logo

logo

logo

logo

logo

المسرح (إضاءة-)

مسرح (اضاءه)

Stage lighting - Eclairage du stade

المسرح (إضاءة ـ)

 

يُعد المسرح أبا الفنون، والعرض المسرحي يتألف من مجموعة عناصر تتضافر فيما بينها لتشكل منظومة فنية؛ الإضاءة هي إحدى هذه العناصر، التي تغني العرض الفني بوجودها الفاعل وتؤثر في نجاح المشهد. ولا تأخذ الإضاءة المسرحية أهميتها إلا عبر التعامل الواعي والمدروس لدورها في العرض المسرحي؛ فهي إذاً لغة فنية لإضفاء الدلالة على الحالات الدرامية على تنوعها، وقد تطورت عبر الزمن إلى عملية مشتركة بين الفن والتقانات العلمية.

لمحة تاريخية

كان الاعتماد في بدايات الإضاءة المسرحية على الطبيعة، إذ كانت المسارح مكشوفة وكانت الشمس هي مصدر الإضاءة الأول، وقد كان العرض المسرحي يبدأ من الصباح ويستمر حتى غروب الشمس. وكان المسرح الإغريقي أول من بدأ باستخدام النار تعبيراً عن الزمن، وكان استخدام المشاعل دلالة على أنّ المشهد يجري ليلاً. ثم استخدمت الشموع في العصور الوسطى إضافة إلى الضوء الطبيعي. واستخدم ليون دي سولي في عام 1550 الإضاءة الشديدة تعبيراً عن حالة الفرح في المشاهد الدرامية والإضاءة الخافتة تعبيراً عن حالة الحزن.

في القرن السابع عشر بدأ استخدام الإضاءة من حيث القوة واللون لخدمة العرض المسرحي. ومنذ ذلك الحين بدأ اكتشاف الأجهزة الضوئية وتطويرها، وإدخال الضوء عنصراً مؤثراً في العرض المسرحي. وكان الإنكليزي دافيد غاريك David Garrick أول من وضع مركزاً للإضاءة فوق خشبة المسرح لإضاءة الممثلين بصورة جيدة.

انتشرت بعدها تجارب غلفاني Galvani التي اكتشف فيها المصباح القوسي عام 1808، ومن ثم  اخترع أديسون المصباح الكهربائي عام 1870.

تتابع تطور تجهيزات الإضاءة المسرحية مع مرور الزمن حتى اخترع المهندس جورج آيزنهاور مخفتات dimmers الإضاءة المسرحية، وتتالت التطورات وصولاً إلى استخدام أحدث التجهيزات الحاسوبية للتحكم بشبكات الإضاءة المسرحية المعقدة.

درس عدد من الفنانين والمبدعين جمال الضوء وتأثيره في العرض المسرحي على اختلاف أنواعه (الكوميدي والتراجيدي والسياسي والأوبرالي)، وكان منهم سبستيانو سِرْليو S.Serlio ونيقولا ساباتيني N.Sabbattini.

أهمية الإضاءة المسرحية

يقوم مصمم الإضاءة المسرحية بدراسة النص المسرحي دراسة مستفيضة، ثمّ يشارك مخرج العرض والكادر الفني الذي سيقوم بإنجاز العرض (مصمم الديكور، مصمم الملابس، المؤلف الموسيقي وغيرهم) جلسات عمل يتم فيها قراءة النص وتفسيره وفق رؤية المخرج؛ إذ قد يحتمل النص المسرحي نفسه مجموعة متباينة من الرؤى. ومن خلال هذه الرؤية يتم وضع الخطوط العريضة لتصميم إضاءة العرض المسرحي، التي تتكون من:

1.ـ اللونية العامة للعرض المسرحي على اختلاف مراحلها في أثناء العرض الواحد: وذلك حسب ما يتطلبه النص ورؤية الكادر الفني.

2.ـ علاقة الإضاءة بالأزياء و«بالديكور» من حيث الألوان وتوضُّع كتل «الديكور» وتغير الإضاءة مع تغير كتل «الديكور» ومواقع توضعها في أثناء العرض نفسه.

3.ـ علاقة الإضاءة بحركة الممثلين على خشبة المسرح، وكذلك بتقلب حالات أدائهم لمشاهد العرض.

وعلى هذا فإن الإضاءة لغة بصرية تهدف إلى تكوين جو معين يعيش فيه الممثلون والمشاهدون حالة مسرحية ذات معنى، ويتحقق ذلك من خلال عدد من الوظائف من أهمها ما يأتي:

1ـ الرؤية البصرية:

وهي أبسط وظائف الإضاءة التي يمكن من خلالها إبراز أجساد الممثلين وتعبيرات وجوههم وحركتهم على خشبة المسرح.

2ـ التأكيد والتركيز:

بما أنّ العرض المسرحي أداء إبداعي بكل تفاصيله، فقد ينتقي مُخرجه تفصيلاً صغيراً على خشبة المسرح أو مساحة محدودة منها لتدور فيها أحداث بعض المشاهد، كما أنه قد يقسم الخشبة إلى قسمين أو ثلاثة أو أكثر ليدور في كل قسم حدث ما في حين أنه يلغي الأقسام الأخرى، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا عبر إضاءة مركز الحدث وإعتام غيره.

3 ـ التكوين الفني:

تُبرز الإضاءة جماليات لا تحصى من خلال استخدامها اللون وتدرجاته والبقع الضوئية وتفاعلها مع «الديكور» والأزياء والممثلين، وقد تغلبت التقنيات الحديثة على إمكانيات المسرح المحدودة، فصار من الممكن إحداث المطر والسحاب والحريق من خلال الإضاءة وغيرها من الجماليات والتكوينات البصرية.

4.ـ خلق الجوالدرامي:

الإضاءة أول عنصر يُمكِّن المشاهد من رؤية خشبة المسرح، وبالتالي هي أول عنصر بصري يعطي إيحاء ما للمشاهد كالقلق أوالخوف أو الاضطراب أو الفرح أو الحزن، ويكون ذلك من خلال اللون وتوزيع البقع الضوئية وحركة المؤثرات الصوتية.

5.ـ الإيحاء بالطبيعة:

تقرب الإضاءة الواقع للمشاهد، إذ يمكن إظهار الشمس أوالقمر أوالثلج أوالفضاء إذا دعت الضرورة.

6.ـ الدلالة على المكان والزمان:

يوحي الضوء بزمن الأحداث على خشبة المسرح (ليل ـ نهار ـ شتاء ـ صيف…) كما يوحي بمكان الحدث (قصر ـ ملعب ـ قبو…). 

يجب أن توظف الإضاءة المسرحية لخدمة العرض المسرحي بحيث تكون مناسبة للنص ورؤيته، ذلك أنّ الانبهار الذي يمكن  للإضاءة أن تحققه على خشبة المسرح قد يشتّت المشاهد عن جوهر العمل، كما يجب ألا تكون أقل أثراً من بقية العناصر المسرحية لأنها بذلك تضعف أثر العرض في نفس المشاهد.

عناصر الإضاءة المسرحية ومكوناتها ومنظومات التحكم فيها

المخطط (1)R, S, T أطوار الكهرباء - N (Neutral)n الحيادي - E (Earth)n الأرضي

الشكل (1)

تتفاوت تجهيزات الإضاءة المسرحية في أنواعها وأشكالها، بحيث يتم تحديد الأنواع المطلوبة منها لتشكيل شبكة إضاءة مسرح ما بحسب أبعاد خشبة المسرح وأبعاد المسرح عموماً وارتفاع سقفه، والأغراض التي سيوظف المسرح لإنجازها، وتعد دور الأوبرا أهم المسارح التي تستدعي استخدام شبكات إضاءة كبيرة مزودة بتقنيات حديثة.

تتألف شبكة الإضاءة المسرحية أساساً من العناصر الآتية (حسب المخطط 1).

1ـ شبكة حوامل معدنية: (الشكل 1) هي شبكة معدنية معلقة إلى سقف المسرح وتغطي خشبته والقسم الأمامي من مقاعد الجمهور. وتختلف هذه الشبكة باختلاف ارتفاع سقف المسرح، ففي حال كان هذا السقف منخفضاً تكون الشبكة ثابتة، أمّا عندما يكون ارتفاعه يتجاوز الستة أمتار توجب أن تكون هذه الشبكة متحركة هبوطاً وارتفاعاً، وتكون حركتها إمّا يدوية بوساطة بكرات وعتلات وإما آلية بوساطة محركات صامتة. (الشكل 2)

2ـ شبكة كهربائية: تتوزع مآخذها فوق خشبة المسرح وعلى الجدران الجانبية للخشبة وكذلك فوق الصفوف الأمامية لمقاعد المشاهدين، تتصل هذه المآخذ بكبلات كهربائية مناسبة إلى خزائن مخفتات شدة الإضاءة.

3ـ خزائن مخفتات شدة الإضاءة  dimmers cabins (الشكل 3): تُغذى هذه الخزائن بالقدرة الكهربائية، وهي بدورها توزع هذه القدرة على الكبلات المغذية لمآخذ الشبكة الكهربائية وذلك عبر ما يسمى المجتزءات modules (الشكل 4)، هذه المجتزءات هي مخفتات شدة التيار التي كانت تعتمد سابقاً على مجموعة من المقاومات في أدائها لعملها، أما اليوم فهي تعتمد على العناصر الإلكترونية كالثايرستورات thyristors، وتحتوي على ملفات نحاسية لتخفيض الضجيج.

الشكل (2)

الشكل (3)

الشكل (4)

وتحتوي هذه الخزائن على ميزات إضافية كالتحكم بعملها محلياً أو عبر أجهزة اتصال بالأشعة تحت الحمراء، كما تحتوي على شاشة تظهر حالة عمل الخزائن والأعطال الطارئة. وتتفاوت الخزائن فيما بينها بحسب الشركات المصنعة والنماذج والأسعار والجودة مما يؤدي إلى فروقات كبيرة بين نوع وآخر في الأداء والجودة.

ويعدّ زمن ارتفاع التيار current rise time من أهم مؤشرات جودة عمل الخزائن، يقاس بالميكروثانية (μs)، وهوعلاقة ارتفاع شدة التيار وبالتالي شدة الإضاءة بالزمن، وكلما ارتفع هذا الزمن ازدادت نعومة ارتفاع شدة الإضاءة، وهو يراوح حالياً في الصناعات المعاصرة من: n100-800μs، وتتصل خزائن المخفتات هذه بكبلات تحكم مع وحدة تحكم قادرة على تشغيلها.

4ـ كبلات التحكم DMX cables: وهي الكبلات الواصلة بين خزائن المخفتات ولوحة مفاتيح التحكم.

5ـ وحدة التحكم dimmers control (الشكل 5): وهي حاسوب ذو برمجيات خاصة للتحكم بخزائن المخفتات وبالتالي بمنوار الإضاءة وتتفاوت إمكانات هذا الجهاز من نوع إلى آخر، بدءاً من التشغيل البسيط للتحكم بشدة الإضاءة وانتهاءً بالمؤثرات الخاصة كالبرق والنار وتوزيع المنوارات على مجموعات مختلفة تعمل وفق برامج زمنية محددة وبالتنسيق فيما بينها، كما يمكن لبعض أنواعها الاتصال بأجهزة الصوت لخلق مؤثرات ضوئية متناغمة مع الموسيقى وكثير من المهام والمؤثرات الأخرى، وله لوحة مفاتيح مناسبة.

الشكل (5)

يمكن وصل كثير من الطرفيات بأجهزة التحكم المتطورة كالتي توصل بالحواسيب الشخصية (سواقات ـ شاشات ـ طابعة…)، وهذه الطرفيات ترفع من سوية وحدة التحكم. كما يمكن وصل جهاز تحكم احتياطي back up. كما تزود المسارح الحديثة والكبيرة بجهاز تحكم تصميمي محمول يوضع على خشبة المسرح لتسهيل تصميم إضاءة العرض أثناء الإعداد للمسرحية.

6ـ المنوارات: تتنوع المنوارات باختلاف وظائفها، ويمكن تقسيمها إلى الأنواع الآتية:

أ ـ منوارات الإضاءة العامة الغامرة  flood (الشكل 6): وهي تعطي إضاءة ذات توزيع متجانس على خشبة المسرح من دون التركيز على بقعة معينة، وقد يكون عاكس «البروجكتور» المتوضع خلف «اللمبة» متناظراً أو غير متناظر.

ب ـ منوارات الإضاءة البؤرية zoom profile (الشكل 7): وهي «بروجكتورات» على شكل المدافع، وتزود بعدسات متحركة لتركيز الضوء على هدف ما على خشبة المسرح، ويوضع على الشبكة المعدنية ويعدل قبل العرض المسرحي ليكون جاهزاً حين وضعه في الخدمة لإضاءة هدف متفق عليه.

الشكل (6)

الشكل (7)

ج ـ أما النوع ذوالبقعة الضوئية الملاحقة follow spot (ضوء النجوم) (الشكل 8) فيوضع في عمق المسرح فوق منصة الجمهور ويعمل عليه فني إضاءة يدوياً في أثناء العرض المسرحي فيقوم بملاحقة الممثلين المطلوب تركيز الضوء عليهم عند الحاجة.

د ـ «برجكتورات» ذات عدسة واحدة من نوع يسمى فرنل وباستطاعات متنوعة (300ـ500 ـ 1000ـ 2000ـ 5000 واط) (الشكل 9) مهمتها إضاءة كتل «الديكور» ووجوه الممثلين.

هـ ـ منوارات المؤثرات الخاصة (غيوم ـ مطر…): وهي منوارات مزودة بعدسات وأقراص محفور عليها الأشكال المرغوب في إسقاطها على خلفية المسرح، وهي إما أشكال متحركة وإما ثابتة.

و ـ منوار الرأس المتحرك moving head  (الشكل 10): وهو من المنوارات الحديثة جداً التي بإمكانها الحركة في جميع الاتجاهات وإصدار حزم ضوئية متعددة الألوان، وتحوي أقراصاً تصدر أشكالاً متباينة.

الشكل (8)

الشكل (10)

الشكل (9)

يوجد في سورية عدد من المسارح أهمها دار الأسد للثقافة والفنون وهو مسرح أوبرالي بمواصفات عالمية، ومجهز بشبكة إضاءة فيها أفضل المواصفات القياسية

أسامة كوكش

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الحاسوب ـ المسارح (هندسة ـ) ـ المصباح الكهربائي.

 

 مراجع للاستزادة:

 

- NEIL FRASER, Stage Lighting Design: A Practical Guide (Crowood Press 2000).


التصنيف : الهندسة
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 530
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 499
الكل : 31177421
اليوم : 2578

المعقد

المزيد »