logo

logo

logo

logo

logo

الأسعار (سياسة-)

اسعار (سياسه)

Prices policy - Politique des prix

الأسعار (سياسة ـ)

 

يعرف علم الاقتصاد السعر بأنه التعبير النقدي لقيمة السلع أو البضائع وبالتالي كلما ارتفعت قيمة السلعة ارتفع سعرها والعكس صحيح. وترد عند تطبيق ذلك أسئلة كثيرة منها على سبيل المثال: هل الأساس الذي يبنى عليه السعر يجب أن يكون القيمة الفردية أم القيمة الاجتماعية؟ ولماذا تبيع بعض البلدان منتجاتها في السوق الدولية بأقل من تكلفتها المحلية؟ ولماذا تجلب بعض الأسعار دخلاً عالياً في حين تجلب الأخرى دخلاً منخفضاً وأحياناً تجلب الخسارة؟ وهناك أسئلة أخرى كثيرة. فعلم الاقتصاد يقدم الأجوبة عن هذه وغيرها من الأسئلة، وتسمى مجموعة المبادىء والأسس التي تلقي الضوء على هذه الموضوعات وما يتعلق منها بتشكل الأسعارformation of prices وأسباب ارتفاعها وانخفاضها بنظرية الأسعار theory of prices أو سياسة الأسعار policy of prices. ويفرق علم الاقتصاد الحديث بين سياسة الأسعار في اقتصاد السوق، إذ تغلب على السوق شروط العرض والطلب ويفعل قانونهما مفعوله كاملاً وتبقى الأسعار بحالة من التغير المستمر وفق شروط العرض والطلب، وسياسة تشكل الأسعار في الاقتصاد المخطط إذ يعد تشكل الأسعار عملية اقتصادية مخططة وواعية تقوم بها الأجهزة التخطيطية المركزية والمحلية المنتشرة في القطاعات الاقتصادية والمؤسسات والوزارات وغيرها، والأسعار هنا تتصف بالاستقرار والثبات مدداً طويلة.

إن المؤشرات السعرية في النظامين كليهما تضع الأساس لمراقبة النشاط الاقتصادي والمالي للمؤسسة، ولرسم السياسة الاقتصادية للدولة، فهي أداة توجيه فعالة للاقتصاد.

وعملية تشكل الأسعار تحكمها قوانين اقتصادية محددة في الزمان والمكان وطبيعة النظام: كقانون العرض والطلب الذي يحدد العلاقة في السوق بين السعر واستعداد المشترين والبائعين لتبادل كميات معينة من سلعة ما بسعر معين، وقانون القيمة الذي يعكس العلاقات بين مقادير العمل الاجتماعي المتمثل في السلع وما يقابلها من نسب التبادل، وقانون متوسط معدل الربح الذي يعبر عن العلاقات القائمة بين معدلات الأرباح التي يحققها الأفراد في ظل المنافسة الحرة. وتقوم هذه القوانين على أساس التجريد العلمي، كما يرى الاقتصادي البولوني أوسكار لانجه، الذي ينطلق من استبعاد العلاقات الطارئة غير الجوهرية في أحوال معينة عن العلاقات ما بين عناصر العملية الاقتصادية والواقعية. فمثلاً تعد القيمةُ الأساسَ الموضوعي والعلمي للسعر، ويعد السعر تعبيراً نقدياً عن القيمة. ولكن قد تقع بعض الانحرافات التي يكون مصدرها في اقتصاد السوق طبيعة السوق ذاتها وقانون العرض والطلب الذي يحكمها. أما في الاقتصاد المخطط، الذي تسيطر به الدولة على الكميات والنسب الاقتصادية الأساسية والإنتاج الاجتماعي عن طريق الخطة، فتحدث الانحرافات بموجب سياسة واعية تتبعها الدولة وليس باجراءات عفوية، ولذلك يفعل قانون القيمة فعله كما يبدو في انحراف الأسعار عن القيم.

القيمة والسعر

يلاحظ علماء الاقتصاد أن قيم البضائع الاقتصادية تختلف ما بين الشخص الذي يستخدمها والشخص الذي يبيعها، ويسمون الأولى القيمة الاستعمالية، والأخرى القيمة التبادلية. ومع أن القيمة التبادلية تعتمد أساساً على القيمة الاستعمالية، فإن العلاقة بين القيمتين صعبة التحديد. فالماء ذو قيمة استعمالية كبيرة ومن دونه تنتهي الحياة، ومع ذلك فقيمته التبادلية لاتوازن مع قيمة الألماس مع أن الأخير يستعمل للزينة. وقد حاول الاقتصادي آدم سميث[ر] أن يجيب عن هذا الموضوع بنظرية تكلفة الإنتاج التي تحدد قيمة البضاعة التبادلية بتكاليف إنتاجها، فتكلفة إنتاج الألماس من وجهة نظره أكبر من تكلفة استخراج الماء فضلاً عن ندرته لذلك فإن قيمة الألماس التبادلية أكبر من قيمة الماء التبادلية.

وتحاول المدرسة الاقتصادية النمسوية أن تبني قيمة البضاعة التبادلية لا على أساس تكاليف الإنتاج وإنما على أساس المنفعة الهامشية، أي المنفعة الإضافية التي يحوزها المشتري. وعلى ذلك فإنه، وفقاً لهذه النظرية، ليس لتكاليف الإنتاج دور في عملية تحديد القيمة التبادلية للسلعة وإنما المنفعة التي يحصل عليها المستهلك تبعاً لمدى وفرة هذه السلعة.

ويرى أنصار نظرية العرض والطلب أن أصحاب نظرية القيمة المستندة إلى تكاليف الإنتاج وأصحاب نظرية القيمة المستندة إلى المنفعة الهامشية مصيبون في رأيهم، وأنه يمكن جمع هاتين النظريتين في نظرية جديدة تبني القيمة على تكاليف الإنتاج والمنفعة معاً. فالمنفعة تتحكم في الطلب، وتكاليف الإنتاج تتحكم في العرض، وبناء على ذلك فإن القيمة التي تتحدد بتكاليف الإنتاج والمنفعة تتحدد بعاملي العرض والطلب. وهكذا فإن القيمة التبادلية لأي بضاعة هي قوتها الشرائية معبراً عنها بمجموعة البضائع الأخرى التي يمكن حيازتها في مقابل المبادلة بها. والسعر هو القيمة التبادلية معبراً عنها بعدد من الوحدات النقدية. فسعر البضاعة أو الخدمة هو عدد الوحدات النقدية التي يمكن حيازتها مقابل مبادلة تلك البضاعة أو الخدمة بها.

والقيمة يمكن أن يعبر عنها بأي بضاعة أو خدمة، أما السعر فيعبر عنه دائماً بعدد الوحدات النقدية. والقيمة تستخدم للتعبير عن أي كمية من البضائع أو الخدمات، في حين لا يستخدم السعر إلا للتعبير عن قيمة وحدة البضاعة الممكن تبادلها. ومع وجود علاقة بين السعر والقيمة، فليس السعر بالضرورة انعكاساً للقيمة مهما يكن الأساس الذي حسبت عليه القيمة لأن السعر قد ينحرف عن القيمة ارتفاعاً أو انخفاضاً وفقاً للعلاقة بين العرض والطلب.

وظيفة الأسعار

يقوم السعر في الأنظمة الاقتصادية المختلفة بثلاث وظائف مهمة. الأولى هي الوظيفة التوزيعية: فالبضائع في الاقتصاد الوطني تتم حيازتها من قبل المواطنين وفقاً لنظام الأسعار، أي إن توزيعها على المواطنين إنما يتم عن طريق السعر الذي يقوم المواطن بدفعه لحيازة البضاعة المرغوب فيها، والوسيلة البديلة للسعر في عملية التوزيع هي التقنين والتوزيع وفق أسس أخرى معتمدة. والثانية هي وظيفة الاختيار الحر لأنواع البضائع التي يمكن أن يحصل عليها المستهلك وفقاً لذوقه ودخله. أما الثالثة فهي الوظيفة التوجيهية للإنتاج، فالأسعار يمكن أن توجه المنتج كما توجه المستهلك. فالمنتج الذي يرى أسعار بضاعة ما ترتفع يوجه جهوده لزيادة إنتاجها لجني المزيد من الأرباح لأن زيادة السعر ترتبط بزيادة الطلب وقلة العرض وبالتالي فإنه يوجه المنتج إلى الفروع الإنتاجية التي تحتاج إلى المزيد من الإنتاج.

قانون الطلب والسعر

إن العلاقة القائمة بين التغيرات في الأسعار والتغيرات في الكميات المطلوبة من حيث زيادة الطلب عند انخفاض السعر، وانخفاض الطلب عند زيادة السعر، تسمى قانون الطلب[ر. العرض والطلب]. ومن الممكن تفسير هذا القانون بالعلاقة القائمة بين ارتفاع سعر مادة معينة كالرز مثلاً، وزيادة إقبال الناس على شراء مادة بديلة تحل محله كالبرغل. فعندما يرتفع سعر الرز يقلل أكثر الناس من شرائه ويقبلون على شراء البرغل بدلاً من الرز.

ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن سير آلية قانون الطلب تتوقف على وجود شروط في السوق كتعدد البائعين والمشترين الأمر الذي يمنع تحكم البائع أو المشتري في عملية البيع أو الشراء.

السوق

في أثناء الحديث عن الطلب تبين أنه لابد من وجود سوق معينة يظهر فيها الطلب ويتفاعل مع العرض. والسوق بهذا المعنى هي المكان الذي يلتقي فيه العارضون بالطالبين، أي يلتقي البائعون بالمشترين، سواء أكان ذلك لقاءً مباشراً  أو عن طريق وسيلة من وسائل الاتصال. وعلى ذلك فيمكن للسوق أن تكون محلية أو وطنية أو إقليمية أو دولية.

العلاقة بين الطلب والسعر والدخل

إن الدخل بحد ذاته مجموعة من الأسعار، فهو، بمعنى آخر، انعكاس للقوة الشرائية أي مصدر الطلب، والسعر الذي يوجه عليه الضوء هو سعر السلع والخدمات المطلوبة.

الطلب والسعر والمرونة: إذا افترض أن المداخيل والأسعار ثابتة لا تتغير في مدة زمنية معينة وأن سعر السلعة قد ارتفع وحده، فستكون النتيجة الأساسية لذلك هي انخفاض في طلب تلك السلعة، لأن الناس سيتوجهون إلى شراء سلع أخرى بديلة. أذ إن العلاقة بين الطلب والسعر هي علاقة عكسية أي إن زيادة السعر تؤدي في الحالة العادية إلى انخفاض الطلب. وهذه العلاقة تطابق منطق المستهلك الذي يبحث دائماً عن الوصول إلى أكبر قيمة في المنفعة. 

ولما كان الطلب على السلعة يتغير بتغير السعر فإن حدة هذا التغير تختلف باختلاف السلع. فهناك سلع ينخفض طلبها قليلاً ولو كان ارتفاع سعرها كبيراً. وقد أشار الاقتصاديون إلى العلاقة بين تغير السعر من جهة وتغيّر الطلب من جهة أخرى بالمرونة أي مرونة الطلب إزاء السعر وتمثل «قابلية جواب» الطلب على تقلبات السعر وتساوي من الناحية الرياضية معدل نسبة تغير الطلب

ط/ط إلى نسبة تغير السعر س/س ويلاحظ أن قيمة مرونة الطلب إزاء السعر تكون سالبة في غالب الأحيان وهذا شيء طبيعي لأن تغيّر السعر وتغيّر الطلب يتجهان اتجاهين متعاكسين. ولكن الاقتصاديين اعتادوا عدم الاهتمام بعلاقة المرونة، فهم لا يأخذون بالحسبان إلا القيمة المجردة للمرونة، فإذا انخفض السعر بنسبة 1% وتزايد الطلب بنسبة 1% تكون مرونة الطلب تساوي الواحد. وتعد مرونة الطلب إزاء السعر من المقاييس الأساسية في تحديد برامج الإنتاج.

الطلب والدخل: إن العلاقة بين الطلب والدخل هي علاقة طردية لأن الطلب يرتفع دائماً كلما ارتفع الدخل مع استثناء الطلب على السلع الغذائية (قانون انجل).

أما فيما يتصل بمرونة الطلب إزاء الدخل، فتكون موجبة إلا في حالات استثنائية، وتستعمل المرونة مقياساً لمدى ضرورة المواد للمستهلك. وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن مرونة الطلب في ضوء الدخل تزيد على الواحد فيما يتصل بالمواد والسلع غير الضرورية. وتختلف أيضاً قيمتها باختلاف مستوى المعيشة: فمرونة طلب المواد الغذائية في ضوء الدخل تكون منخفضة في البلدان المتقدمة ومرتفعة في البلدان المتخلفة. ومن هنا تبرز أهمية العلاقة الوثيقة بين الطلب من جهة والسعر والدخل من جهة أخرى، وأهمية الدور الذي يقوم به الطلب في تحديد الأسعار إضافة إلى دور العرض.

العرض والسعر: العرض هو العنصر الثاني المؤثر في عملية تحديد الأسعار، وهو يتعلق باختيار المنتج. والعرض فيما يتصل بسلعة ما هو المقدار الذي يمكن بيعه منها في السوق بسعر معين. ويتحدد العرض بتأثير عاملين: أحدهما داخلي يتعلق بسير العمل في المؤسسة وهو عامل التكاليف [ر. التكاليف (نظرية ـ)]. والثاني خارجي يتحدد في السوق وهو عامل السعر.

تكاليف الإنتاج: تتكون من مجموع النفقات التي ينفقها المنتج في أثناء قيامه بعملية الإنتاج وهناك تكاليف ثابتة وأخرى متغيرة، فالأولى إجبارية لا ترتبط بكمية الإنتاج مثل نفقات التأمين والبناء والتجهيز والخدمات الإدارية والعادية وغيرها، والثانية تتزايد بتزايد الإنتاج مثل نفقات الأجور والمواد الأولية والطاقة، ويمكن أيضاً تقسيم التكاليف إلى كلية ومتوسطة وحدية.

التكاليف الكلية = التكاليف الثابتة + التكاليف المتغيرة.

التكاليف المتوسطة =   مجموع التكاليف
  عدد الوحدات المنتجة

والتكاليف الحدية هي النفقات الإضافية اللازمة لإنتاج وحدة إضافية، وهي بطبيعة الحال لا تشتمل إلا على التكاليف المتغيرة لأنها هي التي تتزايد عند ارتفاع الإنتاج وتؤثر في الكمية المعروضة من السلعة.

العرض والسعر: هناك علاقة طردية بين السعر والعرض، بمعنى أن حركة العرض تأخذ اتجاه حركة السعر نفسه فإذا ما ارتفع السعر ارتفع العرض.

وهناك مرونة العرض إزاء السعر، وهي مرونة موجبة دائماً وتبين مدى استجابة العرض لتقلبات الأسعار، ولها أيضاً، كما لمرونة الطلب، خمس حالات: العرض المرن (م<1) والعرض غير المرن (م >1) والمرونة الثابتة (م=1) والعرض المرن إطلاقاً (م=   )، العرض غير المرن مطلقاً (م=0).

فمرونة العرض إزاء السعر، تبين مدى قدرة المنتجين على التكيف مع تغيرات السعر.

 

إن معرفة تأثير العرض والطلب في السعر، تكشف مدى تأثير هذين العاملين في مختلف الأسواق، فالعارض المحتكر للسوق لا يتخذ المواقف نفسها التي يتخذها العارض المنافس أو المزاحم، لذلك يجب التفريق بين أنواع الأسواق وإظهار تأثير كل نوع منها في تحديد السعر.

الأسعار بين المنافسة والاحتكار

ميز الاقتصاديون بين وضعين للأسواق: وضع المنافسة التامة ووضع الاحتكار التام.

المنافسة التامة: حدد الاقتصاديون وضع المنافسة التامة بوجود خمسة شروط أساسية هي: التكافؤ في السوق وعلنية السوق وحرية الدخول إلى السوق وتجانس المنتجات وحرية انتقال عوامل الإنتاج. وتضمن هذه الشروط وضع المنافسة التامة وتكون النتيجة الأساسية لذلك أن السعر في السوق يتأثر بأي مؤسسة من المؤسسات الموجودة ولكنه يتحدد انطلاقاً من المفعول الجماعي لتصرفات كل المؤسسات. فطلب سلعة معينة في السوق يساوي مجموع طلبات المشترين لها، وعرض سلعة معينة في السوق يساوي أيضاً مجموع عروض البائعين لها، وبذلك يكون تقاطع منحنى الطلب الإجمالي بمنحنى العرض الإجمالي من سلعة ما محدداً لسعر المادة والحجم المبادل منها:

وهذا السعر هو الوحيد في السوق وهو سعر التوازن  الذي يتعادل فيه الطلب والعرض ويبقى على المؤسسات أن تتكيف مع هذا السعر الذي يتحدد في السوق وليس العكس.

الاحتكار التام: يتمثل هذا الوضع في وجود عارض واحد لسلعة معينة تجاه مجموعة من الطالبين، ويتكيف هذا العارض بتحديد السعر الذي يشاء ولكن ضمن حدود إمكان التعويض عن السلعة وأخذ القوة الشرائية للمستهلكين بالحسبان. فالعارض المحتكر قادر على تحديد السعر الذي يريده، لكنه لا يستطيع تحديد طلب المستهلكين على سلعته. فهؤلاء هم الذين يكيفون الطلب بمقدار السعر المحدد وفقاً لقدرتهم الشرائية ولمرونة طلب السلعة في ضوء السعر. وقد يحدد المحتكر كمية العرض من سلعته ولكنه سيترك في هذه الحالة للمستهلكين تحديد السعر الذي يطابق قيمة الطلب.

وهناك نوع آخر من الاحتكار التام هو احتكار المشتري ومثال ذلك أن تقوم شركة حكومية وحدها، في دولة ما، بشراء أنواع معينة من الخضار والفواكه من الفلاحين.

وعند تحديد السعر في وضع الاحتكار التام يأخذ المنتج بالحسبان أربعة متغيرات هي: التكلفة المتوسطة والتكلفة الحدية والدخل المتوسط والزيادة المتوقعة في الدخل. ويتحدد السعر بموجبها في النقطة التي تطابق الإنتاج على منحنى الطلب أو الدخل المتوسط.

ويبدو من هذا التلخيص للنظرية التقليدية للأسعار أنها نظرية لا تنسجم مع واقع الأسواق الحديثة، فلا المنافسة التامة ولا الاحتكار التام يعبران عن الحالات التي يمر بها هذا العصر.

وانطلاقاً من ذلك سعى الاقتصاديون المعاصرون إلى وضع نظريات جديدة للأسعار تنسجم مع واقع الأسواق المعاصرة المركبة من وحدات كبيرة الحجم، وتعدد القوانين، وهيمنة الدعاية على الاختيارات، وتنوع أشكال الإنتاج، مع هذا فإن هذه الأسواق لم تفقد مكونات المنافسة بين المنتجين.

المنافسة الاحتكارية: وهي مزيج من المنافسة التامة والاحتكار التام، يحاول المنتجون عن طريقها الضغط على المستهلك وكبح تحوله عن منتجاتهم إلى منتجات غيرهم، مستخدمين في سبيل ذلك وسائل كثيرة منها اختراع أنواع جديدة من السلع، أو تغيير أسلوب عرضها، وكذلك وسائل الدعاية والترغيب، فللدعاية أثر كبير في تغيير أوضاع الأسواق، وتأثير في شروط تحديد الأسعار.

احتكار القلة: يتمثل هذا النوع من الاحتكار في وجود عدد قليل من المنتجين في السوق، ويمكن أن يعد أقصى حد لاحتكار القلة وجود بائعَيْن في السوق يتقاسمان طلب المشترين، وذلك هو وضع الاحتكار الثنائي، وإن محددات احتكار القلة هي محددات الاحتكار الثنائي نفسه إذ يؤثر كل منتج في اختيارات المنتج الآخر. وتتخذ العلاقة غالباً بين المنتجين أحد السبيلين التاليين:

أولهما الصراع المستمر بين الوحدات المتنافسة المتمثل في إقبال كل وحدة على تخفيض السعر، ويؤدي هذا الصراع إلى زوال الضعفاء وبقاء المنتج الأقوى اقتصادياً، وثانيهما التعايش بين المنتجين والاتفاق فيما بينهم حول الاختيارات. وربما أخذ هذا التعايش صيغة اتفاقات بين المؤسسات تؤدي إلى ظهور «الكارتلات» أو صيغة اتفاق ضمني، تنقاد بموجبه المؤسسات الأضعف إلى المؤسسات الأقوى. وفي كلتا الحالتين يتحدد السعر في السوق الاحتكارية بحسب معطيات المؤسسات الأقوى.

الاحتكار المزدوج: ويقصد به وجود بائع واحد ومشتر واحد، وهنا يحاول كل من العارض والطالب فرض شروطه على الآخر. فالأول يريد أن يبيع بأعلى سعر ممكن، والثاني يريد أن يشتري بأقل سعر ممكن، وفي النتيجة يحسم الصراع لمصلحة أحدهما تحت تأثير عدة عوامل أهمها:

ـ القوة الاقتصادية لكل من الطرفين، وتتجلى هذه القوة في المركز المالي، وحجم رأس المال، ونوعية التجهيزات، ومدى أهمية المخزونات الاحتياطية.

ـ الصراع النفسي بين الطرفين وقدرة كل منهما على تسهيل أعماله والقدرة على استغلال الفرص المتاحة.

إن تحديد الأسعار اليوم لايتعلق فقط بمجرد وجود عاملي العرض والطلب بقدر مايتعلق أيضاً باستراتيجية الأسعار، أي بالسياسة السعرية التي تنتهجها الشركات أو الدولة.

ويُعد تدخل الدولة من العوامل الأساسية لتحديد الأسعار في الاقتصاد الحديث. فالأسعار اليوم تخضع، إضافة إلى العوامل التي ذكرت، لاستراتيجية القوى الاجتماعية والاقتصادية التي تكون الدولة إحدى دعائمها الأساسية.

ويختلف تدخل الدولة باختلاف النظم الاقتصادية، أي إن معالم هذا التدخل وشروطه وبواعثه لا تأخذ الشكل نفسه في النظام الاقتصادي الحر (الرأسمالي) والنظام الاقتصادي المخطط (الاشتراكي).

فالدولة في النظام الاقتصادي الحر لا تتدخل إلا في تحديد أسعار المواد والسلع الزراعية الأساسية وفي تحديد أسعار المواد والخدمات المنتجة من قطاع الدولة (القطاع العام)، وفي مراقبة الأسعار وتوجيهها بصورة عامة، مستخدمة بعض المؤثرات في العرض والطلب على حد سواء. وتقوم الدولة بالتأثير في عامل العرض عن طريق سياسة التخزين وسياسة التجارة الخارجية وسياسة القروض وسياسة الضرائب وسياسة اليد العاملة. وتقوم بالتأثير في عامل الطلب عن طريق سياسة المداخيل وسياسة الاستهلاك.

السياسة السعرية

السياسة السعرية في جوهرها هي الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدولة في مجال الأسعار بهدف حل بعض المسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمرحلة المعنية من التطور الاقتصادي والاجتماعي. وعن طريق السياسة السعرية تقوم الدولة بالتأثير في الفروق الطبقية والاجتماعية بين مختلف فئات السكان وفي مسارات التنمية الزراعية والتنمية الصناعية، وفي نسب توزيع الدخل القومي، وفي علاقة السعر بالقيمة بحسب متطلبات المرحلة الراهنة من التطور الاقتصادي. كذلك تقوم الدولة، عن طريق السياسة السعرية، بإعداد نظام الأسعار المناسب، ووضع أساليب تحديد القيمة والحد من انحراف الأسعار عن القيم، وتوجيه عملية التداول النقدي في المجتمع، وتنظيم إجراءات المستوى المعيشي للسكان عن طريق تخفيض الأسعار أو رفع الأجور، والتأثير في الطلب عن طريق توجيهه لبعض السلع أو كبحه عن بعضها الآخر بحسب متطلبات السياسة الاقتصادية للدولة، والتأثير في البنى والهياكل الإنتاجية، إذ تشجع الدولة بعض فروع الإنتاج وتعوّق بعضها الآخر.

الأسعار في النظام الاقتصادي المخطط: ليس للسعر في النظم الاشتراكية الأثر نفسه الموجود في النظم الرأسمالية فلا يقوم مقام الحكم في الخيارات الاقتصادية بل على عكس ذلك ينتج السعر عن القرارات الأساسية للتخطيط الناجمة عن النهج العام للدولة الاشتراكية: فالسعر ليس هنا سعراً لسوق حرة لسببين: أولهما أن المنتج لا يقصد الوصول إلى أكبر قدر من الأرباح، والثاني أن المستهلك لا يؤثر في السوق عن طريق الطلب، لذا لا يكون السعر مرشداً لمستوى ندرة السلعة. ولكن هذا لا يعني أن السعر يفقد وظائفه لأن الدولة تأخذ بالحسبان العنصر التقني للسعر  وهو عنصر التكاليف. فالتخطيط المركزي يحدد، من جهة، مقادير الإنتاج لكل السلع ويحدد، من جهة ثانية، مقادير السلع الموزعة على الوحدات الاقتصادية بقصد استهلاكها أو استثمارها.

ولما كانت النقود مقياساً لقيمة المبادلة وكانت الأسعار تعبيراً عن القيمة أصبح من الطبيعي على الدولة أن تحدد الأسعار. فالأسعار التي تحددها الدولة تأخذ بالحساب هدفين أساسيين هما: بلوغ أكبر حد ممكن للإنتاج في القطاعات ذات الأولوية، وبلوغ أكبر حد ممكن لإشباع حاجات السكان المتزايدة.

وهكذا يحل الأسلوب التخطيطي الإرادي للأسعار محل الأسلوب الآلي العفوي الساري في اقتصاد السوق.

فالأسعار المخططة تساعد في قياس حجم أعمال كل مؤسسة، ونمو الاستهلاك وإنتاجية العمل، والريعية ومؤشرات أخرى كثيرة تتضمنها الخطة الاقتصادية. والصفة الرئيسة المهمة للأسعار هي كونها تقوم بتسهيل وظيفة التبادل المتكافئ.

وتساعد الأسعار الأجهزة التخطيطية في وضع النسب الصحيحة بين كل من الإنتاج والتبادل، كما تساعد في تحديد العلاقات بين قطاعات الاقتصاد الوطني وفروعه والنسب بين الادخار والاستهلاك والاستثمار. وبمستوى أسعار السلع المستهلكة من قبل السكان تتعلق الأجور الحقيقية للعمال والقدرة الشرائية للسكان والمستوى المعيشي العام لكل فئات السكان على مختلف مستوياتها.

الإنتاج السلعي والسعر: يتم توزيع الإنتاج المادي في المجتمع الاشتراكي لا عن طريق التوزيع العيني المباشر للأشياء، بل بمساعدة بعض الأدوات كالأسعار، والأجور، والتجارة، والنقود وغيرها من الأدوات الاقتصادية.  ويتطابق هذا الشكل من التوزيع مع مستوى تطور الإنتاج المادي، ودرجة تطور القوى المنتجة في المجتمع. ومن هنا تنبع ضرورة التقويم النقدي لكمية العمل المتضمنة في إنتاج مختلف السلع، ويتم هذا كله بفضل السعر بوصفه أداة قياس ومقارنة فعالة.

القيمة والسعر في الاقتصاد المخطط: إن ظهور قانون القيمة في الاقتصاد المخطط يأخذ عدة أشكال، منها:

أن النشاط الاقتصادي لا يظهر فقط بصورة مادية وعينية، بل بصورة نقدية أيضاً، وأن نتائج النشاط الاقتصادي يعبر عنها بصورة نقدية (السعر) وكذلك الأجور، وأن تبادل البضائع يعتمد أساساً على محتوى قانون القيمة (التكافؤ في التبادل)، وعند تعدد المنتجين، يتم تحديد أسعار البضائع على أساس القيمة الاجتماعية، وأن تنظيم الإنتاج وإدارته تتمان أيضاً بتأثير قانون القيمة. ومنها كذلك أن مراقبة تنفيذ الخطط والبرامج الإنتاجية تتم بالاعتماد على مؤشرات ونسب اقتصادية مبنية على النقد والقيمة، وأن توزيع الاستثمارات بين مختلف القطاعات الاقتصادية (الإنتاجية والخدمية) يتم أيضاً على أساس النقد والقيمة وغيرها من المصادر التي يرسمها قانون القيمة في الاقتصاد الاشتراكي.

ثم إن الأسعار تحسب على أساس إضافة هامش ربح على تكلفة إنتاج السلعة أو على التكلفة الحدية ويحسب هامش الربح نسبةً مئوية من الأجور أو من مجمل التكاليف أو من الأرصدة الأساسية والدائرة.

وعلى هذه الأسس تتحدد أسعار الجملة وأسعار المفرق للمنتجات الصناعية والزراعية والخدمات وغيرها مع مراعاة توجيهات الدولة في تخفيض أسعار بعض السلع ورفع أسعار بعضها الآخر لأغراض سياسية أو اجتماعية.

وفي المدة الأخيرة بدأت البلدان التي كانت تتبنى النظم الاشتراكية تهتّم اهتماماً كبيراً بالاستقلال النسبي للمؤسسة وبإيجاد جو من المنافسة النسبية بين المؤسسات، مما قد يؤدي إلى تخفيض التكاليف وتغيير نوعية الإنتاج، كي يستجيب العرض لبعض رغبات السكان الذاتية التي يفرضها ارتفاع دخلهم كما يستجيب لمتطلبات الانفتاح على الخارج. وللسعر في هذا الاتجاه أثر إيجابي، ويكون بجانب التخطيط أداة توجيه للتنمية الاقتصادية. كما أن هذا الاتجاه سوف يؤدي إلى زيادة مردودات المؤسسات الاقتصادية.

الأرقام القياسية في تحديد مستوى الأسعار

الرقم القياسي هو حاصل ضرب معدل قيمتين لشيء معين في زمنين مختلفتين في 100، فإذا كانت قيمة سلعة معينة في مدة الأساس هي س5 وأصبحت هذه القيمة في مدة الحساب س1، فيمكن حساب الرقم القياسي للسلعة، في وقت الحساب س1 كما يلي:

 

د = 100 ×   س1   س5-س1
  س5   س1

فمثلاً: كان سعر اللحم في شهر أيار 50 ل.س للكيلو الواحد وارتفع السعر في شهر تموز إلى 60 ل.س فتكون قيمة كيلو اللحم قد ارتفعت 10 ل.س. ولكن الأفضل أن تحسب القيمة النسبية للارتفاع على النحو التالي:

 

(60-50)×100   =   10×100

= 20%

50     50

أي إن نسبة الرقم القياسي لسعر اللحم في شهر تموز لسعر اللحم في أيار يساوي 20%.

إذن فإن وضع أرقام قياسية لأسعار سلعة معينة يتطلب أولاً تحديد سعر السلعة في مدة الأساس الذي تحسب في ضوئه تقلبات السعر في مدد مختلفة.

ويساوي الرقم القياسي لمجموعة من المواد المتوسط الحسابي المرجح لمجموع الأرقام  القياسية لهذه المواد.

سياسات التسعير في سورية

حينما ارتكزت عملية التوجه في سورية على سياسة الإنماء الاقتصادي بأبعادها الوطنية والقومية وفقاً لنهج التخطيط الشامل، كان لابد من بذل اهتمام أكبر بالسياسة السعرية، لا لكونها من الوسائل المهمة ذات العلاقة بخطة التنمية فحسب، بل لأنها عدت من السمات الأساسية للسياسة القومية للاقتصاد تستهدف تطوير الجوانب المادية والروحية للإنسان. لقد تضمنت استراتيجية السياسة السعرية في سورية ضرورة توازن استقرار أسعار السلع الأساسية الحيوية ذات الصلة المباشرة بحياة الأكثرية الساحقة من المواطنين (كالسكر والرز والشاي والخبز والزيوت النباتية)، سواء أكانت مستوردة، أم منتجة محلياً بوساطة القطاع العام، وبأسعار تحددها الدولة في إطار المصلحة العامة ومصلحة المواطن، بعيداً عن الاستغلال، ومحاولة السيطرة على الاختناقات التي تحدث بين مدة وأخرى، وبذل الجهود من أجل تطوير القطاعين التجاري الحكومي والقطاع الخاص وتنظيم أسعار السلع الأخرى. وقد أوكل إلى وزارة التموين والتجارة الداخلية المهام التالية المتعلقة بالأسعار:

ـ تنفيذ سياسة الدولة في الأسعار.

ـ إعداد القواعد الأساسية لسياسة أسعار التجزئة وفق توصيات اللجنة الاقتصادية المقترنة بموافقة رئيس مجلس الوزراء، وفي ضوء توجيهات المجلس الأعلى للتخطيط.

ـ تحديد أسعار البيع النهائية للمستهلك وتوحيدها والعمل على استقرارها سواء للمواد المستوردة أم المنتجة محلياً من قبل القطاع العام.

ـ تحديد العمولات لجميع فئات الوساطة من منتجين ومستوردين، وتجار جملة ونصف جملة وباعة المفرق وتحديد سعر البيع لكل فئة من هذه الفئات.

وأصبحت الجهات الرئيسة المسؤولة عن التسعير هي:

ـ اللجنة الاقتصادية، وهي إحدى لجان مجلس الوزراء الدائمة.

ـ وزارة التموين والتجارة الداخلية (مديرية الأسعار).

ـ لجان تحديد الأسعار في المحافظات.

ويتم تحديد أسعار المنتجات الزراعية من قبل الجهات التالية:

ـ المجلس الزراعي الأعلى للمنتجات الزراعية الرئيسة.

ـ اللجنة الاقتصادية لبعض المنتجات الزراعية.

ـ وزارة التموين والتجارة الداخلية لبعض المنتجات التي تقوم مؤسسات القطاع العام بتسويقها، وذلك في  ضوء دراسة تكاليف الإنتاج المتفق عليها بين الجهات المنتجة والجهات المسوقة، وغالباً ما يتم تصديق هذه الأسعار من المجلس الزراعي الأعلى.

ـ لجان تحديد الأسعار بالمحافظات، وبإشراف المكاتب التنفيذية فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية غير الأساسية.

تصدر أسعار المنتجات الزراعية بقرار من وزارة التموين والتجارة الداخلية، وتعد ملزمة للجهات المنتجة والمسوقة والمستهلكة، ويتم بموجب قرارات خاصة من وزارة التموين تحديد نسب الأرباح والعمولات لكل نوع من المنتجات الزراعية.

ويمكن حصر اتجاهات تدخل الدولة في تنظيم أسعار المنتجات الزراعية للسلع ذات الأهمية الحيوية في عنصرين رئيسين:

ـ تحديد مباشر لأسعار منتجات أساسية معينة كالقمح والقطن والشعير والشوندر. وفي هذه الحالة فإن الأسعار التي تحددها الدولة للمزارعين تكون ملزمة ما دامت الدولة هي المشتري الأساسي أو الوحيد لهذه المنتجات.

ـ التأثير في آلية السوق الداخلية في حدود ضيقة، وذلك بشراء منتجات زراعية بكميات محدودة، وبأوقات مختلفة ومؤقتة (كالبطاطا والبندورة). في هذه الحالة فإن تحديد حد أقصى لأسعار بعض المنتجات التي تشتريها مؤسسات الدولة كشركة الخضار والفواكه، تؤثر في السوق من الناحية الفعلية بطريق غير مباشر، وبقدر حجم الشراء، لكنها لا تقرر أسعار السوق الحقيقية.

وحددت الخطة الخمسية الخامسة في سورية سياسات التسعير ليتم تحديد الأسعار على النحو التالي:

ـ تحديد أسعار المنتجات المحلية و السلع المستوردة على أساس اقتصادي (التكلفة الحقيقية).

ـ تحديد سعر استهلاكي نهائي لجميع المواد الأساسية على أساس الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية.

ـ التوسع في استخدام الصندوق المعدل للأسعار الذي ينبغي دعمه أداةً لتحقيق أكبر قدر ممكن من استقرار الأسعار، ويتحمل كل الأعباء الناجمة عن التسعير الاجتماعي.

ـ اتباع سياسة سعرية موحدة في جميع أنحاء القطر للمنتجات المحلية والمستوردة مع إعطاء مرونة للسلطات المحلية في تحديد أسعار المواد الموسمية المحلية.

ـ استخدام السعر أداة وحافزاً اقتصادياً لزيادة الإنتاج وتحقيق توزيع عادل للدخول.

ـ الاستمرار بإجراء الدراسات السعرية للوصول إلى تحديد علمي ودقيق لبنود عناصر التكلفة الحقيقية.

ـ دعم جهاز مديرية الأسعار في وزارة التموين بالعناصر الفنية، وتطويرها لمتابعة تنفيذ السياسة العامة للأسعار.

ـ إجراء بحث دوري سنوي لتكاليف المعيشة، يتم على أساس حساب رقم قياسي لأسعار المفرق تحدد بموجبه الزيادات الدنيا في الرواتب والأجور.

وقد أقر مجلس الوزراء «مشروع» السياسة العامة للأسعار عام1978، وتضمنت هذه السياسة المبادئ العامة، والعناصر المكونة للسعر، والإجراءات اللازمة لتطبيق النظام، والإجراءات التطبيقية للسياسة العامة للأسعار.

ويعد «المشروع» محاولة أولية لتحديد سياسة سعرية في سورية، ويضيف عبئاً كبيراً على وزارة التموين والتجارة الداخلية، ويجعل منها أداة للتنسيق والتفاعل بين مختلف أنشطة الدولة وفروعها الاقتصادية من ناحية، وأداة للتوجيه والتنفيذ من ناحية أخرى.

وقد أحدث بالمرسوم التشريعي ذي الرقم «10» المؤرخ في30/1/1980 في وزارة التموين والتجارة الداخلية «الصندوق المعدل للأسعار» الذي تتحدد مهمته بما يلي:

ـ دعم أسعار المواد والسلع التي تقرر اللجنة الاقتصادية بيعها بأقل من الكلفة وذلك بحدود الاعتمادات المرصودة في الميزانية العامة للدولة لتغطية العجز التمويني.

ـ امتصاص الفروق الناشئة عن الفرق بين السعر المقرر للبيع وسعر الكلفة، عندما يكون السعر المقرر أعلى من سعر الكلفة، وتغطية فروق الأسعار عند ارتفاع سعر الكلفة عن السعر المقرر للبيع، وذلك للمواد والسلع الأخرى التي يرى وزير التموين والتجارة الداخلية ضرورة استقرار أسعارها أو توحيدها أو تنفيذاً للسياسة العامة للأسعار.

وتباع منتجات القطاع العام عن طريق قنوات كثيرة، فيذهب بعضها منتجات وسيطة إلى منشآت قطاع عام أخرى، أو إلى الدولة، أو يوزع عن طريق المؤسسات العامة التجارية أو المؤسسات التعاونية، ويذهب بعضها الآخر إلى التصدير مباشرة بوساطة مؤسسات حكومية. وإضافة إلى ذلك فإن قسماً مهماً من منتجات القطاع العام يجري تصريفه عن طريق القنوات التجارية الخاصة إما في شكل مادة وسيطة تغذي الأنشطة التحويلية في القطاع الخاص، أو في شكل مواد جاهزة تذهب مباشرة إلى شركات التوزيع للاستهلاك النهائي.

أما تسعير منتجات القطاع العام فيتم بطرائق كثيرة، تتفق في صفة جوهرية واحدة، هي كونها جميعاً نوعاً من «التسعير الإداري». ويُميز هنا بين التسعير الإداري والتسعير الاقتصادي؛ فالتسعير الإداري يقوم على أسس محاسبية شكلية، أما التسعير الاقتصادي فيعتمد على القوانين الاجتماعية الاقتصادية الموضوعية كقانون القيمة، ويأخذ بالحساب ضرورات تحديد الإنتاج والقوانين الاجتماعية، للتوزيع، والعلاقات الاجتماعية والعلاقات الخارجية وغير ذلك.

ويعدّ التسعير الإداري والتواطؤ في البيع من الأسباب المهمة لتهريب نسبة عالية من القيمة المنتجة في القطاع العام إلى القطاع الخاص.

محمد العمادي، فهد الخطيب

 

الموضوعات ذات الصلة

 

الاحتكار ـ الدخل ـ العرض الطلب.

 

مراجع للاستزادة

 

ـ اوسكار لانجه «الاقتصاد السياسي»، الجزء الثاني، الفصل الخامس (نظرية القيمة).

ـ فتح الله ولعلو، الاقتصاد السياسي، القسم الرابع  (تحديد الأسعار: النظرية والواقع).


التصنيف : الاقتصاد
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 296
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 599
الكل : 31625596
اليوم : 60451

بانلوفيه (بول-)

بانلوفيه (بول ـ) (1863 ـ 1933)   بول بانلوفيه Paul Painlevé عالم في الرياضيات وسياسي فرنسي. ولد في باريس وتوفي فيها. تخرج في دار المعلمين العليا عام 1883 وعمل أستاذاً في معهد العلوم في مدينة ليل Lille عام 1886. نال درجة الدكتوراه في العلوم الرياضية في باريس عام 1887 وحاضر في السوربون (باريس) عام 1891، ثم صار أستاذاً بكرسي استثنائي في جامعة ستوكهولم (السويد) عام 1895. ذاع صيته لمحاضراته في أبحاث النظرية التحليلية للمعادلات التفاضلية عام 1897، وصار عضواً في أكاديمية العلوم الفرنسية عام 1900. ثم انتقل إلى المدرسة العليا للعلوم والفنون التطبيقية.
المزيد »