logo

logo

logo

logo

logo

عقود الغرر

عقود غرر

aleatory contracts - contrats aléatoires

 عقود الغرر

عقود الغرر

محمد سامر قطان

المقامرة والرهان

عقد التأمين

 

نظم المشرع السوري أحكام عقود الغرر Contrats aléatoires في الباب الرابع من الكتاب الثاني (العقود المسماة) في المواد من (705) حتى (737) من القانون المدني الصادر المرسوم التشريعي رقم (84) تاريخ 18 أيار 1949. وخصص الفصل الأول: للمقامرة والرهان، والفصل الثاني: للمرتب مدى الحياة، وأخيراً الفصل الثالث: لعقد التأمين. وهذه العقود تشكل في مجموعها ما يسمى بعقود الغرر. والغرر لغة: اسم مصدر من التغرير، وهو الخطر والخدعة وتعريض المرء نفسه أو ماله للتهلكة. واصطلاحاً: هو ما يكون مستوراًَ أو مجهولَ العاقبة، كدخول شخص في معاملة يجهل نتائجها؛ فيكون عندها أمام احتمال الربح والخسارة.

أولاًـ المقامرة والرهان

1ـ تعريف المقامرة والرهان

المقامرة Le jeu هي عقد يتعهد بموجبه كل مقامر أن يدفع ـ في حال خسر المقامرة ـ للمقامر الآخر الذي يكسبها مبلغاً من النقود أو أي شيء آخر يتفق عليه. ويَعدّ المشرِّعُ قماراَ جميعَ الألعاب التي يتغلب فيها الحظ على المهارة والفطنة، وخاصة "الروليت والبكارا والفرعون والبتي شفو والبوكر المكشوف"، وكذلك كل ما يتفرع من هذه الألعاب أو يماثلها من ألعاب أخرى (المادة 618 قانون العقوبات). أما الرهان Le pari فهو عقد يتعهد بموجبه كل من المتراهنين أن يدفع ـ في حال لم يصدق قوله في واقعة ما غير محققة ـ للمتراهن الآخر الذي يصدق قوله فيها؛ مبلغاً من النقود أو أي شيء آخر متفق عليه بينهما.

2ـ التمييز بين المقامرة والرهان

يتفق عقد المقامرة مع عقد الرهان من حيث إن حق المتعاقد في كل منهما يتوقف على واقعة غير محققة، وهي تتمثل بأن يكسب المقامر اللعب في المقامرة، وفي أن يصدق قول المتراهن في الرهان. وتفترق المقامرة عن الرهان من حيث إن المقامر يقوم بدورإايجابي في سبيل تحقيق الواقعة غير المحققة، كما يحصل مثلاً في ألعاب الورق المعروفة كالبوكر وغيرها. أما المتراهن فدوره سلبي بحت، فهو لا يقوم بأي دور في محاولة تحقيق صدق قوله، كما لو تراهن ـ مثلاًـ مجموعة من الجمهور على فوز فريق من الفرق الرياضية المشاركة في كأس العالم في كرة القدم أو خسارته، أو في غيرها من البطولات أو الألعاب الرياضية.

3ـ حكم المقامرة والرهان في التشريع السوري

حرّم المشرع من حيث المبدأ كلاً من المقامرة والرهان، وذلك نظراً لمخالفة الاتفاق في كل منهما للنظام العام والآداب العامة، ولآثاره الخطرة في المجتمع، فكثيراً ما ينتج من المقامرة والرهان دمار للبيوت العامرة، وعصف للأسر الآمنة، وسقوط في براثن الفقر والعوز، وكثيراً ما ينصرف المقامر أو المتراهن عن كل عمل منتج، ولا يسعى إلى كسب المال والربح سوى عن طريق الحظ أو المصادفة، ومن دون أي كد أو عمل. وقد أيّدَ المشرع تحريم المقامرة والرهان بمؤيد مدني وآخر جزائي، ولم يستثنِ من ذلك سوى بعض الحالات.

أ ـ المؤيد المدني (بطلان المقامرة والرهان): قضى المشرع بكل صراحة ووضوح ببطلان كل اتفاق خاص بمقامرة أو برهان (المادة 705/1 من القانون المدني)، ورَتب على هذا البطلان نتائج قانونية مهمة تكمن من جهة في عدم جواز إلزام من خسر في مقامرة أو في رهان بأداء ما كان قد التزم به، ومن جهة أخرى في جواز استرداد الخاسر لما يكون قد أداه من خسارة، وذلك في مهلة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الأداء، وسمح المشرع للطرف الخاسر أن يثبت ما أداه من خسارة بجميع وسائل الإثبات؛ بما في ذلك البينة الشخصية والقرائن، حتى لو كان هناك اتفاق يقضي بغير ذلك (المادة 705/2 من القانون المدني).

ب ـ المؤيد الجزائي: لم يقتصر المشرع على الجزاء المدني المتمثل ببطلان كل اتفاق خاص بمقامرة أو برهان، بل فرض علاوة على ذلك عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، والغرامة من مئة إلى ألف ليرة سورية على كل من تولّى محلاً للمقامرة أو نظّم ألعاب مقامرة ممنوعة، وسواء كان ذلك في محل عام أو مباح للجمهور أم في منزل خاص اتخذ لهذه الغاية؛ وعلى الصرافين ومعاونيهم والمديرين والعمال والمستخدمين، ويطبق على المذكورين تدبير منع الإقامة، وإذا كانوا من الغرباء (أي من غير السوريين) استهدفوا للطرد من الأراضي السورية، كما ويصادر ـ فضلاً عن الأشياء التي نجمت عن الجرم أو استعملت أو كانت معدة لارتكابه ـ الأثاث وسائر الأشياء المنقولة التي فرش المكان وزين بها، ويمكن الحكم أيضاً بإقفال المحل (المادة 619 من قانون العقوبات). أما من اشترك باللعب في أي من الأماكن المذكورة أعلاه، أو فوجئ فيها في أثناء اللعب، فيعاقب بغرامة من مئة إلى مئتي ليرة فقط (المادة 620 من قانون العقوبات).

ج ـ الاستثناءات: استثنى المشرع من تحريم الرهان والمقامرة الحالتين التاليتين:

1ـ الرهان الذي يتم في الألعاب الرياضية فيما بين المتبارين شخصياً: فباعتبار أن الألعاب الرياضية تقتضي مهارات معينة ولا تعتمد ـ من حيث المبدأ ـ على الحظ أو المصادفة؛ فقد أجاز المشرع الرهان فيها، وجعل لمن كسب اللعبة (أو المباراة) أن يلزم من خسرها بأداء قيمة هذا الرهان المتفق عليها، ولكن منح القانون للقاضي سلطة تقديرية في أن يخفض قيمة الرهان هذه المتفق عليها من قبل المتبارين؛ إذا تجاوزت الحد المعقول (المادة 706/1 من القانون المدني).

2ـ أوراق اليانصيب المرخصة: وكذلك استثنى المشرع من تحريم الرهان والمقامرة ما يتم ترخيصه من أوراق اليانصيب (المادة 706/2 من القانون المدني).

ثانياًـ عقد التأمين

ا ـ نشأة التأمين:

التأمين هو عقد حديث العهد نسبياً إذا ما قورن بغيره من العقود المسماة التي نظمها المشرع بأحكام قانونية خاصة. ولعل التأمين التجاري البحري أول صورة من صور التأمين التي ظهرت في بادئ الأمر في الدول الغربية؛ تأميناً للمخاطر التي كانت تتعرض لها السفن المحملة بالبضائع في عرض البحار والمحيطات. ومع بداية الثورة الصناعية وانتشار الآلات في القرن التاسع عشر انتشر التأمين وتنوعت صوره حتى شملت جميع نواحي الحياة، وظهر بالتالي عدد كبير من شركات التأمين التي تؤمن على الأشخاص وعلى البضائع والأموال بحراً وبراً وجواً.

وقد ازدادت أهمية التأمين في العصور الحديثة تبعاً لازدياد المخاطر وتكاثرها وتعاظمها وتنوعها، وتبعاً لأسبابها، وتبعاً لجسامة الخسائر والأضرار الناجمة عنها.

وفي القرن التاسع عشر بدأ التأمين التجاري بالانتشار تباعاً في الدول العربية نتيجة اتساع التبادل التجاري بين الغرب والشرق وتأثير التجارة.العالمية أو الدولية.

وأصبح التأمين مرتبطاً بجميع جوانب الحياة المعاصرة؛ حتى إن أكثر دول العالم تجبر رعاياها على بعض أنواع التأمين، كتأمين المركبات من الحوادث.

وفي سورية، يمكن القول: إن جذور التأمين تعود إلى عهد الانتداب الفرنسي حين صدر عن المفوض السامي عام 1926 القرار رقم (96) الذي قضى بتنظيم عمل وكالات الشركات الأجنبية للتأمين. وبعد الاستقلال صدر المرسوم رقم (112) لعام 1949 القاضي بتنظيم عمل شركات التأمين الوطنية. وفي عهد الوحدة بين سورية ومصر صدر القانون رقم (95) لعام 1959 الذي تناول أسس تنظيم هيئات التأمين في الجمهورية العربية المتحدة. وفي عام 1961 صدر القانون رقم (117) الذي قضى بتأميم شركات التأمين في سورية، ومن ثم نشأت المؤسسة العامة السورية للتأمين، وكانت المؤسسة الوحيدة المخولة بممارسة أعمال التأمين في الجمهورية العربية السورية؛ إلى أن صدر المرسوم التشريعي رقم (43) لعام 2005 الذي سمح للشركات الخاصة بممارسة أعمال التأمين ضمن الشروط التي حددها. وإلى جانب هذه النصوص الخاصة وغيرها نظّم المشرع السوري أحكام التأمين بشكل عام وأساسي في القانون المدني المواد من (713) إلى (737)، وإلى هذا أشارت المادة (714) بقولها إن: "الأحكام المتعلقة بعقد التأمين التي لم يرد ذكرها في هذا القانون تنظمها القوانين الخاصة".

2ـ تعريف التأمين:

التأمين لغةً، من أمّن، أي اطمأنّ وزال خوفه، مصدره أمَّن يؤمَّن مأخوذة من الاطمئنان الذي هو ضد الخوف، ويقال أمَّنهُ تأميناً وائتمنه واستأمنه، وورد في التنزيل العزيز الحكيم: }وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْف{ (قريش 4).

ويطلق على عقد التأمين أحياناً لفظ "السوكرة" وهو لفظ شائع بين عامة الناس في بعض المجتمعات، وهو مستمد من الكلمة الفرنسية Sécurité ومعناها الأمان والاطمئنان.

والتأمين اصطلاحاً: هو عقد بين طرفين، بموجبه يلتزم الأول ويسمى المؤمِّن (وهو عادةً شركة تأمين) بأن يؤدي إلى الثاني ويسمى المؤَمَّن له (أو المستأمن) أو لمن يعينه (ويسمى المستفيد) مبلغاً من المال عند وقوع الحادث أو الخطر المؤمن منه، وذلك في مقابل قسط أو أقساط مالية محددة يؤديها المؤَمَّن له إلى المؤمِّن.

وعرّفه القانون المدني بقوله "التأمين عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له، أو إلى المستفيد الـذي اشترط التأمين لصالحه؛ مبلغاً من المال أو إيراداً مرتباً أو أي عوض مالي آخر؛ في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد، وذلك لقاء قسط أو أي دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن".

3ـ خصائص التأمين:

 يتمتع التأمين بالخصائص التالية:

أ ـ التأمين عقد من العقود الرضائية: إذ يكفي لانعقاده مجرد توافق إيجاب وقبول الطرفين المتعاقدين، المؤمن والمؤمن له، ولا يتطلب القانون شكلاً معيناً ينصب فيه الرضا كالكتابة أو غيرها، لكن عقد التأمين لا يثبت عادة إلا بوثيقة تأمين (بوليصة) يوقع عليها الطرفان، فالكتابة في عقد التأمين يستفاد منها في الإثبات لا في الانعقاد. وهذه الرضائية تُعد مفترضة وموجودة حتى في التأمين الإلزامي، كما في عقود التأمين من المسؤولية المدنية في حوادث السيارات.

ب ـ التأمين عقد من العقود الملزمة للجانبين: فهو ينشئ التزامات متبادلة على عاتق كل من الطرفين المتعاقدين، فالمؤمن له يلتزم بدفع الأقساط المتفق عليها في مقابل التزام المؤمن بدفع مبلغ التأمين إذا ما وقع الحادث أو الخطر المؤمن ضده.

ج ـ التأمين عقد من عقود المعاوضة: إذ فيه يأخذ كل طرف مقابلاً لما يعطيه، فيدفع المؤمن له الأقساط وبالمقابل يأخذ مبلغ التأمين من المؤمن إذا تحقق الحادث أو الخطر المؤمن ضده.

د ـ التأمين عقد من العقود الاحتمالية (عقود الغرر): إذ هو يقوم في الأساس على الاحتمال من حيث الربح والخسارة، ولا يمكن لأي من الطرفين المتعاقدين تحديد مقدار الربح والخسارة عند إبرام العقد؛ لأن مقدار ما يعطيه أحدهما وما يأخذه الآخر لا يمكن معرفته وقت العقد، فهذا أمر متوقف على وقوع الحادث أو الخطر المؤمن منه أو عدم وقوعه؛ فقد يدفع المؤمن له قسطاً أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمِن، وقد لا تقع الكارثة أبداً، فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئاً.

هـ ـ التأمين عقد من العقود الزمنية: إذ إن الزمن يُعدّ عنصراً أساسياً فيه، فهو يعقد لمدة محددة يلتزم المؤمن فيها بتحمل تبعة الخطر المؤمن منه، ويلتزم المؤمن له بالمقابل بأداء أقساط التأمين طوال هذه المدة. ويترتب على كون عقد التأمين من عقود الزمن (أو المدة) ما يترتب على هذه العقود عامة، فإذا فسخ عقد التأمين أو انفسخ بقوة القانون لا يكون لفسخه أو انفساخه أي أثر رجعي، بل يطبق بأثر مباشر، ويبقى ما فات من مدة قبل الفسخ أو الانفساخ صحيحاً، وعلى ذلك لا يلتزم المؤمِن برد ما قبضه من أقساط قبل تقرير الفسخ أو وقوع الانفساخ، ويلتزم المؤمن له برد مبلغ التأمين الذي قبضه إذا تبين أن حدوث الخطر كان بعد فسخ أو انفساخ العقد، والعكس بالعكس إذا كان الخطر قد تحقق قبل الفسخ أو الانفساخ. وفي هذا الصدد أكدت محكمة النقض المصرية أن: "عقد التأمين هو عقد محدد المدة وان روعي فيه عنصر الزمن فإذا فسخ أو انفسخ قبل انتهاء مدته لا ينحل إلا من وقت الفسخ أو الانفساخ ويبقى ما نفذ منه قائماً ولا يجوز تجديده ضمناً"(قرار محكمة النقض المصرية رقم 55 لعام 1970، طعمة واستنبولي، مرجع سابق، القاعدة 2480، ص 5887).

و ـ التأمين عقد من عقود الإذعان: حيث تطغى فيه ـ عادةً ـ إرادة المؤمِن وشروطه على إرادة المؤمَن له وشروطه. فالمؤمن هو الطرف الأقوى، والمؤمن له هو الطرف الأضعف، ويتجلى هذا خاصة في التأمين الإلزامي الذي يفرضه القانون في بعض الحالات، كما في عقود التأمين من المسؤولية المدنية في حوادث السيارات، حيث لا يملك المؤمن له سوى قبول وثيقة التأمين بشروطها المطبوعة أو رفضها. وقد تدخل المشرع في سورية على غرار أكثر المشرعين في دول العالم الأخرى، ليحد من وطأة شروط التأمين وتعسفها؛ ولتحقيق أكبر قدر ممكن من التوازن بين مصلحة المؤمن ومصلحة المؤمن له، فعلى سبيل المثال عدّ المشرع باطلاً كل ما يرد في وثيقة التأمين من البنود أو الشروط التالية (المادة 716 من القانون المدني):

(1) ـ البند أو الشرط الذي يقضي بسقوط الحق بالتأمين بسبب مخالفة القوانين والأنظمة ما لم تنطوِ هذه المخالفة على جناية أو جنحة قصدية.

(2) ـ البند أو الشرط الذي يقضي بسقوط حق المؤمن له بسبب تأخره في إعلام السلطات المختصة عن الحادث المؤمن منه؛ أو في تقديم المستندات المطلوبة؛ إذا تبين من الظروف أن التأخر كان لعذر مقبول.

(3) ـ كل بند أو شرط مطبوع لم يبرز جليّاً ظاهر وكان متعلقاً بحالة من الأحوال التي تؤدي إلى البطلان أو السقوط.

(4) ـ كل بند أو شرط تحكيم إذا أدرج في الوثيقة بين شروطها العامة المطبوعة، لا في صورة اتفاق خاص منفصل عن الشروط العامة.

(5) ـ كل بند أو شرط تعسفي آخر يتبين أنه لم يكن لمخالفته أي أثر في وقوع الحادث أو الخطر المؤمن منه.

ومن جهة أخرى عدّ المشرع باطلاً ـ أيضاً ـ كل اتفاق يخالف النصوص القانونية المتعلقة بالتأمين (الواردة في فصل "التأمين" من الباب الرابع "عقود الغرر")، ما لم يكن هذا الاتفاق ينصب في مصلحة المؤمن له أو في مصلحة المستفيد (المادة 719 من القانون المدني).

ز ـ التأمين عقد من عقود حسن النية: إذا كان المبدأ العام يقضي بتنفيذ العقود طبقاً لما اشتملت عليه؛ وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية (المادة 149 من القانون المدني)، فإن مبدأ حسن النية هذا يؤدي دوراً أكبر وأوسع نطاقاً في عقود التأمين منه في العقود الأخرى، فهو في الواقع جوهر العملية التأمينية؛ إذ يجب على المؤمِن أن يبين ـ مثلاًـ بوضوح جميع بنود العقد وشروطه، كما يجب على المؤمن له الإدلاء بجميع البيانات المتعلقة بالحادث أو الخطر المؤمن منه ووقوعه. ولهذا يُعدّ عقد التأمين من عقود الثقة أو من عقود حسن النية العقدية.

4ـ عناصر التأمين:

يقوم التأمين على العناصر التالية:

أ ـ العنصر الأول: الخطر Le risqué: فالغرض من عقود التأمين هو تجنب آثار الأخطار المحتملة الوقوع، سواء على النفس كما في حال التأمين على الحياة، أم على الجسد كما في حال التأمين من إصابات العمل، أم على المال كما في حال التأمين على دور السكن أو غيرها من الحريق. ويشترط في الخطر ما يلي:

(1)ـ أن يكون نتيجة حادث مستقبلي يحتمل الوقوع، ولكن من دون أن يكون وقوعه أو عدم وقوعه متوقفاً على إرادة أي من المتعاقدين، بل ينبغي لتحقيق الخطر وجود سبب غريب عن طرفي العقد كالعوامل الطبيعية أو المصادفة مثلاً.

(2)ـ يجب ألا يكون الخطر المؤمن منه محتم الوقوع، أي إنه قد يقع وقد لا يقع، كما هي الحال في التأمين من السرقة أو من الحريق مثلاً، فالخطر في كل منهما قد يقع وقد لا يقع، أو أن يكون الخطأ المؤمن منه محتم الوقوع ولكن زمن وقوعه غير معلوم، كالتأمين على الحياة؛ إذ إن الموت هو أمر محقق لا محال، ولكن وقت وقوعه لا يعلمه إلا الله عز وجل.

(3)ـ يجب ألا يكون وقوع الخطر مستحيلاً، فإذا أمّن شخص على معمله من الحريق، ثم تبين أن معمله قد احترق قبل إبرام عقد التأمين، فإن العقد يكون باطلاً لانعدام المحل.

(4)ـ يجب ألا يكون الخطر مخالفاً للنظام العام والآداب العامة، فلا يجوز التأمين مثلاً على أعمال التهريب أو الاتجار بالمخدرات.

ب ـ العنصر الثاني: القسط: هو المقابل المالي الذي يلتزم المؤمن له بدفعه إلى المؤمن مقابل تحمل هذا الأخير تبعة الخطر المؤمن منه، ويعد القسط منأهم عناصر التأمين؛ لأنه يستحيل على شركات التأمين الإيفاء بالتزاماتها ما لم تتجمع لديها الأموال اللازمة من الأقساط التي تحصلها عادةً. ويرتبط القسط ارتباطاً وثيقاً بالخطر المؤمن منه، فيحسب مقداره عادةً بالاستناد إلى جسامة الخطر ودرجة احتمال وقوعه، إضافة إلى عوامل أخرى مختلفة كمدة التأمين ومقدار مبلغ التأمين… والجدير بالذكر أن المؤمن له لا يدفع القسط للمؤمن مقابل مبلغ التأمين، فالتزام المؤمن بدفع مبلغ التأمين هو التزام شرطي قد يتحقق وقد لا يتحقق، وإنما هو مقابل توفير المؤمِن للمؤمَن له الأمان من وقوع الخطر المؤمن منه طوال مدة العقد، فالأمان وليس مبلغ التأمين هو نظير القسط. ويُؤدى القسط إما دفعة واحدة وإما على دفعات متتالية ومنتظمة، شهرية أو أسبوعية أو ربما يومية.

ج ـ العنصر الثالث: مبلغ التأمين: هو المبلغ الذي يلتزم المؤمِن بدفعه إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي يعينه عند وقوع الحادث أو الخطر المؤمن منه. ولا يلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له إلا عن الضرر الناجم من وقوع الخطر المؤمن منه، أي يلتزم بتعويض الخسارة الفعلية التي تلحق بالمؤمن له عند تحقق الخطر، وبشرط ألا يجاوز ذلك قيمة التأمين (المادة 717 من القانون المدني).

د ـ العنصر الرابع: المصلحة: والمقصود بها تلك التي يكون للمؤمن له؛ أو للمستفيد الذي عينه مصلحة في عدم وقوع الحادث أو الخطر المؤمن منه، ومن أجل هذه المصلحة كان قد أبرم المؤمن له عقد التأمين، ويشترط المشرع في المصلحة أن تكون:

(1)ـ اقتصادية أي ذات قيمة مالية

(2)ـ ومشروعة أي غير مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة (المادة 517 من القانون المدني).

5ـ التقادم على الدعاوى الناشئة من عقد التأمين:

من حيث المبدأ تسقط بالتقادم جميع الدعاوى الناشئة من عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من يوم حدوث الواقعة التي نجمت عنها هذه الدعاوى، ومع ذلك يختلف بدء ميعاد التقادم في الحالتين التاليتين:

أ ـ في حالة إخفاء بيانات متعلقة بالخطر المؤمن منه، أو تقديم بيانات غير صحيحة أو غير دقيقة عن هذا الخطر؛ إذ يبدأ ميعاد التقادم من اليوم الذي علم فيه المؤمن بذلك.

ب ـ في حالة وقوع الحادث المؤمن منه؛ إذ يبدأ ميعاد التقادم من اليوم الذي علم فيه ذوو الشأن بوقوعه (المادة 718 من القانون المدني). ومن الدعاوى التي قد تنشأ من عقد التأمين تلك التي يقيمها المؤمن؛ كدعوى المطالبة بالأقساط المستحقة؛ ودعوى إبطال عقد التأمين أو فسـخه، وتلك التي يرفعها المؤمن له كدعوى المطالبة بمبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه، ودعوى بطلان أو إبطال أو فسخ عقد التأمين. كما تجدر الإشارة إلى أن التقادم يقف وينقطع وفقاً للقواعد العامة للتقادم.

6ـ التأمين على الحياة Assurance sur la vie:

التأمين على الحياة ما هو إلا صورة من صور التأمين على الأشخاص، وظهر أول ما ظهر كنظام تابع للتأمين البحري على حياة البحارة ضد الحوادث والمخاطر البحرية وهجمات القراصنة. ولعلّ الرومان هم أول من عرفوا التأمين على الحياة، وأول وثيقة تم إصدارها في هذا الصدد كانت عام 1653م، ثم تطور التأمين على الحياة تبعاً لتطور  الآلة والتكنولوجيا وانتشارها وما نجم عنها من أخطار على سلامة العمال وحياتهم. ويوفر هذا النوع من التأمين نوعاً من الضمان المالي للأفراد عند وفاة معيلهم، فغالباً ما يكون المستفيد من هذا النوع من التأمين أولاد المؤمن له وزوجته. وإلى جانب القواعد العامة الناظمة لعقد التأمين، خصّ المشرع السوري التأمين على الحياة بأحكام خاصة نص عليها في المواد من (720) إلى (731) من القانون المدني، تتلخص بما يلي:

أ ـ استحقاق مبلغ التأمين على الحياة: يستحق مبلغ التأمين دونما حاجة إلى إثبات أي ضرر لحق بالمؤمن له أو بالمستفيد، ويلتزم المؤمِن بدفع مبلغ التأمين إلى المؤمن له أو إلى المستفيد عند حلول الأجل المبين في وثيقة التأمين.

ب ـ التأمين على حياة الغير: لا يصح التأمين على حياة الغير إلا إذا وافق هذا الغير على ذلك كتابة قبل إبرام عقد التأمين، ويجب أن يكون الغير المعني بالتأمين كامل الأهلية، وإلا لا يكون العقد صحيحاً إلا بموافقة ممن يمثله قانوناً، وكذلك تكون هذه الموافقة مطلوبة لصحة حوالة الحق في الاستفادة من مبلغ التأمين، ولصحة رهنه.

ج ـ حالة انتحار المؤمن على حياته: إذا انتحر الشخص المؤمن على حياته؛ فتبرأ ذمة المؤمِن من التزامه بدفع مبلغ التأمين، لكنه يلتزم عندئذٍ أن يدفع لمن يؤول إليهم الحق مبلغاً يساوي قيمة احتياطي التأمين. أما إذا تم الانتحار بسبب مرض أفقد المريض إرادته، فإن التزام المؤمن يبقى قائماً بأكمله، وفي مثل هذه الحالة على المستفيد أن يثبت أن المؤمن على حياته كان وقت انتحاره فاقد الإرادة. وإذا ما اشتملت وثيقة التأمين على شرط يلزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين، ولو كان انتحار الشخص عن إدراك واختيار؛ فإن هذا الشرط لا يكون نافذاً إلا إذا وقع الانتحار بعد سنتين من تاريخ إبرام عقد التأمين.

د ـ التأمين على حياة شخص آخر غير المؤمن له: إذا كان التأمين على حياة شخص آخر غير المؤمن له، فتبرأ ذمة المؤمن من التزاماته في حال تسبب المؤمن له عمداً في وفاة ذلك الشخص، أو كانت الوفاة قد حصلت بناء على تحريض منه. وكذلك الأمر إذا كان التأمين على الحياة لمصلحة شخص آخر غير المؤمن له، فلا يستفيد هذا الشخص الآخر من مبلغ التأمين إذا تسبب هو عمداً في وفاة الشخص المؤمن على حياته، أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه. أما لو كان ما وقع من هذا الشخص الآخر كان مجرد شروع في إحداث الوفاة، فللمؤمن له ـ في هذه الحال ـ الحق في أن يستبدل شخصاً آخر بالمستفيد، حتى لو كان المستفيد قد قبل ما اشترط لمصلحته من التأمين.

هـ ـ المستفيد من مبلغ التأمين في التأمين على الحياة: أجاز المشرع ـ في التأمين على الحياة ـ الاتفاق على أن يدفع مبلغ التأمين إما إلى أشخاص معينين ابتداءً في وثيقة التأمين، وإما إلى أشخاص يعينهم المؤمن له فيما بعد. ويُعد التأمين معقوداً ـ قانوناًـ لمصلحة مستفيدين معينين لمجرد أن يذكر المؤمن له في العقد أو في الوثيقة أن التأمين معقودٌ لمصلحة زوجه أو أولاده أو فروعه من ولد منهم ومن لم يولد بعد، أو لورثته من دون ذكر أسمائهم. وإذا كان التأمين لمصلحة ورثته من دون ذكر أسمائهم، كان لهؤلاء الحق في مبلغ التأمين كل بنسبة نصيبه في الميراث، ويثبـت لهم هذا الحق حتى لو تنازلوا عن حقهم في الإرث، ويقصد بالزوج الشخص الذي تثبت له هذه الصفة وقت وفاة المؤمن له، ويقصد بالأولاد الفروع الذين يثبت لهم في ذلك الوقت نشوء حق الإرث.

و ـ التحلل من عقد التأمين وتخفيض قيمته وتصفيته: من مظاهر تدخل المشرع للتخفيف من وطأة شروط التأمين؛بهدف حماية الطرف الأضعف وهو المؤمن له؛ ما يلي:

(1)ـ التحلل من عقد التأمين: أجاز المشرع للمؤمن له ـ الذي التزم بدفع أقساط دورية ـ أن يتحلل من التزامه هذا في أي وقت من العقد؛ بشرط أن يرسل إلى المؤمِن إخطاراً كتابياً بذلك قبل انتهاء الفترة الجارية، وعندئذٍ تبرأ ذمته من الأقساط اللاحقة.

(2)ـ تخفيض قيمة التأمين: كما أجاز المشرع للمؤمن له الذي دفع ثلاثة أقساط سنوية على الأقل؛ في العقود المبرمة مدى الحياة من دون اشتراط بقاء المؤمن على قيد الحياة مـدة معينة؛ وفي العقود المشترط فيها دفع مبلغ التأمين بعد عدد معين مـن السنين؛ أن يستبدل بالوثيقة الأصلية للتأمين وثيقة مدفوعة في مقابل تخفيض في قيمة مبلغ التأمين، ولو اتفق على غير ذلك، كل هذا بشرط أن يكون الحادث المؤمن منه محقق الوقوع، لكن في حال كان التأمين على الحياة مؤقتاً؛ فلا يكون مبلغ التأمين عندئذ قابلاً للتخفيض، وفي جميع الأحوال إذا خفض مبلغ التأمين؛ فلا يجوز أن ينزل عن الحدود التي حددها القانون وفق التالي:

> في العقود المبرمة مدى الحياة لا يجوز أن يقل مبلغ التأمين المخفض عن القيمة التي كان يستحقها المؤمن له فيما لو كان قد دفع ما يعادل احتياطي التأمين وقت التخفيض مخصوماً منه 1% من مبلغ التأمين الأصلي، باعتبار أن هذا المبلغ هو مقابل التأمين الذي يجب دفعه مرة واحدة في تأمين من النوع ذاته، وطبقاً لتعريفة التأمين التي كانت مرعية في عقد التأمين الأصلي.

> وفي العقود المتفق فيها على دفع مبلغ التأمين بعد عدد معين من السنين لا يجوز أن يقل مبلغ التأمين المخفض عن جزء من مبلغ التأمين الأصلي بنسبة ما دفع من أقساط.

(3)ـ تصفية التأمين: كما أجاز القانون للمؤمن له متى كان قد دفع ثلاثة أقساط سنوية على الأقل؛ أن يصفي التأمين نهائياً وذلك بشرط أن يكون الحادث المؤمن منه محقق الوقوع، لكن في حال كان التأمين على الحياة مؤقتاً فلا يكون عندئذً قابلاً للتصفية.

(4)ـ وعدّ المشرع شروط تخفيض التأمين وتصفيته جزءاً من الشروط العامة للتأمين، وأوجب إدراجها في وثيقة التأمين.

ط ـ آثار البيانات الخاطئة عن سن المؤمن له: لم يرتب المشرع على البيانات الخاطئة أو حتى على الغلط في سن الشخص الذي عقد التأمين على حياته؛ بطلان التأمين، لكن هذا ما لم تكن السن الحقيقية للمؤمن عليه تجاوزت الحد المعين الذي نصت عليه تعرفة التأمين، ففي هذه الحالة يبطل التأمين. وفيما عدا ذلك من حالات؛ إذا ترتب على البيانات الخاطئة أو الغلط في سن الشخص الذي عقد التأمين على حياته؛ أن القسط المتفق عليه بين الطرفين المتعاقدين أقل من القسط الذي كان يجب أداؤه؛ وجب تخفيض مبلغ التأمين بما يتعادل مع النسبة بين القسط المتفق عليه والقسط الواجب أداؤه على أساس السن الحقيقية، أما إذا كان القسط المتفق عليه أكبر مما كان يجب دفعه على أساس السن الحقيقة للمؤمن على حياته؛ وجب في هذه الحالة على المؤمن أن يرد من دون فوائد الزيادة التي حصل عليها، وأن يخفض الأقساط التالية إلى الحد الذي يتناسب مع السن الحقيقية للمؤمن عليه.

ح ـ دعوى الحلول: في التأمين على الحياة لم يمنح المشرع للمؤمِن الذي دفع مبلغ التأمين حق في الحلول محل المؤمن له أو المستفيد في حقوقه قِبَل من تسبب في الحادث المؤمن منه أو قِبَل المسؤول عن هذا الحادث.

7ـ التأمين من الحريق:

ظهر التأمين ضد الحريق تاريخياً بعد ظهور التأمين البحري، إثر حريق لندن الكبير الذي أتى على 13000 منزل، ومن ثم انتشر فيما بعد في أنحاء متعددة من دول العالم، ويوفر هذا النوع من التأمين حماية من الخسائر والأضرار التي تلحق بالممتلكات الناجمة عن خطر الحريق. وإلى جانب القواعد العامة الناظمة لعقد التأمين، خصّ المشرع السوري التأمين ضد الحريق بأحكام خاصة نص عليها في المواد من (732) إلى (737) من القانون المدني، وتتلخص بما يلي:

أ ـ يسأل المؤمن في التأمين ضد الحريق عن جميع الأضرار الناجمة عن حريق، أو عن بداية حريق يمكن أن يصبح حريقاً كاملاً، أو عن خطر حريق يمكن أن يتحقق. ولا يقتصر التزام المؤمن فقط على الأضرار المباشرة الناجمة عن الحريق؛ بل يشمل أيضاً الأضرار غير المباشرة التي تكون نتيجة حتمية لذلك، وخاصة ما يلحق الأشياء المؤمن عليها من ضرر بسبب اتخاذ وسائل الإنقاذ أو وسائل منع امتداد الحريق، ويكون مسؤولاً أيضاً عن ضياع الأشياء المؤمن عليها أو اختفائها في أثناء الحريق، ما لم يثبت أن ذلك كان نتيجة سرقته، كل ذلك ما لم يتفق على غيره.

ب ـ يضمن المؤمن تعويض الأضرار الناجمة عن الحريق حتى لو نشأ الحريق عن عيب في الشيء المؤمن عليه.

ج ـ يكون المؤمن مسؤولاً عن الأضرار الناجمة عن خطأ المؤمن له غير المتعمد، وعن الأضرار الناجمة عن حادث مفاجئ أو قوة قاهرة. أما الخسائر والأضرار التي يحدثها المؤمن له عمداً أو غشاً فلا يكون المؤمن مسؤولاً عنها، حتى لو اتفق على غير ذلك.

د ـ يسأل المؤمِن عن الأضرار التي تسبب فيها الأشخاص الذين يكون المؤمن له مسؤولاً عنهم، مهما يكن نوع خطئهم ومداه.

هـ ـ وإذا كان الشيء المؤمن عليه مثقلاً برهن أو تأمين أو غير ذلك من التأمينات العينية؛ انتقلت هذه الحقوق إلى التعويض المستحق للمدين بمقتضى عقـد التأمين، فإذا شهرت هذه الحقوق، أو أبلغت إلى المؤمن ولو بكتاب مضمون؛ فلا يجوز له أن يدفع ما في ذمته للمؤمن له إلا برضاء الدائنين، وإذا حجز على الشيء المؤمن عليه، أو وضع تحت الحراسة، فلا يجوز للمؤمن إذا أبلغ ذلك بكتاب مضمون أن يدفع للمؤمن له شيئاً مما في ذمته.

و ـ يحل المؤمِن قانونا ـ بما دفعه من تعويض عن الحريق ـ في الدعاوى التي تكون للمؤمن له قِبَل من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن، هذا ما لم يكن من أحدث الضرر قريباً أو صهراً للمؤمن له ممن يكونون معه في معيشة واحدة، أو شخصاً يكون المؤمن له مسؤولاً عن أفعاله.

7ـ التأمين الإلزامي على المركبات

يخضع التأمين الإلزامي على المركبات في سورية لقانون السير رقم /13/ لعام 2004، والمرسوم التشريعي رقم /11/ لعام 2008 المعدِل لقانون السير المذكور، وقرار مجلس الوزراء رقم /1915/ لعام 2008 الصادر استناداً إلى قانون السير المشار إليه والمتضمن نظام التأمين الإلزامي للمركبات (المادة 198 المعدّلة من قانون السير). وتتلخص أهم الأحكام الناظمة لهذا التأمين الإلزامي بما يلي:

أ ـ الصفة الإلزامية لعقد التأمين على المركبات: منع القانون أي تسجيل أو ترخيص أو تجديد ترخيص لأي مركبة إلا بعد تقديم عقد تأمين مبرم مع إحدى شركات التأمين المسجلة في الجمهورية العربية السورية التي تمارس أعمال تأمين المركبات لتغطية المسؤولية المدنية عن الأضرار المادية والجسدية التي تلحق بالغير؛ والناجمة عن استخدام تلك المركبة (المادة 186/أ من قانون السير المعدلة). 

ب ـ انتقال التأمين تلقائياً تبعاً لانتقال ملكية المركبة: قضى القانون بانتقال جميع الحقوق والالتزامات الناشئة من عقد التأمين حكماً إلى المالك الجديد الذي يحل محل المالك القديم للمركبة المؤمن عليها، ومنع القانون المالك السابق أو اللاحق أن يطلب إلغاء عقد التأمين عند نقل الملكية (المادة 186/ب من قانون السير المعدلة).  

ج ـ التأمين الاختياري: أجاز القانون لمالك المركبة تغطية الأضرار الأخرى التي لا يشملها التأمين الإلزامي بعقود تأمين تكميلية (المادة 186/ج من قانون السير المعدلة).

د ـ التأمين على المركبات غير السورية: ألزم القانون مالك أو حائز أو سائق أي مركبة آلية غير سورية ـ داخلة في أراضي الجمهورية العربية السورية ـ بإبرام عقد تأمين يغطي الأضرار الجسدية والمادية للغير، وذلك في مدة مكوثها في سورية أو عبورها منها. أما في حالة وجود اتفاقيات ثنائية مشتركة واجبة التطبيق؛ فتطبق حينئذٍ أحكام هذه الاتفاقية. وتستثنى من ذلك المركبات التي تحمل البطاقة العربية لتأمين السيارات عبر البلاد العربية، والمركبات المسجلة والمؤمن عليها في إحدى الدول العربية والتي يشمل تأمينها مدة مكوثها في أراضي الجمهورية العربية السورية، ولكن بشرط المعاملة بالمثل؛ وعلى أن يكون للشركة التي أصدرت وثيقة التأمين ممثل في سورية مفوض بتمثيلها وبتسوية التعويضات التي تترتب عليها ودفعها وفقاً للأحكام النافذة في سورية. أما طريقة تأمين المركبات غير السورية التي ترغب في الدخول إلى الجمهورية العربية السورية؛ فقد ترك القانون أمر تحدديها للائحته التنفيذية (المادة 198 من قانون السير المعدلة).  

هـ ـ الأضرار التي يشملها عقد التأمين الإلزامي: وسع نظام التأمين الإلزامي للمركبات ـ الصادر بالقرار /1915/ لعام 2008 عن مجلس الوزراء ـ نطاق شمولية عقد التأمين الإلزامي، فبعد أن كان في السابق يقتصر على الأضرار الجسدية للغير فقط؛ أصبح يشمل الأضرار الجسدية والمادية للغير وبالشروط الواردة في النظام المذكور.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ القانون المدني السوري الصادر بالمرسوم رقم /84/ لعام 1949.

ـ قانون السير رقم /13/لعام 2004.

ـ المرسوم التشريعي /11/ لعام 2008 المعدِل لقانون السير رقم /13/ لعام 2004.

ـ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم /1915/ لعام 2008 المتضمن النظام الخاص بالتأمين الإلزامي.

ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، مجلد 2، الجزء السابع (عقود الغرر وعقد التأمين) (دار إحياء التراث العربي، بيروت 1964).


التصنيف : القانون الخاص
النوع : القانون الخاص
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 546
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 484
الكل : 31267514
اليوم : 15702