logo

logo

logo

logo

logo

الآخيون

اخيون

Achaeans - Achéens

الآخيُّون

 

الآخيون Achaens شعب هليني أقام في شبه جزيرة البلوبونيز Peloponnese بين القرنين الرابع عشر والحادي عشر قبل الميلاد.

تنسب روايات الإِخباريين الإِغريق الآخيين إِلى جدهم الأسطوري آخَيُوس Achaeus, وهم من مجموعة الأقوام الهلَّينة التي تنسب إِلى هلَّن Hellen بن دُوْقَاليون. ويتجلى شعور الهلّنيين بوحدتهم القومية في أسطورة دُوْقَاليون بن برومثيوس Prometheus. تقول الأسطورة إِن زيوس رئيس البانثيون (مجمع الأرباب) غضب على برُومثيُوس لتعليمه البشر كيفية استخدام النار, فحكَم عليه أن يُرْبَطَ إِلى صخرٍة في جبال القفقاس, وأن يأتيه نسر عظيم يفترس كبده كل يوم إِلى الأبد. وتجلّت نقمة زِيُوس على البشر بإِرساله الطوفان فقضى عليهم جميعاً باستثناء دُوْقَاليون الذي نجا مع زوجته بُوْرَّا pyrrha, في سفينة رست بهما على جبل بارِناسّوس, وبعد انحسار المياه, قام دوقاليون بإِتمام رسالة والده في عمران الأرض. وهكذا يكون دُوْقَاليون Deucaleun هو «نوح» عند الهلَّنيين الذين تتألف منهم القبائل الهلَّنية الأربع: الدوريون الإِيُوِليّون والإِيونيون والآخيُّون. وقد استقر غالب الإِيونيين في سواحل آسيا الصغرى وبعض جزر بحر إِيجة, وأقاموا علاقات وثيقة مع الساحل الكنعاني فأُطلقَ عليهم فيما بعد اسمُ «يونان» الذي شمل مختلف الأقوام الهلّنيّة, في حين تعرّف الغرب الهلنيين عن طريق إِيطالية الجنوبية وجزيرة صقلية, التي اشتهرت باسم اليونان الكبرى Magna Graeca في كتابات المؤرخين والإِخباريين اللاتين, فدعاهم الإِغريق Greek نسبةً إِلى ملك هليني أسطوري اسمه غرايكوس Graecus وشاعات التسمية في الغرب حتى شملت مختلف الأقوام الهلينة. ومن الغريب أن تذكر «الإِلياذة», اسم الآخيين فقط عند الإِشارة إِلى جميع الهلَّنيين الذين اشتركوا في حرب طروادة[ر], وقد فسّر بعضهم ذلك بأنهم كانوا وقتئذ, أقوى القبائل الهلّنية.

سكن الآخيّون شبه جزيرة البلوبونيز التي توجد في شمالها مقاطعة آخَيَة Achaea وتوجد مقاطعة أخرى بالاسم نفسه, في جنوب تسّالية, سكنها الآخيون كذلك, قبل انتقالهم النهائي إِلى شبه الجزيرة. وجاء في الكتابات والوثائق اليونانية أن الآخيين مثلهم مثل البِلاَسغيّين Pélasges, من سكان البلاد الأصليين, الذين أقاموا في أواسط بلاد اليونان القارية, قبل أن ينتقلوا, بعد تكاثرهم, إِلى أجزاء أخرى منها, ولاسيما شبه جزيرة البلوبونيز. علماً, أن من يشاهد آثار البلاسغيين ويقرأ أساطيرهم, لا يجد عرقاً صافياً, فقد كان هؤلاء خليطاً من قبائل قديمة امتزجت بأقوام أخرى, ولاسيما الموكنيين (الآخيين).

 حضارة الآخيين

يعد المؤرخون الإِلياذة والأوديسة مرجعين رئيسيين في دراسة حضارة الآخيين, ويعطي هوميروس في الإِلياذة انطباعاً بأن مدينة مُوْكنَاي (أوميسينة Mycenae) كان لها نوع من السيطرة على بقية المدن الهلّنية, حين يعرض استجابة هذه المدن جميعاً لنداء آغَاممْنُون, ملك مُوْكنَاي, عندما أهاب بالهلّنيين, ولاسيما الآخيين, أن يجمعوا قواهم ويخفّوا لحرب طروادة, رداً على العار الذي ألحقه باريس, ابن ملك طراودة, بأخيه مينيلاووس ملك اسبرطة, بخطفه زوجته هلّينا. وتؤكد هذا الانطباع التسمية التي يطلقها هوميروس على آغاممنون حين يصفه بأنه «ملك البشر» أو «سيد الآخيين», في أكثر من موضعٍ من سطور الملحمة. وإِذا كانت الآثار تشير إِلى هذه السيطرة, في المدة التي سبقت حرب طروادة, فإِنها لا تلبث أن تشير إِلى انحدار مركز مُوْكنَاي وتخلخل قوة المدن الأخرى التي خضعت لها وتأثرت بحضارتها. وهذا ما يفسّر سبب ضعف سيطرة آغاممنون على الملوك الآخيين, الذين كانوا تحت قيادته في حرب طروادة, على نحو ما يظهر من أشعار الإِلياذة.

وبالاستناد إِلى أشعار الإِلياذة والأوديسة, وإِلى أدلة مختلف الدراسات الأثرية والتاريخية المقارنة يمكن استنتاج بعض الصور عن حضارة الآخيّين, في عهد الأبطال (ق 13- 11ق.م).

فقد كانت الزراعة والرعي الموردين الرئيسين لاقتصاد الآخيين. وكانت المحصولات الرئيسة هي الحبوب والكروم, وكانت أعمال الزراعة شاقة, لأن أكثر الأراضي جبلية, والمناخ يميل إِلى الجفاف, فلا يتبقى من الأماكن التي تصلح للزراعة إِلا نحو ربع مساحة الجبال, أو خمس مساحة البلاد, وكان الأغنياء يملكون قُطعاناً كبيرة من البقر والماعز والغنم, ويكتفي الفقراء بأكل السمك والحبوب, أو بما يصطادونه من الحيوانات البرية والطيور فقد كان الصيد آنئذ ضرورة من ضرورات الحياة.

أما الأرض, فكانت ملكاً للعشيرة أو الأسرة, ويشرف رئيس الأسرة على إِدارتها, ولكنه لا يستطيع بيعها. وتذكر أشعار الإِلياذة أراضي واسعة «عامة» يتصرف بها الملك, ولكنها مُلْكٌ مشترك للجماعة, ويحق لكل فردٍ أن يرعى فيها ماشيته.

ولم يكن الآخيون يستخرجون المعادن من الأرض. بل كانوا يستوردون ما يلزمهم من النحاس والقصدير والفضة والذهب من البلاد الأخرى. وكان الحديد من المواد النادرة الثمينة, وتصنع أكثر الأسلحة من البرونز.

وتتحدث الإِلياذة والأوديسة عن البنّائين والنجارين والسّراجين الذين كانوا يشتغلون في بيوت من يطلب ذلك. ولم تكن الحرف متطورة, إِذ كان أفراد الأسرة يصنعون في الغالب ما يحتاجون إِليه بأنفسهم.

بدأ الآخيّون في عهد الأبطال يتعرفون التجارة. ولم يقتصر نشاطهم على التجارة الداخلية بين مدن اليونان ومناطقها. فقد جاء في الإِلياذة والأوديسة ذكر المنسوجات الشفّافة الُموشَّاة الآتية من صَيْدُوْن (صيدا), والأدوات المصنوعة من الذهب الآتية من فينيقية, ومجموعة من المصنوعات الأخرى كالسلال والمزهريات المجدولة من أسلاك الفضة والأدوات المصنوعة من العاج والبرونز والصفيح. وكان الآخيون من جانبهم يقايضون على هذه الواردات بالماشية والمعادن. وليس في الإِلياذة أو غيرها ذكرٌ للنقود. وكانوا يعدّون البقر وحدة قياسية للتبادل التجاري ويستخدمون كذلك سبائك الحديد أو البرونز أو الذهب, وصنعوا سبيكة ذهبية فيما بعد بمقياس معين يدعى «تالَنْتُون».

وفي العمارة, تبرز الإِلياذة والأوديسة فخامة الصنع ودقة الزخرفة عند الحديث عن قصور الملوك والزعماء. ويلمس القارئ في الكتابات المنسوبة إِلى هوميروس, أنَّ المجتمع الآخيّ كان أقل تطوراً مما كان عليه في مُوْكنَاي وأبعد عن النظام والقانون والقيود الأخلاقية التي كانت سائدة في حضارة كريت[ر] (إِقريطش). وأن الآخيين رجعوا بالحضارة خطوات إِلى الوراء بالموازنة مع ما كانت قد بلغته في بلاد بحر إِيجة في عصري البرونز الثاني والثالث (1450- 1100 ق.م). وتبدو حياة الآخيين, فقيرة بالفنون الأخرى بعيدة عن القيم الفكرية, مقتصرة غالباً على الانصراف إِلى الحروب والغارات.

انتشار الآخيين وتحركاتهم

تشير الكتابات الحثّية إِلى ازدياد قوة الآخيين في منتصف القرن الثالث عشر ق.م. وهي تذكر أن الملك الحثي توداليا الرابع (1250-1220 ق.م) اضطر إِلى محاربتهم مدةً طويلة, وأنهم كانوا خصوماً أقوياء  بقيادة ملكهم آتاريسياس أي أتريوس - والد آغَاممْنُون - ويزاحمون الحثيين, ويسعون إِلى التوسع والاستيلاء على بعض جزر بحر إِيجه.

وقد وجد الآخيون أنفسهم مضطرين إِلى البحث عن مصادر الرزق خارج بلادهم لضيق وسائله في بلادهم فمالوا إِلى الهجرة, حيثما وجدوا إِلى ذلك سبيلاً. ولم تتجه هجراتهم نحو داخل القارة الأوربية لأسباب اقتصادية وبشرية وعسكرية بل توجهوا بأنظارهم إِلى البحر. وشجعهم على الملاحة في الحوض الشرقي للبحر المتوسط تقارب سواحله في أكثر من موضعٍ, وكثرة الجزر في أرجائه, والمراكز الحضارية على شواطئه. وقد أدت الهجرات المتتالية التي انطلقت من بلاد اليونان منذ وقت مبكر, إِلى انتشار سكانها على شواطىء البحر المتوسط الشرقية أولاً ثم الغريبة فيما بعد, ومنها هجرات الآخيين في نهاية عصر البرونز الحديث ومطلع عصر الحديد  (1200-1000 ق.م).

وليست حرب طروادة, التي تتحدث عنها الإِلياذة, إِلا إِحدى المحاولات المنظمة لتوسع الآخيين واستيطانهم شواطئ آسيا الصغرى وجزر بحر إِيجة.

وساعد ضغط الدوريين على انتشار الآخيين كما جاء في روايات الإِخباريين والكتاب اليونانيين. فقد كان «الاجتياح الدُوري», أو عودة «آل هرقل» كما يقولون, الحادث الأكبر الذي أدى إِلى انهيار الآخيين وفقدهم السيطرة على شبه جزيرة البلوبونيز بعد ثمانين عاماً من حرب طروادة (في نهاية القرن 12 ق.م), فتشتّتوا في جزر بحر إِيجة وشواطئ آسيا الصغرى, ولم يبق لهم ذكر في مجرى تاريخ بلاد اليونان.

ذكرهم في الوثائق والآثار

إِن آثار الآخيّين في بلاد اليونان القارية, ولاسيما في شبه جزيرة البلوبونيز وفي جزر بحر إِيجه, والشواهد التاريخية والأثرية التي عثر عليها في آسيا الصغرى ومصر تلقي بعض الضوء على تاريخ هذا الشعب وحضارته. فقد عثر على مجموعة من وثائق الامبراطورية الحثية في موقع مدينة حاتوشا الأثرية عاصمة الحثيين الكبرى (بلدة بوغازكوي اليوم في وسط الأناضول), يرجع تاريخها إِلى زمن بين أواسط القرن الرابع عشر ونهاية القرن الثالث عشر ق.م. وتشير هذه الوثائق أكثر من مرة إِلى مملكة الآخيَاوة Achiyyawa وعلاقاتها بالامبراطورية الحثيّة. ومن المتفق عليه اليوم أن هذا الاسم يعني الآخيين المذكورين في الإِلياذة. كما يظهر من تلك الوثائق أن مملكة الآخياوة كانت توجد في البحر, وهو بحر إِيجة في نظر الحثيين, وأن المنطقة التي تسيطر عليها المملكة كانت تضم عدداً من جزر هذا البحر. وتشير الوثائق الحثيّة ايضاً إِلى استيلاء آخياوة على جزيرة قبرس (قبرص), في أواخر عهد الامبراطورية الحثيّة, نحو 1200ق.م. فإِذا عُدَّ سقوط قبرس في يد الآخيين مؤشراً على اتجاه الهجرات الآخية نحو الشاطئ الغربي لآسيا الصغرى, فإِن من المنطق تحديد تاريخ حرب طروادة, التي تمثل محاولةً في هذا الاتجاه, في العقود الأولى من القرن الثاني عشر ق.م.

كذلك تتحدث الوثائق المصرية عن تحركات الآخيين (من بين أقوامٍ أخرى) نحو شواطئ القسم الشرقي للبحر المتوسط, إِذ تروي النقوش المصرية أن مجموعة من الشعوب هاجمت مصر عن طريق البحر مرتين: كانت إِحداهما عام 1221 ق.م, أي قبل سقوط الامبراطورية الحثية. والأخرى عام 1190ق.م, أي عام سقوط الدولة الحثية أو بعده بقليل. وفي المرة الأولى, كان بين المجموعة التي حاولت أن تغزو الشواطئ المصرية قوم أسماهم المصريون«آخيَاوَاشَة», أي الآخيين. وفي القائمة التي خلد بها الفرعون منفتاح (1233-1223ق.م) انتصاره على جدران معبد الكرنك ذكر للأسرى الذين وقعوا في يد جنوده, ومن بينهم أسرى آخيَاوَاشَة. وفي المرة الثانية, حاول المهاجمون اجتياح مصر من جهة الشمال الشرقي, وكان من بينهم مجموعة تدعى «دَانونَا», وهم الدَانَانيُّون Dananoi, وهو اسم متفق عليه مرةً أخرى على أنه مرادف لفرع من الآخيين المذكورين في الإِلياذة.

محمد محفل

مراجع للاستزادة:

ـ الإِلياذة والأوديسة. (في الإِلياذة النشيدان الأول والثاني).

ـ محمد كامل عيّاد, تاريخ اليونان.


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 567
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 567
الكل : 29612825
اليوم : 67741

جُوف (بيير جان-)

المزيد »