logo

logo

logo

logo

logo

العاملون في الدولة (مقدمة)

عاملون في دوله (مقدمه)

workers in the state (introduction) - travailleurs de l'Etat (introduction)

 العاملون في الدولة (مقدمة)

العاملون في الدولة (مقدمة)

محمد الحسين

تعد الوظيفة العامة

الأنظمة المشابهة لنظام التعيين

الطبيعة القانونية لعلاقة الموظف العام مع الإدارة والنتائج المترتبة على ذلك

 

أولاًـ تعد الوظيفة العامة La fonction publique:

الركن الأساسي الذي تبنى عليه حضارات الأمم بخصوصية الإمكانات المتوافرة في كل دولة، وخاصة العنصر البشري القادر على زخرفة هذه الحضارات بما يتمتع به من معرفة وثقافة، وحراك دائم للحفاظ على ما هو أفضل للمجتمع، ولاسيما أن الوظيفة العامة هي أمانة وجزء من حياة كل مواطن، وبحاجة إلى موظفين عموميين مختصين يقومون بعبء هذه الوظيفة بكل أمانة وشرف لتحقيق المصلحة العامة. لذا ومن هذا المنطلق يعدّ الموظف العام من أهم مكونات الوظيفة العامة لأنه يدب الروح والحركة في شرايينها، ويعمل على الدوام من أجل تحقيق الهدف المنشود. وهكذا يتم تسليح الموظف العام بامتيازات واسعة يستلزمها ما أنيط بمركزه من التزامات، إضافةً إلى توفير البيئة اللازمة التي تضمن له العمل بحرية واستقلال ضمن المنظومة القانونية والتنظيمية التي تحكم الوظيفة العامة. واستطراداً فأهمية الوظيفة العامة ترتكز على العناصر البشرية الذين يعملون من أجل ضمان استمراريتها، فهؤلاء العناصر هم من تخصصات متنوعة وكافية وفاعلة، ولكن ليس كل من يعمل في الدولة موظفاً عاماً، بل توجد شرائح أخرى تقوم بالدور نفسه، ولكن لا يحكمها النظام نفسه، بل تسمى أنظمة متشابهة لا بد من لحظها وبيان أهم الفوارق بينها حتى لا تختلط الأمور على المهتمين في هذا الحقل. لقد درجت العديد من الدول على استخدام مصطلح الموظف العام للدلالة على عمال الإدارة العامة الذين يعملون باسمها ولمصلحتها، وهذا ما فعله المشرع المصري قبل صدور القانون /46/ لعام 1964، لكنه بعد هذا التاريخ اعتمد مصطلحاً آخر هو العاملون المدنيون في الدولة، وكذلك المشرع السوري اعتمد مصطلح الموظفين الأساسيين في القانون رقم /135/ لعام 1945 (قانون الموظفين الأساسي)، إلاَّ أنه استبدل العاملين في الدولة  بهذا المصطلح بموجب القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /50/ لعام 2004. واستقر الفقه الإداري على تعريف الموظف العام (العامل في الدولة) بأنه: «الشخص الذي يساهم في عمل دائم تديره الدولة وغيرها من الوحدات الإدارية بأسلوب الاستغلال المباشر، وتكون مساهمته في ذلك العمل عن طريق إسناد مشروع ينطوي على قرار بالتعيين من جانب الإدارة وعلى قبول لهذا التعيين من جانب صاحب الشأن».

وهكذا يمكن استخلاص أهم العناصر التي يجب أن تتجلى بالموظف العام (العامل في الدولة):

أ ـ أن يسهم الشخص في إدارة المرفق العام الذي تديره الدولة مباشرة، ممثلة في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة المركزية، أو ممثلة في المجالس المحلية في المحافظات، وهذا يعني أن كل من يعمل في خدمة مرفق عام هو موظفٌ عامٌ سواء كان يعمل في مؤسسة اقتصادية أم خدمية ما دامت تدار هذه المرافق بأسلوب الاستغلال المباشر. لكن لا بد من التنويه أن الأشخاص الذين يعملون في عقود الامتياز أو الالتزام لا يعدون موظفين عموميين لكونهم يساهمون في خدمة المرفق العام على نحو غير مباشر.

ب ـ أن تكون مساهمة الشخص في إدارة المرفق العام عن طريق التعيين من جانب السلطة العامة التي تملك حق التعيين، وهذا يتم عن طريق إصدار قرار إداري فردي أو جماعي من قبل السلطة المختصة بتعيين مجموعة من الموظفين تم انتقاؤهم بحسب الشروط والإجراءات القانونية الواجبة من دون قهر أو إكراه من قبل الإدارة، وهذا ما يعطي الطابع الإرادي لتولي الوظائف العامة، أما إذا تمت بالإكراه فلا تطبق عليها القواعد القانونية التي تحكم الوظائف العامة. لكن لا بد من الإشارة إلى حالة الموظف الفعلي وهو الشخص العادي الذي يقوم ببعض التصرفات كما لو كان موظفاً عاماً من أجل الحفاظ على المصلحة العامة، أي إنه يحل محل المرفق العام المعني بالأمر ويقوم بكل ما من شأنه أن يحافظ على استمرارية المرفق العام وهذا يكون في حال غياب المرفق العام أو عدم إمكانيته تأدية دوره نتيجة حروب، ثورات… إلخ. وفي هذه الحالة أصبح من المتفق عليه فقهاً وقضاءً أن ما قام به الموظف الفعلي يطبق عليه ما يطبق على الموظف العام من أجل تأمين استمرارية المرفق العام بانتظام.

ج ـ يجب أن يكون عمله على وظيفة دائمة: وهذا يعني أن تكون هذه الوظيفة ملحوظة بالملاك العددي للمرفق مضمون النظام الذي يحكمه من أجل تأمين حسن تسيير المرفق العام.

ثانياًـ الأنظمة المشابهة لنظام التعيين:

تشابه هذه الأنظمة نظام التعيين لكونها تؤدي الدور نفسه في شغل الوظيفة العامة بصفة مؤقتة وتسهم في حسن تسيير المرفق العام، إلا أنها تختلف عن التعيين من جهة أن  التعيين يؤدي إلى إصدار قرار إداري من قبل السلطة صاحبة الحق بالتعيين لتقليد شخص وظيفة شاغرة ـ عندما تتوافر فيه شروط شغلهاـ بصفة دائمة وليست مؤقتة. وتتمثل هذه الأنظمة في ثلاث حالات:

1ـ التعاقد مع العاملين في الدولة: وهذا الأمر يتم في حالة توسع أعمال المرفق، بحيث لم يعد الملاك العددي كافياً لضمان حسن استمرارية المرفق العام، فيقوم المرفق بالتعاقد مع الأشخاص بصفة مؤقتة، أو في حال احتياج المرفق إلى خبرات فنية نادرة أو إلى اختصاصات فنية ومهنية غير متوافرة لديهم. وقد تم لحظ ذلك في القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /50/ لعام 2004، حيث نص على أن النظام الداخلي للمرفق يصدر بقرار من الوزير المختص، ويتضمن هذا النظام تحديد الحالات التي يجوز للإدارة التعاقد فيها، والأسس الناظمة لتحديد قواعد الأجور والحقوق الأخرى، والسلطة المخولة بإجراء التعاقد، مع ضرورة تصديق هذه العقود بمرسوم عندما يتجاوز الأجر الشهري المقطوع المتعاقد عليه الحد الأقصى لأجر الفئة من جداول الأجور الملحقة بهذا القانون، وبقرار من الوزير المختص بالنسبة إلى باقي العقود التي تقل أجور أصحابها الشهرية المقطوعة عن هذا الحد، علماً بأن من يحكم العلاقة بين المتعاقدين والمرفق هي البنود العقدية الواردة في عقود استخدامهم، وبناءً على ذلك نصت المادة (147) من قانون العاملين الأساسي في الدولة على ما يلي:

 أ ـ يجوز للجهة العامة ـ ضمن حدود الاعتمادات المرصدة لهذا الغرض في الموازنة العامة ـ التعاقد مع الخبراء والاختصاصيين والمهنيين.

 ب ـ يحدد النظام الداخلي للجهة العامة:

1) الحالات التي يتم فيها التعاقد.

2) أسس وقواعد تحديد أجور المتعاقدين.

3) أسس وقواعد تحديد الحقوق الأخرى لهؤلاء المتعاقدين، على ألا تزيد هذه الحقوق على الحقوق التي يجوز منحها لأمثالهم من العاملين الدائمين.

4) السلطة المختصة بإجراء التعاقد.

ج ـ يتم تصديق العقود الجارية وفق أحكام هذه المادة كما يلي:

1) بمرسوم: فيما إذا كان الأجر الشهري المقطوع للمتعاقد عليه يبلغ أو يزيد على الحد الأقصى لأجر الفئة الأولى ضمن جداول الأجور الملحقة بهذا القانون.

2) بقرار من الوزير المختص: فيما إذا كان الأجر الشهري المقطوع المتعاقد عليه يقل عن الحد المشار إليه بالفقرة /أ/ السابقة، أي عن الحد الأقصى لأجر الفئة الأولى.

 د ـ مع مراعاة أحكام الفقرة /ب/ من هذه المادة يخضع المتعاقدون في علاقاتهم مع الجهات العامة المتعاقدين معها ـ سواء من حيث الحقوق أم الواجبات ـ للأحكام الواردة في عقود استخدامهم دون غيرها من أحكام هذا القانون، أو أي قانون أو نظام آخر.

لا بد من الإشارة إلى أن طبيعة هذه العقود هي عقود إدارية، لذلك جميع المنازعات المتعلقة بها تخضع لقواعد القانون العام ويفصل فيها القضاء الإداري السوري بدلالة المادة  (143) من القانون 50 لعام 2004. وبهذا يمكن أن نستخلص أهم نقاط الافتراق بين التعيين في الوظائف العامة والتعاقد مع العاملين في الدولة وفق ما يلي:

ـ يكون التعيين لتقلد وظيفة دائمة، في حين يكون التعاقد مع العاملين في الدولة مدة مؤقتة. وهذا ما أكدته الفقرتان /ب/ و/ج/ من المادة (148) من القانون 50 لعام 2004، أنه مهما جدد العقد أو مدد لا ينقلب إلى تعيين وتنتهي مفاعيله بانتهاء المدة المحددة فيه.

ـ يتم التعيين في الوظيفة العامة على وظيفة شاغرة ملحوظة بالملاك العددي للمرفق، وفق شروط معينة وإجراءات محددة. في حين يكون التعاقد لضمان استمرارية المرفق العام من خلال الاستعانة بالعاملين من الخبرات والاختصاصات الفنية النادرة التي يفتقد إليها المرفق في ملاكه.

ـ يخضع الموظف العام للقواعد والأنظمة القانونية التي تحكم الوظيفة العامة لأن العلاقة بينه وبين المرفق علاقة نظامية. في حين أن التعاقد مع العاملين بالدولة يخضع لأحكام عقود استخدامهم وبالتالي فالعلاقة بين المتعاقد والمرفق هي علاقة عقدية وليس نظامية.

ـ يكون التعيين بقرار إداري فردي أو جماعي من قبل السلطة صاحبة الحق بالتعيين، في حين يكون التعاقد مع العاملين بالدولة بموجب عقود إدارية.

2ـ نظام الوكالة:

أ ـ عرفت المادة (73) من القانون الأساسي للعاملين بالدولة رقم 50 لعام 2004 الوكالة على أنها التعيين بصورة مؤقتة على وظيفة شاغرة أو على وظيفة أصيلها في أحد الأوضاع التالية:

1) الندب في وظائف التعليم.

2) الإعارة.

3) كف اليد، إذا استمر أكثر من ستة أشهر، باستثناء العاملين في التعليم الذين يجوز تعيين وكلاء عنهم مهما بلغت مدة كف اليد.

4) الإجازات على مختلف أنواعها التي لا تقل مدة كل منها عن تسعين يوماً (باستثناء العاملين في التعليم الذين يجوز تعيين وكلاء عنهم مهما بلغت مدة الإجازة).

ب ـ يمارس الوكيل صلاحيات الأصيل.

 يستخلص من أحكام المادة السابقة أنه يجوز تعيين الوكيل في حال ندب الأصيل في وظائف التعليم فقط، وهذا يعني أنه لا يجوز تعيين وكيل في حال ندب الأصيل إلى وظائف أخرى في الدولة لا تتعلق بوظائف التعليم.

ولا بد من الإشارة إلى أنه يشترط في الوكيل ألا تقل درجته وفئته عن درجة الموظف الأصيل وفئته؛ لأن الفقرة /ب/ من المادة السابقة تشير إلى أنه يجب أن تتوافر فيمن يعين وكيلاً على إحدى الوظائف شروط شغل هذه الوظيفة (مثال إذا كان الأصيل المندب يشغل وظيفة من الفئة الأولى، فإن ذلك يتطلب أن يكون الوكيل المعيَّن حاملاً للشهادة المطلوبة لشغل هذه الوظيفة، أي حاملاً شهادة جامعية على الأقل)، ويمنح الوكيل أجره في نهاية الشهر، أي إنه يجب أن يعمل أولاً حتى يستحق الأجر الشهري [انظر الفقرة (أ) من المادة 76 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004]، ويعامل الوكيل معاملة الأصيل في تقاضيه للتعويضات والاستحقاقات المالية الأخرى [انظر الفقرة (ب) من المادة 76 من القانون 50 لعام 2004]. كما يستحق الوكيل إجازة إدارية تناسب خدمته إذا تجاوزت هذه الخدمة ستة أشهر شريطة ألا تتجاوز /15/ يوماً خلال السنة [انظر الفقرة (1) من ج من المادة 76 من القانون 50 لعام 2004]. إضافة إلى إمكانية منح الوكيل إجازات صحية خلال خدمته، ومنحه إجازة بلا راتب على ألا تتجاوز /20/ يوماً في السنة [انظر الفقرتين (2 و3) من المادة 76 من القانون 50 لعام 2004]، وفي حال غياب الوكيل من دون عذر مبرر يعدّ بحكم المستقيل وفقاً لأحكام المادة (135) من هذا القانون. وتجدر الإشارة إلى أن العاملة الوكيلة في الدولة يمكن منحها إجازة أمومة استناداً إلى الفقرة (د) من المادة (76) من القانون /50/ لعام 2004 شريطة أن يكون قد مضى على تعيينها سنة على الأقل. أما فيما يتعلق بإنهاء خدمة الوكيل فيمكن للإدارة إنهاء خدمته في أي وقت تشاء، أو في حالة عودة الأصيل ومباشرته لعمله. ويمكن تثبيته في وظيفته إذا كان من الفئتين (الثانية أو الثالثة)، وأن يكون قد مضى على تعيينه بالوكالة مدة سنتين على الأقل، ويكون هذا التثبيت على وظيفة شاغرة من قبل الوزير المختص، وهذا يعني أن الأمر جوازي يعود تقديره للسلطة صاحبة الحق بالتعيين [انظر الفقرة هـ من المادة 76 من القانون 50 لعام 2004]. وهناك اجتهاد قضائي ثابت أكدته المحكمة الإدارية العليا السورية، في قرارها رقم /102/ الطعن /707/ لعام 1992 حيث جاء فيه «ومن حيث أن تثبيت الوكيل هو أمر جوازي يعود تقديره للسلطة صاحبة الحق بالتعيين، وعلى هذا تكون مطالبة الجهة المدعية في دعواها إلزام الإدارة بتثبيتها من تاريخ مباشرتها العمل إنما تفتقر إلى السند القانوني، مما جعل هذه المطالبة جديرة بالرفض» [انظر مجموعة المبادئ القانونية التي أقرتها المحكمة الإدارية العليا عام 1992، دمشق مجلس الدولة دار المجلة للطباعة والنشر 1994 ص 482].

مما تقدم يمكن إجمال أهم الفوارق بين الوكالة والتعيين بالنقاط التالية:

ـ يتم نظام التعيين في الوظيفة العامة على وظيفة شاغرة بصفة دائمة. في حين أن نظام الوكالة يكون التعيين فيه بصفة مؤقتة على وظيفة شاغرة، أو على وظيفة أصيلها في أوضاع محددة.

ـ تنتهي وكالة الوكيل حكماً من تاريخ عودة الأصيل ومباشرته وظيفته، كما يمكن إنهاء الوكالة من قبل السلطة صاحبة الحق بالتعيين في أي وقت تشاء. بل يبقى المعيَّن في الوظيفة العامة على رأس وظيفته ويعد مثبتاً بعد مرور فترة معينة كاختبار له ما لم يتم تسريحه خلالها لأسباب قانونية. في حين أن الوكيل يمكن تثبيته بقرار من الوزير المختص إذا مضى على تعيينه وكيلاً مدة سنتين على الأقل وتوافرت فيه شروط شغل هذه الوظيفة وكان من الفئتين الثانية والثالثة، وهذا الأمر جوازي يعود تقديره للإدارة.

3ـ نظام التكليف: يقضي هذا النظام بإلزام بعض الأشخاص العمل في وظائف معينة تحت طائلة المساءلة الجزائية، وهذا الإلزام يصدر من قبل السلطة المختصة قانوناً، ويكون من أجل سد العجز الحاصل في استقطاب بعض الاختصاصيين الفنيين لشغل الوظائف العامة لقلة الرواتب في المرافق العامة؛ ولذلك يفضل الخريجون الجامعيون الفنيون العمل في القطاع الخاص، أو لقلة الخريجين من الاختصاصات الفنية، كالأطباء والمهندسين من غير المهندسين الزراعيين، وهذا قضت به المادة (2) من القانون رقم /49/ تاريخ 24/12/1974 «تلتزم الدولة بتعيين جميع الخريجين في إحدى الجهات العامة خلال مدة ستين يوماً من تاريخ تخرجهم»، ويتم بقرار من رئيس مجلس الوزراء توزيع الخريجين لتعيينهم في أي من الجهات العامة، ويتمتع المهندسون المعينون على هذا النحو بكل امتيازات الوظيفة العامة مع إمكانية منحهم مرتبة إضافية بمعدل درجة عن كل خمس سنوات في الخدمة الفعلية لدى أي من الجهات العامة، وتقاضيهم تعويض اختصاص قدره 55% من راتبهم المقطوع [انظر المواد، 3 و4 و5 و6 من القانون رقم 49 لعام 1974]. علماً بأن هذا القانون قد تم تعديله بالمرسوم التشريعي رقم (1) لعام 1996 حيث ألزم هذا المرسوم الخريجين أن يتقدموا بطلبات خطية إلى رئاسة مجلس الوزراء تتضمن رغباتهم في التعيين في أي من الجهات العامة وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ تخرجهم وهذا شرط رئيسي لإلزام الدولة في تعيينهم لدى الدولة.

من خلال ما سبق يمكن إجمال نقاط الخلاف بين التكليف والتعيين في الوظائف العامة بالنقاط التالية:

ـ إن التعيين في الوظائف العامة يكون بقرار إداري نابع من رغبة الشخص في تقلد الوظائف العامة، في حين أن التكليف إلزام وإكراه للشخص في تقلد الوظيفة العامة وإلاَّ عرض نفسه للعقاب الجزائي الذي يتمثل في الحبس والغرامة.

ـ يكون التعيين على وظيفة شاغرة بصفة دائمة، في حين يكون التكليف مدة زمنية محددة على نحو مسبق تراوح بين سنة أو سنتين قابلة للتجديد، ويتحول التكليف بعد نهاية مدته إلى تعيين دائم في حال موافقته على متابعة عمله الوظيفي.

ثالثاًـ الطبيعة القانونية لعلاقة الموظف العام مع الإدارة والنتائج المترتبة على ذلك:

يتنازع الفقهاء وجهتي نظر حول هذه العلاقة:

1ـ النظرية التعاقدية: تعتمد هذه النظرية في البلاد الأنكلوسكسونية التي تعد أن العلاقة التي تربط الموظف بالإدارة هي رابطة عقدية ناجمة عن اتفاق إرادتين تحددان ما لهما من حقوق وما عليهما من التزامات سواء كان العقد إدارياً أم خاصاً، وهذا الأمر سيؤدي في حال قيام الإدارة بفسخ العقد من دون أن يرتكب المتعاقد أي خطأ إلى إلزام الإدارة بالتعويض على العامل، ولا تستطيع الإدارة أن تفرض عليه أي التزام يخرج عن البنود العقدية. وبالمقابل يتحمل الموظف الالتزام بالتعويض على الأشخاص الذين تضرروا من عمله الوظيفي لأنه هو المسؤول الوحيد عن خطئه لأن الدولة ليست مسؤولة إلاَّ في حدود العقد.

لكنه لم يعد في الوقت الراهن قبول لهذه النظرية لكونها لا تتماشى مع طبيعة الوظيفة العامة وتتضارب مع حسن تسيير المرفق العام وضمان استمراريته لإشباع الاحتياجات العامة.

2ـ النظرية النظامية: عدت هذه النظرية أن التعيين في الوظيفة العامة إنما يتم عن طريق قرار إداري صادر عن السلطة المختصة لشغل الوظيفة من قبل الشخص الذي يرغب الدخول إلى الحياة الوظيفية بإرادة حرة من دون إكراه من الدولة، إضافة إلى أن المركز الذي يشغله الموظف العام هو مركز قانوني عام، وليس مركزاً ذاتياً شخصياً، وجد من أجل المساهمة في استمرارية المرفق العام لضمان تحقيق المصلحة العامة. وما دام أن الموظف العام لم يُرغم على تقلُّد الوظيفة العامة بل اختارها بإرادة حرة عليه أن يخضع للشبكة القانونية والتنظيمية التي تحكم الوظيفة العامة، وتنفذ عليه هذه القواعد من دون أن تتوقف على رضاه. وهذه النظرية تنسجم مع طبيعة المرفق العام والدور الذي يؤديه في حياة المجتمع. وأهم النتائج التي تترتب على هذه النظرية التزام الإدارة بالتعامل مع المراكز الوظيفية المتماثلة تعاملاً واحداً، وهذا الأمر هو من النظام العام الذي لا يجيز لها الاتفاق على خلافه.

إضافة إلى أن الموظف العام لا يخضع للقواعد القانونية التي تحكمه لحظة إشغال الوظيفة العامة بل يعدُّ ملزماً باحترام جميع القواعد القانونية اللاحقة التي تقوم بتعديل العديد من التشريعات والأنظمة التي تنظم حياته الوظيفية وبما ينسجم مع ضرورات تلاؤم المرفق مع متطلبات المصلحة العامة شريطة أن تكون هذه التعديلات موضوعية وقد احترمت مبدأ الشرعية، وإلاَّ يحق له أن يلجأ إلى القضاء إذا كان هناك مخالفة قانونية. والقضاء المختص لفض المنازعات بين الموظف العام والإدارة هو القضاء الإداري الذي يمتلك الحق في فصل الدعاوى سواء كانت دعاوى تعويض أم دعاوى إلغاء وذلك بحسب إرادة الموظف العام وطلباته، علماً بأن قواعد القانون العام هي التي تطبق على هذا النزاع.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد الله طلبة، الرقابة القضائية على أعمال الإدارة (منشورات جامعة دمشق، دمشق 1993).

ـ محمد يوسف المعداوي، دراسة في الوظيفة العامة في النظم المقارنة والتشريع الجزائري (منشورات ديوان للمطبوعات الجامعية، الجزائر 1984).

ـ سليمان الطماوي، قضاء الإلغاء، الكتاب الأول (دار الفكر العربي، القاهرة 1967).

ـ سليمان الطماوي، الوجيز في القانون الإداري (دار الفكر العربي، القاهرة 1990).

 


التصنيف : القانون العام
النوع : القانون العام
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 63
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 479
الكل : 31178897
اليوم : 4054