم وتَنْقيرِهمْ عنها، ولله الحمد. ثم ساقَ في قاموسه اثنتي عشرة ومئة دارة مُرَتَّبَةً على الحروفِ.

من أَشهر الدّارات الّتي ازْدانتْ بها قوافي الشّعراء، وفَشَتْ في تَضاعِيْف قصائدهم، وذاع صِيْتُها في أحياء العرب، فدارتْ على الأَلْسُن دورانَ المِغْزَل بِيَدِ المرأة الصَّناعِ حتّى ملأتِ الوَبَر والمَدَر (أي البوادي والمُدُن)، دَارةُ جُلْجُل، من منازل حُجْر الكِنْديّ بنَجْد؛ قال امرؤ القيس:

أَلا رُبَّ يَومٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ،

ولاسِيَّمَا يَومٍ بِدارَةِ جُلْجُلِ

ودَارَةُ الجَأْب، من ديار بني تميم؛ قال جرير:

إِنّ الخَلِيْطَ أَجَدَّ البَيْن يَومَ غَدَوا

مِنْ دارَةِ الجَأْبِ، إِذْ أَحْداجُهُمْ زُمَرُ

ودَارَةُ جُهْدٍ؛ قال الأَفْوَه الأَوْدِيّ:

فَرَدَّ عَلَيْهِمْ، والجِيَادُ كَأَنَّها

قَطًا سارِبٌ يَهْوِي هُوِيَّ المُحَجَّلِ

إِلَى حَيْثُ حَلَّتْ مِنْ كَثِيْبٍ وعَزْهَلِ

بِداراتِ جُهْدٍ، أَو بِصاراتِ جُنْبُلٍ

ودارة رُمْح، في ديار بني كِلاب لبني عمرو بن ربيعة؛ قال جِرانُ العَوْد:

كَأَنَّ النُّمَيريَّ، الّذي يَتَّبِعْنَهُ

بدارَةِ رُمْحٍ، ظالِعُ الرِّجْلِ أَحْنَفُ

ودَارَةُ صَارَة، من بلاد غَطَفان؛ قال مَيدان بن صخر:

عقلت شَبِيْبًا يَومَ دارَةِ صَارَةٍ،

ويَومَ نَضادِ النَّير أنت جنيبُ

ودَارة الصفائح: بناحية الصَّمَّان؛ قال الأَفوه:

أَلَمْ نَتْرُكْ سَراتَهُمُ عَيَامَى

جُثُومًا، تَحْتَ أَرْجاءِ الذُّيُولِ

تُبَكِّيْها الأَرامِلُ بالمَآلِي

بِداراتِ الصَّفائِحِ والنَّصِيْلِ

ودَارَةُ صُلْصُل، لعمرو بن كلاب، وهي بأَعْلَى دارها؛ قال جرير:

إِذا ما حَلَّ أَهْلُكِ، يا سُلَيْمَى،

بِدارَةِ صُلصُلٍ شَحَطُوا المَزارا

ودَارَةُ قُرْح، و قُرْح: هو الوادي الّذي هلك فيه قوم عاد قُرْبَ وادي القرى؛ وأَنشد أبو عمرو:

حُبِسْنَ، في قُرْحٍ وفي داراتِها،

سَبْعَ لَيالٍ غَيْرَ مَعْلُوماتِها

ودَارَةُ القَلْتَيْن، من ديار نُمَيْر من وراءِ ثَهْلانَ؛ قال بِشْر بن أبي خازم:

سَمِعْتُ بِدارَةِ القَلْتَيْنِ صَوْتًا

لحنتمةَ، الفؤَادُ به مَضُوع

ودَارَةُ مَكْمِن، من بلاد قيس؛ قال الرَّاعي:

بِدارَةِ مَكْمِنٍ، ساقَتْ إِلَيْها

رِياحُ الصّيْفِ أَرْآمًا وعِيْنا

ودَارَة مأْسَل، من ديار بني عُقَيْل، ومأْسل: نخل وماءٌ لعُقَيْل؛ قال ذو الرُّمَّة:

هَجائِنَ مِنْ ضَرْبِ العَصافِيْر ضَرْبُها،

أَخَذْنا أباها يَومَ دارَةِ مَأْسَل

ودَارَةُ مَوْضوع، بين ديار بني مُرَّة وديار بني شَيْبان؛ قال الحُصَيْن بن الحُمام المُرِّيّ:

جَزَى اللهُ أَفْنَاءَ العشيْرَةِ كُلِّها،

بِدارَةِ مَوْضُوعٍ، عُقُوقًا ومَأْثَمَا

ودَارَةُ النّصاب؛ قال الأَفْوَه الأَوْدِيّ:

تَرَكْنا الأَزْدَ يَبْرُقُ عارِضاها

عَلَى ثَجْرٍ، فَداراتِ النِّصابِ

مقبل التام عامر الأحمدي 

مراجع للاستزادة:

ـ أبو عُبَيْد البَكْري، معجم ما اسْتَعْجَم، تحقيق مصطفى السَّقّا (عالم الكتب، بيروت 1983).

ـ أبو عبد الله ياقوت الحَمَوي، معجم البلدان (دار صادر، بيروت).

ـ الفَيْروز آبادي، القاموس المحيط (دار العلم للملايين، بيروت).

 


التصنيف : التاريخ
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 121
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1031
الكل : 56526082
اليوم : 33738

ياسبرز (كارل-)

ياسبرز (كارل ـ) (1883 ـ 1969 )   كارل ياسبرز (يَسْپَرْز) Karl Jaspers عالم نفس وفيلسوف ألماني، والممثل الأكبر للوجودية[ر] الألمانية بعد مارتين هايدغر [ر]، وإن كان قد رفض هذه التسمية. ولد في أولدنبورغ Oldenburg لعائلة ثرية محافظة متأثرة بالثقافة السياسية التحررية لألمانيا الشمالية، صبغت أفكاره بطابع ديمقراطي تحرري وبنفحة دينية متشددة. تُوفي فِّي بال Basel (سويسرا). حظي برعاية خاصة من ذويه بسبب مرضه منذ الطفولة بالرئتين ثم بنقص التروية. وهذا أثّر بصورة مباشرة في توجهه الفكري نحو العلوم الإنسانية، فاهتم منذ الصغر بالفلسفة، وكان يرهب اتخاذها حرفة في الحياة، فتوجه إلى دراسة علم النفس وطب الأمراض العقلية psychiatry، وحاز الدكتوراه من جامعة هايدلبرغ Heidelberg عام 1908، وعيّن أستاذاً لعلم النفس سنة 1916، ثم أستاذاً للفلسفة سنة 1921 في الجامعة نفسها إلى أن أقصته الحكومة النازية عن التدريس في الجامعة بدعوى أن زوجته يهودية، ولم يعد إلى الجامعة إلا بعد انتهاء الحرب سنة 1945.
المزيد »