logo

logo

logo

logo

logo

ليبيا (جغرافيا)

ليبيا (جغرافيا)

Libya - Libye

لـيـبـيــا

 

الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، يحدها البحر المتوسط من الشمال، وجمهورية مصر العربية من الشرق، وجمهورية السودان من الجنوب الشرقي، وجمهوريتا تشاد والنيجر من الجنوب، والجمهورية الجزائرية من الغرب، والجمهورية التونسية من الشمال الغربي، وتشغل مساحة1.775060كم2، وعدد سكانها يزيد قليلاً على 6 ملايين نسمة في عام 2005.

 

 

تطلّ ليبيا على البحر المتوسط بشاطئ قليل التعاريج، تندر فيه الفجوات الطبيعية الصالحة لنشوء الموانئ الجيدة، ويبلغ طوله 1900كم تقريباً، ويتوسطه خليج سرت الكبير، وتقع ليبيا بين خطّي الطول 9 ْ و25 ْ شرقاً؛ وخطّي العرض 18 ْ و33 ْ شمالاً، وتختلف معالم السطح في ليبيا من جهة إلى أخرى.

ففي ولاية طرابلس، نجد أن أهم مظهر لها أنها تطل على البحر المتوسط بشاطئ رملي منخفض، وأخصب بقاعها السهل الساحلي الممتد بين زوارة الواقعة على حدود تونس غرباً ومصراته الواقعة عند الرأس الشمالي الغربي لخليج سرت شرقاً، ويبلغ طوله 325كم، ويراوح اتساعه بين 8 و10كم. ويمتاز هذا  الساحل - خاصة في قسمه الشرقي - بكثرة المستنقعات التي تعرف باسم السبخات، وفي هذا السهل تقع طرابلس وتاغوراء والزاوية والخمس ومصراته.

ويلي هذا السهل جنوباً سهل جفارة الذي يبدو على شكل مثلث، ومساحته نحو 18000كم2، وأجزاؤه الشرقية صالحة للزراعة، في حين أن الغربية مجدبة. وتقع جنوب سهل جفارة سلسلة جبال ممتدة من الشرق إلى الغرب، يزيد ارتفاعها على 900م، وتشمل جبال ترهونة وغريان ونفوسة ويفرن، وتمثّل هذه المرتفعات حافّات عالية للهضبة الإفريقية التي تضم في ثناياها سهل جفارة.

 

مشهد من الصحراء جنوبي ليبيا

وإلى الجنوب من هذه الحافات توجد هضبة حمادة الحمراء، وهي ذات سطح صخري، وتشغل المنطقة ما بين ولاية طرابلس ومنخفض فزّان في الجنوب. وإذا كانت منطقة حمادة صخرية قاحلة، كما تبدو في الوقت الحاضر؛ إلا أن هناك ما يدلّ على أنها كانت أكثر أمطاراً، وأنها كانت تصرف مياهها إلى البحر عن طريق عدد من الأودية الكبيرة التي مازالت مجاريها باقية، وأهمها وادي الشرشارة ووادي صُفجين ووادي المجنين ووادي زمزم، وهذه الأودية جافة، وتسيل فيها المياه عند سقوط الأمطار الغزيرة، وينتهي بعضها إلى ساحل البحر المتوسط، كوادي صُفجين أطول الأودية؛ إذ يبلغ طوله 354كم، وتصب مياهه في مستنقعات طاورغاء الملحية.

وتتمثل حافة حمادة الجنوبية في مجموعة تلال، من أشهرها جبل السودا (854م تقريباً) ومرتفعات ولد حسّان وجبل موريه وغيرها من المرتفعات المنعزلة، وتنخفض كلها نحو منخفض فزّان بصورة واضحة، وتتكون من صخور كلسية رملية، ولكنها تعرضت للنشاط البركاني حتى أصبح مظهرها العام يشبه البازلت.

الجبل الأخضر

ولاية برقة يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسين: الغربي، وهو أكثر ارتفاعاً (548م وسطياً) ويسمى الجبل الأخضر، في حين أن القسم الشرقي يبلغ متوسط ارتفاعه 213م؛ ويعرف بجبال عُقبة. ويمتد الجبل الأخضر على شكل هلال، يتبع الساحل لمسافة 250كم، ثم ينحدر انحداراً شديداً نحو البحر المتوسط. ومن الملاحظ أن الأجزاء المنحدرة الشمالية عملت فيها التعرية المائية بوضوح، والتربة على هذه المنحدرات خصبة، وتعرف بالأرض الحمراء.

وفي غرب برقة توجد سلسلة أحواض تشغلها الواحات، وتدخل ضمن ما يعرف باسم مجموعة واحات منخفض عجيلة (عقيلة) الذي يضمّ عجيلة وجالو وغيرهما، ويبدو أن هذا اللسان الطويل من المنخفضات ربما كان أصلاً لساناً من البحر القديم، وامتلأ بالرواسب في عصر البلايوسين.

أما واحة الكفرة ومجموعتها، فتقع بين خطّي طول 21 ْ و 24 ْ شرقاً، جنوب مدار السرطان، وتضمّ خمس واحات، وتنتشر في منطقة تمتد 322كم تقريباً.

والسهل الساحلي في برقة أضيق بصفة عامة من السهل الساحلي الطرابلسي، وكثيراً ما يختفي في بعض المناطق، كما هي الحال عند رأس هلال، أجمل المصايف الليبية في الجبل الأخضر، ومن السهول الداخلية ببرقة سهل المرج الخصيب.

الساحل الليبي (سوسة)

وفي ولاية فزّان، يبدأ منخفض فزّان من جبال السودا في الشمال وينتهي جنوباً عند جبال تاسيلي الحجر في الجنوب الغربي، وجبال تبستي في الجنوب، وهذه يبلغ أقصى ارتفاع لها في ليبيا 3150م. ويوجد في الولاية عدد كبير من الواحات، أشهرها سَبْها  العاصمة ومرْزق والقطرون، وكلها محطات مهمة للقوافل، كما تمتاز الولاية بوجود عدد كبير من الأودية، أشهرها وادي الآجال ووادي الشاطئ. ويتبع الولاية واحتا غات وغدامس التي يسميها الإيطاليون لؤلؤة الصحراء Perla del Sahara، وهي تبعد عن طرابلس نحو 700 كم.

المناخ:

تنتمي ليبيا بصفة عامة - عدا الشريط الساحلي في ولايتي برقة وطرابلس - إلى الصحراء الكبرى من حيث المظاهر المناخية. لوقوع ولايتي برقة وطرابلس بين البحر والصحراء، فالمناخ كثير التقلب؛ للصراع الدائم بين مناخ البحر المتوسط ومناخ الصحراء، أما مناخ فزّان فهو صحراوي.

الجهات الساحلية في كل من الولايتين تنتمي إلى مناخ البحر المتوسط؛ أي معتدلة الحرارة صيفاً دفيئة شتاء، أما إقليم سِرْت فهو أقرب إلى مناخ الصحراء؛ لاقترابه نسبياً من الجنوب وانخفاضه.

أما الجهات الجبلية (الجبل الأخضر في برقة والجبل الغربي في طرابلس) فهي ذات حرارة معتدلة صيفاً؛ ولذا كانت غريان ويفرن في طرابلس والبيضا وشحات في برقة مصايف مهمة. أما في الشتاء؛ فهي شديدة البرودة، وقد تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر أحياناً. والقسم الجنوبي من ليبيا (جنوب برقة وولاية فزّان) ينتمي للمناخ الصحراوي الذي يمتاز بشدة الحرارة صيفاً والبرودة شتاءً.

ويسقط المطر عادة في المدة ما بين شهري تشرين الأول/أكتوبر وآذار/مارس، إلا أن سقوط المطر غير منتظم؛ من حيث موعده وكميته وتوزيعه، فقد يبدأ الموسم مبكراً في أيلول/سبتمبر، وينتهي متأخراً في نيسان/إبريل وأيار/مايو، وقد تسقط أمطار غزيرة تملأ الأودية، وتهدد السكّان، وفي بعض السنين  يكون المطر شحيحاً، وهذا التذبذب في سقوط المطر يظهر أثره على السكان وعلى الحياة الاقتصادية في ليبيا عموماً.

وتغزر الأمطار على السواحل في كل من ولايتي برقة وطرابلس، ويسقط معظمها في كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير، ويكاد المطر ينعدم في جنوبي هاتين الولايتين، فالكفرة مثلاً قد لا تسقط عليها قطرة ماء عشرات السنوات! وتقل كمية المطر كلما اتجهنا جنوباً (باستثناء إقليم برقة) أو شرقاً، على أنه لارتفاع الهضبة في برقة من جهة، ولامتدادها في البحر المتوسط من جهة أخرى؛ فأمطارها الشتوية أغزر بصفة عامة.

وتهبّ على ليبيا في فصل الشتاء الرياح الغربية، وتسبب سقوط المطر، وفي فصلي الصيف والخريف تهبّ رياح آتية من الجنوب تعرف باسم (القبلي)، تجلب حرارة لافحة من الصحراء، وهذه الرياح تكسو الأرض بطبقة خفيفة من الرمال الناعمة، وتحجب الرؤية، كما تسبب تلفاً للمحاصيل الزراعية، ويستمر هبوبها بضع ساعات، وقد يستمر أحياناً ثلاثة أيام أو أربعة، وتعمل الحكومة الليبية على تثبيت الرمال بغرس الأشجار.

الجغرافية البشرية:

أُجري أول تعداد للسكان في ليبيا عام 1954، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت تعدادات السكّان تجري كل عشر سنوات بطريقة منظمة، ويمكن القول: إن نمو السكان في ليبيا قد مرّ بثلاث مراحل، وهي:

- فترة الجمود والتناقص السكاني: وهي الفترة التي بدأت مع الاحتلال الإيطالي حتى الحرب العالمية الثانية. وهذا الانخفاض يُعزى إلى استشهاد عدد كبير من الليبيين إبان حرب الجهاد ضد المستعمر الإيطالي، وتجنيد عدد كبير من الليبيين والزج بهم في حروب الحبشة؛ هذا إضافة إلى هجرة أعداد كبيرة من الليبيين إلى الدول العربية المجاورة.

- فترة نمو بطيء: وتشمل الفترة ما بين 1936-1954، فقد بلغ معدل النمو نحو 1.9%، ويرجع ذلك إلى الحرب العالمية التي كانت ليبيا إحدى ميادينها؛ إضافة إلى حالة البلاد الاقتصادية السيئة، وسنوات الجفاف التي مرت بالبلاد 1947، 1948- 1949.

فترة زيادة سريعة: وتشمل الفترة ما بين 1954 إلى اليوم، وفيها شهدت البلاد نمواً كبيراً في السكان خاصة مع بداية السبعينيات، إذ بلغ معدل النمو السنوي نحو 4%. ويمكن إرجاع هذه الزيادة السريعة إلى الزيادة الطبيعية أولاً (الفروق بين المواليد والوفيات)، وزيادة الهجرة إلى ليبيا خاصة بعد ظهور البترول فيها، فقد صُدِّرت أول شحنة بترولية من ليبيا من ميناء البريقة في عام 1961، أُنتجت من ثلاثة حقول، وهي زلطن وراقوبة  والظهرة.

والقوة البشرية في ليبيا ليست محدودة فحسب، ولكنها تترامى على رقعة سياسية شاسعة، فبمجموع سكاني قدره 5499074 نسمة عام 2003 على مساحة قدرها نحو 1775060 كم2، فإن متوسط الكثافة الحسابية لايكاد يناهز 3.1 نسمة في الكيلومتر المربع.

وبمزيد من التفصيل؛ فإن ليبيا تعد رابعة الدول العربية مساحة بعد السودان والجزائر والسعودية، ولكنها أقلها سكاناً على الإطلاق باستثناء دويلات الخليج وإماراته.

وأهم العناصر التي يتكون منها الشعب الليبي، هي:

- العرب: وهم الأكثرية العظمى، وقد دخل العنصر العربي على دفعتين: الأولى في القرن السابع الميلادي؛ أي في أثناء الفتح العربي بقيادة عمرو بن العاص وبعده مباشرة. والثانية في القرن الحادي عشر الميلادي؛ عندما أرسل الخليفة الفاطمي المستنصر بالله قبائل عربية (بنو سليم وبنو هلال) من صعيد مصر إلى ليبيا وتونس للتخلص من هذه القبائل التي كانت مصدر قلق للفاطميين من جهة، وللقضاء على المعز بن باديس، أحد ولاة تونس من جهة أخرى، وكان هذا قد أعلن انفصاله عن الدولة الفاطمية، وأظهر ولاءه للدولة العباسية. وقد بقي بنو هلال في تونس، أما بنو سليم فقد استقر بهم المقام في ليبيا، ومنهم في برقة اليوم قبائل السعادي، وفي طرابلس المحاميد، وقد قضت هذه القبائل العربية على ما كان للبربر من غلبة عنصرية.

- البربر: كانوا موجودين في البلاد عند الفتح العربي، وهم ينتشرون اليوم في ولاية طرابلس خاصة في المدن الغربية والجنوبية، مثل زوارة ويفرن ومزدة. وعلى الرغم من التشابه بين البربري والعربي في كثير من العادات؛ إلا أن هناك فروقاً بينهما تتضح في الأمور الآتية:

- يعتنق البربري المذهب الإباضي، وهو مذهب من المذاهب الإسلامية، ينسب إلى عبد الله بن إباض [ر]، أما الأكثرية العربية فهي مالكية المذهب.

- إنهم قوم مستقرون، يسكنون المنازل والقرى، في حين يغلب على  العرب حياة الترحال وسكنى الخيام.

- لهم لغة خاصة بهم، يستخدمونها بينهم؛ إضافة إلى اللغة العربية.

- الطوارق أو (التوارك): وهو اسم أطلقه العرب على بعض القبائل البربرية، لأنها تركت الإسلام بعد أن اعتنقته، ورجعت إلى عقائدها الوثنية الأولى، ولكنهم جميعاً اليوم مسلمون، ويسميهم الجغرافيون بدو الصحراء؛ لأنهم ينتشرون وسط الصحراء الكبرى إلى حدود النيجر، ومن فزّان إلى غرب بحيرة تشاد.

ويتركز طوارق ليبيا في ولاية فزّان خاصة، ولهم لغة خاصة، إضافة إلى اللغة العربية. وتنقسم القبائل الطوارقية إلى طبقتين النبلاء والأمجاد، والأمجاد تابعون للنبلاء، ورئيس قبيلة النبلاء يكون عادة قائد الحرب والقاضي في أوقات السلم.

- الزنوج: يكثر وجودهم في ولاية فزّان، وهم من نسل العبيد، جلبوا من داخل إفريقيا، ويمتهن الزنوج في ولاية طرابلس مهن الموسيقى الشعبية، ويعرفون باسم «الشوشاني». ويعيش في أقصى الجنوب على مرتفعات تبستي قبائل التبو Tibu؛ وهم أصلاً عرب اختلطوا بالزنوج.

وهناك أفراد وجماعات امتزجت بالسكّان، ومن أهمها الدماء الكريتية في ولاية برقة، والدماء التركية التي تظهر في جماعات الشراكسة و«القول أوغلية»؛ وهم أبناء الجنود الإنكشارية الذين تزوجوا من العرب والبربر، وهذه الجماعات توجد في مدن مصراته والزاوية وجنزور.

- اليهود: وهم الأقلية الليبية الوحيدة، وهي ذات أصول قديمة، وقد وفدوا إلى البلاد منذ أيام الرومان، والأندلس في عهد الاضطهاد الديني، وأخيراً في القرن التاسع عشر من أنحاء مختلفة في الامبراطورية العثمانية، وقد هاجر أغلبهم إلى فلسطين. ويحترف اليهود التجارة، ومعظمهم في ولاية طرابلس، والقليل في ولاية برقة.

ومعظم السكان يدينون بالإسلام (97%)، وبلغ معدل المواليد 27.4 في الألف، ومعدل الوفيات 3.5 في الألف تقريباً، ومعدل وفيات الأطفال 26.8 في الألف في عام 2003. ونسبة التعليم 76.2%، والنظام السياسي جماهيري، وتنقسم البلاد إلى 25 بلدية.

وحياة الليبيين نوعان حياة استقرار وحياة ترحال، يحترف المستقرون مهنة الزراعة في الريف، والصناعة والتجارة في المدن، وأغلب المستقرين يقطنون في ولاية طرابلس، ولذلك كانت أكبر الولايات تحضّراً، ويقلّ عددهم إلى درجة كبيرة في ولاية برقة؛ ولذلك يغلب عليها طابع البداوة. أما المستقرون في ولاية فزّان فهم أهل ريف. وسكان الريف في ليبيا أكثر من سكان المدن، ولذلك كانت الزراعة وما يتصل بها من أكثر الحرف التي يمتهنها الليبيّون.

اللغة القومية هي اللغة العربية، وهي ذات لهجة خاصة، بينها وبين لهجة الصعيد في مصر تشابه كبير. وللبربر إضافة إلى اللغة العربية لغة خاصة، وتسمى هذه اللغة لغة البربر، وللطوارق كذلك لغة خاصة - إضافة إلى اللغة العربية - وتسمى طيفيناغ Tfinagh، يتكلم بها الآن العجائز وخاصة النساء.

الجغرافية الاقتصادية:

يتألف المركب الزراعي الأساسي من عدد كبير نسبياً من المحاصيل المتنوعة، لا يبرز بينها محصول معين بصفة خاصة، وهذا في حد ذاته من خصائص الاقتصاد المعاشي غير التجاري، والحبوب تأتي في الصدارة، الشعير أولاً 175.15 ألف طن، ثم القمح 46.40 ألف طن في عام 2003، وهذا الترتيب نفسه يعكس سيادة الجفاف والظروف الحدّية، فمحصول الشعير أكثر من ثلاثة أمثال محصول القمح، ومع ذلك يتحتم على ليبيا الاستيراد؛ على الرغم من أن خطة ليبيا الزراعية هي العمل على تحقيق الكفاية الذاتية في الغذاء عامة والحبوب خاصة.

مصنع ملابس في سوق الجمعة

وأهم المحاصيل الزراعية الأخرى هي الفواكه (فواكه البحر المتوسط) وخاصة الزيتون والكروم، فالزيتون يكاد يعادل إنتاج سورية، وبهذا تأتي ليبيا رابعة الدول العربية في إنتاج زيت الزيتون، ويأتي إنتاج التمر من ثلاثة ملايين نخلة تقريباً، وإن كانت بعيدة عن تحقيق الكفاية.

وتمثّل الثروة الحيوانية قيمة خاصة في ليبيا، ترمز إلى سيادة الصحراء والرعي، مثلما ترمز في الوقت نفسه إلى سيادة الرعي الجاف. ومن الثروة الحيوانية يمكن أن نذكر الماشية والأغنام والماعز والإبل، ويصل مجموع الثروة الحيوانية كلها إلى 7 ملايين رأس تقريباً في عام 2003.

وعلى هذا الهيكل التحتي العتيق، أتى النفط؛ ليفرض هيكلاً فوقياً عاتياً، وبهذا أصبحنا إزاء اقتصاد مزدوج منح الاقتصاد الليبي طاقة فائقة واستقراراً مطلقاً، كما حوله من اقتصاد كفاية معاشي صرف محدود إلى اقتصاد تبادلي بالغ الثراء.

الصناعة بسيطة وهي قسمان: تقليدية وخفيفة، الأولى تعتمد على منتجات الرعي من صوف وجلود، ومنها المنسوجات الوطنية والسجاد والبسط والجلود المدبوغة ومنتجات الألبان. والثانية: أساسها المحاصيل الزراعية، وأهمها عصر الزيتون وطحن الغلال وتعليب الأسماك والفواكه والخضراوات.

ولاشك في أن النفط هو خط تقسيم تاريخي في تطور ليبيا الاقتصادي، واقتصاد ليبيا التقليدي قبل النفط يتلخص في أنها دولة رعي وزراعة: رعي استبس «سهب» وصحراء وزراعة متوسطية وشبه متوسطية؛ دولة فقيرة الموارد الطبيعية، محور اقتصادها الإنتاج المعاشي بغرض الكفاية الذاتية، وأساسها الكفاية الغذائية.

والخطة الجديدة تهدف إلى نشر الصناعة المتطورة وتوسيعها، خاصة المنسوجات القطنية والصوفية وأنابيب الفولاذ والألمنيوم والأسمدة؛ فضلاً عن بعض الصناعات الاستهلاكية والمجتمعية الحديثة كالأثاث والزجاج والكابلات والإسمنت… إلخ.

ولعل من أهم نتائج النفط تغيير عناصر الدخل القومي ومكوّناته تغييراً جذرياً كذلك، فبعد أن كانت الزراعة والرعي هما مصدري الدخل القومي الأساسي؛ تراجعتا بشدة إلى الوراء، وأصبح النفط هو عصب الاقتصاد، فقد بلغ إنتاج النفط الخام 560 مليون برميل في عام 2003، يصدّر منه 432.3 مليون برميل، وبلغت كمية الغاز المنتج 493.4 مليار قدم مكعب في العام  نفسه.

وأما ما قبل النفط؛ فقد كانت القاعدة الأرضية في المقدمة، إذ كانت المساحة الصالحة للاستغلال تبلغ نحو 14.2 مليون هكتار، لا يزرع منها فعلاً سوى 2.9 مليون هكتار، تمثّل 4.5% من مساحة الدولة، أما الباقي فلا يصلح إلا للرعي، ولا يزرع على الري إلا نحو 75 ألف هكتار أو نحو 3% من مجموع مساحة الأراضي الزراعية.

غير أن العامل المحدد الخطير للإنتاج إنما هو الماء، فماء المطر غير كاف وغير مضمون، والمساحة التي يمكن أن يعتمد فيها على المطر لاتزيد على 1% من المساحة الإجمالية للبلاد، والمياه الجوفية لم تكن مستغلة بما فيه الكفاية.

من هنا، كان التفكير في إمكانية الاستفادة من المخزون الهائل للمياه الجوفية في الجنوب ونقلها إلى الشمال حيث تتوافر الأراضي الصالحة للزراعة. ومع ميلاد الفكرة المدعومة بالدراسات العلمية التي تؤكّد إمكانية استغلال الثروة المائية الضخمة المخزونة في باطن الصحراء؛ ونقلها إلى مدن الشمال.

وقد استهدفت المرحلة الأولى من المشروع إنتاج المحاصيل الزراعية الاستراتيجية كالحبوب والأعلاف؛ لتصل في النهاية المساحة الإجمالية المستهدفة إلى 25 ألف هكتار مرويّة للموسم الشتوي و10 آلاف هكتار مروية للموسم الصيفي، فضلاً عن إنشاء مجمع لتربية الأبقار ومشاتل لإنتاج الفاكهة والغابات.

وفي المرحلة الثانية من مشروع النهر الصناعي العظيم (في شهر الفاتح من عام 1996) وصلت المياه إلى مدينة طرابلس. وتؤكد الدراسات العلمية التي أجريت على هذه المرحلة أن المرشح للاستثمار فيها يقدر بنحو 300 ألف هكتار؛ موزعة على معظم مناطق الوسط والغرب والجنوب الغربي من طرابلس.

أما المرحلة الثالثة من مشروع النهر الصناعي العظيم فهي تتكون من ثلاثة أجزاء: في جزئها الأول تمّ ربط الآبار الواقعة شماليّ الكفرة بخطّ أنابيب نقل مياه المرحلة الأولى بمنطقة تازريو، وفي الجزء الثاني تمّ ربط خزّان التجميع بأجدابيا بمدينة طبرق بهدف تزويدها بالمياه العذبة. وفي الجزء الثالث من هذه المرحلة ربطت المرحلة الأولى بالمرحلة الثانية، حيث ربط خزان القرضابية مع منظومة المرحلة الثانية بمنطقة القداحية؛ وبذلك بلغ طول منظومة نقل الأنابيب 3500 كيلومتر؛ منتشرة فوق مساحة تعادل مساحة غربي أوربا، وبلغت كميات المياه المنتجة من منظومات النهر الصناعي العظيم 315.391 مليون متر مكعب في نهاية عام 2003.

ومعظم صادرات ليبيا من النفط ومنتجات أخرى من الغلات الزراعية والحيوانية، ومن أهمها التمور والزيتون والفاكهة والمنتجات الحيوانية، والدول الست الأولى في تجارة الواردات هي إيطاليا والمملكة المتحدة وألمانيا وجمهورية مصر العربية وفرنسا وسري لانكا، وتنتشر طرق السيارات في طول البلاد وعرضها، ومعظمها جيدة الرصف، ومن أهمها الطريق الساحليّ الذي يخترق البلاد من الحدود الغربية (تونس) إلى الحدود الشرقية (مصر)، وطول هذا الطريق 1822كم، يتفرع منه شبكة من الطرق الفرعية تربطه بداخل البلاد. وليس للسكك الحديدية في ليبيا الأهمية الكبيرة المعروفة في الأقطار الأخرى، فخطوطها محدودة، توجد على نطاق ضيق بسبب منافسة السيارات وغيرها من وسائل المواصلات. وأهمّ هذه الخطوط خطّ من طرابلس إلى زوارة غرباً، ومن طرابلس إلى تاغوراء شرقاً، وخطّ من طرابلس إلى العزيزية جنوباً. وفي ولاية برقة يوجد خطّ من بنغازي إلى سلوقه وآخر من بنغازي إلى الأبيار فالمرج، وتربط ليبيا بالعالم الخارجي كذلك خطوط جوية منتظمة، كما تتصل عواصم الولايات الثلاث بالطائرات (طرابلس، سبها، طرابلس، بنغازي)، ومن أهم المطارات مطار إدريس الأول في بني عشير جنوب شرقي طرابلس، ومطار بنينا Benina ببنغازي ومطار العدم بطبرق ومطار سبها.

صفوح خير

 

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 262
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 988
الكل : 58978219
اليوم : 131631

الموسيقى (مهرجانات-)

الموسيقى (مهرجانات ـ)   المهرجان festival، هو أحد أشكال التظاهرات الاحتفالية الجماعية، وتعود جذورها إلى طقوس الحضارات القديمة التي تشترك فيها الألوان الفنية الاحتفالية. كانت المهرجانات تقام على أساس أعياد أو ذكريات سنوية معينة، كأعياد الربيع في نيسان/إبريل لدى غالبية شعوب الحضارات القديمة، ثم تطورت فكرة المهرجان لتصبح ضمن جداول الدول وبمواعيد معروفة مسبقاً.
المزيد »