logo

logo

logo

logo

logo

القياس (تقنيات-)

قياس (تقنيات)

Standardization techniques - Techniques de la standardisation

القياس (تقنيات ـ)

 

منذ بداية العصر الحديث أصبح لتقنيات القياس standardization techniques قواعدها الخاصة، ووضعت لها أهداف وأبعاد، وقد ساعدت مبادئ تقنيات القياس على الحصول على نتائج أكثر دقة مع بساطة في التصميم، إضافة إلى التوفير الشامل في الجهد والمواد والطاقة، وحماية مصلحة المستهلك، وإلى قدر كبير جداً من السلامة والصحة، وذلك من أجل أي منتج سواء في حقل التقانات (التكنولوجيا) أو في بقية الحقول العلمية. ويوجد اليوم إدراك واسع لقيمة المواصفات القياسية كأسلوب لتبادل الأفكار والمعلومات الفنية، وإيجاد نظام من اللانظام، وإحلال التبسيط محل التعقيد. ولما كان حقل القياسات الميكانيكية يحتل مساحة واسعة بين مختلف حقول العلم، كان للأجهزة الميكانيكية والتكنولوجية الحظ الأوفر من المواصفات القياسية التي تُعنى بوضعها الهيئات العلمية المختصة بالتقييس.

ومن الواضح أنه لا يمكن الفصل فصلاً قاطعاً بين أهداف التقييس المختلفة، ما دامت متداخلة وتعتمد الواحدة منها على الأخرى، فيصعب مثلاً اختيار الحل الاقتصادي الأمثل والمحافظة على احتياجات الصحة والسلامة في وقت معاً. ولما كان علم القياس هو توأم التقانات الحديثة ولا ينفصل عنها أبداً توجب وضع تعاريف مناسبة للتقييس وما يرتبط به.

تعاريف أساسية

ـ التقييس standardization

هو وضع قواعد البدء المنظم لأي نشاط إنساني وتطبيقه؛ من أجل منفعة جميع المعنيين وتعاونهم، وخاصة من أجل تحقيق التوفير الشامل في الجهد والمواد والطاقة، وحماية مصلحة المستهلك، مع مراعاة الشروط الوظيفية ومتطلبات السلامة والصحة. والتقييس هو الإجراء الذي يعطي الحلول للمشكلات العصرية المستجدة، وخاصة في مجالات العلوم والتقانات (التكنولوجيا) والاقتصاد بهدف تحقيق الدرجة المثلى من التنظيم في مجال ما أو حقل من الحقول.

ـ المواصفة القياسية standard

هي نتيجة جهد تقيسي خاص معتمد من سلطة معترف بها، ويمكن أن يأخذ أحد الشكلين الآتيين:

1ـ وثيقة تحتوي على مجموعة من الشروط المطلوب تطبيقها.

2ـ وحدة أساسية أو ثابت فيزيائي يجب التقيد به، مثل الأمبير أو المتر أو الصفر المطلق (كلفن).

ـ المواصفات specifications

وهي مجموعة متطلبات يجب أن تحققها سلعة أو مادة أو عملية، وتشير إلى الطريقة التي يمكن بها تحديد ما إذا كانت هذه المتطلبات محققة أم لا. ويجب ملاحظة ما يأتي:

1ـ يمكن أن تكون المواصفات قياسية أو جزءاً من مواصفة قياسية أو مستقلة عن أي مواصفة قياسية.

2ـ لإمكانية التطبيق العملي فإن من المرغوب فيه أن يعبر عن المتطلبات بالأرقام بوحدات قياس مناسبة مع بيان الحدود المقبولة.

ـ التبسيط simplification

وهو أهم شكل من أشكال التقييس، حيث يعد التقييس عملية تبسيط تقف في وجه التعقيد المتزايد في حياة الإنسان، وهو يعبر عن تخفيض عدد أنواع السلع ضمن مدى محدد إلى العدد الكافي لمواجهة الاحتياجات العامة كافة في وقت معين. ويعد التبسيط من العوامل الاقتصادية التي تخدم مصلحة المنتج والمستهلك معاً.

ـ التوحيد unification

وهو شكل من أشكال التقييس يتكون من مواصفتين أو أكثر في مواصفة واحدة، بطريقة تكفل الحصول على سلع قابلة للتبادل عند الاستعمال.

ـ التخصص specialization

لا يقع هذا المصطلح بمعناه الخاص ضمن دائرة التقييس، وإذا استعمل في ذلك المجال يجب أن يكون بمعنى تركيز عمل الوحدات الإنتاجية على إنتاج أنواع محددة من السلع.

ـ التبادلية الوظيفية functional interchangeability

لا يقع هذا المصطلح بمعناه الخاص ضمن دائرة التقييس، وإذا استعمل في ذلك المجال يجب أن يكون بمعنى تركيز عمل الوحدات الإنتاجية على إنتاج أنواع محددة من السلع القابلة للاستخدام في أكثر من مجال.

أهداف التقييس aims of standardization

في ظل التطورات المذهلة التي يشهدها العصر الحديث ثمة إدراك واسع لقيمة المواصفات القياسية. من هنان تظهر أهمية تعريف مبادئ وأهداف التقييس، مع أن هذه المهمة معقدة بسبب كثرة التعاريف المطروحة، ولكن يمكن تبسيط هذا الأمر بالاقتصار على الأهداف والمبادئ الأساسية المتفق عليها.

إن جوهر التقييس هو تحقيق مساحة واسعة من التبسيط وإزالة حواجز التعقيد التي تقف عائقاً في وجه التطور، وهذا الهدف متداخل مع أهداف أخرى مثل توفير التبادلية أو قابلية التبادل مع حماية مصلحة المستهلك وسلامته وتحقيق قدر كبير من التوفير.

وأهم أهداف التقييس:

1ـ التبسيط وتحقيق التبادلية:

تؤدي البساطة في التصميم إلى تنفيذ عملية الإنتاج بسهولة أكبر، وإلى تخفيض عدد أنواع المنتجات إلى الحدود الدنيا بما يضمن مصلحة المنتج والمستهلك، مع ضمان شروط الصحة والسلامة. وإن الحد من التنوع في السلع والمواد المصنَّعة يفرض ما يسمى بمبدأ التبادلية، أي قدرة الصانع على إنتاج عدد كبير من القطع والأجزاء المتشابهة في الحجم والشكل والأداء، إلى حد يضمن استبدال جزء منها بجزء آخر له درجة الأداء نفسها، وهذا بدوره يوفر تخفيض تكاليف الصناعة والإنتاج.

قد لا يطلب أحياناً أن يتحقق التماثل أو التشابه بين جزأين تبادليين من حيث البنية الداخلية، لتحقيق مبدأ التبادلية، إنما يكتفى بتحديد التفاوتات المسموحة للأبعاد الخارجية لأي جزء منهما. مثل المحرك الكهربائي، حيث يمكن وضع المواصفات والخصائص الأساسية المطلوب توافرها، ويترك للصانع حرية التصميم الداخلي للمحرك، وهذا الأمر بحد ذاته نوع من أنواع التبسيط.

2ـ المواصفات وسيلة للتواصل:

إن إحدى الوظائف الأساسية للتقييس هي توفير وسائل للتواصل communication بين الصانع والعميل؛ لبيان الأشياء المتوافرة مع بيان مقاسها وأدائها، ولإشاعة الثقة لدى المشتري بأنه إذا طلب بضاعة تتفق مع المواصفة القياسية فإنه يستطيع أن يعتمد على جودتها.

إن كثيراً من المواصفات القياسية تعطي في الوقت الحاضر قدراً جيداً من بيانات التصميم، وتقدم النصيحة في كيفية استعمالها، وكيفية اختيار أكثر الأصناف مناسبة للطلب الخاص. وللمواصفات مميزات كثيرة، ولكن لها مخاطرها أيضاً وذلك عندما تخضع اللجان التي تحضر هذه المواصفات لسيطرة المصالح الصناعية أو التجارية. وإذا أريد للمواصفة أن تعكس أفضل وآخر الممارسات العملية وتحقق أفضل منفعة، فيجب إعطاء دور أساسي ومناسب لرأي مستعملي السلعة، وآراء الخبراء المستقلين والأشخاص المتخصصين.

تبقى المواصفة القياسية محدودة القيمة ما لم توضع موضع التنفيذ والتقيد بها. وإن وضعها موضع التنفيذ، يستلزم تضحية يقدمها القلة من أجل مصلحة الكثرة، كما أن مراجعة هذه المواصفات وتدقيقها بين فترة وأخرى بانتظام يؤدي إلى مردود مرتفع لجودة الإنتاج.

3ـ مصلحة المستهلك والمجتمع:

إن حماية منفعة المستهلك هي ولا شك أحد أهداف التقييس الأساسية، ولها مكانة مهمة للغاية، وهي بالنتيجة حماية وضمانة لمصلحة المجتمع وتطوره. وغالباً ما تكون المواصفات معدة لتحقيق أكبر منفعة ممكنة للمستهلك الذي يكون معنياً على قدر واحد مع المنتج بتحضيرها،على اعتبار أنه ما لم يكن على ثقة بالمواصفة فإنه قد لا يشتري السلعة.

 وعند وضع المواصفات القياسية يجب تحقيق التوازن بين مصلحة المستهلك والمجتمع من جهة ومصلحة المنتج من جهة أخرى، وهنا يجب التبصر في ضرورة مراعاة ظروف البلد والحالة الاجتماعية والعادات والتقاليد عند اقتراح مواصفة وطنية معينة، ويتم اللجوء أحياناً إلى سلطة القانون لتطبيق مواصفة معينة تكون فيها مصلحة المجتمع الهدف الأساسي.

4ـ معوقات التجارة:

إن التقدم التقاني (التكنولوجي) الذي يشهده العالم، والتزايد الهائل في حجم المصنوعات التي تنتقل اليوم من بلد إلى آخر، أوجد طلباً كبيراً على المواصفات الجديدة والمحدثة ذات الصبغة الدولية إلى درجة لم تكن متوقعة، وليس من المرغوب فيه حقيقة أن تطبق المواصفات بقوة القانون إلا إذا كان ضرورياً من أجل دواعي السلامة العامة أو الصحة أو البيئة.

وكلما تطورت التقانات (التكنولوجيا) واتسع نطاق التجارة فإن سياسة الإشارة إلى المواصفات كمرجع بدلاً من إصدار أنظمة فنية منفصلة تصبح مألوفة أكثر فأكثر. ويؤدي ذلك بدوره إلى إزالة العوائق التجارية التي تسببها الأنظمة المتضاربة في البلدان المختلفة.

5ـ التوفير الشامل:

إن تحقيق التوفير الشامل عند تقييس المنتجات هو غالباً حل وسط، لأنه لا يمكن وضع كل عامل من العوامل المؤثرة في وضعه الأمثل، إذ يعتمد كل منها على الآخر. فالتوفير الأكبر في العمل مثلاً يعوق التوفير الأكبر في المواد والعكس بالعكس، والاقتصاد في التصميم والتصنيع ربما يعطي ناتجاً لا يكون الأكثر توفيراً في مصروفاته الجارية. إضافة إلى ذلك يجب أن يؤخذ بالحسبان التوفير على المنتج وعلى المستهلك في آن واحد.

من هنا يظهر أنه من الصعوبة بمكان أن تتمتع جميع المواصفات بمزايا اقتصادية واضحة، والنتائج الاقتصادية لمواصفات معينة غالباً ما تكون معقدة، الأمر الذي حدا بالعاملين في التقييس، حتى وقت قريب جداً وعلى جميع المستويات، أن يميلوا إلى إهمالها بالكامل، مركزين اهتمامهم على الناحية التقانية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمواصفات الهادفة لتوفير السلامة العامة، والتي نادراً ما يمكن تطبيق الحل الأكثر اقتصاداً عليها.

6ـ السلامة:

الشكل (1) مثلث الإنتاج والقياس

لا شك في أن سلامة الإنسان وحمايته هما من أهداف التقييس الرئيسية. إذ يجب أن تصنع السلع بعناية توفر درجة عالية من الثقة، إضافة إلى معاودة معاينة السلعة واختيارها والاختبار على فترات، وكل هذه المتطلبات يجب أن تنص عليها المواصفة. وكثيراً ما يلزم أن يكون التقيد بالمواصفة إجبارياً بقوة القانون، الأمر الذي يجعل عملية الإنتاج أكثر تكلفة، ولكن ذلك يبقي حياة الإنسان وسلامته في المقام الأول من دون أي حسابات أخرى.

إن السلامة هي إحدى المتطلبات الرئيسية في مختلف المجالات، ولذلك فعند وضع مواصفة ما يجب أن يؤخذ بالحسبان مختلف العوامل الطبيعية والبيئية والتجريبية، التي تؤدي دوراً رئيسياً في وضعها. ويمكن الاستعانة بمثلث الإنتاج والقياس لتوضيح هذا الأمر.

 إن الظروف الطبيعية والتجريبية تختار على نحو مناسب من قبل الإنسان الذي يقوم بتصميم واختيار أجهزة القياس الملائمة للغرض المطلوب، ويقوم أيضاً بتحديد نوعية المواصفة المرغوب فيها، فإذاً هو فاعل ومنفعل في الوقت نفسه. ويبين (الشكل 1) علاقة الإنسان بالمواصفة وبأجهزة القياس من جهة، وبمختلف الظروف والعوامل الطبيعية والتجريبية من جهة أخرى.

عبد المعين أحمد خضور

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الأوزان والمقاييس ـ معايير الجودة.

 

 مراجع للاستزادة:

 

- PETER GRINDLEY, Standards Strategy and Policy: Cases and Stories (Oxford University Press 1995).

- F. CECIL BRENNER, Standardization Essentials: Principles and Practice (Marcel Dekker 2001).


التصنيف : الهندسة
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 709
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 492
الكل : 31100348
اليوم : 1738

بيرك (جاك-)

بيرك (جاك ـ) (1910ـ1995م)   جاك بيرك Jacques Berrque كاتب ومترجم ومستشرق فرنسي، وُلد في الجزائر، ونشأ فيها في كنف والده الحاكم الإداري الفرنسي لمدينة فرندة في ولاية تغدمت. وتلقى أول تعليمه في فرندة وفي الجزائر العاصمة، ثم انتقل إلى باريس ليتم في السوربون دراسته الجامعية. من فرنسة عادت به الخدمة العسكرية الإلزامية إلى مراكش في المغرب، حيث عاش متنقلاً في أنحائها في وظائف عسكرية ومدنية حتى عام 1953. وفي هذه السنة سافر إلى مصر ليعمل خبيراً لليونسكو في مركز سرس الليان.
المزيد »