logo

logo

logo

logo

logo

العقد (مقدمة)

عقد (مقدمه)

contract (introduction) - contract (introduction)

 العقد (مقدمة)

العقد (مقدمة)

فواز صالح

مفهوم العقد

تصنيف العقود

الوعد بالتعاقد

 

أولاًـ مفهوم العقد:

يحتل العقد Le contrat مكانة بارزة في التعامل بين أفراد المجتمع، إذ يبرم كل فرد عشرات العقود في اليوم الواحد من دون أن يعير ذلك أهمية كبيرة، لأن موضوعها ليس قيمة مالية ذات أهمية كبيرة، وإنما تبرم معظم هذه العقود لتدبر الشؤون اليومية المعتادة. وبالمقابل، عندما يكون موضوع العقد قيمة مالية كبيرة يتطلب الأمر إحاطة عملية التعاقد بالعناية والاهتمام اللازمين، والاستعانة برجال القانون المتخصصين للإشراف على عملية انعقاد العقد وفق المبادئ القانونية، التي تشكل النظام القانوني للعقد. ومن ثم يعد العقد من أهم الأنظمة القانونية على الإطلاق، وأكثرها شيوعاً. ويحتل مكانة بارزة في عالم المال والأعمال. كما يعد من أهم مصادر الالتزام، ومع ذلك لا يقتصر دوره على إنشاء الالتزام، وإنما يمكن أن يؤدي إلى تعديل الالتزام، أو نقله، أو إنهائه. ويترتب على ذلك أن أحكام النظرية العامة للعقد، التي نص عليها القانون المدني في الباب المخصص لمصادر الالتزام تطبق على العقد أيضاً عندما يقوم بتعديل الالتزام، أو نقله، أو إنهائه.

1ـ تعريف العقد: العقد لغة هو الرابط، وهو الجمع بين طرفي حبلين وشد أحدهما بالآخر، أو الجمع بين طرفي الشيء وربطهما معاًً، أي هو الربط المحكم، وضده الحل. ومنه العقدة وهي الموصل بين طرفي حبلين الذي يمسكهما ويوثقهما، واستناداً إلى ذلك أطلق لفظ العقد على اليمين والعهد الذي يلزم الإنسان نفسه باحترامه، وعلى الاتفاق في المعاملات المالية، كالبيع وما شابه ذلك.

أما العقد اصطلاحاً فقد كان الفقه الإسلامي التقليدي يعرفه بأنه كل تصرف ثنائي أو أحادي من شأنه أن يرتب أثراً شرعياً، كالبيع والإيجار والشركة والوصية والطلاق. ولكن الفقه المعاصر يقصر تعريف العقد على التصرفات الثنائية القائمة على ارتباط إيجاب بقبول. وقد أكدت مجلة الأحكام العدلية التعريف الذي تبناه الفقهاء المعاصرون، وذلك في المادتين (103 و104) من الكتاب الأول منها والمخصص للبيوع. وتنص المادة (103) على أن "العقد التزام المتعاقدين أمراً وتعهد به وهو عبارة عن ارتباط الإيجاب بالقبول". وجاء في المادة (104) على أن "الانعقاد تعلق كل من الإيجاب والقبول بالآخر على وجه مشروع يظهر أثره في متعلقهما". ويستخلص من ذلك أن العقد في اصطلاح الفقهاء الشرعيين هو "ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يثبت أثره في محله".

وتجدر الإشارة إلى أن القانون المدني السوري، وكذلك القانون المدني المصري، لم يعرفا العقد. على العكس من ذلك، فإن التقنين المدني الفرنسي عرّف العقد في المادة( 1101) منه، إذ جاء فيها أن العقد هو اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص تجاه شخص آخر أو أكثر بإعطاء شيء أو بفعل شيء أو الامتناع عن فعل شيء.

ويعرف العقد، في اصطلاح الفقهاء القانونيين، بأنه "توافق إرادتين على إنشاء التزام أو على نقله". أو هو "اتفاق إرادتين على إنشاء حق، أو على نقله، أو على إنهائه".

ويستخلص من ذلك أن العقد يستلزم توافر إرادة مشتركة، وهي توافق إرادتين أو ارتباط إيجاب بقبول، واتجاه هذه الإرادة إلى إحداث أثر يرتبه القانون قوامه إنشاء حق عيني أو شخصي، أي التزام، أو نقله أو تعديله أو إنهاؤه، يتحقق طوعاً أو جبراً بقوة القانون. ويستنتج من ذلك أن الإرادة المشتركة، لا تكفي وحدها لقيام العقد وإن كانت أمراًً لازماً لقيامه، وإنما لا بد من أن تتجه هذه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني حتى يقوم العقد؛ فقبول دعوة على العشاء هي إرادة مشتركة، ولكنها لا تؤدي إلى قيام عقد، وذلك لأن هذه الإرادة المشتركة لا تتجه إلى إحداث أثر يرتبه القانون.

2ـ المقارنة بين التعريف الفقهي للعقد والتعريف القانوني:

العقد في اصطلاح فقهاء الشريعة الإسلامية هو ارتباط بين إرادتين، لا اتفاق هاتين الإرادتين نفسه، كما ذهب إليه فقهاء القانون. وبالمقارنة بين التعريفين يتبين أن:

أ ـ التعريف الفقهي للعقد هو الأصح، وذلك لأنه قد يتم الاتفاق بين الإرادتين حتى لو لم تتحقق شروط الانعقاد المطلوبة شرعاً، ومثال ذلك العقد الباطل، ففي هذه الحال لا يكون العقد منعقداً على الرغم من قيام الاتفاق، وذلك لأن الانعقاد في اصطلاح فقهاء الشريعة، وكما ذهبت إليه مجلة الأحكام العدلية، هو ارتباط بين إرادتين على وجه مشروع. فالتعريف الفقهي للعقد لا يشمل العقد الباطل، لأن الأخير لا يتضمن أي ارتباط، فلا تنتج منه أي نتيجة. أما التعريف القانوني للعقد فإنه يتضمن أيضاً العقد الباطل، لأن العقد الباطل هو أيضاً اتفاق بين إرادتين.

ب ـ التعريف الفقهي للعقد أدق من التعريف القانوني له، لأن التعريف الفقهي يبرز الحقيقة العقدية إلى حيز الوجود بوضوح وجلاء عن طريق بيان الأجزاء التي يتكون منها العقد، وهي الإيجاب والقبول. ولا يظهر اتفاق الإرادتين الحقيقة العقدية بصورة بارزة، وإنما الذي يظهره ويبرزه هو ارتباط الإيجاب بالقبول، وما يتضمنان من تحرك كل من الإرادتين نحو الأخرى ليتم التلاقي بينهما، فتبرز إلى حيز الوجود الحقيقة العقدية. فلا ينعقد العقد، بمعناه الدقيق، باتفاق الإرادتين، كما هو عليه الأمر في التعريف القانوني.

والتعريف القانوني للعقد يشمل أيضاً تعريف الوعد بالعقد، لأنه هو أيضاً اتفاق بين إرادتين، ولكن الوعد بالعقد لا يعد عقداً.

فإذا تم اتفاق إرادتين على التعاقد، فلا يعني ذلك انعقاد العقد، ولا يتم هذا الانعقاد إلا إذا تحركت كل من الإرادتين نحو الأخرى حتى يتم التلاقي بينهما. ويظهر من ذلك أن التعريف القانوني للعقد غير مانع، وعلى العكس من ذلك فإن التعريف الفقهي له تعريف مانع، يميز العقد من غيره من التصرفات الشرعية تمييزاً تاماً.

3ـ التطور التاريخي لفكرة العقد: يعود مفهوم العقد إلى العصور القديمة الراسخة في التاريخ البشري. ويعتقد بعض الفقهاء أن الناس عرفوا في البداية التعامل أو التبادل الفوري، أي ما يطلق عليه في العصر الراهن العقد المنجز الذي يرتب أثاره فور انعقاده. فكان الإنسان، عند الحاجة، يعطي، ثم يأخذ بقدر ما يعطي، وهذا ما يطلق عليه في العصر الراهن عقد المقايضة. أما العقود التي تنشئ التزامات مستقبلية فلم تكن معروفة في العهود الأولى من تاريخ البشرية، وظهرت في عهود متقدمة بعض الشيء. ويعتقد أن ظهور مثل هذه العقود في مراحل لاحقة من تاريخ البشرية، يعود في الأصل إلى فكرة الدية في جرائم القتل. فمن المعلوم أن القتل كان يوجب الثأر، وكان سبباً في نشوب الحرب بين أسرة القاتل وأسرة المقتول. ثم عرف بعد ذلك فكرة أخذ الدية، لتحل محل الثأر، ومن ثم ظهرت الالتزامات المستقبلية، وذلك لأنه في كثير من الأحيان لم تكن أسرة القاتل تملك مقدار الدية، فكانت تلتمس من أسرة المقتول أن تمهلها لتتمكن من دفع الدية بعد جمعها. وعلى هذا فإن الاتفاق الذي كانت أسرة المقتول تمنح بموجبه أسرة القاتل مهلة لتتمكن من دفع الدية هو الأصل التاريخي للعقود التي تنشئ التزامات مستقبلية. ويذهب قسم آخر من الفقهاء إلى أن أصل العقد هو الاتفاق الذي كان يتم بين الخصمين ويتفقان بموجبه على التحكيم بينهما. وقد مر تطور مفهوم العقد في مراحل مختلفة من تاريخ البشرية وخاصة تاريخ التشريع وذلك من حيث الشكليات التي كان يخضع لها، وحرية الإرادة، وقوة الاعتبار. وكلما كانت البشرية تتقدم في الرقي والازدهار، كان العقد يتحرر من الشكليات، وخاصة إذا لم يكن الأمر يتعلق بمصلحة عامة. ففي بدايات القانون الروماني، كان العقد يخضع لشكليات عديدة، لا ينعقد إلا إذا تحققت تلك الشكليات. ففي المانسيباسيو La mancipatio، وهو طريقة عقدية لانتقال الملكية مقتصرة على الرومانيين وعلى الملكية الرومانية، وهو بيع بطريقة القبض باليد، لم تكن الملكية تنتقل إلى المشتري إلا إذا توافرت شكليات كان القانون ينص عليها. وفي الجاهلية أيضاً، عرف العرب بعض البيوع التي كانت تثقلها الشكليات، كبيع الملامسة، وإلقاء الحجر، أو المنابذة (ينبذ البائع المبيع إلى المشتري). وعندما جاءت الشريعة الإسلامية السمحاء، أطلقت البيع من هذه القيود، وأخضعتها فقط لارتباط الإيجاب والقبول الصادرين بالتراضي. وعدت أن هذا التراضي هو الذي يلزم لا الشكليات، وأوجبت الوفاء بالعقود. ولقد ذهب الفقه الإسلامي إلى أبعد من ذلك، إذ اعتد بكل ما يغني عن الإيجاب والقبول في الدلالة على ارتباط وتوافق الإرادتين. وعلى هذا فقد أجاز التعاطي في البيع، ويكون بقبض المبيع بعد معرفة الثمــن، ولم يشترط حضور المبيع في مجلس العقد. وكان القانون الكنسي، قبل الشريعة الإسلامية، قد حرر العقد من الشكليات التي كان القانون الروماني يفرضها ويعلق انعقاده على توافرها.

4ـ التمييز بين الاتفاق والعقد: تعرف (المادة 1101 من التقنين المدني الفرنسي) العقد بأنه "اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص تجاه شخص آخر أو عدة أشخاص آخرين بإعطاء شيء أو بفعل شيء أو بالامتناع عن فعل شيء". ويبدو من نص هذه المادة أن المشرع الفرنسي يميز بين العقد والاتفاق. فالعقد هو اتفاق بين إرادتين. ومعنى ذلك أن الاتفاق أعم وأشمل من العقد. والعقد حسب هذا التعريف هو نوع Espèce، في حين أن الاتفاق جنس Genre. ويترتب على ذلك أن كل عقد هو اتفاق، ولكن العكس غير صحيح، فكل اتفاق لا يعد عقداً. واستناداً إلى ذلك فقد ميز بعض الفقهاء الفرنسيين  العقد من الاتفاق. فالاتفاق هو توافق إرادتين على إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه. في حين أن توافق الإرادتين في العقد لا يتجه سوى إلى إنشاء التزام أو نقله. وعلى هذا فإن وفاء الدين هو اتفاق وليس عقداً، وذلك لأن وفاء الدين، في رأي هؤلاء الفقهاء هو اتفاق يؤدي إلى انقضاء الدين بقبض الدائن له. وقد أخذ المشرع الفرنسي هذا التمييز بين العقد والاتفاق عن دوما Domat وبوتييه Pothier. وقال هذان الفقيهان إن هناك فوائد عملية تترتب عليه، وبصورة خاصة من حيث الأهلية، إذ تشترط في طرفي العقد في حالة إنشاء الالتزام أهلية هي غير تلك التي تشترط في طرفي الاتفاق في حالة لا يتم فيها إنشاء الالتزامات.

وينتقد قسم آخر من الفقهاء هذا التمييز بين العقد والاتفاق ويقولون بعدم صحته. ويرد أصحاب هذا التيار على الذين قالوا بالتمييز بين العقد والاتفاق وبوجود فوائد عملية لذلك بأنه لا فائدة منه. فوفاء الدين، ليس اتفاقاً، وإنما هو تنفيذ، وعلى ذلك فإذا امتنع الدائن عن الاستيفاء ورفض تسلم دينه، يجيز القانون أن يتم الوفاء بإرادة المدين وحده، وفقاً للقانون، ويؤدي ذلك إلى إبراء ذمته وانقضاء الدين. فأين هو إذاً توافق الإرادتين في مثل هذه الحالة؟!

وأما اختلاف الأهلية فمرده ليس التمييز بين العقد والاتفاق، وإنما اختلاف طبيعة التصرف القانوني ومدى خطورته في نظر المتعاقدين. فقد يتطلب الأمر في بعض الاتفاقات أهلية أتم وأكمل مما يتطلبه في بعض العقود المسماة. فناقص الأهلية يمكنه إبرام عقد مسمى يعد تصرفاً نافعاً له نفعاً محضاً، في حين أنه لا يجوز له ذلك في اتفاق يدور بين النفع والضرر للمتعاقدين. وعلى ذلك يعد أصحاب هذا التيار الاتفاق والعقد مترادفين لا فرق بينهما. فالاتفاق بمعناه القانوني هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني. والعقد بمعناه العام أيضاً هو اتفاق إرادتين على إحداث أثر قانوني. وبهذا أخذ المشروع الفرنسي والإيطالي في المادة الأولى منه. وكذلك مشروع القانون المدني المصري. إذاً يجب أن يكون الهدف من اتفاق الإرادتين هو إحداث أثر قانوني، كنقل ملكية المبيع مقابل الثمن في عقد البيع، حتى يمكن أن يعد عقداً. فالاتفاق على تنظيم رحلة أو نزهة لا يعد عقداً، وقبول دعوة إلى وليمة أو إلى حفلة زواج لا يعد عقداً. ولكن يمتاز الاتفاق من العقد المسمى الذي هو في الأصل نوع من الاتفاقات القانونية التي لها موضوع خاص، كنقل الملكية بعوض في عقد البيع، وتمليك المنفعة بعوض في الإيجار. إذ يعد الاتفاق هنا أعم وأشمل من العقد المسمى، وذلك لأن الاتفاق يشمل العقد المسمى والعقد غير المسمى.

ويستخلص من ذلك بن العقد بمعناه العام هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني قوامه إنشاء حق أو نقله أو تعديله أو إنهائه.

5 ـ نطاق العقد: لا تطبق الأحكام العامة التي تنظم نظرية العقد في القانون المدني، والتي تعد جزءاً من النظرية العامة للالتزامات، إلا على الاتفاقات التي تقع ضمن نطاق القانون الخاص وتنظم العلاقات المالية بين الأفراد. فهي لا تطبق على الاتفاقات التي تتم بين الدول (المعاهدات). وكذلك فهي لا تطبق على الاتفاقات التي تهدف إلى تنظيم الحياة السياسية في الدولة، ومثال ذلك الاتفاق الذي يتم بين النائب وناخبيه. كما لا تطبق أحكام هذه النظرية على العقود التي تتم ضمن نطاق القانون الإداري بين الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة بصفتها صاحبة السيادة وبين الأفراد. وقد استقر قضاء مجلس الدولة في فرنسا، وكذلك في مصر وفي سورية، على أن المحاكم الإدارية ليست ملزمة بتطبيق أحكام النظرية العامة للعقد في القانون المدني على العقود الإدارية المتعلقة بإدارة المرافق العامة، إلا أنه لا يوجد مانع من تطبيق أحكام هذه النظرية التي لا تتعارض مع المصلحة العامة المتمثلة بتأمين حسن سير إدارة تلك المرافق. وكذلك لا تطبق أحكام النظرية العامة للعقد في القانون المدني على الاتفاقات التي تتم ضمن نطاق القانون الخاص، ولكنها تنظم العلاقات غير المالية بين الأفراد، كالزواج الذي هو اتفاق بين الزوجين. وعلى الرغم من عدم تطبيق أحكام النظرية العامة للعقد على هذه الاتفاقات، إلا أنها أثرت بشكل أو بآخر في صياغة القواعد القانونية في نطاق القانون الدولي أو القانون الإداري أو قانون الأحوال الشخصية.

وبالمقابل تطبق أحكام النظرية العامة للعقد في القانون المدني على جميع الاتفاقات التي تتم ضمن نطاق القانون الخاص وتنظم العلاقات المالية بين الأفراد. وهذه الاتفاقات هي التي تطلق عليها تسمية العقود. ولا فرق هنا في أن يكون المتعاقدان على قدم المساواة، أو يذعن أحدهما للآخر. ولا فرق أيضاً في أن يوفق العقد بين مصالح متعارضة، أو يجمع بين مصالح متوافقة. وكذلك الحال في العقود الذاتية والعقود التي تنظم أوضاعاً مستقرة، كعقود العمل الجماعية، فكلها تدخل ضمن نطاق القانون الخاص، وتخضع لأحكام النظرية العامة للعقد.

ثانياً ـ تصنيف العقود:

لم يتطرق القانون المدني السوري، ولا القانون المدني المصري، إلى تصنيف العقود وتقسيمها، وحسناً فعلا، وذلك لأن هذا البحث يدخل ضمن نطاق عمل الفقهاء الذين يشرحون أحكام هذا القانون. على العكس من ذلك، فإن التقنين المدني الفرنسي قد بحث في هذا التقسيم، وخصص له تصنيفات رئيسة وهي: العقود الملزمة للجانبين والعقود الملزمة لجانب واحد (المادتان 1102 و1103)، والعقود بعوض وعقود التبرع (المادتان 1105 و1106)، وأخيراً العقود المحددة والعقود الاحتمالية (المادة 1104). وفي الحقيقة يمكن تصنيف العقود إلى عدة أصناف تختلف باختلاف الوجهات التي ينظر منها إلى العقد. وأهم هذه الأصناف هي الآتية:

1ـ العقود الملزمة للجانبين والعقود الملزمة لجانب واحد: يقوم هذا التصنيف على الأثر الملزم للعقد، فإذا كان العقد ينشئ التزامات على عاتق الطرفين المتعاقدين فهو عقد ملزم للجانبين، أما إذا كان يرتب التزامات على عاتق طرف واحد فهو عقد ملزم لجانب واحد.

أ ـ تعريف العقد الملزم للجانبين والعقد الملزم لجانب واحد:

(1) ـ تعريف العقد الملزم لجانبين: عرفت المادة (1102) من التقنين المدني الفرنسي العقد الملزم للجانبين، ويسمى أيضاً بالعقد التبادلي، بأنه العقد الذي يلتزم فيه المتعاقدان بصورة متبادلة ومتقابلة الواحد تجاه الآخر؛ فيكون كل من المتعاقدين دائناً ومديناً في الآن ذاته من لحظة انعقاده. ففي عقد البيع مثلاً، يكون البائع دائناً بالثمن ومديناً بتسليم المبيع، ويكون المشتري دائناً بالتسليم ومديناً بالثمن. يتبين من ذلك أن البائع والمشتري يلتزمان بالتبادل والتقابل، بموجب عقد البيع، الواحد تجاه الآخر. فتارة يلتزم البائع تجاه المشتري، وتارة أخرى يلتزم هذا الأخير تجاه الأول. وكذلك الحال في عقد الإيجار وعقد المقايضة وعقد الشــركة وعقد العمل.

(2) ـ تعريف العقد الملزم لجانب واحد: العقد الملزم لجانب واحد هو، وفقاً لنص المادة ( 1103) من التقنين المدني الفرنسي، العقد الذي يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص تجاه شخص آخر أو عدة أشخاص آخرين، من دون أن يكون هناك أي التزام من طرف هؤلاء الأشخاص، أي الطرف الثاني. إذاً العقد الملزم لجانب واحد ينشئ في أثناء انعقاده الالتزامات في ذمة طرف واحد فقط، ولا يرتب أي التزام على عاتق الطرف الآخر، وعلى هذا فإن الطرف الملتزم يكون دائماً هو المدين، والطرف غير الملتزم يكون بصورة دائمة هو الدائن. والمثال النموذجي الذي يضرب في هذا المجال هو الهبة، التي هي وفقاً لأحكام المادة (454 /1 مدني سوري)، "عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض". إذاً الهبة لا تنشئ التزامات سوى في ذمة الواهب الذي يلتزم بموجبها بنقل ملكية الشيء الموهوب إلى الموهوب له. وتجدر الإشارة إلى أنه باستطاعة المتعاقدين أن يجعلا بإرادتهما المشتركة العقد الملزم لجانب واحد بطبيعته عقداً ملزماً لجانبين. فالهبة بطبيعتها عقد ملزم لجانب واحد، ولكن أجاز القانون أن تكون الهبة مشروطة، وذلك باتفاق الطرفين، وفي مثل هذه الحال يلتزم الموهوب له بتنفيذ ما اشترط عليه في العقد سواء أكان ذلك الشرط لمصلحة الواهب، أم لمصلحة شخص أجنبي، أم للمصلحة العامة، طبقاً لما نصت عليه المادة (465 مدني سوري).

ب ـ الفوائد العملية لهذا التصنيف: ترجع أهمية هذا التصنيف إلى فكرة التقابل والارتباط بين الالتزامات المتبادلة التي ينشئها العقد الملزم للجانبين في ذمة كلٍ من المتعاقدين من لحظة انعقاده. ويبقى الارتباط والتقابل بين هذه الالتزامات قائماً حتى لو نفذ أحد المتعاقدين التزاماته ولم ينفذ المتعاقد الأخر التزاماته المتقابلة. ومن ثم يؤدي هذا التقابل إلى نتيجة مهمة جداً وهي أن حق كلٍ من الطرفين ودينه الناشئين من العقد لا ينفصلان. فحق البائع في الثمن، في عقد البيع، متصل مباشرة بالتزامه بتسليم المبيع ونقل الملكية في بعض الحالات إلى المشتري، ولا يمكن الفصل بينهما. ويترتب على هذا التقابل ثلاث قواعد أساسية وهي:

(1) ـ الدفع بعدم التنفيذ: ومضمون هذه القاعدة هو أنه إذا لم ينفذ أحد المتعاقدين التزامه، ومع ذلك طالب المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه المتقابل فيحق لهذا الأخير أن يمتنع عن تنفيذ التزامه ويدفع تلك المطالبة بعدم تنفيذ المطالب لالتزامه المتقابل، ويكون امتناعه في مثل هذه الحالة مشروعاً. ومن الواضح أن هذا الدفع يستلزم توافر التزامين متقابلين، وهذا الأمر لا يكون إلا في العقود الملزمة للجانبين، فهو لا يطبق في العقود الملزمة لجانب واحد.

وقد أكدت المادة (162 مدني سوري) النظرية العامة للدفع بعدم التنفيذ في مجال العقود الملزمة للجانبين (وكذلك المادة 161 مدني مصري). وتجدر الإشارة إلى أن التقنين المدني الفرنسي يفتقر إلى نص مشابه لنـص المادة (162 مدني سوري). ومع ذلك فإن الاجتهاد القضائي الفرنسي عمم تطبيق هذه القاعدة على العقود الملزمة للجانبين كافة، بل وسع مجال تطبيقها لتشمل العلاقات التبادلية كافة الملزمة للجانبين.

(2) ـ الفسخ: إذا أخل أحد المتعاقدين بالتزامه وامتنع عن تنفيذه بخطأ منه يحق للمتعاقد الآخر أن يطلب فسخ العقد من أجل أن يتحلل هو أيضاً من تنفيذ التزامه. ويستخلص من ذلك أن قاعدة الفسخ لا تطبق إلا في العقود الملزمة للجانبين والتي تنشئ التزامات متقابلة. وهذا ما نصت عليه المادة (1184 من التقنين المدني الفرنسي)، والمادة (158 مدني سوري)، والمادة (157 مدني مصري). ومن ثم لا تطبق هذه القاعدة في نطاق العقود الملزمة لجانب واحد، وإنما ينحصر حق الدائن، في هذه العقود إذا أخل المدين بتنفيذ التزامه، في أن يطالب إما بالتنفيذ العيني الجبري، وإما بالتنفيذ عن طريق التعويض، وهو موضوع المسؤولية العقدية.

(3) ـ الانفساخ: إذا استحال على أحد المتعاقدين تنفيذ التزامه نتيجة سبب أجنبي، يؤدي ذلك إلى انقضاء التزامه. ويترتب على هذا الانقضاء سقوط الالتزام المقابل والمترتب في ذمة المتعاقد الآخر. ويطلق، في فرنسا، على هذه القاعدة اسم نظرية المخاطر، ومن الواضح أن هذه القاعدة لا تطبق إلا في نطاق العقود الملزمة للجانبين؛ فهي لا تشمل العقود الملزمة لجانب واحد. ففي عقد الإيجار مثلاً، الذي يشكل عقداً ملزماً للجانبين، لا يستطيع المؤجر أن يطالب المستأجر بدفع الأجرة إذا هلك المأجور بسبب قوة قاهرة، كالحريق مثلاً. فالحريق يؤدي إلى انقضاء التزام المؤجر بتقديم العين المؤجرة بحالة صالحة للاستفادة منها، ويؤدي انقضاء التزام المؤجر إلى زوال التزام المستأجر بدفع الأجرة لأن الالتزام بدفع الأجرة مرتبط بالتزام المؤجر بتقديم العين المؤجرة وجوداً وعدماً.

وقد نص القانون المدني السوري على هذه القاعدة في المادة (160) منه، ونص القانون المدني المصري عليها في المادة (161). وبمعنى آخر تقع تبعة هلاك محل التزام المدين في العقود الملزمة للجانبين على عاتق المدين، فيؤدي ذلك إلى انقضاء التزام الدائن أيضاً. أما في العقود الملزمة لجانب واحد فإن تبعة هلاك محل التزام المدين تقع على عاتق الدائن، كما هو الحال في الوديعة بلا أجر، فإذا هلكت الوديعة في يد المودع لديه ـ وهو المدين بردها للمودع ـ بسبب أجنبي فإن المودع يتحمل تبعة ذلك.

وهناك فائدة أخرى تترتب على تمييز العقد الملزم لجانبين من العقد الملزم لجانب واحد وهي أنه يجب تحرير السند العادي الذي يثبت عقداً ملزماً للجانبين على نسختين أصليتين   (المادة 1325 من التقنين المدني الفرنسي مثلاً)، أما السند الذي يثبت بعض العقود الملزمة لجانب واحد فإنه يحرر على نسخة واحدة (المادة 1326 من التقنين المدني الفرنسي).

ج ـ العقد الملزم للجانبين التام والعقد الملزم للجانبين الناقص: يميز بعض الفقهاء في العقود الملزمة للجانبين بين نوعين، وهما: العقد الملزم للجانبين التام والعقد الملزم للجانبين الناقص أو غير التام. والعقد الملزم للجانبين التام هو العقد الذي ينشئ منذ انعقاده التزامات متقابلة في ذمة كلا المتعاقدين، فمصدر الالتزامات المتقابلة في هذه الحال هو العقد. في حين أن العقد الملزم للجانبين غير التام لا ينشئ، حين انعقاده، التزامات إلا في ذمة أحد المتعاقدين، وأثناء تنفيذ العقد ينشأ التزام على عاتق المتعاقد الآخر أيضاً، ولكن مصدر هذا الالتزام ليس العقد، وإنما قد يكون الفعل الضار أو الإثراء بلا سبب. ففي عقد الوديعة بلا أجر مثلاً، لا ينشئ العقد التزامات إلا في ذمة المودع لديه، إذ يتوجب عليه المحافظة على الوديعة إلى حين استرجاعها، ومن ثم يلتزم أيضاً برد الوديعة. ويتبين من ذلك أن مصدر التزامات المودع لديه هو العقد ذاته. ولكن قد يضطر المودع لديه إلى صرف بعض النفقات لكي يؤمن حفظ الوديعة وذلك في أثناء الاحتفاظ بها، أي أثناء تنفيذ العقد، ومن ثم فإنه يتوجب على المودع حين استرداد الوديعة أن يدفع للمودع لديه النفقات التي صرفها على حفظ الوديعة. ومصدر التزامه بدفع النفقات ليس العقد، وإنما هو واقعة الإثراء بلا سبب.

والسؤال الذي يثور بهذا الشأن هو: هل تطبق على العقود الملزمة للجانبين الناقصة القواعد التي تطبق على العقود الملزمة للجانبين التامة، وخاصة الفسخ بسبب عدم التنفيذ والدفع بعدم التنفيذ؟ في الفسخ بسبب عدم التنفيذ أجاز الاجتهاد القضائي الفرنسي تطبيقه على عدم تنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقود الملزمة للجانبين الناقصة، وذلك منذ أواخر القرن التاسع عشر.

ويذهب بعض الفقه إلى أن العقد الملزم للجانبين غير التام إنما هو عقد ملزم لجانب واحد. والالتزام الذي قد ينشأ بعد انعقاد العقد لا يكون مصدره العقد، وإنما يكون مصدره سبباً آخر، كالإثراء بلا سبب أو الفعل الضار. ويذهب بعضهم الآخر إلى أنه لا تطبق على العقد الملزم للجانبين غير التام أحكام العقد الملزم للجانبين التام، وذلك لأن معيار العقد الملزم للجانبين لا يتحقق هنا.

أما فيما يتعلق بالدفع بعدم التنفيذ، فلا تقبل أغلبية الفقهاء الفرنسيين تطبيق أحكام هذه النظرية على العقد الملزم للجانبين الناقص، وذلك لأن التزامات الطرفين في هذا العقد متبادلة ولكنها غير متقابلة. والدفع بعدم التنفيذ لا يطبق، في نظرهم، إلا في حالة عدم تنفيذ الالتزامات المتقابلة. وأما الأقلية، فرأيها أنه يمكن تطبيق أحكام الدفع بعدم التنفيذ على مثل هذه العقود. وفي الواقع فإن منشأ التمييز بين العقود الملزمة للجانبين التامة والعقود الملزمة للجانبين الناقصة هو القانون الروماني. والسبب في ذلك أنه في القانون الروماني كانت العقود الملزمة للجانبين هي وحدها التي يجب توافر حسن النية في تنفيذها، أما العقود الملزمة لجانب واحد فكانت عقوداً صارمة يجب التقيد الحرفي بها عند تنفيذها. فالقانون الروماني كان يميز عقود حسن النية من العقود الصارمة.

فحتى يتم التخلص من الصرامة في تنفيذ العقود الملزمة لجانب واحد، كانت توصف بالعقود الملزمة للجانبين الناقصة ليتمتع الطرفان بحرية أكثر في تنفيذها، إذ يجب أن يتوافر في تنفيذها حسن النية ولا يشترط تنفيذها بحرفيتها.

عقود المعاوضة وعقود التبرع ويقوم هذا التصنيف على تقسيم العقود من حيث موضوعها.

أ ـ تعريف عقود المعاوضة وعقود التبرع:

(1) ـ تعريف عقود المعاوضة: عرفت المادة (1106 من التقنين المدني الفرنسي) عقد المعاوضة بأنه العقد الذي يلزم كلاً من المتعاقدين بإعطاء شيء أو فعله، إذاً هو العقد الذي يأخذ فيه المتعاقد مقابلاً لما أعطاه. ففي عقد البيع يقوم البائع بإعطاء المبيع للمشتري، وبالمقابل فإنه يأخذ الثمن من المشتري، فهو إذاً عقد معاوضة. وكذلك عقد الإيجار، إذ يقوم المؤجر بإعطاء المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة، وبالمقابل فإنه يأخذ منه الأجرة ثمناً لهذا الانتفاع.

(2) ـ تعريف عقود التبرع: عرفت المادة ( 1105 من التقنين المذكور) عقد التبرع بأنه العقد الذي يقوم فيه أحد المتعاقدين بإعطاء الآخر منفعة مجانية، أي بلا مقابل. فلا يقوم هذا العقد على أساس المبادلة. والمثال على ذلك الهبة بلا عوض، فالواهب هنا يعطي الشيء الموهوب للموهوب له ولا يأخذ منه شيئاً. وكذلك الحال في الإعارة والقرض بلا فائدة. ويعدّ فقهاء الشريعة الإسلامية القرض تبرعاً في البداية ومعاوضة في النهاية. فهو يتضمن تمليكاً للمال عند نشوء العقد، ولكن يجب إعادة مثله لا عينه فيما بعد.

ويميز بعض الفقهاء في عقود التبرع بين عقود التفضل وبين الهبات. ففي عقود التفضل لا يتنازل فيها المتبرع عن ماله وإنما يتبرع بمنفعة هذا المال، فالمال ذاته يبقى في ملكيته. وفي الإعارة، لا يتبرع المعير بالعين التي تبقى في ملكيته، وإنما يتبرع بمنفعتها، فهو إذاً عقد تفضل لا عقد تبرع. وكذلك الحال في عقد الوكالة بلا أجر. أما في الهبات فيتبرع المتعاقد بالمال ذاته ويخرج عن ملكية ماله.

وقد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة وجود ترابط بين هذا التقسيم وبين التقسيم السابق الذي يميز بين العقد الملزم لجانبين والعقد الملزم لجانب واحد، يؤدي إلى نتيجة مفادها أن عقود المعاوضة ملزمة لجانبين، وعقود التبرع ملزمة لجانب واحد. ولكن في الحقيقة هذا الترابط بينهما ليس ضرورياً، إذ لا تلازم بين هذين التقسيمين للعقود. فلا يشترط بصورة دائمة أن تكون عقود المعاوضة عقوداً ملزمة لجانبين، فيمكن أن يكون العقد ملزماً لجانبين ومع ذلك لا يعد من عقود المعاوضة، ومثال ذلك عقد الهبة بعوض المنصوص عليه في المادة ( 467 مدني سوري)، إذ لا يمنع التزام الموهوب له بالعوض المتفق عليه في العقد من قيام نية التبرع عند الواهب. ويجب على القاضي عندما يقوم بعملية تكييف العقد، وبيان ما إدا كان معاوضة أو تبرعاً، أن يأخذ بالحسبان العملية القانونية برمتها، كتوافر نية التبرع عند كل من المتعاقدين، وتحديد التزاماتهما. كما عليه أن يأخذ بالحسبان أيضاً العلاقات التي كانت تربط بين المتعاقدين قبل عملية التعاقد. فإذا تبرع الابن بإحدى كليتيه لوالده، ثم بعد أن شفي الوالد وهب عقاراً لابنه بلا مقابل، لا تعد هذه الهبة عقد تبرع على الرغم من توافر نية التبرع عند الأب، وذلك لأنه عندما تبرع بعقاره لأبنه أخذ بالحسبان ما قام به الابن في سبيل إنقاذ حياته.

 ب ـ الفوائد العملية لهذا التصنيف: يترتب على التمييز بين عقود المعاوضة وعقود التبرع، بنوعيها الهبات وعقود التفضل، نتائج مهمة أهمها:

(1) ـ من حيث المسؤولية: تكون مسؤولية المتبرع، عادة أخف من مسؤولية المتعاقد في عقود المعاوضة، لأنه يتنازل عن ماله بلا مقابل. فالواهب لا يضمن، من حيث المبدأ، خلو الشيء الموهوب من العيوب، وفقاً لما نصت عليه المادة (463/1 مدني سوري). في حين أن البائع يضمن العيوب الخفية التي قد تظهر مستقبلاً في المبيع طبقاً لما ذهبت إليه المادة (415 من القانون نفسه). وفي عقد الوديعة، يلتزم الوديع ببذل العناية، التي يبذلها في حفظ أمواله، من أجل حفظ الشيء ولا  يكلف في سبيل ذلك أكثر من عناية الرجل المعتاد، إذا كانت الوديعة بلا أجر، أي تبرعاً. أما إذا كانت الوديعة بأجر، أي معاوضة، فيلتزم الوديع ببذل عناية الرجل المعتاد في حفظ الوديعة حتى لو كانت أزيد من العناية التي يبذلها في حفظ أمواله، طبقاً لما جاء في المادة (686 مدني سوري). ومن ناحية أخرى، فإن التزامات المتبرع له أشد من التزامات المتعاقد الآخر في عقود المعاوضة. ومثال ذلك ما جاء في المادة (607 مدني سوري) التي ألزمت المستعير، وهو مُتبَّرع له بمنفعة الشيء المعار، ببذل العناية التي يبذلها في المحافظة على ماله من دون أن ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد من أجل حفظ الشيء المعار. 

(2) ـ من حيث عيوب الإرادة: يؤثر الغلط في الشخص في عقود التبرع، ويكون سبباً من أسباب إبطال العقد وذلك لأن شخص المتبرع يكون دوماً محل الاعتبار، في حين أنه لا يؤثر في عقود المعاوضة إلا إذا كان شخص المتعاقد محل اعتبار في العقد، مثال ذلك عقد الشركة، وعقد الوكالة وعقد المزارعة.

(3) ـ من حيث الشكل: يكفي التراضي، من حيث المبدأ، لانعقاد عقود المعاوضة، وذلك لأنها عقود رضائية، أما الهبة فلا يكفي التراضي من أجل انعقادها، وإنما تطلب المشرع إضافة إلى ذلك شروطاً أخرى من أجل انعقادها، وذلك لأنها ليست عقداً رضائياً، فهي إما أن تكون عقداً عينياً كهبة المنقول، وإما عقداً شكلياً كهبة العقار، (المادة 456 مدني).

(4) ـ من حيث المحل: يجوز، من حيث المبدأ، أن يكون محل عقود المعاوضة أشياء مستقبلية (المادة 132 مدني سوري)، أما في الهبة، فقد نص القانون على أن هبة الأموال المستقبلية باطلة (المادة 460 مدني سوري).

(5) ـ من حيث الأهلية: الأهلية اللازمة لانعقاد عقود التبرع أشد من الأهلية اللازمة لانعقاد عقود المعاوضة، ذلك لأن عقود التبرع تصرفات ضارة ضرراً محضاً، في حين أن عقود المعاوضة تصرفات دائرة بين النفع والضرر.

(6) ـ من حيث أحكام الالتزام: الطعن بالدعوى البولصية في عقود التبرع أيسر منه في عقود المعاوضة (المادة 239 مدني سوري)، فلا حاجة إلى إثبات سوء نية المتبرع له في عقد التبرع الواقع من مدين معسر من أجل قبول هذه الدعوى. أما في عقود المعاوضات فيشترط من أجل عدم نفاذ التصرف في حق الدائن أن يكون كل من المدين والمتصرف إليه سيئ النية. ويتوافر سوء نية المدين إذا كان عالماً بأنه معسر وقت التصرف، أما المتصرف إليه فيكون سيئ النية إذا كان عالماً وقت التصرف بإعسار المدين.

3 ـ العقود المحددة والعقود الاحتمالية (أو عقود الغرر): تقسم عقود المعاوضة إلى عقود محددة وعقود احتمالية. ويقوم هذا التقسيم على طبيعة العقد.

أ ـ تعريف العقود المحددة والعقود الاحتمالية:

(1) ـ تعريف العقود المحددة: العقد المحدد هو، وفقاً لأحكام المادة (1104 من التقنين المدني الفرنسي)، العقد الذي يلتزم فيه كلٌ من المتعاقدين بإعطاء أو فعل شيء ينظر إليه على أنه يقابل الشيء الذي أعطاه إياه أو أداه له المتعاقد الآخر. يستخلص من ذلك أنه باستطاعة كلا المتعاقدين أن يقوما، وقت انعقاد العقد، بتقدير الشيء الذي أعطاه أو فعله والشيء الذي أعطاه إياه المتعاقد الآخر أو قام بفعله من أجله. فيستطيع كل متعاقد، في العقد المحدد، أن يحدد وقت انعقاد العقد ما يعطي وما يأخذ مقابله. والمثال على ذلك عقد البيع.

(2) ـ تعريف العقود الاحتمالية: العقد الاحتمالي هو، وفق ما ذهبت إليه الفقرة الثانية من المادة (1104 من التقنين المدني الفرنسي)، العقد الذي لا يستطيع أحد المتعاقدين أن يقدر وقت التعاقد مقدار ما يأخذ أو ما يعطي، وإنما يتوقف ذلك على حدث مستقبلي غير مؤكد الوجود يترتب عليه زيادة أو نقصان التزامات المتعاقدين. يستخلص من ذلك أن العقد الاحتمالي يقوم من لحظة انعقاده على احتمال الربح والخسارة لكل متعاقد، ولا يعلم في تلك اللحظة من منهما سيحقق الربح ومن منهما ستلحق به الخسارة. ومن ثم فإن احتمال الربح والخسارة هو جوهر العقد الاحتمالي. ومثال العقد الاحتمالي عقد التأمين، وكذلك عقد الرهان، وأيضاً البيع مقابل ريع مدى الحياة. والأصل في العقد الاحتمالي أن يكون من عقود المعاوضة، كما في الأمثلة السابقة.

ب ـ الفوائد العملية لهذا التصنيف: تبدو أهمية التمييز بين العقود المحددة والعقود الاحتمالية من الناحية الاقتصادية، أما من الناحية القانونية فهذه الأهمية محددة. ويبدو ذلك على النحو التالي:

(1) ـ تقوم العقود الاحتمالية على أساس الغرر أو الاحتمال في الربح والخسارة، فإذا انتفى هذا الاحتمال كان العقد باطلاً. فإذا باع شخص منزلاً مقابل ريع لمدى الحياة يعطى لشخص ثالث، ثم تبين أن المستفيد كان وقت انعقاد العقد ميتاً، فالعقد باطل، وذلك لأن الاحتمال الذي يقوم عليه هذا العقد غير موجود في الأصل، حتى لو توهم البائع وجوده في أثناء انعقاد العقد. وهذا ما أكدته المادة (362 من قانون التجارة البحرية السوري رقم 46 لعام 2006) عندما نصت على أنه "1ـ يقع باطلاً عقد التأمين الذي يبرم بعد تحقق الخطر المؤمن منه أو بعد زواله إذا ثبت أن نبأ تحققه أو زواله بلغ إلى المكان الذي يوجد فيه المؤمن له قبل إصدار أمره بإجراء التأمين أو إلى مكان توقيع العقد قبل أن يوقعه المؤمن. وإذا كان التأمين معقوداً على شرط الأنباء السارة أو السيئة فلا يبطل إلا إذا ثبت علم المؤمن له بتحقق الخطر أو علم المؤمن بزواله".

(2) ـ عندما يكون للغبن المادي أو المجرد تأثير في العقد، فإن دعوى الغبن لا تسمع في العقود الاحتمالية، وذلك لأن هذه العقود تقوم على الاحتمال، وهو في الأصل حصول الغبن لأحد المتعاقدين؛ في حين يمكن أن ترد في العقود المحددة. ومثال ذلك المادة (393 مدني سوري) التي تسمح بتكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل في حال بيع عقار لقاصر لا تتوافر فيه الأهلية بغبن يزيد على الخمس، إذ  تطبق فقط على عقد البيع محدد القيمة ولا تطبق على العقد الاحتمالي حتى لو كان العقار مملوكاً لقاصر.

4ـ العقود الرضائية والعقود الشكلية والعقود العينية: ويقوم هذا التصنيف على أساس كيفية انعقاد العقد.

أ ـ تعريف العقود الرضائية والعقود الشكلية والعقود العينية:

(1) ـ تعريف العقود الرضائية: العقد الرضائي هو العقد الذي ينعقد بمجرد ارتباط إرادتين وتطابقهما. ومن ثم فإن انعقاده لا يستلزم سوى توافر التراضي، أي تلاقي الإيجاب والقبول. ولا يتوقف انعقاد هذا العقد على طريقة معينة لارتباط هاتين الإرادتين، فقد يكون هذا الارتباط شفاهة، أو كتابة وهو الدارج عملياً. ونتيجة ذلك تعد عقود الإذعان عقوداً رضائية وإن كان رضا المتعاقد المذعن محدوداً، إذ لا يحق له مناقشة شروط العقد وإنما يجب عليه الإذعان لها. والأصل بمقتضى مبدأ سلطان الإرادة أن العقود رضائية ولا يتطلب من أجل انعقادها أي إجراء أخر، إلا ما استثني بموجب نص خاص، قانوناً أو اتفاقاً، يقضي بضرورة توافر شكلية معينة، أو ضرورة تسليم الشيء من أجل انعقاد عقد ما. ولذلك فإنه يجوز للمتعاقدين اشتراط الكتابة مثلاً من أجل انعقاد العقد، أو اشتراط تسليم الشيء محل العقد. وإذا اشترط المتعاقدان الكتابة في العقد ولم يبينا جزاء عدم توافرها، فالأصل في اشتراط الكتابة أن تكون لإثبات العقد، ولكن على القاضي في مثل هذه الحال أن يبحث عن النية المشتركة للمتعاقدين، إلا إذا كانت هذه النية اتجهت إلى اعتبار الكتابة شرط انعقاد وجب على القاضي التقيد بذلك. أما إذا لم يستطيع القاضي تعرف هذه النية، فتعد الكتابة في مثل هذه الحالة شرط إثبات لا شرط انعقاد.

(2) ـ تعريف العقود الشكلية: العقد الشكلي هو العقد الذي لا يكفي فيه ارتباط إيجاب بقبول وتطابقهما من أجل انعقاد العقد، وإنما يتوقف هذا الانعقاد إضافة إلى ذلك على توافر بعض الشكليات والمراسم المعينة، فيكون العقد في هذه الحال عقداً شكلياً. ويترتب على ذلك أن الشكلية تعد في مثل هذه الحالة بمنزلة ركن خامس للعقد الذي لا ينعقد إلا بتوافرها إضافة إلى الأركان الأخرى. ويهدف المشرع من وراء فرض الشكلية إلى تنبيه المتعاقد إلى خطورة آثار التصرف الذي يبرمه وأهميته، ومن ثم التأكد من أن إرادة هذا المتعاقد قد اتجهت إلى إحداث تلك الآثار، وذلك حماية له. وتتمثل هذه الشكلية عادة في الكتابة والرسمية. ومثال ذلك ما نصت عليه المادة (456) مدني سوري التي اشترطت أن تكون الهبة بسند رسمي وإلا وقعت باطلة. ويسمى العقد الشكلي في مثل هذه الحال بالعقد الرسمي. وقد سبق القول إن العقود في البداية كانت شكلية، وهذا ما كان عليه الحال في القانون الروماني وفي الجاهلية. أما في الفقه الإسلامي، فقد أخذت الشريعة الإسلامية بمبدأ الرضائية في العقود، إذ تعد جميع العقود رضائية، باستثناء عقد الزواج الذي لا بد فيه، إضافة إلى الإيجاب والقبول، من الشهود أو العلانية، فهو العقد الشكلي الوحيد في الفقه الإسلامي.

وتجدر الإشارة إلى أن التشريعات الحديثة اعتمدت مبدأ الرضائية في العقود، ولكنها لم تطبقه على نحو مطلق، إذ نصت على بعض العقود الشكلية أيضاً. ولكن الشكلية في هذه التشريعات تختلف عن الشكلية في العصور القديمة، إذ لا تكفي الشكلية وحدها لانعقاد العقد، وإنما لا بد فيه، إضافة إليها، من تلاقي الإيجاب والقبول أيضاً، لأن وظيفة الشكلية في هذه التشريعات هي وظيفة حمائية، تهدف إلى حماية المتعاقد. في حين أن الشكلية في التشريعات القديمة كانت تكفي وحدها لانعقاد العقد، ومن ثم فإن الشكلية كانت تقوم بوظيفة فنية لا حمائية. ونتيجة ذلك لم يكن جائزاً الطعن في العقد بالغلط أو التدليس أو الإكراه. والمبدأ أن يخضع العقد في شكله لقانون الدولة التي أبرم فيها، كما يجوز أن يخضع للقانون الذي يطبق على أحكامه الموضوعية، أو لقانون موطن المتعاقدين، أو القانون الوطني المشترك للمتعاقدين، وفق ما ذهبت إليه المادة (21) مدني سوري.

> شكلية الانعقاد وشكلية الإثبات: يشترط القانون، في بعض الأحيان، شكلاً معيناً في إثبات العقد الرضائي، وهنا لا تؤثر هذه الشكلية في الإثبات في طبيعة العقد الرضائي. لذلك يجب دائماً التمييز بين شكلية العقد وشكلية الإثبات. فإذا استلزم القانون توافر الشكلية لانعقاد العقد، ففي هذه الحال يتوقف قيام العقد على توافر هذه الشكلية وجوداً وعدماً، فإذا توافرت هذه الشكلية انعقد العقد، وإذا غابت فلا ينعقد العقد. في حين لا تأثير لشكلية الإثبات في انعقاد العقد، فالعقد في هذه الحالة ينعقد بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول وتطابقهما، ولكن يتوقف إثبات ذلك على توافر الشكلية التي استلزمها القانون. فمثلاً تنص المادة ( 54/أ من قانون البينات لعام1947 وتعديلاته) على أنه "إذا كان الالتزام التعاقدي، في غير المواد التجارية، تزيد قيمته على خمسمائة ليرة، أو كان غير محدد القيمة، فلا تجوز الشهادة في إثبات وجود الالتزام أو البراءة منه، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك…". ولا تأثير لغياب هذه الشكلية، كالكتابة، في انعقاد العقد، إذ يجوز في هذه الحال إثبات العقد بالإقرار أو باليمين الحاسمة. ومثال ذلك عقد الصلح، إذ تنص المادة ( 520 مدني سوري) على عدم جواز إثبات الصلح إلا بالكتابة أو بمحضر رسمي. وكذلك عقد العمل الزراعي، إذ اشترط القانون أن يكون خطياً أي مكتوباً. والكتابة هنا شرط للإثبات، وهذا ما يستفاد من نص المادة (8) من قانون العلاقات الزراعية رقم /56/، تاريخ 29/12/2004. وكذلك عقد العمل الفردي، إذ تنص المادة (43 من قانون العمل رقم /17/ لعام 2010) على أن الكتابة شرط ضروري لإثبات العقد.

وقد تضمن القانون المدني السوري، عقدين شكليين، هما: عقد الشركة ويشترط فيه الكتابة، وعقد هبة العقار ويشترط فيه الرسمية. وإذا لم تكن الهبة بسند رسمي، تكون باطلة. (نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 853، تاريخ 2/6/2005، مجلة المحامون، العددان 1 و2 لعام 2006، ص115).

أما الهبة المستترة بعقد بيع صوري، فإن المشرع أعفى هذه الهبات من الشكلية، إذ لم يشترط فيها الرسمية. ومن ثم تكون هذه الهبات صحيحة على الرغم من أنها لم توثق في ورقة رسمية سواء للمتعاقدين أو الغير (نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 685، تاريخ 2/5/1999، سجلات محكمة النقض).

وهناك عقود شكلية خارج نطاق القانون المدني نصت عليها قوانين أخرى، مثل اتفاق العمل الجماعي الذي اشترطت المادة (186 من قانون العمل لعام 2010) أن يكون ثابتاً بالكتابة وإلا كان العقد باطلاً. وكذلك مثل عقد رهن السفينة، إذ تشترط المادة (69) من قانون التجارة البحرية رقم /46/ تاريخ 5/12/2006 أن يكون هذا العقد رسمياً تحت طائلة البطلان. ومثال ذلك أيضاً عقد التسليف على الأسناد، إذ اشترطت المادة ( 238 من فانون التجارة لعام 2007) أن يكون خطياً تحت طائلة البطلان. ولكن هذا البطلان من نوع خاص لا يجوز التمسك به وفق أحكام هذه المادة إلا للمستفيد.

> شكلية الانعقاد والشكليات الملطفة: يتوقف انعقاد العقد على توافر شكلية الانعقاد، إذ العقد لا ينعقد في مثل هذه الحال بمجرد ارتباط إيجاب بقبول وتطابقهما، وإنما لا بد زيادة على ذلك أن ينصب هذا الارتباط في القالب الذي يحدده القانون أو الاتفاق، كهبة العقار، إذ لا تنعقد إلا بسند رسمي. ولكن قد يتطلب المشرع توافر شكليات أخرى في العقد من دون أن يتوقف على توافرها انعقاد العقد، وإنما يؤدي عدم التقيد بها إلى تعرض المتعاقدين لبعض الصعوبات. ويترتب على ذلك أن مثل هذه الشكليات لا تعد استثناءً من مبدأ الرضائية، وإنما «هي مجرد تلطيف له». وأهم أنواع هذه الشكليات الملطفة لمبدأ الرضائية هي:

< النوع الأول: شكليات الإشهار: ومثال هذه الشكليات شهر بعض التصرفات القانونية في سجلات معينة من أجل سريان آثارها بين المتعاقدين وتجاه الغير، كشهر التصرفات القانونية المتعلقة بالعقارات في السجل العقاري، (فالمادة 11 من القرار رقم 188 لعام 1926 وتعديلاته) المتضمن إنشاء السجل العقاري تنص على أن "الصكوك الاختيارية والاتفاقات المتعلقة بإحداث حق عيني أو نقله أو إعلانه أو تعديله أو إبطاله لا تكون نافذة حتى بين المتعاقدين إلا اعتباراً من تاريخ تسجيلها…". وهذا ما أكدته المادة (825 مدني سوري) بقولها إن الحقوق العينية العقارية تكتسب وتنتقل بتسجيلها في السجل العقاري. ومثال ذلك أيضاً ضرورة شهر عقد الشركة ونظامها الأساسي في سجل الشركات الممسوك في سجل التجارة في المحافظة التي يقع فيها مركز الشركة، وذلك خلال الشهر الذي يلي تأسيسها، ويتوقف على هذا الشهر اكتساب الشركة شخصيتها الاعتبارية تجاه الغير، طبقاً لما نصت عليه المادة (3 من قانون الشركات الجديد رقم 3 لعام 2008). وكذلك ضرورة تسجيل جميع العقود والتصرفات الواردة على المتجر في سجل المتجر الذي أحدثه قانون التجارة الجديد رقم 33 لعام 2007 والنافذ اعتباراً من 1/4/2008، ولا تسري هذه العقود والتصرفات بحق الغير ما لم تسجل في هذا السجل، طبقاً لما ذهبت إليه المادة (57 من هذا القانون).

< النوع الثاني: الشكليات المالية: وتقوم هذه الشكليات على تسجيل بعض العقود لدى جهات عامة معينة من أجل تسهيل استيفاء الرسوم المترتبة عليها. ويترتب على تخلف هذه الشكلية غرامة مالية من ناحية، وعدم سريان العقد على الغير حسن النية إلا من اليوم الذي يصبح فيه ثابت التاريخ، وفق ما نصت عليه المادة (11 من قانون البينات لعام 1947 وتعديلاته). ومثال ذلك المادة (3 من قانون الإيجار الجديد رقم 6 لعام 2001 وتعديلاته)، والتي نصت على أن تسجل عقود الإيجار في الوحدات الإدارية، ويستوفى من المؤجر عند التسجيل رسم مقداره 1% من بدل الإيجار الشهري بشرط ألا يزيد على مدة سنة واحدة مهما كانت مدة العقد. ويعد العقد المسجل وفق أحكام هذه المادة سنداً تنفيذياً يحق للمؤجر بموجبه أن يسترد عقاره عند انتهاء مدة الإيجار عن طريق دائرة التنفيذ. أما في حال عدم تسجيل العقد فيخضع في إثباته للقواعد القانونية النافذة، وفقاً لما جاء في (المادة 4 من القانون ذاته). ولم ينص المشرع على فرض غرامة مالية في حال عدم تسجيل العقد.   

< النوع الثالث: الشكليات الإدارية: ينص المشرع في بعض الأحيان على شكليات إدارية تتطلب ضرورة تبليغ العقد لجهات معينة، أو ضرورة الحصول على ترخيص إداري قبل إبرام العقد. ولا تؤثر هذه الشكليات في انعقاد العقد، وإنما عدم مراعاتها يعد جرماً جزائياً من نوع المخالفة يستوجب غالباً عقوبة الغرامة. ومثال ذلك ما نصت عليه المادة (25) من قانون العمل رقم /17/ لعام 2010، إذ ألزمت رب العمل خلال مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ استخدامه أحد المتعطلين في عمل لديه بأن يرسل شهادة القيد المتعلقة به إلى المكتب العام للتشغيل الذي أصدرها. ويعاقب رب العمل في حال مخالفة هذا الحكم بغرامة لا تجاوز 5000 ليرة، وذلك بموجب المادة (255) من القانون ذاته. ومثال ذلك أيضاً ما جاء في المادة (27) من قانون العمل ذاته، إذ فرضت على كل شخص من غير العرب السوريين قبل مزاولة أي عمل في سورية الحصول على ترخيص عمل من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. ويعاقب رب العمل في حال مخالفة أحكام هذه المادة بغرامة لا تقل عن 10000 ليرة ولا تزيد على 50000 ليرة، ويرّحل العامل المخالف لأحكام هذه المادة طبقاً لما نصت عليه المادة (257) من القانون ذاته.

ج ـ العقود العينية: العقد العيني هو العقد الذي لا يكفي لانعقاده مجرد توافر التراضي، وإنما لا بد إضافة إلى ذلك من تسليم العين التي يرد عليها العقد، إذ العقد العيني يشبه العقد الشكلي من حيث أن التراضي فيهما لا يكفي لانعقاد العقد، وإنما لا بد فوق ذلك من توافر إجراء آخر. ويتمثل هذا الإجراء في العقد الشكلي بتوافر الشكلية التي نص عليها المشرع، كالكتابة أو الرسمية. أما في العقد العيني فيتمثل في تسليم الشيء المعقود عليه من أحد المتعاقدين للآخر. ويرجع ظهور العقد العيني إلى القانون الروماني استثناء من مبدأ شكلية العقود الذي كان سائداً في ذلك الوقت. وبموجب هذا الاستثناء حل تسليم العين محل الشكل في عملية انعقاد العقد في بعض العقود، كالقرض والعارية والوديعة والرهن الحيازي.

وقد ورث التقنين المدني الفرنسي العقود العينية هذه عن القانون الروماني. والعقود العينية في هذا التقنين هي: الهبة والقرض والرهن الحيازي والعارية والوديعة. ولكن الفقه الحديث ينتقد التوسع في مفهوم العقد العيني. ففي القانون الألماني مثلاً هناك عقدان عينيان فقط وهما القرض والرهن الحيازي. وفي القانون السويسري هناك عقد واحد وهو الرهن الحيازي. أما القانون المدني السوري فاعتمد نوعين من العقود العينية هما: هبة المنقول (المادة 456)، ورهن المنقول (المادة 1030). ويؤخذ على القانون السوري نزع صفة العقد العيني عن الوديعة، فلا يعقل أن يسمى شخص وديعاً قبل أن يتسلم الوديعة. وفي الفقه الإسلامي، العقود العيينة هي: الهبة والقرض والرهن الحيازي والإعارة والوديعة.

5ـ العقود المسماة والعقود غير المسماة: ويقوم هذا التصنيف وفقاً لما إذا كان المشرع قد نظم أحكام العقد أم لا. وكان لهذا التصنيف في القانون الروماني فائدة كبيرة، إذ لم يكن يتمتع بالتنفيذ الجبري إلا العقود المسماة المبرمة وفقاً للمراسم الشكلية التي يتطلبها القانون. ومن ثم لم يكن البريتور، وهو والي القضاء بين الوطنيين، يسمع الدعوى بشأن عقد غير مسمى.

أ ـ تعريف العقد المسمى والعقد غير المسمى: 

(1) ـ تعريف العقد المسمى: العقد المسمى هو العقد الذي أضفى المشرع عليه اسماً خاصاً يميزه من غيره من العقود، ونظمه بموجب أحكام خاصة به، وذلك نتيجة كثرة تداوله بين الأشخاص. وقد خصص المشرع الكتاب الثاني من القسم الأول من القانون المدني للعقود المسماة. زد على ذلك أنه تناول أحكام عقد الرهن الحيازي وعقد الرهن التأميني في الكتاب الرابع من القسم الثاني من هذا القانون، بحسبانهما من التأمينات العينية. وتقع العقود المسماة التي عددها المشرع في الكتاب الثاني من القسم الأول من القانون المدني على الملكية، كالبيع والمقايضة والهبة والشركة والقرض والدخل الدائم والصلح، وعلى الانتفاع بالشيء، كالإيجار والعارية، والعمل، كالمقاولة والتزام المرافق العامة وعقد العمل والوكالة والوديعة والحراسة. ويضاف إليها عقود الغرر وهي المقامرة والرهان والمرتب مدى الحياة وعقد التأمين، وعقد الكفالة وهو من عقود التأمينات الشخصية.                                

(2) ـ تعريف العقد غير المسمى: العقد غير المسمى هو العقد الذي لم يُضفِ المشرع عليه اسماً خاصاً، ولم ينظمه بموجب أحكام خاصة به، وإنما يخضع في تكوينه وفي آثاره للأحكام العامة لنظرية العقد. ويختلف العقد غير المسمى بهذا المعنى عن العقد غير المسمى في القانون الروماني، وهو العقد الذي كان يرتب التزامات على عاتق كل من المتعاقدين على الرغم من عدم مراعاة الشكلية التي كان يفرضها هذا القانون، كما أنه لم يكن يدخل في زمرة العقود العينية أو العقود الرضائية المعروفة في القانون الروماني. ولم يكن هذا العقد يلزم المتعاقدين بذاته أو بمجرد انعقاده، وإنما كان القانون الروماني يجيز للمتعاقد الذي نفذ التزامه أن يجبر المتعاقد الآخر على تنفيذ التزامه أيضاً. وبعد أن ساد مبدأ الرضائية في القانون المعاصر، والذي يعد نتيجة حتمية لمبدأ سلطان الإرادة، ظهرت صور وأشكال متنوعة للعقود ولم يعد في وسع المشرع أن ينظم كل أحكامها، ومن ثم اقتصر على تنظيم بعض هذه الصور تبعاً لأهميتها وشيوعها بين الأشخاص، وسميت بالعقود المسماة. أما تلك التي لم ينظمها بموجب أحكام خاصة بها فسميت بالعقود غير المسماة. ولكن الأشخاص اعتادوا على إطلاق بعض التسميات على بعض هذه العقود، كعقد العلاج الطبي الذي يربط المريض بالطبيب المعالج، وعقد نشر إعلان في جريدة، ومع ذلك تحتفظ هذه العقود بتسميتها عقوداً غير مسماة.

ب ـ الفوائد المترتبة على هذا التقسيم: ما دام المشرع  قد خصّ العقود المسماة بأحكام خاصة بها؛ فإن أي نزاع ينشأ بصدد عقد مسمى ويعرض على القاضي؛ يتوجب عليه أن يبحث عن حل لهذا النزاع ضمن الأحكام الخاصة التي تنظم العقد محل النزاع بشرط عدم اتفاق الطرفين على حل مخالف في العقد المبرم بينهما. ولا يجوز للقاضي أن يطبق على مثل هذا النزاع القواعد العامة لنظرية العقد، إلا إذا تعذر عليه العثور على حل للنزاع المطروح عليه ضمن الأحكام الخاصة للعقد محل النزاع. وبالمقابل إذا كان النزاع المطروح على القاضي ناشئاً عن عقد غير مسمى، فيجب على القاضي أن يبحث عن حل له مباشرة بالعودة إلى الأحكام العامة لنظرية العقد. ولا يتقيد القاضي بالتسمية التي يطلقها المتعاقدان على عقدهما، وإنما من حق القاضي إطلاق التسمية الصحيحة عليه والتي تتفق مع الأحكام الخاصة به، والعمل الذي يقوم به القاضي في مثل هذه الحال يسمى بالتكييف القانوني. فإذا أطلق المتعاقدان على العقد المبرم بينهما تسمية البيع التي تتعارض مع الأحكام الخاصة بعقد البيع، فلا يتقيد القاضي بتلك التسمية، وإنما يجب عليه إضفاء التسمية الصحيحة على العقد التي تضمن تطبيق الأحكام الخاصة به، كما لو تبين للقاضي أن التسمية الحقيقية للعقد هي الهبة، ومن ثم عليه أن يضفي على العقد اسم الهبة بدلاً من البيع. 

6ـ العقود الفورية والعقود المستمرة أو الزمنية: يقوم هذا التقسيم على أساس زمن تنفيذ الالتزامات الناشئة من العقد.

أ ـ تعريف العقد الفوري والعقد المستمر أو العقد الزمني:

(1) ـ العقد الفوري: العقد الفوري هو العقد الذي لا يعد الزمن عنصراً أساسياً فيه ولو اتفق المتعاقدان على تأجيل تنفيذ الالتزامات أو على تنفيذها على دفعات، ما دام الزمن عنصراً عرضياً فيه، ولا أثر له في تعيين محله. ومثال ذلك عقد البيع المؤجل، لأن الزمن لا يدخل في تعيين المبيع والثمن، فالأجل هنا ليس من جوهر العقد وإنما هو تدخل عرضي. ولا يفقد العقد صفته الفورية حتى لو كان الأجل إجبارياً، كما لو اتفق شخص مع فنان على أن يرسم له لوحة، لأن رسم اللوحة سيستغرق بعض الوقت الذي يعد أجلاً إجباريا، ومع ذلك فإن هذا الأجل هو عنصر عرضي لأنه لا يدخل في تعيين محل العقد وهو اللوحة والثمن المتفق عليه. فالزمن في مثل هذه الحالات يتدخل من أجل تحديد وقت التنفيذ، لا من أجل تعيين محل العقد.

(2) ـ تعريف العقد المستمر أو الزمني: العقد المستمر هو العقد الذي يعد الزمن عنصراً جوهرياً فيه، ويدخل في تحديد محله. ويكون العقد مستمراً إذا كان محله منفعة أو عملاً، فالمنفعة لا يمكن تقديرها إلا بمدة زمنية مهما قصرت، كما لا يمكن تصور العمل إلا مقترناً بمدة زمنية. ويستخلص من ذلك أن عقد الإيجار هو عقد مستمر، لأن محله هو المنفعة والأجرة، ومن ثم فإن الزمن هو عنصر جوهري فيه إذ من دونه لا يمكن تحديد مقدار تلك المنفعة. وكذلك عقد العمل، إذ  الزمن فيه عنصر جوهري، لأنه لا يمكن تحديد محله وهو تقديم العمل المتفق عليه مقابل الأجر إلا إذا كان مقيساً بالزمن. ويمكن للمتعاقدين ـ إذا كان الزمن لا يدخل في تعيين محل العقد ـ أن يتفقا على تكرار محل العقد بتجدد الزمن لمدة معينة أو غير معينة بحيث يصبح الزمن عنصراً جوهرياً فيه، وينتج من مثل هذا الاتفاق أن العقد ينقلب من عقد فوري إلى عقد زمني، كما في عقد التوريد، إذ الأصل فيه إمكانية تحديد الشيء محل العقد في كل مرة دون أن يتدخل الزمن في ذلك، ولكن الاتفاق على تكرار توريد الشيء ذاته عدة مرات تتجدد بتجدد فترات الزمن خلال المدة المتفق عليها يؤدي إلى تحويل العقد من عقد فوري إلى عقد زمني. ونتيجة ذلك فإن الفقه يميز نوعين من العقود المستمرة أو الزمنية، هما العقد المستمر ذو التنفيذ المستمر، ومثاله عقد الإيجار، والعقد المستمر ذو التنفيذ الدوري، ومثاله عقد التوريد.

ب ـ فوائد هذا التقسيم: يترتب على تقسيم العقود إلى عقود فورية وعقود مستمرة أو زمنية نتائج عدة، أهمها:

(1) ـ تطبق قاعدة الأثر الرجعي في الفسخ على العقد الفوري، في حين لا تطبق على العقد المستمر أو الزمني، وذلك لأن ما نفذ من العقد الفوري يمكن إعادته، أما ما نفذ من العقد المستمر فلا يمكن إعادته. ومن ثم ينتج الفسخ أثره في العقد المستمر للمستقبل فقط لا للماضي.

(2) ـ استحالة تنفيذ الالتزام في العقد الفوري بسبب القوة القاهرة مؤقتاً يؤدي إلى وقف تنفيذ العقد، وتبقى التزامات كل من الطرفين قائمة بلا نقصان حتى تزول القوة القاهرة، كما أنها قد تؤدي إلى انفساخ العقد إذا طالت مدة وقف العقد. أما في العقد المستمر فيترتب على التوقف طرح مدة التوقف من أصل مدة العقد المستمر. وبمعنى آخر فإن استحالة تنفيذ الالتزام في العقد المستمر تؤدي إلى انفساخ العقد كلياً أو جزئياً، لا إلى وقف تنفيذ الالتزام، كما في العقد الفوري.

(3) ـ إذا تأخر أحد المتعاقدين عن تنفيذ التزامه في عقد فوري، فمن حيث المبدأ، لا بد من إعذاره حتى يمكن المطالبة بالتعويض؛ في حين لا ضرورة للإعذار، في مثل هذه الحال، في العقد المستمر لعدم إمكانية تدارك ما فات من مدة لم ينفذ فيها العقد.

(4) ـ المجال الطبيعي لتطبيق نظرية الظروف الطارئة هو العقد المستمر. أما في العقود الفورية فلا تطبق هذه النظرية إلا إذا كانت مؤجلة التنفيذ.

(5) ـ لا يجوز لأي من المتعاقدين في العقد الفوري فسخ العقد، من حيث المبدأ، بإرادته المنفردة. أما في العقد المستمر المبرم لمدة غير محددة فالأصل أنه يجوز لأي من المتعاقدين إنهاء العقد بإرادته المنفردة، بشرط تبليغ المتعاقد الآخر برغبته في إنهاء العقد قبل مدة معقولة حتى يتمكن من تدبر أمره في الوقت المناسب.

7ـ عقود مناقشة حرة وعقود إذعان: يقوم هذا التقسيم على حرية المتعاقدين في مناقشة شروط العقد من عدمها.

أ ـ تعريف عقد المناقشة الحرة وعقد الإذعان:

(1) ـ تعريف عقد المناقشة الحرة: عقد المناقشة الحرة، أو عقد المساومة، هو العقد الذي يخضع للمناقشة الحرة من حيث إبرامه أو من حيث شروطه، إذ يشترك المتعاقدان بحرية في صوغ بنوده، كعقد البيع والمقايضة والقرض. والأصل في العقود أنها تخضع في إبرامها للمناقشة الحرة بين المتعاقدين استناداً إلى مبدأ سلطان الإرادة. ولكن في بعض الحالات يفرض أحد المتعاقدين شروطه على المتعاقد الآخر، كما في عقود الإذعان.

(2) ـ تعريف عقد الإذعان: عقد الإذعان هو العقد الذي لا يخضع للمناقشة الحرة لا من حيث إبرامه ولا من حيث تحديد شروطه، وإنما يفرض فيه أحد المتعاقدين شروطه على المتعاقد الآخر الذي يقتصر دوره على القبول بهذه الشروط أو رفضها من دون أن يكون له الحق في مناقشتها من أجل تعديلها. ومثال ذلك عقد الاشتراك لدى المؤسسة العامة للكهرباء، (نقض سوري، الغرفة المدنية الثالثة، قرار رقم 547/أساس 855، تاريخ 21/7/1996). وكذلك عقد الاشتراك لدى المؤسسة العامة للمياه، وعقود الاشتراك في خطوط الهاتف، وعقود النقل مع شركات النقل الجوي. وبالمقابل لا يعد عقد الأشغال العامة عقد إذعان على الرغم من أنه عقد إداري تضع الإدارة شروطه مسبقاً، ولا تقبل من حيث المبدأ نقاشاً بخصوصها، إلا أن الإدارة لا تحتكر أعمال المقاولة.(نقض مصري، 22/5/1954، مجموعة أحكام النقض، س5، ص 788).

 وبرزت عقود الإذعان مع ظهور الاحتكارات القانونية لحاجات متصلة بالمرافق العامة. ويستخلص من ذلك أن الطرف القوي اقتصادياً يفرض شروطه على الطرف الضعيف. ويجب توافر الشروط الآتية في العقد حتى يعد عقد إذعان:

> أن يكون محل العقد سلعة أو مرافق تعد من الضروريات الأولى للمستهلكين أو المنتفعين، أي لجمهور الناس، لا يمكنهم الاستغناء عنها في حياتهم المعيشية من دون ضيق أو حرج. ومن ثم فإن السلع الضرورية التي تكون محلاً لعقد الإذعان "هي تلك التي لا غنى للناس عنها، والتي لا تستقيم مصالحهم دونها، بحيث يكونون في وضع يضطرهم إلى التعاقد بشأنها، ولا يمكنهم رفض الشروط التي يضعها الموجب ولو كانت جائرة وشديدة". (نقض مصري، 12/3/1974).

> احتكار أحد المتعاقدين، وهو الموجب، لهذه السلعة أو المرافق سواء أكان احتكاره قانونياً أم فعلياً، بحيث لا يوجد من ينافسه في تقديم هذه السلع والمرافق للمستهلكين أو المنتفعين، أو أن المنافسة في ذلك محدودة.

> أن تكون صيغة الإيجاب الموجه لجمهور الناس واحدة لكل فئة منهم، ولمدة غير محدودة، أي على وجه الدوام.

ب ـ فوائد هذا التقسيم: وتظهر أهمية هذا التصنيف في النواحي الآتية:

(1) ـ إن المشرع أراد حماية الطرف الضعيف في عقد الإذعان. فالمادة (150 مدني سوري) تجيز للقاضي تعديل الشروط التعسفية في عقود الإذعان وإعفاء الطرف الضعيف منها، ويمنع الأفراد من الاتفاق على خلافها تحت طائلة البطلان.

(2) ـ تخضع عقود الإذعان غالباً لرقابة المشرع المسبقة، وذلك من أجل إقامة التوازن بين طرفي العقد، ولاسيما عندما يحاول الطرف القوي اقتصادياً التحكم في إرادة الطرف الآخر. وقد يدفع احتكار الشخص لسلعة أو خدمة تتصل بمرفق عام إلى فرض سعر ثابت لها مما قد يضر بمصلحة المستهلك، الأمر الذي دفع بالمشرع إلى ممارسة هذه الرقابة المسبقة على مثل هذه العقود.

(3) ـ إذا كانت عبارة العقد غامضة وفي حاجة إلى التفسير، ولم يتمكن القاضي من إجلاء ذلك الغموض والوصول إلى النية المشتركة للمتعاقدين، فعليه في مثل هذه الحال أن يفسر الشك لمصلحة المدين إذا كان العقد من عقود المناقشة الحرة. أما في عقود الإذعان فلا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في العقد ضاراً بمصلحة الطرف المذعن، وفقاً لما نصت عليه المادة (152) مدني.

 8ـ العقد البسيط والعقد المركب: يقوم هذا التقسيم على وحدة أو تعدد محل العقد.

أ ـ تعريف العقد البسيط والعقد المركب:

(1)ـ تعريف العقد البسيط: العقد البسيط هو العقد الذي يقتصر على نوع معين من العقود، كالبيع أو كإعلان في الصحف، إذاً يمكن أن يكون العقد البسيط عقداً مسمى أو عقداً غير مسمى. ولا يتغير وصف العقد البسيط إذا تعددت الأشياء التي ترد عليه ما دام موضوعه واحداً، فالبيع يبقى عقداً بسيطاً حتى لو كان المبيع أشياء عدة ما دام موضوعه هو انتقال ملكية المبيع مقابل الثمن المتفق عليه في العقد. ومعظم عقود الحياة اليومية هي عقود بسيطة.

(2) ـ تعريف العقد المركب: العقد المركب هو خليط من عدة عقود اجتمع بعضها إلى بعض فكونت عقداً واحداً، ومثال ذلك: العقد الذي يتم بين الفنادق الفخمة ونزلائها، إذ يؤمن الفندق إضافة إلى السكن الطعام والتنقل وأماكن مخصصة لإيداع ودائعهم، ومن ثم فإن هذا العقد هو مزيج من عقد إيجار، وعقد بيع، وعقد عمل، وعقد وديعة، إذ تجتمع هذه العقود كلها في عقد واحد هو عقد الإقامة في الفندق. ومثال ذلك أيضاً: العقد الذي يبرم بين صاحب المسرح أو الصالة وبين الجمهور، إذ يعد شراء بطاقة لحضور عرض مسرحي عقداً بين صاحب المسرح والشخص الذي يرغب في حضور العرض. وهذا الععقد هو اجتماع عقد إيجار المقعد، وعقد المقاولة المتعلق بحضور العرض المسرحي.

ب ـ فوائد هذا التقسيم: ليس لهذا التقسيم أهمية كبيرة من الناحية العملية، لأن العقد المركب تطبق عليه أحكام العقود المختلفة التي يتكون من مجموعها. فعقد الإقامة في الفندق، تطبق عليه أحكام عقد الإيجار بين صاحب الفندق والنزيل فيما يخص إقامته، وتطبق أحكام عقد البيع على ما يقدم له من أكل وشراب، وتطبق أحكام الوديعة فيما يخص حفظ أمتعته في الأماكن المخصصة لذلك في الفندق. ولكن إذا لم يمكن الجمع بين أحكام العقود التي يتكون منها العقد المركب نتيجة تعارضها وتباينها، فيجب في مثل هذه الحال تغليب أحد العقود وتطبيق أحكامه على العقد المركب، وذلك بحسبانه العنصر الأساسي في عملية التعاقد. ومثال ذلك: عقد الإيجار المفضي إلى البيع، وهو عقد بيع بثمن مؤجل يحتفظ فيه البائع بملكية المبيع ولا ينقلها إلى المشتري إلا بعد استيفاء الثمن كاملاً، حتى لو تم تسليم المبيع للمشتري. ولا يمكن الجمع بين أحكام البيع والإيجار في هذا العقد لأنها متباينة، ومن ثم لا بد من تغليب أحد العقدين على الآخر وتطبيق أحكامه على العقد المختلط. وقد غلب المشرع في المادة (398) مدني عنصر البيع على عنصر الإيجار في هذا العقد المختلط، ونص على تطبيق أحكامه حتى لو وصف المتعاقدان عقدهما بأنه عقد إيجار. وكذلك الحال في عقد الإيجار مع الوعد بالبيع الذي نصت عليه المادة (99) وما يليها من قانون التجارة الجديد لعام 2007. والإيجار مع الوعد بالبيع هو "عقد يقوم فيه شخص بإيجار تجهيزات صناعية أو آلات مهنية مع وعد المستأجر بيعه إياها عند انتهاء الإيجار مقابل ثمن محدد بتاريخ الإيجار يؤخذ فيه بعين الاعتبار ولو بصورة جزئية الأجور المدفوعة"، وفق ما جاء في المادة (99) من هذا القانون. وقد غلب المشرع عنصر الإيجار في هذا العقد، فأجاز للمؤجر أن يشهر ملكيته للتجهيزات والأدوات في سجل المتجر، ويشكل ذلك قرينة على ملكيته لها يحتج بها تجاه المستأجر وتجاه الغير، وفق ما نصت عليه المادة (100) من القانون المذكور.

9ـ العقود المدنية والعقود الإدارية: يقوم هذا التقسيم على أساس أطراف العقد ومدى تعلقه بمرفق عام.

أ ـ تعريف العقد المدني والعقد الإداري:

(1) تعريف العقد المدني: العقد المدني هو العقد الذي يبرم بين أشخاص القانون الخاص، أو بينهم وبين شخص من أشخاص القانون العام عندما لا يتعاقد بصفته صاحب سيادة. ومن ثم فإن هذا العقد يخضع لأحكام القانون المدني من حيث المبدأ. وقد يكون العقد المدني عقداً تجارياً، فيخضع لأحكام قانون التجارة.

ولا فرق بين العقد التجاري والعقد المدني من حيث الطبيعة، إذ جوهرهما واحد. وإنما الفرق بينهما هو من حيث القواعد التي يخضع العقد لها، فالعقد التجاري يخضع كما تقدم لأحكام قانون التجارة الذي يراعي ما تحتاج إليه التجارة من سرعة ومن ثقة تنعكسان على العقد التجاري، ولاسيما من حيث انعقاده ومن حيث إثباته. ويعد العقد تجارياً إذا أبرمه تاجر لغايات تجارته، أو إذا أبرم بهدف تحقيق الربح سواء أكان الشخص الذي أبرمه تاجراً أم لا. وقد نص قانون التجارة الجديد لعام 2007 على بعض العقود التجارية، وأهمها: عقد الرهن التجاري، وعقد النقل، والوكالة التجارية والسمسرة، والحساب الجاري، والأعمال المصرفية كالودائع والحوالات وإيداع الأسناد، وإيجار الصناديق، والاعتمادات المصرفية،

وتنتج من هذا التفريق بين العقد المدني والعقد التجاري، في القانون السوري، نتائج مهمة، أهمها:

> يخضع إثبات العقد المدني للقواعد العامة للإثبات المنصوص عليها في قانون البينات لعام 1947 وتعديلاته، في حين أن العقد التجاري لا يخضع إثباته لهذه القواعد، وإنما يجوز إثباته بجميع طرق الإثبات مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها في القوانين الخاصة، وفق ما نصت عليه المادة (104 من قانون التجارة لعام 2007).

> لا يعد السند العادي حجة على الغير في العقد المدني إلا من اليوم الذي يكون له تاريخ ثابت المادة (11/1 من قانون البينات)، ويعد كذلك من يوم مصادقة الكاتب بالعدل عليه، أو إدراج مضمونه في ورقة ثابتة التاريخ، أو تأشير موظف مختص عليه، أو وفاة واحد ممن لهم أثر عليه، أو من اليوم الذي يصبح مستحيلاً عليه أن يكتب أو يبصم نتيجة حادث أو مرض. أما في العقد التجاري فقد أجازت المادة (105 من قانون التجارة) إثبات تاريخ السند العادي حيال الغير بجميع طرق الإثبات.

> يكون الإعذار، في العقد المدني، بإنذار المدين بواسطة الكاتب بالعدل، ويمكن أن يتم عن طريق البريد، وفق ما ذهبت إليه المادة (221 مدني)، أما في العقد التجاري فيتم بإنذار رسمي، أو بإرسال برقية أو فاكس أو رسالة عادية أو مضمونة، ويجوز أن يتم شفوياً أو عن طريق الهاتف أو بأي وسيلة أخرى، ويثبت توجيه الإنذار بجميع وسائل الإثبات المقبولة في المواد التجارية.

> إذا تعدد المدينون في عقد مدني فلا يفترض التضامن بينهم، ولا يكون ذلك إلا بموجب اتفاق بين المتعاقدين، أما في العقد التجاري فالتضامن مفترض بينهم في مثل هذه الحال طبقاً لما جاء في المادة (109 من قانون التجارة لعام 2007).

> يجوز للقاضي تخفيض التعويض الاتفاقي في العقد المدني إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه أو أن الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه، كما يجوز له إعفاء المدين منه إذا أثبت هذا الأخير عدم إلحاق ضرر بالدائن، وفق ما نصت عليه المادة (225 مدني). أما في العقد التجاري فيجوز للقاضي إعفاء المدين من التعويض الاتفاقي في حال ثبوت عدم إلحاق ضرر بالدائن، ولكن لا يحق له تخفيض هذا التعويض حتى لو أثبت المدين أن تقديره كان مبالغاً فيه أو أن الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه، طبقاً لما نصت عليه المادة (107 من قانون التجارة لعام 2007).

> تتقادم الالتزامات الناشئة عن العقد المدني في حال عدم تنفيذها بمرور خمس عشرة سنة من حيث المبدأ طبقاً لما جاء في المادة (372 مدني)، أما في العقد التجاري فتتقادم بمرور عشر سنوات، وفق ما نصت عليه المادة (115 من قانون التجارة).

> إذا طالب الدائن في العقد المدني بفسخ العقد يمكن للمدين توقي ذلك بأن يقوم بتنفيذ التزامه بشرط ألا يلحق ذلك ضرراً جسيماً بالدائن، أما في العقد التجاري فإذا طالب الدائن بالفسخ وبقي متمسكاً به لا يقبل من المدين تنفيذ التزامه بعد ذلك، ومن ثم لا يستطيع أن يتوقى الفسخ، وفق ما ذهبت إليه المادة (113/2 من قانون التجارة). كما تمنع هذه المادة في الفقرة الأولى منها المحكمة من منح مهل للوفاء في المواد التجارية إلا في ظروف استثنائية للغاية، فقد تشددت أكثر من المادة (344/2 مدني) التي لم تشترط من أجل منح مهل للمدين أن تكون هناك ظروف استثنائية، وإنما أجازت هذا الأمر في حالات استثنائية. 

(2) ـ تعريف العقد الإداري: العقد الإداري هو العقد الذي يكون شخص من أشخاص القانون العام طرفاً فيه بصفته صاحب السيادة بهدف تسيير مرفق عام، وتنصرف نيته فيه إلى الأخذ بأحكام القانون العام، ومن ثم يتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص. ولا تعد جميع العقود التي تبرمها أشخاص القانون العام عقوداً إدارية، وإنما قد تبرم هذه الأشخاص عقوداً مدنية أيضاً، فتخضع هذه العقود لأحكام القانون الخاص، ولا تتصرف هذه الأشخاص في مثل هذه العقود بصفتها صاحبة السيادة. فلا يعد مثلاً عقد التخصص بالعقار المبرم بين البلدية، وهي أحد أشخاص القانون العام، وبين أحد الأفراد عقداً إدارياً، وإنما هو عقد عادي يخضع للقواعد العامة. (نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 582/ أساس 919، تاريخ 26/4/1997، الجزء الثالث، دار اليقضة العربية). وكذلك فإن إعلان الإدارة عن مزايدة لعدد من المحلات لا يتعارض مع أحكام القانون المدني، ولا يغير ذلك من طبيعة العقد المدنية، لأنه لا يستهدف تنظيم مرفق عام أو إدارته، أو تسييره أو استغلاله. (نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 845/ أساس 214، تاريخ 27/8/1995، والذي أكد قراري الهيئة العامة لمحكمة النقض رقم 3، تاريخ 4/1/1981، ورقم 57، تاريخ 16/5/1979). وبيع البلدية عقاراً من شخص بيعاً لا يتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة هو عقد عادي يخضع لأحكام القانون المدني. (نقض سوري، الغرفة المدنية الثانية، قرار رقم 1382/ أساس 1525، تاريخ 30/8/1998). واستقر الاجتهاد القضائي على أن المعيار المميز للعقد الإداري لا يكمن في صفة المتعاقدين، وإنما في موضوع العقد واتصاله بالمرفق العام اتصالاً مباشراً، إضافة إلى نية الشخص الاعتباري الأخذ بأسلوب القانون العام في وضع شروط غير مألوفة في القانون الخاص.(نقض سوري، الغرفة المدنية الثالثة، قرار رقم 1139/ أساس 1219، تاريخ 31/5/1998).

لا يعد العقد عقداً إدارياً إلا إذا توافرت فيه الشروط الآتية: أن تكون جهة من جهات الإدارة، كأحد أشخاص القانون العام، طرفاً فيه وذلك بصفتها صاحب السيادة؛ وأن يتصل العقد بمرفق عام اتصالاً مباشراً من حيث تنظيمه أو تسييره أو إدارته أو استغلاله؛ وأن يتضمن العقد شروطاً غير مألوفة في نطاق القانون الخاص، تمنح جهة الإدارة سلطة واسعة في تنفيذ العقد وفي تعديله وفي إنهائه.(نقض سوري، الغرفة المدنية الثالثة، قرار رقم 3285/ أساس 3865، تاريخ 8/11/2000).

ب ـ فوائد هذا التقسيم: يترتب على تمييز العقود المدنية من العقود الإدارية أن المنازعات الناشئة من العقد الإداري تكون من اختصاص القضاء الإداري لا من اختصاص القضاء العادي. ولا تطبق من حيث المبدأ الأحكام العامة للعقد المنصوص عليها في القانون المدني على العقد الإداري، وإنما يطبق القضاء الإداري عليها أحكاماً خاصة تنسجم مع طبيعة العقد الإداري الذي تكون الجهة الإدارية طرفاً فيه بصفتها صاحبة السيادة. ومن ثم فهي تتمتع بصلاحيات تخولها الحق في تعديل العقد وفي إنهائه في بعض الحالات بإرادتها المنفردة. كما يمكنها في حال امتناع المتعاقد معها عن تنفيذ التزاماته مصادرة التأمين، وفرض جزاءات مالية من دون حاجة إلى مراجعة القضاء من أجل الحصول على حكم بذلك.

ثالثاً ـ الوعد بالتعاقد:

تمر عملية التعاقد بمراحل عدة إلى أن يتم الوصول إلى ولادة عقد يرتب أثراً قانونياً ينشئ التزامات على عاتق أحد الطرفين على الأقل. وتبدأ هذه العملية عادة بمرحلة مفاوضات يمكن أن تكون بناءً على دعوة موجهة من أحد الطرفين إلى الآخر تتضمن رغبته في التعاقد بشروط قابلة للتفاوض. ولا تشكل مثل هذه الدعوة إيجاباً، ومن ثم لا يترتب عليها من حيث المبدأ أي أثر قانوني حتى لو لاقت قبولاً من الموجهة إليه. ولكن قد تتمخض هذه المفاوضات عن إيجاب بات يعبر فيه صاحبه عن رغبته في التعاقد بشروط محددة. وقد يقوم الإيجاب من دون حاجة إلى المرور في مرحلة المفاوضات. والإيجاب غير ملزم من حيث المبدأ، ما لم يكن مقترناً بميعاد للقبول. وقد تنتهي هذه المرحلة باقتران الإيجاب بقبول مشروط يعلق انعقاد العقد على تحريره في قالب مكتوب والتوقيع عليه، فلا ينعقد العقد إلا بإتمام تلك الإجراءات، ومن ثم يتعلق الأمر، في مثل هذه الحال، بمشروع عقد لا بعقد نهائي. وقد يسبق انعقاد العقد وعد بإبرام ذلك العقد مستقبلاً. والوعد بالعقد مرحلة متقدمة على مشروع العقد، وذلك لأنه يتضمن اقتران قبول بإيجاب بصورة نهائية. ومن ثم فهو عقد، ولكنه يتماز من العقد الموعود بإبرامه مستقبلاً.

1ـ تعريف الوعد بالتعاقد: تنص (المادة 102 مدني) على أن "1ـ الاتفاق الذي يعد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا ينعقد، إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه، والمدة التي يجب إبرامه فيها.

2ـ وإذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين، فهذا الشكل تجب مراعاته أيضاً في الاتفاق الذي يتضمن بإبرام هذا العقد". يتبين من نص هذه المادة أن الوعد بالعقد هو عقد يلتزم فيه أحد الطرفين، ويسمى الواعد، بإبرام عقد معين في المستقبل إذا رغب الطرف الآخر، ويسمى الموعود له، بذلك وأظهر رغبته في إبرام العقد خلال فترة محددة. ومثال ذلك إذا أراد أحد الأشخاص أن يهاجر إلى فرنسا في بداية العام الجديد، ومن ثم أراد أن يبيع جميع أملاكه ومن ضمنها البيت الذي يسكن فيه. فيستطيع أن يتفق مع جاره على أن يتنازل له عن منزله مقابل ثمن محدد إذا رغب هو في ذلك، وعبر عن رغبته قبل حلول العام الجديد. ومثال ذلك أيضاً من يستأجر عقاراً ليجعله مركزاً رئيساً لشركته التجارية لمدة خمس سنوات، وخشية عدم تجديد العقد، إذ أخضع القانون رقم 10 لعام 2006 مثل هذا العقد لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، استطاع المستأجر أن يستحصل من المؤجر على وعد بأن يبيع له ذلك العقار بثمن محدد إذا رغب هو في الشراء خلال مدة الإيجار. والأصل أن الوعد بالعقد هو عقد ملزم لجانب واحد هو الواعد، إذ يلتزم بإبرام العقد الموعود به إذا عبر الموعود له عن رغبته ضمن المدة المحددة لذلك. ولكن يستفاد من صياغة المادة ( 102 مدني) أن الوعد بالعقد يمكن أن يكون ملزماً للطرفين، كما لو استطاع المؤجر في المثال السابق أن يستحصل هو أيضاً من المستأجر على وعد بأن يشتري منه ذلك العقار بثمن محدد إذا رغب هو في بيعه خلال مدة الإيجار، فيكون مثل هذا الوعد ملزماً للطرفين معاً، المستأجر والمؤجر، فإذا عبر المؤجر عن رغبته في البيع يلتزم المستأجر بالشراء؛ وإذا عبر المستأجر عن رغبته في الشراء يلتزم المؤجر بالبيع. والقبول في الوعد بالعقد ينصب على الوعد ذاته، ولا علاقة له بالعقد الموعود به في الوعد بالعقد، فإن قبول الوعد بالبيع لا يعني قبول البيع ذاته، ومن ثم لا يترتب على الوعد بالبيع انتقال ملكية المبيع إلى الموعود له حتى لو كان قد قبل الوعد بالبيع.

ولا ينعقد الوعد بالعقد في الفقه الإسلامي، وذلك لأنه يشترط أن تكون صيغة الإيجاب والقبول مفيدة للبت في العقد بصورة لا تردد فيها ولا تسويف. ومن ثم إذا انتفت دلالة الصيغة على وقوع الارتباط والتعاقد فلا عقد ولا التزام. لذلك قرر الفقهاء أن الوعد بالبيع لا ينعقد به البيع ولا يلزم صاحبه قضاءً. ومن صور الوعد أن تقترن عبارة الإيجاب أو القبول بأداة تأخير وتسويف، كحرف السين أو سوف، طبقاً لما نصت عليه المادة ( 171 من مجلة الأحكام العدلية). أما إذا وقع العقد معلقاً وجوده على وجود شرط، أو يعقد بخيار لأحد الــطرفين كما لو تبايعا على أن يكون المشتري مخيراً إلى ثلاثة أيام (خيار الشرط)، فإن ذلك كله لا ينافي الجزم الواجب وجوده في صيغة العقد.

2ـ الفرق بين الوعد بالعقد والإيجاب الملزم: يختلف الوعد بالعقد عن الإيجاب الملزم من حيث الطبيعة القانونية، إذ الإيجاب الملزم هو تصرف من جانب واحد يلزم الموجب بالبقاء على إيجابه خلال الميعاد المعين لاقتران القبول به، فهو يقوم على الإرادة المنفردة؛ أما الوعد بالعقد فهو اتفاق بين إرادتين لا بد فيه من إيجاب وقبول. وعلى الرغم من هذا الاختلاف الجوهري بينهما من حيث الطبيعة، إلا أنهما يتشابهان كثيراً من حيث الأثر، إذ إن كليهما ملزمان ويؤدي القبول فيهما إلى انعقاد العقد. فالإيجاب الملزم إذا اقترن به القبول خلال الميعاد المحدد لذلك انعقد العقد؛ والوعد بالعقد إذا عبر الموعود له عن رغبته ضمن المدة المحددة يؤدي ذلك إلى انعقاد العقد الموعود به. ومع ذلك يتميز الوعد بالعقد من الإيجاب الملزم من حيث الأثر في أنه إذا مات الموعود له يستطيع ورثته المطالبة بحقه في الوعد الذي انتقل إليهم مع حقوق التركة، لأن الوعد بالعقد عقد ومن ثم فهو يورث. أما إذا مات من وجه إليه الإيجاب الملزم فلا يستطيع ورثته ممارسة القبول عنه، لأن القبول في مثل هذه الحال خيار وليس حقاً، والخيارات لا تورث، وإنما الحقوق وحدها تورث.

3ـ الفرق بين الوعد بالعقد والعقد الابتدائي: يلتقي الوعد بالعقد مع العقد الابتدائي في أن كليهما عقدان تامان لا ينعقدان إلا إذا اقترن قبول بإيجاب وتطابق معه تطابقاً كاملاً. كما يقترب الوعد بالعقد من العقد الابتدائي في أن كليهما يستهدفان أمراً آخر، فليس هما المطلوبين بذاتهما، وإنما يعدان خطوة نحو هدف نهائي. ومع ذلك فإن الوعد بالعقد يختلف عن العقد الابتدائي اختلافاً جوهرياً يتمثل في أن الوعد بالعقد وسيلة من أجل الوصول إلى العقد النهائي، وهو العقد الموعود بإبرامه مستقبلاً. فإذا عبر الموعود له عن رغبته ضمن المدة المحددة يؤدي ذلك إلى انعقاد العقد الموعود بإبرامه، وهو يختلف تمام الاختلاف عن الوعد بالعقد. والموعود له ليس ملزماً بإبرام العقد النهائي، وإنما له الخيار في ذلك مادام الوعد بالعقد ملزماً لجانب واحد؛ هو الواعد. ومن ثم فإن الوعد بالبيع ليس هو عقد البيع بذاته، ولا ينعقد البيع إلا إذا ارتضى به الموعود له في الوعد ضمن المدة المحددة. في حين أن العقد الابتدائي هو العقد ذاته المقصود في نهاية الأمر، ولكنه أبرم بصفة أولية من أجل إعادة صوغه لاحقاً بصيغة نهائية. ويتم اللجوء إلى العقد الابتدائي في التصرفات القانونية الواردة على الأشياء التي لا تنتقل ملكيتها إلا بالتسجيل في سجل معين، كالعقارات والسيارات والسفن والطائرات. ويتطلب التسجيل في مثل هذه الحالات بعض الوقت نتيجة ما يستلزمه من إجراءات فرضها المشرع. كما في بيع عقار مسجل في السجل العقاري، إذ لا تنتقل الملكية إلا بالتسجيل في السجل العقاري وفقاً لما نصت عليه المادة ( 825/1 مدني)، وهذه العملية تستغرق بعض الوقت، فيلجأ المتعاقدان إلى إبرام عقد بيع ابتدائي إلى أن يتمكنا من القيام بإجراءات التسجيل ونقل الملكية. وينتج هذا العقد جميع آثار البيع باستثناء نقل الملكية الذي لا يتم إلا بالتسجيل في السجل العقاري، الذي يعد إجراءً لاحقاً للعقد النهائي أو لحكم قضائي يقوم مقامه. زد على ذلك أن عقد البيع الابتدائي ينشئ التزاماً على عاتق البائع بالعمل على نقل ملكية العقار إلى المشتري. ويرى بعض الفقهاء أن العقد الابتدائي هو وعد بالعقد ملزم للجانبين. وقد انتقد فقهاء آخرون بحق هذا الخلط بين الوعد بالعقد وبين العقد الابتدائي، نظراً للاختلاف الموجود بينهما سواء من حيث الطبيعة أو من حيث الأثر، وفق ما سبق شرحه.   

4ـ شروط انعقاد الوعد بالعقد: مادام الوعد بالعقد عقداً فيجب أن تتوافر فيه الأركان العامة التي يقوم عليها كل عقد، وهي الرضا والأهلية، والمحل والسبب. لذلك لا بد من توافر إيجاب وقبول متطابقين، وصادرين من شخصين يتمتعان بالأهلية اللازمة لانعقاد الوعد بالعقد، وخاليين من عيوب الإرادة. ولا بد أن يكون العقد الموعود بإبرامه مشروعاً، كونه محل الوعد بالعقد. وأخيراً لا بد أن يكون للوعد سبب، وكون هذا السبب مشروعاً. ولكن لا يكفي توافر هذه الأركان لقيام الوعد بالعقد، وإنما حددت المادة ( 102 مدني) شروطاً خاصة أخرى لازمة لانعقاده، وتتلخص هذه الشروط بما يلي:

أ ـ الاتفاق على جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه في المستقبل: والمقصود بالمسائل الجوهرية هنا أركان العقد الموعود به وشروطه الأساسية التي يتوقف انعقاده عليها. فمثلاً إذا كان العقد الموعود به هو عقد بيع، فيجب أن يتم الاتفاق في الوعد بالعقد على المبيع وعلى الثمن بصفتهما من المسائل الجوهرية للبيع؛ وإذا كان عقد إيجار، فيجب الاتفاق على العين المؤجرة والأجرة.

ب ـ تحديد المدة التي يلتزم الواعد بإبرام العقد الموعود به خلالها إذا ارتضاه الموعود له: ويترتب على عدم تحديد هذه المدة بطلان الوعد بالعقد. (نقض سوري، الغرفة المدنية، قرار رقم 11، تاريخ 8/6/1974، منشور في مجلة المحامون، العددان 5 و6 لعام 1974، ص149). ولا يمكن أن تتجاوز هذه المدة في الوعد بالبيع العقاري خمس عشرة سنة، وفقاً لما نصت عليه المادة ( 899/2 مدني). ولكن لا يشترط أن ينص الوعد بالعقد صراحة على هذه المدة، إذ يمكن أن يكون الاتفاق عليها ضمنياً يمكن الاستدلال عليه من الظروف التي أحاطت بانعقاد الوعد بالعقد. ويدخل استخلاص هذه المدة في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع. ومثال ذلك أن يؤجر شخص شقة صغيرة في بناء يملكه لشخص آخر، ويعده في العقد أن يؤجر له بدلاً منها شقة أخرى أكبر منها مساحة مجرد أن يخليها أحد المستأجرين في البناء ذاته، فيكون الوعد صحيحاً على الرغم من عدم تحديد المدة صراحة، ومن ثم يمكن للقاضي أن يستخلص من ظروف هذا العقد المدة التي يلتزم فيها الواعد بوعده. وكذلك الحال إذا وعد المؤجر، في عقد الإيجار ذاته، المستأجر بأن يبيع له المأجور من دون أن يحدد مدة لذلك، فيمكن أن يستخلص من ظروف هذا الوعد أن مدة الوعد هي مدة الإيجار ذاتها.

ج ـ إذا كان انعقاد العقد الموعود به يستلزم توافر شكليات معينة، فيجب أن تتوافر هذه الشكليات في الوعد بالعقد أيضاً: فإذا كان انعقاد العقد الموعود به يحتاج إلى الكتابة فيجب أن يكون الوعد بالعقد مكتوباً أيضاً. فالقانون يشترط، في المادة ( 456/1 مدني)، أن تكون الهبة بسند رسمي تحت طائلة البطلان، ما لم تكن قد تمت تحت ستار عقد آخر. ومن ثم فالوعد بالهبة لا ينعقد إلا إذا كان بسند رسمي، وهذا ما أكدته المادة (458 مدني). والغاية من فرض هذا الشرط، كما هو واضح في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني المصري، هي عدم إتاحة الفرصة للاحتيال على القانون عن طريق الإفلات من الشكل الذي فرضه القانون لانعقاد عقد ما، وذلك بأن يعدل المتعاقدان عن إبرام العقد الذي يرغبان في الإفلات من الشكل الذي تطلب القانون إفراغه فيه، ويلجآ إلى إبرام وعد بالعقد المذكور من دون استيفاء الشكل المطلوب، ثم يحصلا على حكم قضائي بإتمام ذلك العقد دون مراعاة للشكل الذي فرضه القانون.

5ـ آثار الوعد بالعقد: إذا توافرت في الوعد بالعقد شروط انعقاده السابقة، فينعقد صحيحاً، ويجب تمييز مرحلتين  للأثر المترتب عليه، وهما:

أ ـ المرحلة التي تسبق إبداء الموعود له رغبته في إبرام العقد الموعود به: ينشئ الوعد التزاماً على عاتق الواعد بإبرام العقد الموعود به بمجرد أن يعبر الموعود له عن تلك الرغبة ضمن المدة التي يحددها الوعد صراحةً أو ضمناً. كما يرتب هذا الوعد في الآن ذاته حقاً شخصياً للموعود له يمكنه من مطالبة الواعد بإبرام العقد الموعود به إذا عبر عن رغبته خلال مدة الوعد. ومن ثم لا يؤثر موت الواعد أو الموعود له، من حيث المبدأ، في انعقاد العقد الموعود به في حال حصول الرضاء به خلال مدة الوعد. ويباشر الموعود له خياره في حال موت الواعد بمواجهة ورثته، فإذا عبر عن رغبته في إبرام العقد الموعود به ينعقد هذا العقد. أما إذا مات الموعود له قبل إظهار رغبته، انتقل حقه إلى ورثته ما لم يكن شخصه محل اعتبار، عندئذ يسقط الوعد بالعقد بموته. ويستخلص من ذلك أن الوعد بالعقد لا يرتب آثار العقد الموعود به، فالوعد ببيع شيء معين بالذات مثلاً لا ينقل ملكية هذا الشيء إلى الموعود له، ولا يلزم الموعود له بدفع الثمن بمجرد انعقاده، ولكنه ينشئ التزاماً على عاتق الواعد بإبرام العقد الموعود به إذا أظهر الموعود له رغبته في إبرامه خلال مدة الوعد. ويسقط الوعد بالعقد بانقضاء مدته من دون أن يعبر الموعود له عن رغبته في إبرام العقد الموعود به.

ب ـ المرحلة التي تلي إبداء الرغبة: ينعقد العقد الموعود به من تاريخ إبداء هذه الرغبة لا من تاريخ انعقاد الوعد. وأما في القانون المصري، فلا ينعقد العقد الموعود به إلا من تاريخ اتصال رغبة الموعود له بعلم الواعد خلال مدة الوعد. وإذا نكل الواعد يحق للموعود له أن يطالب بتنفيذ الوعد أمام القضاء إذا كانت الشروط اللازمة لانعقاد العقد الموعود به وخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة في الوعد، ويقوم حكم القاضي في مثل هذه الحال متى اكتسب الدرجة القطعية مقام العقد، وفقاً لما نصت عليه المادة ( 103 مدني). ويرى بعض الفقهاء أن عدم استيفاء الوعد بالعقد الشكل المطلوب في العقد الموعود بإبرامه لا يترتب عليه بطلان الوعد، وإنما لا يمكن للموعود له إذا أظهر رغبته في إبرام العقد الموعود به أن يحصل على حكم قضائي يقوم مقام العقد، إذا نكل الواعد، وبالمقابل يمكنه أن يطالب الواعد بالتنفيذ عن طريق التعويض. وهذا الرأي سديد ويجد سنداً في الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري. وإذا تبين أن الواعد قد تصرف بالشيء محل العقد الموعود به قبل انقضاء المدة المتفق عليها في الوعد، ثم أبدى بعد ذلك الموعود له رغبته في إبرام العقد الموعود به، فإذا كان هذا الشيء معيناً بالذات وكان المتصرف إليه حسن النية فإنه يملك هذا الشيء بموجب قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز؛ ولا يحق للموعود له في مثل هذه الحال سوى الرجوع على الواعد بالتعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة ذلك. أما إذا كان المتصرف إليه سيئ النية، فيحق للموعود له أن يستصدر حكماً من القاضي يقوم مقام العقد متى اكتسب الدرجة القطعية، وينتزع بموجبه الشيء من يد المتصرف إليه السيئ النية. أما إذا كان الوعد ببيع عقار مسجل في السجل العقاري، فلا يسري بحق الغير حسن النية إلا من تاريخ تسجيله تسجيلاً احتياطياً في السجل العقاري، طبقاً لأحكام المادة (900 مدني). وتمنع المادة (901 مدني) الواعد ببيع عقار، في الميعاد المعطى للموعود له لتقرير اختياره، من بيعه أو من إنشاء أي حق عيني عليه غير التأمين.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد حشمت أبو ستيت، نظرية الالتزام في القانون المدني الجديد، الطبعة الثانية (مطبعة مصر، القاهرة 1954).

ـ سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني ـ2ـ، في الالتزامات ـ المجلد الأول: نظرية العقد والإرادة المنفردة، (1987).

ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، المجلد الأول (القاهرة، بلا تاريخ).

ـ عبد الفتاح عبد الباقي، موسوعة القانون المدني المصري، نظرية العقد والإرادة المنفردة ـ دراسة معمقة ومقارنة بالفقه الإسلامي (1984).

ـ عبد المنعم البدراوي، النظرية العامة للالتزامات في القانون المصري، الجزء الأول، مصادر الالتزام (القاهرة 1975).

ـ مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري، نظرية الالتزام العامة ـ1ـ المصادر، العقد والإرادة المنفردة، طـ 4، (مطبعة دار الحياة، دمشق 1964).

ـ مصطفى الزرقاء، الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد، الجزء الأول : المدخل الفقهي العام، المجلد الأول، الطبعة السادسة، (مطبعة جامعة دمشق، 9591)

ـ محمد وحيد الدين سوار، شرح القانون المدني، النظرية العامة للالتزام، الجزء الأول مصادر الالتزام، 1، المصادر الإرادية، و2ـ المصادر غير الإرادية (مطبعة رياض، دمشق 1982ـ1983).

ـ محمود جلال حمزة، التبسيط في شرح القانون المدني الأردني، الجزء الثاني، مصادر الحق الشخصي والالتزام (1996).

- J. FLOUR,  J.-L. AUBERT et E. SAVAUX, Les obligations, I, L’acte juridique, 10 éd., (Armand Colin, Paris, 2002).

- Ch. LARROUMET, Droit civil, Tome 3, Les obligations, Le contrat, 3e édition, (Economica-Delta, 1996).

- H., L.J. MAZEAUD, et  F. CHABAS, Leçon de droit civil, Tome II, Volume I, Obligations- théorie générale, 9ème édition, (Delta, 2000).

- F. SALEH , L’exception d’inexécution en droit comparé français et syrien, Thèse, (Toulouse, 2000).

- F. TERRÉ , Ph. SIMLER et Y. LEQUETTE, Droit civil, Les obligations, 8ème édition, (Dalloz, 2002).

 


التصنيف : القانون الخاص
النوع : القانون الخاص
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 133
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 567
الكل : 31708501
اليوم : 63083