logo

logo

logo

logo

logo

المجنح القديم

مجنح قديم

Archaeopteryx - Archéoptéryx

المجنح القديم

 

الطائر القديم، ويسمى أيضاً، المجنّح العتيق (أركيوبتريكس) Archaeopteryx يمثّل أقدم الطيور، عُثر عليه على شكل مستحاثات في طبقات أواخر الدور الجوراسي من الحقب الجيولوجي الثاني، أي ما قبل نحو 150 مليون سنة. فهو طائر بريشه وأرجله، ولذلك صُنّف في رتبة الأشكال المجنحة العتيقة Archaeopterygiformes وصفيف الطيور العتيقة Archaeornithes، لكنه يتميز بصفات تُذكِّر بصفات الزواحف؛ تتمثل بوضعية عظام القحف في الرأس وبمنقاره ذي الأسنان المخروطية وبذيله الطويل  الذي يمثّل امتداداً للعمود الفقري.

 تعود ندرة مستحاثات الطيور، التي لا تساعد على إعطاء فكرة عن تسلسل فروعها التطورية، إلى طبيعة حياتها البرية وتكيفها للطيران وعدم توفر شرط الدفن السريع بعد موتها، وهو أحد شرطين أساسيين لضمان عملية الاستحاثة. وقد عثر في الفترة الواقعة ما بين عام 1860  وعام 1987 على سبع عينات من المجنح القديم فقط في منطقة محددّة جداً من العالم، وهي منطقة سولنهوفن في باڤاريا جنوبي ألمانيا، حيث وجدت انطباعات لريشة وحيدة منعزلة ولستة هياكل  تنتمي كلها إلى هذا الجنس شكل (1)، وقد حفظت  حفظاً جيداً بصورة استثنائية  في الحجر الكلسي الطباعي lithographic limestone نتيجة لحبيبات هذا الحجر فائقة النعومة وترسبه البطيء في بيئة بحيرية شاطئية لاهوائية (غير المهواة) anaerobic.

الشكل (1) هياكل المجنح القديم الستة التي عُثر على مستحاثاتها مع انطباع ريشة من رياشه

 اكتشفت الريشة المنعزلة في عام 1860، وهي تمثل أقدم ريشة طائر محفوظة حفظاً جيداً على شكل مستحاثات، وتدل على أول وجود للطيور في السجل المستحاثي. وبعد أشهر قليلة ، أي في عام 1861(الشكل 1/1)، عُثر على هيكل كامل تقريباً لطائر بدائي دُعي أركيوبتريكس  ليتوغرافيكا Archaeopteryx lithographica. وتعني كلمة Archaeopteryx الجناح العتيق، وتعني كلمة lithographica الحجر الكلسي الطباعي، الذي وُجد فيه انطباع هذا الهيكل والذي كان يُطلق عليه في القرن التاسع عشر حجر الطباعة لاستخدامه في الطباعة بسبب حبيباته الناعمة التي حفظت  انطباعات الريش والعظام بصورة استثنائية. وهذا الهيكل محفوظ في متحف التاريخ الطبيعي البريطاني، ولذلك سمي بعيّنة لندن (الشكل1/1). كان لهذه العينة حين اكتشافها أهمية كبيرة جداً؛ لدعمها نظرية التطوّر الجديدة التي وضعها تشارلز داروين؛ ولأنّها قدمت مثالاً ممتازاً عن الحلقة المفقودة بين صفين متميّزين من الحيوانات الفقرية، هما صف الزواحف وصف الطيور. وقد لاحظ العلماء المتخصّصون في علم الحيوان قبل ذلك  أنّ الطيور الحالية  تشترك مع الزواحف الحالية بكثير من الصفات قبل أن يكتشف العلماء أنّ مستحاثات الطيور الجوراسية هي أشكال وسط بين الزواحف والطيور .

أما الهيكل الثاني فقد اكتشف عام 1876، وهو أكمل الهياكل الستة وأكثرها وضوحاً، ويوجد في متحف برلين، ولذلك سمي بعيّنة برلين (الشكل1/2). دُعي هذا الهيكل في البداية أركيورنيس سيمنسي Archaeornis siemensi، غير أنّ معظم الباحثين وجدوا بعد البحث أنّ كل العينات التي عثر عليها في الحجر الكلسي الطباعي العائدة إلى الجوراسي الأعلى في جنوبي ألمانيا تنتمي كلها إلى أركيوبتريكس ليتوغرافيكا.

لم تُكتشف الهياكل الأربعة الأخرى للأركيوبتريكس إلاّ في الخمسينات من القرن العشرين. فقد عثر على الهيكل الثالث  عام 1956 في المكان الذي عثرت فيه عيّنة لندن، وهو هيكل غير كامل، ويبدو أنه تعرّض للتحلل قبل تحوّله إلى مستحاثة وهو محفوظ في متحف ماكسبرغ، ولذلك سمي بعينة ماكسبرغ (الشكل 1/3).

أمّا الهيكل الرابع فقد وجد في عام 1855، وبقي في متحف «هارلم» في هولندا لأكثر من قرن من الزمن قبل أن يحدّد أنه ينتمي إلى الجنس أركيوبتريكس في العام 1970، وسميَّ بعيّنة هارلم (الشكل 1/4).

وعُثر على الهيكل الخامس في منطقة ايخستات في عام 1951، ولذلك سمي بعينة إيخستات (الشكل 1/5)، وهو أصغر من الهياكل الأخرى. وصنّف في البداية على أنّه يمثّل أحد أفراد زاحف صغير، ولم يُعرف أنّه ينتمي إلى الجنس أركيوبتريكس إلاّ في عام 1970.

وأما الهيكل السادس والأخير، فقد عثر عليه في سولنهوفن عام 1987، وسمي بعيّنة سولنهوفن (الشكل 1/6).  

يبلغ حجم أركيوبتريكس حجم الحمام أو الغراب (الشكل 2). وهذا الشكل يبيّن باللون الأسود أهم مناطق الاختلاف بين هيكل الحمام وهيكل الطائر القديم الذي يتميّز من الطيور الحالية  بذيل طويل مؤلف من نحو 20 فقرة، و يحمل صفين من الرياش الذيلية ينمو كل شفع منها على جانبي كل فقرة من فقراته. ويختلف هذا الترتيب عن ترتيب الريش المروحي على نهاية جذع الطيور الحالية، كالحمام مثلاً، الأمر الذي يوفر لهذه الطيور الأخيرة سطحاً يساعدها على التحكّم في الطيران. تتميّز جمجمة الطائر القديم بفكوك زاحفية تحمل أسناناً مخروطية حادة. كما تحوّر الطرفان الأماميان إلى جناحين، يحمل كل واحد منها ثلاث أصابع حرة غير متحدّة تنتهي بمخالب حادة. في الزنار الكتفي زاحفي لا يوجد عظم ترقوة، وعظم القص مزوّد بعرف بارز كما في الطيور الحالية، ولكن توجد أضلاع بطنية. عظم العجز عنده صغير، أمّا عظام الزنار الحوضي فغير ملتحمة، كما أنّ عظام المشط  غير ملتحمة التحاماً كاملاً كما في الطيور الحالية التي تشكّل فيها العظم المسمى عظم المدفع.

الشكل (2) هيكل الأركيوبيتركس (أ) وكالوس (الدجاج) (ب)

الشكل (3) إعادة تمثيل المجنح القديم

 

يعد ّظهور الريش من أهم الصفات التي تُميّز هذا الطائر البدائي، ويلاحظ وجوده بصورة خاصة على الأجنحة والذيل، ويبدو أن عدد الرياش كان غير كاف للطيران المستمر. كانت تعيش أفراد هذا الجنس، على ما يبدو، على الأشجار، إمّا للاختباء من الأعداء أو للنوم أو للتعشيش، ولكن كان يمكنها الهبوط إلى الأرض بطيران انزلاقي، أو تطير من غصن إلى غصن أدنى منه. ولا يوجد أي دليل على قدرتها على الطيران من الأرض. فكل الأدلة توحي بأنّ القدرة على الطيران النشط من الأرض تطورت عن مرحلة الطيران الانزلاقي التي سمحت للحيوان بالوصول إلى الأرض من مواقع مرتفعة في الأشجار.  كان هذا الطائر  يتسلّق جذوع الأشجار باستعمال مخالبه الحادة في الطرفين الأماميين (الجناحين) والخلفيين (الشكل 3). ومن المحتمل أنه كان من الحيوانات ثابتة الحرارة مع غطائه الريشي لإنقاص ضياع الحرارة. ويبدو أن حرارة الجسم المرتفعة وثباتها كانتا ضروريتين لحضانة البيض وفقسه.

فؤاد العجل

الموضوعات ذات الصلة:

الزواحف ـ الطيور ـ الفقاريات.

مراجع للاستزادة:

ـ فؤاد العجل، علم المستحاثات (ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون - الجزائر 1993).

- Scientific American (May,1990).


التصنيف : علم الحياة( الحيوان و النبات)
النوع : علوم
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 834
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1106
الكل : 40558114
اليوم : 87929

المسرح الملحمي

المسرح الملحمي   المسرح الملحمي epic theatre¨ episches Theater شكل مسرحي في الكتابة والعرض ظهر في نهايات القرن التاسع عشر، محاولةً من المسرحيين للخروج من أزمة الشكل الدرامي المهيمن، باللجوء إلى أدوات السرد الملحمي التي كانت حكراً على الملحمة وحسب. والهدف من ذلك هو الخروج من محدودية الشكل الدرامي التقليدي، الذي اقتصر على عرض قصص الأفراد، بغرض عرض العلاقات المجهولة التي تملي على الفرد سلوكاً معيناً، في حين يبدو سلوكه اختياراً حراً.
المزيد »