logo

logo

logo

logo

logo

الحياة الهوائية واللاهوائية

حياه هواييه ولاهواييه

Aerobiosis and Anaerobiosis - Aérobiose et Anaérobiose

الحياة الهوائية واللاهوائية

 

لمحة تاريخية

الحياة الهوائية aerobiosis والحياة اللاهوائية anaerobiosis تسميات أطلقت قديماً للتمييز بين الكائنات القادرة على الحياة بوجود الهواء (أو الأكسجين قبل اكتشافه) أو غيابه، وذلك للربط بين مفاهيم الروح والتنفس لأن حياة البشر والحيوان كانت ، بالنسبة لها، مرتبطة بحركة القفص الصدري. وقد بقي الأمر كذلك حتى عام 1663 عندما أثبت روبرت هوك Robert Hooke إمكانية استمرار حياة كلب نزعت أضلاعه وحجابه الحاجز شريطة تزويده بالهواء بوساطة منفاخ. وفي القرن الثامن عشر بين بريستلي Priestley أن وضع حيوان في حيّز مغلق يؤدي إلى إفساد الهواء وجعله غير صالح للحياة بسبب استهلاك الحيوان لهواء النار (أي الأكسجين) وطرحه للهواء الحمضي أي غاز ثاني أكسيد الكربون. وفي عام 1780 بيّن لافوازييه Lavoisier أن الأكسجين إنما يستخدم لحرق الهدروجين والكربون في الكائنات الحية لإعطاء ثاني أكسيد الكربون والماء وهو ما يمثل عملية التنفس respiration. كما أظهر أنجنهوز Ingenhusz ، في الفترة نفسها، قيام النبات بمبادلات غازية مماثلة، فيما لاحظ عدد من الباحثين حدوث التخمر fermentation بصفة عامة (وتخمر عصير العنب بصفة خاصة) في غياب الهواء. وفي عام 1860 قام باستور بدراسة التخمر الذي يجري في غياب الهواء و توصل إلى النتائج الآتية:

1ـ يجري التخمر، الذي يحول السكر إلى كحول إيتيلي وغاز ثاني أكسيد الكربون في غياب الأكسجين وبمساعدة خميرة الجعة التي تبقى حيّة وتستمر في تكاثرها في أثناء عملية التخمر.

2ـ يمكن لكمية الخميرة نفسها، وفي زمن أقل، أن تتكاثر بوجود الهواء وتحول كمية أقلّ من السكر إلى غاز ثاني أكسيد الكربون وماء، من دون تجميع للكحول.

3ـ تتمكن بعض الأحياء الدقيقة بمعزل عن الهواء، أي في غياب الأكسجين القاتل لها، من إحداث الاختمار مكونة حمض الزبدة أو حمض اللبن.

4ـ تتمكن بعض الأحياء الدقيقة بوجود الهواء، أي بحضور الأكسجين، أن تحول الكحول الإيتيلي إلى حمض الخل - كما في صناعة الخل - وأن إيقاف التهوية يؤدي إلى موت الكائنات الدقيقة المسؤولة عن هذا التحول.

يستنتج مما تقدم تباين سلوك الكائنات الحية من حيث متطلباتها الأكسجينية وفق مسارَيْ الحياة الهوائية والحياة اللاهوائية.

تصنيف الكائنات الحية وفق متطلباتها الأكسجينية

تم تصنيف الكائنات الحية وفق متطلباتها الأكسجينية في ثلاث مجموعات، هي:

1ـ الكائنات التي تتطلب حياتها وجود الأكسجين، وتسمى بالكائنات الحية الملتزمة بالحياة الهوائية، أو  الكائنات الحية حتمية الحياة الهوائية strict aerobiosis التي تستمد طاقتها الحيوية من أكسدة الكربون العضوي والهدروجين مستخدمة أكسجين الهواء بوساطة أنزيم الأكسيداز ومثالها: الجرثوم الخلي Acetobacter، والبسودو موناس Pseudomonas، وبعض العُصَيّات الكبريتية Thiobacellus، والجراثيم الزراعية Agrobacterium والعالم الحيواني عموماً باستثناء بعض النسج كالنسيج العضلي الذي يتحمل غياب الأكسجين بعض الوقت، بينما تموت الخلايا العصبية إذا ما حرمت من الأكسجين ولو لمدة قليلة.

2ـ الكائنات التي لا تتطلب حياتها وجود الأكسجين، وتسمى بالكائنات الحية حتمية الحياة اللاهوائية strict anaerobiosis التي تستمد طاقتها الحيوية من أكسدة الكربون العضوي والهيدروجين معتمدة إما على طرائق غير ذاتية التغذية المؤكسدة للمركبات العضوية بمعزل عن الهواء كما في أنواع جراثيم الكلوستريديوم Clostridium وجراثيم الغنغرينا Gangrene وجراثيم البروبيون Propionibacter، أو على طرائق ذاتية التغذية كالتركيب الكيمياوي chimiosynthesis المستخدمة للكبريت العضوي كما في الجراثيم الكبريتية، أو التركيب الضوئي المستخدم للكبريت بدل الأكسجين كما في الجراثيم الكبريتية الخضراء Chlorobacteriales والجراثيم الكبريتية الحمراء Thiorhodobacteriales.

3ـ الكائنات المنظمة لحياتها بوجود الأكسجين أو عدمه: وتسمى بالكائنات طوعية أو اختيارية الحياة الهوائية facultative aerobiosis في طليعتها الفطريات والخمائر المستعملة للأكسجين في حال وجوده والمستغنية عنه في حال غيابه، وذلك لامتلاكها طواقم الأنزيمات الهوائية واللاهوائية، إذ تتحمل التفاحة غياب الأكسجين ثمانية أيام، وكذلك الديدان الخيطية المعوية قادرة جزئياً على الحياة الطوعية اللاهوائية.

الأكسجين وتوليد الطاقة الحياتية

الشروط الحياتية لتوليد الطاقة بوساطة الأكسجين: يعدُّ الأكسجين المصدر الأول للطاقة في أغلب الكائنات الحية عن طريق استخدام تفاعلات الأكسدة والإرجاع oxydoreduction. ويمثل الأكسجين الجوي المصدر الرئيس لتوليد الطاقة في الكائنات الحية الملتزمة بالحياة الهوائية الكامنة في جزيئات الأدينوزين ثلاثي الفوسفات أو الأتب (ATP) كما يعد الأكسجين الناتج النهائي مكوناً الماء الأكسجيني المؤكسد والمخرب للبنى الحيوية في بعض الأحيان والذي تفككه أنزيمة الكاتالاز catalase مطلقة الأكسجين في الهواء.

1ـ آلية توليد الطاقة في الأحياء حتمية الحياة الهوائية: يعطل غياب الأكسجين عمل مجموعات  الأنزيم التي تمد بالطاقة الكائنات الحية حتمية الحياة الهوائية،  وتتوقف تفاعلات الأكسدة والإرجاع وتكوين الأتب، ويحرم الكائن من الإمداد بالطاقة، فيموت.

2ـ آلية توليد الطاقة في الكائنات الحية ذاتية التغذية حتمية الحياة اللاهوائية: تستمد هذه الكائنات موادها الأولية من الأغذية العضوية مستعملة في سلسلة النقل الإلكتروني من نمط نوكليوتيد النيكوتين أميد، والفلافوبروتين والسيتوكرومات. كما تكون مستقبلاتها النهائية مثل حمض الحصرم الناتج من عمليات تفكيك الأغذية العضوية والتي تعطي حمض الزبدة أو حمض اللبن وغيره.

3ـ آلية توليد الطاقة في الكائنات الحية غير ذاتية التغذية حتمية الحياة الهوائية: تستمد هذه الكائنات موادها الأولية إما من شوارد موجبة NH4+ بالنسبة لجراثيم النترزة Nitrosomonas وشوارد النترات السالبة NO3- بالنسبة لجراثيم النترجة Nitrobacter، وكبريت الهدروجين بالنسبة لبعض العُصَيّات الكبريتية والحديد والحديدي بالنسبة للعُصَيّات المؤكسدة للحديد.

4ـ آلية توليد الطاقة في الكائنات الحية المنظمة لحياتها بوجود الأكسجين أو عدمه: تملك هذه الكائنات جملاً أنزبمية متنوعة تسمح لها باستخدام الأكسجين الهوائي كما تستعمل مركبات أخرى مرجعة. فهي تستعمل سلسلة السيتوكرومات والسيتوكروم إكسيداز لإرجاع الأكسجين. وتستخدم ألدهيد الخل الناتج من تفكيك الغلوكوز ناتجاً نهائياً.

تحوي جرثومة الإيشيريشيا المعوية Escherichia coli مجموعة متنوعة من الأنزيمات التي تمكّنها من التكيف مع الشروط السائدة: إذ إنها تستطيع أن تحيا بوجود الهواء، أما في غيابه فلديها المقدرة على تحقيق تخمرات مختلفة لبنية وكحولية، كما أنها تقوم باستخدام شاردة الـ NO3- كقابل نهائي في عمليات تضاد النترجة denitrificatin، وبجمع النسيج العضلي في الحيوانات في غياب الأكسجين (حياة لا هوائية) حمض اللبن، فيما تجمع النسج النباتية - في الشروط نفسها - الكحول الإيتيلي، غير أن هذه المواد المتجمعة تؤدي إلى تغيير طبيعة البروتينات مسببة موت الخلايا لدى زيادة تركيزها عن حد معين.

تنظيم استقلاب الأكسجين

بيَّن باستور استهلاك الخمائر في حياتها الهوائية، أي في تنفسها النظامي، كمية قليلة جدا ًمن المداد السكري التنفسي بالمقارنة مع كثرة المداد السكري المستهلك في حالة الحياة اللاهوائية، الممثلة بالتخمر وهو ما يعرف بأثر باستور effect Pasteur الذي يتكرر في جميع الكائنات طوعية الحياة اللاهوائية.

إن الطاقة اللازمة لتأمين الحاجات الحيوية الضرورية تبقى واحدة بغض النظر عن شروط التهوية. إذ إن تفكك جزيئة غلوكوز بحسب التفاعل:

C6H12O6 + 6O2      6CO2 + 6H2O

يحرر 680 كيلو كالوري بينما لا يحرر تفكك الغلوكوز في حالة التخمر الكحولي سوى 30 كيلو كالوري حسب التفاعل:

C6H12O6       2CO2 + 2C2H5OH

هذا ما يفسر استهلاك الكائن الحي لكميات أكبر من السكر في الشروط اللاهوائية. ففي شروط الحياة الهوائية هناك آليات تنظيم تقوم بإبطاء استهلاك الغلوكوز على مستوى تركيب الأنزيمات ومستوى نشاطها، ويتحقق هذا التنظيم في أثناء المرور من الحياة الهوائية إلى الحياة اللاهوائية. ولقد تبين - في مزارع الخميرة - أن خلايا الخميرة الموجودة في قاع المزرعة تعيش حياة لا هوائية بسبب نقص الأكسجين مقارنة مع الخلايا الموجودة على السطح، كما لوحظ أن الميتوكوندريا mitochondries في الخلايا التي تنمو في غياب الهواء تكون قليلة الانتشار وتعاني تراجعاً في نشاط أنزيمات الأكسدة والإرجاع التنفسية، وخاصة أنزيم السيتوكروم أكسيداز. أما الخلايا التي تنمو بوجود الأكسجين فإن الميتوكوندريا تكون أكثر انتشاراً وتحتوي على جميع الأنزيمات اللازمة لحياة الخميرة، أي إن الأكسجين يتحكم إيجابياً بطريقة عمل المورثات المسؤولة عن تمايز القصبات التنفسية.

تتعلق آليات تنظيم عمل الأنزيمات التي تفكك الغلوكوز بتراكيز الأدب ADP والأتب ATP. وهكذا فإن شدة الفسفرة التأكسدية phosphorylation oxydatires في الخلايا التي تحيا بوجود الهواء تتميز بوجود كمية مرتفعة نسبياً من الأتب ATP وكمية ضعيفة من الأدب ADP، بينما في الحياة اللاهوائية وغياب الفسفرة التأكسدية فإن تشكل الـATP لايتم إلا في مرحلة التحلل السكري glycolyse ولا يكفي لحاجة الخلايا، بينما يرتفع تركيز الأدب ADP، أي إن تركيز الأدب ADP  هو عامل التنظيم الدقيق لسرعة تفاعلات الأكسدة الخلوية المتحققة بمساعدة الأنزيمات المتوافرة في الميتوكوندريا. فالتراكيز الضعيفة من الأدب ADP تؤدي إلى أكسدة محدودة النشاط مما يسمح بالاقتصاد بعناصر التنفس، أما في حالة زيادة تركيز الأتب ATP (وهي الحالة السائدة في الحياة اللاهوائية) فيتم تثبيط inhibition نشاط الأنزيمات المحللة للسكر، وخاصة أنزيمة الفسفو فريكتوكيناز phospho-fructokinase، أي إن زيادة الأتب ATP  تحدّ من استهلاك السكاكر

عبد الجبار الضحاك 

مراجع للاستزادة:

 

- H.Curtis & N.S.Barnes, Invitation to Biology. Third Edition (Worth Publisher INC. 1981).

 


التصنيف : علم الحياة( الحيوان و النبات)
النوع : علوم
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 700
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 496
الكل : 31185763
اليوم : 10920

بيكابيا (فرنسيس-)

بيكابيا (فرانسيس ـ) (1879 ـ 1953)   فرانسيس بيكابيا Francis Picabia مصوّر فرنسي، ولد في باريس ومات فيها، وكان أفضل من جسّد روح القطيعة والرفض في تاريخ التصوير في القرن العشرين، وفي عداد روّاد الفن الحديث.  بدأ عهده بالتصوير مصوراً انطباعياً متأخراً شأنه في ذلك شأن كثير ممن سبقوه. تلقى نصائح المصور الفرنسي بيسّارّو[ر] Pissarro الذي التقى به أول مرة في عام 1903، وكان من شأن النجاح الذي أصابه معرضه الفردي الأول الذي أقيم  في عام 1905، والعقد المريح الذي أبرمه جرّاءه مع تاجر اللوحات دانتون بين عامي 1906 و1909، أن يصرفاه إلى التصوير بجدية، و يشجعاه على المضي فيه بحثاً وتجريباً، وكان وقتها مصوراً شاباً يتطلع إلى أن يغدو فناناً متمرداً يرسم لمتعته الشخصية.
المزيد »