logo

logo

logo

logo

logo

المحرك الكهربائي

محرك كهربايي

Electric motor - Moteur électrique

المحرك الكهربائي

 

المحرك الكهربائي electric motor هو آلة تستخدم لتوفير القوة المحركة لمختلف أنواع الآلات والأجهزة التي تحتاج إلى الطاقة الحركية الميكانيكية سواءً كانت حركتها دورانية أم مستقيمة. وقد انتشرت المحركات الكهربائية على أوسع نطاق في مختلف مجالات الحياة العملية للإنسان، بفضل ميزاتها العديدة التي مكنتها من التفوق على غيرها من أنواع المحركات. لذلك فالمحركات الكهربائية تستخدم اليوم في فروع الصناعة المختلفة لتدوير مختلف آلات النقل والرفع والضخ والضغط وآلات الغزل والنسيج والطرق والتعدين وقص الحجر والمعادن وغير ذلك. كما تستخدم هذه المحركات في مجالات أخرى كثيرة كالزراعة والطب والحواسيب والخدمات والتجهيزات المنزلية المختلفة كالغسالات والمكانس الكهربائية وأدوات المطبخ وغيرها. ومن الميزات العديدة التي أسهمت بانتشار هذه المحركات بساطة بنيتها وسهولة استخدامها وصيانتها ومردودها العالي ووثوقيتها في العمل ورخص ثمنها.

تستخدم في الوقت الحالي أنواع عديدة من المحركات الكهربائية تبعاً للاستطاعة المطلوبة ونظام التشغيل. وتصنف المحركات الكهربائية بحسب نوع التيار الذي تعمل به في نوعين رئيسيين هما محركات التيار المستمر ومحركات التيار المتناوب، والأولى من أقدم أنواع المحركات الكهربائية، إذ يعود اختراعها إلى بداية القرن التاسع عشر، وتم تطويرها على يد مجموعة من العلماء مثل هاينريش لِنْتس Heinrich Lenz وتوماس ألفا إديسون Thomas Alva Edison ودال نيغرو Dal Negro وغيرهم.

يعمل هذا النوع من المحركات بطاقة التيار المستمر ويتميز بإمكانية  التحكم بسرعة الدوران بسهولة ضمن مجال واسع عن طريق تغيير قيمة التيار في ملف التهييج. بيد أن وجود المجمع collector في هذه الآلات والمسفرات أو الفحمات brushes والحلقات المنزلقة slipping rings يتسبب بمشكلات فنية في عملها خاصة عند الاستطاعات الكبيرة، كظهور الشرر الكهربائي بين المسفرات والمجمع عند عمل المحرك؛ مما يؤدي إلى اهتراء هذه الأجزاء بسرعة وضرورة تبديلها باستمرار. وبسبب ذلك بقيت استطاعة تشغيل محركات التيار المستمر وتوتره محدودة.

أما محركات التيار المتناوب فقد ظهرت في وقت متأخر عن النوع السابق أي في نهاية القرن التاسع عشر، وطورت على يد مجموعة من العلماء مثل والتر بيلي Walter Bailey ونيكولا تِسْلا Nikola Tesla وغاليليو فيراري Galileo Ferrari وغيرهم. وقد أظهرت التجربة العملية تفوق محركات التيار المتناوب على محركات التيار المستمر في العديد من المجالات خاصة عند التوترات والاستطاعات الكبيرة. وتقسم محركات التيار المتناوب إلى أنواع عديدة أهمها المحركات التحريضية  induction motors والمحركات التزامنية synchronous motor. وبحسب عدد الأطوار يمكن أن تكون محركات التيار المتناوب أحادية الطور أو ثلاثية الأطوار. تعدّ المحركات التحريضية - وخاصة المحركات التحريضية ذات الدائر المقصور أو القفص السنجابيsquirrel cage rotor  - من أكثر أنواع المحركات الكهربائية انتشاراً على الإطلاق لبساطة بنيتها وسهولة استثمارها وقلة أعطالها ورخص ثمنها وعمرها الطويل. أما النوع الآخر من المحركات التحريضية وهو المحركات ذات الدائر الملفوف wound rotor فهي أقل انتشاراً بكثير نظراً لبنيتها الأكثر تعقيداً وأعطالها الفنية المتكررة وخاصة في جهة الدائر. وبغض النظر عن ذلك تصنع المحركات التحريضية حالياً بنوعيها ضمن مجال واسع من استطاعات وتوترات التشغيل، حيث تنتج على توترات تبدأ من التوتر المنخفض220 فولط حتى توترات متوسطة تصل حتى 20 كيلوفولط واستطاعات تراوح بين بضع مئات واط للمحركات الميكروية الصغيرة حتى عشرات الميغاواط في المحركات التحريضية العملاقة. وتنتج المحركات التزامنية أيضاً بمجالات من التوتر والاستطاعة مشابهة للمحركات التحريضية، حيث تجاوزت استطاعة المحركات التزامنية الضخمة في الوقت الحاضر 50 ميغاواط. وتستخدم المحركات التزامنية خاصة في التطبيقات التي تتطلب ثباتاً في سرعة الدوران؛ لأن سرعة هذه المحركات لا تتغير تقريباً مع تغير حملها.

الشكل (1) مقطع داخلي يبين البنية العامة للمحرك الكهربائي

 بنية المحرك الكهربائي، درجة الحماية والعزل، نظم التشغيل وطرائق التبريد:

تتكون المحركات الكهربائية على اختلاف أصنافها من جزأين أساسيين هما الجزء الثابت stator والعضو الدوار rotor الشكل (1). ويتكون كل جزء بدوره من نواة حديدية أو مغنطيسية magnetic core وملفات  windings.

يتم تشكيل النوى الحديدية لكل من الجزأين الثابت والدوار من رقائق فولاذية steel laminations عالية الناقلية المغنطيسية مطلية بطبقة من الورنيش العازل لايتجاوز سمكها 0.2- 0.5 ملم. تجمع هذه الرقائق بعضها إلى بعض في رزم بطرائق محددة، مع لحظ أقنية للتهوية أو التبريد بالوسائط السائلة. ويتم قص الرقائق الفولاذية أو برشمتها بالشكل والقياسات المطلوبة بحيث يمكن الحصول على الشكل المطلوب للنواة الحديدية بالعدد اللازم  للمجاري slots المخصصة لتركيب الملفات الكهربائية في كل من الثابت والدوار  (الشكل 2).

الشكل (2) مقطع لرقائق الثابت والدوار (أ)  ومظهر نواة الثابت (ب)  للمحرك التحريضي

الشكل (3)

تركب الملفات في أسطوانة الثابت ضمن المجاري المخصصة لها بعد عملية تشكيل النواة الحديدية وتثبت هذه الملفات جيداً داخل المجاري بأسافينِ تثبيتٍ.

تتم عملية تشكيل نواة العضو الدوار وتركيب الملفات ضمنها بشكل مماثل لنواة الثابت. والشكل 3 يبين كتلة العضو الدوار المخصص لمحرك التيار المستمر بعد تركيب ملفات المتحرض بداخله.

بعد تشكيل النوى الحديدية تُركب الملفات الكهربائية ضمنها. وتغلف نواقل الملفات التي تكون غالباً من النحاس قبل وضعها في مجاري المحرك بنوع محدد من المواد العازلة لمنع حدوث أي تماس كهربائي بين الملفات بعضها مع بعضها الآخر من جهة، وبين الملفات والنوى الحديدية من جهة أخرى. وتتعلق نوعية وثخانة المواد العازلة المستخدمة لعزل الملفات والمجاري باستطاعة المحرك وتوتره ودرجة عازليته. فكلما كانت درجة عازلية المحرك isolating class عالية كانت مواد العزل المطلوبة أكثر متانة من الناحية الميكانيكية والكهربائية، وكان تحمل المحرك لارتفاع درجة الحرارة بداخله أعلى. وتصنف درجات العازلية ضمن سبع مجموعات يرمز لها بالأحرف C,H,F,B,E,A,Y. ففي حين لا تتحمل العازلية من الدرجة Y حرارة تزيد على 90 درجة مئوية يمكن أن تتحمل العازلية من الدرجة C درجة حرارة تزيد على 180 درجة مئوية. بيد أنه يتوجب الانتباه إلى أن استخدام مواد العزل عالية الجودة وتصميم المحركات على درجات عازلية عالية، يقود إلى رفع ثمنها إلى حد كبير. لذلك يتوجب انتقاء المحرك الكهربائي من ناحية درجة العازلية حسب ظروف التشغيل الحقيقية التي سيعمل فيها. فنظام عمل المحرك الكهربائي يتبع نظام الآلة التي يقوم بتدويرها. ويمكن أن يكون نظام العمل مستمراً من دون انقطاع كعمل المحرك مضخة أو مروحة، أو متقطعاً يتخلله فترات من التوقف كعمل المحرك في مصعد أو رافعة. كما يمكن أن يعمل المحرك بحمل ثابت أو متغير.

إضافة إلى الأجزاء الأساسية للمحرك الكهربائي فإنه يتكون من أجزاء ثانوية ضرورية ليصبح قابلاً للاستثمار (الشكل 1). وتتعلق هذه الأجزاء الثانوية بنوع المحرك. ففي حين تحتوي محركات التيار المستمر على ملحقات كثيرة تشمل المسفرات والمجمع collector والأقطاب poles والغلاف الخارجي أو الهيكل frame وغير ذلك فإن المحرك التحريضي ذا الدائر المقصور أو القفص السنجابي لا يحتوي على أي شيء من هذه الملحقات عدا الغلاف الخارجي والمدارج bearings. ويعدّ الغلاف الخارجي جزءاً مهماً من المحرك كونه يحدد درجة حمايته من تأثير العوامل الخارجية المتمثلة بدخول الأجسام الصلبة ورذاذ الماء إلى داخله. وتصنف المحركات الكهربائية حسب درجة الحماية هذه international protection (IP)  في عدة مجموعات. ويشار إلى درجة الحماية هذه بالرمز IP ثم يتلو ذلك رقمان، كالرمز IP65 على سبيل المثال. وهنا يشير الرقم الأول 6 إلى درجة حماية المحرك من دخول الأجسام الصلبة إلى داخله. وكلما كان هذا الرقم كبيراً كان دخول الأجسام الصلبة إلى داخل المحرك أقل. ويشير الرقم الثاني 5 إلى درجة حماية المحرك من دخول الماء إليه. والقيمة الكبيرة لهذا الرقم تشير أيضاً إلى صعوبة دخول الماء إلى المحرك، أي إلى درجة حمايته العالية من دخول الماء.

الشكل (4) تبريد المحرك الكهربائي عن طريق التهوية الطبيعية (أ) والتهوية القسرية (ب)

إن تأمين الحالة الحرارية المستقرة في أثناء عمل المحرك تعدّ مسألة أساسية لضمان أدائه بالشكل الفني الصحيح. على هذا الأساس يتم  تحديد نظام التشغيل المسموح للمحرك ونسب التحميل الملائمة وطريقة التبريد اللازمة له. ويستخدم لتبريد المحركات طرق عديدة (الشكل 4) تتفاوت فاعليتها بحسب وسيط التبريد كالتبريد بالتهوية الطبيعية العادية أو التهوية القسرية بالمراوح أو التبريد بالوسيط السائل المضغوط كالماء والزيت. وكلما كانت طريقة التبريد أكثر فاعلية يمكن زيادة تحميل المحرك أكثر وتشغيله ضمن نظام عمل أصعب مع الحفاظ على استقرار حالته الحرارية.

مبدأ عمل المحرك الكهربائي: يمكن استعراض مبدأ عمل المحرك التحريضي على مثال المحرك التحريضي ذي الدائر المقصور. عند تطبيق التوتر المتناوب على الملفات الأساسية للمحرك المتوضعة على الجزء الثابت يمر تيار متناوب في هذه الملفات؛ مما يؤدي إلى تولد سيالة مغنطيسية متناوبة حولها. تمر هذه السيالة عبر حديد نواة الثابت وأسنانه ثم تعبر الثغرة الهوائية منتقلة إلى العضو الدوار لتتقاطع مع ملفاته فيؤدي ذلك إلى تحرض قوى محركة كهربائية في نواقل الدوار ومن ثم مرور تيارات فيها متغيرة دورياً بتردد مختلف عن تردد تيارات الثابت. بنتيجة ذلك يتولد في المحرك عزم دوران ذو طبيعة كهرمغنطيسية يجبر العضو الدوار على الدوران بسرعة محددة. بهذا الشكل يتم تحول الطاقة الكهربائية المقدمة إلى ملفات المحرك في الثابت إلى طاقة حركية دورانية مقدمة للعضو الدوار. وتنقل هذه الطاقة الحركية من محور المحرك إلى الآلة التي يديرها عن طريق وصلات ربط مخصصة لهذا الغرض. تتعلق قيمة عزم الدوران التي يمكن أن ينتجها المحرك الكهربائي بمجموعة من العوامل أهمها الاستطاعة التي يصمم على أساسها المحرك وقيمة التوتر المطبق على ملفات الجزء الثابت. فكلما كانت الاستطاعة التصميمية للمحرك كبيرة تكون كتلته أكبر، حيث ترتبط الاستطاعة مع البعد الطولي للمحرك المتمثل بطوله أو قطر الجزء الثابت فيه بعلاقة أسّية من الدرجة الثالثة. أما توتر التغذية فيؤثر بشدة في عزم المحرك ويرتبط معه بعلاقة تربيعية. لذلك فإن انخفاض توتر التغذية وإن كان بمقادير بسيطة يؤدي إلى هبوط قيمة عزم دوران المحرك الكهربائي هبوطاً حاداً. بناءً على ذلك تحدد نظم الاستثمار القيم المسموحة لهبوط توتر التغذية على المحركات الكهربائية بمقدار لا يزيد على 5% من أصل توترها الاسمي. وبمثل ما يؤدي هبوط التوتر إلى مشكلات للمحرك الكهربائي فإن زيادته على القيم النظامية يمكن أن تترافق أيضاً بمخاطر كبيرة، لذلك لا يسمح بزيادة التوتر المغذي للمحركات الكهربائية على 5% من قيمته الاسمية.

تعدّ المحركات الكهربائية آلات عالية المردود. ويزداد مردود المحرك بازدياد استطاعته الاسمية، إذ يمكن أن يصل إلى أكثر من 99% في المحركات الكهربائية الضخمة، حيث تقل نسبة الضياعات في مثل هذه المحركات إلى استطاعتها الاسمية. ويتعلق مردود المحرك الكهربائي بنسبة تحميله، إذ يلاحظ أنه يمكن الحصول على أعلى مردود له عندما يعمل بنحو 80% من استطاعته الاسمية. 

ومن المسائل المهمة التي يجب أن تولى الانتباه لدى استثمار المحركات الكهربائية تأمين إقلاعها بالشكل الفني الصحيح، إذ تترافق  عملية الإقلاع المتمثلة بانتقال الآلة من مرحلة السكون إلى حالة الدوران بالسرعة الاسمية بمرور تيارات في نواقل المحرك والشبكة المغذية تزيد أضعافاً عدة على قيمها الاسمية؛ لذلك يتوجب اتخاذ إجراءات محددة لخفض قيمة هذه التيارات في فترة الإقلاع التي تمتد ما بين عدة ثوانٍ وبضع عشرات من الثواني.

وتجدر الإشارة أيضاً إلى مسألة أخرى متعلقة بعمل المحركات الكهربائية وهي مسألة تنظيم سرعة دورانها. فهناك مجالات متعددة لاستخدام المحركات الكهربائية تقتضي تشغيلها بسرعات دوران متغيرة ضمن حدود واسعة. ومع التطور الهائل في تقنيات أنصاف النواقل والإلكترونيات الصناعية أصبحت مؤخراً مسألة تنظيم سرعة المحركات الكهربائية من المسائل القابلة للحل على نحو فعال واقتصادي مما زاد من ميزات استخدام هذه المحركات وسعة انتشارها.

الخصائص المميزة لملفات المحركات الكهربائية: يتعلق شكل الملفات المستخدمة في المحركات الكهربائية بمجموعة من العوامل تشمل نوع المحرك الكهربائي واستطاعته وعدد أطواره إضافة إلى وظيفة هذه الملفات ومكان تركيبها ضمن الآلة الكهربائية. وتختلف تبعاً لذلك طريقة اللف. وبغض النظر عن أنواع المحركات الكهربائية يمكن تصنيف ملفاتها في نوعين رئيسيين هما الملفات الأساسية المخصصة لتمرير كامل الاستطاعة الكهربائية الواجب تحويلها إلى طاقة ميكانيكية، وملفات التهييج التي تؤدي دوراً ثانوياً بعملية توليد الحقل المغنطيسي المناسب لإتمام عملية تحول الطاقة. تكون الملفات الأساسية عادة مصممة للعمل على التوتر المتناوب كما هي الحال في المحركات التزامنية والمحركات التحريضية (الشكل 2)، أو تعمل على التوتر المستمر كما هو سائد في محركات التيار المستمر (الشكل 3).  أما ملفات التهييج فتكون ملفات تيار مستمر وتغذى من منبع مستقل لهذا التيار مثل ما هو متبع في المحركات التزامنية ومحركات التيار المستمر. وتركب الملفات بنوعيها إما في الجزء الثابت من المحرك ضمن مجارٍ أو على أقطاب مخصصة لها وإما في العضو الدوار. تركب الملفات الرئيسية ذات المقطع والكتلة الأكبر عادة على الجزء الثابت من المحرك وذلك لاعتبارات فنية كتوخي سهولة إيصال التغذية الكهربائية إلى هذه الملفات وتجنب تعريضها لإجهادات ميكانيكية زائدة. أما ملفات التحريض أو التهييج الثانوية - التي تكون ذات استطاعة أقل بكثير من الملفات الأساسية وبالتالي ذات مقطع وكتلة أصغر- فتركب في الغالب على العضو الدوار كونها أقل متطلبات من ناحية المتانة الكهربائية والميكانيكية.

تصنع ملفات المحركات الكهربائية من مواد جيدة الناقلية للتيار الكهربائي وتتصف إضافة إلى ذلك بجملة من المواصفات الفنية الأخرى كالمتانة الميكانيكية الكافية وخفة الوزن وقابلية السحب وانخفاض الكلفة. ومن أفضل أنواع المعادن التي تجتمع فيها معظم هذه المواصفات يأتي النحاس ومن ثم الألمنيوم. ولما كان النحاس أفضل بكثير من الألمنيوم من ناحية الناقلية الكهربائية وقابلية السحب على شكل أسلاك لذلك فهو يستخدم لصناعة معظم ملفات المحركات. ويقتصر استخدام المعادن الأخرى كالألمنيوم والفضة في ملفات المحركات على بعض التطبيقات الضيقة جداً. ولضمان عمل المحرك بشكل طبيعي يتوجب عزل الملفات النحاسية عن المجاري أو الأقطاب الفولاذية التي ستركب عليها عزلاً تاماً، من أجل ذلك تعزل الرقائق الفولاذية قليلة السماكة بعضها عن بعضها الآخر بطلائها بالورنيش، كما تعزل الملفات النحاسية باستخدام إحدى مواد العزل المناسبة لتوتر الآلة واستطاعتها. وتتعلق ثخانة الطبقة العازلة المستخدمة ومادتها بدرجة عازلية المحرك.

مبادئ تصميم ملفات المحركات الكهربائية: يتم الانطلاق في حساب ملفات المحركات الكهربائية وتصميمها من مؤشرين فنيين أساسيين هما توتر التشغيل والاستطاعة الاسمية. فعلى أساس قيمة التوتر يحدَّد عدد لفات الملف الأساسي للمحرك؛ وكلما كان توتر التشغيل عالياً يكون عدد اللفات المطلوب لملفات المحرك أكبر. ومع أن معظم المحركات الكهربائية تعمل على التردد النظامي 50 هرتز فإن بعضها يصمم على العمل عند ترددات أعلى كالتردد 400 هرتز خاصة. لذلك تجدر الإشارة إلى أن عدد اللفات يتعلق أيضاً بتردد المنبع المغذي للمحرك ولكن على نحو عكسي، أي إنه كلما ازدادت قيمة تردد المنبع انخفض عدد اللفات المطلوب. أما استطاعة المحرك فتؤثر في مقاطع ملفاته وكتلتها، فكلما كانت استطاعة المحرك كبيرة كان المقطع المطلوب لملفاته أكبر وتكون بالتالي كمية الأسلاك النحاسية المطلوبة لهذه الملفات أكبر. ويتم اختيار سطوح مقاطع الملفات النحاسية على أساس قيمة محددة لكثافة التيار الكهربائي التي يمكن السماح بها في أثناء تشغيل هذه المحركات باستطاعتها الاسمية. وتؤخذ كثافة التيار هذه في المحركات ما بين 1 و5 أمبير للمليمتر المربع الواحد من مقطع النحاس الصافي وذلك تبعاً لاستطاعة وطريقة التبريد المتبعة في المحرك. وعموماً يمكن القول إنه كلما كانت طريقة تبريد الأجزاء الداخلية للمحرك (الملفات النحاسية والقلب الحديدي) أكثر فاعلية يمكن السماح بكثافة تيار أعلى في الملفات، حتى إنه يسمح برفع هذه الكثافة في المحركات عالية الاستطاعة ذات طرق التبريد عالية الفعالية إلى حدود أعلى بكثير مما أشير إليه أعلاه.

بناءً على ما تقدم فإن ضمان استقرار الحالة الحرارية للمحرك والتأكد من عدم تجاوز حرارة أي جزء من أجزائه الحدود القصوى المسموح بها يعدّ مسألة رئيسية عند تصميم الملفات النحاسية والمحركات الكهربائية عامة.

لا يقتصر تصميم الملفات على حساب عدد لفاتها وسطوح مقاطعها وحسب بل يتعدى ذلك إلى حساب أطوال هذه الملفات وطريقة توزيعها على مجاري المحرك توزيعاً صحيحاً، وكيفية تثبيت الأجزاء المعلقة أو السائبة من هذه الملفات خارج المجاري. وتحدد هذه العوامل مواصفات المحرك وجودة أدائه، فطول هذه الملفات يتعلق بالأبعاد الرئيسية للمحرك التي تشمل طوله المحوري وقطر أسطوانته الداخلية، أي إن تصميم الملفات يتعلق بمرحلة سابقة من تصميم المحرك وهي حساب أبعاده الرئيسية. أما طريقة توزيع الملفات على مجاري الآلة فتتعلق بعدد الأطوار واستطاعة المحرك وسرعة دورانه أي عدد أقطابه. ففي المحرك ثلاثي الطور الذي يحتوي على ثلاثة ملفات رئيسية متماثلة توزع هذه الملفات توزيعاً منتظماً ومتساوياً على مجاري الآلة، أي يخصص لكل طور عدد متساوٍ من اللفات والمجاري، ويكون ملف كل طور مزاحاً عن ملف الطور الآخر بمقدار 120 درجة كهربائية وذلك من أجل ضمان العمل المتوازن للمحرك (الشكل 5). ويوزع ملف كل طور ضمن الحيز المخصص له من أسطوانة المحرك وفق ما يسمى بخطوة اللف وهي البعد بين طرفي اللفة الواحدة من كل ملف. وعند اختيار هذه الخطوة يتوخى التوفيق بين عدة عوامل متناقضة كالحصول على أقصى قيمة ممكنة لتوتر الخرج وأقل قيمة للتوافقيات العليا في موجة القوة المحركة الكهربائية المتحرضة داخل ملفات المحرك.

الشكل (5) مخطط رمزي لكيفية توزيع الملف ثلاثي الطور على المجاري في الآلة رباعية الأقطاب

الشكل (6) الآلات المستخدمة في لف ملفات المحركات الكهربائية واختبارها

تستخدم في لف المحركات الكهربائية عدة طرق للف تبعاً لنوع المحرك ومواصفاته كاللف الانطباقي والمتموج وغيرها من الطرائق التي لا يوجد مجال لشرحها. بيد أن كل طريقة تحقق عند شروط معينة جملة من الميزات الإيجابية في عمل المحرك. ومع التطور الكبير في صناعة الآلات الكهربائية فإن عملية لف وشائع الملفات أصبحت تجري بطرق آلية وباستخدام آلات متطورة (الشكل 6) تحقق هذه العملية آلياً بسرعة وإنتاجية كبيرة وجودة عالية، إذ تزود هذه الآلات بأجهزة قياس واختبار لمراقبة جودة الملفات وسلامتها خاصة من ناحية متانتها الكهربائية والميكانيكية.

تستخدم في بعض المحركات الكهربائية المهمة ملفات مساعدة مقصورة على نفسها أو على مقاومة أومية محددة كالمحركات الكهربائية التحريضية ذات الدائر المقصور أو الدائر الملفوف. و الدوار المقصور هو الأوسع انتشاراً، وهو على شكل قفص سنجابي مصنوع على شكل قضبان مصبوبة من خلائط الألمنيوم في مجاري الدوار ومقصورة من طرفيها بحلقتين من المعدن نفسه. يكون القفص السنجابي ذا مقاومة أومية كبيرة لتأمين عزم الإقلاع المطلوب للمحرك.

ومن أجل ضمان الحصول على مواصفات فنية عالية للمحرك يتم اختيار عدد مجاري الدوار أي عدد قضبان القفص السنجابي مختلفاً عن عدد مجاري الثابت وفق قواعد محددة، كما يتم اختيار شكل مجاري الدوار من نوع خاص كالمجاري العميقة والمجاري المزدوجة للحصول على أفضل مواصفات فنية عند إقلاع هذه المحركات وتشغيلها على حد سواء.

عبد المطلب أبو سيف

الموضوعات ذات الصلة:

التبريد في المحركات (نظم ـ) ـ التجهيزات المنزلية ـ الدارة الكهربائية في المحرك ـ الصناعات الكهربائية والإلكترونية.

مراجع للاستزادة:

ـ الآلات الكهربائية والميكروية، ترجمة عبد المطلب أبو سيف (منشورات المركز العربي للتعريب والتأليف والترجمة والنشر 1995).

ـ عبد المطلب أبو سيف، تصميم الآلات الكهربائية (منشورات جامعة دمشق 2005).

- E.S.HAMDI, Design of Small Electrical Machines (John Wiley & Sons. Chichester, UK, Second edition 1998).

- H.HAYNE & L. JAMES, Electric Motors Handbook (McGraw-Hill Handbooks. New York, USA 1998).


التصنيف : التقنيات (التكنولوجية)
النوع : تقانة
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 902
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 508
الكل : 29647131
اليوم : 27141

الخزف والخزافة (فن-)

الخزف والخزافة (فن -)   يختلف الخزف pottery عن الفخار[ر] على الرغم من تداخل صناعتهما الذي يدفع الدارسين إلى صعوبة التفريق بينهما، فكلاهما من المشغولات المصنوعة من المواد الطينية اللازمة أو التي تكتسب خاصية اللزوبية بالمعالجة الحرارية وصولاً إلى الهيكلية اليابسة في نهاية مراحل صنعها. ولكن الخزف يمتاز بخاصية التزجيج glazing، فثمة مادة زجاجية سائلة تغطي الفخار قبل شيِّه ثانية فتكسبه تلوناً ولمعاناً وقسوة، مما لا يتمتع به الفخار الذي يبقى على لونه الترابي كامداً هشاً.
المزيد »