logo

logo

logo

logo

logo

الخليج العربي

خليج عربي

Arabian Gulf - Golfe arabique / Golfe Persique

الخليج العربي

 

 

 

الخليج العربي، حوض بحري صغير يشكل الحد الشرقي للوطن العربي في جنوبي القارة الآسيوية، مساحته 239 ألف كم2، وطوله من مصب شط العرب فيه في الشمال إلى مضيق هرمز الذي يوصل مياهه بمياه خليج عمان في الجنوب 1000كم، أما عرضه بين السواحل الإيرانية في الشرق، وسواحل شبه الجزيرة العربية في الغرب فيراوح بين 10 و300كم.

وخلافاً لورود اسمه في الأطالس والكتابات الأجنبية تحت عبارة «الخليج الفارسي»، فإن التاريخ ووقائع الأمور في جوانبه تبين أنه عربي بكل سماته، فالقبائل العربية تسكن حتى اليوم في سواحله الشرقية، أمثال بني كعب وبني تميم، وأسماء المناطق الجغرافية المختلفة في هذه السواحل، مثل المحمّرة وقارون والشيخ شعيب وخور موسى، أو باحتواء سواحله الشمالية والغربية لكل من العراق والكويت والمملكة العربية السعودية وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة، وكلها دول عربية.

والشخصية العربية للخليج قديمة، فقد فتح العرب البصرة عام 13هـ/634م، وفي عهد الخلافة العباسية تحول الخليج العربي إلى بحيرة ثقافية عربية، جمعت حول شواطئها وحدة اللغة والدين والجنس، وانصهرت في بوتقتها مختلف المذاهب والآراء حتى صارت كلاً متجانساً، ووحدة لا تتجزأ، على ما يبدو في مظاهرها من تباين واختلاف.

وإعمار الإنسان لأطراف الخليج قديم، فلقد شهدت شواطئه مولد كثير من الحضارات والإمبراطوريات، كدول سومر وأكاد وبابل وعيلام، عند رأسه الشمالي وعلى أطرافه، وعمّ الرخاء في هذه الأطراف. ومع زوال هذه الدول ركدت الحياة فيها، حتى جاء العرب المسلمون فأحيوها من جديد، وحولوا الخليج إلى موطن عربي إسلامي، انطلقوا منه إلى قلب آسيا وأطرافها الجنوبية والشرقية ينشرون دينهم وحضارتهم.

وللخليج العربي أهمية استراتيجية خاصة، تجعل منه ميداناً للمنافسة، وهدفاً للطامعين، وهو يستمد هذه الأهمية أولاً من موقعه الجغرافي الفريد، وثانياً من الموارد البترولية الضخمة التي يتصدر بإنتاجها كل بقاع الإنتاج العالمية. فهو يقع في منطقة حساسة من العالم، فهو الذراع الذي يصل أطراف المحيط الهندي بالبحر المتوسط، عبر منطقة ما يسمى «الهلال الخصيب»، أي يصل الشرق بخيراته وثرواته بالغرب المحتاج إلى هذه الخيرات والثروات، والمتعطش للسيطرة على مواقع مصادرها.

وبفضل هذا الموقع، أثر الخليج ومازال يؤثر في تاريخ التجارة العالمية، وفي الأحداث التي رافقت تطورها على مر العصور، بدءاً من المدة التي سبقت التدخل الأوربي، ثم قدوم المكتشفين والتجار الغربيين، ومن بعدهم المستعمرين، إلى أطراف المحيط الهندي، واحتلالهم لشبه القارة الهندية والجزر الإندونيسية، والتي كان الخليج العربي فيها يمثل حلقة وصل بحرية هامة عن طريق التجارة الدولي بين الشرق والغرب للثروات الأسطورية المتمثلة بالتوابل والبخور والحرير واللؤلؤ، عندما كانت أغلى من الذهب، وانتهاءً بالوقت الحاضر حينما صار الخليج العربي يسهم بدور رئيسي في الاقتصاد العالمي بتزويد العالم بأهم مصادر الطاقة من جهة، وباستيراده لمتطلبات الحياة التي ازدهرت في جوانبه من جهة أخرى.

وبالنظر إلى الموارد البترولية الضخمة، فإن أكبر ثروة بترولية عرفها الإنسان تكمن في أرض الخليج التي تضم 4/5 البترول العالمي، وتتصدر بإنتاجه دول العالم، وتسيطر على تجارته. فخلال عام 2001، كانت السعودية أول منتج للنفط في العالم، وأول مصدر له، بإنتاج بلغ 8.84 مليون برميل في اليوم، وصادرات بلغت 7.43 مليون برميل في اليوم، وكانت إيران رابع منتج، بإنتاج 3.78 مليون برميل في اليوم، والإمارات العربية المتحدة عاشر منتج بإنتاج 2.55 مليون برميل يومياً.

وفي هذا المجال، تجدر الإشارة إلى أن الازدهار البترولي الحالي في الخليج ليس إلا وجهاً مماثلاً لأوجه الخليج في العصور الزاهرة التي كان فيها ملتقى طرق التجارة العالمية بين الشرق والغرب، قبل أن تتحول عنه باكتشاف رأس الرجاء الصالح، وبشق قناة السويس. وقامت فيه المدن والحضارات في تلك المرحلة من الزمن، فإن ما أُقيم على أطرافه اليوم من مراكز حضارية وعواصم ومدن تجارية وصناعية وسياحية، يؤمها التجار والعمال والسواح من كل الأقطار العربية والأجنبية، ليس إلا إحياء لصورة من صور مراحل تألقه التاريخية، إنما بالأسلوب الحضاري الذي يواكب عصر البترول والآلة وينسجم معه.

ويعود حوض الخليج في تشكله إلى التواء طبقات قشرة الأرض التي تشكل قاعه وأطرافه الآن، التواءً بسيطاً إلى الأسفل بين وحدتين رئيسيتين من وحدات البناء الكبرى في قشرة الأرض، هما الدرع العربي في غربه، وكتلة زغروس الالتوائية في شرقه، لذلك بقيت مياهه قليلة الأعماق لا يزيد متوسطها على 100م. وتتصل هذه المياه، الضحلة عموماً، مع مياه خليج عمان العميقة بواسطة مضيق هرمز الذي لا يزيد عرضه على 10كم، ولا يوجد في قاعه ما يعيق الاتصال. وتبقى الأعماق في الجانب الإيراني أكبر نسبياً من أعماق الجانب العربي، كما أن هذه الأعماق تقل تدريجياً من الجنوب إلى الشمال، من 100م إلى 20م، عند مصب شط العرب فيه.

وسواحل الخليج منخفضة عموماً، وهي في الجهة العربية بمثابة رف قاري لكتلة الدرع العربي القديمة التي تؤلف أرض الجزيرة العربية، وقد غمرت المياه البحرية أطراف هذا الرف بعد تحوله إلى سهول حتية. أما في الجانب الإيراني حيث توجد جبال زغروس العالية، التي توازي الساحل ولا تلتقي به إلا في مواقع محدودة، يتحول فيها إلى ساحل صخري على شكل جروف مرتفعة، بينما تبقى الأجزاء الأخرى على شكل سهول ساحلية عريضة. وبسبب ما تقدم من صفات لسواحل ومياه الخليج، تعذرت الملاحة قربها، وأصبح إنشاء الموانئ، وخاصة في الجوانب العربية، صعباً ومكلفاً، وتضطر ناقلات النفط الضخمة إلى الرسو على أرصفة خاصة بعيدة عن الشاطئ عدة كيلومترات، وينتقل النفط إليها بأنابيب تمد تحت الماء.

ومن الصفات الغالبة في سواحل الخليج، كثرة الأخوار (الألسنة البحرية) التي تتوغل في اليابس عدة كيلومترات، خاصة في سواحل الإمارات العربية المتحدة. وقد لعبت هذه الأخوار دوراً مهماً في حياة السكان، فعلى أطرافها المحمية من أمواج البحر، قامت مراكز العمران القديمة والحديثة، مثل دبي والشارقة وعجمان ورأس الخيمة وأم القيوين.

كما أن الحواجز الرملية الطولانية التي تمتد أحياناً بموازاة السواحل العربية بنحو 10كم، والتي تقطعها الأمواج غالباً إلى مجموعات من الجزر الصغيرة، ثم المستنقعات والسباخ، إضافة للشعاب المرجانية والشطوط، هي من الظاهرات الملازمة أيضاً لمعظم سواحل الخليج العربي، وفوق هذه الشطوط يكثر محار اللؤلؤ الذي كان لمدة طويلة مصدراً أساسياً للثروة.

وبسبب العمق القليل لمياه الخليج، كثرت فيه الجزر المتعددة المنشأ، فبعضها تشكل بفعل الإرساب النهري، كالجزر الموجودة في رأس الخليج عند مخرج شط العرب، وأهمها بوبيان، وبعضها تشكل بفعل إرساب التيارات البحرية التي تمر بموازاة السواحل، مثل جزر سواحل الإمارات العربية المتحدة، وبعضها تكون بفعل المرجان، وهي صغيرة وتكثر أمام سواحل قطر والبحرين. أخيراً هناك الجزر التي كونتها العوامل البنائية، مثل جزيرة البحرين وشبه جزيرة قطر الناشئتين عن قبتين التوائيتين متوازيتين.

مياه الخليج رائقة ودافئة، لوقوعه في منطقة حارة ولقلة أعماقه، وكنتيجة لدفء المياه تزداد نسبة الملوحة فيها، وتقل الأسماك في أجزائها السطحية، لتتكاثر في الأعماق. ويسهم شح الأمطار مع قلة ما ينقله الجريان السطحي في الجوانب من مياه حلوة، في رفع نسبة الملوحة. وتتأثر مياه الخليج بظاهرتي المد والجزر اللتين لهما أثر واضح في حركة الملاحة الساحلية، ودخول السفن وخروجها من الموانئ، وفي عمليات صيد السمك بطريقة الحظائر قرب الشواطئ.

أما من حيث تطور الأوضاع السياسية في الخليج، فإن بريطانية كانت قد توصلت خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر إلى الانفراد بالهيمنة على الخليج العربي. إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية، التي أتاحت الحرب العالمية الثانية لها الفرصة لتضع أقدامها في الخليج، تمكنت من تثبيت وجودها فيه على حساب بريطانية، وفتحت بذلك مرحلة صراع جديدة من أجل الهيمنة على خيرات مناطقه المتمثلة بالبترول، محور الحضارة الآلية وقوتها، صراع بدأ ليستمر ويصبح بسمته الأساسية، سمة الهيمنة، في مقدمة الأهداف التي يسعى النظام العالمي الجديد لتحقيقها.

ومن نتائج السياسة الاستعمارية التي كانت السلطات البريطانية تمارسها في الخليج تمشياً مع مبدأ «فرق تسد»، وتطبيقاً لقول وزير مستعمراتها السير ونستون تشرشل: «سأبني دولة عند كل بئر نفط أكتشفه في الخليج».

إن هذه السلطات كانت قد خلفت وراءها، بعد إتمام انسحابها من مناطق الخليج عام 1971 الكثير من المشكلات المرتبطة بالحدود بين دول هذه المناطق، وبملكية بعض الجزر الصغيرة الواقعة في المياه المشتركة بينها. وقد قامت الأقطار العربية بحل معظم هذه المشكلات ودياً فيما بينها، وببذل الجهود للإسراع بحل ما تبقى منها، وهو قليل.

إلا أن مشكلة الحدود بين إيران والعراق من جهة، ثم مشكلة ملكية الجزر الثلاثة، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، بين إيران أيضاً والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى، ولأسباب اقتصادية تتعلق، كما تشير التقارير، بما في هذه الأجزاء المتنازع على حدودها من حقول نفطية، ولما لموقعها عند بوابتي الخليج، الجنوبية بوابة مضيق هرمز إلى أطراف المحيط الهندي، والشمالية بوابة شط العرب إلى بلاد الهلال الخصيب وسواحل البحر المتوسط الشرقية من أهمية استراتيجية، لا زالتا قائمتين حتى اليوم من دون أن يوضع لهما الحل المناسب، لتثارا بين الحين والآخر، وتسببا تعكير صفو العلاقات بين أقطار متجاورة، ما يجمع بينها أكثر مما يفرق، وذلك على الرغم من أن العراق كان قد وافق في المعاهدة التي أبرمها مع جارته عام 1973 على التنازل عن بعض حقوقه في مياه شط العرب، وأن الإمارات العربية المتحدة لم تعد تطالب بأكثر من حل المشكلة عن طريق هيئة الأمم المتحدة.

محمود رمزي 

مراجع للاستزادة:

 

ـ جمال زكريا قاسم، الخليج العربي (القاهرة 1966).

ـ صلاح العقاد، التيارات السياسية في الخليج العربي (القاهرة 1965).

ـ محمود طه أبو العلا، جغرافية شبه الجزيرة العربية (القاهرة 1972).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 889
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 547
الكل : 29652500
اليوم : 32510

أبيا (أدولف-)

آبيا (أدولف - ) (1862-1928)   مصور ومزخرف décorateur ومخرج مسرحي وباحث فني سويسري, ولد في جنيف وتوفي بالقرب من مدينة نيون Nyon. بدأت موهبة أدولف آبيا Adolphe Appia في الرسم والتصوير الزيتي حين كان يتابع دراسته في الموسيقى. وقد أثارت فيه الحفلات الموسيقية والتمثيلية التي كان يحضرها حبه للمسرح. وكانت أعمال فاغنر Wagner هي التي كوّنت ينابيع أفكاره الأولى. إِلا أن تصميمات المشاهد المسرحية لأوبرا «بارسيفال» Parsifal عام 1886, وأوبرا «تريستان وإِيزولد» Isolde und Tristan عام 1888,
المزيد »