logo

logo

logo

logo

logo

الإنعاش

انعاش

Reanimation - Réanimation

الإنعاش   الإنعاش réanimation بمعناه الواسع مجموعة الطرائق والتقنيات القادرة على إعادة المريض المخطر أو الجريح المخطر إلى الحياة، وبمعناه الحديث فن تطبيق المعلومات الطبية في دعم تركيب الوسط الداخلي صنعياً. وتستخدم في سبيل الإنعاش كل وسائل التنفس الصناعي، وتسريب الماء والشوارد والبروتين إلى الدم، وتنقيةُ فضلات الاستقلاب، والأدويةُ الواقية والمنبهة. ولما كان الإنعاش يتطلب درجة من الاختصاص فقد أحدثت شعب مختلفة لكل اختصاص كالإنعاش القلبي والكلوي والجراحي والطبي. ولكن مراكز الإنعاش العام الكبيرة تستقبل المرضى المصابين بآفات شديدة التنوع من التسمم بأوكسيد الفحم حتى الحروق والصدمات الجراحية والقصور الكلوي وغير ذلك. لمحة تاريخية حاول فزاليوس Vesalius في القرن السادس عشر إجراء الإنعاش القلبي بنفخ الهواء في الرغامى بوساطة أنبوبة من القصب. ولم يظهر أي اهتمام بموضوع الإنعاش حتى القرن الثامن عشر، حين أقبل الأوربيون على التبرع لأعمال الخير فأثمر ذلك بناء كثير من المشافي وتأسيس جمعيات ذات أهداف إنسانية. ففي عام 1767 تأسست في أمستردام جمعية إنقاذ الغرقى ثم قامت في باريس بعد أربع سنوات جمعية خيرية ذات غايات إنسانية. ولم تمضِ ثلاث سنوات حتى ظهرت الجمعية الإنسانية الملكية في إنكلترة. وقد عممت على الناس تعليمات عن طرائق إنعاش الغرقى بهزهزة أطرافهم وتدفئتها ووضع المصاب بين شخصين أو بدسه في رماد ساخن. وفي عام 1796 نشر العالمان الدنماركيان هيربولت وراسن Herbeld & Rasn كتيباً عنوانه  «تدابير منقذة لحياة الغرقى ومعلومات عن أنجع الطرق لإعادة الحياة لهم» فيه وصف لعملية التنفس الصنعي من الفم للفم وإصرار على أهمية تنظيف طريق الهواء وإغلاق الأنف وذكر لإدخال أنبوبة في الرغامى وخزع الرغامى. وأول من نصح بإجراء التنفس الصنعي بضغط الصدر لوروا ديتوال Leroy d'Étoiles في فرنسة عام 1829 وبعده بمدة وجيزة أوصى الجراح الإنكليزي دالريمبل Dalrymple بوضع أرجوحة عريضة حول الصدر يؤدي شدها وإرخاؤها إلى دخول الهواء إلى الصدر وخروجه منه. وفي عام 1856 وصف مارشال هول Marshall Hall طريقته التي تتلخص في دحرجة المريض بعد وضعه على جانبه والضغط على ظهره كلما أخذ وضع الاستلقاء البطني. وبعد سنة من هذا التاريخ نشر هنري سيلفستر Henry Silvester طريقته التي تتلخص برفع الساعدين ببطء سعياً وراء تبعيد الأضلاع والسماح للهواء بدخول الصدر ثم إعادتهما إلى الجانب وضغط الصدر بهما. وفي عام 1904 نشر شافر Schafer نتائج تجاربه على الكلاب وعلى متطوعين توقف تنفسهم بعد إجراء فرط للتنفس فقد أشار بوضع المريض على بطنه ورأسُه مدارٌ إلى الجانب ثم الضغط على الناحية السفلية من الصدر ضغطاً متواتراً. أما الكولونيل هالغرنيلسن Helger Nielsen من الدنمارك فإنه نشر طريقة جديدة عام 1932 تتلخص بجلوس المسعف خلف رأس المصاب ويجري الزفير بالضغط على الناحية السفلية من الصدر ويحدث الشهيق برفع ساعدي المصاب إلى الأعلى من المرفقين. تطور معنى الإنعاش تبدل مدلول كلمة الإنعاش على مر الزمن ففي حين كانت تعني في القرن الثامن عشر إنقاذ الغرقى من الموت وإعادة الحياة إلى من أشرف منهم على الهلاك، أصبحت إبان الحرب العالمية الثانية تعني نقل الدم للجرحى النازفين. وقد ظهرت كلمة إنعاش أول مرة في العصر الحديث على أبواب وحدات العناية المتخصصة مضافة إلى كلمة نقل الدم. وهكذا ولد الإنعاش الحديث تحت الخيام الصحية للجيوش المتحاربة بين عامي 1944 و1945. وفي فترة ما بعد الحرب في أوائل الخمسينات أطلق الفرنسيون كلمة الإنعاش الطبي réanimation médicale على كل التدابير والمعالجات التي تهدف إلى إعادة الوظائف الحيوية لمختلف الأجهزة المضطربة فأطلقت كلمة إنعاش تنفسي على الأعمال التي تسعى إلى توفير التنفس بوساطة بديل عن الرئة، وكلمة إنعاش دوراني على نقل الدم والسوائل وحقن رافعات الضغط، وإنعاش هضمي على إيقاف القيء وإعطاء الغذاء عن طريق الوريد أو المستقيم أو القثطرة الأنفية، وإنعاش كلوي على معالجة انقطاع البول أو تطبيق الكلية الاصطناعية مما حدا بهامبورجيه Hamburger إلى تعريف الإنعاش بأنه فرع من فروع الطب يتضمن مجموع الأعمال العلاجية التي من شأنها المحافظة على التوازن الخلطي أقرب ما يكون إلى الحالة الطبيعية في أثناء الحالات المرضية الحادة مهما كان سببها. ولكن سرعان ما تبدل هذا المفهوم، إذ أطلق الأمريكيون كلمة العناية المشددة على جميع تلك المعالجات سواء منها الجراحية أو الداخلية التي تتطلب خبرات متعددة وعناية من اختصاصيين متعددي الاهتمامات. وهكذا تقلص معنى كلمة إنعاش منذ أوائل الستينات وأصبحت تعني على وجه التخصيص الإنعاش القلبي الرئوي cardiopulmonary resuscitation الذي يرمز له بأحرفCPR . أسس الإنعاش الحديث استند نشوء الإنعاش القلبي الرئوي وتطوره إلى الأفكار والمعارف القديمة التي أعيد كشفها وسبر أغوارها في الخمسينات من القرن العشرين وقد كانت مسارح العمليات الحربية إبّان الحرب العالمية الثانية وحربي كورية وفييتنام ميادين لإجراء الاختبارات وتطبيق الخبرات المكتسبة، فقد أعيد كشف التهوية الصنعية بالضغط المتناوب intermittent positive pressure ventilation الذي يرمز له بأحرف IPPV الذي بدأه فزاليوس Vesalius عام 1543، كما أعيد تقويم التنفس من الفم إلى الفم الذي تكلم عليه توساش Tossach عام 1771، وتأكد لدى إيلام Elam عام 1954 أن هواء الزفير صالح للتنفس، وأقام سافار Safar عام 1958 الدليل على أن التهوية بهواء الزفير (ودون أدوات) أفضل من طريقة الضغط على الصدر ورفع الساعدين، وأعيد كشف الضغط القلبي الخارجي وتطويره من قبل كوينهيفن Keuwenheven عام 1960، وكشف بيك Beek عام 1947 نزع الرجفان fibrillation القلبي الداخلي، كما كشف زل Zell عام 1956 نزع الرجفان الخارجي، وثبتت فائدة تعليم الجمهور الإنعاش على دمى شبيهة بالإنسان من تصميم ليردال Laerdal عام 1960. الأسس الفيزيولوجية للإنعاش القلبي الرئوي تتوقف الحياة العضوية على دوران الدم في النسج. ويترافق توقف القلب أو قصوره الوظيفي مع حالة قابلة للانعكاس تتوسط بين الحياة والموت تسمى الموت السريري أو الظاهر، وتتطلب تدخلاً فورياً يعيد الوظيفة القلبية الدورانية أو يكون بديلاً عنها ريثما تستعيد عفويتها، وتبعاً لسرعة هذه المعالجة وكفايتها يمكن تحاشي إلحاق الأذى بأجهزة أخرى ولاسيما المخ. والسبب الرئيسي لتأذي أي جهاز هو عوز الأكسجين، أي اضطراب التنفس الخلوي في النسج، لذلك يجب توجيه الإنعاش نحو تصحيح الاستقلاب على مستوى الخلايا والأجهزة في الوقت نفسه بدءاً بالجهاز القلبي الرئوي لأنه هو الذي يمد الخلايا بالأكسجين وبالمواد اللازمة لتوليد الطاقة، ويضمن طرح النفايات الاستقلابية الحامضة. لذا كان لاستمرار عمل هذا الجهاز واستعادته لوظيفته بسرعة عند حدوث أي خلل الشأن الكبير. أحدث تطبيق الإنعاش القلبي الرئوي (CPR) إبّان العقدين الماضيين تبدلاً جذرياً في تدبيره وفي إنذاره prognosis ، فقد تبين أن ضغط القلب الخارجي ضغطاً جيداً يوفر بين 20-40% من المردود القلبي الطبيعي (ما يقرب من 1ـ1.5 ليتر/دقيقة) حين يكون متوسط الضغط الشرياني بين 30-40ملم/زئبق. وإن جريان الدم يتطلب ضغطاً محيطياً شريانياً وريدياً متدرجاً gradient ويعتقد أن تناقص الضغط الدموي المتزايد في أثناء ضغط القلب الخارجي ينتج من الاختلاف في نسبة وهط الأوعية ويعكس انخفاض الضغط الصدري عندما ينتقل إلى الشرايين والأوردة خارج الصدر. فأول ما أدخلت طريقة «تمسيد القلب» ساد الاعتقاد بأن فائدتها ناجمة عن ترتيب البنى التشريحية للمنصف mediastinum وانتشرت الفكرة التي تقول إن انخفاض عظم القص يؤدي إلى ضغط أجواف القلب بين عناصر المنصّف الخلفية والعمود الفقري مما يدعو إلى تدفق الدم وجريانه، ولكن اتضح مؤخراً على نحو مقنع أن جريان الدم الشرياني واستمرار تقدمه يتم بسبب رفع الضغط الدموي العام داخل الصدر، وقد يسهم ضغط القلب في ذلك أحياناً، كما أكد عدد من المشاهدات أن ارتفاع الضغط الدموي المرحلي داخل الصدر هو القوة المحركة في الإنعاش القلبي الرئوي، وثبت عجز القلب عن العمل كمضخة وحيدة الاتجاه لأن جميع دساماته تكون بحالة قصور شديد. وقد أظهر تصوير الأوعية أن البطين الأيسر يحافظ على حجمه الصغير الثابت نسبياً طوال دورة الضغط الدموي الخارجي، وأوضحت مناظرة monitoring دينميات الدم في أثناء الإنعاش تساوي الضغط في الوريد الأجوف العلوي والبطين الأيمن والشريان الرئوي والبطين الأيسر والأبهر. والمفهوم السائد في الوقت الحاضر يؤكد أن القلب ممر منفعل يجري فيه الدم الشرياني بسبب ارتفاع الضغط العام داخل الصدر في أثناء دورة الضغط. ومع أن مفهوم المضخة الصدرية تفسير فيزيولوجي صحيح لآلية المردود القلبي في أثناء الضغط الصدري المغلق فإنه ليس بالتفسير النهائي في الوقت الحاضر. أما الإنعاش الرئوي فيبدأ بفتح الطريق الهوائي وتوفير التهوية بهواء الزفير، ففي الحالة الطبيعية يحتوي الهواء المستنشق على20.94 حجماً % من الأكسجين و0.04 حجماً % من ثاني أوكسيد الكربون، أما هواء الزفير فيحتوي تقريباً على 15.5 حجماً% من الأكسجين و4% حجوم من ثاني أوكسيد الكربون. وقد يتوصل المريض إذا ما أجرى فرطاً في تهويته الذاتية إلى رفع محتوى هواء زفيره من الأكسجين إلى 18 حجماً مع تنزيل نسبة ثاني أوكسيد الكربون إلى حجمين % مما يغني تركيز الأكسجين الذي سيستنشقه المريض fraction of inhalated oxygen الذي يرمز له بأحرف (FIO2)، إضافة إلى أن الهواء سيصل إلى المريض بقوة تعادل 70سم من عمود الزئبق وبحجم تبادلي يراوح بين 1000- 1250مل، وقد وجد أن التهوية الصنعية بالضغط الإيجابي إذا ما أجريت على نحو سوي ودون أدوات تنفسية تمكن من الوصول بضغط الأكسجين الشرياني القسمي arterial O2 tension (PAO2) إلى أكثر من 75ملم من عمود الزئبق (إشباع الهموغلوبين من الأكسجين بنسبة 90%)، وضغط ثاني أكسيد الكربون الشرياني القسمي arterial CO2 tension (PACO2) بين 30- 40 مم من الزئبق، وقد أثبتت دراسات كثيرة على الإنسان والحيوان أن هذه المعالم الرئوية كافية لتأمين التهوية وأكسجة النسج. تطبيق الإنعاش يتم الإنعاش في ثلاث مراحل: ففي المرحلة الأولى يجب توفير التهوية الرئوية المجدية والاستمرار فيها حتى يتمكن المصاب من القيام بها بنفسه، وذلك بفتح طريق الهواء بإمالة الرأس نحو الخلف، ورفع الرقبة ودفع الذقن إلى الأمام، وتنظيف الفم والبلعوم بالإصبع، ومص المفرزات من البلعوم، وتنبيب البلعوم وتنبيب الرغامى، ومص المفرزات الرغامية القصبية وخزع الرغامى إن لزم الأمر ويلي ذلك توفير الدوران الصنعي بالضغط على القلب والسيطرة على النزف ورفع الطرفين السفليين لمعالجة الصدمة، ويجب الاستمرار في هذا العمل الإسعافي مدة لا تقل عن ساعة (حين وجود القناعة بأن الحالة قابلة للإنقاذ). وفي المرحلة الثانية يتم الدعم المتقدم للحياة، واستعادة الدوران التلقائي، واستقرار الجهاز القلبي الرئوي ونقل الأكسجين الشرياني نقلاً قريباً من الطبيعي إلى كل الأجهزة والنسج المحيطة وذلك بإعطاء الأدوية والمصول عن طريق الوريد، وتخطيط القلب ومعالجة الرجفان بالصدمة الكهربائية. أما المرحلة الثالثة فتهدف إلى تطبيق العناية المشددة التالية للإنعاش، وتحديد سبب توقف القلب ومعالجته، ودراسة إمكانات إنقاذ المريض، وبذل الجهد لمعالجة الاضطراب الفكري، بتطبيق طرائق جديدة في إنعاش المخ إضافة إلى إطالة أمد العناية إلى أن يستعيد المريض وعيه، أو يتفق رأي الأطباء على كتابة شهادة بموت الدماغ، وتتكوَّن لديهم القناعة بأن الإصابات المرافقة بليغة لدرجة تجعل أي جهود إنعاشية إضافية مضيعة للوقت.   برهان العابد   الموضوعات ذات الصلة   الاختناق ـ التخدير.   مراجع للاستزادة   - A.BORINGER, L.DELEGUE, M.C.FLANDIN-BLETY et al., Mementoà l'usage de l'anesthésiologiste réanimateur pédiatre (Medsi, Paris 1983). - J.H.BLAND, Clinical Recognition and Management of Disturbances of Body Fluids (Philadelphie 1959). - R.COURBIER & J.TORRESANI, L'Arrêt circulatoire (Paris 1964).

اقرأ المزيد »




التصنيف : طب بشري
المجلد : المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 18

آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 504
الكل : 31176172
اليوم : 1329

السمسرة (الدلالة)

السمسرة (الدلالة)   تعريفها قال ابن حجر في «فتح الباري»: السمسار هو في الأصل: القيِّم بالأمر والحافظ، ثم استعمل في متولي البيع والشراء لغيره، والسمسرة في عرفنا: الوساطة بين البائع والمشتري لإجراء البيع أو الإيجار ونحوهما، بتقريب وجهات النظر بين العاقدين، ولا سيما تحديد العوض، مقابل بدل مالي يستحقه السمسار أو الدلال. السمسرة والوكالة الوكالة: هي تفويض التصرف والحفظ إلى الوكيل ليبرم العقد بالنيابة عن الموكّل، أما السمسار: فيقتصر عمله على التوسط بين طرفي العقد، وتحقيق التلاقي، والتوفيق بينهما في شؤون العقد، ولا يملك إجراء العقد، والتصرف إلا بتوكيل. وكل من السمسرة والوكالة بأجر تكون في مقابل مال، وتنفرد الوكالة بإجراء العقد بتفويض سابق إما بالإيجاب وإما بالقبول، وقد يقوم الوكيل بهما بالنيابة عن الطرفين.
المزيد »