logo

logo

logo

logo

logo

الشابي (ابوالقاسم-)

شابي (ابقاسم)

Al-Shabbi (Abu al-Qasim-) - Al-Shabbi (Abu al-Qasim-)

الشابي (أبو القاسم ـ)

(1324 ـ 1353هـ/1906ـ 1934م)

 

أبو القاسم بن الشيخ محمد بن أبي القاسم الشابي، ولد بحي الشَّابِّيّة بتوزر في تونس، وهو أكبر أبناء أبيه الذي كان يعمل في القضاء، مما أتاح له فرصة التنقل معه في شتى البلاد التونسية، وبعد إتمام تعليمه الابتدائي مع أبيه التحق بجامع الزيتونة طلباً للعلم، وكان في تونس كالأزهر في مصر. وفي أثناء إقامته في تونس مات أبوه فعاد إلى مسقط رأسه ليحمل مسؤولية تربية الأسرة وكفالتها، ثم تزوج، ولم يمضِ سنة على زواجه حتى أصيب بداء تضخم القلب، وظهر أثر ذلك في شعره إذ قال:

سأعيش رغم الداء والأعداء

          كالنسر فوق القمة الشماء

وعلى مقاعد الدرس ظهرت عبقريته في إبداع الشعر، فنشرت له الصحف التونسية إبداعه الشعري، وقد أحدث دوياً في الأوساط الثقافية العربية والتونسية، بجدته، وجاوز حدود تونس إلى (أبولو) صحيفة الإبداعيين (الرومانسيين). وسبب إعجاب الناس به أنه صقل موهبته بالمطالعة، وطبيعة الطور التاريخي، وغلبة التيار الإبداعي فيه على الشعر.

وكان الشابي ذا نزعة رومانسية تقوم على الخيال، والتعلق بالمثال، والتصوير الفني، وطابع الحزن، والشعور بمرارة الحياة، وغربتها، وتقوم على شعور الفرد بنفسه، وهذا مثال تتحقق فيه أغلب خصائص المدرسة الرومانسية. ومما قاله في كتابه «مذكرات الشابي»:

«ها أنا أنظر، فإذا أصحابي المتوفون يعودون إلى الحياة ثانيةً كأجَلِّ وأجملِ ما عرفتهم أول مرة، وإذا نفسي تمثل معهم فصول الحياة الغابرة التي مثلناها بالأمسِ، وطوتها الدهور.

وتنسى متاعب العيش وأحزان الحياة، وتحسبُ أنها مازالت تلك النفس التي عرفتها بالأمس مضحاكة فرحة كَقُبَّرةِ الحقول، وتنسى أنها أصبحت غريبة بين أشباح لا يفهمونها، وحيدة بين أنصاب جامدة، تحركهم بواعث المادة، وشهوات الجسد، بعيدة جداً عن ذلك الملأ السعيد الذي عرفته في عهد الماضي، والذي ضربت بينه وبينها صروف الحياة، فاندفع في سبيل الخلود، فظلت ها هنا وحدها تعذبهم وترثيهم».

إّن هذه القطعة النثرية تجسد قوة خياله في لقاء أصحابه الموتى الذين عادوا في أبهى صورة، وتكشف عن شعوره بالغربة إذ تغير الناس من حوله، ولم يتغير، على حزن شديد مما افتقده، وألمٍٍ بغيض مما يحيط به من الناس الذين صاروا أشباحاً لا حقيقة لهم عند الوقيعة، وأصناماً جامدة لا تسمع، ولا ترى، ولا تشعر، في حياة تشبه المسرح، وفي عودة الموتى إلى ما كانوا عليه قبل الموت، فكأنه يقول: لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع، وكأنه يرى أن الحياة مسرح وأدوار كما كان يراها شكسبير في تاجر البندقية، على غير معرفة له باللغة الأجنبية.

ومن شعره الرومانسي قوله:

أَظَلّ الوجودَ المساءُ الحزين

          وفي كفِّهِ مِعْزَفٌ لا يُـبيـنْ

وفي ثغـرهِ بَسَماتُ الشّجون

          وفي طَرفهِ حسراتُ السنينْ

ففي شعره تلتقي أضداد الحياة على غلبة الألم والحزن والسواد، وتقييد القافية بأنين النفس، والبسمة تصافح الحسرة، والحاضر يغلب الماضي، والمعنوي المجرد يراه مجسماً في الثغر والعين، وهو في آثاره الشعرية والنثرية يشبه ما جاء به الأديب جبران خليل جبران مما يؤكد قوة تأثير الثقافة والواقع معاً.

تلك صورة من نثره، وهذه لوحة من شعره، وفيهما حقيقة الشاعر النفسية ورؤيته الفنية.

وله ديوان شعر، وكتب وأبحاث أو محاضرات، وهي:

ديوان شعر بعنوان: أغاني الحياة، وكتاب الخيال الشعري عند العرب، وفيه يرد آراء الشيخ محمد الخضر حسين في كتابه: الخيال في الشعر العربي؛ كما ذهب عبد السلام المسدي، وله أيضاً رسائل الشابي إلى أدباء عصره؛ كالشاعر علي ناصر بحلب، وأحمد زكي أبو شادي وعلي محمود طه بمصر، ومحمد الحليوي، ومصطفى خريّف من تونس، وغيرهم، وله مسرحية «السكير» ذات فصلين، ورواية: في المقبرة، والهجرة المحمدية، وهي محاضرة ألقاها في نادي الطلاب بتوزر بمناسبة الهجرة النبوية 1351هـ، وشعراء المغرب الأقصى، وجميل بثينة. ومجموعة أعماله الكاملة مطبوعة، وهي لا تحمل كل ما أبدعه الشابي.

عبد الكريم حسين

 

 مراجع للاستزاده:

 

ـ عبد السلام المسدي، أبو القاسم الشابي في ميزان النقد الحديث (نشر وتوزيع مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله، تونس، 1996م).

ـ معجم المؤلفين التونسيين (دار الغرب الإسلامي، ط1، بيروت، 1404هـ/1984م).

ـ أبو القاسم محمد كرو، أبو القاسم الشابي: حياته وشعره (الشركة التونسية للتوزيع، 1973م).


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 492
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1731
الكل : 52790348
اليوم : 44636

إيلوار (بول-)

إيلوار(بول-) (1895-1952)   بول إيلوار Paul Éluard  شاعر وكاتب فرنسي ولد في بلدة سان دُني Saint-Denis  بالقرب من باريس كان والده محاسباً وكانت والدته خيّاطة. أصيب إيلوار في صباه بالسل مما حال بينه وبين متابعة دراسته النظامية، فاعتمد على المطالعة في تثقيف نفسه. خلال الحرب العالمية الأولى خدم إيلوار في مستشفى ميداني وأصيب بتسمم غازي. وانحاز إلى الذين يرفضون القيم الزائفة في عالم يتحكم فيه العنف بعد أن شاهد ويلات الحرب وعانى من آلامها، فغيّر عنوان ديوانه الأول من «الواجب»  (1916) Le devoir إلى «الواجب والقلق» (1917) Le devoir et l` inquiétude، ثم نشر غير آبه للرقابة ديوان «قصائد من أجل السلم» (1918) Poèmes pour la paix. وقد قربته تجربة الحرب إلى الحركة الدادئية[ر] DadaÎsme الثائرة على القيم الموروثة ثم إلى الحركة السريالية[ر] Surréalisme. قام إيوار برحلة طويلة إلى شرق آسية وشارك بصورة فعّالة عام 1930 في المؤتمر العالمي للكتاب الثوريين الذي انعقد في مدينة خاركوف Charkov السوفييتية. وقد انعكست المسائل الاجتماعية السياسية لتلك المرحلة ممزوجة بحياة الشاعر العاطفية المضطربة في دواوين عدة، مثل: «الموت من عدم الموت» (1924) Mourir de ne pas mourir و«عاصمة الألم» (1926) Capitale de la douleur و«الحب، الشعر» (1929) L’Amour, la poésie، و«الحياة المباشرة» (1932) La vie immédiate الذي تضمن موقفه النقدي من الحركة الشعرية ووظيفة الشعر الاجتماعية، وكذلك في ديوان «الوردة العامة»  (1934) La rose publique الذي ضم آخر أشعاره السريالية. ساعدت الدادئية والسريالية بتجاربهما إيلوار على تكوين لغته الخاصة. المتحررة من التقاليد الشعرية السائدة ومن المعاني المتداولة. ومن أعماله المشتركة مع السرياليين كتاب «الحَبَل بلا دَنَس» (1930) L’Immaculée conception الذي أعده مع أندريه بروتون[ر]A. Breton والذي تلا تجارب الكتابة التلقائية والاستماع إلى الأحلام، وألقى إيلوار بمناسبة معرض فني سريالي في لندن عام 1936 محاضرة عن «البداهة الشعرية» L’Evidence poétique ركز فيها على بداهة ارتباط الشاعر بحياة الناس العامة وبحريتهم. وبمناسبة انعقاد معرض باريس العالمي عام 1937 ألقى إيلوار محاضرة مهمة بعنوان «مستقبل الشعر» L’avenir de la poésie. انضم إيلوار عام 1927 إلى الحزب الشيوعي منطلقاً من محاولة السرياليين التوفيق بين الشعر الطليعي وإرادة التغيير الثوري، ولكن صعوبة تقيده بتعليمات ونظام الحزب جعلته يبتعد عنه دون التوقف عن متابعة كفاحه في سبيل تحرير الشعوب. فقد ناهض حرب الريف Rif الاستعمارية في المغرب ونظم قصيدته «تشرين الثاني/ أكتوبر»  (1936) Octobre مندداً بالعنف، ودعم الجمهوريين الإسبان في قصيدته الشهيرة «نصر غيرنيكا» (1937) La victoire de Guernica، وقد متنت هذه المرحلة النضالية الروابط بين الشاعر والشعب. وفي الحرب العالمية الثانية في فرنسة انضم إيلوار إلى المقاومة السرّية ضد الاحتلال النازي وأسهم في ازدهار «دار نشر نصف الليل» Editions de minuit السريّة. وقد صدر له في هذه المرحلة مجموعة «شعر وحقيقة» (1942) Poésie et vérité التي اكتمل بها تطوره، ثم مجموعة «إلى الملتقى الألماني» (1944) Au rendez-vous allemand التي ضمت قصائده المنشورة تحت أسماء مستعارة. وبعد تحرير فرنسة من الاحتلال تابع إيلوار كتابة مجموعة «قصائد سياسية» (1948) Poèmes politiques و«درس أخلاقي» (1949) Une Leçon de morale متغنياً بمستقبل الإنسانية وبتغلب الفضيلة. وآخر دواوينه هو «طائر الفينيق» (1951) Le Phénix الذي انتقل في قصائده من موضوع الحب الفردي إلى الأفكار الاجتماعية والإنسانية. وقد توفي الشاعر بسبب نزلة صدرية في باريس. تمتع إيلوار بشعبية واسعة لقربه من الجماهير ولشعوره بشعورها، وقد جعلته موضوعات ولغة قصائده أحد أهم شعراء فرنسة.   زكي عروق   الموضوعات ذات الصلة:   الأدب الفرنسي، الدادئية، الرمزية، السريالية.   مراجع للاستزادة:   - A. MINGELGRÜN, Essai sur L’évolution esthétique, de Paul Eluard Peinture et Langage,  (Lausanne, L’Age d’homme 1977). - L. KITTANG , Paul Eluard (Lettres modernes 1969). - L. PERCHE, Eluard (Ed. Universitaires 1964). - Paul Eluard , Numéro spécial d’Europe (nov1962). - R. JEAN, Paul Eluard, par lui-même (Le Seuil 1968).  
المزيد »