logo

logo

logo

logo

logo

قطنا (المشرفة)

قطنا (مشرفه)

Qatna (el-Mishrife) - Qatna (el-Michrifé)

قطْنا (المشرفة)

 

يقع تل المشرفة (مدينة قطْنا القديمة) على بعد 18كم تقريباً، إلى الشمال الشرقي من مدينة حمص، في وسط سهل خصب فسيح، بين تخوم بادية الشام ووادي نهر العاصي، ويلاحظ وجود انحدار طفيف لهذا السهل باتجاه الشمال، وتقطعه شبكة من الأودية تتجمع وتتجه نحو نهر العاصي لكي تصب شرقي مدينة الرستن الحديثة.

يتألف الموقع الذي يمثل مسقطاً مربع الشكل، من سور ضخم على ارتفاع يراوح بين 15و20م، يتقدمه خندق عريض وساتر ترابي مرتفع وتصل مساحته إلى 100هكتار. وثمة أربعة أبواب في المدينة موزعة على أضلاع السور المختلفة، وبالمقابل تسيطر المدينة المرتفعة على جميع أجزاء الموقع، وتتألف من تلة مركزية مرتفعة من الناحية الشمالية، حيث تنتهي بمنحدر، وتحيط بها المدينة المنخفضة, وهناك تلة أخرى في الزاوية الجنوبية الشرقية من المكان، حيث تشرف على قسم من أراضي المدينة المنخفضة، وفي القسم الغربي للمدينة يقوم القصر والمعبد، معبد سيدة قطنا، الذي وُجدت فيه بعض الرقم الكتابية.

تعود أقدم السويات الموثقة حتى اليوم في موقع المشرفة إلى عصر البرونز القديم في منتصف الألف الثالث ق.م، وهي معاصرة عملياً فترة الازدهار لكثير من المدن والتجمعات البشرية في سورية على اختلاف مناطقها. أتت معظم المعلومات عن هذه المملكة من أرشيف ماري، وهي تدل على أن المدينة ازدهرت في النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد (عصر البرونز الوسيط 2000ـ1600ق.م)، حين تم أعيد تأسيسها وفق مسقط منتظم وضخم، لكي تصبح عاصمة مملكة قطنا الأمورية التي كانت تسيطر بحكم موقعها الجغرافي على الطرق التجارية الرئيسة المتوزعة من الأناضول شمالاً حتى فلسطين ومصر جنوباً، ومن بلاد ما بين النهرين والفرات الأوسط شرقاً إلى ساحل البحر المتوسط عبر بادية الشام غرباً. وتشير النصوص إلى أنها ضاهت في نفوذها مملكة بابل في أيام حمورابي.

برزت الأهمية الاستراتيجية والسياسية لهذه المدينة, حين قامت المملكة الآشورية القديمة تحت حكم شمشي ـ حدد الأول بتأسيس علاقات ديبلوماسية وتجارية ومصاهرة وثيقة مع ملك قطنا إشخي ـ حدد في نحو منتصف القرن الثامن عشر ق.م، وغالباً ماتحالفتا ضد مملكة يمحاض في حلب.

بالمقابل شكلت مدينة قطْنا في عصر البرونز الحديث في النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد مملكة محلية كانت غالباً ما تقع ضمن مناطق النفوذ المتنازع عليها بين القوتين المصرية والحثية.

أخيراً لا بد من الإشارة إلى أن تحولاً كبيراً قد طرأ على طبيعة الموقع ودوره في عصر الحديد، الألف الأول ق.م، وما زالت طبيعة الاستيطان في ذلك العصر مجهولة، بالمقابل تمّ التعرف على سوية معاصرة لمملكة حماة الآرامية، تتألف أساساً من مجمع معماري كبير قد يكون لقصر ملكي يحيط به العديد من الكتل المعمارية التي تعود إلى مساكن ومشاغل حرفية، كخزن المواد الأولية و أعمال الحياكة و التعدين، إضافة إلى حرف أخرى. ويبدو أن المدينة قد خسرت دورها الحضاري والسياسي حينما قام الملك الآشوري صرغون الثاني نحو 720 قبل الميلاد بتدمير مدينة حماة وإلحاق كامل مناطق العاصي الأوسط بالمقاطعات الآشورية.

هُجر الموقع فيما بعد وبَقي خالياً من الاستيطان تقريباً، إلى أن بنيت القرية الحديثة داخل حدود الأسوار الضخمة للمدينة القديمة، في منتصف القرن التاسع عشر، ثم أُخليت هذه القرية تسهيلاً لتنفيذ الأعمال الجارية في الموقع حالياً.

بدأت أعمال التنقيب الأولي في تل المشرفة بعثة فرنسية بإدارة الكونت الفرنسي روبير دومنيل دوبويسّون R.Du Mesnil de Buisson التي عملت في الثلاثينيات من القرن العشرين، وكشفت عن القصر الملكي الكبير وبعض الرُّقُم المسمارية وغيرها، ثم بدأت في التسعينيات بالتنقيب والترميم والصيانة والتأهيل السياحي بعثة مشتركة سورية ألمانية إيطالية بإدارة ميشيل مقدسي دانيل موراندي D.Morandi وبيتر بفِلْتسنر P.Pfälzner بمتابعة الكشف عن القصر الملكي وعن أوابد معمارية ضخمة وقبور ملكية غنية وغير ذلك.

ميشيل المقدسي

مراجع للاستزادة:  

 

ـ ميشيل المقدسي وآخرون، تنقيبات قطنا (الجزء الأول) تقرير أولي عن موسمي التنقيب 1999 و2000 لمشروع البحث الأثري السوري ـ الإيطالي ـ الألماني المشترك في المشرفة (دمشق 2002).

- R. DU MESNIL DU BUISSON: le site archéologique de mishrifé-qatna, (Paris 1935).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 477
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1088
الكل : 40498550
اليوم : 28365

البصير (الفضل بن جعفر-)

البصير (الفضل بن جعفر ـ) (ت نحو 255هـ / 869م)   أبو علي الفضل بن جعفر بن الفضل بن يونس، فارسي الأصل، أصل أسرته من الأنبار، ثم انتقلوا إلى الكوفة فنزلوا مع قبيلة النخع، ولذلك يقال في نسبته الأنباري والكوفي والنَّخعي. شاعر مترسل عباسي جيد في طبقته جمع بين إجادة الشعر وإجادة الكتابة. ليس في المصادر القديمة ما يعين على معرفة نشأته، وأكبر الظن أنه ولد في الكوفة، وسنة ولادته غير معروفة وكذلك الزمن الذي أصيب فيه بالعمى. أما لقبه «البصير» فقيل: إنه لقب به على العادة في التفاؤل للأعمى بالبصر، وقيل: لذكائه وفطنته، وأنه إذا كان مع أصحابه في مجلس لهو ثم أراد القيام لبعض شأنه تخطى الزجاج وكل ما في المجلس من آلة، ثم عاد إلى مكانه.
المزيد »