logo

logo

logo

logo

logo

الكريستال

كريستال

Crystal - Cristal

الكريستال

 

يرجع تعبير الكريستال Crystal إلى الكلمة اليونانية kριοξ التي تعني البرودة coldness، أو إلى الكلمة اليونانية kριουξ التي تعني الجليد. وقد اعتقد بعضهم أن كريستال الكوارتز quartz (أكسيد السيليسيوم) كان من الماء الذي أضيف إليه مجهول جعله يتجمد من دون تبريد.

يُعرَّف الكريستال (البلور) على أنه جسم صلب متجانس homogenous محدد التركيب الكيميائي يمتلك بنية بلورية دورية ثلاثية الأبعاد عالية النظام. تمتلك الكريستالات الخواص العامة الآتية:

ـ التركيب الكيميائي المحدد.

ـ تجانس الخواص العددية مثل الكثافة وتباين الخواص anisotropy الشعاعية مثل الناقلية الكهربائية والحرارية.

ـ النظام البنيوي العالي البعيد المدى، حيث تتوضع الذرات أو الشوارد أو الجزيئات دورياً على صفوف شبكية تشكل مستويات شبكية تحتضنها شبكة ثلاثية الأبعاد عالية النظام بفضل البنية الدورية وعناصر التناظر المميزة للحالة البلورية.

ـ الانصهار عند درجة حرارة محددة melting point .

تتألف الكريستالات من عنصر كيميائي واحد أو من عناصر كيميائية عدة، وتصنف بحسب نوع الرابطة الكيميائية إلى كريستالات مشتركة مثل الألماس وكبريت الزنك، وكريستالات معدنية مثل غالبية المعادن وسبائكها، وكريستالات شاردية مثل كلور الصوديوم، وكريستالات جزيئية مثل السكر.

ومن جهة أخرى، يمكن تصنيف الكريستالات إلى طبيعية مثل الألماس والكوارتز والياقوت وغيرها، أو صنعية مثل الياقوت الصنعي والكوارتز الصنعي والسيليسيوم وثنائي هدروجين فوسفات البوتاسيوم KDP .

تشترك الكريستالات كافة في توليد ظاهرة انعراج الأشعة السينية التي أثبتها ماكس فون لاوِه[ر] (1879-1960) Max von Laüe ومعاونوه عام 1912؛ مما شكل أول برهان تجريبي على البنية البلورية الدورية للبلورات. وحين ظهرت في عام 1984 عائلة من المواد البلورية المنتظمة غير الدورية سميت أشباه الكريستالات quasi- crystals. أعيد النظر في مفهوم بنية الكريستال الدورية الثلاثية الأبعاد، وأصبح تعريف الكريستال يقتصر على قابلية البنية على إحداث ظاهرة انعراج الأشعة السينية.

لمحة تاريخية

اكتنف تعبيرَ الكريستال (البلّور) عبر العصور العديدُ من الإيحاءات، فإضافة إلى سحر ألوانه وجماله، ارتبطت الكريستالات بعالم الفلك والأبراج، واتصلت بفنون الطب والشفاء وتوثيق عرى الروابط الإنسانية. وبمعزل عن هذه الرؤى الغيبية، اكتسبت الكريستالات قيمة اقتصادية عبر تطور فن المجوهرات وصناعتها، وقيمة علمية من خلال صياغة علوم الفلزات والبلورات ونتائجها التقانية المعاصرة التي تجعل الكريستالات في مصاف أهم المواد الهندسية في قطاعات التقانة المتقدمة مثل الاتصالات والحاسبات والليزر وأنظمة الطاقة.

تتميز معظم البلورات[ر] الطبيعية مثل الكوارتز والأحجار الكريمة [ر: الجواهر] بأشكال هندسية متعددة الوجوه. ولقد سحرت هذه الأشكال الإنسان منذ القدم بألوانها وصفاء بريقها ودقة استواء وجوهها الخارجية التي تفوق مهارة محترفي الصقل. كما أدرك الإنسان قيمة هذه الأحجار الكريمة، فاستخدمها في الزينة ونسج حولها الأساطير. فقد اعتقد قدماء المصريين وسكان الرافدين بالقدرة الشفائية للبلورات والأحجار الكريمة. وانتقل هذا الاعتقاد إلى حضارات أخرى، وخصص الفيلسوف الألماني ألبرتوس ماغنوس (1193-1280)Albertus Magnus  جزءاً من كتابه المنشور عام 1276 لبحث الصفات الشفائية للبلورات. ومنذ عهد أفلاطون (348-428ق.م) Platon، تناول الدارسون تشكل الفلزات وتركيبها بتوسيع مفهوم «التصلب بالتجميد» solidification by freezing من الجليد إلى بلورة الكوارتز. كما تضمنت كتب الطبيب الألماني غيورغيوس أغريكولا (1494-1555) Georgius Agricola فرضيات عدة حول نمو البلورات وخواصها. وفي القرون التالية، اكتسبت أشكال البلورات اهتماماً متزايداً إذ مهدت دراسات نيلز ستينسن (1636-1686) Neels Stensen ـ حول الزوايا بين الوجوه الخارجية للبلورات ـ الطريق أمام جان بابتيست رومي دي ليل (1736-1790) Jean-Baptiste Romé de l’Isle الذي صاغ عام 1783 قانون ثبات الزوايا بين الوجوه البلورية المتكافئة. وفي السياق نفسه، استنتج الكاهن رينيه جوست هوي (1743-1822) René-Just Hauy  مفهوم الجزيء المتكامل molécule intégrante لوصف البناء الداخلي للبلورات، ونشر كتاب «علم الفلزات» Traité de Minéralogie الذي أصبح المرجع في هذا العلم.

أدى التأمل في توضع وجوه البلورات إلى اكتشاف كريستيان صموئيل ڤايس (1780-1856) Chrsitian Samuel Weiss التناظر فيما بينها وارتباطها بمحاور تناظر، وتبين فيما بعد أن مفهوم التناظر سمة أساسية من سمات البلورات والحالة البلورية وأنها تقترن بالبنية البلورية من المستوى المجهري إلى المستوى الجهري المتمثل بالوجوه الخارجية المتناظرة وجمالية البلورات النابعة من تناظرها.

البلورات الأحادية والبلورات المتعددة

يطلق اسم التبلور crystallization على عملية تشكل الكريستال، ويحصل التبلور في حالات المادة الثلاث انطلاقاً من وسط يتضمن مركباً واحداً أو مركبات عدة. ومن الأمثلة على التبلور في الحالة الصلبة، يمكن ذكر تبلور الزجاج، وتحول القصدير من الطور β الرباعي إلى الطور α المكعب بسبب البرودة الشديدة في بعض فصول الشتاء (مرض آنية القصدير في بعض القصور الملكية الروسية). فيما يتعلق بالتبلور في الحالة الغازية، يمكن الإشارة إلى حالات تشكل الجليد أو تشكل الأغشية الرقيقة نتيجة توضع أبخرة المعادن أو المركبات المختلفة على السطوح المزمع تلبيسها بطريقة التبخير والتوضع.

يعدّ تبلور السوائل الناتجة من الانصهار أو الانحلال أكثر أشكال التبلور وضوحاً، فالسوائل المنصهرة عديمة النظام البلوري تتحول عبر التصلب بالتبريد إلى أجسام صلبة بلورية عالية النظام مثل معظم المعادن وسبائكها وغالبية المواد الصلبة باستثناء الزجاج. أما المحاليل السائلة، فإن المادة المنحلة فيها تترسب على شكل بلورات صلبة عندما يتجاوز تركيزها حد الإشباع. وخير مثال على ذلك استحصال الملح في الملاّحات، وتشكل بلورات السكر وغيرها من البلورات في مختلف العمليات الصناعية التي تعتمد على تقانة التبلور.

الشكل (1)

بنية جسم صلب متعدد البلورات

تمر عملية التبلور بمرحلتين: تشكل النوى البلورية nucleation، ونمو growth هذه النوى لتشكيل بلورات تراوح أبعادها من المستوى الميكروي إلى المستوى العياني. وحسب الشروط التجريبية، يمكن التحكم بعدد النوى والبلورات وأبعادها والبنية الداخلية للجسم الصلب الناتج. ففي شروط مثالية خاصة، يمكن إجراء التبلور حول نواة واحدة تسمى «البذرة» حيث تتنضد ذرات وسط التبلور على شبكتها البلورية وتشكل ما يطلق عليه «البلورة الأحادية» التي تشغل ذراتها مواقع محددة ضمن شبكة فراغية دورية ثلاثية الأبعاد تغطي كامل أبعاد الجسم الصلب الناتج. وفي الحالة العامة، يتشكل آنياً عدد كبير من النوى التي تنمو بمعدلات مختلفة وتشكل «بلورات صغرية» quasi- crystals متعددة ومتقاربة الأبعاد يسميها مختصو التعدين حبيبات grains، ويفصل بينها سطوح رقيقة تسمى «حدود الحبيبات» grain boundaries. وتعد كل حبيبة بلورة أحادية صغيرة الأبعاد، ويصبح الجسم الصلب الناتج متعدد البلورات polycrystalline. يبين الشكل رقم (1) بنية جسم صلب متعدد البلورات.

بناءً على ما سبق، يختص تعبير الكريستال (البلورة) بالدلالة على البلورة الأحادية، ويقترن تعبير البلورات المتعددة بكل الأجسام الصلبة البلورية المؤلفة من عدد كبير من البلورات الصغرية المتشابكة والمتماسكة فيما بينها عبر حدود الحبيبات.

تطبيقات الكريستالات

يعتقد بعضهم أن التبلور بالمعنى الهندسي يعود إلى فجر الحضارة الإنسانية حين كان ينقى الملح بإعادة بلورته. وفي الوقت الراهن، قلما تخلو منشأة كيميائية من وحدة تبلور لاستحصال المواد الصلبة البلورية أو تنقيتها. وتكتسب البلورات الأحادية أهمية خاصة في التطبيقات المتقدمة؛ لأنها تشكل وسطاً صلباً منتظماً ومتجانساً، قليل العيوب المجهرية وخالياً من الشوائب أو مشوباً إلى درجة محددة يمكن فيها ضبط سلوك البلورة الأحادية البصري أو الكهربائي أو الميكانيكي وفق التطبيق المزمع.

اعتمد في البداية على البلورات الأحادية الطبيعية وأبرزها بلورة الكوارتز والأحجار الكريمة. ومع تطور التطبيقات المتقدمة وتنوعها؛ ظهرت طرائق جديدة توفر فرصة تصنيع أنواع جديدة من البلورات الأحادية وضبط مواصفاتها حسب الغرض في مجالات البصريات والليزر، والإلكترونيات، والطاقة والطيران. 

الكريستال في مجال البصريات والليزر

تحتاج النظم البصرية إلى طيف واسع من المواد البصرية مثل الزجاج والبلورات الأحادية والأغشية الرقيقة. وقد اختص كل مجال من طيف الأشعة الكهرطيسية بعدد من المواد البصرية التي تتلاءم مع أطوال موجاته، كما فتح اختراع الليزر الباب واسعاً أمام طيف من المواد البصرية التي تؤدي وظائف توليد الأشعة الليزرية أو تمريرها أو تحويلها أو تعديلها أو تغيير مسارها. يلخص الجدول رقم (1) بعض أبرز البلورات الأحادية المستخدمة في مجال الليزر والأنظمة البصرية والإلكترونيات البصرية electro- optics (EO) والصوتيات البصرية acousto- optics (AO) وتحويل التردد frequency conversion والبصريات المتكاملة integrated optics (IO)  وتطبيقاتها.

 

بلورات ليزرية

(قضبان ليزرية)

نوافذ أشعة فوق بنفسجية UV و IR

نوافذ أشعة تحت حمراء IR

موحد طول موجة XR

الكترونيات بصرية EO

صوتيات بصرية AO

تحويل تردد

بصريات متكاملة IO

ياقوت مشوب بـ Cr Cr:Al2O3

كوارتز طبيعي أو صنعي

جرمانيوم Ge

جرمانيوم Ge

نيوبات الليتيوم LiNbO3

نيوبات الليتيوم

نيوبات الليتيوم LiNbO3

نيوبات  الليتيوم LiNbO3

الزمرد المشوب بـ Cr

Cr:Be3Al2(SiO3)6

فلوريد الكالسيوم CaF2

 

سيليسيوم Si

سيليسيوم Si

يودات الليتيوم LiIO3

يودات الليتيوم LiIO3

KDP وDKDP

 

تنغستات الكالسيوم المشوبة بـ Nd

 Nd:CaWO3

فلوريد المغنيزيوم MgF2

زرنيخ الغاليوم GaAs

ثنائي هيدروجين فوسفات الأمونيوم ADP

تانتالات الليتيوم LiTaO3

موليبدات الرصاص PbMoO4

يودات الليتيوم LiIO3

 

غارنت الألمنيوم والإيتريوم المشوب بـ Nd أوCr أو Yb أوEr Nd:Cr:Yb:Er:YaG

فلوريد الباريوم BaF2

توتياء السيلينيوم ZnSe

كوارتز

KDP

وDKDP

نيوبات البوتاسيوم KNbO3

بورات الباريوم

β-BaBO4

 

فانادات الايتيريوم  المشوبة بـ Nd

 Nd:YVO4

 

فلوريد البيريليوم BeF2

توتياء الكبريت ZnS

فلوريد الليتيوم LiF

أكسيد التيلور TeO2

 

فوسفات التيتانيل والبوتاسيومKTP

KTiOPO4

 

بيروفسكيت الألومينيوم والإيتريوم المشوب بـ Nd

Nd: YAL

فلوريد الليتيوم LiF

MgF2  CaF2

 

 

 

نيوبات تانتالات البوتاسيوم  KTN

KTa1 -xNbxO3

 

فلوريد الايتريوم والليتيوم المشوب بـ Nd Nd:YLF

هالوجينات العناصر القلوية NaCl, NaBr, KCl, KBr, CsBr, CsI

       

نيوبات الباريوم والصوديوم  BSN

Ba2NaNb5O15

 

 

خماسي الفوسفات المشوب بـ Nd

Nd:P5O14

غارنت الإيتريوم والألمنيوم غير المشوب

           

الجدول (1) البلورات الأحادية البصرية والإلكترونية البصرية

يبين الشكل رقم (2) عدداً من البلورات الأحادية الليزرية.

قدر حجم السوق العالمي للمواد البصرية في عام 2005 قرابة 3 مليارات دولار، وحافظ على نسبة نمو قدرها 10٪. لا يتسع المجال لتفاصيل كثيرة، تجدر الإشارة إلى أن منشأة الانصهار النووي الأمريكية National Ignition Facility NIF التي تقدر كلفة تشييدها بنحو 5 مليارات دولار تحتاج إلى بلورات أحادية كبيرة منKDP وDKDP تتجاوز أبعاد مقطعها 50×50سم2 وذلك لتصنيع نحو 600 صفيحة من هذه البلورات لاستعمالها في مسار 192 حزمة ليزرية تنتج ما مجموعه 1.8 ميغا جول من الطاقة. ويبين الشكل رقم (3) أكبر بلورات KDP منتجة عالمياً.

 

الشكل (2)

بلورات أحادية ليزرية

الشكل (3)

بلورات KDP

الكريستال في مجال الإلكترونيات

قدرت مبيعات الصناعات الإلكترونية في نهاية القرن العشرين بما يعادل تريليون دولار، وللمحافظة على نمو هذه الصناعات، تؤدي المواد الإلكترونية عموماً والبلورات الأحادية خصوصاً دوراً مركزياً، إضافة إلى المقدرة على تطوير منتجات تلبي حاجات المجتمع في مجالات الاتصالات والحاسبات والمعلومات والطاقة.

ـ كريستال السيليسيوم: منذ ابتكار الترانزستور في منتصف القرن العشرين، احتل كريستال السيليسيوم الصدارة بين المواد نصف الناقلة مثل الجرمانيوم وزرنيخ الغاليوم حتى إن تقانة الإلكترونيات الصغرية microelectronics أصبحت مرادفة لرقاقة chip السيليسيوم. ولا تعزى هيمنة السيليسيوم إلى تميز خواصه نصف الناقلة، وإنما إلى طبيعته الكيميائية، والاستقرار المتميز لأكسيده SiO2 الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من بنية العنصر الإلكتروني، وأخيراً إلى وفرة مصادره الطبيعية التي لا تنضب. يقدر الإنتاج السنوي العالمي من كريستالات السيليسيوم بنحو خمسة آلاف طن، يستخدم معظمها في تصنيع المعالجات الصغرية[ر] microprocessors ولوحات الطاقة الشمسية. ويبين الشكل رقم (4) بلورة سيليسيوم أحادية.

ـ كريستال الكوارتز والكريستالات الكهرضغطية piezoelectric: يؤدي كريستال الكوارتز دوراً مهماً في الدارات الإلكترونية من أجل ضبط التردد أو التوقيت أو الترشيح أو الحساسات أو عناصر الأمواج الصوتية السطحية surface acoustic  waves (SAW) والحجمية bulk acoustic waves (BAW). وقد عُدّ كريستال الكوارتز مادة استراتيجية حساسة بعد الحرب العالمية الثانية حتى إن المخزون الأمريكي من هذه البلورات الطبيعية قدر عام 1994 قرابة 109 أطنان. وكانت البرازيل حتى الربع الأخير من القرن العشرين من أهم مصادر بلورة الكوارتز التي عرفت بـ«بلورة البرازيل الصخرية»، ويذكر أن أكبر بلورة طبيعية بلغت نحو 6 أمتار طولاً و48 طناً وزناً. ومنذ عام 1971، بدأت بلورات الكوارتز الصنعية تحتل الصدارة، إذ يقدر الإنتاج السنوي العالمي منها بما يزيد على 1000 طن. ويبين الشكل رقم (5) بلورة كوارتز صنعية.

 

الشكل (4)

بلورة سيليسيوم أحادية

الشكل (5)

بلورة كوارتز صنعية

تظهر بلورة الكوارتز خاصة الكهرضغطية التي تسمح بتحويل الطاقة الكهربائية إلى ميكانيكية وبالعكس. ومن البلورات الطبيعية أو الصنعية التي تتصف بهذه الخاصة بلورات التورمالين tourmaline وملح روشيل NaKC4H4O6. 4H2O ونيوبات الليتيوم وتانتالات الليتيوم وفوسفات الغاليوم GaPO4 وغارنت الألمنيوم YAG:Y3Al5O12 والحديد YIG:Y3Fe5O12. ومن أبرز تطبيقات البلورات الأحادية الكهرضغطية، أنظمة الأمواج الصوتية السطحية SAW، وأنظمة الأمواج الصوتية الحجمية BAW، وخطوط التأخير delay lines وغيرها.

الشكل (6)

شفرات محركات توربينية أحادية البلورة من السبائك العالية

الكريستال في مجال الطيران والمحركات التوربينية

تستخدم المحركات التوربينية في الطيران أو محطات الطاقة. وإذ يزداد مردود هذه المحركات بزيادة درجة حرارة تشغيلها، فإن انخفاض أداء المواد المستخدمة فيها يحد من زيادة درجة الحرارة هذه. من هنا، تم تطوير السبائك والخلائط العالية superalloys من خلائط خاصة من النيكل والتنغستين والكوبالت والكروم وغيرها من أجل تصنيع شفرات المحركات التوربينية التي تعمل في شروط مؤكسدة من الحرارة العالية والإجهادات الميكانيكية. ولتحقيق هذا الأداء، يتم تشكيل هذه الشفرات عبر صب مصهور السبيكة وتبريدها بحيث تتصلب وفق بنية أحادية البلورة، وليست متعددة البلورات؛ لأن الحدود ما بينها تشكل نقاط ضعف ميكانيكي خلال عمل المحرك. ويبين الشكل رقم (6) شفرات محركات توربينية أحادية البلورة من السبائك العالية.

الطرائق العامة لتصنيع البلورات الأحادية

يرى بعضهم أن الطبيعة شكلت أول نظام لتنمية البلورات الأحادية، وأن فهم شروط تشكل البلورات الطبيعية وآلياته قد شكل المدخل أمام تطوير التقانات الحديثة لتنمية البلورات. وفيما يأتي مبدأ تنمية البلورات في أربع طرائق واسعة الانتشار عالمياً.

طريقة زوكرالسكي Czochralski CZ

تستخدم هذه الطريقة لإنتاج معظم بلورات السيليسيوم الأحادية للتطبيقات الإلكترونية والبصرية. تملأ بوتقة من السيليس بقطع من عنصر السيليسيوم العالي النقاوة المتعدد البلورات مع كمية محددة من بلورة سيليسيوم عالية الأشابة من أجل تحقيق درجة إشابة البلورة المزمع تنميتها. توضع بوتقة السيليس ومحتوياتها في أسفل حجرة جهاز زوكرالسكي ويغلق الجهاز ويملأ بغاز الآرغون. يتم التسخين كهربائياً لصهر شحنة السيليسيوم. وعند ذلك، تقترب بذرة بلورة أحادية من السيليسيوم محددة الاتجاه حتى تلامس سطح المصهور. يتم فيما بعد سحب البذرة بسرعة بطيئة إلى الأعلى مع إخضاعها لحركة دوران معاكسة لدوران البوتقة. يتصلب السيليسيوم المنصهر عند أسفل البذرة مشكلاً بلورة أحادية يستهلك نموها كامل كمية السيليسيوم في البوتقة. تبلغ سرعة النمو نحو 1.5ـ 3مم/الدقيقة، ويصل قطر البلورة الناتجة حتى 300 مم. تستخدم هذه الطريقة لتنمية طيف واسع من البلورات الأحادية مثل البلورات الليزرية وبلورات الجرمانيوم والبلورات الإلكترونية البصرية أو الصوتية البصرية وغيرها، وتعد منخفضة الكلفة نسبياً. ويبين الشكل رقم (7) تمثيلاً لجهاز زوكرالسكي.

 

الشكل (7)

جهاز زوكرالسكي لتنمية البلورات

الشكل (8)

طريقة المنطقة المنصهرة

طريقة المنطقة المنصهرة float zone (FZ)

تستخدم هذه الطريقة لتنقية السيليسيوم، إذ يمر شاقولياً وببطء قضيب من السيليسيوم متعدد البلورات ضمن وشيعة تسخين بالتحريض، وذلك ضمن حجرة تحت ضغط منخفض. وعند انصهار مقدمة قضيب السيليسيوم توضع بذرة بلورة أحادية منه على تماس مع المنطقة المنصهرة؛ مما يجعل مصهور السيليسيوم يتصلب على شكل بلورة أحادية. تنتقل المنطقة المنصهرة نحو الأعلى على طول قضيب السيليسيوم بفعل حركته نحو الأسفل عبر الوشيعة مما يسمح بتحويل كل السيليسيوم المتعدد البلورات إلى بلورة أحادية. تسمح هذه الطريقة بالتخلص  من  الشوائب التي  تنتقل مع المنطقة المنصهرة إلى النهاية  العلوية   لقضيب  السيليسيوم. وتبلغ  سرعة  تحرك  المنطقة  المنصهرة نحو 3ـ5مم/دقيقة، ويصل قطر البلورة الناتجة حتى 150مم. يبين الشكل رقم (8) تمثيلاً لطريقة المنطقة المنصهرة.

طريقة النمو الهيدروحرارية hydrothermal growth

تستخدم هذه الطريقة جهاز صاد ـ موصد autoclave حيث يملأ ثلثه السفلي بقطع من صخور الكوارتز الطبيعية العالية النقاوة. توضع بذرة على شكل صفيحة من بلورة كوارتز أحادية على حامل فوق قطع الكوارتز. ويملأ ثلاثة أرباع حجم الصاد الموصد تقريباً بمحلول قلوي مائي و يغلق ثم يسخن إلى نحو 350 درجة مئوية، فيرتفع الضغط بحسب الشروط العملية إلى 700ـ 1000 بار. وفي هذه الشروط، تزداد انحلالية الكوارتز في المحلول الذي يشغل كامل حجم الصاد الموصد. يتم تبريد منطقة بذرة الكوارتز من أسفل الصاد الموصد؛ مما يجعل المحلول في هذه المنطقة مشبعاً، ويؤدي إلى ترسب الكوارتز المنحل على البذرة بمعدل نحو 0.4ـ 1مم/اليوم. يستمر نمو البلورة حتى استهلاك شحنة الكوارتز.

طريقة النمو في المحلول  solution growth

تعدّ بلورة ثنائي هدروجين فوسفات الصوديوم KDP من أبرز الأمثلة على هذه الطريقة. يتم تشكيل محلول مشبع من هذا الملح في الماء، وتعلق بذرة بلورة أحادية من هذه المادة في المحلول. يتم تحقيق شروط فوق الإشباع supersaturation في المحلول عن طريق تخفيض درجة حرارته مما يؤدي إلى ترسب فائض مادة الـKDP على البذرة. منذ أكثر من عقدين من الزمن، كانت سرعة نمو هذه البلورات في حدود 0.5 ـ 1مم/اليوم، وكان من المستحيل تنمية بلورات كبيرة ضمن فترة زمنية معقولة. وقد توصلت البحوث في أواخر القرن العشرين إلى تحقيق سرعة نمو لهذه البلورات تزيد على 10مم/اليوم أي نحو 6 أسابيع لتنمية بلورات ذات جودة بصرية عالية لتلبية حاجة منشأة الانصهار النووي الأمريكية NIF.

أصبحت البلورات الأحادية شائعة اليوم في مجالات تحسس الإشارات الضوئية أو الالكترونية القوية منها أو اللطيفة؛ وهذا ما يجعل منها عناصر أساسية لا غنىً عنها لتوفير راحة الإنسانية وازدهارها وتسهيل الروابط الاجتماعية عبر تنوع مصادر الطاقة ووسائط الانتقال والاتصال.

رفيع جبره

الموضوعات ذات الصلة:

البلورات (علم ـ ) ـ الزجاج ـ الكوارتز.

مراجع للاستزادة:

- H.AREND & J. HULLINGEr, Crystal Growth in Science and Technology (Plenum Press, 1989).

- BIMALENDU NARAYAN ROY, Crystal Growth from Melts (John Wiley & Sons, 1992).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 235
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1081
الكل : 40488689
اليوم : 18504

غنارسون (غنار-)

غُنارسون (غُنار -) (1889-1975)   غُنار غُنارسون Gunnar Gunnarsson روائي وكاتب قصة قصيرة أيسلندي. ولد في بلدة فالتيوفستاذُر Valthjofsstaur وتوفي في العاصمة ريكياڤيك Reykjavik. كان لنشأته في أيسلندا الأثر الرئيس في كتاباته، إذ كانت معيناً لا ينضب من الحكايات والأساطير المحلية التي كونت محور حياة الناس في الجزيرة. نشر مجموعتي شعر قبــل بلوغه السابعة عشرة وقبل مغادرته البلاد عام 1907 للاستقرار في الدنمارك، والدراسة في إحدى مدارسها الشعبية العليا Folkhøjskole.
المزيد »