logo

logo

logo

logo

logo

قانون الأسلحة والذخائر

قانون اسلحه ذخاير

arms and ammunition law - droit des armes et des munitions

 قانون الأسلحة والذخائر

قانون الأسلحة والذخائر

عبد القادر هباش

التعريف بقانون الأسلحة والذخائر

جرائم قانون الأسلحة والذخائر

 

تُعدّ الأسلحة والذخائر خطراً على المجتمع وعلى المواطنين، حيازةً واستعمالاً واتجاراًً، نظراً للمحاذير التي تنجم عنها، لذلك فإن معظم تشريعات العالم تقنن أحكاماً لتنظيمها، ولم يشذ المشرع السوري عن هذا الاتجاه فنظم حمل الأسلحة وترخيصها وتعريفها وتعدادها في قانون الأسلحة والذخائر الصادر في 24 أيلول 2001.

تتطلب دراسة قانون الأسلحة والذخائر الحالي تصنيفها في قسمين، يخصص الأول للتعريف بقانون الأسلحة والذخائر (أولاً) ويخصص الثاني للجرائم التي نص عليها في قانون الأسلحة والذخائر (ثانياً).

أولاً ـ التعريف بقانون الأسلحة والذخائر:

إن التعريف بقانون الأسلحة والذخائر يستدعي بيان تطوره التشريعي وبيان أحكامه العامة المخالفة لقانون العقوبات وتحديد طبيعته الخاصة.

1ـ التطور التشريعي لمواجهة جرائم الأسلحة والذخائر: لقد تطورت التشريعات الجزائية في مكافحة الجرائم المتعلقة بالأسلحة والذخائر، إذ تم النص في البداية على هذه الجرائم في قانون العقوبات الصادر عام 1949 في الباب المتعلق بالجرائم الواقعة على السلامة العامة، إذ جرم المشرع كل حمل للأسلحة والذخائر وحيازتها والاتجار بها بلا ترخيص سواء أكانت أسلحة حربية أو غير حربية أم أسلحة ممنوعة في المواد (312 ـ 318). ثم صدر قانون الأسلحة والذخائر رقم 403 لعام 1957، الذي عدّ المحاولة التشريعية الأولى لتنظيم حمل وحيازة الأسلحة وذخائرها والاتجار بها وترخيصها. وقد تضمن هذا القانون تسعاً وأربعين مادة. وبعد أربعة عقود ونيف قام المشرع بتعديل قانون الأسلحة والذخائر فأصدر المرسوم التشريعي رقم 51 لسنة 2001 الذي عدّل كثيراً من الأحكام السابقة، إذ فرض رسوماً كبيرة على طالبي الترخيص ونظم حمل وحيازة الأسلحة والذخائر وحصر التصنيع والاستيراد والتصدير والنقل والتوزيع بالقطاع العام، إضافة إلى حصر صلاحيات منح التراخيص بوزير الداخلية أو من يفوضه، كمدير إدارة الأمن الجنائي، الذي يختص بمنح تراخيص صنع الألعاب النارية واستيرادها وتصديرها والاتجار بها وبيعها وتخزينها وإتلافها ونقلها وحيازة أسلحة التمرين وذخائرها لنوادي الرماية المرخصة أصولاً وإصلاح الأسلحة، وقائد شرطة المحافظة، الذي يختص بمنح تراخيص حمل وحيازة المسدسات الحربية وبنادق الصيد وذخائرها، ومدير المنطقة، الذي يختص بمنح تراخيص حمل وحيازة بندقية صيد، وقصر تراخيص الأسلحة على مسدس حربي واحد وبندقية صيد واحدة ومنع حيازة وترخيص البنادق الحربية.

وبعد مضي نحو ستة أشهر على صدور هذا المرسوم التشريعي رقم 51، قام المشرع بتعديله، إذ زاد من عدد الأسلحة المسموح بترخيصها لشخص واحد، فسمح بحيازة بندقيتي صيد بدلاً من واحدة، واستعاض عن عبارة خلال شهر كانون الثاني من كل عام (لتقديم الوثائق التي تثبت استمرار توافر شروط الترخيص) بعبارة خلال ثلاثين يوماً، وخفض الرسوم اللازمة للتراخيص بعد إن كانت باهظة جداً ومرهقة للكثير من الناس المضطرين إلى حمل السلاح كثيراً وحيازته ولاسيما أولئك الذين تتطلب أعمالهم أو مناطق وجودهم حملها للدفاع عن أنفسهم وأموالهم. وأخيراً مدد المهل المنصوص عليها في المواد (48ـ50ـ52) من المرسوم التشريعي 51 لعام 2001 فأصبحت سنة بدلاً من ستة أشهر.

وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم النص على الجرائم المتعلقة بالأسلحة والذخائر بداية في قانون العقوبات العام الصادر عام 1949، ثم في قانون الأسلحة والذخائر الصادر بتاريخ 2001 وهذا القانون الأخير هو قانون خاص وهو واجب التطبيق وله الأولوية على القوانين العامة إلا في حالة نص هذه الأخيرة على عقوبة أشد وفق نص المادة (39) من قانون الأسلحة والذخائر التي تقرر ما يلي «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في القوانين النافذة يعاقب كل من خالف أحكام هذا المرسوم التشريعي بالعقوبات المبينة في المواد التالية».

وبناء عليه، إذا نص قانون الأسلحة والذخائر على عقوبة أخف لجرم منصوص عليه أيضاً في قانون العقوبات، فإن أحكام قانون العقوبات هي الواجبة التطبيق هنا لأنها احتوت على عقوبة أشد من تلك المذكورة في قانون الأسلحة والذخائر بصفته قانوناً خاصاً.

2ـ الأحكام العامة المخالفة لقانون العقوبات: تبنى المشرع في المرسوم 51 لعام 2001 أغلبية الأحكام العامة لقانون العقوبات، ولكنه ارتأى في بعض الأحيان مخالفة هذه الأحكام، فما هي هذه الأحكام؟

أ ـ عدم وضوح محل التجريم في جرائم الأسلحة والذخائر: إن تحديد مفهوم الأسلحة والذخائر والألعاب النارية والمفرقعات يعد أمراً مهماً لتحديد محل الجرائم التي تم النص عليها في قانون الأسلحة والذخائر، فكيف تم تحديدها، هل عن طريق تعريفها في صلب القانون أم عن طريق تعدادها، وهل تعدادها أتى على سبيل الحصر أم على سبيل المثال؟

مفهوم الأسلحة والذخائر: لم يعرف المشرع الأسلحة في قانون الأسلحة والذخائر الصادر في سنة 2001 وإنما عددها في المادة الأولى كما يلي:

ـ المسدسات الحربية بجميع أنواعها وقطع غيارها.

ـ بنادق الصيد ذات الجف الأملس وقطع غيارها.

ـ أسلحة التمرين وتشمل الأسلحة النارية ذات الجف الأملس التي يقل عيارها عن تسعة ملم وأسلحة الرماية التي تطلق بوساطة الضغط وقطع غيارها.

ـ الأسلحة الأثرية غير المعدة للاستعمال.

لقد أقتصر النص في المادة السابقة على المسدسات الحربية وهي التي تطلق بالعادة النار، ولكن بالمقابل، هناك مسدسات أخرى تطلق الغاز أو مواد كيميائية أو مخدرة أو أشعة، فهذه الأنواع من المسدسات لا تُعدّ حربية ومن ثم لا يعاقب على حملها وحيازتها بموجب قانون الأسلحة باعتبار أن هذا الأخير لا يعاقب إلا على حيازة المسدس الحربي فقط.

كما يخرج أيضاً من نطاق التجريم الأسلحة الصوتية والضوئية التي لا تصلح للقتل ولا للإيذاء والتي تستعمل في التمثيل أو للابتهاج في المناسبات كمباريات كرة القدم.

ولم يعرف أيضاً المشرع السوري في قانون الأسلحة والذخائر كلمة الذخائر بل عددها في المادة الأولى منه فلم يقصد من الذخائر إلا:

ـ ذخائر المسدسات الحربية بجميع أنواعها.

ـ ذخائر بنادق الصيد بجميع أنواعها.

ـ ذخائر أسلحة التمرين.

إن هذه المادة اقتصرت في تعدادها على الذخائر الحربية للمسدسات الحربية وبنادق الصيد وأسلحة التمرين وهذه لم تعد تتوافق مع المصطلحات الخاصة بالأسلحة الحديثة وذخائرها وعليه فإن حمل وحيازة عبوات المسدس الذي يطلق الغاز أو مواد كيميائية أو مشعة أو مخدرة لا يعاقب على حيازتها لأن هذه العبوات لا تعدّ ذخيرة.

وبناء على ما سبق فإن التعداد الوارد للأسلحة في القانون، يقتصر على الأسلحة التي يجوز ترخيصها ما عدا الأسلحة الأثرية غير المعدة للاستعمال، وبالمقابل لم يعدد القانون الأسلحة التي لا يجوز ترخيصها وهل يستشف من عدم ذكرها أن حملها وحيازتها جائزان وغير معاقب عليهما مثل الصواريخ والمدفعية الصغيرة والهاوونات؟ فمثلاً من يضبط وبحوزته صاروخ استقدمه من إحدى الدول المجاورة، فسوف يلتبس الأمر على النيابة العامة بملاحقته، لأن الصاروخ لم يعد حسب قانون الأسلحة سلاحاً حربياً وفي الوقت نفسه لم يثبت أن الشخص الذي عثر معه على الصاروخ كان يقصد الاتجار به حتى يتم ملاحقته بجناية تهريب الأسلحة بقصد الاتجار، وسوف تجد المحاكم مستقبلاً صعوبة في معاقبة هذه الأفعال.

وعليه، لم يجرم المشرع أي سلاح، وإنما عمد إلى تحديد أنواع الأسلحة التي تشملها دائرة التجريم حصراً وهي ثلاثة أسلحة غير حربية قابلة للترخيص (بندقية صيد وأسلحة التمرين وأسلحة الرماية) وسلاح حربي واحد قابل للترخيص (مسدس حربي). ومن المفروض أن يترتب على ذلك، أن ما لم يرد في المادة الأولى من قانون الأسلحة والذخائر يخرج عن نطاق التجريم. وكان حرياً بالمشرع أن يقوم بتعديل صياغة تعريف المقصود بالأسلحة ليشمل البنادق الحربية والصواريخ والأسلحة التي تطلق الغاز أو المواد الكيميائية أو المشعة أو المخدر.

الألعاب النارية والمفرقعات: بعكس الأسلحة والذخائر، فإن المشرع عرف الألعاب النارية والمفرقعات في الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة الأولى من المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2001، فاعتبر أن الألعاب النارية هي «الألعاب والأسهم التي تطلق عادة في الأعياد والمهرجانات والمواد الكيميائية غير المتفجرة التي تصنع منها» (المادة الأولى، الفقرة الرابعة). أما المفرقعات بحسب الفقرة الخامسة من المادة السابقة نفسها فهي «الأشياء المصنوعة من البارود والمركبات الكيميائية التي تنفجر عند اصطدامها بجسم صلب».

إذا كانت كلمة الألعاب النارية مفهومة وواضحة، فإن كلمة المفرقعات أتت في نص المادة الأولى من القانون مبهمة، وصحيح أن المشرع عرف هذه المفرقعات، ولكن كان حريا به أن يحددها أو يذكر على الأقل بعض الأمثلة عليها لكي تتمكن الضابطة العدلية من معرفتها بسهولة وضبطها وملاحقة حائزيها، وعليه فهل يعد الديناميت والقنابل اليدوية والزمنية وأجهزة النسف والتدمير المختلفة والفتاش والكبسول والبومب الذي يستخدمه الأطفال في اللعب مفرقعات أم لا؟ فإذا عدّت مفرقعات فإنه لا يجوزـ بسبب خطورتها ـ التعامل بها ولا يمكن الحصول على ترخيص بشأنها، أما لو عدّت من الألعاب النارية، فيمكن الحصول على ترخيص بالتعامل بها.

ب ـ المساواة بين عقوبة الشروع وعقوبة الجريمة التامة: لقد ساوت المادة (41 / 2) من قانون الأسلحة والذخائر في العقاب بين من يهرب أو يشرع في تهريب أسلحة أو ذخائر بقصد الاتجار بها وفرضت عليهما عقوبة الاعتقال من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة.

وهذه المادة تخالف نص المادة (199) من قانون العقوبات من جهتين: الأولى، عندما لم تفرق بين صور الشروع التام والناقص والثانية عندما ساوت في العقاب بين الشروع والجريمة التامة وبذلك، حرمت، القاضي من السلطة التقديرية الممنوحة له بتخفيف العقوبة.

ج ـ المساواة بين عقوبة الشريك والمتدخل والفاعل: لقد ساوت المادة (40 / 3) من قانون الأسلحة والذخائر فيما يتعلق بالعقوبة بين الشريك والمتدخل والفاعل عندما يقترفون جناية حيازة أسلحة وذخائر وهم عالمون بأنها مهربة بقصد الاتجار بها.

خالفت هذه المادة نص المادة (212) من قانون العقوبات فيما يتعلق بالمتدخل، فهي لم تفرق بين أنواع المتدخلين كما فعل قانون العقوبات عندما فرق بين:

ـ المتدخل الذي لولا مساعدته لما ارتكبت الجريمة وهذا يعاقب كما لو كان هو نفسه الفاعل المادة (219 / 1)، أي يعاقب بالعقوبة ذاتها التي حددها القانون للفاعل.

ـ المتدخل الذي لعب تدخله دوراً ثانوياً في ارتكاب الجريمة وكان من الممكن وقوعها لو أن التدخل لم يحصل، وهذا يعاقب بعقوبة أخف من العقوبة التي حددها القانون للفاعل المادة (210/2).

د ـ لا لزوم لضبط الأسلحة والذخائر لصحة حكم الإدانة: لا يشترط لثبوت إحدى جنايات الأسلحة والذخائر المنصوص عليها في قانون الأسلحة والذخائر أن يضبط السلاح أو الذخيرة، فضبط هذه الأشياء ليس ركناً لازماً لتوافر الجريمة، بل يكفي لإثبات الركن المادي أن يثبت بأي دليل أنه قد وقع فعلاً ولو لم يضبط السلاح أو الذخيرة كشهادة الشهود والإقرار القضائي. لذلك فان للمحكمة كامل الحرية في أن تستمد قناعتها من أي دليل تطمئن إليه، فإذا هي أقامت حكمها بثبوت الجناية على ما استخلصته من شهادة الشهود مثلاً فلا تكون قد خالفت القانون في شيء، ولا يمنع من الحكم والمعاقبة عدم ضبط الأسلحة والذخائر ما دام القاضي قد اقتنع من الأدلة التي أوردها أن المتهم كان يحوز السلاح أو الذخائر المهربة بقصد الاتجار بها مثلاً.

3ـ الطبيعة الخاصة لقانون الأسلحة والذخائر: يعد قانون الأسلحة والذخائر أحد القوانين الجزائية الخاصة وهو قانون عقابي وتنظيمي في الوقت نفسه ولا تثريب على ذلك، فالقانون يستطيع أن يتمتع بالصفتين العقابية والتنظيمية بآن واحد، إذ يتضمن أفعالاً مجرمة في الأصل في قانون العقوبات العادي، ولكنه تصدى لتجريمها بطريقة مختلفة عن قانون العقوبات العادي مثل جريمة حمل الأسلحة وحيازتها من دون إجازة وجريمة حمل الأسلحة الممنوعة وجريمة صنع الألعاب النارية أو استيرادها أو تصديرها أو الاتجار بها أو بيعها أو تخزينها أو إتلافها أو نقلها من مكان إلى آخر.

وقانون الأسلحة والذخائر، قانون تنظيمي، لأنه يقوم بتنظيم حمل الأسلحة والذخائر وحيازتها، ويحدد الجهات التي تستطيع أن تقوم بالتصنيع والاستيراد والتصدير والنقل والتوزيع وينظم منح التراخيص ويحدد عدد الأسلحة التي يجوز ترخيصها ويمنع حيازة بعض الأنواع من الأسلحة كالبنادق الحربية وترخيصها.

ثانياً ـ جرائم قانون الأسلحة والذخائر:

تتصف جرائم الأسلحة والذخائر المنصوص عليها في قانون الأسلحة والذخائر بطابع جنائي في بعضها، وبطابع جنحي في بعضها الآخر.

1 ـ جنايات الأسلحة والذخائر: تضمن قانون الأسلحة والذخائر مجموعة من الجنايات، تتعلق بتصنيع الأسلحة والذخائر أو بتهريبها بقصد الاتجار أو بحيازتها بقصد الاتجار بها.

أ ـ جناية تصنيع الأسلحة والذخائر: يقصد بتصنيع الأسلحة والذخائر أن يتم استخدام المواد الأولية أو الأجزاء المنفردة في عمل سلاح صالح للاستعمال، ولا يهم أن تكون عملية التصنيع من أجزاء مفككة لأسلحة مستخدمة، أو من أجزاء جديدة مستحدثة. فكل ما يؤدي إلى تكوين سلاح صالح للاستعمال يدخل تحت مفهوم التصنيع.

لقد حظر المشرع السوري في المادة الثانية من قانون الأسلحة والذخائر لعام 2001 على الجهات غير الحكومية صنع الأسلحة والذخائر كما يلي: «يحظر على الجهات غير الحكومية المختصة صنع المسدسات الحربية وبنادق الصيد وأسلحة التمرين أو أي أسلحة حربية أخرى وذخائرها».

وبناء على ما تقدم، فإن تصنيع هذه الأسلحة وإنتاجها وإنتاج أجزائها والذخيرة يقتصر على الدولة، ومن المتعارف عليه أن الدولة تقوم بوسم هذه الأسلحة أثناء إنتاجها ليمكن تتبعها واقتفاء أثرها بعد ذلك؛ لأنها بعد إنتاجها بطريقة مشروعة قد تتسرب إلى جهة غير مأذونه بحيازتها.

إن جناية تصنيع الأسلحة، من مسدسات حربية وبنادق صيد وأسلحة تمرين أو أي أسلحة حربية أخرى وذخائرها تقوم على توافر القصد الجرمي العام بعنصريه العلم والإرادة، وهو تصنيع تلك الأسلحة والذخائر وانصراف إرادة الجاني إلى ذلك وفيما عدا القصد الجرمي العام لا يتطلب القانون قصداً جرمياً خاصاً سواء كان لمدلوله نتيجة محددة يريد الجاني تحقيقها أو بمدلول باعث معين يدفعه إلى تصنيع الأسلحة والذخائر، كهدف الاتجار أو التهريب، فهو يعاقب ولو كان باعثه مشروعاً مثل توقع استعماله في الدفاع الشرعي عن النفس أو عن المال.

قرر المشرع لهذه الجناية عقوبة الاعتقال من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة. وغرامة، لا تقل عن ثلاثة أمثال قيمة الأسلحة أو الذخائر المضبوطة ولا تزيد على عشرة أمثالها. وإضافة إلى ذلك نص على ضرورة مصادرة الأسلحة والذخائر المضبوطة والآلات والأدوات المستعملة في صنعها (قرار نقض سوري رقم /587/ تاريخ 26/3/ 1966).

ب ـ جناية تهريب الأسلحة والذخائر بقصد الاتجار: لقد نصت المادة (40 / 2) من قانون الأسلحة والذخائر على معاقبة كل من يهرب أو يشرع في تهريب أسلحة أو ذخائر بقصد الاتجار بها.

المقصود من ذلك هو أن يقوم الفرد إما بجلب الأسلحة والذخائر من خارج البلاد إلى الداخل، أي، بإدخال هذه الأسلحة والذخائر إلى أراضي القطر العربي السوري بطريق غير شرعي بدون المرور على الحواجز الجمركية، فالجريمة تقع بمجرد دخول الأسلحة والذخائر إلى أرض الدولة أو إلى مياهها الإقليمية أو إلى إقليمها الجوي، وإما أن يكون الفعل بالاتجاه المعاكس أي إخراج الأسلحة والذخائر من الأراضي السورية، ولا تتم تلك الجريمة إلا بعد عبور هذه الأسلحة والذخائر حدود الدولة وإلا فيعتبر الفعل شروعاً.

وتحسن الإشارة هنا إلى أن المادة (3/ أ) من قانون الأسلحة والذخائر لعام 2001 منعت القطاع الخاص من استيراد أو تصدير الأسلحة والذخائر وحصرت ذلك بالقطاع العام حينما نصت على أنه «يحصر بالقطاع العام استيراد الأسلحة والذخائر وتصديرها …».

إن هذه الجناية لا يكفي لقيامها توافر القصد الجرمي العام، أي انصراف علم الجاني وإرادته إلى تهريب الأسلحة أو الذخائر وهو عالم بأنها مهربة، بل لا بد من انصراف علمه وإرادته أيضاً إلى الاتجار بها، أي أن يقصد الجاني إضافة إلى تهريب الأسلحة والذخائر التعامل بها بمقابل مادي أو معنوي، وذلك عن طريق البيع أو الشراء ولا يلزم فيها الاحتراف أو التفرغ، ولكن يلزم فيها توافر قصد الاتجار لدى الجاني، لذلك يتعين على القاضي أن يتحقق من توافر هذا القصد الخاص، أي قصد الاتجار عند الحكم بالإدانة وإلا كان حكمه قابلاً للنقض.

ومن دون هذا العنصر الأخير، أي «القصد الجرمي الخاص» لا تتحقق هذه الجريمة، ولكن لا يمنع من مساءلته عن جريمة أخرى إذا تحققت بقية أركانها، كالجريمة المنصوص عليها في المادة (41/2)، مثلاً، إذا اتضح للمحكمة أن تهمة تهريب الأسلحة أو الذخائر لا يتوافر فيها قصد الاتجار، فعلى المحكمة أن تعدل الوصف الجرمي للتهمة إلى جرم حيازة مثلاً.

وقد عاقب المشرع مقترف هذه الجناية بالعقوبات المفروضة على جناية تصنيع الأسلحة والذخائر.

ج ـ جناية حيازة الأسلحة والذخائر بقصد الاتجار: ويقصد بالحيازة وضع اليد على سبيل الملك أو الاختصاص، ولا يشترط فيها الاستيلاء المادي بل يعتبر الشخص حائزاً ولو كان المحرز للسلاح شخصاً نائباً عن المالك له فلا يشترط أن يكون المحرز مالكاً للسلاح. ويقصد بالاتجار التعامل بالأسلحة والذخائر بمقابل مادي أو معنوي، وذلك عن طريق البيع أو الشراء أو البدل.

لقد انقسم الفقه حول ضرورة توافر الاحتراف أو الاعتياد على الاتجار بالأسلحة والذخائر، فبعضهم يرى أن الاتجار يقع إذا كان الجاني يقوم بعمليات بيع متعددة للسلاح قاصداً أن يجعلها حرفة له، وبعضهم الآخر يعدّ أنه لا يلزم الاحتراف أو الاعتياد في الاتجار بالسلاح والذخائر، ولكن يلزم فيه توافر قصد الاتجار لدى الفاعل وبحسب هؤلاء الكتاب لا يكفي توافر القصد الجرمي العام وإنما يتعين على القاضي الناظر في القضية أن يبين توافر القصد الجرمي الخاص المتمثل في الاتجار وإلا كان حكمه قابلاً للطعن.

وتعدّ محكمة النقض السورية أنه لا بد للإدانة بجرم الاتجار بالأسلحة المعاقب عليه بالمادة (315) من قانون العقوبات من إثبات قيام المتاجرة بالدليل الحسي الملموس في ضوء ما جاء في أحكام قانون التجارة.

2ـ جنح الأسلحة والذخائر: تضمن قانون الأسلحة والذخائر مجموعة من الجنح، بعضها يتعلق بالأسلحة والذخائر التي يجوز ترخيصها وأخرى تتعلق بالأسلحة والذخائر التي لا يجوز ترخيصها.

أ ـ جنح تتعلق بالأسلحة والذخائر التي يجوز ترخيصها: منح المشرع الحق لأشخاص في التعامل ببعض أنواع من الأسلحة وذخائرها ولكن بعد الحصول على ترخيص بذلك، وفي حال المخالفة لذلك، فإن حملها أو حيازتها أو استعمالها أو التصيد بها أو إصلاحها يعد جرماً وكذلك فيما يتعلق باستيراد أو تصدير أو تصنيع الألعاب النارية ومن أهم هذه الجنح:

(1) جنح حمل الأسلحة وحيازتها: عاقب المشرع على حمل أو حيازة الأسلحة من دون ترخيص، وعدّها جنحية الوصف إذا لم يكن قصده من الحيازة أو الإحراز الاتجار بها.

ويقصد بالحمل الاستيلاء مادياً على السلاح لأي باعث كان، كحفظه على ذمة صاحبه أو نقله للجهة التي يريدها أو تسليمه لمن أراد، أو نقله أو حمله (فيما يتعلق بسلاح التمرين) خارج مقار نوادي الرماية. فمجرد حمل السلاح من شخص ما بدون ترخيص ـ وهو عالم بماهيته ـ كاف للإدانة.

أما الحيازة وخاصة في نطاق جرائم الأسلحة والذخائر فتعني سلطة قانونية على السلاح أو ذخيرته يباشرها الحائز لحسابه الخاص أو لحساب غيره. وتأسيساً على ذلك فقد أعطى قانون الأسلحة والذخائر لمفهوم الحيازة معنى واسعاً، إذ يكفي لتحقيق حيازة السلاح أن يكون سلطان المدعى عليه مبسوطاً على السلاح بأي صورة عن علم وإرادة ولو حازه مادياً شخص آخر غيره.

يتخذ الركن المعنوي لهذه الجريمة صورة القصد الجرمي الذي يقوم على العلم والإرادة.

قرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس من سنتين إلى خمس سنوات إذا كان ما يحمله أو يحوزه الفاعل مسدساً حربياً، ومن ستة أشهر إلى سنة إذا كان بندقية صيد ومن شهر إلى ستة أشهر إذا كان من أسلحة التمرين أو الرماية، وعقوبة الغرامة التي تختلف قيمتها بحسب نوع السلاح.

(2) جنح إصلاح الأسلحة وصنع الألعاب النارية أو استيرادها أو تصديرها أو الاتجار بها أو بيعها أو تخزينها أو إتلافها أو نقلها من مكان إلى آخر بلا ترخيص: يتخذ الركن المادي لهذه الجنح إحدى الصورتين التاليتين:

ـ  إصلاح الأسلحة: إن الإصلاح هو عمل ينصب على سلاح قائم تعطل عن أداء وظيفته كخلل طارئ بقصد إعادته إلى سيرته الأولى، بمعنى آخر، هو إزالة ما بالسلاح من فساد وعطب وجعله صالحاً لما هو له. وخلافاً لتصنيع الأسلحة والذخائر واستيرادها وتصديرها والاتجار بها ونقلها الذي خصه فقط بالدولة أي بالقطاع العام فقد سمح المشرع للقطاع الخاص بإصلاح الأسلحة ولكن بشرط وجود ترخيص مسبق من مدير الأمن الجنائي.

ـ صنع الألعاب النارية أو استيرادها أو الاتجار بها أو تخزينها أو إتلافها أو نقلها من مكان إلى آخر: منع المشرع في المادة (13) من قانون الأسلحة صنع الألعاب النارية أو استيرادها أو تصديرها أو الاتجار بها أو بيعها أو تخزينها أو إتلافها أو نقلها من مكان إلى آخر من دون ترخيص صادر من مدير إدارة الأمن الجنائي.

وحددت المادة (18/ب) الألعاب النارية التي يمنع استيرادها أو صنعها أو بيعها وهي:

ـ الفتيش ذو الفتيل البطيء على اختلاف أشكاله وأنواعه.

ـ الفتيش القابل للانفجار نتيجة اصطدامه بجسم صلب أو تماسه بالحرارة.

ـ الفلين المصنوع من المواد الصلبة غير القابلة للتفتت.

ويتبين من ذلك، أن المشرع سمح بصناعة الألعاب النارية، التي لا تدخل في نطاق ما تم ذكره في المادة (18 / ب) أو استيرادها أو تصديرها أو الاتجار بها أو بيعها أو إتلافها أو نقلها من مكان إلى آخر وكذلك موادها الكيمياوية التي تصنع منها ولكن على أساس الحصول على ترخيص مسبق.

وقد حظرت المادة (21) من التعليمات التنفيذية لهذا المرسوم «إيداع أكثر من خمسين كيلو غراماً من الألعاب النارية في المحال المخصصة لبيعها ويذكر ذلك في الترخيص الممنوح لبيعها». فهذه المادة تؤكد ضرورة عدم تخزين أكثر من خمسين كيلوغراماً من الألعاب النارية على الرغم من وجود الترخيص السابق.

يتخذ الركن المعنوي في هذه الجنح صورة القصد الجرمي، ويكتفي المشرع بالقصد الجرمي العام الذي يقوم على عنصري العلم والإرادة.

قرر المشرع السوري لجنح إصلاح الأسلحة وصنع الألعاب النارية أو استيرادها أو الاتجار بها أو تخزينها أو إتلافها أو نقلها من مكان إلى آخر عقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنة وغرامة من خمسة ألاف إلى عشرة ألاف ليرة سورية إضافة إلى المصادرة.

ب ـ الجنح المتعلقة بالأسلحة والذخائر التي لا يجوز ترخيصها: احتوى قانون الأسلحة والذخائر على ثلاث جنح فقط تتعلق بالأسلحة والذخائر التي لا يجوز ترخيصها وهي حمل أو حيازة سلاح حربي غير قابل للترخيص أو ذخيرة له وجنحة صنع المفرقعات أو استيرادها وبيعها وحيازتها وصنع أو استيراد أو حيازة أو استعمال أو إصلاح كاتمات أو مخفضات الصوت والمناظير التي تركب على الأسلحة والذخائر.

(1) جنحة حمل أو حيازة سلاح حربي غير قابل للترخيص أو ذخيرة له: جرمت المادة (41 / أ) حمل أو حيازة سلاح حربي غير قابل للترخيص، كالبنادق الحربية، ولكن لم يرد في قانون الأسلحة تحديد للأسلحة الحربية التي لا يجوز ترخيصها، وكان من الصواب أن يقوم المشرع بتعداد الأسلحة الحربية التي لا يجوز ترخيصها لتشمل البنادق الحربية والصواريخ والألغام والأسلحة التي تطلق الغاز أو المواد الكيميائية أو المشعة أو المخدرة.

تقوم جريمة حمل أو حيازة سلاح حربي غير قابل للترخيص أو ذخيرة له على ركنين أساسيين: مادي ومعنوي.

ويتمثل الركن المادي في نشاط إيجابي يتخذ شكل الحمل أو الحيازة لسلاح حربي غير قابل للترخيص، ويكفي في هذين الفعلين أن تكون الحيازة أو الحمل لذاتهما لا بقصد الاتجار وإلا خضعت للتجريم وفقا للمادة (40) من القانون وتنقلب إلى جناية.

ولا يشترط لثبوت الحمل أو الحيازة أن يضبط السلاح أو ذخيرته، فضبط السلاح ليس ركناً لازماً لتوافر الركن المادي لجريمة الحيازة مادام يمكن إثباتها بأي دليل.

ويكفي في الركن المعنوي توافر القصد الجرمي العام الذي يقوم على عنصرين هما: العلم والإرادة.

وقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس من ثلاث سنوات إلى ست سنوات والغرامة من عشرة آلاف إلى خمسين ألف ليرة سورية. والحكم بهاتين العقوبتين وجوبي، فلا يجوز للقاضي أن يختار بينهما.

(2) جنحة صنع المفرقعات واستيرادها وبيعها وحيازتها ونقلها: تتطلب هذه الجنحة ركنين أساسيين وهما الركن المادي والركن المعنوي.

يتمثل الركن المادي لهذه الجنحة في نشاط إيجابي يباشره الجاني ويتخذ شكل فعل التصنيع أو الاستيراد أو البيع أو الحيازة أو النقل للمفرقعات، ولم يكتفِ المشرع بمنع هذه الأفعال فقط، وإنما أضاف إليها المواد الكيميائية التي تصنع منها إذا كان الغرض منها صنع المفرقعات.

ونظراً لأن المشرع لم يحدد أنواع المفرقعات كما فعل في الأسلحة والذخائر التي عددها في المادة الأولى من قانون الأسلحة والذخائر لعام، 2001 فقد عرفها بأنها «الأشياء المصنوعة من البارود والمركبات الكيميائية التي تتفجر عند اصطدامها بجسم صلب».

لا يعدّ مفرقعات كل ما يثبت أنه لم يصنع للتعدي، أو ما يكون غير صالح بطبيعته للمساس بسلامة الجسم أو بصحته.

يكفي لقيام الركن المعنوي في هذه الجنحة توافر القصد الجرمي العام الذي يقوم على عنصري العلم والإرادة.

عاقبت المادة (42) من القانون الحالي مرتكب هذه الجنحة بالحبس من ستة أشهر إلى سنة وبالغرامة من خمسة آلاف إلى عشرة آلاف ليرة سورية إضافة إلى المصادرة.

(3) صنع أو استيراد أو حيازة أو استعمال أو إصلاح كاتمات أو مخفضات الصوت والمناظير التي تركب على الأسلحة: يتصف الركن المادي في هذه الجنحة بأنه إيجابي ويتخذ فعل الصنع أو الاستيراد أو الحيازة أو الاستعمال أو الاتجار أو الإصلاح لكاتمات أو مخفضات الصوت والمناظير التي تركب على الأسلحة.

وإن التجريم في هذه الجنحة ينصب على أجزاء الأسلحة النارية المحددة من قبل المشرع وهي كاتمات أو مخفضات الصوت والمناظير التي تركب على الأسلحة.

ولا يشترط لإثبات هذه الجنحة أن تضبط كاتمات أو مخفضات الصوت أو المناظير، فضبط هذه الأشياء ليس ركناً لازماً لقيام هذه الجنحة، بل يكفي لإثبات الركن المادي أن يتم إثباته بأي دليل أنه قد ارتكب ولو لم تضبط تلك الأشياء.

ويتخذ الركن المعنوي في هذه الجنحة صورة القصد الجرمي العام، الذي يقوم على عنصري العلم والإرادة.

إذا توافرت أركان هذه الجنحة فتكون العقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنة والغرامة من خمسة آلاف إلى عشرة آلاف ليرة سورية.

وتجب الإشارة هنا أيضا إلى أن الحكم بالحبس وبالغرامة في هذه الجنح وجوبي، فلا يجوز للقاضي أن يختار بينهما.

وإضافة إلى العقوبات المذكورة في المادة (42)، فقد فرضت المادة (47) من قانون الأسلحة والذخائر، تدبير المصادرة لكاتمات أو مخفضات الصوت أو المناظير التي تركب على الأسلحة موضوع الجريمة المرتكبة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد القادر هباش وعبد القادر الشيخ، شرح قانون المخدرات وقانون الأسلحة والذخائر (منشورات جامعة حلب 2008).

ـ محمود زكي شمس، الموسوعة العربية للاجتهادات القضائية العربية، المجلد العاشر (1998).

ـ فرح علواني هليل، قوانين التشرد والاشتباه والمراقبة القضائية والأسلحة والذخائر (دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية 1990).

ـ مجدي محب حافظ، قانون الأسلحة والذخائر (بلادار نشر، القاهرة 1995).

ـ عز الدين الدناصوري وعبد الحميد الشواربي، المسؤولية الجنائية في أهم القوانين الخاصة (منشأة المعارف، الإسكندرية 1994).

ـ فريد الزغبي، الموسوعة الجزائية، المجلد الحادي عشر، الجرائم الواقعة على النظام العام (دار صياد، بيروت 1995).


التصنيف : القانون الجزائي
النوع : القانون الجزائي
المجلد: المجلد السادس: علم الفقه ــ المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان
رقم الصفحة ضمن المجلد : 136
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 582
الكل : 30998193
اليوم : 53994