logo

logo

logo

logo

logo

طرق الطعن في الأحكام المدنية والتجارية

طرق طعن في احكام مدنيه والتجاريه

methods of appeal in civil and commercial judgments - voies de recours contre les jugements civils et commerciaux

 طرق الطعن في الأحكام المدنية والتجارية

طرق الطعن في الأحكام المدنية والتجارية

محمد سامر قطان

الأحكام العامة في طرق الطعن

طرق الطعن العادية

طرق الطعن غير العادية

 

الحكم نتاج عمل القاضي، والقاضي من البشر، والخطأ والصواب هما من صفات البشر، فقد يخطأ القاضي في تطبيق القانون أو في تفسيره أو في تقدير الوقائع، ونظراً لما يترتب على الحكم القضائي من آثار قانونية خطرة كحجية الأمر المقضي به؛ كان لا بد من وسيلة تتيح التأكد من خلو الحكم من الأخطاء والعيوب، ومن أنه صدر وفق القانون. لهذا تبنت معظم دساتير دول العالم وتشريعاتها مبدأ التقاضي على درجتين، ورسمت سبلاً للطعن بالأحكام القضائية وجعلت من سلوكها حقاً مصوناً بالقانون (المادة 28/4 من دستور الجمهورية العربية السورية لعام 1973)، فأتاحت للخصوم فرصة أو أكثر للتظلم من الحكم بهدف إعادة النظر فيه وإصلاح ما قد يشوبه من أخطاء أو يعتريه من عيوب، أو إلغائه إن اقتضى الأمر، وإصدار حكم آخر يكون أكثر صحة وعدالة.

وقد نظم المشرع السوري طرق الطعن في الأحكام المدنية والتجارية في الباب التاسع من الكتاب الأول «التداعي أمام المحاكم»، من قانون أصول المحاكمات الصادر بالمرسوم التشريعي /84/ بتاريخ 1953، في المواد من (219 إلى 272)، فنصّ بداية على أحكام عامة تناولت طرق الطعن كافة من دون تمييز بينها، ومن ثم خصّ كل طريق منها (الاستئناف، النقض، إعادة المحاكمة، واعتراض الغير) بأحكام خاصة.

أولاًـ الأحكام العامة في طرق الطعن:

1ـ معنى طرق الطعن وتصنيفها: تُعدّ طرق الطعن في الأحكام "وسائل قانونية وضعت لمصلحة الخصم الذي يتظلم من صدور حكم معيب أو لا يتفق مع العدالة لعدم انطباقه على الواقع أو القانون، لتمكينه من إبطال هذا الحكم أو إصلاحه وتفادي الضرر الناتج عنه، وذلك برفع التظلم إلى القضاء الذي يعيد درس القضية من جديد في النواحي التي يتناولها الطعن". وعلى ذلك فإن طرق الطعن التي حددها القانون هي السبيل الوحيد لإصلاح الحكم القضائي أو إبطاله، ولا يمكن طلب إبطاله بدعوى بطلان أصلية، كما هي الحال في العقود أو التصرفات القانونية، كما لا يمكن طلب إبطاله بطريق الدفع. وإذا ما استنفذ الخصوم جميع طرق الطعن الممكنة قانوناً أو انقضت المدد المحددة لها من دون ممارسة حق الطعن؛ يصبح الحكم مبرماً ويكتسب الدرجة القطعية حتى لو كان مشوباً بالبطلان من حيث الشكل أو من حيث الموضوع عملاً بالقاعدة القانونية التي تقضي بأن "الانبرام يغطي البطلان"، هذا على خلاف ما إذا كان الحكم منعدماً، فلا داعي في هذه الحالة لسلوك طرق الطعن من أجل تقرير انعدامه وإبطال آثاره؛ لأنه غير موجود أصلاً من الناحية القانونية، وبالتالي حتى لا يكون للحكم المنعدم أي أثر يكتفى بالتمسك بعدم وجوده، أو إقامة دعوى أصلية بطلب إعلان انعدامه، كما لو كان الحكم صادراً عن شخص ليس بقاضٍ، أو كان صادراً عن قاضٍ قبل أن يحلف اليمين المقررة قانوناً، لكن وعلى الرغم من ذلك لا يوجد ما يمنع الخصوم من سلوك طرق الطعن المتاحة لإعلان بطلانه (قرار نقض 246/408، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 3748، ص 1698). وينص القانون السوري على طرق أربعة للطعن بالأحكام، يصنفها الفقه في فئتين:

أ ـ الفئة الأولى: طرق طعن عادية، وهي في القانون السوري تقتصر على الاستئناف فقط، بعد أن تم إلغاء طريق الاعتراض على الأحكام الغيابية في القضايا المدنية والتجارية والشرعية، وأصبحت المحاكمة لا يجوز أن تجري إلا بصورة وجاهية أو بمنزلة الوجاهي (المادة 113 أصول).

ب ـ والفئة الثانية: طرق طعن غير عادية، وهي النقض وإعادة المحاكمة واعتراض الغير.

ويترتب على تقسيم طرق الطعن إلى طرق عادية وأخرى غير عادية آثار قانونية مهمة يمكن تلخيصها بما يلي:

(1)ـ لا تستند طرق الطعن العادية إلى أسباب محددة، على خلاف طرق الطعن غير العادية التي لا تُقبل إلا إذا كانت مستندة إلى أي سبب من الأسباب المحددة في القانون.

(2)ـ تنشر الطرق العادية الدعوى من جديد أمام محكمة الدرجة الثانية (الاستئناف)، في حين تنحصر سلطة محكمة الطعن في الطرق غير العادية في بحث العيوب التي أوردها الطاعن في طعنه.

(3)ـ تُوقف الطرق العادية ـ من حيث المبدأـ تنفيذ الحكم المطعون فيه ما لم يكن مشمولاً بالنفاذ المعجل قانوناً أو قضاءً، أما الطرق غير العادية فهي ـ من حيث المبدأـ لا تُوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ما لم تقرر محكمة الطعن خلاف ذلك.

(4)ـ يقضي المبدأ القانوني بعدم جواز سلوك طرق الطعن غير العادية قبل استنفاذ طرق الطعن العادية.

2ـ الخصوم في الطعن: لا يجوز الطعن في الحكم الصادر في المواد المدنية والتجارية إلا من قبل الخصم المحكوم عليه وبشرط ألا يكون قد سبق وأن رضخ للحكم، أو من المحكوم له إذا لم يكن قد قضي له بكل طلباته (المادة 219 أصول). وعلى ذلك لا يجوز سلوك أي طريق من طرق الطعن ـ باستثناء اعتراض الغيرـ إلا من قبل من كان خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم؛ مدعياً كان أم مدعى عليه أم مدخلاً أم متدخلاً، أو من خلفه العام أو الخاص. أما من مُسّت أو تضررت مصالحه من حكم صدر في دعوى لم يكن هو طرفاً ولا ممثلاً فيها؛ فليس له سوى سلوك طريق اعتراض الغير على هذا الحكم. ومن المنطق ألا يقبل الطعن ممن حكم له بجميع طلباته وذلك لانتفاء المصلحة، وتحاشياً لإشغال القضاء بطعون لا فائدة ولا جدوى منها، وللسبب ذاته لا يقبل الطعن ممن سبق ورضخ للحكم لأن الرضوخ للحكم يفيد تنازل الخصم عن حق الطعن فيه، وهو يستنتج من كل قول أو عمل أو إجراء يدل دلالة واضحة على القبول بالحكم، وإن ما يُعد رضوخاً للحكم وما لا يُعد هو أمر متروك لتقدير قاضي الموضوع حسب ظروف كل حالة على حدة، ولا يُعتد بالرضوخ إلا إذا وقع بعد تفهيم الحكم. وأما المطعون ضده فلا بد أيضاً أن يكون طرفاً من الأطراف الذين صدر الحكم لمصلحتهم. ويجب أن يرفع الطاعن طعنه بالصفة ذاتها التي كانت له وقت صدور الحكم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الخصم في الطعن؛ إذ يجب أن يكون اختصامه من حيث المبدأ بالصفة ذاتها التي كان متصفاً بها في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه.

ولا يستفيد من الطعن في الأصل إلا من رفعه، كما لا يحتج به إلا على من رفع عليه، ويستثنى من ذلك حالة ما إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، أو في التزام بالتضامن، أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، فيجوز في مثل هذه الأحوال لمن فاته ميعاد الطعن من المحكوم عليهم، أو لمن رضخ للحكم منهم؛ أن يطعن فيه في أثناء نظر الطعن المرفوع من أحد زملائه في الميعاد المحدد منضماً إليه في طلباته، وكذلك الأمر إذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد المحدد؛ وجب اختصام الباقين ولو بعد فوات هذا الميعاد بالنسبة إليهم، ويستفيد الضامن وطالب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفاعهما فيها، وإذا رفع طعن على أيهما جاز أيضاً اختصام الآخر فيه (المادة 225 أصول).

3ـ الأحكام القابلة للطعن بالاستئناف: يُميز المشرع بين نوعين من الأحكام التي تقبل الطعن بالاستئناف (المادة 220 أصول)، وهي:

أ ـ أحكام تقبل الطعن بصورة مستقلة: وهي تشمل جميع الأحكام النهائية التي تفصل في موضوع النزاع كلاً أو بعضاً، وكذلك جميع الأحكام التي لا تفصل في موضوع النزاع ولكنها ترفع يد المحكمة عن النظر في الدعوى نهائياً أو مؤقتاً، كالأحكام الصادرة مثلاً بوقف الدعوى أو بإعلان عدم الاختصاص، وكذلك تشمل الأحكام المستعجلة أو المؤقتة كتلك التي تقضي بإلقاء الحجز الاحتياطي أو بتعيين حارس قضائي.

ب ـ أحكام لا تقبل الطعن إلا مع الطعن في الحكم المنهي للخصومة: وهي تشمل الأحكام التي تصدر في أثناء سير الدعوى وقبل الفصل بالموضوع والتي لا ترفع يد المحكمة عن النظر في الدعوى، وهي تسمى عادة الأحكام التمهيدية أو التحضيرية، كتلك المتعلقة بإجراءات سير الدعوى أو بالإثبات.

وتجدر الإشارة إلى أن العبرة في قابلية الحكم للطعن أو عدم قابليته إنما تكون لما يقرره القانون وليس لما هو مدرج في الحكم.

4ـ ميعاد الطعن: ويقصد به الأجل الذي يسقط بانقضائه حق الطعن بالحكم، وقد نص المشرع على مواعيد محددة لممارسة حق الطعن؛ تختلف باختلاف طرق الطعن، وأحاط كل منها بأحكام وضوابط متعددة، لعل من أهمها ما يلي:

أ ـ بدء ميعاد الطعن: يختلف بدء ميعاد الطعن بالأحكام وفقاً لما يلي (المادة 221 أصول):

(1) يبدأ ميعاد الطعن في الأحكام البدائية والأحكام الاستئنافية من اليوم التالي لتبليغها، سواء صدرت بالصورة الوجاهية أم بمنزلة الوجاهي.

(2) يبدأ ميعاد الطعن في الأحكام الصلحية من اليوم التالي لتفهيمها إذا صدرت بالصورة الوجاهية، ومن اليوم التالي لتبليغها إذا صدرت بمنزلة الوجاهي.

(3) يبدأ الميعاد في حق طالب التبليغ من اليوم الذي يلي تبليغ الخصم الحكم، وإذا تعدد المحكوم عليهم يعدّ التبليغ سارياً بحق طالبه من تاريخ تبليغ أول واحد منهم، ويسري الميعاد بحق الطاعن من اليوم الذي يلي تقديم طعنه؛ إذا لم يكن قد سبق أن تبلغ الحكم المطعون فيه.

(4) يسري الميعاد بحق المطعون ضده من اليوم الذي يلي تبلغه استدعاء طعن خصمه، إذا لم يكن قد سبق وأن تبلغ الحكم المطعون فيه.

وتجدر الملاحظة أنه إذا كان ميعاد الطعن لا يبدأ إلا من اليوم التالي للتبليغ؛ فإنه لا يشترط لقبول الطعن أن يكون الحكم قد بلغ إلى المحكوم عليه، بل يمكنه الطعن فيه من فور النطق به، أو بمجرد علمه بصدوره، وهذا ما يسمى من الناحية العملية "الطعن على السماع".

ب ـ وقف ميعاد الطعن: خلافاً لمواعيد التقادم تُعدّ مواعيد الطعن مهل سقوط، وهي بالتالي لا تقبل الوقف ولا الانقطاع، بيد أن المشرع استثنى من هذا الأصل حالة واحدة فقط يقف فيها ميعاد الطعن، وهي حالة ما إذا توفي المحكوم عليه. فقد قضى بهذا الشأن أنه "يقف ميعاد الطعن بموت المحكوم عليه ولا يزول الوقف إلا بعد تبليغ الحكم إلى أحد الورثة في آخر موطن كان لمورثهم" (المادة 223 أصول). أما وفاة المحكوم له بجميع طلباته فلا أثر لها في ميعاد الطعن؛ إذ لم يكن يحق له أصلاً سلوك طرق الطعن لانتفاء المصلحة كما تقدم.

ج ـ انتهاء ميعاد الطعن وأثره: ينتهي ميعاد الطعن بانتهاء اليوم الأخير منه (المادة 34 أصول)، ويترتب على انتهاء ميعاد الطعن سقوط الحق في رفعه، وهذا أمر يُعد من متعلقات النظام العام، بحيث تقضي المحكمة به من تلقاء نفسها حتى لو لم يثره أي من الخصوم (المادة 222 أصول). ويتوجب رد الطعن شكلاً إذا ما قدم خارج المهلة المحددة قانوناً، وتثيره المحكمة أيضاً من تلقاء نفسها (قرار نقض 876/89، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 3707، ص 1682).

5ـ إجراءات تبليغ الطعن: يجري تبليغ استدعاء الطعن وفق الأصول المتبعة في تبليغ استدعاء الدعوى (المادة 17 وما بعدها أصول). ويجب أن ترفق باستدعاء الطعن المرسل إلى المطعون ضده صورة مصدقة عن الحكم المطعون فيه وذلك تحت طائلة البطلان (المادة 221/6 أصول)، ولا مجال للتحلل من هذا البطلان إلا إذا ثبت تحقق الغاية من هذا الإجراء، وفق ما نصت عليه المادة (39 أصول)، أو كان المطعون ضده قد سبق وبلّغ الحكم المطعون فيه، أو كان هو الذي طلب تبليغ الحكم إلى خصمه، أو كان الحكم قد صدر بالصورة الوجاهية بحق المطعون ضده، فلا حاجة في مثل هذه الأحوال إلى إرفاق صورة عن الحكم المطعون فيه مع استدعاء الطعن (قرار نقض 2709/3435، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 3696، ص1677).

ويتم تبليغ الحكم إلى جميع المحكوم عليهم بطلب خطي من أحد أطراف الدعوى صاحب المصلحة أو من وكيله، وذلك عملياً بعد نسخه ودفع رسومه أصولاً (المادة 221/3 أصول).

ثانياًـ طرق الطعن العادية (الاستئناف L’appel):

بعد أن ألغى المشرع السوري طريق المعارضة بالنسبة إلى الأحكام الغيابية، وأضحت المحاكمات تجري إما بصورة وجاهية أو بمنزلة الوجاهي (المادة 113 أصول)؛ لم يبق من طرق الطعن العادية سوى طريق وحيد ألا وهو الاستئناف. وتُعد محكمة الاستئناف درجة ثانية من درجات التقاضي وتؤلف من ثلاثة قضاة (رئيس ومستشارين)، في حين أن كلاً من محكمة الصلح ومحكمة البداية تعدّ درجة أولى من درجات التقاضي، وتؤلف كل منها من قاضٍ واحد؛ إذ تبنى المشرع السوري مبدأ التقاضي على درجتين. وقد بيّن القانون ومن بعده القضاء والفقه؛ الأحكام الناظمة لهذا الطريق من طرق الطعن بالأحكام، والتي يمكن تلخيصها بما يلي:

1ـ الخصوم في الاستئناف: يتميز الاستئناف من طرق الطعن غير العادية من حيث أنه متاح لكل خصم يتضرر من الحكم، ولا يشترط من أجل ذلك سوى أن تتوافر لديه شروط الصفة والمصلحة والأهلية. وعلى ذلك يجوز الطعن بالاستئناف ممن كان طرفاً أو خصماً في النزاع أمام محكمة الدرجة الأولى؛ سواء كان مدعياً أم مدعى عليه أم مدخلاً أوم متدخلاً، وتضررت حقوقه أو مصالحه بهذا الحكم، وكان متمتعاً بالأهلية اللازمة للتقاضي، ومن جهة أخرى يجب توجيه الاستئناف ضد من كان طرفاً أو ممثلاً في النزاع أمام محكمة الدرجة الأولى. فالخصوم في المرحلة الاستئنافية هم إذاً الخصوم أنفسهم الذين صدر الحكم بمواجهتهم أمام محكمة الدرجة الأولى، ومع ذلك إذا رفع المستأنف الاستئناف بمواجهة بعض المحكوم لهم من دون بعضهم الآخر؛ فهذا لا يؤدي ـ وفق تعبير محكمة النقضـ إلى رفضه شكلاً؛ وإنما على المحكمة أن تبحث فيما إذا كان الحق المطالب به قابلاً للتجزئة أو لا، فإن لم يكن قابلا لها يمكن للمحكمة أن تطلب إدخال الأطراف الآخرين الممثلين في الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف (قرار نقض 1144/296، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 427، ص 157).

2ـ الأحكام القابلة للاستئناف: حدد المشرع الأحكام التي تقبل الاستئناف بنصوص متعددة ومتفرقة، لعل أهمها ما يلي:

أ ـ جميع أحكام المحاكم البدائية، أي الصادرة عن محاكم البداية، إلا ما استثني منها بنص القانون (المادة 226 أصول)، ومن الأحكام البدائية التي استثناها المشرع من هذا الأصل أحكام المحاكم الشرعية التي تصدر بالدرجة النهائية، فهي تقبل الطعن بالنقض من دون الاستئناف (المادة 536 و 547 أصول).

ب ـ جميع الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة أياً كانت المحكمة التي أصدرتها (المادة 227 أصول).

ج ـ أحكام محاكم الصلح في الحالتين التاليتين (المادة 228 أصول):

 ـ الحالة الأولى: إذا تضمن الحكم الفصل في طلب عارض يفوق النصاب المحدد لاختصاص محاكم الصلح.

 ـ الحالة الثانية: إذا صدر الحكم قابلاً للاستئناف بمقتضى نص قانوني خاص.

3ـ ميعاد الطعن بالاستئناف: يختلف ميعاد الطعن بالاستئناف بحسب الحكم المراد الطعن به، فهو خمسة عشر يوماً بالنسبة إلى الأحكام البدائية والصلحية القابلة للاستئناف، وخمسة أيام بالنسبة إلى أحكام قاضي الأمور المستعجلة، ويبدأ سريان الميعاد في كلتا الحالتين من اليوم الذي يلي تاريخ تبليغ الحكم، سواء صدر بالصورة الوجاهية أم بمنزلة الوجاهي، ولا يستثنى من ذلك سوى حالة واحدة، هي حالة الأحكام الصادرة عن محكمة الصلح وجاهياً، ويبدأ ميعاد الطعن فيها ـ بالنسبة إلى الخصم الذي صدر الحكم بمواجهته ـ من اليوم التالي لتفهيم الحكم؛ أي من اليوم التالي لصدوره إذا كان قابلاً للطعن بهذا الطريق (المادة 221 أصول)، كذلك فضلاً عما تقرره بهذا الشأن بعض النصوص الخاصة ببعض المسائل. وغني عن البيان أن الطعن بطريق الاستئناف يكون جائزاً من فور صدور الحكم النهائي من دون حاجة إلى انتظار التبليغ وسريان الميعاد.

4ـ أصول رفع الاستئناف (المادة 232 أصول):

> يَلزم أن يرفع الاستئناف بعريضة أو باستدعاء يقدم إلى محكمة الاستئناف تراعى فيه الأوضاع المقررة لاستدعاء الدعوى ولا سيما من حيث البيانات المطلوبة (اسم المحكمة، والمستأنف، والمستأنف عليه، وموطن كل منهما، القرار المستأنف…)،  ويُذيّل استدعاء الاستئناف عادة بتوقيع المستأنف أو وكيله، لكن عدم توقيع الاستدعاء لا يستوجب رد الاستئناف شكلاً ما دام قد تم إقراره أمام الموظف المختص من قبل المستأنف أو وكيله (قرار نقض 511/1085، لعام 1997، مجلة القانون 1997، القسم الثاني، القاعدة 49، ص539).

> يجب على المستأنف أن يرفق باستدعاء استئنافه صوراً مصدقة عن الحكم المستأنف بعدد المستأنف عليهم، وذلك تحت طائلة رد الاستئناف شكلاً (قرار نقض 2094/3868، لعام 1997، الحسيني، القاعدة 408، ص150).

> يجب على المستأنف أن يبين أسباب الاستئناف، وهذه يقصد بها العلل الواقعية والقانونية التي من شأنها فسخ الحكم أو إبطاله أو تعديله، وإن خلو الاستئناف من أسبابه يجعله باطلاً ومستوجباً للرد شكلاً، وهذا أمر من متعلقات النظام العام، ولهذا لا يكفي أن يذكر المستأنف أن حكم محكمة الدرجة الأولى قد أضر به، أو أنه جاء مخالفاً للحقيقة والقانون، أو أن المحكمة لم تتح للطاعن إثبات ما ذكره، أو أنها لم توضح الأسس التي بنت عليها قراراها، وغيرها من العبارات التي لا تُعد أسباباً للاستئناف بالمعنى القانوني، بل يتوجب على المستأنف أن يذكر صراحة وبوضوح المخالفات أو الأخطاء أو المغالطات التي يأخذها على الحكم المستأنف، ولا تكفي مجرد الإحالة على الأسباب المذكورة في استدعاء الدعوى أو في مذكرات الخصوم أمام محكمة الدرجة الأولى (قرار نقض 492/480، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 398، ص147، والقرار 943/1127، لعام 1996، القاعدة 441، ص162). 

> وعلى المستأنف أن يودع  في ميعاد الطعن التأمينات القانونية المنصوص عليها في قانون الرسوم والتأمينات القضائية ما لم يرد نص على خلاف ذلك، وقد ذهبت محكمة النقض في قرار لها إلى أن قبول الاستئناف شكلاً منوط بإيداع هذه التأمينات خلال مهلة الاستئناف، وأن المشرع اعتبر تأدية هذه الرسوم شرطاً لحفظ المهلة القانونية (قرار نقض 1374/1511، لعام 1995، الحسيني، القاعدة 292، ص 145)، ويقيد التأمين إيراداً للخزينة إذا ما رد الاستئناف شكلاً أو موضوعاً.

5ـ الإجراءات أمام محكمة الاستئناف:

> يتعين على الكاتب المختص بتسجيل الطعن في السجل الخاص بذلك ـ ومن فور التأشير عليه من قبل رئيس محكمة الاستئناف ـ أن يقوم بتحديد موعد للجلسة من أجل النظر فيه، ومن ثم يطلب قبل الجلسة المعينة للنظر في الاستئناف ملف الدعوى التي صدر فيها الحكم من المحكمة التي أصدرته لضمه إلى الإضبارة الاستئنافية (المادة 233 أصول)، ويبلغ المستأنف عليه صورة استدعاء الاستئناف مرفقة بصورة مصدقة عن الحكم المستأنف، مع ما يلحق به من وثائق أو مستندات، وللمستأنف عليه أن يقدم رداً كتابياً على استدعاء الاستئناف ضمن الأصول والمهل المتعلقة في الأساس باستدعاء الدعوى (المواد 234 و98 و99 أصول).

> لا يجوز أن يحضر أمام محكمة الاستئناف غير المحامين باستثناء من يحق لهم المرافعة بأنفسهم، أو المرافعة عن غيرهم بنصوص خاصة. 

> إذا تخلف المستأنف أو المستأنف عليه في الجلسة الأولى؛ أجلت المحكمة القضية إلى جلسة ثانية يبلغ المتغيب ميعادها، فإن لم يحضرها فصلت المحكمة في موضوع الاستئناف. أما إذا كان أحدهما قد تبلغ ميعاد الجلسة الأولى بالذات فلا يجري إخطاره وتجري المحاكمة بحقه بمنزلة الوجاهي، وإذا غاب المستأنف أو المستأنف عليه عن المحاكمة بعد حضور إحدى الجلسات فصلت المحكمة في موضوع الاستئناف، وإذا غاب المستأنف والمستأنف عليه قررت المحكمة ترك القضية للمراجعة، فإذا لم يراجع أحد من الطرفين المحكمة خلال مهلة ستة أشهر من تاريخ الترك؛ تقرر المحكمة شطب استدعاء الاستئناف من تلقاء نفسها (المادة 233 أصول)، وعموماً يجري على الدعوى في الاستئناف ما يجري من القواعد على الدعاوى أمام محكمة الدرجة الأولى سواء فيما يتعلق بالإجراءات أم بالأحكام؛ ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (المادة  240 أصول). وإذا ما تنازل المستأنف عن استئنافه؛ فلا تملك محكمة الاستئناف في هذه الحالة إلا عدم البحث بالاستئناف وتثبيت هذا التنازل ما لم يكن المستأنف عليه قد رفع استئنافاً تبعياً أو أصلياً (قرار نقض 1644/1050، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 417، ص153).

6ـ الطلبات الجديدة والتدخل والإدخال في الدعوى الاستئنافية: قضى المشرع بألا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف، وبأن تحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها، لكن مع ذلك أجاز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجر والفوائد والمرتبات وسائر النفقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما يزيد من التضمينات بعد صدور الحكم المستأنف، كما يجوز ـ مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله ـ تغيير سببه والإضافة إليه (المادة 238 أصول). ومن جهة أخرى لا يجوز في الاستئناف إدخال من لم يكن خصماً في الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف، وكذلك لا يجوز التدخل فيه إلا ممن يطلب الانضمام إلى احد الخصوم أو ممن يجوز له سلوك طريق اعتراض الغير على الحكم (المادة 239 أصول).

7ـ آثار الاستئناف: يترتب على تقديم الاستئناف في الميعاد المحدد قانوناً آثار قانونية متعددة تكمن فيما يلي:

أ ـ وقف تنفيذ الحكم المستأنف: فلا يجوز ـ من حيث المبدأـ تنفيذ الأحكام جبراً ما دام الطعن فيها بالاستئناف جائزاً؛ إلا إذا كان النفاذ المعجل منصوصاً عليه في القانون أو محكوماً به (المادة 289 أصول).

ب ـ نشر النزاع أمام المحكمة: ينشر الاستئناف الدعوى بالنسبة إلى المسائل المستأنفة أمام محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع، وبالتالي يمكن للخصوم أن يتقدموا بأي أدلة أو دفوع جديدة بشأن هذه المسائل (المادة 236 أصول)، وتنظر محكمة الاستئناف في الطعن على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع جديدة إضافة إلى ما قدم إلى محكمة الدرجة الأولى (المادة 237 أصول)، ولكن ليس لمحكمة الاستئناف البحث إلا في الأسباب التي أثارها المستأنف في استدعاء استئنافه، فلا يجوز لها أن تقضي في طلب لم يرد في استدعاء الاستئناف (قرار نقض 1841/1829، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 409، ص 150 والقرار 1973/8812، لعام 1981، القاعدة 411، ص 151). وتجدر الإشارة إلى أنه في حال استؤنف حكم لا يتضمن الفصل في موضوع الدعوى؛ توجب على محكمة الاستئناف إذا فسخته أن تحكم أيضاً في الموضوع (المادة 236 أصول).

ج ـ لا يضار المستأنف من استئنافه: وهي قاعدة تتفرع من القاعدة العامة التي تقضي بألا يضار الطاعن بطعنه، وبموجبها ليس لمحكمة الاستئناف أن تسيء إلى مركز المستأنف بسبب استئنافه، وليس لها البحث في أي مسألة لم تعرض عليها (قرار نقض 509/444، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 395، ص 145).

د ـ استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية نفسها ما لم تكن قبلت صراحة (المادة 231 أصول).

هـ ـ تنصرف آثار الاستئناف إلى من استأنف الحكم ولا تتعداه إلى غيره، لهذا فالقرار الصادر عن محكمة الاستئناف برد الدعوى إنما يصدر بمواجهة من استأنف الحكم (قرار نقض 1910/2002، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 397، ص146).

8ـ الاستئناف التبعي: أجاز المشرع للمستأنف عليه أن يرفع استئنافاً تبعياً على الحكم المستأنف حتى لو انقضى ميعاد الاستئناف بالنسبة إليه، بشرط ألا يتجاوز ذلك تاريخ قفل باب المرافعة (المادة 231 أصول). ولا يجوز تقديم الاستئناف التبعي إلا بمواجهة المستأنف الأصلي، وفي حال تعدد المستأنف عليهم أصلياً، فإن استئناف أحدهم تبعياً لا يجب أن يوجه ضد الآخرين (قرار نقض 1381/432، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 436، ص160). ويسقط الاستئناف التبعي تلقائياً ـ بنص القانون ـ إذا حكم بعدم قبول الاستئناف الأصلي شكلاً (المادة 231 أصول)، وقد أراد المشرع بذلك ألا يفتح باب الاستئناف التبعي ضد حكم لم يستأنف خلال المهلة القانونية، أو لم تتوافر فيه الشروط التي تمكن محكمة الاستئناف من وضع يدها على القضية (قرار نقض 985/1458، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 422، ص155). وإذا ما تنازل المستأنف عن استئنافه الأصلي، أو رُدّ الاستئناف الأصلي موضوعا؛ فإن ذلك لا يؤثر وفق ما استقر عليه الاجتهاد القضائي على الاستئناف التبعي، وعلى محكمة الاستئناف متابعة النظر فيه ما دام تبين لها أن الاستئناف الأصلي مقبول شكلاً (قرار نقض 2262/3231، لعام 1993، الحسيني، القاعدة 395، ص 145). والاستئناف التبعي يماثل ـ إذا ما قدم بصورة صحيحة ـ الاستئناف الأصلي من حيث نشر المسائل التي يتضمنها أمام محكمة الاستئناف التي يتوجب عليها الفصل فيها (قرار نقض 1427/1971، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 425، ص 156)، وتجدر الملاحظة إلى أن المشرع شَرّع الاستئناف التبعي للمستأنف عليه فقط، وبالتالي لا يحق للمستأنف الأصلي استئناف الحكم مرة ثانية استئنافاً تبعياً (قرار نقض 1685/422، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 425، ص 155)، إلا أن تقديم الاستئناف التبعي لا يخضع لأصول تقديم الاستئناف  الأصلي نفسه، فلا يتوجب أن يتم باستدعاء كما لا يتوجب تأدية التأمين الاستئنافي، بل يجوز تقديمه بمذكرة عادية تُبلغ إلى المستأنف أصلياً (قرار نقض 1381/432، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 436، ص 160).

ثالثاًـ طرق الطعن غير العادية:

وهي كما حددها قانون أصول المحاكمات: النقض وإعادة المحاكمة واعتراض الغير، والفقه والاجتهاد متفقان على أنه لا يجوز اللجوء إلى طرق الطعن غير العادية إلا بعد استنفاذ طرق الطعن العادية، فإذا لم يمارس الطاعن طرق الطعن العادية المتاحة قانوناً، فإن ذلك يُعد رضوخاً منه للحكم الصادر بحقه (قرار نقض 1340/1402، لعام 1998، الحسيني، القاعدة 1039، ص 358ـ والقرار 1247/1130 لعام 1995، القاعدة 1040، ص 359).

1ـ النقض Le pourvoi en cassation: هو طريق من طرق الطعن غير العادية، يهدف إلى نقض الحكم وإعادته ـ من حيث المبدأـ إلى المحكمة التي أصدرته لتصحيح ما وقع فيه من أخطاء قانونية، فمحكمة النقض هي في الأصل محكمة قانون وليست محكمة موضوع، ولذا فهي لا تُعد درجة من درجات التقاضي، وقد بيّن المشرع ومن بعده القضاء والفقه الأحكام الناظمة لهذا الطريق من طرق الطعن بالأحكام، والتي يمكن تلخيصها بما يلي:

أ ـ الأحكام القابلة للطعن بالنقض: حدد المشرع الأحكام التي تقبل الطعن بالنقض بصفة أساسية بنص (المادة 250 أصول)، وبنصوص خاصة متفرقة، ولعل أهمها ما يلي:

(1)ـ جميع الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف إلا ما استثني منها بنص قانوني، كالأحكام الصادرة في المواد المستعجلة، فقرار محكمة الاستئناف بشأن هذه الأخيرة يصدر مبرماً لا يقبل أي طريق من طرق الطعن (المادة 227 أصول).

(2)ـ جميع الأحكام الصادرة عن المحاكم الشرعية والمذهبية.

(3)ـ جميع الأحكام الصادرة عن محاكم الصلح بالدرجة الأخيرة، كتلك الصادرة في قضايا الإيجارات (المادة /5/ من قانون الإيجار رقم /6/ لعام 2001)، وفي الخلافات الزراعية المنصوص عليها في قانون العلاقات الزراعية رقم /56/ لعام 2004)، حيث يخضع كل منها للطعن مباشرة أمام محكمة النقض من دون الاستئناف.

(4)ـ قرارات مجلس نقابة المحامين المتضمنة إلغاء قرارات الهيئة العامة للفرع، وهي تقبل الطعن بالنقض من قبل وزير العدل أو رئيس مجلس الفرع، أما قرارات مجلس النقابة الأخرى فتقبل الطعن بالنقض من قبل أصحاب العلاقة (المادة 103 من قانون تنظيم مهنة المحاماة).

ب ـ الخصوم في الطعن بالنقض: لا يجوز سلوك طريق الطعن بالنقض إلا ممن كان طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ونازع خصماً آخر في مزاعمه أو طلباته، أو نازعه هذا الخصم الآخر في مزاعمه أو طلباته (قرار نقض 514/572، لعام 1995، الحسيني، القاعدة 3685، ص 1672)، كما لا يقبل الطعن بالنقض إلا ممن توافرت فيه شروط المصلحة والصفة والأهلية، ولا يقبل أيضاً ممن سبق له التنازل عن حق الطعن بالحكم بعد ثبوته، ولا ممن سبق وأن رضخ للحكم كما سلف.

ج ـ أسباب الطعن بالنقض: حدد المشرع، على سبيل الحصر، أسباب الطعن بالنقض بما يلي (المادة 250 أصول):

(1)ـ إذا صدر الحكم عن محكمة غير ذات اختصاص، هذا مع مراعاة أحكام المادتين (145) و(146) من قانون أصول المحاكمات وتعديلاته الواردة في القانون رقم/1/ لعام 2010.

(2)ـ إذا كان الحكم مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تفسيره.

(3)ـ إذا خالف الحكم حكماً آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم من دون أن تتغير صفاتهم، وتعلق النزاع بالحق ذاته محلاً وسبباً وحاز قوة القضية المقضية، وسواء أدفع بهذا أم لم يدفع.

(4)ـ إذا لم يبن الحكم على أساس قانوني بحيث لا تسمح أسبابه لمحكمة النقض أن تمارس رقابتها.

(5)ـ إذا أغفل الحكم الفصل في أحد المطالب، أو إذا حكم بشيء لم يطلبه الخصوم، أو بأكثر مما طلبوه.

وقد أوجب المشرع ـ تحت طائلة البطلان ـ أن يشتمل استدعاء النقض على بيان أسبابه، ولم يسمح بالتمسك بغير الأسباب التي اشتمل عليها الاستدعاء؛ إلا إذا كان هناك أسباب متعلقة بالنظام العام، فهذه يجوز التمسك بها في أي وقت، وعلى المحكمة أن تأخذ بها من تلقاء نفسها (المادة 252 أصول). ولا يجوز للطاعن ـ وفق ما استقر عليه الاجتهاد القضائيـ أن يستند إلى أسباب الاستئناف على أنها أسباب للطعن بالنقض من دون تبيانها مجدداً في لائحة طعنه (قرار نقض 372/724، لعام 1997، الحسيني، القاعدة 3716، ص 1686).

د ـ ميعاد الطعن بالنقض: حدد المشرع ميعاد الطعن بطريق النقض بثلاثين يوماً (المادة 252/1 أصول)، تبدأ من اليوم الذي يلي تاريخ تبليغ الحكم، سواء كان صادراً بالصورة الوجاهية أو بمنزلة الوجاهي، ولا يستثنى من ذلك سوى حالة واحدة، هي حالة الأحكام الصادرة عن محكمة الصلح بالصورة الوجاهية، حيث يبدأ ميعاد الطعن فيها ـ بالنسبة إلى الخصم الذي صدر الحكم بمواجهته ـ من اليوم التالي لتفهيم الحكم؛ أي من اليوم التالي لصدوره إذا كان قابلاً للطعن بهذا الطريق (المادة 221 أصول). وتقديم الطعن بعد انتهاء المدة المحددة قانوناً يستوجب رده من الناحية الشكلية (قرار نقض 771/1189، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 3706، ص 1681).

هـ ـ إجراءات الطعن بالنقض: أوضح المشرع الإجراءات التي يتم من خلالها الطعن بالنقض، وبموجبها:

(1)ـ يتم الطعن بالنقض باستدعاء يقدم إلى ديوان محكمة النقض أو إلى ديوان المحكمة التي أصدرت الحكم، وتبلغ صورته إلى المطعون ضده وفقاً للقواعد المتعلقة بالتبليغ، وقد استقر اجتهاد الهيئة العامة لمحكمة النقض على وجوب إيداع صور عن استدعاء الطعن بعدد الخصوم في ديوان المحكمة وضمن المدة القانونية المحددة للطعن (قرار 1398/1605، لعام 1996، الحسيني، القاعدة 3692، ص 1675).

(2)ـ يجب ـ تحت طائلة الرد ـ أن يقدم استدعاء النقض من قبل محامٍ مسجل في جدول المحامين الأساتذة بالاستناد إلى صك توكيل، ويسري هذا الشرط على الرد على ما جاء بالاستدعاء الذي يقدمه المطعون ضده، كما يسري على طلبات الإدخال والتدخل والرد عليهما وتمثيل الطرفين أمام المحكمة (المادة 252 أصول). والاجتهاد القضائي مستقر على أنه لا يكفي أن يكون استدعاء النقض موقعاً من محامٍ أستاذ؛ بل لا بد من حضور المحامي ذاته أمام ديوان المحكمة لإقرار طعنه، وذلك تحت طائلة رفض الطعن شكلاً (قرار نقض 1440/1889، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 3665، ص 1665)، كما استقر الاجتهاد على عدم قبول الطعن من قبل محامٍ مناب (قرار نقض 1729/1925، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 3676، ص 1669). ولا شك أن تقديم الطعن من قبل أحد أطراف الدعوى -من غير المحامين الأساتذة- يستوجب أيضاً الرد شكلاً. وتقديم الطعن بالنقض من قبل محامي الطاعن يستوجب إرفاق صورة عن سند التوكيل المعطى له منه، والذي يخوله بنص خاص النيابة عنه في تقديم الطعن تحت طائلة رفض الطعن شكلاً (قرار نقض 3000/4083، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 3701، ص 1678). 

(3)ـ على الطاعن أن يودع -خلال ميعاد الطعن- التأمينات القانونية المتوجبة وفقاً لأحكام قانون الرسوم والتأمينات القضائية (المادة 255 أصول)، وإن تقديم الطعن من دون تأديتها يستوجب رد الطعن من الناحية الشكلية (قرار نقض 260/965، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 3687، ص 1673). ومن جهة أخرى إن مجرد إيداع التأمينات المشار إليها ضمن المهلة المحددة للطعن بالنقض لا يجعل الطعن ـ بالضرورة ـ مستوفياً لشرائطه ما لم يتم تقديم الطعن وتسجيله ضمن المدة القانونية المحددة للطعن من قبل محامٍ أستاذ (قرار نقض 48/48، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 3688، ص 1673).

(4)ـ وقد أتاح المشرع للمطعون ضده أن يجيب على استدعاء الطعن، على أن يقدم جوابه كتابة خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ تبليغه (المادة 253 أصول).

(5)ـ ويمكن للجهة المطعون ضدها -ولو بعد انقضاء ميعاد الطعن- أن تدخل في الطعن أي خصم في القضية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه في حالة عدم توجيه الطعن إليه من قبل الطاعن، ولمن يتم إدخاله في القضية أن يودع ديوان محكمة النقض في ميعاد خمسة عشر يوماً من تاريخ تبليغه مذكرة بدفاعه، ولكل من كان خصماً في القضية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، ولم يوجه ضده الطعن؛ أن يتدخل في موضوع الطعن ليطلب الحكم برفضه، ويكون تدخله بإيداع مذكرة بدفاعه ديوان محكمة النقض قبل الفصل في الطعن، وكذلك أجاز المشرع للمطعون ضده أن يرفع طعناً تبعياً على الحكم المطعون فيه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تبليغه استدعاء الطعن (المادة 254 أصول).

ـ وعند يوم ورود الجواب على استدعاء الطعن، أو انقضاء الميعاد اللازم لوروده؛ يُرفع ملف الدعوى إلى رئيس محكمة النقض (المادة 256 أصول)، وفي الأحوال التي تكون فيها النيابة العامة هي التي أقامت الدعوى، أو كان يحق لها التدخل فيها؛ يودع ملف الدعوى النيابة العامة لتبدي مطالبتها فيها (المادة 257 أصول).

و ـ الفصل في الطعن بالنقض: تنظر محكمة النقض في الشروط الشكلية، وفيما إذا كان الطعن مقدماً ممن له حق الطعن، فإذا لم تتوافر الشروط الشكلية قضت برفض الطعن شكلاً، أما إذا كان استدعاء الطعن مقبولاً شكلاً فلا حاجة إلى إصدار قرار خاص بذلك، وتنظر محكمة النقض وتفصل في موضوع الطعن استناداً إلى ما يوجد في الملف من الأوراق، ولا يحضر الخصوم أمامها ما لم تقرر المحكمة أو ينص القانون على خلاف ذلك، وللمحكمة أن تأذن للخصوم بتقديم بيانات جديدة لتأييد دفاعهم، ولها أن تتخذ كل إجراء يعينها على الفصل في الطعن، وإذا ما وجدت محكمة النقض أن منطوق الحكم موافق للقانون بحسب النتيجة رفضت الطعن (المادة 254 أصول)، أما إذا قبلت محكمة النقض الطعن فتنقض الحكم المطعون فيه كله أو بعضه (المادة 259 أصول).

وفي حال طعن في الحكم لمخالفته قواعد الاختصاص وجب على محكمة النقض أن تقتصر على بحث هذه العلة، وفي حالة النقض تُعيِّن المحكمة المختصة وتحيل الملف إليها للنظر فيه عند طلب أحد طرفي الخصومة، أما إذا نقض الحكم لغير ذلك من الأسباب فتعاد القضية عندئذ إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناءً على طلب الخصوم، ومع ذلك إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وكان الموضوع صالحاً للحكم فيه؛ جاز لمحكمة النقض أن تستبقيه لتحكم فيه (المادة 250 أصول)، وقد فسّرت محكمة النقض المقصود بكون الدعوى صالحة للفصل بإمكانية تصفية ما تبقى من مسائل في الدعوى وحسمها؛ الواقعية منها والقانونية؛ من دون اتخاذ أي إجراء جديد (قرار نقض 1381/20، لعام 1997، الحسيني، القاعدة 5364، ص 2673).

ـ وفي حال كان الطعن للمرة الثانية ورأت المحكمة نقض الحكم المطعون فيه، وجب عليها ـ في هذه الحالة ـ الحكم في الموضوع، ولها عند الاقتضاء تحديد جلسة لنظره (المادة 250 أصول). ويتحتم على المحكمة التي تحال إليها الدعوى أن تتبع حكم محكمة النقض (المادة 262 أصول).

ز ـ آثار الطعن بالنقض: ويمكن تلخيصها بما يلي:

(1)ـ لا يترتب -من حيث المبدأ- على الطعن بطريق النقض وقف تنفيذ الحكم ما لم يكن متعلقاً بعين العقار (المادة 251/1 أصول)، ويقصد بتعبير "عين العقار" ـ وفق اجتهاد محكمة النقض ـ النزاع الذي يدور على أساس الحق المتعلق بالعقار نفسه وليس الدعاوى التي تهدف إلى حماية حيازة هذا الحق (قرار نقض،9 لعام 1963، القواعد العملية لقانون أصول المحاكمات وتعديلاته، ممدوح عطري، الطبعة الثانية، 1967، القاعدة 1414، ص 1711)، مع ذلك أجاز المشرع لمحكمة النقض أن تقرر -بناء على الطلب وفي غرفة المذاكرة- وقف التنفيذ مؤقتاً إذا كان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه، ويجوز لها أن تأمر الطاعن بتقديم سند كفالة يضمن لخصمه أضرار وقف التنفيذ فيما إذا قضي برفض الطعن، أو أن يودع صندوق الخزينة ـ لقاء ذلك ـ المبلغ الذي تقدره المحكمة، أو أن تكون أمواله قد حجزت مقابل ذلك (المادة 251 أصول).

(2)ـ ومن جهة أخرى، يرتب المشرع على القرار القاضي بنقض الحكم المطعون فيه إلغاء جميع الأحكام والإجراءات اللاحقة له؛ متى كان ذلك الحكم أساساً لها، أما إذا كان الحكم لم ينقض إلا في جزء منه فيبقى نافذاً في أجزائه الأخرى إلا إذا كانت التجزئة غير ممكنة (المادة 261 أصول). وإذا ما قررت محكمة النقض رفض الطعن فتحكم عندئذ على الطاعن بالمصاريف ومصادرة التأمينات، وإذا رأت أن الطعن أريد به الكيد فلها أن تحكم بالتعويض للمطعون ضده (المادة 263 أصول).

(3)ـ تعاد القضية بعد النقض إلى محكمة الموضوع، وتزول عن الحكم المنقوض حجيته، ويُعاد الخصوم إلى مراكزهم السابقة التي كانوا عليها قبل صدور الحكم المنقوض، ولهم أن يقدموا إلى محكمة الموضوع من الطلبات والدفوع وأوجه الدفاع ما كان لهم أن يقدموه منها قبل صدور الحكم المنقوض (قرار نقض 296/542، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 5364، ص 2672).

ح ـ الطعن بالنقض نفعاً للقانون: أجاز المشرع للنائب العام ولقضاة النيابة العامة ـ كل في دائرته ـ أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحكام المبرمة الصادرة عن جهات القضاء العادي أياً كانت المحكمة التي أصدرتها؛ إذا كان الحكم مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وذلك بالنسبة إلى الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها، والأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن، ويرفع هذا الطعن بكتاب وتنظر المحكمة به في قضاء الولاية من دون دعوة الخصوم، ولا يستفيد الخصوم من هذا الطعن إلا إذا كان الطعن يتعلق بدعوى عمالية فيعدّ الطعن عندها موقفاً للتنفيذ ويستفيد منه الخصوم، وتعاد الدعوى في حال نقض الحكم المطعون فيه إلى المحكمة التي أصدرته لاتباع حكم محكمة النقض (المادة 250 مكرر أصول).

2ـ إعادة المحاكمة Le recours en revision: تُعد طريقاً من طرق الطعن الاستثنائية، تهدف إلى إلغاء حكم كان قد صدر في السابق للتخلص من حجية ما قضى به، ولكي يعود مركز طالب إعادة المحاكمة في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره، مما يمكنه من مواجهة النزاع من جديد والحصول على حكم آخر (قرار نقض 1494/1818، لعام 1996، الحسيني، لقاعدة 1052، ص 364). وتتلخص الأحكام الناظمة لإعادة المحاكمة بما يلي:

أ ـ الأحكام القابلة للطعن بطريق إعادة المحاكمة: لا يجوز التماس إعادة المحاكمة أو طلبها وفق ما ورد في مطلع (المادة 241 أصول)، إلا بشأن الأحكام التي حازت قوة القضية المقضية، وهي ـ وفق تعبير محكمة النقض ـ الأحكام المبرمة التي اكتسبت الدرجة القطعية (قرار نقض 1494/1818، لعام 1996، السابق ذكره). ولا يصح الطعن بإعادة المحاكمة إذا ما أصبح الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الأولى مبرماً بسبب تفويت الأطراف لميعاد الاستئناف حتى لو توافر سبب من أسباب إعادة المحاكمة، لأنه كان بإمكان الخصم الوصول إلى إلغاء الحكم أو إصلاحه عن طريق الاستئناف، فتركه المهلة تمر يقدم دليلاً على رضوخه للحكم على الرغم مما قد يعتريه من عيوب أو يشوبه من أخطاء، فلا يبقى له بالتالي -وفق ما استقر عليه الاجتهاد القضائي- الحق بطلب إعادة المحاكمة (قرار نقض 734/74، لعام 1996، الحسيني، القاعدة 1071، ص 373). أما أحكام محكمة النقض، فهي بدورها لا تقبل الطعن بطريق إعادة المحاكمة إلا في حالة تصديها للموضوع (المادة 264 أصول). وكذلك في الدعاوى العقارية التي تكون الدولة طرفاً فيها لا يكون طلب إعادة المحاكمة مقبولاً بشأنها إلا إذا رفع منها، ولا يجوز للخصم سلوك هذا الطريق (قرار نقض 1325/1494، لعام 1996، الحسيني، القاعدة 1074، ص 375).

ب ـ أسباب إعادة المحاكمة (المادة 241 أصول): لا يجوز التماس إعادة المحاكمة أو طلبها في الأحكام التي حازت قوة القضية المقضية؛ إلا إذا توافر سبب من الأسباب الثمانية التي حددها المشرع على سبيل الحصر، فلا بد من ثبوت إحداها على الأقل من أجل قبول طلب إعادة المحاكمة (قرار نقض 1039/2150، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 1056، ص 366)، وهذه الأسباب هي:

 (1)ـ إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير في الحكم: ولا يُعد غشاً - وفق ما استقر عليه الاجتهاد القضائي- مجرد السكوت أو الكتمان أو إخفاء الحقيقية، فلا بد لحصول الغش من عمل إيجابي يقع ممن حكم لمصلحته، ويجب حصول الغش من قبل أحد الخصوم في أثناء النظر بالدعوى باستعمال طرق احتيالية بهدف إخفاء الحقيقة وتضليل المحكمة. وبتفصيل أكثر يقصد بالغش كل عمل من أعمال التدليس والمفاجآت الكاذبة التي يلجأ إليها الخصم ليخدع بها المحكمة ويؤثر في قناعتها، فتتصور الباطل حقاً وتحكم لمصلحته بناءً على هذا التصور الخاطئ، بمعنى أن الغش هو الذي أثر في حكم المحكمة، ويجب أيضاً أن يكون الغش خافياً على الطاعن طوال النظر بالدعوى بحيث يستحيل عليه دفعه، وأن يكون صادراً من المطعون ضده أو من وكيله، أما الغش الصادر من الغير فلا يصلح سبباً يبرر إعادة المحاكمة (قرار نقض 63/174، لعام 1998، الحسيني، القاعدة 1042، ص 359، والقرار 485/614، لعام 1996، القاعدة 1046، ص 361، والقرار 132/84، لعام 1996، القاعدة 1069، ص 372 ).

(2)ـ إذا أقر الخصم بعد الحكم بتزوير الأوراق التي بني عليها أو إذا قضي بتزويرها: فالتزوير لا يُعد سببا مقبولاً لإعادة المحاكمة إلا إذا ثبت بإقرار الخصم أو بحكم مكتسب الدرجة القطعية، وذلك بعد صدور الحكم المطلوب إعادة المحاكمة من أجله، وقبل تقديم طلب إعادة المحاكمة (قرار نقض 2405/3355، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 1047، ص 362).

(3)ـ إذا كان الحكم قد بني على شهادة شاهد قضي بعد صدوره بأنها كاذبة: أما مجرد ظهور شاهد جديد؛ فلا يُعد سبباً لإعادة المحاكمة لعدم وروده من بين الأسباب التي عددها المشرع على سبيل الحصر كما سلف (قرار نقض 283/144، لعام 2001، الحسيني، القاعدة 1048، ص 362).

(4)ـ إذا حصل طالب إعادة المحاكمة -بعد صدور الحكم- على أوراق منتجة في الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها: وذلك بأن يثبت قيام المدعى عليه بإعادة المحاكمة بالحجز المادي لهذه الأوراق، ولا يقبل طلب الإعادة ـ وفق ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض ـ إذا كان بإمكان طالب الإعادة الاستفادة من الورقة المحجوزة لوجود أصلها في السجلات العامة والرسمية؛ إذ يمكنه الحصول على صورة مصدقة عنها بواسطة المحكمة، وكذلك الأمر لا يقبل طلب الإعادة إذا كان عدم الحصول على الأوراق المنتجة وعدم إبرازها راجع إلى إهمال من طالب إعادة المحاكمة، فليس من العدل والمنطق أن يسأل خصمه عن هذا الإهمال، وكذلك إن مجرد السكوت عن الورقة أو المستند لا يعدّ سبباً لإعادة المحاكمة (قرار نقض 1272/439، لعام 1997، الحسيني، القاعدة 1075، ص 375).

 (5)ـ إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه: فلا يجوز للمحكمة أن تقضي إلا في حدود الطلبات التي قدمت إليها، فلها أن تحكم بأقل مما طلبه الخصوم، لكن لا يجوز لها بأي حال من الأحوال أن تحكم بأكثر مما طلبه الخصوم؛ ولا أن تحكم بما لم يطلبه الخصوم، وإلا كان حكمها عرضة لطلب إعادة المحاكمة من أجل إلغاء ما تم الحكم به زيادة عما طلبه الخصوم، أما إذا أغفلت المحكمة البت في بعض الطلبات فيكون من حق صاحب المصلحة رفع دعوى جديدة بها (المادة 218 أصول). 

(6)ـ إذا كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه بعضاً: ولا تأثير لتناقض أسباب الحكم مع بعضها، ولا تناقضها مع منطوق الحكم ما دام منطوق الحكم ذاته خالياً من التناقض الذي يمتنع من تنفيذ الحكم أو يجعل تنفيذه متعذراً فيه (قرار نقض 1134/1621، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 1053، ص 365).

(7)ـ إذا صدر الحكم على شخص ناقص الأهلية أو على جهة الوقف أو على أحد أشخاص القانون العام أو أحد الأشخاص الاعتبارية ولم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى: كما لو أقيمت الدعوى على أي من هؤلاء المذكورين ولم يبلغ ولم يحضر عنه من يمثله قانوناً أو قضاءً، وصدر الحكم عليه واكتسب الدرجة القطعية.

 (8)ـ إذا صدر بين الخصوم أنفسهم وبالصفة والموضوع ذاتيهما حكمان متناقضان: وعلى أن يكون كل منهما قد اكتسب الدرجة القطعية، مما يؤدي إلى استحالة أو تعذر تنفيذهما معاً (قرار نقض هيئة عامة 31/270، لعام 1984، مجلة القانون لسنة 1993، ج 1و2).

وقد استقر اجتهاد محكمة النقض على أن مجرد ظهور أدلة جديدة لا يُعد سبباً لإعادة المحاكمة؛ لعدم وروده من بين الأسباب التي عددها المشرع على سبيل الحصر كما سلف (قرار نقض 63/174، لعام 1998، مشار إليه أعلاه).

ج ـ ميعاد إعادة المحاكمة (المادة 242 أصول): وقد حدده المشرع بخمسة عشر يوماً، إلا أن بدء سريان هذا الميعاد يختلف باختلاف السبب الذي يستند إليه طالب إعادة المحاكمة وفق ما يلي:

(1)ـ في حالة الغش أو التزوير أو الشهادة الكاذبة أو ظهور أوراق غير منتجة بالدعوى: يبدأ ميعاد إعادة المحاكمة من اليوم الذي يلي ظهور الغش، أو من اليوم الذي أقر فيه بالتزوير أو حكم بثبوته، أو من اليوم الذي حكم فيه على الشاهد بأنه كاذب، أو من اليوم الذي ظهرت فيه الورقة المحتجزة.

(2)ـ وفي حالة ما إذا قضى الحكم ـ موضوع طلب إعادة المحاكمة ـ بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، أو إذا كان منطوقه مناقضاً بعضه بعضاً؛ يبدأ الميعاد من تاريخ اكتساب الحكم قوة القضية المقضية.

(3)ـ وفي حالة ما إذا صدر الحكم على شخص ناقص الأهلية أو على جهة وقف أو على أحد أشخاص القانون العام أو أحد الأشخاص الاعتبارية ولم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً في الدعوى؛ يبدأ الميعاد من اليوم الذي يلي تبليغ الحكم إلى من يمثل المحكوم عليه تمثيلاً صحيحاً.

(4)ـ وفي حالة ما إذا صدر حكمان متناقضان بين الخصوم أنفسهم وبالصفة والموضوع ذاتيهما؛ يبدأ الميعاد من تاريخ تبليغ الحكم الثاني.

د ـ إجراءات إعادة المحاكمة: يقدم طلب إعادة المحاكمة إلى المحكمة التي أصدرت الحكم سواء كانت من محاكم الدرجة الأولى أم من الدرجة الثانية؛ حتى محكمة النقض تُعد صالحة للنظر بطلب إعادة المحاكمة إذا ما حكمت بالموضوع (قرار نقض 231/361، لعام 1996، الحسيني، القاعدة 1044، ص 360). ويقدم طلب إعادة المحاكمة باستدعاء يرفع إلى المحكمة المختصة بالأوضاع المعتادة لتقديم أي دعوى أخرى، ويجب أن يشتمل الاستدعاء على بيان الحكم المطعون فيه وأسباب الطعن تحت طائلة البطلان، وعلى طالب إعادة المحاكمة أن يودع في ميعاد رفع طلب إعادة المحاكمة التأمينات القانونية المنصوص عليها في قانون الرسوم والتأمينات القضائية (المادة 243 أصول). ويجب أن يرفع طلب إعادة المحاكمة وفق ما استقر عليه الاجتهاد القضائي بمواجهة جميع الأشخاص الواردة أسماؤهم في الحكم (قرار نقض 1039/2150، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 1056، ص 366). وتنحصر مهمة المحكمة في النظر في الطلبات المذكورة في استدعاء إعادة المحاكمة من دون أن تتعداها إلى غيرها (المادة 245 أصول). وتفصل المحكمة أولاً في جواز قبول طلب إعادة المحاكمة شكلا، ومن ثم تنظر في الموضوع (المادة 246 أصول).

هـ ـ إعادة المحاكمة تبعياً: كما هو الحال في الاستئناف التبعي وفي الطعن بالنقض تبعياً؛ كذلك في إعادة المحاكمة يمكن للمتخاصم فيها أن يطلب بدوره إعادة المحاكمة تبعياً، حتى لو انقضى الميعاد بالنسبة إليه ما دام لم يقفل بعد باب المرافعة، ويسقط طلب إعادة المحاكمة التبعي إذا حكم بعدم قبول طلب إعادة المحاكمة الأصلي شكلاً (المادة 244/ ف2 و3 أصول).

و ـ آثار إعادة المحاكمة: لا يترتب على مجرد تقديم طلب إعادة المحاكمة وقف تنفيذ الحكم، لكن يمكن للمحكمة أن تقرر خلاف ذلك إذا ما تبين لها توافر أسباب جدية تبرر وقف التنفيذ (المادة 244/ف1 أصول). والحكم في موضوع طلب إعادة المحاكمة يحل تلقائياً محل الحكم السابق. وفي هذه الحالة لطالب إعادة المحاكمة أن يسترد التأمينات التي كان قد دفعها (المادة 248 أصول)، وإذا انتهت الدعوى برد طلب إعادة المحاكمة يحكم على مقدمه بغرامة قدرها خمسون ليرة سورية وبالتضمينات إن كان لها وجه (المادة 247 أصول). ويقبل الحكم الصادر بشأن طلب إعادة المحاكمة الطعن بالطرق ذاتها المقررة للحكم الأصلي الذي حلّ محله، لا أكثر ولا أقل؛ لأن الفرع يتبع الأصل، فإذا كان الحكم الصادر في الدعوى الأصلية يقبل ـ مثلاًـ الاستئناف من دون النقض فإن الحكم في دعوى إعادة المحاكمة ضد الحكم المذكور، يقبل مثله، الاستئناف من دون النقض، وإذا كان غير خاضع للطعن كان الحكم الصادر بشأن إعادة المحاكمة كذلك غير خاضع للطعن (قرار نقض 1011/1528، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 1055، ص 365، والقرار 596/1068، لعام 1994، القاعدة 1067، ص372). ولا تجوز إعادة المحاكمة على إعادة المحاكمة، بمعنى أن الحكم الذي يصدر في موضوع طلب إعادة المحاكمة أو الحكم القاضي برفضه لا يقبل بدوره الطعن بطريق إعادة المحاكمة (المادة 249 أصول). وبهذا الشأن أوضحت محكمة النقض أن النص على عدم جواز طلب إعادة المحكمة مرّة ثانية جاء عاماً ومطلقاً، وبالتالي هو واجب التطبيق سواء كان رفض طلب الإعادة السابق لأسباب تتعلق في الشكل أم في الموضوع؛ لأن القاعدة العامة تقضي بأن المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل يقيده (قرار نقض 1118/149، لعام 1997، الحسيني، القاعدة 1066، ص 372). 

3ـ اعتراض الغيرLa tierce opposition: هو طريق من طرق الطعن غير العادية، رسمه المشرع لكل من مسّت حقوقه من حكم قضائي صدر في دعوى لم يكن هو طرفاً أو ممثلاً فيها، وذلك بهدف تعديل هذا الحكم، وتتلخص أحكامه بما يلي:

أ ـ الأشخاص الذين يحق لهم اعتراض الغير: منح المشرع لكل شخص لم يكن خصماً في الدعوى ولا ممثلاً ولا متدخلاً فيها؛ حق الاعتراض على أي حكم يمس بحقوقه (المادة 266 أصول)، كما منح الدائنين والمدينين المتضامنين والدائنين بالتزام غير قابل التجزئة الحق بأن يعترضوا -اعتراض الغير- على الحكم الصادر على أي دائن أو مدين آخر إذا كان هذا الحكم مبنياً على غش أو حيلة تمس بحقوقهم، وبشرط أن يثبتوا هذا الغش أو هذه الحيلة بجميع طرق الإثبات، وللوارث أن يستعمل هذا الحق أيضاً إذا مثله أحد الورثة في الدعوى التي لمورثه أو عليه وصدر الحكم مشوباً بغش أو حيلة، كما جعل المشرع لجميع من ورد ذكرهم أعلاه أن يعترضوا -اعتراض الغير- إذا استطاعوا الإدلاء بأي سبب أو دفع شخصي لجرح الحكم كله أو بعضه (المادة 267 أصول).

ب ـ الأحكام القابلة للطعن بطريق اعتراض الغير: جميع الأحكام تقبل -من حيث المبدأ- الطعن بطريق اعتراض الغير سواء كانت صادرة عن محاكم الدرجة الأولى (الصلح أو البداية)؛ أم عن محاكم الدرجة الثانية (الاستئناف)، كما تقبل اعتراض الغير الأحكام المستعجلة وإن كانت تتمتع بحجية مؤقتة (قرار نقض 124/261، لعام 1998، الحسيني، القاعدة 1084، ص 380). أما الأحكام الصادرة عن محكمة النقض، فهي لا تقبل اعتراض الغير إلا إذا فصلت بالموضوع (قرار نقض 848/1404، لعام 1999، الحسيني، القاعدة 1107، ص 389). ولا يُقبل الطعن بطريق اعتراض الغير الحكم الصادر بتصديق الصلح؛ لأنه حكم يصدر عن المحكمة بالصفة الولائية وليس بالصفة القضائية، لكن يمكن إبطاله بدعوى أصلية (قرار نقض 619/878، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 1090، ص 382).

ج ـ أنواع اعتراض الغير: جعل المشرع اعتراض الغير على نوعين: أصلي وطارئ، ويكون الاعتراض أصلياً إذا رفع إلى المحكمة ذاتها التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ويكون طارئاً عندما يرفع في معرض النظر في دعوى أخرى تمسك فيها أحد الخصوم بحكم صادر عن محكمة أخرى لم يكن خصمه فيها لا طرفاً ولا متدخلاً ولا ممثلاً (المادة 267 أصول).

د ـ ميعاد تقديم اعتراض الغير: لم يقيد المشرع اعتراض الغير بميعاد محدد، ولذلك يبقى سلوك طريق الطعن هذا ممكناً من قبل الغير مادام الحكم لم يسقط حقه بالتقادم (المادة 268 أصول).

هـ ـ  شروط الطعن باعتراض الغير: ينبغي على المحكمة الناظرة في الطعن باعتراض الغير البحث في الشروط الشكلية قبل الدخول في الموضوع، وهذا أمر يُعد من متعلقات النظام العام (قرار نقض 204/650، لعام 1998، الحسيني، لقاعدة 197، ص 385):

(1)ـ الشروط الشكلية: لكي يكون الطعن بطريق اعتراض الغير مقبولاً من الناحية الشكلية -وفق ما استقر عليه الاجتهاد القضائي- لا بد من أن يُرفع بمواجهة طرفي الخصومة في الدعوى الأصلية التي صدر فيها الحكم المعترض عليه؛ إذ لا يجوز بالعدل والمنطق إلغاء الحكم المعترض عليه إلا إذا تمثل المحكوم له والمحكوم عليه، بصفتهما معترضاً عليهما في الدعوى الاعتراضية (قرار نقض 182/1350، لعام 2000، الحسيني، لقاعدة 1119، ص 394. القرار1391/718 تاريخ 1997، القاعدة 1113، ص391). وتقديم اعتراض الغير بمواجهة جميع أطراف القرار المعترض عليه هو أمر يتعلق بالنظام العام، ويمكن للمحكمة بالتالي إثارته من تلقاء نفسها في أي مرحلة من مراحل التقاضي (قرار نقض 1868/2847، لعام 1999، الحسيني، لقاعدة 1108، ص 389)، والمحكمة غير ملزمة بأن تكلف من تلقاء نفسها المعترض لتصحيح الخصومة أو لإدخال من لم يمثل في الدعوى الاعتراضية من أطراف الحكم المعترض عليه (قرار نقض 1559/1994، لعام 1998، الحسيني، القاعدة 1102، ص 387). ومن ناحية أخرى لا بد من تفويض خاص لسوك طريق الطعن باعتراض الغير في حالة التوكيل بالخصومة؛ لأن سلوك طريق الطعن باعتراض الغير لا يدخل في أعمال الإدارة التي تخول الوكيل بالخصومة القيام بها والتي عددتها (المادة 499 أصول) (قرار نقض 1372/305، لعام 2000، الحسيني، القاعدة 1103، ص 387). 

(2)ـ الشروط الموضوعية: لعل الشرط الأول والأهم لقبول اعتراض الغير هو أن يثبت المعترض ابتداءً وجود حق له مسَ به الحكم المعترض عليه، فإذا ما تخلف هذا الشرط لم يعد للمحكمة ـ وإن ثبت لها وجود خلل في إجراءات الحكم أو ثبت لها مخالفته لأحكام القانونـ أن تُعدل الحكم لا كلياً ولا جزئياً وذلك لانتفاء المصلحة، ويُعد شرط المصلحة من متعلقات النظام العام، وقد استقر الاجتهاد القضائي على أن تكون مصلحة مباشرة قائمة وحالة يُقرها القانون للمعترض، ولا يكفي أن تكون محتملة من أجل جواز سلوك طريق الطعن باعتراض الغير (قرار نقض 1157/843، لعام 1999، الحسيني، لقاعدة 1101، ص 386). ومن المستقر فقهاً واجتهاداً أيضاً أن الضرر الذي يبرر اعتراض الغير هو ذاك الذي يلحقه الحكم منذ صدوره بحقوق قائمة بتاريخ صدوره لم يكن صاحبها طرفاً ولا ممثلاً فيها؛ وليس بحقوق لم تكن موجودة في هذا التاريخ (قرار نقض 1986/2261 لعام 1998، الحسيني، القاعدة 1109، ص 390، والقرار 830/1508، لعام 1998، القاعدة 1115، ص 392).  

و ـ إجراءات الطعن باعتراض الغير: تعد دعوى اعتراض الغير دعوى متفرعة من الدعوى الأصلية، لذلك تفصل المحكمة فيها ـ من حيث المبدأ ـ وفق الأصول التي تخضع لها الدعوى الأصلية (قرار نقض 213/421، لعام 1999، الحسيني، لقاعدة 1082، ص 378). مع ذلك فيما يتعلق باعتراض الغير الأصلي يرفع باستدعاء إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وفقاً للإجراءات العادية، متضمناً جميع البيانات التي أوجب المشرع توافرها في استدعاء الدعوى، وفيما يتعلق باعتراض الغير الطارئ يرفع باستدعاء أو بمذكرة إلى المحكمة الناظرة في الدعوى؛ إذا كانت مساوية أو أعلى من المحكمة التي أصدرت الحكم المعترض عليه، وكان النزاع الذي صدر فيه الحكم داخلاً في اختصاصها؛ أما إذا لم تكن المحكمة الناظرة في الدعوى مساوية أو أعلى من المحكمة التي أصدرت الحكم المعترض عليه، أو كان النزاع لا يدخل في اختصاصها، فيتوجب على المعترض عندئذ أن يقدم اعتراضاً أصلياً إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه (المادة 267 أصول). وعندما يكون الاعتراض طارئاً يمكن للمحكمة أن تفصل بالدعوى الأصلية وترجئ الفصل في الاعتراض، ما لم يكن فصل الدعوى الأصلية متوقفاً على نتيجة حكمها في الاعتراض (المادة 269 أصول).

ز ـ آثار الطعن باعتراض الغير: بداية لا يترتب على تقديم الطعن باعتراض الغير وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه؛ ما لم تقرر المحكمة الناظرة في الدعوى الاعتراضية خلاف ذلك بناء على طلب الطاعن، ومتى تبين لها أن في مواصلة تنفيذه ضرراً جسيماً (المادة 270 أصول). واعتراض الغير ينشر القضية من جديد أمام المحكمة، ويجيز للمعترض إثبات الوقائع التي يدعيها بجميع وسائل الإثبات لأنها من جهة وقائع مادية، ولأن الطاعن من جهة أخرى من الغير (قرار نقض 342/27، لعام 1998، الحسيني، القاعدة 1088، ص 381).

وإذا ثبت للمحكمة أن الغير كان محقاً في اعتراضه عدّلت المحكمة الحكم في حدود ما يمس حقوق هذا الغير، وإذا كان الحكم المعترض عليه لا يقبل التجزئة عدّلت المحكمة الحكم بكاملة (المادة 271 أصول). وإذا ما أخفق الغير في اعتراضه، ألزمته المحكمة بالمصاريف وبغرامة حددها المشرع بخمسين ليرة، فضلاً عن الحكم عليه بتعويض خصمه عما لحقه من ضرر (المادة 272 أصول). ويخضع الحكم الصادر بشأن الدعوى الاعتراضية لطرق الطعن ذاتها التي يخضع لها الحكم الأصلي (قرار نقض 127/344، لعام 1998، الحسيني، القاعدة 1121، ص 395). ومن جهة أخرى إن البحث في جدوى الطعن باعتراض الغير وصحته وأحقيته يبقى ـ وفق ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض ـ مقتصر الأثر في حدود ما قرره الحكم المعترض عليه، ولا يجوز أن يتعداه إلى غير ذلك، وإذا ما تجاوزت طلبات المعترض حدود الحكم المعترض؛ فإن الزيادة لا يجوز بحثها ولا مناقشتها في معرض دعوى اعتراض الغير، وإنما يمكن إثارتها في دعوى أصلية (قرار نقض 1553/404، لعام 2000، الحسيني، لقاعدة 1093، ص 383).

وأخيراً يجدر بالذكر أن اعتراض الغير هو طريق طعن اختياري يمكن للغير أن يسلكه كما يمكن له أن يستغني عنه وأن يطالب بتقرير حقوقه بدعوى أصلية (قرار نقض 619/878، لعام 2000، الحسيني، لقاعدة 1090، ص 382).

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ قانون أصول المحاكمات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي 84 بتاريخ 1953 وتعديلاته.

ـ ادوار عيد، موسوعة أصول المحاكمات والإثبات والتنفيذ، ج 5 (1986).

ـ أحمد أبو الوفا، التعليق على نصوص قانون المرافعات (منشأة المعارف، الطبعة السادسة، 1990).

ـ أنور طلبة، موسوعة المرافعات المدنية والتجارية، ج4 (منشأة المعارف،  الإسكندرية، بلا تاريخ).

ـ رزق الله أنطاكي، أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية (مطبعة الداودي، 1981ـ1982).

ـ موسوعة القضاء المدني، محمد أديب الحسيني، الجزء الأول (دار اليقظة العربية، الطبعة الأولى، 2002).

ـ شفيق طعمة وأديب استنبولي، مجموعة تقنين أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية، جمع وتنسيق (دمشق 1978).

ـ ممدوح العطري، القواعد العملية لقانون أصول المحاكمات وتعديلاته، جمع وتنسيق (الطبعة الثانية، 1982).


التصنيف : القانون العام
النوع : القانون العام
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 37
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1224
الكل : 31715774
اليوم : 70356