logo

logo

logo

logo

logo

المهدي السوداني (محمد بن عبد الله-)

مهدي سوداني (محمد عبد الله)

Al-Mahdi al-Sudani (Mohammad ibn Abdullah-) - Al-Mahdi al-Sudani (Mohammad ibn Abdullah-)

المهدي السوداني (محمد بن عبد الله-)

(1259 ـ 1302هـ/1843 ـ 1885م)

 

محمد أحمد بن عبد الله، ولد في جزيرة لبب التابعة لمدينة دنقلة في السودان من أسرة يعود نسبها إلى الحسين بن علي بن أبي طالب. وكان أبوه فقيهاً فتعلم منه القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم وهو في أم درمان. ومات أبوه وهو صغير فعمل مع عمه في تجارة السفن مدة قصيرة، ثم تابع علومه في الخرطوم فقرأ الفقه والتفسير والحديث، وتصوف وانقطع في جزيرة (آبا) جنوبي الخرطوم في النيل الأبيض مدة خمسة عشر عاماً للعبادة والدرس والتدريس. وكثر مريدوه واشتهر بالصلاح؛ وانتقد سلوك شيخه في بعض الأمور.

ثم سافر إلى كردفان فنشر فيها رسالة من تأليفه دعا بها إلى تطهير البلاد من مفاسد الحكام. وجاءه عبد الله بن محمد التعايشي من قبيلة البقارة فبايعه على القيام بدعوته. وقويت شوكته بقبيلة البقارة العربية الأصل من جهينة إذ تزوج منها. وكان المهدي فطناً فصيحاً قوي الحجة إذا خطب.

في عام 1298هـ/1881م أعلن أحمد أنه المهدي المنتظر.

وبدأ بجمع الأنصار لدعوته الهادفة إلى تنقية الإسلام من الشوائب والبدع، وكتب إلى فقهاء السودان يدعوهم لنصرته. وانتهج أسلوب إبلاغ الدعوة إلى شعوب العالم الإسلامي وحكامه وطلب العون منهم على إشعال الثورة وفتح باب الهجرة إلى السودان والاستعداد لإرسال الجيوش الفاتحة للبلاد الإسلامية من أجل طرد الأجنبي المحتل.

وقد كتب المهدي وخليفته إلى خليفة المسلمين السلطان عبد الحميد الثاني وإلى الخديوي محمد توفيق في ولاية مصر، وإلى سكان الحجاز وملكة إنكلترا فكتوريا، وكذلك إلى ملك الحبشة يوحنا وغيرهم ليشعرهم بدولته ومقر سلطته، وكذلك ضرب النقود رمزاً لدولته.

وعرف أتباع المهدي بالدراويش والأنصار، وانبثوا بين القبائل يحضون على الجهاد. واشتهر المهدي محمد أحمد بألقاب أخرى هي الإمام والخليفة. وكانت البيعة للمهدي: «بايعنا الله ورسوله وبايعناك على طاعة الله ورسوله وأن لا نسرق ولا نزني ولا نأتي بهتاناً نفتريه، ولا نعصيك في أمر بمعروف ونهي عن منكر…».

وصلت أخبار التجمعات حول المهدي إلى حكمدار السودان في الخرطوم محمد رؤوف باشا فأرسل وفداً إلى المهدي في مقره يطلبه للمثول بين يديه، فأجاب المهدي بأنه سيد هذه البلاد ولن يذهب إلى الخرطوم، وأعلن الجهاد، فعد ذلك تمرداً على الحكومة، فأرسل الحكمدار إليه حملة عسكرية إلى جزيرة آبا لتأتي به فانقض عليها أتباعه في الطريق وفتكوا بها.

 وبعد ذلك أرسلت الحكومة جيشاً من ستة آلاف رجل لقتاله فهاجمه نحو (50) ألف سوداني وهزموه، ثم استولى المهدي على مدينة الأُبَيِّض سنة 1300هـ/1883م وعظم شأنه وكثر أتباعه. وكان ذلك في الوقت الذي احتل فيه الإنكليز مصر.

 ثم أرسلت الحكومة المصرية حملة ثالثة ولكنها أبيدت من قبل أتباع المهدي في 1300هـ/تشرين الثاني نوفمبر 1883م. وكانت هذه آخر محاولة مصرية لاسترداد السيطرة على السودان، وكان من نتيجتها أن المتمردين والمتشككين بقول المهدي بدؤوا يعلنون ولاءهم له.

وكانت بداية حركة المهدي في حقبة كانت ولاية مصر والسودان تعاني من سوء إدارة ولاتها وخاصة الخديوي إسماعيل الذي عزله السلطان عبد الحميد سنة 1296هـ/1879م وعين ابنه محمد توفيق الذي خضع للتدخل الأجنبي البريطاني، وكان من نتائج ظهور حركة أحمد عرابي وقوع ولاية مصر تحت الاحتلال البريطاني سنة 1299هـ/1882م وقد اتخذ الإنكليز من فتنة السودان ذريعة للبقاء في مصر، وحاولوا إقناع ولاة مصر بترك السودان.

وعُين نوبار باشا (الأرمني) رئيساً للنظار فعمل على انسحاب القوات المصرية من أغلب مناطق السـودان. وبذلك خلا الجو للمهدي ليوسـع مناطق سـيطرته فسيطر على الخرطوم في سنة 1301هـ/1884م. وعد المهدي انتصاره في السودان بداية لتأسيس دولة على النهج الإسلامي وبداية لإشعال روح الجهاد خارج السودان في العالم الإسلامي.

ولكن المهدي مرض بالجـدري وتوفي على إثـر ذلك. ودفن في أم درمان. وقام البريطانيون بنبش قبر المهدي وأحرقوا جثته بأمر كتشنر الذي ذكر أنه تم دفن الرأس في وادي حلفا.

وقد جمع ما وجد من كتابات المهدي إلى خليفته التعايشي في كتاب «مجموع المناشير».

بعد أن توفي المهدي خلفه في القيادة عبد الله محمد التعايشي الذي لقب بالخليفة الصديق وقد كناه المهدي بأبي بكر. ولكن السودان المصري كان قد خسر كثيراً من أراضيه، إذ فصلت بريطانيا موانئ بربر وزايلة لتشكيل مستعمرة الصومال الإنكليزي. وضمت فرنسا تدجورا إلى ميناء ادبوك لتشكيل مستعمرة جيبوتي. واحتلت بريطانيا مصوع وألفت نواة مستعمرة أرتيريا. وهكذا تمت عمليات احتلال وتجزئة لمنطقة من أراضي السلطنة العثمانية التي على رأسها خليفة المسلمين. ونشطت القوى الاستعمارية الأوربية العديدة في احتلال شرقي إفريقيا، ومما سهل لها ذلك افتتاح قناة السويس.

 وتولى التعايشي خليفة المهدي محاولة المحافظة على البلاد التي سيطر عليها المهدي وتوسيعها وتنظيم الدولة، وتصدى للأحباش المسيحيين الطامعين بالتوسع والمتعاونين والمتحالفين مع الأوربيين. وتصدى الخليفة لبعض الثورات ضده. ولكن بدأت سلطة المهدية تتقلص بسبب العداء البريطاني وغيره من الأوربيين لها.

 ورغبت بريطانيا المسيطرة على مصر بالتفرد بالسلطة الرئيسية في شرقي إفريقيا فقررت احتلال السودان المصري بالتعاون مع الجيش المصري، فأرسلت حملة بقيادة كتشنر فاحتل دنقله في 1314هـ/1896م. وهزم الخليفة قرب أم درمان في سنة 1316هـ/1898م. وقتل الخليفة مع جمع من أنصاره في 1317هـ/1899م.

عبد الرحمن البيطار

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد أمين، المهدي والمهدوية (القاهرة، د.ت).

ـ محمد فؤاد شكري، الحكم المصري في السودان1820ـ1899م (القاهرة 1947م).

ـ مكي شبيكة، مقاومة السودان الحديث للغزو والتسلط (معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة 1972م).

ـ ب.م هولت، دولة المهدية في السودان «عهد الخليفة عبد الله 1885-1898م»، ترجمة هنري رياض وآخرين (دار الثقافة، بيروت، مكتبة خليفة عطية، الخرطوم 1973م).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 773
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1074
الكل : 45632752
اليوم : 33435

حفصة الركونية

حفصة الركونية (…-586هـ/ … -1190م)   حفصة بنت الحاج الرَّكوني، شاعرة وأديبة، نسبت إلى ركونة (أوركانة) وهي بلدة أندلسية قديمة تقع غربي ثغر بلنسية، عاشت في غرناطة قاعدة بلاد الأندلس، التي شبهت بدمشق بلاد الشام، وقد نبغ فيها كثير من الشاعرات. لم تُعرف أخبار حفصة إلاّ في أيام حكم الموحدين، فقد اتصلت بالـسلطان المنـصور عـبد الـمؤمن بـن علـي أول الحـكـام المـوحديـن في الأنـدلـس (ت558هـ/1163م).
المزيد »