logo

logo

logo

logo

logo

ديوقليسيان

ديوقليسيان

Dioclétien - Dioclétien

ديوقليسيان

(نحو 245-316م)

 

اسمه الكامل: غايوس أوريليوس فالريوس ديوكليتيانوس C.Aurelius Valerius Diocletianus (يرد ذكره في بعض المصادر العربية باسم دقلديانوس) أحد أعظم الأباطرة الرومان، اشتهر بإصلاحاته الكبيرة التي فتحت عصراً جديداً في التاريخ الروماني وأدت إلى قيام إمبراطورية الروم البيزنطية في الشرق، كما شهد عهده آخر وأعنف حملات الاضطهاد ضد المسيحية.

ولد نحو عام 245م (أو 243) في بلدة سالونا Salone الدلماتية (سبليت Split في كرواتيا اليوم) لأسرة بسيطة من أصل إيلِّيري، وعرف أولاً باسم ديوكليس Diocles ثم اتخذ اسمه الذي اشتهر به بعد ارتقائه العرش.

امتهن الجندية وأظهر مقدرة وكفاءة كبيرة، أوصلته إلى قيادة الحرس الإمبراطوري ومن ثم إلى قمة السلطة، حين نادى به الجيش إمبراطوراً في مدينة نيكوميديا في آسيا الصغرى (تركيا اليوم) في عام 284م بعد مقتل الإمبراطور نوميريان Numerianus في ظروف غامضة.

كانت الفوضى السياسية والعسكرية تسود الإمبراطورية الرومانية آنذاك، ومنذ أكثر من خمسين سنة تقلب على سدة الحكم فيها ثلاثون إمبراطورا، لم يمت منهم على فراشه إلا واحداً فقط، كما كانت تعاني من تهديد القبائل الجرمانية في الغرب والإمبراطورية الفارسية الساسانية في الشرق والنزعات الانفصالية لشعوب الإمبراطورية.

كان على ديوقليسيان أن يوطد حكمه أولاً ويتغلب على الإمبراطور كارينوس Carinus شقيق نوميريان وشريكه في الحكم، فخاض معه معركة ضارية قرب بلغراد انتهت بمقتله على أيدي جنوده، وبذلك صار ديوقليسيان سيد الإمبراطورية بلا منازع في صيف عام 285م. وبدأ العمل على إصلاح أوضاعها المتردية وإعادة فرض سلطة الأباطرة وهيبتهم، فوجد أن الإمبراطورية باتت أكبر من أن يحكمها رجل واحد، وهكذا أصدر عام 286م مرسوماً يقضي بأن تكون السلطة العليا في يد إمبراطورين يحمل كل منهما لقب أوغسطس Augustus، يحكم أولهما - وهو ديوقليسيان - شطرها الشرقي، أما الشطر الغربي فأناط إدارته بصديقه مكسيمليان Maximilianus، وقد اختار كل منهما بعد ذلك (عام 293م) مساعداً ووريثاً يحمل لقب «قيصر» Caesar، يحل مكانه بعد وفاته أو تركه الحكم، وذلك لضمان استمرار السلطة وإبعاد الجيش عن سياسة تنصيب الأباطرة وخلعهم، وهكذا نشأ نظام «الحكم الرباعي» المعروف باسم تترارخيا Tetrarchia، الذي بقيت بموجبه الإمبراطورية كلاً موحداً، ولكنها قسمت إدارياً بين الحكام الأربعة، الذين تجمعهم روابط أسرية ودينية وثيقة: فقد تبنى ديوقليسيان مساعده غالريوس Galerius وزوّجه ابنته، مثلما فعل زميله مكسيمليان مع نائبه كونستانيتوس. ولتأكيد أولويته وزعامته في الحكم الرباعي، اتخذ ديوقليسيان لقب يوفيوس lovius الذي يربطه بكبير الآلهة ورب الأرباب جوبيتير[ر].

أما في الشأن الإداري فقسمت الإمبراطورية إلى أربعة أقاليم كبرى هي: غاليا وإيطاليا وإيلّيريا والشرق، وضعت تحت إشراف الإمبراطورين والقيصرين، يضم كل منها 3 دوقيات Dioeceses تنقسم بدورها إلى عدد من الولايات وصل تعدادها إلى (101) ولاية، وبذلك تقلص حجم الولايات السابقة وصارت تدار بمزيد من الدقة والإحكام. وقد فقدت إيطاليا بهذا النظام مكانتها المتميزة وقسمت ولاية سورية إلى عدد من الولايات الصغيرة.

كما أجرى ديوقليسيان إصلاحات عسكرية جذرية كانت تهدف إلى إعادة النظام والانضباط للجيش الروماني، وزيادة أعداده وكفاءته القتالية فقسمه إلى: جيش حدودي يضم القوات المحلية، وجيش ميداني عامل قادر على التحرك بسرعة إلى المناطق الثائرة أو المهددة، واهتم كذلك بالحدود والخطوط الدفاعية فزاد من تحصينها وتقويتها، وخاصة في بادية الشام وجعل من تدمر أحد أهم مراكزها.

ومن إصلاحاته في المجال الداخلي، أنه حد من امتيازات طبقة الشيوخ وفصل السلك العسكري عن المدني، وأصبحت القوانين تصدر بمراسيم إمبراطورية، كما صار الإمبراطور يعين القناصل، وتم تحديد سلطات رئيس الحرس البريتوري. وكان من نتيجة كل ذلك أن ازدادت أعداد الموظفين زيادة كبيرة فتنامت البيروقراطية وزادت أعباء الخزينة، مما استدعى إحداث ضرائب جديدة على الأشخاص والأرض الزراعية كان يتم تحديد مقدارها كل (15) سنة في دورة ضريبية عرفت باسم أندقطية (Indictio)، ولم تعد إيطاليا مستثناة من ضرائب العقارات التي كانت معفاة منها في السابق.

كما حاول ديوقليسيان إصلاح الأوضاع الاقتصادية المنهارة بمجموعة من الإجراءات، فاهتم بإصلاح النقد الذهبي والفضي الذي تدهورت قيمته نتيجة الفوضى السياسية والعسكرية، وأوجد نقداً برونزياً للتعامل اليومي، ووزع دور السكة وزاد عددها.

ومن أبرز إصلاحاته الاقتصادية مرسومه الشهير المعروف «بقانون الأسعار» Edictum de Pretiis الذي أصدره عام 301م، وحدد فيه أسعار مئات السلع والأجور والخدمات لمنع الاستغلال والاحتكار، ولكنه لم يحقق الأهداف المرجوة.

أما عن سياسته الدينية، فإنه كان من أشد أنصار الديانة الرومانية القديمة، ولذلك تصدى للعبادات الجديدة وعلى رأسها المسيحية، التي رأى فيها تهديداً للوثنية وللنظام السياسي والاجتماعي القائم، فأصدر في عامي 303/304م أربعة مراسيم قادت إلى حملات دموية ضد المسيحيين الذين عانوا - وخاصة في الشرق - من أقسى أنواع الاضطهاد الذي ذهب ضحيته آلاف الشهداء، حتى أوقفت حملات الملاحقة في مرسوم ميلانو الشهير عام 313م.

كذلك اشتهر ديوقليسيان بمشروعاته العمرانية الضخمة ومنها تشييده أكبر حمامات روما والتي حملت اسمه، كما بنى قصراً كبيراً في مسقط رأسه سالونا يعد من أشهر وأضخم القصور الرومانية. وتنسب له كثير من المنشآت المدنية والعسكرية التي أقامها في أنطاكية وغيرها من المدن السورية.

وأخيراً اضطره المرض للانسحاب من الساحة السياسية فتخلى فجأة عن جميع سلطاته عام 305م، وأجبر زميله مكسيمليان على الاستقالة أيضاً، فتسلم الحكم من بعدهما القيصران، ولكن نظام الحكم الرباعي بدأ يتصدع بعد غياب صانعه وتجدد الصراع على السلطة والذي تمخض عن انتصار الإمبراطور قسطنطين وإعادة توحيد الإمبراطورية تحت زعامته.

أما ديوقليسيان فأمضى بقية عمره في قصره حتى موته عام 316م، ورفض كل النداءات للعودة مجدداً إلى السلطة وعرش الإمبراطورية التي حكمها على مدى عشرين سنة حاول فيها إنقاذها من الفوضى والمخاطر التي كانت تحيق بها ووضع لها دستوراً رسخ فيه الحكم المطلق للأباطرة النابع من الحق الإلهي وحولها إلى ملكية استبدادية مع كافة مظاهر الأبهة الشرقية المعروفة من البلاط الفارسي.

محمد الزين 

الموضوعات ذات الصلة:

تدمر ـ الرومان ـ الساسانيون ـ قسطنطين الكبير.  

مراجع للاستزادة:

ـ م. روستوفتزف، تاريخ الإمبراطورية الرومانية الاجتماعي والاقتصادي (القاهرة 1961).

ـ السيد الباز العريني، الدولة البيزنطية (بيروت 1982).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 583
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 629
الكل : 31664399
اليوم : 18981

ذوات التنفسين

ذوات التنفسين   ذوات التنفسين Dipnoi (وتسمى أيضاً الأسماك الرئوية lung fishes) رتبة من صفيف لحميات الزعانف Sarcopterygii صف الأسماك العظمية Osteochthyes. تعيش في المياه العذبة، وتتميز بقحف وهيكل قليلي التعظم، وبصفائح سنية ساحقة تُمَكِّنها من التغذي بأصداف الرخويات. زعانفها الزوجية متطاولة ذات شكل فصي يدعمها محور لحمي قليل التعظم. أنفها يتصل بالخارج بفتحة خارجية، وبالجزء الأمامي من سقف التجويف الفموي بفتحة داخلية، ويغطي جسمها حراشف عظمية سميكة تميل لأن تكون دائرية الشكل تغطيها طبقة ثخينة من مادة تشبه ميناء الأسنان تسمى الصَدَفين cosmine.
المزيد »