logo

logo

logo

logo

logo

الصرع

صرع

Epilepsy - Epilepsie

الصَّرَع

 

عرف الصرع epilepsy منذ القدم، وتشتق هذه الكلمة من كلمة يونانية تعني «الاستيلاء» أو «التملك»، ولقد ساد الاعتقاد في ذاك الزمن بأن الصرع هو ضرب من الاستحواذ أو المس، وتجدر الإشارة أن ذلك الانطباع ما زال سائداً لدى بعض الناس حتى اليوم.

تحدث النوبة الصرعية epileptic seizure  نتيجة اضطراب دوري في نشاط كهربائية الدماغ (EEG) electroencephalogram ينجم عنه خلل مؤقت في وظيفة الدماغ، وتتفاوت المظاهر السريرية للنوب الصرعية من مجرد فقدان الإدراك awareness  لفترة وجيزة، إلى حدوث اختلاجات convulsions شديدة.

والصرع هو الاسم الذي يستخدم عند حدوث نوبات صرعية متكررة لدى شخص ما. و يمكن أن يحدث إما دون وجود سبب محدد، أو نتيجةً لاضطراب صحي معين (مثل نقص تروية دماغية أو رض دماغي وغيره...).

معدل الانتشار

الشكل (1) تسجيل فعالية الدماغ بالتخطيط الكهربائي

يعد الصرع من الاضطرابات العصبية الشائعة نسبياً، وتقدر بعض الدراسات أن 1 إلى 1.5% من أي مجتمع بشري ستتعرض لنوبة صرعية في وقت ما من حياتها. يصيب الصرع المرضى من الأعمار كافة، وإن كان حدوثه أكثر شيوعاً في العقد الأول (ولاسيما دون السنة الواحدة من العمر) وبعد سن الستين من العمر.

ويراوح انتشاره بين 4 حالات إلى10 لكل 10.000 شخص في البلاد الصناعية، في حين قد ترتفع هذه النسبة في البلاد النامية لتصل إلى 57حالة لكل 10.000 شخص.

أما أسباب انتشار الصرع في البلدان النامية أكثر منه في البلدان الصناعية فيمكن الإشارة إلى بعضها على النحو التالي:

ـ صعوبة الحصول على الرعاية الصحية الكافية، مما يزيد من المضاعفات والعواقب الصحية لحالات رضوض الرأس والأذيات الولادية وغيرها.

ـ قلة النظافة العامة، وعدم توافر الشروط الصحية اللازمة للحد من انتشار الأمراض الخمجية التي قد تصيب الجهاز العصبي المركزي.

ـ الفقر والأمية اللذان قد تزيدان من نسبة الكحولية وحالات الإدمان وغيرها، مما قد يسهم على نحو غير مباشر في حدوث حالات الصرع.

ـ بعض العوامل الأخرى مثل نظرة المجتمع للصرع، والسياسات الصحية المحلية، ومدى توافر الأدوية المضادة للصرع وغيرها تؤثر في طريقة العلاج الذي يقدم لمرضى الصرع وفعاليته.

أنواع النوبات والمتلازمات الصرعية

الشكل (2) المراحل السريرية لنوبة موترة ـرمعية

وكيفية التصرف لمساعدة المريض عند حدوثها

هناك تصنيفان، يرتكز أحدهما على وصف المظهر السريري للنوبة الصرعية، والثاني يعتمد بشكل رئيسي على سبب النوبات الصرعية، وكلاهما مهم في الوصول إلى التشخيص والعلاج والإنذار الصحيح.

1ـ تصنيف النوب الصرعية حسب الأعراض السريرية: تختلف الأعراض السريرية بحسب المنطقة الدماغية المصابة. ويمكن تقسيم النوب هنا إلى نوعين رئيسين: نوب جزئية وأخرى معممة.

أـ النوب الجزئيةpartial seizures أو البؤريةfocal seizures: ويبدأ فيها الاضطراب الكهربائي من بؤرة محددة في قشرة الدماغ. وفيمايلي أنواعها الرئيسة:

ـ النوب الجزئية البسيطةsimple partial seizures : يبقى المريض واعياً خلال هذه النوب، ويمكن أن تتظاهر على شكل انتفاضات عضلية بؤرية (نوب حركية)، أو إحساس بالتنميل أو الخدر في مناطق معينة من الجسم (نوب حسية)، أو أعراض نفسية، أو غير ذلك.

ـ النوب الجزئية المركبةcomplex partial seizures : وفيها تضطرب درجة وعي المريض consciousness، وكثيراً ما تترافق مع أعراض نفسية متنوعة (هلس hallucination، وحس بالانفصال عن الواقع وغيرها) وتسمى كذلك نوب الفص الصدغي temporal lobe seizures وهي من أكثر أنواع النوب شيوعاً بعد سن البلوغ.

ـ النوب التي تبدأ بشكل جزئي ومن ثم تتعمم (أو النوب الثانوية التعممsecondarily generalized seizures): إن أي نوبة جزئية يمكن أن يرافقها انتشار التنبيه الصرعي إلى أنحاء الدماغ كافة، مما يؤدي إلى حدوث اختلاج متعمم في كل الجسم، وتسمى عندها النوبة الثانوية التعمم.

ب ـ النوب المعممة generalized seizures: ويبدأ فيها الاضطراب الكهربائي في مجمل الدماغ بآن واحد، وفيما يأتي أنواعها الرئيسية:

ـ نوب الغيابabsence seizures : وكانت تدعى سابقاً بالداء الصغير petit mal، وتتميز بحدوث فقدان قصير الأمد للوعي من دون أي حركات غير طبيعية (أو بما قل منها، مثل ارتعاش الأجفان).

ـ النوب الموترة ـ الرمعية :tonic-clonic seizures وتسمى كذلك بالداء الكبير grand mal، وتتميز بحدوث فقدان الوعي ومن ثم انتفاضات معممة في كامل الجسم، وقد تترافق بعض اللسان، أو خروج زبد لعابي من الفم، أو انفلات المصرة البولية ويتلوها إحساس بالوهن والإرهاق.

ـ هناك أنواع أخرى مثل نوب الرمع العضلي myoclonic seizures والنوب الموترة tonic seizures والنوب الوانية atonic seizures وغيرها.

2ـ تصنيف المتلازمات الصرعية حسب السبب: كما هي الحال في تصنيف النوب الصرعية، يمكن بشكل رئيس تقسيم المتلازمات الصرعية إلى بؤرية وأخرى معممة، لكن إضافة إلى التقسيم المذكور يتم هنا التركيز على بعض العوامل الأخرى، ولاسيما السبب المؤدي للحالة (في حال أمكن تحديده)، وفيما يأتي عرض مبسط لهذا التصنيف:

أ ـ المتلازمات الصرعية البؤرية:

ـ لها سبب محدد مكتسب بعد الولادة: وتمثل معظم الحالات، ومن أسبابها الجلطات الدماغية وأورام الدماغ وغيرها.

ـ مجهولة السبب: وتمثل الأقلية من الحالات.

ب ـ المتلازمات الصرعية المعممة:

ـ المجهولة السبب أو الأولية: ويتأثر معظمها بعوامل جينية - وراثية.

ـ الناتجة من سبب محدد أو الثانوية: ناتجة عن أسباب خلقية أو مكتسبة بعد الولادة يمكن تحديدها (مثل نقص أكسجين الدماغ وغيرها).

أسباب النوب الصرعية

يعد الصرع عرضاً أو مظهراً من مظاهر حالات مرضية متعددة (أي أنه ليس مرضاً واحداً، بل هو نتيجة أمراض مختلفة تؤثر في الدماغ) إلا أنه في معظم الحالات لا يمكن تحديد المسبب بشكل قاطع.

يمكن لمعظم الأمراض أو الحالات التي تؤثر في الدماغ أن تسبب نُوَباً صرعية، وتختلف الأسباب الشائعة للصرع باختلاف سن المريض، ففي الأطفال دون السنة من العمر يعد نقص أكسجين الدماغ و نقص ترويته قبل الولادة أو في أثنائها، والتشوهات الخلقية للدماغ ونقص كلس الدم، والأخماج وغيرها من أكثر أسباب الصرع شيوعاً، في حين أن أكثر الأسباب تواتراً في سن المراهقة هي رضوض الرأس، وتصبح الأمراض الوعائية الدماغية (من جلطات ونزوف دماغية وغيرها) السبب الأكثر تردادا ً فوق الخمسين من العمر. وهناك العديد من الحالات الأخرى التي قد تسبب نوباً صرعية، مثل الكحولية واضطرابات سكر الدم واضطرابات شوارد الدم وغيرها. أما المتلازمات الصرعية التي لا يمكن تحديد سبب واضح لها فيعتقد أن للعوامل الجينية - الوراثية دوراً في كثير منها، وإن لم تتضح هذه العوامل على نحو مفصل وقطعي إلا في بعض المتلازمات الصرعية النادرة.

دراسة المرضى المصابين بالنوب الصرعية وتقييمهم

يقوم الطبيب بأخذ قصة مرضية مفصلة، وإجراء فحص سريري دقيق لتأكيد التشخيص، وتحديد نوع النوب وسببها. ويتطلب ذلك إعادة إجراء بعض الاستقصاءات مثل تخطيط كهربائية الدماغelectroencephalogram، وتصوير الدماغ (مثل التصوير بالرنين المغناطيسي MRI وغيره)، إضافة إلى إجراء تحاليل مخبرية (مثل عيار مستوى السكر والشوارد في الدم) وغيرها من الاستقصاءات بحسب الحالة.

وتجدر الإشارة هنا إلى العديد من الحالات التي قد يظن خطأ أنها نوب صرعية، ومنها بعض حالات الغشيsyncope، والشقيقةmigraine، وبعض الحالات النفسية، وبعض حالات نقص التروية الدماغية وغيرها.

التدبير والعلاج

بعض المبادئ العامة:

ـ في حال حدوث نوبة صرعية لأول مرة ينبغي مراجعة المستشفى.

ـ إن حدوث نوبة (أو عدة نوب) صرعية تستمر أكثر من بضع دقائق دون أن يسترجع المريض وعيه في أثناء ذلك يعد حالة إسعافية، ويجب عندها الذهاب إلى المستشفى فوراً.

ـ يقوم الطبيب بتحديد سبب النوب ومعالجته إن أمكن (مثال: إعطاء السكر في حال كان نقص سكر الدم هو السبب، إلخ...)

ـ ومن ثم يقرر الطبيب ما إذا كان المريض بحاجة إلى الأدوية المضادة للصرع antiepileptics وعندها ينتقي الدواء الأنسب لكل مريض. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأدوية كثيراً ما يتوجب إعطاؤها مدى الحياة، وهي لا تخلو من الآثار الجانبية التي قد تكون خطيرة في بعض الأحيان، مما يعني ضرورة وجود مستوى عال من الوعي والمسؤولية والتزام (كيفية استخدام هذه الأدوية) من قبل المريض (أو الشخص الذي يعتني به)، ودرجة عالية من الحكمة والمعرفة والدراية من قبل الطبيب في اختيار الدواء المناسب ومراقبة تأثيره في المريض.

ـ هدف العلاج هو الحيلولة دون وقوع نوب أخرى و باستخدام دواء واحد إن أمكن. وبينما يستجيب معظم المرضى لذلك، فإن بعض الحالات تتطلب استعمال أكثر من دواء واحد أو علاجات أخرى أكثر تعقيداًَ ومنها الجراحة.

ـ ينبغي على مريض الصرع أن يتحاشى بعض الأنشطة والأعمال التي قد تؤدي لحدوث أذيات خطيرة إذا حدث فقدان للوعي في أثناء القيام بها (مثل سباحة المريض بمفرده أو تشغيل آليات ثقيلة وغيرها). كما ينبغي عدم قيادة السيارة إلا بعد مرور 6 إلى 12شهراً على الأقل دون حدوث نوبة صرعية (وهناك قوانين خاصة بذلك في بعض البلدان).

ـ ينبغي على أفراد عائلة المريض أن يكونوا على دراية بكيفية مساعدته في حال حدوث نوبة، ويتلخص ذلك بحمايته من السقوط، وإزالة الألبسة التي قد تضغط على العنق، ووضع وسادة تحت الرأس، وفي حال فقدان الوعي ينبغي وضع المريض على جانبه لتسهيل التنفس، كما يجب عدم تركه وحده إلا بعد أن يستيقظ استيقاظاً كاملاً ويصبح قادراً على الحركة بشكل طبيعي. وينبغي إخبار الطبيب بحدوث النوبة، ولاينصح بوضع أي شيء (مثل ملعقة أو إصبع) في فم المريض في أثناء النوبة.

ـ يمكن في بعض الحالات إيقاف دواء المريض في حال استجابة حالته للعلاج استجابة كاملة ولمدة كافية من الزمن، على أن يتم ذلك بقرار الطبيب وتحت إشرافه.

ـ قد يزيد استخدام الأدوية المضادة للصرع من قبل المرأة الحامل من احتمال حدوث إسقاط أو إصابة الجنين بآفات وعيوب ولادية، إلا أن إيقاف هذه الأدوية قد يكون أكثر ضرراً على كل من الأم والطفل.

الإنذار prognosis

 ليس الصرع كما ذكر مرضاً واحداً، بل هو مظهر من مظاهر أمراض ومتلازمات عدة، ومن ثَمَّ فإن إنذار شخص ما مصاب بالصرع يختلف باختلاف المتلازمة السريرية والمرض المعين لدى هذا الشخص، ويراوح ما بين الشفاء الكامل بعد بضع نوبات دون أي عقابيل (ودون الحاجة لدواء مضاد للصرع) وحدوث حالة مترقية من النوبات الصرعية والتخلف العقلي وحتى الوفاة.

ويمكن عموماً تقسيم المرضى المصابين بالصرع من حيث الإنذار إلى أربع مجموعات:

ـ إنذار ممتاز (توقف كامل للنوب، دون حاجة لعلاج): نحو 20 إلى30% من المرضى.

ـ إنذار جيد (توقف كامل للنوب مع الحاجة لعلاج): نحو 30 إلى 40% من المرضى.

ـ إنذار متوسط (استجابة جزئية للعلاج): نحو 10 إلى 20% من المرضى.

ـ إنذار سيئ (عدم استجابة للعلاج): نحو 20% من المرضى.

وأخيراً الصرع من الحالات العصبية الشائعة نسبياً، وليس هو بمرض واحد، وإنما هو مظهر من مظاهر أمراض ومتلازمات متعددة تؤثر في الدماغ.

يتطلب التدبير الصحيح والفعال لحالات الصرع التزاماً ومسؤولية ودراية من المريض والطبيب على حد سواء.

وهناك العديد من الأبحاث العلمية الهادفة إلى الوصول لعلاجات أكثر فعالية وأقل تأثيرات جانبية.

يستجيب معظم المرضى جيداً للعلاج على نحو يتمكنون فيه من ممارسة حياتهم بطريقة طبيعية وفعالة ومنتجة.

طارق وزان

الموضوعات ذات الصلة:

 

العصبية (تشريح وفيزيولوجية الجملة ـ)

 

مراجع للاستزادة:

 

- W.G.BRADLEY,R.B.DAROFF, G. M. FENICHEL & C. D. MARSDEN, Neurology In Clinical Practice (Third Edition, Butterworth - Heinemann,USA 2000).

- K.W.LINDSAY, I.BONE &R. CALLANDER, Neurology and Neurosurgery Illustrated, (Third Edition,Churchill Livingstone,Great Britain 1999).

 


التصنيف : طب بشري
النوع : صحة
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 114
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1094
الكل : 40492491
اليوم : 22306

الطلاء المانع للانعكاس

الطلاء المانع للانعكاس   يتألف النظام البصري عادة من عدد من العناصر البصرية المنفذة للضوء، ويعكس كل سطح نحو 4% من الطاقة الواردة عليه، سواءً انتقل الضوء من الهواء إلى الزجاج أم من الزجاج إلى الهواء، وهذا يعني أن كل عدسة مثلاً ستعكس نحو 8% من الطاقة، وتزداد هذه القيمة مع زيادة قرينة انكسار العنصر البصري، لذلك فإن مثل هذه الخسارة غير مقبولة في الأنظمة الضوئية الحديثة، أضف إلى ذلك حدوث تشوه في الخيال الذي تشكله هذه الأنظمة بسبب الانعكاسات المضاعفة داخلها.
المزيد »