logo

logo

logo

logo

logo

الدين (فلسفة)

دين (فلسفه)

Religion - Religion

الدين (فلسفة -)

 

يطلق الدين religion عند الفلاسفة القدماء على وضع إلهي يسوق ذوي العقول إلى الخير.

للدين اصطلاحاً عدة معان: فهو مجموعة وقائع تشمل العقائد والطقوس والواجبات والشعائر بذاتها. وهو تدبير المقدس.

والدين مؤسسة اجتماعية لها جانبان أحدهما روحي مؤلف من العقائد والمشاعر الوجدانية والآخر مادي مؤلف من الطقوس والعادات. وتضم أفراداً يتحلون بصفات مشتركة: كقبولهم أحكام الدين، وقيامهم بشعائره، وإيمانهم بقيمه، وحرصهم على توكيد هذا الإيمان وحفظه؛ واعتقادهم أن الإنسان متصل بقوة روحية أعلى منه ومفارقة لهذا العالم أو سارية فيه.

والدين اعتراف بالخوارق والمعجزات والقوى فوق الطبيعة.

أصل الدين تاريخياً

تدل النقوش والرموز التاريخية على قدم ظاهرة الدين، إذ سادت الأشكال البدائية في المجتمعات القديمة كالطوطمية والأنيمية (عبادة الأرواح) والسحر. وتشير الأديان السماوية إلى تلازم ظهور الدين مع ظهور الإنسان على الأرض. أما الفلاسفة والعلماء فيربطون الواقع الديني مع الطبيعة الإنسانية بمفهوميها الفلسفي والنفسي، بغض النظر عن وجود الوحي أو عدمه. ولا ينحصر الدين في جماعة معينة أو أرض محددة أو سلوك فردي، بل يمتد ليشمل الحضارات والمجتمعات والأمم، فهو ظاهرة إنسانية كالفن والعلم والفلسفة والأخلاق، تخضع لعوامل سيكولوجية، بيولوجية، اقتصادية أو اجتماعية؛ لكن الظاهرة الدينية لا يمكن أن تنكشف بما هي عليه إلا حين إدراكها ضمن منظور ديني.

لم يصل البحث عن أصل الظاهرة الدينية في ضوء معطيات علم الأقوام وعلم ما قبل التاريخ إلى حل تاريخي علمي، ولكن دراسة الأديان الحاضرة وبعض الأديان القديمة تمكنت من تحديد زمان ظهور دين معين، ومدى انتشاره، وزواله، وبذلك يظهر شمول الظاهرة الدينية وتنوعها، لكنه لا يفيد في تقييم الدين أو في كشف مصدره السامي.

تأثرت ظاهرة الدين تاريخياً بالاتجاهات الفكرية السائدة، مما عزز الاهتمام بإيجاد مناهج لدراسة الأبعاد الفلسفية والاجتماعية والسيكولوجية للمعتقدات والطقوس، بل ووسائل نقل الأفكار الدينية وفعاليتها.فظهر المنهج المقارن، والمنهج الاجتماعي الوصفي، والمنهج الفيلولوجي المقارن، إذ يصنف المنهج المقارن الأديان:

1- تعددية Polytheism تؤمن بوجود العديد من الآلهة: وهي أديان طبيعية ناتجة عن البحث الإنساني وليست بالوحي: كالهندوسية والبوذية والبراهمانية والطاوية وبعض المذاهب الصينية وأديان قدامى اليونان.

2- ثنائية Dualism تؤمن بوجود مبدأين للعالم، كالزرادشتية وبعض الفرق الغنوصية.

3- توحيدية Monotheism، وهي أديان الوحي الكتابية السماوية: اليهودية والمسيحية والإسلام، التي تؤمن بإله واحد.

4- حلولية Pantheism تؤمن بأن الله والطبيعة هما مظاهر لشيء واحد.

وتمكن دوركهايم[ر]Durkheim ، بالاعتماد على المنهج الاجتماعي الوصفي، أن يعرّف الدين بأنه «علاقة متصورة بين المجتمع والطبيعة»، وذلك في وصفه للأشكال الدينية البدائية- الطوطمية، التي كانت طقوسها تهدف إلى تقوية التضامن الاجتماعي والقبلي، ثم تعاقبت الأشكال الدينية لتصل إلى الشكل الروحي المجرد والأشكال الأكثر تطوراً بما فيه التوحيد الإلهي.

واستطاع ماكس موللر Muller بالرجوع إلى المنهج الفيلولوجي المقارن (فقه اللغة التاريخي والمقارن)، رسم حقبات أساسية ثلاث تعاقبت منذ ظهور الدين حتى الآن، دعا الأولى «الحقبة الطبيعية»، لأنها تأصلت في العلاقات الأولى الناتجة عن خوف الإنسان وضعفه تجاه الطبيعة (الشمس والجبال)، وهي حقبة مليئة بالخرافات والعبادات البدائية والشعوذات السحرية. وفي الحقبة الثانية «الإنسانية»، تتوطد أواصر العلاقات الإنسانية، فيسعى الإنسان إلى إكرام الأقوياء والأبطال، والتعبد للقدماء وتعظيمهم لشعوره بارتباط مصيره بهم. أما في الحقبة الأخيرة «النفسية»، فيتحرر الإنسان من سيطرة القوى المهيمنة على العالم، باللجوء إلى مفهوم إلهي يتجاوز الطبيعة والإنسان معاً. وبهذا الشكل تظهر التقاليد التوحيدية السائدة في العالم المعاصر استمراراً لتلك الحقبة، وهي مشحونة في صميمها بما ترسب فيها من مخلفات خرافية تعود إلى الحقبتين السابقتين. فنجد إلى جانب عبادة الإله الواحد، تعبداً لبعض الأولياء والقديسين، وطقوساً وشعائر تعنى بالسيطرة على بعض العناصر الطبيعية الملازمة لحياة الإنسان.

ويرى تيلور Taylor في «الأنيمية» أصل الشعور الديني. أما فريزر Frazer فيركز على الشعور بالتضامن الذي حدا بالإنسان إلى ممارسات سحرية تحولت فيما بعد، بسبب فشلها، إلى موقف ديني، أي إن فشل السحر، في رأيه، مهد السبيل للدين.

ولم يصمد هذا التصور التطوري للدين أمام انتقادات دير لوفي Dir  luvei ومرسيا إلياد Eliad، وعدّ بسطاً اعتباطياً تعسفياً، كذلك دحضه مايير بقوله: «إن الزعم الذي يستخلص من إكرام الأموات، وعبادة الأقدمين، الاعتقاد بالآلهة الأحياء، هو زعم لا منطقي».

الدين والأخلاق

يتلازم الدين والأخلاق تلازما يتيح القول إن الأخلاق تقوم على الدين، لهذا يعتقد لوك Luck أن الملحد لا أمان له لأنه بلا أخلاق. فالغالبية تقول بأن الأخلاق تبدأ بالدين. ويميل معظم الأنثروبولوجيين إلى نسبة الأخلاق إلى الدين أو إلى الآلهة التي تفرضها وتحافظ عليها وتعاقب على انتهاكها.

ويذهب المدافعون عن استقلالية الأخلاق إلى إثبات أن القواعد الأخلاقية تتشابه في المجتمعات المختلفة التي تختلف فيما بينها المعتقدات الدينية، وكان من الأحرى أن تتشابه لو كان مصدرها واحداً. ومع ذلك يؤكد بعضهم أن الأخلاق قد تأثرت بالدين سيكولوجياً واجتماعياً، فالحضارة الأوربية حضارة مسيحية والحضارة العربية إسلامية، أي إن الدين قد صبغ الحضارة أو أن الحضارة هي نتاج الدين. وبالمقابل يرى المناهضون لهذا الرأي في قيام حضارات كالإغريقية والرومانية والصينية على أسس تتباعد فيها تأثيرات الدين عن الأخلاق دليلاً على أن الأخيرة يمكن أن تقوم بمعزل عن الدين، طالما أن الأخلاق لم تكن في هذه الحضارات السابقة أقل شأنا منها في الحضارة الأوربية المسيحية. ويذهب هؤلاء إلى تأكيد تأثر الدين بالأخلاق وليس العكس، وبدلاً من القول أن الأخلاق انبثقت عن الدين فإنه يبدو أن الدين اصطبغ بالأخلاق وأنتج الأخلاق الدينية العملية، التي تهدف إلى صلاح الفرد والمجتمع.

الدين والفلسفة

تهتم الفلسفة بالموضوعات التي تبحث في معرفة وجود الله، طبيعته، صفاته وعلاقة الله بالعالم؛ كما تبحث في طبيعة الدين نفسه، وطبيعة اللغة الدينية، ودور الإيمان وعلاقته بالعقل. وتتعدد النظريات والمذاهب بتنوع موضوعات فلسفة الدين. فالمذاهب التي تبحث في قضايا معرفة وجود الله، تنقسم إلى مذاهب عرفانية ومذاهب لا عرفانية. تسلّم الأولى بإمكانية معرفة وجود الله أو عدم وجوده، في حين أن اللاعرفانية تنفي ذلك.

وتنقسم المذاهب العرفانية بدورها إلى ثلاث فئات رئيسة: فئة المؤلهين، وفئة الملحدين، وفئة اللأدريين. وتسلّم جميعها بإمكانية معرفة وجود الله أو عدم وجوده، فالمؤله يؤكد معرفة وجود الله فعلياُ، والملحد ينكر ذلك، في حين يدعي اللاأدري بعدم كفاية الأدلة للبرهنة على وجود الله أو عدم وجوده.

وتنقسم فئة المؤلهين العرفانيين بدورها إلى فريقين:

1- فريق يقول بالعقل مصدراً للمعرفة الدينية إضافة إلى الوحي، ويعرف هذا الفريق في الفلسفة باللاهوت العقلي، ويتضمن أيضاً اتجاهين أساسيين: اتجاهاً بعدياً ويعرف باللاهوت الطبيعي ويمثله توما الأكويني[ر] St.Aquinas، واتجاهاً قبلياً ويمثله في العصور الوسطى القديس أنسلم St. Anselm وفلاسفة العصر الحديث أمثال ديكارت Descartes واسبينوزا Spinoza وليبنتز Leibniz وهيغل Hegel، حتى أن له أنصاراً في الوقت الحاضر: تشارلز هاترشورن البريطاني ونورمان مالكولم. وقد عارض هذا الاتجاه كنت Kant ورَسل Russell.

2- فريق لا يعترف سوى بالوحي مصدراً لهذه المعرفة الدينية.

أما فئة الملحدين، فهي أيضاً تتفرع إلى اتجاه قبلي واتجاه بعدي. يهدف الأول البرهنة على الاستحالة المنطقية لوجود الله، لعدم التوفيق منطقياً بين بعض الكمالات المتضمنة في مفهوم الله. وهذا ما سعى إليه هولباخ Holbach في نقده للدين، وكذلك الفيلسوف الإنكليزي المعاصر جون فندلي Findlay في محاولته لدحض البرهان الأنطولوجي عند أنسلم وغيره والذي صار يعرف بالدحض الأنطولوجي  ontological disproof.

ويهدف الاتجاه الثاني : الإلحادي البعدي لدحض وجود الله عن طريق اللجوء إلى أدلة تجريبية، كواقعة الشر. وهذا ما فعله هيوم Hume وبعض الموسوعيين وجون ستيوارت مل J.S.Mill. وهو ينحل إلى موقفين أساسيين، موقف يعد وجود الشر دليلاً كافياً منطقياً لدحض وجود الله، وموقف يعد وجود الشر دليلاً قوياً، ولكن ليس دليلاً منطقياً كافياً، لدحض وجود الله.

أما المذهب اللاعرفاني، فيمثله الوضعيون المناطقة الذين عرفوا بجماعة ڤيينا[ر]. وقد انتقدوا الدين والميتافيزيقة، ودحضوا قضاياها بإخضاعها لمبدأ التحقق التجريبي، المبدأ الذي ظهر مع هيوم، وترسخت أسسه وقواعده مع الذرية المنطقية عند فتغنشتين[ر] Wittgenstein، ومن ثم عند رسل.

وقد حاول أنصار الموقف الصوفي والإيماني أمثال كارل بارث Barth وذرائعية وليم جيمس[ر] James دحض هذا الموقف بالرجوع إلى تأويل التجربة الدينية، من منطلق أن التجربة الصوفية عرفانية، تؤلف أساساً مباشراً لمعرفة وجود الله.

الدين الطبيعي naturalistic religion

الدين الطبيعي هو اصطلاح أطلق في القرن الثامن عشر على الاعتقاد بوجود الله وخيريته وبروحانية النفس وخلودها وبإلزامية فعل الخير من جهة ما هو ناشئ من وحي الضمير ووحي العقل.

وبخلاف الديانات الكتابية والكهنوتية، لا يؤمن الدين الطبيعي بالبعث والحساب، ولكنه لا ينكر فكرة الألوهية كلية، إنما يفسرها على أساس إحلال الإله الطبيعي محل الإله فوق الطبيعي. ويرد الدين الطبيعي الخير إلى المواهب البشرية والتراث الثقافي للإنسانية أو إلى الثراء المتنوع للطبيعة التي تعتمد عليها حياة الإنسان، وهنا يظهر الإنسانيون المتدينون الذين يتعبدون الإنسانية أمثال لودفيغ فيورباخ Feurbach وأوغست كونت Conte في القرن التاسع عشر، وجون ديوي Dewey وإريك فروم Wrum في القرن العشرين. وهؤلاء يقدسون الجوانب المثالية في الإنسان الطامحة إلى الحق والخير والجمال.

فالدين عند فيورباخ هو حلم إنساني بأن الإنسان قد صار إلهاً، أو أنه وعي الإنسان بجزئه اللامتناهي، وهو وسيلته في التفكير في نفسه بطريقة مثالية. والدين عند كونت إنسي بطقوسه وتقويمه وصلواته، فهو يشرح أصل الدين نفسياً وينزع عنه كل أصالة محولا إياه إلى نشاط دنيوي. وبالاعتماد على نظريته المعرفية وقانون المراحل الثلاثة يبين كونت أن الإنسان كان بالتتابع لاهوتياً في طفولته، ميتافيزيقياً في شبابه، وفيزيقياً في كهولته، بمعنى أنه في المرحلة اللاهوتية يتصور الظواهر على أنها ناتجة عن فعل مباشر ومستمر من قبل مصادر فائقة للطبيعة، وهذا هو تعدد الآلهة الذي يفسح في المجال للتوحيد الإلهي ويبقي على مصدر واحد فائق للطبيعة. هكذا يولد الدين ويسميه كونت «اللاهوت». فالمنطق الذي يقضي بحتمية وجوده في بدء المعرفي يقضي أيضا بزواله في نهايتها لصالح المعرفة العلمية الوضعية وحدها. وهو دين يتضمن عبادات وعقائد وصلوات وأسرار، لكنه دين من غير الله،إذ حلت البشرية مكان الآلهة الأقدمين.

أما ديوي فلم يحرص على تشكيل ديانة طبيعية منظمة تنظيم ديانة كونت، لارتباط الطقوس والتنظيمات في ذهنه بالطقوس والتنظيمات فوق الطبيعية التي كان يرفضها. لكنه فرّق بين الدين والصفة الدينية للتجربة، وقال أن الصفة الدينية وحدها شيء له معنى، وأننا نعي مثلنا ومطامحنا العليا بالتجربة الدينية وأن الله ليس إلا غايات مثالية وقيماً يخلص المرء إخلاصاً كاملاً

ويرى هكسلي Huxley أن الدين تعبير عن انشغال الإنسان بمصيره، ومصدر للعالم بما يحقق تعبئة الإنسان لانفعالاته للتآلف مع العالم كما يتصوره، والدين بهذه الصفات لازم للإنسان، لكن الديانات فوق الطبيعية لا تصلح للإنسان الحديث في ضوء التقدم العلمي، ومن ثم يتصور هكسلي ديانة يقيمها على أساس مما يسميه الطبيعة التطويرية Evolutionary Naturalism وهي فلسفة تقول بالصيرورة الخلاقة وبتطور الحياة نحو مستويات أعلى، وتنيط بالإنسان الدور الأكبر من خلال تطبيقه لذاته على مشكلات الحياة بهدف بناء مجتمع متجانس مستقر[ر. التطورية].

الدين والعلم

لم تظهر مشكلة التعارض بين الدين والعلم إلا في القرن التاسع عشر، وإن كانت إرهاصات هذا التعارض قد بدأت قبل ذلك في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وعانى منها علماء من أمثال كوبرنيكوس Copernicus وغاليليو Galileo.

فقد ظهرت محاولات كثيرة تسعى لرد ظاهرة الدين إلى عوامل لا دينية، نفسية، بيولوجية، اقتصادية أو اجتماعية، ينشأ عنها ويتقلص فيها، وعدوها كسواها من الظواهر الاجتماعية لها أسبابها في التكوين الاجتماعي والثقافي للجماعات الإنسانية، أو في التكوين النفسي لأفراد النوع البشري، وقد تبلورت هذه المحاولات في ثلاثة تفسيرات رئيسية، توصف بأنها علمية، هي التفسير الماركسي الذي وضعه كارل ماركس وردّ به كل الإيديولوجيات بما فيها الدين إلى أسباب اقتصادية، وعدّ علاقات الإنتاج أو طريقة حصول المجتمعات على وسائل عيشها هي البناء التحتي أو القاعدة التي ينهض عليها البناء الفوقي ذو الأفكار السياسية والقانونية والدينية والأخلاقية والجمالية التي تعد أشكالا للوعي الاجتماعي. فالإنسان هو الذي يصنع دينه، ويبني أيديولوجية دينية، ليست وليدة عواطف قدسية، كما يزعم فيورباخ، بل هي بنية فوقية تفرزها بنية تحتية هي العلاقة الاقتصادية وما يرافقها من مبادلات وامتيازات ظالمة.

والتفسير الثاني هو التفسير الاجتماعي الذي قدمه إميل دوركهايم وفسّر به ظاهرة تعدد الأديان وتطور الأفكار الدينية بتعدد المجتمعات وتطورها، وربط بين الهيكل الديني والهيكل الاجتماعي، وقال إن المجتمع يؤله نفسه في الدين. وأن مصدر الفكر الديني هو الاجتماعي أي أن الدين يجد في المجتمع أصله وموضوعه معاً. أما الله، فهو المجتمع في قالب رمزي: «ليست الألوهة غير المجتمع المتحول الشكل... وليست الآلهة سوى الأهداف الجماعية المشخصة».

والتفسير الثالث هو التفسير الفرويدي نسبة إلى سيغموند فرويد Freud، ويبرر به الاعتقاد في الدين إلى ميل طفولي في الإنسانية إلى النكوص إلى صورة الأب في الطفولة المختزنة في اللاشعور، كلما واجهت الفرد مشكلات التكيف مع البيئة، إذ يربط فرويد التديّن عند الإنسان بعلاقة بيولوجية مع الفاقة المزمنة عند الطفل الصغير وحاجته الدائمة إلى الرعاية، فيرى أن جذور الحاجة الدينية تتأصل في العقدة الأهلية، وليس «الله» موضوع الإيمان سوى بديل نفسي عن الأب.

ويتجه الرأي بين العلماء واللاهوتيين إلى الفصل بين الدين والعلم، ويحتج بعضهم بأن الفن والأخلاق لا يتعارضان مع العلم، ذلك لأن العلم ميدان بحث في وقائع وتحصيل معارف بينما الفن والأخلاق ليسا كذلك. واتجه بعضهم من أمثال بريثويث Braithwaite ومايلز Meilz إلى عدّ الدين كالفن والأخلاق، وأنه مجموعة من القصص والأمثال تهدف إلى استمالة الناس إلى الأخذ بأسلوب معين في الحياة وتبني تشريعات معينة، أو إلى أن تسلك في الحياة سلوكاً أخوياً agapeistic behaviour كما يسميه بريثويث، فإذا كان الدين كذلك فإنه لا يمكن أن يتعارض مع العلم، بيد أن من العلماء مثل أرنغتون Arnegton من يعدّ النظريات العلمية زمانية وأنها قابلة للتغيير والتطوير، وأن ما ترفضه اليوم من أفكار الدين قد تسلّم به غداً.

سوسن بيطار 

الموضوعات ذات الصلة:

الأخلاق ـ دوركهايم.

مراجع للاستزادة:

ـ إسماعيل، محمد الحسيني، الحقيقة المطلقة، الله والدين والإنسان (القاهرة 1995).

ـ فيورباخ، أصل الدين، دراسة وترجمة أحمد عبد الحليم عطية (المؤسسة الجامعية للدراسات، بيروت 1991).

ـ علي سامي النشار، نشأة الدين: النظريات التطورية والمؤلهة (مركز الإنماء الحضاري، حلب، سورية 1995).

- G. L.Abernuthy & T. A. Langford, Philosophy of Religion (Macmillan Co. , New York, 1962).

- Kai Nielsen, Contemporary Critiques of Religion (Macmillan, New York 1971).

- D. Z.Philips, Religion and Understanding, Basil Blackwell (Oxford 1967).

 


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : دين
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 563
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 479
الكل : 31656722
اليوم : 11304

لينا (فينو)

لينّا (ڤَينو ـ) (1920ـ 1992)   ڤَينو لينّا Väinö Linna، روائي وكاتب مقالات، يُعدُّ الأكثر تأثيراً وشهرة في الأدب الفنلندي بعد الحرب العالمية الثانية. ولد في بلدة أوريَلا Urjala في وسط فنلندا، وتوفي في مدينة تَمْبِره Tampere. كان والده عاملاً في المسلخ المحلي وكانت والدته عاملة زراعية، وهو الابن السابع لعائلته. تعلّم في المدرسة العامة مدة ست سنوات، ثم عمل في مهن مختلفة في البلدة والمزارع المجاورة إلى أن سافر في عام 1938 إلى مدينة تمبره الصناعية الكبيرة حيث عمل في معامل النسيج، وكان يمضي أوقات فراغه في المكتبات العامة يقرأ الأدب الفنلندي والمترجم والتاريخ.
المزيد »