درعا (محافظة ومدينة-)
درعا (محافظه ومدينه)
Daraa - Dara
درعا (محافظة ومدينة -)
محافظة درعا محافظة سورية، تقع بين خطي العرض 21 َ 32 ْ شمالاً، وخطي الطــول 40 َ 35 ْ و30 َ 36 ْ شرقاً، تحدها من الشمال محافظة ريف دمشق ومن الجنوب الأردن ومن الشرق السويداء ومن الغرب محافظة القنيطرة. فهي بذلك تقع أقصى جنوب غربي القطر العربي السوري بمساحة تبلغ 3730كم2.
تمتد على الجزء الأوسط والجنوبي من هضبة حوران[ر]، وقد تبدو التسميتان مترادفتين، فأراضي درعا الحالية ما هي إلا أراضي حوران المعروفة منذ القدم.
تتألف أراضي المحافظة من ثلاث مناطق طبيعية هي: اللجاة الصخرية في الشمال الشرقي وحوض اليرموك في الغرب والجنوب، وبينهما السهل الذي يقسم إلى قسمين الجيدور في الغرب والنقرة في الشرق.
مناخها متوسطي شبه جاف، يراوح معدل أمطارها بين 250-300مم سنوياً، وتجود فيها الزراعات البعلية كالقمح والشعير والبقوليات.
بلغ عدد سكانها عام 2001 نحو 800 ألف نسمة، يعمل معظمهم في الزراعة. أهم المدن درعا، وهي مركز المحافظة ونوى وإزرع والصنمين وجاسم.
لمحة تاريخية
سُكنت أراضي المحافظة منذ القدم، وقد عُثر في مدينة درعا على مساكن لإنسان العصر الحجري الحديث (من الألف السادسة إلى الألف الرابعة قبل الميلاد)، وعثر أيضاً على أدواته ومخلفاته التي تدل على ممارسته الزراعة وتربية الحيوان.
والواقع أن أقدم ذكر لأرض حوران يعود إلى رسائل تل العمارنة (القرن 14ق.م)، كما ذكرت في العهد القديم، مما يدل على أن المنطقة كانت عامرة في الألف الثالثة قبل الميلاد.
خزان مياه في محافظة درعا من العهد الروماني |
كان الأموريون أقدم الأقوام التي سكنت أرض حوران، لكن مالبث شأنهم أن اضمحل بعد أن امتدت سلطة الكنعانيين إلى المناطق الداخلية، وحدثت بينهم فتن وحروب حتى ظهر الهكسوس، وانتشروا في المنطقة.
في تلك الأثناء ظهر العبرانيون وانتشروا في أراضي حوران تجاراً ومرتزقة 1250ق.م، ثم مالبثوا أن شكلوا جماعات صغيرة ثم دويلات متفرقة أخذت تهدد المنطقة برمتها فاحتلوا عدداً من مدن حوران وهاجموا عاصمتها درعا (أذرعي)، لكن مملكة دمشق الآرامية وقفت سداً منيعاً دون أطماعهم. وبعد حروب دامت نحو قرنين، عادت حوران لتصبح جزءاً من الدولة الآرامية، إلى أن دمر الآشوريون دمشق عام 732ق.م، واجتاحوا حوران، وجاء بعدهم الكلدانيون ثم الفرس لتصبح حوران جزءاً من الولاية الفارسية الخامسة.
بعد معركة إيسوس الشهيرة عام 333ق.م، أصبحت سورية وحوران جزءاً من امبراطورية الإسكندر المقدوني، وبعد وفاته واقتسام امبراطوريته حكمها السلوقيون، ثم الأنباط بعد انتصارهم على المكابيين والسلوقيين عام 90ق.م، حتى احتل الرومان سورية عام 64ق.م.
في عام 106م، أصبحت حوران جزءاً من الولاية العربية الرومانية وعاصمتها بصرى، وما تزال آثار تلك الحقبة ماثلة للعيان كمدرج بصرى ومعبد الصنمين والجسور الرومانية الحجرية.
وحين انقسمت الامبراطورية الرومانية إلى شرقية (بيزنطية) وغربية، ظلت سورية تحت سيطرة البيزنطيين، وحكمها ولاتهم طول مدة الجاهلية وصدر الإسلام، وقد أدى الغساسنة دوراً مهماً إبان الحكم البيزنطي، وكانت عاصمتهم الجابية غربي قرية نوى اليوم، وظهر منهم ملوك يدينون بالولاء لبيزنطة، وعزز هذا اعتناقهم الدين المسيحي، فكانوا حلفاء للروم ضد الفرس وحلفائهم المناذرة وضد العرب المسلمين الذين ظهروا فاتحين في المنطقة. وإلى الغساسنة ينتسب أهالي حوران اليوم ويفخرون بانتمائهم العربي الأصيل.
وعلى أرض حوران، في الجهة الجنوبية الغربية منها، جرت معركة اليرموك الفاصلة بين العرب المسلمين والروم عام 15هـ/636م، فعسكر عمرو بن العاص قائد الميمنة العربية في المنطقة الممتدة من جنوبي الوادي الزيدي المار بمدينة درعا إلى قرية داعل شمالاً، وإثر المعركة عقد المسلمون صلحاً مع أهلها بعد إخراج الروم منها، ومر بها عمر بن الخطاب حينما زار الشام، وظلت تحت الحكم الراشدي ثم الأموي.
وفي الصراع بين الأمويين والعبـاسـيين، قاتلت حوران في صف الأمويين، وظلت الاضطرابات فيها حتى انتصر العباسيون واسـتتب لهم الأمر عـام 133هـ/750م.
أدت حوران دوراً مهماً في أثناء الحروب الصليبية، إذ شكلت بموقعها جسراً ربط بين دمشق والقاهرة بعد أن حاول الصليبيون قطع الإمداد عن الطرفين، وكانت هدفاً لأطماعهم لحاجتهم إلى محاصيلها. وفي عام 1119م هاجم بودوان الثاني مدينة درعا واحتلها، لكنه لم يتمكن من مدينة بصرى. ويُجمع سائر المؤرخين الذين كتبوا عن حوران في العصور الوسطى مثل ياقوت والإدريسي والإصطخري على أن حوران كانت تتبع دمشق في سائر أحوالها.
ثم أتى العثمانيون عام 1516، وفي عهدهم، ولاسيما أواخره، عانت البلاد عامة عوامل الجمود والتخلف. وفي عام 1880، أصبحت حوران متصرفية مؤلفة من ستة أقضية مركزها المزيريب. وانتعشت المنطقة بعد افتتاح الخط الحديدي الحجازي[ر] عام 1908، ولاسيما درعا، بل نشأ فيها حي جديد يعرف باسم «حي المحطة».
شارك أهالي حوران في الثورة العربية الكبرى، واستقبل الأهالي بعد مدة الملك فيصل بعد معركة ميسلون مغادراً دمشق إلى أوربا، كما تعاونوا مع الحركات الوطنية في دمشق إبان الانتداب الفرنسي، فحاصروا الثكنة العسكرية الفرنسية مدة ثلاثة أيام متوالية حتى اضطروا حاميتها إلى الفرار تحت جنح الظلام.
ثم شهدت المحافظة عهد الاستقلال لتتبوأ حوران مكانتها بين المحافظات السورية تحت اسم محافظة درعا.
مدينة درعا
مركز محافظة درعا وأكبر مدنها، تبعد 3كم عن الحدود الأردنية، وتبعد عن دمشق العاصمة 101كم جنوباً، على درجة عرض 37 َ 32 ْ شمالاً وخط طول
5 َ 36 ْ شـرقاً، عند النهايات الجنوبية لهضبة حوران البازلتية ممتدة على طرفي الوادي الزيدي.
|
مدرج درعا |
لاشك في أن خصوبة التربة وتوافر مصادر المياه هو الذي اجتذب إليها الإنسان وساعده على ممارسة الزراعة والاستقرار فيها منذ القدم. غير أن درعا تدين بأهميتها إلى موقعها أكثر مما تدين إلى ثروتها وغناها، فهي مركز للإنتاج الزراعي ومكان للتبادل التجاري بين البدو والحضر، وهي أيضاً صلة وصل بين المناطق المجاورة لها، وقد اكتسب هذا الموقع أهمية جديدة بسبب موقعه على طريق الحج إلى مكة المكرمة ، وعزز هذه الأهمية تدشين الخط الحديدي الحجازي، الذي ظل يستخدم لأغراض دينية وعسكرية وتجارية حتى أُهمل في النصف الأول من القرن العشرين.
وقد أثر مرور الخط الحديدي الحجازي في عمران المدينة، فقد بدأ العمران قرب محطة القطار بيوتاً لموظفي المحطة، ثم تبع ذلك إقامة سوق تجارية ومبان حكومية تناثرت بين الوادي الزيدي والمحطة فعرف باسم حي المحطة.
ولكن أقدم أحياء درعا هو ما يعرف بالكرك، نسبة إلى مخفر شرطة عثماني كان موجوداً فيه، وهو تل مرتفع تقوم عليه بيوت البلدة القديمة ويحيط به الوادي الزيدي من كل الجهات عدا الجهة الجنوبية، وهذا ما يجعل منه موقعاً طبيعياً حصيناً يصعب اختراقه ويسهل الدفاع عنه في الوقت نفسه. وترجح الآراء أن هذا التل هو الموضع الذي نشأت فيه درعا نشأتها الأولى من خلال الآثار التي عثر عليها فيه، بدءاً من مغاور ومساكن الإنسان الحجري الحديث حتى العصور المتأخرة.
وفي جنوبي الكرك في الجهة التي لا يمر بها الوادي الزيدي، تقع درعا البلد، تمييزاً لها من درعا المحطة، وقد نشأت أحياء جديدة نجمت عن تدفق أبناء الريف المحيط بالمدينة إليها، وجموع اللاجئين الفلسطينيين إثر نكبة 1948، ثم هجرة أبناء الجولان إليها إثر العدوان الإسرائيلي عام 1967، فنجم عن ذلك ازدياد عدد سكان درعا ازدياداً كبيراً، إضافة إلى نسبة النمو السكاني المرتفعة 29.9 بالألف عام 2000، فقد تضاعف عدد السكان خمس مرات في خمسين عاماً حتى بلغ عدد سكانها نحو 826 ألف نسمة عام 2002.
يعمل سكان درعا أساساً بالزراعة، وقد ازدهرت فيها الزراعة المروية للعنب والزيتون والتبغ والخضر، لكن المحصول الأساسي هو الحبوب والبقول التي تزرع بعلاً، كما توجد فيها بعض الصناعات البسيطة المتعلقة بالإنتاج الزراعي، وأُقيمت فيها مؤخراً منطقة صناعية، أُنشئ فيها مصنع للأحذية ومصنع للمعكرونة ومطحنة حديثة.
لمحة تاريخية (درعا)
أصل التسمية كنعاني، وورد اسمها «أتي راعا» في رسائل تل العمارنة. اتخذها الأموريون عاصمة لهم عام 2250ق.م، وسموها أذرعي. وازدهرت المدينة أيام الآراميين، وعندما احتل الفرس سورية كانت درعا مركز مرزبانية، بعدها خضعت لليونان (الإسكندر ثم السلوقيين)، ثم الأنباط حتى قضى الرومان على دولتهم وأعلنوا تأسيس الولاية العربية الرومانية.
اعتنى الرومان بتنظيم المدينة، فبُنيت فيها المعابد والأسواق والمسارح والحمامات والطرق المرصوفة، وقد كشف عن مدرج درعا وحوله أبنية تعود إلى العصر الروماني، أهمها بقايا حمامات على بعد 400 متر جنوب غربي المدرج، كما توجد بقايا قناة صرف مائية وعثر على لوحة فسيفسائية في منطقة الثعيلة غربي درعا.
وتعود إلى عهد الغساسنة قناة ري قديمة هي قناة فرعون، تجر مياه سهل الثريا عبر قرية الشيخ مسكين وقرية شقرا، ثم تمر غرب خربة غزالة وصولاً إلى درعا عند مكان يسمى حمام الملكة في البلدة القديمة في الكرك. كما أصبحت درعا في عهدهم سوقاً تجارية شهيرة تؤمها قوافل شبه جزيرة العرب وما حولها.
أما أقدم شـواهـد العصر الإسـلامي، فهو الجامع العمري الذي بني في صدر الإسـلام، وجرت عليه ترميمـات كثيرة، أبرزهـا في عصـر كمشتكين عام (506هـ/1112م)، ثم في العصر الأيوبي (618هـ/1221م). وفي عهد العثمانيين، أصبحت درعا مركزاً لقضاء النقرة، وفي عام 1918 فتحت أبوابها للجيوش العربية المتجهة إلى دمشق، وشاركت في النضال ضد الانتداب الفرنسي، وفي عهد الاستقلال صارت درعا مركزاً للمحافظة التي سميت باسمها.
صفوح خير
الموضوعات ذات الصلة: |
حوران (سهل ـ).
التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 240
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- صدور المجلد الثامن من موسوعة الآثار في سورية
- توصيات مجلس الإدارة
- صدور المجلد الثامن عشر من الموسوعة الطبية
- إعلان..وافق مجلس إدارة هيئة الموسوعة العربية على وقف النشر الورقي لموسوعة العلوم والتقانات، ليصبح إلكترونياً فقط. وقد باشرت الموسوعة بنشر بحوث المجلد التاسع على الموقع مع بداية شهر تشرين الثاني / أكتوبر 2023.
- الدكتورة سندس محمد سعيد الحلبي مدير عام لهيئة الموسوعة العربية تكليفاً
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 57139128
اليوم : 95529
المجلدات الصادرة عن الموسوعة العربية :
-
المجلد الأول
-
المجلد الثاني
-
المجلد الثالث
-
المجلد الرابع
-
المجلد الخامس
-
المجلد السادس
-
المجلد السابع
-
المجلدالثامن
-
المجلد التاسع
-
المجلد العاشر
-
المجلد الحادي عشر
-
المجلد الثاني عشر
-
المجلد الثالث عشر
-
المجلد الرابع عشر
-
المجلد الخامس عشر
-
المجلد السادس عشر
-
المجلد السابع عشر
-
المجلد الثامن عشر
-
المجلد التاسع عشر
-
المجلد العشرون
-
المجلد الواحد والعشرون
-
المجلد الثاني والعشرون