logo

logo

logo

logo

logo

الحوض الرسوبي

حوض رسوبي

Sedimentary basin - Bassin sédimentaire

الحوض الرسوبي

 

الحوض الرسوبيbassin sédimentair  وحدة جيومورفولوجية على شكل منخفض طبوغرافي، هوائي أو مائي المنشأ، يتميز بأشكال بنيوية (بروزات - منخفضات) وبشواهد على سطوح ممهدة مستوية، وبأشكال مختلفة لتوضُّع المواد الرسوبية.

وتشغل الأحواض الرسوبية القسم الأعظم من سطح الأرض، حيث تغطي الصخور الرسوبية حوالي ثلاثة أرباع مساحة اليابسة، وتشكل سجلا ً أمينا ً ومترابطا ً لتاريخ الأحداث الجيولوجية التي مر بها كوكب الأرض. فدراسة التشكيلات الرسوبية القديمة التي توضعت في تلك الأحواض تروي لنا التاريخ الجيولوجي لهذا الكوكب، وأهم الظواهر الكبيرة التي أثرت في سطحه، كتغير مستوى البحار والمحيطات و الحركات التكتونية وغيرها.

تحمل الأحواض الرسوبية أسماء الأقاليم أو المناطق التي توجد فيها كحوض الأكيتان وحوض الخليج العربي، أو المدن القائمة عليها كالحوض الباريسي والحوض التدمري، أو أسماء الأنهار الكبيرة التي تشغلها كحوض الكونغو وحوض الأمازون وحوض الميسيسبي وحوض ما بين النهرين.

تُعدّ الأحواض الرسوبية ذات أهمية اقتصادية كبيرة وذلك من خلال كونها مكاناً مهماً لتشكل وتجمُّع الخامات الطبيعية المختلفة ذات الأهمية الحيوية والاستراتيجية كالمياه الجوفية والبترول والفوسفات والفحم الحجري والحديد وغيرها من الخامات الأخرى.

توزع الأحواض الرسوبية

تتوزع الأحواض الرسوبية على القارات كافة وفي مختلف خطوط العرض أو العروض الجغرافية، إلا أن أكثر الأحواض المعروفة هي تلك التي تقع في المجال الهر سيني ( نسبة إلى الحركات الهرسينية المولدة للجبال والتي انتهت عموماً مع نهاية الحقب الأول) للعروض الجغرافية المتوسطة، كالحوض الباريسي وحوض الأكيتان في فرنسا، وحوض سوآب - فرانكوني souab-franconien في ألمانيا.

أما الأحواض الرسوبية الأكثر اتساعا ً فهي تلك التي تمتد فوق ركائز ما قبل الكامبري[ر] للعروض الجغرافية الدنيا، كحوض تشاد وحوض الكونغو وحوض الأمازون، أو العروض الجغرافية العليا، كالحوض السيبيري.

الأشكال الرئيسة لتضاريس الحوض الرسوبي

يدرس الشكل العام للحوض الرسوبي وأشكاله التضاريسية بطرائق مختلفة أهمها التصوير الجوي أو تقنيات الاستشعار عن بعد، إذ يمكن أن تظهر حدود الحوض من خلال دراسة وتحديد اتجاهـات

الشبكة المائية لمنطقته، وبالتالي تحديد شكله العام. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الشكل النهائي لأي حوض رسوبي ليس مطابقا ً بالضرورة لشكله الأولي عند بداية تطوره وتراكم المواد الرسوبية فيه.

أما الأشكال الرئيسة لتضاريس الحوض الرسوبي فتتباين تبايناً كبيراً من حوض إلى آخر، وقد يبدو من الصعوبة بمكان تصور نموذج معين لهذه الأشكال التضاريسية، ومع ذلك فإن بعض الأحواض الرسوبية المدروسة جيداً، كالحوض الباريسي مثلاً، تظهر أنماطا ً من التضاريس يمكن تحديدها بثلاثة أشكال رئيسة، هي أشكال مصطبية أو مسطحات، ومنحدرات وحيدة الميل أو نجود (جمع نجد) وحيدة الميل، ومنخفضات أو هبوطات، لكل منها خصائصه أو مظاهره التضاريسية الخاصة به، يمكن تفسيرها من خلال تداخل مجموعة من العوامل البنيوية والأشكال المنشئية. ومع ذلك تصنف الأحواض الرسوبية عموما ً وفق عدة معايير أهمها: بحسب الشكل، وبحسب المقاييس والأبعاد، وبحسب موقعها بالنسبة للصفائح التكتونية[ر]. ولكل منها مزاياه وخصائصه.

تشكل تضاريس الحوض الرسوبي

يرتبط تشكل تضاريس الحوض الرسوبي بالتاريخ الجيولوجي له، أي بتاريخ تطوره مع الزمن على الصعيدين الرسوبي والبنيوي، وبالإمكانيات المتاحة لعمليات الحت التفاضلي على التوضعات الرسوبية التي تراكمت وملأت هذا الحوض. لذلك فإن دراسة المحتوى الرسوبي للأحواض الرسوبية القديمة يمكن أن تحكي لنا تاريخ هذه الأحواض ومراحل تطورها منذ لحظة تشكلها كمنخفضات أولية حتى امتلائها بالرسوبات ووقوعها تحت تأثير عمليات الحت القارية، مرورا ً بمرحلة الشباب والنضج إلى أن تصل إلى مرحلة الهرم والشيخوخة والزوال.

وقد أشار بيرودون Perrodon عام 1980 إلى أن الدورة الدينامية dynamique للأحواض الرسوبية البحرية تتضمن عدة مراحل. فكل حوض رسوبي يمر في أثناء تطوره بثلاث مراحل رئيسة هي:

ـ المرحلة الانهدامية: وهي مرحلة الولادة أو تشكل الحوض الرسوبي، حيث يتشكل الحوض الرسوبي الأولي (المنخفض الطبوغرافي) الذي يمثل المكان الملائم لتراكم سحنات رسوبية خاصة في هذه المرحلة، التي تعد هامة جداً بالنسبة لجيولوجيي النفط.

ـ مرحلة التمدد أو الاتساع: وهي مرحلة التطور النابذ فيتطور الحوض الأولي من خلال دينامية الهبوط أو الانخفاس والتعمق لهوامشه تحت تأثير فوالق الشد، مما يؤدي إلى تجاوز البحر على تلك الأطراف الآخذة بالهبوط، وتتوضع سحنات تجاوزية تشكل بمجموعها زمراً تجاوزية مميزة لهذه المرحلة. وتعد هذه مرحلة الشباب أو النضج للحوض الرسوبي حيث تتوالى فيها عمليات الهبوط  التدريجي يتبعها تراكم التوضعات الرسوبية التي تحظى فيها الرسوبات الكربوناتية بنصيب كبير.

ـ مرحلة الانضغاط: وهي تقابل مرحلة التطور الجابذ، وتتميز بتكتونية ضغطية مرتبطة بفوالق عكسية مع حركات شاقولية ناهضة لقاع الحوض. وتعد هذه مرحلة الهرم والشيخوخة  للحوض الرسوبي.

نموذج حالي لحوض رسوبي فوق قاري: الخليج العربي

الخليج العربي حوض رسوبي فوق قاري، معزول تقريباً عن المحيط الهندي، ذو شكل متطاول ، يبلغ طوله عدة آلاف الكيلومترات، وعرضه الوسطي نحو 250كم. وهو عموماً قليل العمق (أقل من10م غالباً) لكن يمكن أن يصل عمقه الأقصى إلى 100م، ويحتوي على أعداد كبيرة من الأرصفة والحواجز الرملية خاصة من الجهة العربية حيث تمر الرمال البيوكلاستية (العضوية) والبيوضية sables bioclastiques et oolithiques إلى رمال غضارية ومن ثم إلى غضار باتجاه محور الحوض (باتجاه الشرق).

يقع هذا الحوض تحت تأثير مناخ جاف ومناسب لعمليات التبخر الشديد، مما ينتج منه تشكل رسوبات المتبخرات على جوانبه، بينما تشكل الرمال الكربوناتية المتوضعة في النطاق الشاطئي الصخور الكلسية للحوض.

إن الصخور الكربوناتية الكلسية والدولوميتية التي شكلت مصائد هامة للبترول في المنطقة منذ بداية الحقب الثاني[ر] (الميزوزوي) تشبه إلى حد كبير الرسوبات التي تتشكل حالياً في هذا الحوض، وذلك في جانبه العربي.

وعلى الرغم من أن دلتا شط العرب تشكل الحدود الشمالية للأوساط البحرية للخليج، فإن الترسيب القاري الحالي يستمر إلى داخل مياه شط العرب. وحقيقة الأمر هي أن الحدود المورفوتكتونية لهذا الحوض توجد إلى الشمال من بغداد، مما يشير إلى أن الخليج العربي لا يشكل بالفعل سوى النصف البحري لهذا الحوض، بينما امتلأ النصف الآخر بالرسوبات النهرية الدلتاوية لنهري دجلة والفرات.

مورفولوجية حوض الخليج العربي: تتميز المظاهر الجوهرية لمورفولوجيا حوض الخليج العربي و شواطئه بالخصائص الآتية:

ـ الانحدار الضعيف للقاع باتجاه محور الحوض الذي يوجد على عمق نحو100م.

ـ عدم تماثل واضح بين شاطئي الحوض يتجلى من خلال المورفولوجية المنبسطة على الشاطئ العربي والمورفولوجية الجبلية على الجانب الإيراني.

ـ امتداد محور الحوض شمال غرب - جنوب شرق في النصف الشمالي منه، ثم انحرافه تدريجياً ليصبح شرق - غرب تقريباً عند مدخل الخليج. ويتطابق هذا المحور مع خط المنتصف للحوض في الجزء الشمالي الغربي، ولكنه يقترب من الشاطئ الإيراني في الجزء الجنوبي الشرقي.

يبدو أن مورفولوجية هذا الحوض مرتبطة ارتباطاً دقيقاً بالتشوهات التكتونية الحديثة في المنطقة على الصعيدين الإقليمي والمحلي، بحيث يتحدد موقع الحوض وشكله المتطاول من خلال التكتونيك الألبي المرتبط مع حركة الصفيحة العربية (الشكل-1)، إذ إن حركة هذه الصفيحة والناتجة عن انفتاح البحر الأحمر وانفصال شبه الجزيرة العربية عن إفريقيا، تقود إلى تصادم مع الصفيحة الأوراسية في إيران ونهوض سلسلة جبال زاغروس. وتتجلى هذه الحركة الانضغاطية المميزة للجزء الشمالي الشرقي للصفيحة العربية بهبوط أو انخفاض إقليمي هو الخليج العربي، حيث يكون محوره موازياً لمحور السلسلة المجاورة.

 

الشكل (1) خريطة تبين موقع الخليج العربي بالنسبة للتكتونيك الإقليمي

 

إن القاع البحري المنحدر بشدة في الجانب الإيراني، يتعدل أحياناً بوجود الكثير من التجاعيد المحدبة التي تشكل جزءاً من السلسلة الألبية (سلسلة جبال زاغروس)، وبقدر ما نبتعد باتجاه الجانب العربي المستقر للخليج فإن مورفولوجية القاع تبدو أقل تعقيداً ويغدو الانحدار ضعيفاً جداً، وينعكس هذا التنافر المورفوتكتوني (التكتوني الهيئي) على طبيعة الرسوبات في جانبي الحوض، فهي رسوبات حطامية أرضية المنشأ أمام الجانب الإيراني وكربوناتية كيميائية أمام الصفيحة العربية.

عملية الترسيب في حوض الخليج العربي: ترتبط طبيعة الرسوبات وتوزعها في حوض الخليج العربي بالعلاقة المتبادلة بين ثلاث مجموعات من العوامل:

أ - العوامل الخارجية: المتعلقة بدرجة الحرارة ومعدل الأمطار، وبحركة الرياح، وبالحمولات الرسوبية النهرية.

ب - مورفولوجية الحوض ومنحدراته: التي تتعلق بشكل كبير بالتشوهات التكتونية الإقليمية والمحلية.

ج - العوامل الداخلية للحوض: كحركية المياه وعمقها ودرجة ملوحتها وحرارتها، وكذلك تيارات المد والجزر.

واعتماداً على التأثير المشترك لهذه العوامل يمكن تحديد ثلاثة أقاليم ترسيبية لحوض الخليج العربي، هي (الشكل-2):

 

الشكل (2) خريطة تبين مواقع الأقاليم الرسوبية الرئيسة في الخليج العربي

 وسهل مابين النهرين

 

ـ إقليم ما بين النهرين: المتميز بسيطرة الرسوبات الحطامية السيليكاتية، وهو يشغل النصف الشمالي الغربي من النطاق المحوري للحوض وينقسم إلى أوساط متمايزة بشكل كبير كالسهول النهرية- الدلتاوية والمجالات البحيرية والمستنقعية والسبخات الواسعة المنتشرة هنا وهناك في شط العرب.

ـ إقليم فارسي: يتميز برسوبات مختلطة كربوناتية - سيليكاتية من أصل أرضي (قاري) مرتبطة بوجود سلسلة جبال زاغروس. إن رسوبات هذا الإقليم هي رسوبات دلتاوية بشكل جوهري، وتختلط أجزاؤها الناعمة مع رسوبات الإقليم الأول لتتوضع في الجزء الأكثر عمقا ًمن الحوض تحت اسم «المارن المحوري».

ـ إقليم عربي: متميز برسوباته الكربوناتية التي تتطور بعيدا ًعن الحمولات الحطامية المنحدرة من الإقليمين السابقين.

إن معدل الترسيب المتباين بين أجزاء هذا الحوض الرسوبي وخاصة بين جانبيه من جهة (معدل الترسيب أكبر) وبين مركزه من جهة أخرى (معدل الترسيب بطيء نسبياً)، يشير إلى نظام ردمي جانبي أكثر منه شاقولي.

جمال كفا 

مراجع للاستزادة:

 

ـ جمال كفا، الجيولوجيا الطبقية (مطبوعات جامعة حلب 1997).

- J.Delfaud, La sédimentogenèse en liaison avec la dynamique des bassins, role du    climat. Bull. Center Rech. Explor-Prod. Elf-Aquitaine, Pau (France 1977).

- A.Perrodon,Essai de classification des bassins sédimentaires, Sciences de la Terre (1971).

- A.Perrodon,Géodynamique des bassins Pétroliers. Edition Masson (Paris, France 1980).

- B.H.Purser, Sédimentation et diagenèse des carbonates néritiques récents. Tome(2), Edition Technip (Paris 1983).

 


التصنيف : علم طبقات الأرض و علوم البحار
النوع : علوم
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 662
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 528
الكل : 29669539
اليوم : 49549

الذكر

الذَكـَر   الذَكـَـر هو كل كائن حي يعطي أعراساً (خلايا تناسلية) صغيرة الحجم، تعطي لدى اندماجها مع أعراس أنثوية، كائنات جديدة تشبه الأبوين. ويتميز الذكر عن الأنثى بصفات وراثية وشكلية وفيزيولوجية ونفسية تميزه عن الأنثى عند البلوغ. ويكون الذكر منفصلاً عن الأنثى في الحيوانات وبعض النباتات (أحادية المسكن monoeceous)، لكن في بعض النباتات يكون الذكر والأنثى محمولين على كائنين مختلفين (ثنائية المسكن dioeceous).
المزيد »