logo

logo

logo

logo

logo

المسرع الاقتصادي

مسرع اقتصادي

Accelerator - Accélérateur

المسرع الاقتصادي

 

مصطلح المسرع الاقتصادي هو ذات ما يعرف بالمعجّل، أو نظرية «معجل الاستثمار» أو «المتسارع» أو «مبدأ التسارع» أو «نظرية التسارع» أو كما يُطلق عليه «مبدأ التسريع أو التعجيل» the acceleration principle.

ينطوي مفهوم المسرع الاقتصادي على أن أي تغير بالزيادة أو النقصان في الناتج القومي أو في الاستهلاك أو في مبيعات المنشآت الصناعية أو الزراعية يؤدي بالضرورة إلى تغير مضاعف (±) في الطلب على الاستثمار أو الطلب على التجهيزات الرأسمالية.

فحسب هذا المبدأ، ليس الإنتاج القومي هو الذي يؤثر في الاستثمار. وإنما الذي يؤثر في مستوى الاستثمار هو التغير (∆) في هذا الناتج القومي أو التغير في الاستهلاك أو التغير في مبيعات المنشآت الصناعية أو الزراعية، ذلك لأن زيادة إنتاج السلع الصناعية لتلك المنشأة مثلاً تتطلب زيادة في الطلب على التجهيزات الرأسمالية التي تحتاج إليها هذه المنشأة من أجل تلبية زيادة الطلب على إنتاجها السلعي. وعلى هذا الأساس أطلق بعض الاقتصاديين على هذا المبدأ اسم «نظرية الطلب الاستثماري».

المنظور التاريخي للمسرع الاقتصادي

كان أول من اقترح نظرية التسارع في صورتها الكاملة جون موريس كلارك في مقال نشر عام 1917 بعنوان «تسارع الأعمال وقانون الطلب - عامل فني في الدورات الاقتصادية». ويتلخص مبدأ التسارع الذي شرحه كلارك بما يأتي: «إذا ازداد الطلب على السلع الاستهلاكية فإن هذه الزيادة من شأنها أن تحدث زيادة على البضائع الرأسمالية المنتجة لهذه السلع الاستهلاكية».

وقد حاول كلارك في مقاله هذا أن يظهر أولاً: أن هناك علاقة خاصة وفنية بين الطلب على السلع الاستهلاكية والطلب على التجهيزات الرأسمالية اللازمة لإنتاج هذه السلع. وثانياً: أن هذه العلاقة الفنية قابلة لأن تُستخدم ليس فقط في تفسير طبيعة الطلب على التجهيزات الرأسمالية الجديدة، بل أيضاً في إظهار السبب في أن الطلب على رأس المال أو على التجهيزات الرأسمالية أعنف تقلباً من الطلب على البضائع الاستهلاكية. وقد حلّل كثيرون من الاقتصاديين مبدأ كلارك هذا منذ أن نشر مقاله التاريخي وصقلوه واستعملوه في تفسير التقلبات في الدورات الاقتصادية[ر] لكثير من النشاط الاقتصادي.

آلية مبدأ التسارع الاقتصادي

يمكن توضيح آلية التسارع باستعمال الرموز والمعادلات الرياضية البسيطة وبعض الأمثلة الافتراضية: فرمز الدخل (Y) يدل على الناتج القومي النهائي، والرمز (K) يدل على كمية رأس المال الضروري توافره للوصول إلى الناتج، وتسمى العلاقة الفنية المفترض وجودها بين مستوى معين من الناتج وبين كمية رأس المال اللازم، نسبة رأس المال إلى الناتج capital - output ratio أو معامل رأس المال، وسيرمز إلى هذه النسبة بالحرف (A) فتتكون بذلك المعادلة الآتية:

وإذا افترض عدم حصول تغير في الشروط التقنية لمؤالفة عناصر الإنتاج في سبيل إنتاج ناتج معين، وبقيت معدلات الفائدة في هذه الحالات ثابتة، فإن زيادة الناتج بعد الوصول إلى نقطة استعمال الطاقة الموفورة بكاملها - ستحتاج إلى تجهيزات رأسمالية إضافية بالقدر الذي تدل عليه نسبة رأس المال إلى الناتج (أو بقدر معامل رأس المال)، وإذا افترض ثبات هذه الشروط، فإن النسبة الحدية لرأس المال إلى الناتج  (والتي تسمى the marginal capital-output ratio تتساوى مع النسبة الوسطيـة لرأس المال إلى الناتج ، وعليه فإن المعادلة الآتية تعبر عن وضع تساوي النسبة الحدية والنسبة الوسطية لرأس المال إلى الناتج:

إذن فإن:

وهي المعادلة التي تبيّن النسبة الحدية لرأس المال إلى الناتج، والتي تعني التغير في موفور رأس المال الواجب توفيره لإنتاج وحدة إضافية من الناتج القومي.

إلا أن التغير في موفور رأس المال (∆K) هو بحكم التعريف ذات ما يعرف باسم صافي الاستثمار المسبب في الاقتصاد بمجموعه، والذي يُرمز إليه بـ (In) وهو الاستثمار الواجب الحصول عليه من أجل توفير الزيادة في طلب المستهلك، وهذا يعني أن In = ∆K وبالتعويض تصبح المعادلة رقم 3 على الشكل الآتي:

ويُطلق على المعادلة (رقم 4) معامل التسارع the acceleration coefficient، والتي تعني نسبة زيادة الاستثمار الصافي اللازم لتوفير الزيادة في الإنتاج القومي.

ويمكن أن يستخلص مما تقدم أعلاه ناحيتان مهمتان: الأولى أن النسبة الحدية لرأس المال إلى الناتج (المعادلة رقم 3) تتساوى مع معامل التسارع، على افتراض أن جميع العوامل الأخرى المؤثرة في الاستثمار تبقى ثابتة. والثانية أن من المعادلة رقم (4) يمكن التوصل إلى معادلة الاستثمار الصافي وهي:

 DY x A = In(المعادلة رقم 5)

وتوصف المعادلة رقم (5) بأنها التعبير الجبري النظامي لمبدأ التسارع، لأنها تبين وجود معامل (A) إذا ضرب بتغير الناتج القومي فإنه بذلك يعطي مستوى الإنفاق الاستثماري الصافي الجديد اللازم لمؤلفة التغير في الناتج القومي، فإذا ازداد الناتج القومي في فترة زمنية معينة بمقدار ليرة سورية واحدة، وأن معامل التسارع هو (3-1)، فيبلغ بذلك الاستثمار الصافي اللازم زيادته نحو 3 ليرات سورية من أجل مؤالفة الزيادة في الناتج القومي.

آلية التسارع والنمو الاقتصادي

فترة الدخل

موفور رأس المال

الناتج النهائي أو الإنتاج

الاستثمار الإحلالي

أو طلب التبديل

الطلب على

رأس المال

الطلب الكلي

على رأس المال

1

300.00

100.00

30.00

0.00

30.00

2

330.00

110.00*

30.00

30.00

60.00

3

346.50

115.50**

33.00

16.50

49.50

4

346.50

110.50

34.60

0.00

34.60

الجدول (1) مبدأ الأثر التسارعي والطلب على الاستثمار بافتراض أنزيادة الطلب النهائي على السلع المصنعة في المنشألأة 10% زيادة الطلب النهائي (الإنتاج) على السلع المصنعة هي 5%

يبين الجدول (1) وبدقة آلية مبدأ التغيير الجبري النظامي وتأثيره في النمو الاقتصادي.

سيفترض هنا أن صناعة ما يبلغ إنتاجها من السلع النهائية 100 وحدة في فترة الدخل الأولى حسـب هذا الجدول، وأن نسبة رأس المال إلى الناتج (أو معـامل التـسارع) في هذه المنـشأة الصناعية هي (3-1)، مما يعني أنها تحتاج إلى 300 وحدة من رأس المال لإنتاج 100 وحدة من تلك السلع الصناعية لهذه المنشأة، كما يفترض أن العمر الوسطي لوحدات رأس المال هو 10 فترات دخل، بحيث إن طلب التبديل العادي للتجهيزات الرأسمالية يبلغ 30 وحدة في فترة الدخل. فإذا بقي مستوى الإنتاج ثابتاً في فترة الدخل الأولى، فلن يكون من الضروري التوسع في حجم الطاقات الرأسمالية لهذه المنشأة. وبذلك يكون الاستثمار محدوداً في نطاق الاستثمار الإحلالي (أو الطلب البديل)، وهو ذلك القدر من الاستثمار اللازم في تلك الفترة والبالغ 30 وحدة، ليحلّ محل الأصول الرأسمالية التي استهلكت في العملية الإنتاجية.

فإذا توقعت هذه المنشأة الصناعية زيادة في الطلب على إنتاج سلعها، وهي تعمل بطاقاتها الإنتاجية كلها، فهذا يستلزم منها زيادة تجهيزاتها الرأسمالية لمواجهة الزيادة في الطلب على إنتاج سلعها، وسيفترض هنا أن هذه الزيادة هي في حدود 10%، مما يعني أن الوحدات المنتجة من الناتج النهائي ستزداد بمقدار 10 وحدات في فترة الدخل الثانية (ليصل مجموع وحدات الإنتاج إلى 110 وحدات)، الأمر الذي يتطلب 30 وحدة إضافية من رأس المال، لأن معامل التسارع هو (3-1). لذا، فإن الطلب على البضائع الرأسمالية سيزداد في فترة الدخل الثانية بمقدار 100%؛ فبعد أن كان الطلب الكلي على رأس المال في حدود 30 وحدة في فترة الدخل الأولى ازداد ليصل إلى 60 وحدة في فترة الدخل الثانية (30 وحدة استثمار إحلالي و30 وحدة استثمار جديد).

أما إذا افترض أن الطلب على الناتج النهائي في فترة الدخل التالية (أي فترة الدخل الثالثة حسب هذا الجدول) سيزداد بمقدار 5% وهي زيادة، من دون شك، ولكن بمعدل متناقص، فإن الناتج النهائي هذا سيزداد في تلك الفترة بمقدار 5.5 وحدات إضافية (ليصل مجموعه إلى 115.5 وحدة) مما يتطلب بدوره 16.5 وحدة إضافية من رأس المال لمؤالفة زيادة هذا الطلب، فيصل بذلك الطلب الكلي على رأس المال نحو 49.5 وحدة (33 وحدة استثمار إحلالي و16.5 وحدة استثمار جديد). وهذا يدل على أن الطلب على رأس المال الجديد قد هبط من 30 وحدة في فترة الدخل الثانية إلى 16.5 وحدة في فترة الدخل الثالثة. وإذا استقر الطلب على الناتج النهائي في فترة الدخل الرابعة عند مستواه فسيتوقف عندها الطلب على رأس المال الجديد.

ويستنتج من كل هذا، وعلى مستوى الاقتصاد بمجموعه، أن الإنفاق الاستثماري الصافي الجديد (In) لا يستمر إلا إذا استمر تزايد الطلب على الناتج النهائي، فإذا استمر هذا الطلب على الناتج بمعدلات متزايدة في الفترات الزمنية المتتابعة، ازداد معه الإنفاق الاستثماري الصافي الجديد (In)، وهذا يعني أن اقتصاد هذا البلد ينعم في فترة انتعاش اقتصادية. أما إذا استمر تزايد الطلب على الناتج النهائي بمعدلات أقل من الفترات السابقة، فهذا يعني أن الطلب على رأس المال الصافي الجديد سيبدأ بالتناقص أو قد ينعدم، الأمر الذي يدل على أن فترة الانتعاش الاقتصادي التي كان ينعم بها هذا الاقتصاد قد قاربت نهايتها، وبدأت تظهر علائم الانكماش أو الركود الاقتصادي لهذا البلد.

ومن ناحية ثانية، فإن العلاقة بين تزايد الطلب على الناتج النهائي ومستوى الاستثمار التي بينها مبدأ التسارع تقود إلى نتيجة مهمة أخرى، وهي أن هذا المبدأ ومفهوم «مضاعف الاستثمار» الذي جاء به الاقتصادي الشهير كينزJohn Maynard Keynes  مابين (1883-1946) يمكن أن يعملا مجتمعين لخلق حركة دورية في مستوى الدخل القومي، كما يمكن استخدامهما لتفسير سبب التقلبات الدورية التي تبدو وكأنها خاصة حتمية لاقتصاد السوق.

فالمضاعف - كما شرحه بول سامويلسن Paul Samuelson - يبين أثر زيادة معينة في الإنفاق الاستثماري على الدخل والاستهلاك، أما مبدأ التسارع فيبين أثر الزيادة في الاستهلاك أو الناتج النهائي على الاستثمار. لذا فإن هناك تداخلاً بين عمل المضاعف وعمل المتسارع، إذ يبدأ عمل الأخير عندما ينتهي عمل الأول، ثم يبدأ عمل الأول من جديد وهكذا

فاروق الموقع

الموضوعات ذات الصلة:

الاقتصاد (علم ـ) ـ المضاعف الاقتصادي.

مراجع للاستزادة

ـ بول آ. سامويلسون وويليام د. نورهاوس ترجمة: هشام عبد الله ومراجعة أسامة الدباغ - الاقتصاد - الطبعة الخامسة عشرة (الأهلية للنشر والتوزيع، عمان 2001).

ـ خالد الحريري، التحليل الاقتصادي الكلي، الطبعة العاشرة (منشورات جامعة دمشق، دمشق 2001).

- CAMBELL R. MCCONNELL and STANLEY LE BRUE, Economics: Principles, Problems and Policies, 13th edition (McGraw-Hill, Inc., NewYork, U.S.A, 1996).

- EDWIN MANSFIELD, Economics, Sixth edition (W.W.Norton and Co., NewYork, U.S.A, 1989).

- JOHN MAURICE CLARK, Business Acceleration and the Law of Demand: A Technical Factor in Economic Cycles, An Article, Reprinted in “Readings in Business Cycle Theory“ (Philadelphia, Blackiston, U.S.A, 1944).


التصنيف : الاقتصاد
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 566
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1059
الكل : 57132480
اليوم : 88881

التخلية (تقانة-)

التخلية (تقانة ـ)   تقانة التخلية vacuum technology هي الحصول على خلاء في إناء مغلق وذلك بالتخلص من الهواء فيه، وقد بدأ الاهتمام بذلك حين تبينت ضرورة وجود الهواء لانتقال الصوت. كما جرى تفريغ الهواء من أداة على شكل نصفي كرة قابلين للفصل فصعب فصلهما بعد التخلية بسبب تأثير الضغط الجوي على النصفين من الخارج فقط. تعددت بعد ذلك تطبيقات هذه التقانة لتدخل في تأثير التخلص من مكونات الجو الغازية والغازات على التفاعلات الفيزيائية أو الكيمياوية مثل الامتزاز أو الأكسدة. ودخلت هذه التقانة الصناعة لأول مرة قرابة عام 1900 في تصنيع المصابيح الضوئية الكهربائية لإطالة عمرها ومنع احتراقها، تبع ذلك استعمالها للعزل الحراري عند صناعة الأوعية الحافظة للحرارة vacuum flask لحفظ السوائل في درجة حرارة ثابتة. حيث يخلى فيه الحيّز بين طبقتين زجاجيتين من الهواء، لمنع انتقال الحرارة[ر] بالحمل بين الطبقتين. كما صنعت الصمامات الإلكترونية (الأنبوب الالكتروني) المُخْلاة حتى تمنع إعاقة حركة الإلكترونات عند انتقالها بين المصعد والمهبط والذي يعد أنبوب التلفاز نموذجاً مكبراً لها. وقد أخذت هذه التقانة دفعاً قوياً مع بداية خمسينات القرن العشرين عندما استخدمت في المسرعات والطاقة النووية، وكذلك عند استعمالها للإقلال من التلوث في الصناعات الإلكترونية الدقيقة. ودخلت أخيراً صناعة الفضاء وتقليد ما يحدث فيه. استفادت هذه التقانة، كأي تقانة أخرى، من التأثير المتبادل بين التطورات العلمية وأدوات التقانة سواء من حيث تحسين المُخْليات (مضخات التخلية) وتنوعها أو من حيث مقاييس الخلاء والأجهزة المستعملة للقياس. كما استحدثت وحدات خاصة للتعبير عن جودة الخلاء أهمها التور Torr الذي يساوي الضغط الناتج عن عمود من الزئبق ارتفاعه 1mm مشتقة من التعبير عن الضغط الجوي النظامي بارتفاع عمود من الزئبق قدره 760mm، وما تزال هذه الوحدة مستخدمة مع اعتماد الباسكال، منذ عام 1971 في الجملة الدولية مكانه والذي يساوي 7.5×10-3 torr.  المُخليات (مضخات التخلية) تعد المضخة الزيتية الدوارة rotary pump أكثر المضخات استعمالاً في هذه التقانة، لكنها لا يمكن أن تؤدي إلى خلاء أفضل من 5×10-3 torr. وهي تتألف من أسطوانة تدور حول محور غير محورها بحيث يدفع الغاز الداخل من فتحة أولى ليخرج من فتحة ثانية في أثناء دوران نقطة التماس على السطح الداخلي لأسطوانة ثانية (الشكل-1)، تدعم كل فتحة عادة بصمام وحيد الاتجاه. تصنع المضخات عادة بحجوم وسعات مختلفة وتناقص سرعة إنجاز التخلية عموماً كلما اقتربنا من الحدود الدنيا، وقد تستعمل مضخات ذات مكبس مشابهة للمضخة اليدوية البسيطة. وتستعمل هذه المضخات في صناعة تغليف الأغذية وفي المثفلات وفي المختبرات العلمية كمُخلّية أولية.     تأتي المضخة الإنتثارية diffusion pump في الدرجة الثانية من حيث الاستعمال وهي تحتاج في عملها لمضخة دوارة. فهي تعمل على مبدأ انجرار الذرات مع ذرات حارة متوجهة من أعلى المضخة لتتكاثف في أسفلها (الشكل-2) وتعمل هذه المخليات بكفاية ما بين 10-3torr و10-9torr. وهذه أيضاً تصنع بسعات مختلفة. المضخة التوربينية turbo pump وتعتمد للحصول على خلاءٍ كافٍ اختلاف الضغط وانخفاضه عند مركز دوامة هوائية. ويمكن لهذه المضخة أن تعمل بدءاً من الضغط الجوي حتى خلاء يقابل قرابة 10-7torr، وهي لا تحتاج إلى مضخة دوارة للقيام بالتخلية، كما أنها أنظف من المضخة الانتثارية فهي لا تستعمل زيتاً يعد بخاره ملوِثاً. المضخة الادمصاصية sorption pump وتعتمد قدرة امتصاص سطوح بعض المواد للغازات، لذلك فهي تتعلق بكمية المادة الفعالة وإمكانية الاستفادة المتكررة منها، إذ يمكن طرد الغاز المدمص في السطح بالتسخين ومن ثم يمكن استخدام المادة مرة بعد مرة. وتتميز بعدم وجود أجزاء متحركة فيها وبأنه يمكن استعمالها على التتابع لتصل إلى خلاء ما بين 10-2torr و10-3torr. مضخة التبريد المفرط cryo pump (الشكل -3) تستفيد هذه المضخة من كون أحد سطوحها في درجة حرارة منخفضة جداً بحيث يتكاثف الغاز عليه ويسيل فيمكن إخراجه من الحيز المُخلّى. وتعمل بصورة جيدة في المجال الواقع بين 10-3torr و10-10torr وتستعمل عادة غاز الهليوم لتبريد السطح حتى درجة حرارة تقارب 15k، لكن يمكن أن تستعمل الهليوم المائع أحياناً في الدرجة 4.2k وقد تضاف مصائد باردة إلى أنظمة الضخ الأخرى تعمل وفق المبدأ نفسه. مضخة التصعيد sublimation pump تعمل في المجال  بين 10-3torr و10-11torr وتستعمل التيتانيوم في عملية التصعيد وهو يتفاعل مع الغازات الفعالة كيمياوياً من دون الغازات الخاملة.     مقاييس الخلاء vacuum gauges   تطورت هذه المقاييس في تعقيدها مع تحسن إمكان الحصول على خلاء عالٍ. ويعد مقياس ماك لويد Mcleod أول المقاييس التي تعتمد على ضغط الغاز المأخوذ من الحجرة المراد قياس الخلاء فيها ثم قياسه واستخلاصه اعتماداً على قانون الغازات العام، لذلك يسمى بالمقياس المطلق، وهو يستخدم لمعايرة المقاييس الأخرى. ومن المقاييس غير المباشرة هناك المقاييس المعتمدة على الناقلية الحرارية للغاز المتبقي مما يجعل درجة حرارة سلك مسخن تثبت عند درجة حرارة معينة. وبقياس درجة حرارة هذا السلك بوساطة مزدوجة كهرحرارية يمكن حساب ضغط الغاز. وقد تستنتج درجة حرارة السلك اعتماداً على تغير مقاومته ويدعى مقياس بيراني Pirani وتغطي مثل هذه المقاييس المجال بين 100torr و10-4torr. أما النوع الثاني من المقاييس غير المباشرة والتي تحتاج إلى معايرة عادة، المقاييس التي تعتمد على تأين (تشرد) الغاز المتبقي نتيجة تصادم الإلكترونات بذرات الغاز ولابد لهذه الإلكترونات من أن تسرع كي تستطيع التأيين، كما يعتمد احتمال تصادمها على طول المسار الحر، لذلك يوضع مغناطيس لهذا الغرض فيجعل مسار الإلكترونات حلزونياً عوضاً عن أن يكون مستقيماً. يدعى هذا المقياس مقياس Penning ويمكن أن يقيس خلاء يصل إلى 10-7torr. يستعمل المقياس السابق الإلكترونات الموجودة بصورة طبيعية في أي غاز فيحتاج الحصول على تيارات مناسبة إلى كمون تسريع يصل إلى 2kv لكن يوجد نوع آخر من المقاييس يعتمد على الإلكترونات الصادرة عن سلك مسخن وهذه تكمن عادة، إضافة إلى ما هو موجود بصورة طبيعية وتفوقها، لذلك يمكن الوصول إلى تيارات أيونية مناسبة بسهولة أكبر وهي تعمل في عدة مجالات من الخلاء اعتماداً على ذلك، فيمكن أن يكون المجال مثلاً ما بين 10-2torr و10-7torr كما يمكن التحكم بهندسة السلك والمجمع لتصبح قادرة على قياس خلاء يصل إلى  10-11torrكما في مقياس بيرد ـ ألبرت Bayard-Albert. تطبيقات تقانة الخلاء مكَّن الحصول على خلاء عال في الفيزياء والكيمياء من دراسة ظواهر جديدة لم تكن لتظهر لولا وجود الخلاء، مثل قياس طاقة الامتزاز على السطوح وترابطها معها، كما أن تطوير المجهر الإلكتروني اعتمد على جودة الخلاء من خلال إمكانية تسريع الإلكترونات لتصل إلى طاقات عالية، إذ يعتمد الوصول إلى طاقات عالية على عدم تصادم الإلكترون المسرع ولمسافة طويلة مع ذرات أو جسيمات أخرى، وهذا يتحقق في الخلاء العالي. ففي حين يحتوي السنتمتر المكعب من الهواء تحت الضغط الجوي النظامي وفي درجة الحرارة العادية قرابة 2 × 1910 جُزيئة، فإن هذا العدد سينخفض بمقدار مليون مرة أو أكثر حسب جودة الخلاء، ومن ثم فإن احتمال التصادم سيقل بهذا القدر. وما ينطبق على الإلكترونات ينطبق على الذرات المبخّرة في عملية التغشية (التلبيس) تحت الخلاء التي تستعمل في تغشية العدسات والعناصر الضوئية المختلفة. وتأتي صناعة التغشية بعد صناعة الصمامات والمصابيح من حيث الأهمية التجارية. ويستخدم المبدأ نفسه للإقلال من ضياع حزم الجسيمات في المسرعات الضخمة المستعملة في الفيزياء النووية وفيزياء الجسيمات التي تقلد ما يحدث داخل النجوم سواء من حيث تطورها أو من حيث طاقة أشعتها التي تصلنا إلى الأرض كاشفة لنا ماهية مصدرها وما تعانيه خلال سيرها حتى تصل الأرض. ولم يستطع الإنسان  الوصول إلى خلاء يقارب الخلاء بين النجوم إلا حديثاً. فأمكنه تفسير بعض الظواهر الفيزيائية الفلكية. وتستعمل التخلية عند الضخ على سائل ما لتبريد هذا السائل. إن بخار السائل هو جسيمات ذات طاقة عالية بالمقارنة مع جسيمات السائل نفسه وهي القادرة على ترك السائل لهذا السبب، لذلك عندما نخلي هذه الجسيمات فوق السائل فكأننا نخلصه من جزء الجسيمات الحارة فيبرد. وقد يستمر التبريد حتى يبدأ السائل بالتجمد، وتحدث هذه عند قيم محددة لدرجة الحرارة والضغط لذلك تستخدم عادة في المعايرة. ويكاد لا يخلو مختبر من مختبرات الفيزياء أو الكيمياء من مضخة تخلية. أما في صناعة الإلكترونيات فهي تخدم غرضاً مزدوجاً يتمثل بنظافة الجو الذي تجري فيه الصناعة والتحكم في مكونات هذا الجو لإحداث تفاعلات كيمياوية محددة على سطوح الركازة التي تتوضع عليها العناصر الإلكترونية من ترانزيستورات [ر. أنصاف النواقل] ودارات مدمجة، خاصة عندما وصلت هذه الصناعة إلى مستوى من الدقة بحيث تؤثر في عمل الدارة وجود جسيمات من أبعاد تقل كثيراً عن المكرومتر. وينطبق مثل هذا على أفران التعدين والصلب وتدخل مسألة التخلص من الجراثيم والهواء بصورة مباشرة في الزراعة عن طريق حفظ الأغذية تحت الخلاء، كما دخلت التخلية مجال التحكم الآلي في رفع الأشياء بلطف، كما استعملت في المكانس الكهربائية اللطيفة.   فوزي عوض   الموضوعات ذات الصلة:   انتقال الحرارة ـ التبريد ـ التبريد المفرط (علم ـ).   مراجع للاستزادة:   - G.K.WHITE, Experimental Techniques in Low-Temperature Physics (Oxford Press 1968).
المزيد »