logo

logo

logo

logo

logo

لباس الغوص

لباس غوص

Diving suit - Scaphandre

لباس الغوص

 

يشمل لباس الغوص diving suit كلّ ما يرتديه الإنسان عند الغوص في الماء وما يحمله من أدوات مساعدة لممارسة الغوص والبقاء والتأقلم مع هذه البيئة.

الشكل (1)

صياد لؤلؤ في مياه خليج ضحل، ويرى بجواره حبل الإشارة مع حجر الثقل.

لمحة تاريخية

إن حاجة الإنسان إلى الغوص تحت الماء بإرادته أو مضطراً أمر مسلّم به مهما كانت الغاية منه. إلا أن الغوص يتطلب جهداً كبيراً؛ لأنه يعاكس طبيعة الجسم وقوانين الفيزياء (الطفو الإيجابي لجسم الإنسان)؛ ولذلك استعان الإنسان القديم بثقل يساعده على الغوص بسرعة، كما استعان بوسائل مختلفة تساعده على الرؤية بوضوح تحت الماء إلى أن توصل إلى وضع النظارات الواقية واستعمال مشبك لإغلاق فتحتي الأنف منعاً لدخول الماء. ومن ثم كان كل ما يرتديه، ويحمله الغواص البدائي لصيد اللؤلؤ pearl-diver واستخراجه من المحار هو سروالاً قصيراً ونظارات ومشبكاً عظميّاً على الأنف وقفازات جلدية سميكة، وكان يربط حول خصره سلّة من الليف يضع فيها ما يجمعه من المحار، ويستعين لغوصه بسرعة بحجر كبير مربوط بحبل يستخدمه وسيلة اتصال مع القارب الذي انطلق منه. وعلى الحبل وأعلى من الحجر بقليل، تثبت قطعة قماش مميزة اللون يتلقى الغواص عن طريقها الإشارات التي ترسل إليه من الأعلى. وقد يتسلح بسكين يربطها على ساقه وعصا مدبّبة الرأس يردّ بها أسماك القرش المفترسة. ولا يأكل الغواص شيئاً قبل الغوص إنما يشرب سائلاً حلواً حارّاًَ؛ ليكتسب منه الطاقة الضرورية. كان هذا العمل خطراً وشاقاً، ولا تتجاوز مدة الغوص، فيه دقيقة واحدة قد تصل بالتمرين إلى دقيقتين أو ثلاث، ولا يزيد عدد مرات الغوص في اليوم على 20-30 مرّة، أما العمق الذي يبلغه الغواص فيراوح بين 16 و30 متراً (الشكل1).

لباس الغوص والغاية منه

وجد لباس الغوص الحديث، وتنوّع طبقاً للغاية من الغوص، ولتوفير الشروط المناسبة للغوّاص تحت الماء وعلى السطح؛ نهاراً أو ليلاً، وتمكينه من التنفس أو التحرك بحرّيّة، ومنحه حماية معقولة من البرد والتأثيرات البيئية الخارجية في الأعماق. وهناك أنواع من لباس الغوص تساعد في حماية البدن من تأثير ضغط الماء الكبير، مع المعدات المحدَّدة لعمق الغوص ومعرفة الزمن وقياس الضغط وغيرها، فالغاية من لباس «الغوص الاستجمامي» recreational diving مثلاً التمتع بمشاهدة الأحياء المائية والكائنات الغريبة وتضاريس القاع وإشباع الفضول وروح المغامرة واكتشاف المجهول في الكهوف المائية العميقة، وقد يرافقه أحياناً متعة صيد السمك.

كما أن الغوص قد يكون للبحوث العلمية أو البحث عن المراكب الغارقة وحطام السفن والكنوز المدفونة تحت الماء، أو بهدف تنفيذ الأعمال التقنية من تمديد الكبول والأنابيب، وحفر الأنفاق تحت الماء، وتركيب منصات النفط البحرية وصيانتها، إضافةً إلى أعمال الغوص العسكرية والتجسس والتخريب وغيرها من المهام التي تقوم بها الضفادع البشرية، وتحتاج إلى ألبسة غوص أكثر تعقيداً أو أفضل تجهيزاً.

 

الشكل (1-أ)

بزات غوص مختلفة وتجهيزاتها

الشكل (1- ب)

بزة الغوص الصلبة

أنواع لباس الغوص ومكوناته

 يتنوع لباس الغوص بحسب الغاية منه ابتداء من الغوص الاستجمامي للمتعة الذي لا يتطلب سوى بعض المعدات الأساسية كالنظارة الواقية التي تمكن الغواص من الرؤية تحت الماء، وتحمي الأنف من دخول الماء، وقد تزود النظارة بأنبوبة لسحب الهواء schnorkel؛ وهي أنبوبة تسمح للغواص بالتنفس عن طريقها حين يكون طافياً على سطح الماء، حيث يدخل الغواص طرفها في فمه، وتمتد عمودياً من جانب الصدغ ونهايتها سائبة خارج الماء، كذلك يستخدم الغواص زعانف يلبسها بقدميه معاً أو بكل قدم وحدها. وتشبه زعنفة الذيل عند الفقمة أو قدم البطّة تساعده على الحركة الانسيابية في الماء وبسرعة. ولأن الغواص يخسر حرارة جسمه أسرع بكثير في الماء منه في الهواء، فإنه يرتدي بزة تقي جسمه، وتتناسب وحرارة الماء ومنطقة الغوص وشروط الطقس والعمق. والمحترفون أشد اهتماماً بذلك.

1- بزة الغوص الخفيفة وهي مصنوعة من المطاط أو القماش الخاص؛ لتحمي الجسم من الاحتكاك بأي شيء حتى الأدوات المحمولة، كما تؤمن حماية نسبية من الفقد الحراري وبرودة الماء، وهي إما أن تكون:

× بزة رطبة wet suit من المطاط المبطن تسمح بتسرب الماء بين الجسم وبينها مشكّلاً طبقة يدفئها الجسم، وتبقى معزولة نسبياً لبطء تبادلها مع الوسط المحيط.

الشكل (1-ج)

بزة غوص جافة

× بزة جافة dry suit مصنوعة من مادة مانعة لنفوذ الماء ومحكمة، لا تسمح بتسرّبه إلى بدن الغواص، وغالباً ما يرتدي تحتها لباساً صوفياً يدفئ الجسم.

وليطيل الغواص مدة بقائه تحت سطح الماء يحمل على ظهره خزان هواء مضغوط يستخدمه للتنفس، أما الغواصون المحترفون والتقنيون الحديثون فيستخدمون إضافة إلى مـا سبق أدوات متطورة جـداً؛ ويعرفون باسـم غواصي السكوبـا scuba، وهي اختصار لعبارة «self contained underwater breathing apparatus» أي «جهاز غوص ذاتي للتنفس تحت الماء» فيحملون أسطوانة مملوءة بالهواء المضغوط مع منظِّم regulator متصل بها؛ ليخفض ضغط الهواء وفق ضغط الماء الخارجي بحيث يتمكّن الغواص من التنفس بسهولة. يتوزع الهواء خلال أربعة خراطيم: الأول لمرور الهواء إلى مأخذ الفم؛ ليتنفس منه الغواص. والثاني يتصل مع حويصلة هوائية يمكن تعديل حجمها لتنظيم قوة الطفو، وهي على شكل صدار يُملأ هواءً؛ ليساعد الغواص على الطفو والارتفاع، ولدى تفريغها تدريجياً تساعده على الغوص. ومع تعديل طفيف يستطيع الغواص البقاء في المستوى الذي بلغه ضمن الماء. يتصل الخرطوم الثالث بمعيار الضغط لمعرفة كمية الهواء المتبقي في الأسطوانة، أما الخرطوم الرابع فيتصل بجهاز التنفس الذي يحمله الغواص على الظهر، وهو منبع هواء احتياطي أو بديل، كذلك يرتدي الغواص حزاماً فيه أثقال من الرصاص تساعده على الغوص، وتكون موزّعة بشكل يوفر التوازن له، ويراوح وزنها بين 2-4 كغ بحسب وزن الغواص وحجمه والعتاد الذي يحمله والمكان الذي يغوص فيه وكثافة الماء، ويشترط أن يكون هذا الحزام سهل الفكّ لفصله والصعود إلى السطح عند الخطر أو الطوارئ. ويزوّد الغواص ببعض المعدات للطوارئ، مثل السكين التي يستعملها في حال تشابكه مع النباتات البحرية أو شباك الصيادين كما يحمل صفّارة وضوءاً كاشفاً وأجهزة إشارة وساعة وبوصلة وأسطوانة أكسجين إضافية أحياناً، وغير ذلك مما يساعده على البقاء مدة طويلة في الماء (الشكل 2).

 

 

الشكل (2-أ)

غواص تقني يعرض ما يحمله من معدّات حين يغوص لعمق يزيد على 70 متراً.

الشكل (2- ب)

معدات الغوص التقني

 

يحمل الغواص التقني الذي يبقى فترة أكثر من نصف ساعة على عمق نحو 90 متراً، أربعة خزانات: ثنان كبيران؛ وفيهما مزيج الأكسجين والهليوم والآزوت، يحملان على الظهر، ومع كل منهما ما يحتاج إليه للتنفس، مثل المنظّم. واثنان صغيران يحتوي أحدهما على النيتروكس Nitrox (ا36٪ أكسجين + 64٪ آزوت)، والثاني أكسجين صرف، يربطان على جانبي الجسم، ويستعملان في مرحلة تخفيف الضغط فوق ارتفاع 34م حين تبدأ وقفات تخفيف الضغط، وهي اثنتا عشرة وقفة تتكرر بفاصل ثلاثة أمتار حتى السطح، وبذلك تكون المعدات التي يحتاج إليها الغواص مكلفة وباهظة الثمن جداً.

الشكل (3)

بزة الغوص العميق

الشكل (4)

بزة خفيفة رطبة للغوص العلمي

2- بزة الغوص العميق deep-sea diving dress، وهي مكونة كلّها أو جزء منها من أقسام صلبة أو معدنية، ويعتمد الغواص فيها على مفرزة طوارئ مساعدة في قارب أو سفينة على سطح الماء، وهي متنوّعة.

ـ نوع يزوَّد فيه الغواص بالهواء عن طريق أنبوب مرن (خرطوم)، ويكون للغوّاص قلنسوة معدنية فيها فتحة يدخل منها أنبوب الهواء، ولها صمام لخروج هواء الزفير، ولها نافذة للرؤية، كما يحمل الغواص على صدره وظهره أثقال الغطس إلا أنه يرتدي ثوباً ليناً كاملاً مع قفاز وحذاء يبقي جسمه جافاً تماماً.

ـ بـزة الغـوص الصلبـة الكاملـة (الثقيلة) تريتونيا the tritonia diving suit وكذلك بزة «جيم» Jim suit المنسوبة إلى جيم جيريت Jim Jarret؛ وهي تحافظ على جسم الغواص جافاً، وتبقيه تحت ضغط الهواء ولو على أعماق كبيرة.

بدأت قصة هذه البزة بشاب في الثامنة عشرة من عمره اسمه جوزيف سالم بيرس، نشأ في المنطقة العربية يراقب غواصي اللؤلؤ في الخليج العربي ومعاناتهم أمراضَ الغوص، ففكر بتصميم هذه البزة في بريطانيا عام 1914، وبعد محاولات عدة توصّل في عام 1930 إلى تصميمها، إلا أنها لم تحظ بالتقدير المطلوب تجارياً. وتكلف الأمر أربعين عاماً قبل أن يقوم المهندسون بإضافة مفاصل اصطناعية لها في الأجيال اللاحقة، وأطلق عليها «البزّة المدرّعة» armored suit، ثم عرفت باسم بزة جيم، واستعيض عن الفولاذ بخلائط أخرى، وخفف وزنها، فصار 27 كغ، وتجاوز الغوص فيها 130م، وبعد أن رفضتها البحرية البريطانية عادت واعتمدتها. وهي تستخدم اليوم في عمليات إنقاذ السفن والأعمال تحت المائية والبحوث المائية، وفي عام 1980 اختبرت البزة في غرفة الضغط حتى عمق 600م، وطوّرتها البحرية الأمريكية بإدخال ألياف الكربون المقواة باللدائن في صناعتها. ويكون الغواص بداخلها محمياً تماماً وحراً، وله مقابض يستخدمها بيديه. (الشكلان 4 و5)

أمراض الغوص والوقاية منها

يتعرض الغواصون لمخاطر عظيمة - وأهمها الصحية - اشتغل بها العلم والطب طويلاً، وما تزال البحوث جارية لإيجاد حلول لها. وأمراض الغوص معروفة؛ فقد اكتشف الباحثون منذ بدايات الغوص الفني في القرن التاسع عشر أن التعرض للضغط العالي تحت الماء يؤذي الجسم، ويسبب الوفاة، وأن داء الغواص (داء تفقّع الدم) decompression sickness سببه فقاعات غازية تتولد في الدم أو النسج ناتجة من فرط الضغط الجوي الذي يتسبب بتسرب الآزوت إلى أنسجة الجسم، كما أن عمليات الغوص بالاستعانة بالهواء المضغوط أدت إلى اكتشاف القدرة المخدِّرة narcotic للآزوت المضغوط، وتسمى «نشوة الأعماق»، كما أن استخدام الأكسجين المضغوط يسبب التسمم الأكسجيني oxygen toxicosis يتجلى باختلاجات معمّمة generalized convulsions تؤدي إلى الغرق.

يسمى داء الغواص أحياناً بداء الانحناء bends؛ لأنه يسبب حالة تقوس بالظهر.

ينتج الغاز بالدم من الضغط العالي في الأعماق، فتنقله الأوعية الشعرية إلى مختلف النسج؛ وصولاً إلى النخاع الشوكي والدماغ، وعندما يصعد الغواص إلى السطح تكون نسجه محتوية على كمية مهمة من الآزوت، يعيده الدم إلى الرئتين، ويطرح مع الزفير، فإذا تجاوز ضغط الغازات المنحلة في النسيج الضغط المحيط بالغواص يقال: إن النسج غدت فوق المشبعة بالغاز supersaturated، فتتشكل فيها فقاعات، كما يحدث في زجاجة المياه الغازية عند فتحها، كما تتشكّل جيوب غازية في العمود الفقري والمفاصل تتسبب في ألم الأطراف نتيجة ضغط الفقاعات على النهايات العصبية. كذلك يصاب الغواص بالتنمّل أو الشلل نتيجة توضّع الفقاعات في النخاع الشوكي وتعطيل التروية. وينتج من وجود الفقاعات في أوردة الرئتين سعال شديد وضيق في التنفس لضغطها على الشعيرات الرئوية. ويزيد من الأعراض وجود الثقبة البيضويـة المفتوحة patent foramen ovale؛ وهي فتحة صغيرة بين الأذينين atria في القلب. وتشاهد هذه الحالة عند10-20٪ من عامة الناس.

أما أعراض الفقاعات في النخاع الشوكي فتؤثر في النصف السفلي من الجسم (ضعف الساقين، رجفان، فقد الحسّ، اضطراب التحكم بالمثانة «سلس بولي»).

يصاب الغواص بالصمة الغازية الشريانية embolus عندما تمنع المجاري التنفسية المسدودة بالهواء المتمدد في الرئتين من الخروج منها، وغالباً ما تحدث عندما يحبس الغواص المبتدئ أو المذعور تنفسه في أثناء صعوده بسرعة من الأعماق فيتناقص الضغط المحيط بجسمه، ويتمدد الهواء الموجود بالرئتين لدرجة يمزق الرئة، ويتسرب إلى مجرى الدم. وقد ينجم ذلك عن انسداد بعض القصبات الهوائية بسبب الربو أو الخمج التنفسي أيضاً. وعند دخول الفقاعة الدوران الشرياني تصل إلى الدماغ مسببة خللاً في وظائفه أو الموت الفوري، أو فقد الوعي، أو اختلاجات وشللاً وفالجاً نصفياً hemiplegia وصعوبة بالكلام. وللوقاية مما سبق لابدّ من الصعود البطيء والمتدرج إلى سطح الماء، وهناك قواعد تنظم عملية الصعود مع توقفات لبضع دقائق؛ كل مسافة معينة.

إن التحسّن في مجال المعدات والأجهزة والتقنية الحديثة وكذلك الاعتماد على «الروبوت» الغواص وغواصات الأعماق - إضافة إلى البحوث والدراسات التي تدور حول أخطار الغوص؛ مع التدريب الصحيح - يزيد من قدرة البقاء تحت الماء وإمكانية الغوص إلى عمق أكبر، وسهولة كشف الإصابة مع حماية الغواصين ووقايتهم.

قتيبة الصفدي

الموضوعات ذات الصلة:

الغوّاصة ـ غوّاصة الأعماق.

مراجع للاستزادة:

- J.SCOTT MORRISON, A History of Atmospheric Diving Suits and the Development of a Highly Mobile Rotary Joint (SAE) (Society of Automotive Engineers 1989).

- DENNIS K. GRAVER, Scuba Diving (Human Kinetics Publishers 2003).

- B. R. WIENKE, Technical Diving in Depth (Best Pub Co 2002).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 869
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 560
الكل : 29600314
اليوم : 55230

الحاجات

المزيد »