logo

logo

logo

logo

logo

كريت (س)

كريت (س)

Crete - Crète

كريت

 

تقع جزيرة كريت Crete في القسم الشرقي لحوض البحر المتوسط، بين خطي الطول 30 َ 23 ْ و20 َ 26 ْ شرق غرينتش، وخطي العرض 50 َ 34 ْ و50 َ 35 ْ شمال خط الاستواء، تبلغ مساحتها8260 كم2.

 

وهي أكبر جزيرة في قوس الجزر المحيطة ببحر إيجة من الجنوب. وتعد خامس أكبر جزيرة في البحر المتوسط، وهي إحدى جزر دولة اليونان، وتقع إلى جنوب شرقي البلاد.

تمتد الجزيرة من الغرب إلى الشرق على شكل متطاول، على مسافة 260كم، بعرض يراوح بين 10 و56 كم من الشمال إلى الجنوب.

تشغل الجبال القسم الأعظم من أرض جزيرة كريت، حيث تمتد على شكل سنامي، كونتها الحركات التكتونية الحديثة بصورة أساسية، وتستمر هذه الحركات حتى الوقت الحاضر، حيث تسود عمليات نهوض الجبال في الغرب وجبال لاسيتي 2147م  Lasithi في الشرق، في حين تسود في شرقي الجزيرة عمليات الغوص. وقد بلغ النهوض في العصور التاريخية 9م؛ مما أدى إلى تحول عدد من الجزر الهامشية إلى أشباه جزر (غراموس Grámmos، باليوهورا الافونيسوس Elafonissos)، كما أصبحت موانئ قديمة عدة في عمق اليابس، وعلى النقيض من ذلك تحول العديد من أشباه الجزر في شرقي الجزيرة إلى جزر. وأصبحت المنشآت القديمة تحت سطح  الماء. ويوجد ضمن حدود  الجزيرة مجموعة  كتل  جبلية  أهمها  جبل  إيدا Ida  2456م في الوسط، والجبال البيضاء 2452م  Levka Ori في الغرب. وتمتد بين جبال إيدا والجبال البيضاء جبال كريت الوسطى القليلة الارتفاع 600 ـ 800م.

 

جبال إيدا

الجبال البيضاء

تقطع الفوالق سفوح هذه الجبال وعلى مسافات طويلة، وهذا ما ميّز هذه السفوح بشدة انحدارها، وتقطعها أودية خانقية عميقة. وتشرف السفوح الجنوبية على البحر بانحدارات شديدة، أما السفوح الشمالية فهي أقل انحداراً، وتتحول تدريجياً إلى تضاريس تلالية لاطئة، مشكلة عدداً من أشباه الجزر والرؤوس على الساحل الإيجي.

ومن الناحية البنيوية تعد جبال كريت استمراراً للجزء الغربي لسلاسل شبه جزيرة البلقان، والمكونة بصورة أساسية من الصخور الكلسية، أما أقاليم ما قبل الجبال والمتوضعة على ارتفاعات دون 700م، فهي أقاليم تلية وسهول تغطيها التوضعات الثلاثية المكونة من المارن والحجر الرملي والكونغلوميرا والصفاح، وتغطي التوضعات الرباعية جميع هذه الصخور تقريباً. وقد أسهمت الصخور الكلسية التي تتكون منها معظم جبال كريت في تطور الظواهر الكارستية، أما في غربي الجزيرة حيث يغطي الصفاح هذه الصخور فإن عملية الكارست قليلة التطور.

الساحل الجنوبي لجزيرة كريت

تشكلت على هذه السفوح في بعض الأماكن سهول ساحلية قليلة المساحة، ففي الجنوب يوجد ـ في نهاية سفوح الكتلة الجبلية الساحلية أستيروسيا 1231م ـ سهل ميسارا Mesará الذي يعد أكبر السهول الساحلية، والذي تم استيطانه منذ أقدم العصور التاريخية.

يسود مناخ البحر المتوسط على كامل جزيرة كريت، حيث إن متوسط درجات الحرارة على الشاطئ في كانون الثاني/يناير تتراوح بين 11 ـ 13 ْ، وفي تموز/يوليو 26 ْ.

وتعد عمليات الصقيع ونزول الثلوج من الظواهر النادرة، إذ لا ينزل متوسط الحرارة الدنيا عن 5 ْ، ويهطل القسم الأكبر من الأمطار بين شهري تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الثاني/يناير، ويهطل في الجزء الغربي من الجزيرة قرابة 800 مم/ السنة، وتنخفض في الشرق إلى 400 ـ 200مم/السنة. وترتفع في الجبال لتصل إلى نحو 600 ـ 1500مم، وتنزل على شكل ثلوج في فصل الشتاء على المرتفعات التي تزيد على 1000م، مشكلةً غطاء من الثلج يستمر حتى أواخر أيار/مايو. وتغذي هذه الثلوج الأنهار التي شقت مجاريها في أودية عميقة والتي يجف معظمها في فصل الصيف. ويستمر الجفاف الصيفي في السهول من أواسط نيسان/إبريل حتى تشرين الثاني/نوفمبر ولا يهطل في 6 ـ 7 أشهر إلا نحو 10٪ فقط من كمية الأمطار البالغة نحو 600 ــ 700مم. ويتعدل الحر الشديد بالقرب من البحر على السواحل الجنوبية بنسيم البحر، أما على السواحل الشمالية فتعدله الرياح الأليزية الدائمة الهبوب. وتهب على الشواطئ الجنوبية رياح السيروكو الحارة والجافة في شهر حزيران/يونيو غالباً، حاملة معها الغبار من شمالي إفريقيا في كثير من الأحيان، وتؤدي هذه الرياح إلى تخريب محاصيل الكرمة والزيتون.

تسود في جزيرة كريت الترب الجبلية البنية، نموذج البحر المتوسط، أما في المنخفضات الساحلية فتسود التربات اللحقية.

إن موقع الجزيرة في القسم الشرقي لحوض البحر المتوسط، إضافة إلى قربها من أوربا وآسيا وإفريقيا، وانفصالها عن قارة أوربا منذ فترة طويلة أعطاها صفاتها الخاصة من ناحية النبات الطبيعي والحيوان، حيث تسود فيها أنواع نباتية وكائنات حية انتقالية بين الشمال والجنوب، إضافة إلى وجود أنواع محلية كثيرة، تسود الأجمات القصيرة وشبه الأجمات (فريغان frigana)، والأجمات دائمة الخضرة (ماكي Maquis)، إضافة إلى مساحات غابية محدودة من البلوط دائم الخضرة وصنوبر حلب والسرو البري، وتنتشر المروج الجبلية في المناطق التي يزيد ارتفاعها على 1200 ـ 1700م.

تغير الغطاء النباتي والتربة إلى درجة كبيرة في جزيرة كريت؛ وذلك نتيجة للنشاط البشري، ويفسر ذلك بوجود الحضارات القديمة في المنطقة هذا من جانب، ومن جانب آخر بالخصائص الطبيعية للجزيرة. وقد ساعد التطور الواسع للصخور الكلسية (الكارست)، وشكل المرتفعات الجبلية وشدة التحزز، وسهولة الوصول إلى أي نقطة في الجزيرة ـ لقربها من البحر ـ على إبادة الغطاء النباتي الغابي الذي كان منتشراً على نطاق واسع؛ ونتيجة لذلك تطورت العمليات الحتية وعمليات غسيل التربة وانجرافها، فالغطاء النباتي الطبيعي الحالي نما على أنقاض القطع الجائر للغطاء النباتي الأولي. ولا يمكن مشاهدة الغابات الطبيعية إلا ضمن مساحات محدودة على شكل تجمعات صغيرة من الماكي، ونادراً ما تشاهد على شكل تجمعات من الصنوبر والكستناء والبلوط. كما حفظت بقايا الغابات في السهول الفيضية على طول مجاري الأنهار والروافد ولاسيما الحور (ذو النموذج المكون من الفريغان) الذي ينتشر في كل مكان، ابتداءً من شاطئ البحر حتى أعالي قمم الجبال.

إذا أُطلق على جزيرة كورسيكا بلد الماكي، فيجب أن يطلق على جزيرة كريت اسم بلد الفريغان؛ لأنه يشاهد من عرض البحر، والذي يغطي السفوح الجبلية من شاطئ البحر حتى أعلى القمم نمطاً رتيباً واحداً تقريباً، تبرز من خلاله وعلى مساحات متفرقة الصخور الكلسية الصماء، وهكذا تشكل على كامل الجزيرة نموذج لاحق من الغطاء النباتي.

لمحة تاريخية

تعد جزيرة كريت من أقدم المراكز الحضارية في حوض بحر إيجة وأوربا، وكانت منذ القدم صلة الوصل بين قارات آسيا وإفريقيا وأوربا. تعود آثار الاستيطان فيها إلى العصر الحجري الحديث، وكان سكانها ينتمون إلى العرق المتوسطي وأبدعوا الحضارة المينوية [ر] في عصر البرونز التي بلغت أوجها في أواسط الألف الثاني قبل الميلاد حين حكم الكريتيون من عاصمتهم كنوسوس Knossos مملكة بحرية كبيرة انهارت في القرن الرابع عشر ق.م بعد سلسلة من الهزات الأرضية وغزوات القبائل الآخية الإغريقية. ودخلت الجزيرة في إطار الحضارة الموكينية [ر]، ثم غزاها الدوريون [ر] الذين قضوا على تلك الحضارة واستوطنوا الجزيرة. وبعدها لم تؤدِ كريت إلا دوراً هامشياً في العالم الإغريقي وإن شهدت نهضة قصيرة في القرن السابع الميلادي. وقد حظيت قوانينها وأنظمتها القديمة بتقدير كبير في الفكر السياسي الإغريقي وصار بعضها نموذجاً لقوانين ليكورغوس [ر] الشهيرة في اسبرطة. كما كان لها دور مهم في الميثولوجيا الإغريقية إذ تقول الأساطير إن الإله زيوس [ر] ولد ونشأ على جبل إيدا أعلى جبال كريت.

كانت كريت محط أطماع الممالك الهلنستية لموقعها المهم في بحر إيجة. وعمل كثير من أبنائها مرتزقة في الجيوش السلوقية والبطلمية، أو امتهنوا القرصنة حتى صارت كريت أحد مراكزها الرئيسة في شرقي المتوسط، خضعت للرومان منذ عام 63 ق.م وشكلت مع منطقة برقة ولاية رومانية ثم صارت تابعة للامبراطورية البيزنطية. فتحها العرب المسلمون عام 823م، وبقيت تحت حكمهم حتى عام 961م عندما استعادها البيزنطيون لتصبح جزءاً من ممتلكات البندقية حتى عام 1669 عندما خضعت للدولة العثمانية وقامت فيها ثورات عدة انتهت بالحصول على الحكم الذاتي عام 1898م، وبعد ثورة 1905 أعلنت الجزيرة الاتحاد مع اليونان الذي لم يتحقق إلا بعد حرب البلقان عام 1913م.

احتلها الألمان في الحرب العالمية الثانية وبدأت المقاومة فيها بمساعدة الحلفاء حتى تحررت عام 1944 وعادت جزءاً من بلاد اليونان.

الحياة البشرية والاقتصادية

بلغ عدد سكان جزيرة كريت 462 ألف نسمة في عام 1951، وبلغ أكثر من 540 ألف نسمة في عام 1991، ويقطنها في الوقت الحاضر نحو 600 ألف نسمة. وتتمركز أكبر التجمعات السكانية في الأودية والسهول المحيطة بالأراضي الزراعية، وتتناثر التجمعات السكانية وبأعداد متفاوتة على السفوح الجبلية. وتعد مدينة هيراكليون Iraklion عاصمة الجزيرة أكبر مدينة،وتعد مدينة خانيا Khania العاصمة التاريخية وهي ثاني أكبر المدن.

تعد الزراعة المصدر الأساسي لحياة السكان، وتستخدم فيها التقنيات والطرق الحديثة وتسود خصوصاً طرق الري الاصطناعي على نطاق واسع. وتتميز السهول وأقدام الجبال Piedmont بملاءمتها للأعمال الزراعية، وكذلك المصاطب الساحلية التي تشغلها المزروعات بالكامل تقريباً، وتسود هنا زراعة أشجار الزيتون والكرمة بصورة أساسية إضافة إلى المحاصيل المتوسطية. ويعد الزيتون المحصول الرئيس الأول، ويلي الزيتون من حيث الأهمية البرتقال والليمون والعنب. وتعد زراعة القمح وتربية الأغنام والماعز من الأعمال العريقة.

أما الصناعات فأهمها الصناعات الغذائية والنسيجية والكيميائية التي تأتي على رأسها صناعة الصابون وتحتوي الصخور على كثير من المواد الأولية أهمها الفحم وفلزات الحديد.

أمين طربوش

 

 

التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 227
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1068
الكل : 40493485
اليوم : 23300

الاتحاد العربي للصناعات النسيجية

الاتحاد العربي للصناعات النسيجية   الاتحاد العربي للصناعات النسيجية Arab Union of Textile Industries  منظمة عربية مهنية متخصصة تهدف إلى تنمية العلاقات التجارية والإدارية والفنية وتطويرها في مجال الصناعات النسيجية في الوطن العربي، وهي تقدم المساعدة إلى أعضائها في مجال تسويق منتجاتهم وتذليل المصاعب التي تعترض تلبية حاجاتهم من المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج، كما تقوم بتوفير البيانات والمعلومات الإحصائية في المجال الفني والتجاري والاقتصادي في المستويين العربي والعالمي. ويعمل الاتحاد كذلك على تطوير تأهيل العاملين في الصناعات النسيجية في الوطن العربي وتدريبهم مهنياً وتقنياً.
المزيد »