logo

logo

logo

logo

logo

عقد السمسرة (الدلالة)

عقد سمسره (دلاله)

brokerage contract - contrat de courtage

 عقد السمسرة (الدلالة)

عقد السمسرة (الدلالة)

إيمان نابوش

عقد السّمسرة وخصائصه

حقوق السّمسار

التزامات السّمسار

السّمسار في سوق الأوراق المالية

 

أولاً ـ عقد السّمسرة وخصائصه:

نظّم المشرع السوري السّمسرة brokerage في المواد (174ـ180) من قانون التجارة رقم /33/ لعام 2007. والسّمسرة بالتعريف هي عقد يلتزم بمقتضاه شخص يدعى السّمسار أن يرشد شخصاً آخر إلى فرصة لعقد اتفاق ما أو أن يكون هو وسيطاً له في مفاوضات التعاقد وذلك مقابل أجر. فالسّمسرة بداية هي عقد رضائي يشترط لصحته توافر عناصر الرضا، المحل، السبب والأهليّة من دون حاجة إلى إفراغه في شكليّة قانونية معينة ما لم يتطلّب القانون ذلك استثناءً. السمسرة كذلك من عقود المعاوضة بحيث يستحق السمسار أجراً عن الخدمات التي يؤديها لعميله. وينصب عقد السّمسرة على أعمال ماديّة قوامها إرشاد العميل ونصحه للتعاقد في ظلّ ظروف معينة. ولا يشترط في العقد الذي يتوسط لإبرامه السّمسار أن يكون تجارياً إذ قد يتعدى عمله إلى العقود المدنية. ولكن سواء أكانت الصفقة التي توسط في إبرامها مدنية أم تجارية وسواء قام بالسّمسرة على نحو تجاري مفرد أم على نحو مشروع فإن عقد السّمسرة بالنسبة إلى السّمسار يعد دائماً بحكم القانون من العقود التجارية وتسري عليه القواعد المنصوص عليها في قانون التجارة ويخضع لحريّة الإثبات. والسبب في ذلك أن السمسار يسهم في تداول الثروات بقصد تحقيق الربح. أمّا بالنسبة إلى المتعاقد الآخر (العميل) فإن ماهيّة العقد وما إذا كان يعدّّ عملاً مدنياً أو تجارياً يعتمد على صفة العميل وطبيعة الصفقة التي يهدف إلى إبرامها. وفي حال عدم وجود نص في قانون التجارة فإن قواعد الوكالة بوجه عام هي التي تسري على السّمسرة.

يعد عقد السّمسرة من عقود الوساطة إذ تقتصر مهمة السّمسار على التقريب بين الطرفين وتسهيل المفاوضات بينهما من دون مناقشة بنود العقد، ومن دون تمثيل أي منهما أو التوقيع لحساب أحدهما. فالسّمسار يبقى غريباً عن العقد الذي توسط لإبرامه وبهذا يختلف عمل السّمسار عن عمل كل من الوكيل العادي والوكيل بالعمولة اللذين يؤديان كذلك وظيفة التوسط بين المتعاملين، بيد أن الوكيل العادي والوكيل بالعمولة ينوبان عن الموكل في إبرام العقد. ومع ذلك في بعض الأحيان قد يسهم السّمسار في صياغة العقد لحساب الطرفين معاً أو في تقريب وجهة نظرهما أو الشهادة على اتفاق الطرفين، وقد يتم تكليفه بإبرام العقد في الحالة الأخيرة فيكتسب صفة الوكيل إضافة إلى صفة سمسار. كذلك تختلف الطبيعة القانونية لعلاقة السّمسار بعميله عن تلك التي تقوم بين الممثل التجاري وعميله في أنّ السّمسار بخلاف الأخير لا يتبع لعميله ولا تقوم العلاقة بينهما على التبعيّة والرقابة والتوجيه.

ثانياً ـ حقوق السّمسار:

1ـ الأجر: يستحق السمسار الأجر إذا نجح في إتمام مهمته بأن أدت مساعيه إلى أبرام العقد ولو لم يتم تنفيذه. ويطلق على الأجر الذي يستحقه السّمسار اسم السّمسرة أو العمولة. وفقاً لأحكام المادة (175) من قانون التجارة رقم /33/ فإن الأصل أن يتم تعيين الأجر باتفاق الطرفين حيث يكون نسبة مئوية من قيمة الصفقة أو قد يتم تحديده بمبلغ مقطوع. كذلك قد يتم تحديده بموجب تعرفة رسمية. وفي حال عدم وجود اتفاق أو تعرفة رسمية فإن الأجر يتم تحديده بمقتضى العرف السائد في المكان الذي يتم فيه التوسط. ولكن إذا لم يكن ثمة اتفاق أو عرف سائد فإن تقدير الأجر يعود إلى القاضي بحسب ظروف كلّ حالة مع مراعاة ما إذا كان السّمسار محترفاً لمهنة السّمسرة أو قام بالوساطة عن طريق المصادفة. الأصل أن تُحترم رغبة الأطراف في تحديد قيمة السّمسرة أو العمولة إلا أنه إذا تبين أن هذه القيمة لا تتناسب مع ماهيّة العملية والجهود التي تستلزمها عندئذٍ يحق للقاضي أن يخفض الأجر إلى مقدار الأجر العادل للخدمة المؤدّاة وذلك حماية للعميل الذي يفترض أن يكون أقلّ خبرة ودراية بأمور تنفيذ الصفقة من السمسار. ولاستحقاق الأجر يشترط بداية وجود عقد سمسرة يربط السّمسار بالوكيل. ففي حال لم يكن السّمسار مفوضاً من أي من الطرفين، فإن الأخير لا يستحق أجراً مهما كانت الجهود التي بذلها. ويعد المسؤول عن دفع الأجر هو الطرف الذي فوّض السّمسار في السعي إلى إبرام العقد، فإذا صدر التفويض من كلا الطرفين كان كلّ منهما مسؤولاً تجاهه بغير تضامن فيما بينهما، وإذا اتفق طرفا العقد أن يتحملّ أحدهما الأجر بكامله فإن هذا الاتفاق يقتصر أثره على العلاقة بين الطرفين ولا يمنع ذلك السّمسار من مطالبة كل منهما بالأجر المترتب عليه. ويشترط ثانياً لاستحقاق الأجر أن تؤدي المعلومات التي أعطاها السّمسار أو المفاوضة التي أجراها إلى عقد الاتفاق فإذا أخفق في مسعاه ولم تؤدِّ وساطته إلى إبرام العقد فإنه لا يستحق الأجر، كذلك إذا كان الاتفاق معلّقاً على شرط واقف فلا يستحق الأجر إلاّ بعد تحقق هذا الشرط. وإذا حددت مدة لإبرام العقد الذي يتوسط فيه السّمسار ولم يتمكن الأخير من إبرام العقد خلال هذه المدة فإنه يفقد حقه بالأجر ولو تم إبرام العقد بعد ذلك. وأخيراً يشترط لاستحقاق الأجر أن يكون إبرام العقد بين الطرفين قد تم نتيجة للجهود التي بذلها السّمسار، فإذا تم إبرام العقد من دون تدّخل من السّمسار أو بواسطة شخص آخر فإن السّمسار لا يستحق أي أجر. هذا ويستحق السّمسار الأجر بغض النظر عن تنفيذ العقد أو فسخه أو إبطاله لسبب ما إلاّ إذا ثبُت الغش أو الخطأ من جانبه.

2ـ استرجاع النفقات والمصاريف: قد يتكلّف السّمسار في سياق توسطه لمصلحة العميل بمصاريف ونفقات متعلقّة بالمهمة الموكولة إليه. في هذه الحالة يحق للسّمسار استرجاع النفقات التي صرفها إذا تم الاشتراط مقدماً على ذلك ولو لم يتم إبرام الاتفاق الذي توسّط لإتمامه (المادة 176 من قانون التجارة رقم /33/). 

3ـ التعويض إذا ألغيت الوكالة من دون سبب مشروع: إن السّمسار لا يستحق الأجر إذا لم يتم التوصل إلى إبرام العقد، ولكن السّمسار قد يكون أدى مهمته وقدم لعميله شخصاً يرغب بالتعاقد معه بالشروط التي تطلبها ولكن بسبب خطأ العميل أو سوء نيته أو تعنّته أو عدوله عن تنفيذ المشروع أو أي سبب آخر غير مشروع لم يتم إبرام العقد. في هذه الحالة يحق للسمسار مطالبة العميل بالتعويض عمّا بذله من جهد وعن الضرر اللاحق به والربح الذي فاته وذلك بحسب القواعد العامة. وقد يكون التعويض مساوياً للأجر الذي كان يستحقه أو قريباً منه.

الجدير بالذكر أنّ السّمسار إذا عمل لمصلحة المتعاقد الآخر غير الذي وكّله وذلك بما يخالف التزاماته تجاه عميله فإنه يفقد كل حق في الأجر وفي استرجاع النفقات التي صرفها. كذلك إذا حمل السّمسار المتعاقد الآخر على وعده بأجر ما في ظروف تمنع فيها قواعد حسن النية من أخذ هذا الوعد فإنه يفقد الحق في الأجر وبقية المصاريف التي كان يستحقّها.

ثالثاً ـ التزامات السّمسار:

يترتب على السّمسار نوعان من الالتزامات: التزامات عقديّة منبثقة من كون السّمسرة هي في الأصل عقد يخضع  للقواعد العامة في العقود، والتزامات قانونية تمليها طبيعة عقد السّمسرة وما يقتضيه هذا العقد من خصوصيّة.

يتوجب على السّمسار أن يبذل في العمل الموكل إليه عناية السّمسار العادي؛ إذ يتوجب عليه أن يوفر لعميله المعلومات الضرورية للصفقة ويكون مسؤولاً تجاه الأخير إذا قدم له معلومات غير صحيحة عن حالة السّوق فحمله على التعاقد بشروط ضارة به. إضافة إلى ذلك لا يجوز للسّمسار أن يعمل لمصلحة المتعاقد الآخر إذا كان ذلك يخالف مبدأ حسن النية. كذلك يحظر على السّمسار أن يجعل من نفسه طرفاً ثانياً في العقد مع من وسّطه سواء كان ذلك باسمه الشخصي أم باسم مستعار؛ لأن ذلك قد يهيّئ الظروف لتضارب المصالح. إلاّ أن هذا الحظر يزول إذا تم الاتفاق بين السّمسار وعميله أو أن الأخير أجاز للسّمسار أن يكون طرفاً في العقد. وفي الحالة الأخيرة لا يستحق السّمسار الأجر لأنه لم يبذل الجهد في إيجاد نفسه طرفاً في العقد. 

يتوجب على السّمسار أن يسجل في دفاتره جميع المعاملات التي توسط لإتمامها مع نصوصها والشروط الخاصة بها. كما يتوجب عليه أن يحتفظ بجميع الوثائق المختصة بهذه المعاملات وأن يعطي صورة طبق الأصل عنها لكل من يطلبها من المتعاقدين. وفي حال أي خلاف متعلّق بهذه المعاملات بين الأطراف فإن للمحكمة أن تطلب إبراز هذه الدفاتر والوثائق لتستعين بها لحل الخلاف. وأوجب القانون على السّمسار الذي يتوسط لبيع بضائع بمقتضى عينة أن يحتفظ بهذه العينة إلى أن تتم عملية البيع.

كما سبق القول فإن السّمسار لا يُسأل عن تنفيذ العقد وبالتالي لا يضمن يُسر طرفي العقد. ولكن في حال توسطه لأشخاص اشتهروا بعدم ملاءتهم أو يعلم بعدم أهليّتهم فإنه يكون قد ارتكب خطأ يرتب مسؤوليته، وفي هذه الحالة فإن السّمسار يعاقب بعقوبة الاحتيال المنصوص عليها في المادة (641) من قانون العقوبات العام.

رابعاً ـ السّمسار في سوق الأوراق المالية:

لقد نص المشرّع على أن تخضع عمليات التوسّط والسّمسرة في أسواق الأوراق المالية أو بورصات البضائع للأحكام والقوانين الخاصة بكلّ منها. ففي ما يتعلّق بسماسرة الأوراق المالية فإن نظام التعامل بين الوسطاء وعملائهم رقم /68/ تاريخ 25/ 5/ 2009 قد أورد بالتفصيل الالتزامات الواجبة عليهم والمسؤوليّات التي قد تترتب في حال خرق هذه الالتزامات، إضافة إلى تنظيمه لعلاقة الوسطاء مع عملائهم. الجدير بالذكر أنه تبعاً لاختلاف طبيعة عمل السماسرة وتعاقداتهم في سوق الأوراق المالية فإن دورهم يختلف اختلافاً عاماً حيث ينتهي دور السماسرة العاديين بمجرد الاتفاق بين العميل والطرف الآخر، السماسرة في أسواق الأوراق المالية فإنهم يتلقون أوامر عقد الصفقة من عملائهم ويقومون بتنفيذها، كذلك يقومون بمهمة الوكلاء بالعمولة حيث يبرمون الصفقات باسمهم الخاص من دون ذكر أسماء العملاء. لذلك فإن السّمسرة أو الوساطة في سوق الأوراق المالية تكون قاصرة على الوسطاء المرخّص لهم بموجب القانون للقيام بذلك. فمثلاً يعدّ السّمسار في هذه السوق مسؤولاً تجاه الغير عن سلامة الأوراق المالية موضوع العملية، وعن صحة إمضاء البائع وتترتب مسؤوليته إذا كان جاهلاً للشروط اللازمة لتداول الأوراق المالية المكلف ببيعها لحساب العميل، إضافة إلى مسؤوليته عن جميع مراحل العملية التي قام بها حتى تاريخ تنفيذها. وبالنسبة للمشرّع السوري فإنه نصّ على نظام للتعامل بين الوسطاء وعملائهم وعلى نظام لقواعد التداول في سوق دمشق للأوراق المالية  القرار رقم /231/ تاريخ 7/1/2009 كذلك وضع تعليمات لتعامل الأعضاء بالأوراق المالية القرار رقم /401/ ـ لعام 28/5/2009.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ إلياس حداد ومحمد سامر عاشور، القانون التجاري (برّي ـ بحري ـ جوّي) (منشورات جامعة دمشق، 2006).

ـ إلياس حداد، القانون التجاري (منشورات جامعة دمشق، 1992).

ـ سحر رشيد حميد النعيمي، الاتجاهات المختلفة في تنظيم الوكالة التجارية (دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2004).

ـ جاك يوسف الحكيم، الحقوق التجارية ـج2 (جامعة دمشق، 1993).

ـ مصطفى كمال طه، العقود التجارية وعمليات البنوك (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2006).

ـ مصطفى كمال طه وعلي البارودي، القانون التجاري (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2001).

ـ مصطفى كمال طه، القانون التجاري (الدار الجامعية، 1991).

ـ مصطفى كمال طه، الوجيز في القانون التجاريـ ج1 (منشأة المعارف، الإسكندرية 1966).

ـ محمد فريد العريني، القانون التجاري اللبناني (الدار الجامعية، 1985).

ـ محمد فريد العريني، القانون التجاري ـ ج1 (دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية 1995).

ـ عبد الباسط كريم مولود، تداول الأوراق المالية (دراسة قانونية مقارنة) (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2009).


التصنيف : القانون التجاري
النوع : القانون التجاري
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 275
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 481
الكل : 31571256
اليوم : 6111