logo

logo

logo

logo

logo

ابن سكرة الهاشمي (محمد بن عبد الله-)

سكره هاشمي (محمد عبد الله)

Sukkarah al-Hachimi (Mohammad ibn Abdullah-) - Sukkarah al-Hachimi (Mohammad ibn Abdullah-)

ابن سُكرة الهاشمي (محمد بن عبد الله-)

(… ـ 385هـ/… ـ 995م)

 

أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي البغدادي، من ولد علي بن المهدي بن المنصور الخليفة العباسي، شاعر مشهور، عُرف  بابن رائطة أو رابطة، كان من وجهاء عصره، ينوب في نقابة الهاشميين في بغداد، ويفصل في بعض القضايا التي ترفع إليها. وكان على صلة بالخلفاء والوزراء والقادة وأعيان زمانه.

أجمع كل من ذكره على أنه شاعر بغداد، وأشاد بإجادته وفصاحته ورقته وإبداعه، وأخذوا عليه إغراقه في المجون والسّخف والتصريح بذكر العورات،ونبهوا على موهبته وظرفه وجودة طبعه وخفة روحه. ومع علوّ مكانته ورفعة نسبه، اتجه نحو الخلاعة والمجون، لأن سوقهما كانت رائجة في أيامه، وأعانه على ذلك إقبال العامة والخاصة على شعر المجون، إقبالاً ظاهراً، أغرى عدداً من الشعراء بسلوك هذه الطريقة قبله وفي أيامه وبعده. وقد اقترن اسمه باسم شاعر آخر، فاقه في السّخف والمجون، هو ابن الحجاج، حتى قيل في بغداد: إن زماناً جاد بابن سُكّرة وابن الحجاج لسّخي جداً، وما أشبهما بجرير والفرزدق في عصريهما.

شعر ابن سكرة غزير كثير، وديوانه يربي على خمسين ألف بيت، منها في قينة سوداء يقال لها «خمرة» أكثر من عشرة آلاف بيت. لكن ديوان شعره ضاع، ولم يحرص عليه أهل الأدب لكثرة الفحش فيه، ولم يبق من شعره إلا نتف قليلة، وردت في كتب الأدب والتراجم والتاريخ.

إن النظر فيما وصل من شعر ابن سكرة يفضي إلى أنه كان يحوي موضوعات مختلفة وأغراضاً متباينة، ولم يكن مقتصراً على السخف والمجون فقط، ففيه مدح جيد للخلفاء والأمراء والأصحاب، وفيه إخوانيات تظهر علاقته الحسنة بأهل عصره، وفيه شكوى من الزمان والفاقة، وتحسر على ما فاته من أعراض الدنيا، ومع أنه كان ذا يسار وسعة، فقد جارى معارضيه بإظهار التفاقر ومعاناة الخصاصة، حتى ظن بعض الدارسين أنه كان فقيرا ًمحتاجاً. وفي شعره إعلان للتوبة والندم على ما اقترفه من آثام القول والفعل، إضافة إلى بعض الحكم المبثوثة في ثنايا شعره، وهذه كلها موضوعات جادّة، اشترك فيها مع شعراء عصره، وهي ظاهرة في شعره، تردّ الانطباع السائد عنه، الذي كرره أصحاب الكتب في ترجمته والإشارة إليه.

أما الأغراض التي غلبت على شعره، فهي الهجاء والغزل والخمر والمجون والسخف والمزاح الثقيل والملح والنوادر. فقد هجا البخلاء والشعراء وغيرهم، وذم المدن، واتبع في هجائه طرائق الهجاء المعروفة من نزع الفضائل عن المهجو وإلصاق الرذائل به، إلى الفحش والرمي بالموبقات، وانتهاء بالسخرية التي طبعت هجاءه بطابعها، فكان يرسم للمهجو صورة نفسية وجسدية مشوهة، ويضخم عيوبه، حتى يضحك الناس منه، ويسقط بينهم، فكان هجاؤه لاذعاً، يتقيه النابهون من القوم. وأما غزله فمتباين مختلف، بعضه يتسم بالرقة والعفة وإظهار المعاناة، وبعضه الآخر يحمل صور مغامراته مع النساء، وهو يمزج غزله الصريح بوصف الخمر ومجالسها وسُقاتها وعُدّتها وأثرها في شاربيها، وبدا في هذا الجانب من شعره أنه عاش للمجون والخلاعة واللهو، ليس له شأن في حياة الناس الأخرى. ويؤذي مجونه وسخفه ومزاحه الثقيل المتلقي ويصدمه، ولو راعى مكانته ونسبه وحق الموهبة التي رزقها، لابتعد عن هذا الشعر، ولكنه كان مقبولاً في عصره، وعُد ّمن الظرف أو التظارف الذي يريح الناس من عناء الحياة، ويخفف تجهمها، ويبعدهم عن همومها ومشكلاتها.

كان أسلوب ابن سُكرة سهلاً متيناً، يحمل جمال الحضارة ورقتها، وقوة الطبع وسلامة اللغة والأداء، يدل على ثقافة واسعة عند صاحبه، تظهر في الاقتباس والتورية والإفادة من التراث وفي براعة الاحتجاج للرأي، لذلك ظهر شيء يسير من الصنعة في شعره، وخاصة في تشابيهه البديعة وصوره الغريبة الدالة على جموح الخيال وعلى التدبر في تكوينها وبنائها.

فابن سكرة شاعر كبير من شعراء القرن الرابع الهجري، جمع الموهبة والثقافة وانغمس في أحوال عصره، ولو وصل ديوانه كاملاً، أو صنعت منه مختارات بعيدة عن المجون، لكان له صورة أخرى عند أهل الأدب، ولظهرت مكانته في مسيرة الإبداع الشعري العربي.

من شعره قوله:

ويـومٍ لا يـقاسُ إلـيه يـوم

      يـلوحُ ضـيـاؤه مـن غـيـر نــار 

أقمنـا فيـه لـلذّاتِ سُوقـا

      نبـيــعُ العـقـلَ فـيهـا بالعـُقار

وقوله:

ورد البشيرُ بما أقـرّ الأعُـينا

      وشفى النفوسَ فتلك غاياتُ المُنى

وتقاسمَ الناسُ المسرّة بينهم

      قـِسماً فكان أجلهـم حـظـاً أنـا

 محمود سالم محمد

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ الثعالبي، يتيمة الدهر، تحقيق مفيد قميحة (دار الكتب العلمية، بيروت 1938).

ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق إحسان عباس (دار صادر، بيروت 1978).

ـ الصفدي، الوافي بالوفيات، تحقيق مجموعة  المعهد الألماني للدراسات الشرقية (بيروت).


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 14
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1037
الكل : 56527485
اليوم : 35141

إيلوار (بول-)

إيلوار(بول-) (1895-1952)   بول إيلوار Paul Éluard  شاعر وكاتب فرنسي ولد في بلدة سان دُني Saint-Denis  بالقرب من باريس كان والده محاسباً وكانت والدته خيّاطة. أصيب إيلوار في صباه بالسل مما حال بينه وبين متابعة دراسته النظامية، فاعتمد على المطالعة في تثقيف نفسه. خلال الحرب العالمية الأولى خدم إيلوار في مستشفى ميداني وأصيب بتسمم غازي. وانحاز إلى الذين يرفضون القيم الزائفة في عالم يتحكم فيه العنف بعد أن شاهد ويلات الحرب وعانى من آلامها، فغيّر عنوان ديوانه الأول من «الواجب»  (1916) Le devoir إلى «الواجب والقلق» (1917) Le devoir et l` inquiétude، ثم نشر غير آبه للرقابة ديوان «قصائد من أجل السلم» (1918) Poèmes pour la paix. وقد قربته تجربة الحرب إلى الحركة الدادئية[ر] DadaÎsme الثائرة على القيم الموروثة ثم إلى الحركة السريالية[ر] Surréalisme. قام إيوار برحلة طويلة إلى شرق آسية وشارك بصورة فعّالة عام 1930 في المؤتمر العالمي للكتاب الثوريين الذي انعقد في مدينة خاركوف Charkov السوفييتية. وقد انعكست المسائل الاجتماعية السياسية لتلك المرحلة ممزوجة بحياة الشاعر العاطفية المضطربة في دواوين عدة، مثل: «الموت من عدم الموت» (1924) Mourir de ne pas mourir و«عاصمة الألم» (1926) Capitale de la douleur و«الحب، الشعر» (1929) L’Amour, la poésie، و«الحياة المباشرة» (1932) La vie immédiate الذي تضمن موقفه النقدي من الحركة الشعرية ووظيفة الشعر الاجتماعية، وكذلك في ديوان «الوردة العامة»  (1934) La rose publique الذي ضم آخر أشعاره السريالية. ساعدت الدادئية والسريالية بتجاربهما إيلوار على تكوين لغته الخاصة. المتحررة من التقاليد الشعرية السائدة ومن المعاني المتداولة. ومن أعماله المشتركة مع السرياليين كتاب «الحَبَل بلا دَنَس» (1930) L’Immaculée conception الذي أعده مع أندريه بروتون[ر]A. Breton والذي تلا تجارب الكتابة التلقائية والاستماع إلى الأحلام، وألقى إيلوار بمناسبة معرض فني سريالي في لندن عام 1936 محاضرة عن «البداهة الشعرية» L’Evidence poétique ركز فيها على بداهة ارتباط الشاعر بحياة الناس العامة وبحريتهم. وبمناسبة انعقاد معرض باريس العالمي عام 1937 ألقى إيلوار محاضرة مهمة بعنوان «مستقبل الشعر» L’avenir de la poésie. انضم إيلوار عام 1927 إلى الحزب الشيوعي منطلقاً من محاولة السرياليين التوفيق بين الشعر الطليعي وإرادة التغيير الثوري، ولكن صعوبة تقيده بتعليمات ونظام الحزب جعلته يبتعد عنه دون التوقف عن متابعة كفاحه في سبيل تحرير الشعوب. فقد ناهض حرب الريف Rif الاستعمارية في المغرب ونظم قصيدته «تشرين الثاني/ أكتوبر»  (1936) Octobre مندداً بالعنف، ودعم الجمهوريين الإسبان في قصيدته الشهيرة «نصر غيرنيكا» (1937) La victoire de Guernica، وقد متنت هذه المرحلة النضالية الروابط بين الشاعر والشعب. وفي الحرب العالمية الثانية في فرنسة انضم إيلوار إلى المقاومة السرّية ضد الاحتلال النازي وأسهم في ازدهار «دار نشر نصف الليل» Editions de minuit السريّة. وقد صدر له في هذه المرحلة مجموعة «شعر وحقيقة» (1942) Poésie et vérité التي اكتمل بها تطوره، ثم مجموعة «إلى الملتقى الألماني» (1944) Au rendez-vous allemand التي ضمت قصائده المنشورة تحت أسماء مستعارة. وبعد تحرير فرنسة من الاحتلال تابع إيلوار كتابة مجموعة «قصائد سياسية» (1948) Poèmes politiques و«درس أخلاقي» (1949) Une Leçon de morale متغنياً بمستقبل الإنسانية وبتغلب الفضيلة. وآخر دواوينه هو «طائر الفينيق» (1951) Le Phénix الذي انتقل في قصائده من موضوع الحب الفردي إلى الأفكار الاجتماعية والإنسانية. وقد توفي الشاعر بسبب نزلة صدرية في باريس. تمتع إيلوار بشعبية واسعة لقربه من الجماهير ولشعوره بشعورها، وقد جعلته موضوعات ولغة قصائده أحد أهم شعراء فرنسة.   زكي عروق   الموضوعات ذات الصلة:   الأدب الفرنسي، الدادئية، الرمزية، السريالية.   مراجع للاستزادة:   - A. MINGELGRÜN, Essai sur L’évolution esthétique, de Paul Eluard Peinture et Langage,  (Lausanne, L’Age d’homme 1977). - L. KITTANG , Paul Eluard (Lettres modernes 1969). - L. PERCHE, Eluard (Ed. Universitaires 1964). - Paul Eluard , Numéro spécial d’Europe (nov1962). - R. JEAN, Paul Eluard, par lui-même (Le Seuil 1968).  
المزيد »