الآخر
اخر
The other - L'autre
الآخر
يُعَّد وجود الآخر أو«العقول الأخرى» other minds من أهم المشكلات الفلسفية عموماً ومشكلات نظرية المعرفة على وجه الخصوص. وقد عالجها عدد كبير من الفلاسفة ووضعوا حلولاً لها.
والحل التقليدي هو ما يسمى بالقياس أو ببرهان المماثلة. فما ذلك البرهان؟ تعتمد الصورة العامة للبرهان على المبدأ التالي: إِذا وَجد أن ظاهرة (أ) رافقت ظاهرة (ب) فيمكن الاستنتاج استنتاجاً ترجيحياً أن أية ظاهرة مشابهة للظاهرة (أ) سترافق ظاهرة مشابهة للظاهرة (ب). أما ما يتعلق بمشكلة وجود الآخر فيمكن القول: إِنه لمّا كنت ألاحظ وجود ترافق بين حالاتي العقلية من جهة وسلوكي والحالة الفيزيائية لجسدي من جهة أخرى, ولمّا كنت ألاحظ وجود أجساد أخرى مشابهة لجسدي وأن لها سلوكاً مشابهاً لسلوكي, فإِني حينئذ سأكون محقاً في الاستنتاج, عن طريق المماثلة, أنه توجد حالات عقلية مشابهة لحالاتي العقلية مرتبطة بتلك الأجساد وبالطريقة نفسها التي ترتبط بها حالاتي العقلية بجسدي.
ذلك هو برهان المماثلة الذي اعتمده الفلاسفة التقليديون للقول بوجود الآخر.
أما الفلاسفة المعاصرين من فلاسفة التحليل اللغوي وفلاسفة الوجودية فقد رفضوا برهان المماثلة. لقد وجّه إِليه فلاسفة التحليل اللغوي انتقاداً شديداً. وانتهى فتغنشتاين Wittgenstein وبعده ستراوسون Strawson إِلى رفضه بعدّه غير صحيح مع تأكيدهما أن سلوك الآخرين وحالاتهم العقلية ليست علاقة جواز contingent بل هي علاقة منطقية. أما الآخرون, أي الوجوديون فقد أثبتوا وجود الآخر إِثباتاً وجودياً ديالكتيكياً. وفيما يلي أهم الاعتراضات على برهان المماثلة:
يقال من الوجهة الإِحصائية إِن البرهان ضعيف, لأنه يقوم على أساس واحد هو تجربتي أنا, أي تجربة شخص واحد, ومن الوجهة النفسية يقال إِن هناك فروقاً فردية مهمة بين خصائص الأجساد الأخرى وسلوكها, وسلوك جسدي أغفلها أصحاب برهان المماثلة, فقد يقابل تلك الفروق وجود حالات عقلية عندي وغيابها عند الآخرين. ومن الوجهة المنطقية يقال إِن من المستحيل امتحان نتيجة البرهان امتحاناً منطقياً.
لقد أكد الوجوديون وجود الآخر وجوداً أنطولوجياً- ديالكتيكياً. فالآخر متناقض مع الأنا منطقياً ومتعارض معها أنطولوجياًًًًً. ويذهب سارتر إِلى حدًّ يقول فيها: «الآخر هو الجحيم» ويقصد بذلك, أن الآخر عقبة في طريق حريته, أي حرية الأنا, وتضييق لمجال اختياراته.
أما هَيْديغر Heidegger فقد قدم أهم معالجة أنطولوجية لمشكلة الآخر, ويقول في كتابه «الوجود والزمان» إِن وجود الإِنسانية هو«الأنية» أي «الوجود هناك» أي الوجود في العالم بالمعنيين المكاني والأنطولوجي, والآخرون هم دائماً معي وأنا أشاركهم في العالم. العالم هو «عالم مع» والإِنسان الموجود يعيش في وضعٍ منفتح دائماً يدخل فيه الآخرون. فوجود الآخرين هو بالنسبة إِلى «الأنا» وجود أصيل.
«الأنا» هي «وجود مع ...» بصورة دائمة, حتى في حالة العزلة يظل «الأنا» وجوداً مع الآخرين.
يقول الشاعر إِيليا أبو ماضي:
خِلْتُ أني أصبحت في القفر وحدي
فإِذا الناس كلّهم في ثيابي
حيدر حاج إِسماعيل
الموضوعات ذات الصلة: الفلسفةـ الوجوديةـ سارتر. |
مراجع للاستزادة: -P.F.STRAWSON, lndividuals( London 1959). -NORMAN MALCOLM, Knowledge of Other Minds, Journal of Philosophy, Vol 55 (1958). |
التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 536
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- الأستاذ طارق علوش في ذمة الله
- إعلان
- الدكتور فيصل العباس في ذمة الله
- صدر المجلد السابع من موسوعة العلوم التقانات
- صور من الجناح الخاص بالموسوعة العربية في معرض الكتاب
- نشرت صحيفة الثورة بعددها الصادر بتاريخ 2/2/2016 مايلي
- التقت الثورة الدكتور محمود حمود رئيس موسوعة الآثار في سورية ومدير آثار ريف دمشق لتقلب معه صفحات عدة حول موسوعة الآثار السورية. فكان اللقاء التالي:
- دور النشر والمكتبات المعتمدة لتوزيع الموسوعة العربية
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 16417990
اليوم : 15471
ذوات التنفسين
ذوات التنفسين ذوات التنفسين Dipnoi (وتسمى أيضاً الأسماك الرئوية lung fishes) رتبة من صفيف لحميات الزعانف Sarcopterygii صف الأسماك العظمية Osteochthyes. تعيش في المياه العذبة، وتتميز بقحف وهيكل قليلي التعظم، وبصفائح سنية ساحقة تُمَكِّنها من التغذي بأصداف الرخويات. زعانفها الزوجية متطاولة ذات شكل فصي يدعمها محور لحمي قليل التعظم. أنفها يتصل بالخارج بفتحة خارجية، وبالجزء الأمامي من سقف التجويف الفموي بفتحة داخلية، ويغطي جسمها حراشف عظمية سميكة تميل لأن تكون دائرية الشكل تغطيها طبقة ثخينة من مادة تشبه ميناء الأسنان تسمى الصَدَفين cosmine. المزيد »المجلدات الصادرة عن الموسوعة العربية :
-
المجلد الأول
-
المجلد الثاني
-
المجلد الثالث
-
المجلد الرابع
-
المجلد الخامس
-
المجلد السادس
-
المجلد السابع
-
المجلدالثامن
-
المجلد التاسع
-
المجلد العاشر
-
المجلد الحادي عشر
-
المجلد الثاني عشر
-
المجلد الثالث عشر
-
المجلد الرابع عشر
-
المجلد الخامس عشر
-
المجلد السادس عشر
-
المجلد السابع عشر
-
المجلد الثامن عشر
-
المجلد التاسع عشر
-
المجلد العشرون
-
المجلد الواحد والعشرون
-
المجلد الثاني والعشرون