logo

logo

logo

logo

logo

الانتخاب

انتخاب

election - élection

 الانتخاب

الانتخاب

حسن البحري

 

أولاً - تعريف الانتخاب:

الانتخاب election هو الوسيلة الديمقراطية الوحيدة لإسناد السلطة للحكّام، ويعدّ ركيزةً ودعامةً أساسيةً لكلّ حكمٍ ديمقراطي سليم لكونه المرجعية الأساسية في تحديد شرعيّة السلطة داخل المجتمع مثلما يشكِّل الأساس في تجسيد مفهوم السيادة الشعبية، أي حق الشعب - الذي تنعقد له وحده السيادة بعدّه مصدر السلطات - في حكم نفسه بنفسه عن طريق مَن يختاره لممارسة شؤون السلطة السياسية.

وبناء على ذلك، فإنَّ حقّ الانتخاب يقع موقع الصدارة من الحقوق السياسية، ويتبوأ أعلى مكانة وأرفع منزلة منها، ولهذا تُعنى دساتير الدول بالنصّ عليه صراحةً في أصلابها، وتحرص على كفالته وتمكين المواطنين المؤهَّلين لمباشرة حقوقهم السياسية - الذين تنعقد لهم السيادة الشعبية- من ممارسته بصورة جدّية؛ لضمان إسهامهم في اختيار قياداتهم وممثليهم في إدارة دفة الحكم ورعاية مصالح الجماعة، على أساس أن الانتخاب هو حقٌّ لا تقوم الحياة النيابية من دونه، ولا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا أُفرِغَ من المضمون الذي يكفل ممارسته ممارسةً جدّية وفعّالة، ومن ثمَّ كان هذا الحق لازماً لزوماً حتمياً لإعمال الديمقراطية ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة في حقيقتها للإرادة الشعبية ومعبّرة تعبيراً صادقاً عنها، ولذلك لا تقف دساتير الدول عند مجرد ضمان حقّ كلّ مواطنٍ في ممارسته لهذا الحق، وإنما تجاوز ذلك إلى عدّ إسهامه في الحياة العامة عن طريق ممارسته له واجباً وطنياً يتعيّن القيام به في أكثر مجالات الحياة أهميةً لاتصاله بالسيادة الشعبية التي تُعدّ قواماً لكل تنظيمٍ يرتكز على إرادة هيئة الناخبين.

ويتضح من مجمل ما تقدم أن وسيلة الانتخاب في النظم الديمقراطية النيابية لا تُتَّبع فقط لاختيار رؤساء الدول والحكومات (الانتخابات الرئاسية Presidential elections) وأعضاء المجالس النيابية العامة (الانتخابات البرلمانية أو العامة (Parliamentary (general) elections)، أو المحلية (الانتخابات المحلية أو البلدية Local (municipal) elections)، بل إنها تُتَّبع أيضاً لاختيار المسؤولين في كثير من التنظيمات الشعبية مثل الجمعيات والنقابات المهنية والأحزاب والنوادي الرياضية والاجتماعية، وكثير من المؤسسات والشركات العامة والخاصة أيضاً.

ثانياً - تاريخ الانتخاب وتطوره:

إن اختيار الشعب لحكامه اختياراً حراً ليس إلا وليد الفكر الحديث، ونتيجة لانتشار المبادئ الديمقراطية التي تجعل الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات؛ فقد كان الحكَّام في الماضي يُفرضون على الشعب بعدّهم من معطيات الطبيعة، مثل الشمس والهواء وأن الله هو الذي اختارهم وأودعهم السلطة، ولا مجال بالتالي ليبدي الشعب رأيه في تعيين حكَّامه وممثِّليه للمجالس والهيئات الإدارية والتشريعية التي تُعنى بإدارة الشؤون العامة للبلاد وسنّ القوانين. ولهذا نجد أن الاستيلاء على السلطة كان الأسلوب الشائع في إسناد الحكم، والوراثة الأسلوب العادي لانتقال السلطة، والأسلوبان ينفيان بطبيعتهما أي اختيار.

حتى في الديمقراطيات القديمة التي عرفتها المدن اليونانية والرومانية، لم يكن للانتخاب دور أساسي بارز؛ فالديمقراطية في هذه المدن قامت على المساهمة المباشرة للمحكومين في القرارات الحكومية -أخذاً بصورة الديمقراطية المباشرة التي يحكم بموجبها الشعب نفسه بنفسه مباشرة- وعلى انتفاء التمايز بين الحكام والمحكومين عن طريق الجمعية الشعبية التي تنعقد صباح كل يوم، فهي نوع من البرلمان المفتوح لجميع المواطنين، ويملك سلطة اتخاذ القرارات الأساسية. أما نظام الانتخاب فكان مطبقاً في أضيق الحدود وبصفة ثانوية محضة، فلم يكن يتعدى بعض كبار الموظفين الإداريين والقضاة، أما بقية أعضاء الهيئة الإدارية والقضائية وأعضاء الجهاز التشريعي بأكمله فيتم تعيينهم بوسيلة الاختيار بالقرعة.

ومع نمو نظريات السيادة الشعبية في القرن الثامن عشر في أوربا انتشرت فكرة حق الشعوب في اختيار حكامها وممثليها في المجالس النيابية عن طريق الانتخاب، واستقرت الفكرة في ضمائر الشعوب، وارتبطت في أذهان الناس بالديمقراطية، حتى لتبدو اليوم الأسلوب الوحيد الطبيعي والمشروع لإسناد السلطة السياسية.

وتجدر الملاحظة في هذا الصدد إلى أن مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون العامة لبلدانهم تعدّ إحدى الركائز الأساسية لحقوق الإنسان التي شدّد عليها «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، حيث جاء في الفقرتين الأولى والثالثة من المادة /21/ من هذا الإعلان ما يلي: «1ــــ لكل شخص حق الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده، إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يُختارون بحرية، 3ــــ إنَّ إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويُعبَّر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة تجرى دورياً على أساس الاقتراع العام المتساوي، عن طريق التصويت السري أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت».

كما شدّدت المادة /25/ من «العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية» ولاسيما في الفقرة /ب/ منها على أنَّ كل مواطنٍ يمتلك الحق في أن يتمتع دون أي تمييزٍ - بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب - ودون أية قيود غير معقولة بـ:«أن يَنتخب ويُنتَخَب، في انتخابات نزيهة تجرى دورياً بالاقتراع العام والمتساوي، وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين».

ثالثاً - تمييز الانتخاب من غيره من الأنظمة الأخرى:

1- الانتخاب والاستفتاء الشعبي: من الخطأ أن نخلط بين الانتخاب وبين الاستفتاء بالمعنى الصحيح أو الاستفتاء الموضوعي referendum، فالانتخاب يعني اختيار الناخبين لشخص أو أكثر من بين عدد من المرشحين لتمثيلهم في حكم البلاد، أما الاستفتاء بمعناه الصحيح فهو «عرض موضوع عام على الشعب لأخذ رأيه فيه بالموافقة أو الرفض».

وإذا كان الانتخاب ينطوي إلى حدّ ما على معنى الاستفتاء، فإن هنالك فارقاً كبيراً بين الانتخاب وبين الاستفتاء بمعناه العلمي المعروف، ففي حالة الانتخاب يختار الناخب شخصاً (أو أكثر من شخص) بين المرشحين في الانتخابات ليكون نائباً في البرلمان، أما في حالة الاستفتاء فإن موضوعاً من الموضوعات العامة يُعرض على الناخبين من أفراد الشعب لإبداء الرأي فيه، لذلك وجب التنبيه على ضرورة عدم الخلط بين الانتخاب والاستفتاء.

كما يختلف الانتخاب عن الاستفتاء الشخصي plebiscite، فالانتخاب - كما سبق القول - معناه اختيار بين أشخاص، يقوم الناخبون فيه بالترجيح بين المرشحين، أما الاستفتاء الشخصي - أو الاستفتاء على الرئاسة كما يطلق عليه - فليس اختياراً بين أشخاص لأنه لا يسمح للمقترعين بحرية حقيقية في اختيار رئيس الدولة لعدم تعدُّد المرشحين، وإنما هو موافقة على مرشح واحد يطلب توليته الرئاسة، ولذلك يُعرِّف البعض الاستفتاء الشخصي بأنه «عرض شخص واحد على الشعب لأخذ موافقته (وليس رأيه) على تنصيبه أو بقائه رئيساً للدولة»، ويتم هذا النوع من الاستفتاء في ظروف تكاد تحتم الموافقة شبه الإجماعية على هذا المرشح، بخلاف ظروف الانتخاب التي تتيح فرصة لتوزيع الأصوات وتباين النتائج.

2- الانتخاب والبيعة: لا شك في وجود نوع من الصلة بين نظام الانتخاب ونظام البيعة المعروف في الشريعة الإسلامية، فالانتخاب -كما أسلفنا- يعني قيام الناخبين من أفراد الشعب باختيار قياداتهم وممثليهم في إدارة دفة الحكم ورعاية مصالح الجماعة، أما البيعة أو المبايعة فهي بمنزلة عقد مبرم بين المرشح للخلافة أو رئاسة الدولة وبين الأمة ممثَّلة في أهل الحلّ والعقد، يتعهّد فيه المرشَّح أن يتولى شؤون الأمة، ويرعى مصالحها، وتتعهد فيه الأمة بالسمع والطاعة، ومن هذا العقد يستمد الخليفة (الحاكم) سلطته وشرعية حكمه.

وكانت البيعة تتم على مرحلتين: مرحلة أولى يطلق عليها اسم البيعة الصغرى أو الخاصة، وفيها يتم فيها اختيار المرشَّح الأفضل للخلافة بمعرفة أغلبية أهل الحل والعقد، ومرحلة ثانية يطلق عليها اسم البيعة الكبرى أو العامة، ويشترك فيها جميع المسلمين في الأقطار الإسلامية كافة، وهي المرحلة الأساسية لاختيار الخليفة فلا يتم تقلّده إلا بها.

ويبدو أن رأي أهل الحلّ والعقد كان ملزماً للأمة، بمعنى أن البيعة الخاصة لأهل الاختيار كانت تمثل أساساً ملزماً للبيعة العامة للمواطنين كافة، ولذلك أطلق بعضهم على البيعة الخاصة «بيعة انعقاد» وعلى البيعة العامة «بيعة طاعة»، وفي ذلك يقول أبو الحسن الماوردي في كتابه «الأحكام السلطانية»: أنه إذا اختار أهل الحلّ والعقد مرشحاً، وقَبِل الخلافة «بايعوه عليها، وانعقدت له الإمامة ببيعتهم، ولزم كافة الأمة الدخول في بيعته، والانقياد لطاعته».

رابعاً -‌ التكييف القانوني للانتخاب:

ثار جدلٌ واسعٌ بين فقهاء القانون إبَّان الثورة الفرنسية حول التكييف القانوني للانتخاب، وظهرت نتيجة هذا الجدل آراءٌ فقهية متعددة، فمن الفقهاء من قال بأن الانتخاب حقٌ من الحقوق الذاتية للأفراد، ومنهم من قال بأنه مجرد وظيفةٍ اجتماعيةٍ أو وظيفةٍ من الوظائف العامة، وذهب فريق آخر إلى أن الانتخاب حقٌ ووظيفةٌ معاً، وأخيراً ذهب بعض الفقهاء إلى تكييف الانتخاب على أساس أنه سلطةٌ قانونيةٌ تقرَّر للناخب من أجل تحقيق المصلحة العامة.

ولعلّ ما يميّز هذه الآراء ارتباطها بفكرة السيادة في الدولة وبالنظريات التي عالجتها، فمن أخذ بنظرية سيادة الشعب قال بأن الانتخاب حق شخصي، ومن أخذ بنظرية سيادة الأمة عدَّ الانتخاب مجرد وظيفة.

1- الانتخاب حق ذاتي أو شخصي: يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الانتخاب يعدّ حقاً ذاتياً أو شخصياً يتمتع به كل مواطن، ويثبت لكل فرد، بعدّه من الحقوق الطبيعية التي لا يجوز حرمان أحد منها.

وعدّ أن الانتخاب حق شخصي هو من أهم نتائج نظرية سيادة الشعب، على أساس أن كل فرد منه يملك جزءاً من السيادة الشعبية، وأن حق الانتخاب هو وسيلة الأفراد في ممارستهم لهذه السيادة التي هي مجموع حقوق الأفراد في السيادة.

ويترتَّب على القول بأن الانتخاب «حق شخصي» النتائج الآتية:

q لا يجوز للمشرِّع أن يقيِّد من حق الانتخاب، فيجعله قاصراً على فئةٍ دون أخرى، فما دام الانتخاب حقاً طبيعياً يثبت لكل فرد بصفته عضواً في الجماعة صاحبة السيادة؛ فإنه يكون أسبق على وجود المشرِّع وأسمى من أن ترقى إليه سلطة التشريع المنظِّمة للانتخاب، ويكون لكل مواطن في هذه الحالة استعمال هذا الحق، ولا يصح الحرمان منه إلا استثناء؛ ولأفراد معدودين كعديمي الأهلية ومن في حكمهم، ومن ثمَّ يلزم الأخذ بنظام الاقتراع العام لا الاقتراع المقيَّد.

q بما أن الانتخاب يعدّ من الحقوق الشخصية الطبيعية اللصيقة بالمواطن؛ فإنَّ لصاحبه حرية استعماله أو عدم استعماله، أي إن ممارسة حق الانتخاب يجب أن تكون أمراً اختيارياً لا إجبارياً، وبالتالي لا يستطيع المشرَع وضع قوانين تلزم الأفراد استعمال هذا الحق، وتعاقب كلّ من يتخلَّف عن أداء هذا الحق  أو مباشرته.

q إن الانتخاب بوصفه حقاً من الحقوق يؤدي إلى نتيجةٍ مهمةٍ مفادها جواز التصرف فيه بجميع أعمال التصرف، حيث يُمكِن للفرد أن يتصرَّف فيه بأيّ وجهٍ يحلو له مثل: البيع والهبة والتنازل عنه لغيره، كما يجوز له تركه دونما استعمال أو تصرّف، وفضلاً عن ذلك فإنَّ للناخب الحق في الاعتداد بفكرة الحق المكتسب في هذا المجال.

ومن هنا، فإنَّ تكييف الانتخاب بأنه حقٌّ شخصي، يعطي للدولة حقَّين، أولهما الحق في توسيع هيئة الناخبين، أي الأخذ بنظام الاقتراع العام، والثاني الحق في اعتناق مبدأ الاقتراع الاختياري.

2- الانتخاب وظيفة: يرى أصحاب هذا الاتجاه أنَّ الأفراد حال قيامهم بالانتخاب لا يزاولون حقاً من حقوقهم، وإنما يزاولون وظيفةً أو خدمةً عامةً للأمة، مقتضاها اختيار أصلح الأشخاص لمزاولة شؤون السلطة.

ومن ثم يلتقي أنصار هذا الرأي في التكييف القائلين بنظرية سيادة الأمة، وهي التي تعتبر الأمة وحدة مجردة متجانسة، تمثِّل مصالح عامة متَّحدة، لا مصالح فرديّة متعارضة، ويجب لذلك أن يكون اختيار ممثلي الأمة في أيدي فئةٍ متجانسة منسجمة. وما دامت الأمة وحدة مجرّدة مستقلة عن الأفراد المكوّنين لها، وهي التي تتمتع بالسيادة دون الأفراد؛ فإنه يترتب على ذلك تجريد الأفراد من كلّ حقّ ذاتيّ في السيادة، وخضوع ممارستها والتعبير عنها لتنظيمٍ يقصرها على كلّ مَن كان أهلاً لها. ولمَّا كانت سيادة الأمة غير قابلة للتجزئة فلا يجوز لأيّ فردٍ من أفراد الأمة أن يدَّعيَ أنَّ له جزءاً من السيادة؛ لأن السيادة لا تتجزأ، وبذلك كان للأمة أن تختار مَن ترى أنَّهم الأصلح والأقدر ليقوموا بوظيفة اختيار نواب الأمة. ولمَّا كان الأمر كذلك، فإن الانتخاب يعدّ وظيفةً وليس حقاً، والقانون هو الذي يحدِّد شروط هذه الوظيفة. وقد يتشدّد في هذه الشروط، فتضيق دائرة هيئة الناخبين، ويقلّ عدد أفرادها، فلا يُقرّر الانتخاب لكل المواطنين، وإنما لأولئك الذين تتوافر فيهم شروط معيّنة. ومن ثمّ يجوز الأخذ بنظام الاقتراع المقيَّد.

ويترتَّب على القول بأن الانتخاب «وظيفة» النتائج الآتية:

q يجوز للمشرع تقييد حقّ الانتخاب بشروط مالية أو شروط متعلقة بالأصل أو الجنس أو الكفاية تجعله قاصراً على فئةٍ دون أخرى؛ مما يؤدي إلى الأخذ بنظام الاقتراع المقيَّد.

q بما أن الانتخاب يعدّ وظيفةً يؤدِّيها المواطن نتيجةً لانتمائه إلى الأمة صاحبة السيادة؛ فإنَّ ممارسته تكون أمراً إجبارياً لا اختيارياً، بحيث يجب على كلِّ مَن خُوِّلَ له أن يمارسه كلما طُلبَ إليه ذلك، وإلاّ كان عرضةً لتوقيع الجزاء عليه.

q يجب على الأفراد أن يباشروا عملية الانتخاب بقصد تحقيق المصلحة العامة، لا بقصد تحقيق مصالحهم الشخصية أو مصالح ناخبيهم.

ومن هنا، فإنَّ تكييف الانتخاب بأنه وظيفة، يعطي للدولة حقين، أولهما الحق في تقييد عدد الناخبين؛ أي الأخذ بنظام الاقتراع المقيَّد، والثاني الحق في اعتناق مبدأ الاقتراع الإجباري.

3 - الانتخاب حق ووظيفة: حاول أصحاب هذا الاتجاه الجمع بين الرأيين السابقين، أي القول بأن الانتخاب هو حق ووظيفة في الوقت نفسه.

ولكن الانتخاب ليس حقاً فردياً خالصاً لأن القول بذلك يصطدم باعتبارات عملية، من أهمها ضرورة حرمان بعض الأفراد من ممارسة الانتخاب كالقُصَّر والمحكوم عليهم بجرائم تُخلّ بالشرف، ولأن تكييف الانتخاب بأنه حق يقتضي القبول بجواز التصرّف فيه أو التنازل عنه، وهذا الأمر لا يمكن القبول به. والانتخاب ليس وظيفة فحسب لأن ذلك يسمح للمشرع بإمكانية تضييق دائرة هيئة الناخبين، أو الأخذ بالاقتراع المقيَّد بأوسع حدوده، وبالتالي تصبح المشاركة الشعبية هامشية.

ولم تلقَ الآراء التي جمعت للانتخاب صفَتَيْ الحق والوظيفة قبولاً، وقيل: إنه يكفي للردّ عليها أن فكرتَيْ «الحق» و«الوظيفة» فكرتان متناقضتان لا تجتمعان، ولا يجوز الجمع بينهما.

4 - الانتخاب سلطة قانونية مقررة للناخب لمصلحة المجموع: يتجه الرأي الراجح في الفقه المعاصر إلى أن التكييف القانوني الصحيح للانتخاب لا يعدّه حقاً، ولا وظيفة، وإنما هو سلطة أو مكنة قانونية يستمدها الناخب مباشرةً من الدستور وقانون الانتخاب اللذين يحدِّدان مضمون هذه السلطة وشروط استعمالها من قبل جميع المواطنين دون تفرقة، وليس من كونه عضواً في مجتمعٍ منظَّم. وهذه السلطة أو المكنة القانونية -وإن كانت تتقرّر للأفراد- فليس مناطُ تقريرها المصلحة الخاصة لهم، وإنما المصلحة العامة.

ويترتَّب على تكييف الانتخاب بأنه «سلطة قانونية» النتائج الآتية:

q لا يمكن أن يكون حق الانتخاب محلاً للتعاقد أو الاتفاق، وبالتالي لا يصحّ التصرّف فيه أو النزول عنه، أو الاتفاق على تقييد استعماله أو على استعماله بطريقة معيّنة، بل إن صاحب حق الانتخاب لا يمكنه أن يُفوِّض غيره في ممارسته.

q للمشرِّع أن يُعدِّل في نظام الانتخاب في كلّ وقت لأنه ليس حقاً شخصياً مُوَلِّداً لمركزٍ ذاتيّ، ولكنه سلطة قانونية لا يُعترَفُ بها لكلّ شخص، وإنما يُعترَف بها للأفراد الذين يحدّدهم القانون ووفقاً للشروط التي يقرّرها، وبناء عليه، فإن المشرِّع يستطيع أن يُعدّل من شروط الانتخاب ضيقاً واتساعاً بما يراه متفقاً والمصلحة العامة، وأن يعتنق نظام الاقتراع المقيَّد لا الاقتراع العام، دون أن يكون للأفراد حق في الاحتجاج أو الاعتراض عليه في هذا الخصوص.

وحاصل القول أن الفكر الحديث اتجه إلى أن محاولات تكييف الانتخاب تكييفاً قانونياً كلها محاولات غير موفَّقة، ذلك أن الانتخاب لا يمثِّل مسألةً أو مشكلةً قانونية، وإنما هي مسألةٌ سياسيةٌ أولاً وقبل كل شيء، وأنه عند تكييف طبيعة الانتخاب تكييفاً صحيحاً يجب الوقوف على الظروف السياسية، وأن يتم التكييف في الدائرة السياسية.

خامساً - هيئة الناخبين:

قبل أن نتناول كيفية تكوين هيئة الناخبين، لابد لنا بدايةً من تحديد مفهوم هذه الهيئة:

1 - مفهوم هيئة الناخبين: إن هيئة الناخبين The electorate بالتعريف هي «اصطلاح يطلق على مجموع المواطنين الذين يتمتعون بحق الانتخاب في دولة من الدول»، وقد اصطلح على تسمية هؤلاء المواطنين بـ«جماعة النَّاخبين» أو «المنتخِبين» Electors.

وتحتل هيئة الناخبين مكاناً أساسياً بارزاً في سير عمل المؤسسات في الدولة، إذ إنها تشكِّل أوَّل أجهزة الدولة ما دامت إرادتها حاسمة في تكوين أجهزة الدولة الأخرى عن طريق الانتخاب المباشر أو غير المباشر؛ فالهيئة الناخبة هي التي تعيِّن الحكَّام، وتمارس الرقابة عليهم عن طريق مُمَثِّليها في البرلمان، وتعدّ سلطة الفصل الحاسمة في النزاع الذي يمكن أن يثور بين السلطات العامة في الدولة.

2 - تكوين هيئة الناخبين: بعد أن أوضحنا المقصود بهيئة الناخبين، يثور التساؤل في هذا الشأن عن كيفية تكوين هيئة الناخبين، أو بمعنى آخر مَنْ له حقّ الانتخاب في ضوء الاعتبارات العملية؟

إذا تأملنا التطور التاريخي لفكرة الانتخاب في الدول الديمقراطية الغربية اتضح لنا أن هذه الدول أخذت في بادئ الأمر بمبدأ الاقتراع، ولكنها قيَّدته بشرطين: أحدهما يتصل بالثروة، والآخر يتصل بالعِلم والكفاية. وقد تطلبت الدساتير وجوب توافر أحد هذين الشرطين في الناخب أو كليهما معاً. غير أن هذا الوضع ما لبث أن تطور نتيجة انتشار الديمقراطية، فبدأت الدول - في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين - تتخلَّص تدريجياً من هذين القيدَيْن، متجهةً بذلك صوبَ مبدأ الاقتراع العام، وكانت سويسرا أول دولة تأخذ بالاقتراع العام في سنة 1830، ثم تبعتها فرنسا في دستورها الصادر عام 1848، فإنكلترا بقانون الانتخاب الصادر سنة 1918. ومن هذه الدول انتقل مبدأ الاقتراع العام - بوصفه قاعدة عامة - إلى باقي الدول الديمقراطية في العالم.

وبناء على ما تقدَّم، فإنَّ المشرِّع - وهو بصدد تنظيم هيئة الناخبين - قد يأخذ إما بنظام «الاقتراع المقيَّد» وإما بنظام «الاقتراع العام»، وذلك بحسب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل دولة، ومدى نضجها الديمقراطي والسياسي. فما هو المقصود إذن من هذين النظامين؟

أ - الاقتراع المقيَّد Restricted Suffrage: يكون الانتخاب أو الاقتراع مقيَّداً، إذا تطلَّب الدستور أو قانون الانتخاب أن يتوافر في الناخب - حتى يستطيع ممارسة حق الانتخاب - نصاب مالي معين أو كفاءةً خاصةً أو كلاهما معاً.

(1) تقييد حق الانتخاب بشرط النصاب المالي أو الثروة: وهذه الصورة هي أوسع أشكال الاقتراع المقيَّد ذيوعاً، ومقتضاها أن سلطة الانتخاب لا تُمنح إلا لمن كان مستوفياً لنصابٍ مالي معيّن، بأن يكون مالكاً أو حائزاً أو شاغلاً لعقار له دخل معيّن، أو أن يكون ممن يؤدون ضرائب معيّنة أياً كان المقدار المحدد لها، أو على شاكلة ذلك من الشروط التي تعني توافر قدر معيّن من الثراء في الناخب.

وقد حاول دعاة تقييد حق الانتخاب بنصاب مالي تسويغ هذا القيد بحجج مختلفة، أهمها: أنه يضمن جديَّة الانتخابات لأن الناخبين سيهتمون باختيار من سيتولى الإدارة والحكم، وذلك من باب الحرص على أموالهم وثرواتهم الخاصة، على عكس الطبقات الفقيرة المُعْدمة التي لا يهتم أفرادها بالانتخابات؛ لأن الفرد الذي لا يملك شيئاً لا يهتم بالشؤون العامة لبلده، وفضلاً عن ذلك فإن المال هو الذي يربط المواطن بوطنه؛ فالذي يملك نصيباً من الثروة هو وحده الذي يشعر برابطة الولاء والتعلّق بالوطن، إلى جانب أن الثروة قرينة على الكفاءة والمعرفة، كما تمكّن صاحبها من الحصول على التعليم اللازم لتفهّم شؤون البلاد العامة والمشاركة في الحياة السياسية بجدية وفاعلية. وأخيراً قيل أيضاً: إن الأغنياء هم الذين يتحملون النفقات العامة عن طريق ما يدفعونه من ضرائب عامة، ولهذا فمن الطبيعي أن تقتصر المشاركة في الحكم عن طريق الانتخاب عليهم وحدهم؛ طبقاً لقاعدة التلازم بين السلطة والمسؤولية .

ولم تكن هذه الحجج في الواقع إلا ستاراً لإخفاء رغبة أفراد الطبقة البرجوازية في تركيز السلطة السياسية في أيديهم، وجعلها احتكاراً لهم، وخشيتهم من أن يؤدي تقرير الاقتراع العام إلى حرمانهم من تلك السلطة ووضعها في يد الغالبية الشعبية الفقيرة.

بيد أن هذه الحجج لم تصمد أمام تيار الديمقراطية الجارف، حيث أخذت الدول توسّع في هيئة الناخبين شيئاً فشيئاً حتى أصبح الانتخاب «عاماً» في غالبية الدول المتمدنة في الوقت الحاضر.

(2) تقييد حق الانتخاب بشرط الكفاءة العلمية: لجأت بعض الدساتير إلى طريقة أخرى في تقييد حق الانتخاب، فاشترطت في الناخب كفاءة خاصة بأن يكون حاصلاً على شهادة دراسية معيّنة، أو مجيداً للقراءة والكتابة، أو مُلِمَّاً بهما. ويلاحظ أن هذا الأسلوب يتجلى في شكلين متباينين:

¦ في الحالة الأولى يهدف إلى توسيع جزئي لحق الاقتراع المقيّد بمنح حق الاقتراع لأفراد لا يملكون النصاب المالي المطلوب، ولكنهم يتمتعون بكفاءات معيّنة. وقد طُبّق هذا الأسلوب في فرنسا في ظل دستور سنة 1830، حيث منح حق الاقتراع لأعضاء المجامع العلمية والضباط المتقاعدين.

¦ ما الصورة الثانية فهدفها استبعاد فئات معيّنة من حق الانتخاب، من ذلك ما كان يُحتِّمه دستور ولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأمريكية من إلمام الناخب بالقراءة، وتحتِّم مقاطعة المسيسبي في الناخب معرفة قراءة جزء من الدستور وتفسيره تفسيراً مناسباً، ولئن كان الهدف الظاهري لهذا الشرط هو الارتفاع بمستوى الانتخابات وجعلها أكثر جدية، ولكن الهدف الحقيقي من هذا الشرط كان يتمثل في حرمان السود (الزنوج) في تلك الولايات - حيث الكثيرون بينهم أميون - من فرصة المشاركة في الانتخابات.

ب - الاقتراع العام Universal Suffrage: يكون الانتخاب أو الاقتراع عاماً إذا صدر الدستور أو قانون الانتخاب خلواً من اشتراط القيدَيْن اللذَيْن تقدَّم ذكرهما (الثروة والكفاءة) في الناخب، أي إن هذا النوع من الاقتراع لا يشترط في الناخب توافر نصاب مالي معيّن بأن يكون مالكاً أو حائزاً أو شاغلاً لعقار، أو من دافعي الضرائب أياً كان قدرها، أو أي شرط آخر يتعلق بالقدرات المالية أو الشخصية أو الانتماء الطبقي. وهذا الاسم لا ينطبق على مدلوله لأن الاقتراع العام لا يشمل بالضرورة جميع أفراد الأمة؛ فعدم تقييد الاقتراع بأي من القيدَيْن السابقين لا يستتبع حتماً عدم تقييده بقيود أخرى لا تتنافى ومبدأ الاقتراع العام، والقول بغير ذلك يؤدي إلى عدّ الانتخاب حقاً مقرراً لجميع أفراد الشعب (بما فيهم القُصَّر، وناقصو الأهلية، والمجرمين، والمصابين بأمراض عقلية، والمحجور عليهم قضائياً… إلخ)، وهذا ما لا يقول به أحد.

ومن أجل ذلك كان من الطبيعي أن يتطلب المشرِّع في المواطن شروطاً معيّنة يجب أن تتوافر فيه حتى يتمتع بحق الانتخاب، كتلك المتعلقة بالجنسية، والسن، والجنس، والأهلية.

ومثل هذه الشروط لا تعدّ في الحقيقة قيوداً على مبدأ الاقتراع العام لأنها شروط تنظيمية، بمعنى أن المشرِّع يقرِّرها وينظِّمها بناءً على أسسٍ وضوابط تستهدف أساساً تحقيق المصلحة العامة.

سادساً - نظم الانتخاب:

يعدّ اختيار النظام الانتخابي Electoral System واحداً من أهم القرارات الخاصة بالمؤسسات في الدول الديمقراطية.

وحاصل القول أنَّ نظم الانتخاب تختلف من دولة إلى أخرى؛ تبعاً للغاية التي يستهدف تحقيقها كل منها، وبحسب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل دولة، ومدى نضجها الديمقراطي والسياسي، وطبيعة التكوين الاجتماعي والتقدم الحضاري والثقافي لشعبها.

ويمكن حصر نظم الانتخاب في أربعة نظم رئيسية، هي الآتية:

1 - نظام الانتخاب المباشر والانتخاب غير المباشر

2 - نظام الانتخاب الفردي والانتخاب بالقائمة

3 - نظام الانتخاب بالأغلبية التعددية ونظام التمثيل النسبي

4 - نظام تمثيل المصالح والمهن.

1 - نظام الانتخاب المباشر والانتخاب غير المباشر:

أ - الانتخاب المباشر Direct election: ويقصد به أن يقوم الناخبون باختيار نوابهم (ممثليهم في البرلمان) أو باختيار رئيس الجمهورية مباشرةً ودون وساطة، وبذلك يكون الانتخاب المباشر على درجة واحدة. وهذا النظام هو الشائع حالياً في أغلبية دساتير العالم. وهو الشائع في أغلبية دساتير العالم.

ولا شك أن نظام الانتخاب المباشر يتفق ونظام الاقتراع العام في تطابقه وانسجامه مع مبادئ الديمقراطية، ولاسيما أن الانتخاب على درجة واحدة يُمَكّن القاعدة الشعبية العريضة من الاضطلاع بمهمة اختيار ممثليها في البرلمان دون الاتكال على جماعة أخرى (هيئة المندوبين) أو وساطتها؛ الأمر الذي يجعل الهيئات النيابية أكثر تجسيداً لإرادة الشعب، وبالتالي يكون هذا النظام أقرب إلى الديمقراطية في صورتها المثالية، إذ يمارس الشعب (بمفهومه السياسي) حقه في انتخاب ممثِّليه في المجالس النيابية مباشرة.

كما أن نظام الانتخاب المباشر يضمن -حقيقةً- حرية الناخبين في اختيار من يمثلونهم في الهيئات النيابية، حيث يصعب التأثير في الناخبين، أو التأثير فيهم من جانب الأحزاب وأصحاب المصالح لكثرة عددهم. وذلك بخلاف نظام الانتخاب غير المباشر، حيث يسهل التأثير في هيئة المندوبين -لقِلَّة عددهم- الذين يقومون بالاختيار الحقيقي. وإذا كان هذا النظام يعدّ أقرب إلى تحقيق الديمقراطية؛ فإنه يجب ألا يغرب عن الذهن أن اتباع مثل هذا النظام يتطلب -حتى تُؤتى ثماره- أن يكون الناخبون على درجة معيّنة من الوعي والتربية السياسية، وأن يكونوا على قدرٍ من الثقافة التي تمكِّنهم من حُسن اختيار ممثليهم في الهيئات النيابية.

ب - الانتخاب غير المباشر Indirect election: وهو انتخاب يتم على درجتين أو أكثر، حيث يقوم الناخبون باختيار مندوبين عنهم (يُكَوّنون في مجموعهم ما يسمى بـ«هيئة المندوبين» أو «المَجْمَع الانتخابي») يتولون مهمة اختيار رئيس الجمهورية أو أعضاء البرلمان.

ويرى أنصار الانتخاب غير المباشر أن هذه الطريقة تخفِّف من ضرر الاقتراع العام، إذ كثيراً ما يجهل الأفراد العاديون كفاية المرشحين، فالانتخاب على درجتين يهيئ لهم انتخاب أشخاص أكثر مقدرة على معرفة المسائل السياسية، وتقديراً لكفاية المرشحين. كذلك يقلِّل الانتخاب غير المباشر من ضرر الأهواء الحزبية لأنه يُبعد العامَّة -وهم الأكثر تأثُّراً بالميول والنزعات الحزبية- عن انتخاب النواب مباشرة.

ومن مساوئ طريقة الانتخاب على درجتين أنها تفسح المجال للإفساد السياسي، إذ بحسب هذه الطريقة يغدو مَن بيدهم انتخاب النواب مباشرة قليلي العدد، بحيث يمكن التأثير فيهم بالتهديد أو بالترغيب. ولا نزاع في أنَّ الأخذ بمبدأ الانتخاب على درجتين هو تطبيقٌ مُلتَوٍ لمبدأ سيادة الأمة، إذ يُبعد الأفراد عن انتخاب مَن يريدونهم رأساً، وفي ذلك تقليلٌ من قيمة حق الاشتراك المباشر في انتخاب الهيئة النيابية. كما أنَّ هذه الطريقة تُضعف من اهتمام العامة بالشؤون السياسية، في حين تُثير طريقة الانتخاب المباشر اهتمامهم، وتُذكي وطنيَّتهم، وترفع مداركهم.

وتتَّبع حالياً الولايات المتحدة الأمريكية هذه الطريقة في انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه، حيث يتم انتخابهما من قبل الشعب، ولكن على درجتين، أي وفقاً لمبدأ الانتخاب الشعبي غير المباشر، حيث يقوم سكان مختلف الولايات - طبقاً للطريقة التي تحددها الهيئة التشريعية في كل ولاية - باختيار عدد من«المندوبين» أو «الناخبين الرئاسيين» Presidential electors، ويجتمع هؤلاء المندوبون الذين يكوّنون في مجموعهم ما يسمى «هيئة المندوبين» أو «المَجْمَع الانتخابي» The Electoral college في كلّ ولايةٍ على حِدَة لانتخاب رئيس الجمهورية ونائبه في آنٍ واحد ، ثم تُرسَل بعد ذلك قوائم الانتخاب إلى رئيس مجلس الشيوخ حيث يتم فرزها وإعلان نتيجة الانتخاب.

2 - نظام الانتخاب الفردي والانتخاب بالقائمة:

أ- الانتخاب الفردي: يوجد نظام الانتخاب الفردي أو ما يسمى بـ«نظام الدوائر منفردة العضوية أو أحادية التمثيل» Single-member districts system إذا اقتصرت كل دائرة انتخابية على اختيار نائبٍ واحدٍ لا أكثر يمثِّلها في البرلمان، ومن ثم لا يصوّت الناخب إلا لمرشَّحٍ واحدٍ من بين المرشحين، ولهذا لا يجوز أن تحمل ورقة الاقتراع التي يقدِّمها الناخب سوى اسم شخصٍ واحدٍ.

ب- الانتخاب بالقائمة: يوجد نظام الانتخاب بالقائمة أو ما يسمى بـ«نظام الدوائر متعددة العضوية أو متعددة التمثيل» Multi-member districts system إذا اختصَّ الناخب في كلّ دائرة انتخابية بانتخاب عدد معين من النواب ـ وهذا العدد تحدّده قوانين الانتخاب عادة ـ لا نائب واحد فقط كما هو الحال في نظام الدوائر منفردة العضوية، ولذلك فإنَّ على الناخب أن يقدِّم قائمةً (ومن هنا جاءت تسمية هذا النظام) يُضَمِّنها أسماء عددٍ من المرشحين الذين يفضِّلهم يساوي عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية التي يتْبَعها.

ويلاحظ في هذا المجال أن حجم الدائرة الانتخابية يختلف ضيقاً واتساعاً تبعاً للأخذ بأي من هذين النظامين، بمعنى أنه إذا كان النظام القائم هو الانتخاب الفردي، وجب تضييق حجم الدائرة الانتخابية حتى يزداد عددها، أي إن إقليم الدولة وفقاً لهذا النظام يقسّم إلى دوائر انتخابية صغيرة نسبياً بحيث يتطابق عدد هذه الدوائر مع عدد المقاعد في البرلمان، وتنتخب كل دائرة نائباً واحداً. وعلى النقيض من ذلك، فإن الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة يقتضي أن يتسع حجم الدائرة الانتخابية، حتى يقلّ عددها، أي إن إقليم الدولة وفقاً لهذا النظام يقسّم إلى دوائر انتخابية واسعة النطاق، وتنتخب كل دائرة عدداً من المرشحين (يتناسب مع عدد السكان) يساوي عدد المقاعد المخصص لها.

وهكذا، فإن الانتخاب الفردي يقوم على تقسيم الدولة جغرافياً إلى دوائر انتخابية عددها كبير وحجمها صغير؛ لينوب عن كل دائرة نائب واحد من بين المرشحين، ولذا سمي الانتخاب فردياً؛ لأنه يؤدي إلى انتخاب فرد واحد. أما الانتخاب بالقائمة، فيقوم على تقسيم الدولة إلى دوائر عددها أقل وحجمها أكبر؛ لينوب عن كل دائرة أربعة أو خمسة أو أكثر من النواب.

ويختلف فقهاء القانون في تقديرهم لنظام الانتخاب الفردي أو الانتخاب بالقائمة. فمن المزايا المنسوبة لنظام الانتخاب الفردي أنه يتيح للناخبين معرفة شخصية أوثق بالنائب لصغر مساحة الدائرة الانتخابية، وبالتالي يكونون أقدر على تقدير كفاءته وأهليته. ويكون النائب بالمقابل أقدر على معرفة احتياجات سكان دائرته المحدودة، وبالتالي اضطلاعه بمهمة التعبير عن رغباتهم والدفاع عن مصالحهم.

وقيل أيضاً: إن نظام الانتخاب الفردي يمتاز بالبساطة والسهولة والوضوح في عملية الاختيار، وذلك على عكس ما يحدث في حالة الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة، إذ يجهل الناخب شخصية المرشحين في معظم الأحوال بسبب ضخامة مساحة الدائرة الانتخابية من ناحية. ومن ناحية أخرى، فإن اضطرار الناخب إلى اختيار قائمة بذاتها من دون تغيير، كما هو الشأن في نظام الانتخاب بالقائمة المغلقة، ينجم عنه خداع الناخب في أحيانٍ كثيرة؛ لأن الأحزاب تقوم بوضع اسم شخصيةٍ مرموقةٍ على رأس القائمة، ثم تضع بعد ذلك أسماء شخصيات مجهولة للناخب أو محدودة الكفاءة من الناحية السياسية. غير أنه قد يخفِّف من ذلك إعطاء الناخب حرية استبعاد بعض الأسماء أو شطبها من القائمة التي يختارها، أو وضع أسماء أخرى مكان الأسماء التي استبعدها، أي أن يقوم بعمل تشكيله من اختياره من القوائم المختلفة، وهو النظام المعروف بالمزج panachage بين القوائم المختلفة.

غير أن أنصار الانتخاب بالقائمة يردون على ذلك بقولهم: إن معرفة الناخبين للمرشحين تعدّ من مثالب الانتخاب الفردي، وليست من مزاياه، لأنها تجعل الاختيار قائماً على أساس المفاضلة بين الأشخاص، لا بين المبادئ السياسية والبرامج الحزبية، ويكون الفوز رهناً بما يؤدِّيه المرشَّح من خدمات شخصية للناخبين، أو بما يتمتع به من حبّ وثقة منهم، لا بما يؤدِّيه إلى الوطن من خدمات، أو ما يمثله من اتجاهات ومبادئ؛ فالانتخاب الفردي يجعل النائب أو المرشح أسير الدائرة الانتخابية، يركز كل عنايته لخدمة مصالحها، ويمضي كل وقته في السعي وراء تحقيق مطالبها، ويغفل مصلحة البلاد، وكأنه يمثل دائرته فقط، يُعنى بأمورها المحلية الخاصة، ولو تعارضت والمصلحة العامة.

كذلك يساعد الانتخاب الفردي على انتشار الرشوة الانتخابية؛ وذلك لصغر الدائرة وإمكان التأثير في الناخبين بمؤثرات كثيرة قد يكون المال أخطرها تأثيراً، أما الانتخاب بالقائمة فيقلِّل من أثر كل ذلك لاتساع الدائرة وكثرة المرشحين. ولاشك في أن الانتخاب الفردي في الحكومات المركزية يساعد الحكومة على التدخل في مجرى الانتخاب، ذلك أن صغر الدائرة يجعل من اليسير على الإدارة أن تستخدم ما تحت يديها من أساليب الضغط والإكراه في سبيل توجيه الانتخابات لمصلحة مرشَّحيها، أما الانتخاب بالقائمة فيُضعف من تدخّل الحكومة إلى حدّ كبير.

ويأخذ البعض على طريقة الانتخاب بالقائمة أنها تُصعِّب مهمة الناخب الذي بدلاً من أن ينحصر واجبه في المفاضلة بين شخص وآخر يغدو مكلَّفاً بتقدير كفاية عدد كبير من النواب، وقد لا يسهل عليه ذلك لعدم اتصاله بجميع المرشحين وتقديره لهم. وأخيراً قيل: إن الانتخاب بالقائمة لا يؤدي إلى تمثيل الأقليات، حيث الدوائر واسعة النطاق، ولا يمكن للأقليات التأثير فيها، في حين أنَّ تقسيم القطر إلى دوائر صغيرة في طريقة الانتخاب الفردي يؤدي في أحوال كثيرة إلى نجاح مرشَّحي الأقلية، إذ قد تكوِّن الأقلية أغلبية لصغر الدائرة. على أنه يمكن تلافي هذا العيب إذا ما اقترن نظام الانتخاب بالقائمة بالتمثيل النسبي.

3 - نظام الانتخاب بالأغلبية التعددية والانتخاب بالتمثيل النسبي

أ- الانتخاب بالأغلبية: يقصد بالنظام الانتخابي القائم على أساس الأغلبية التعددية Plurality-majority electoral System أن يفوز في الانتخابات المرشح (أو القائمة) الذي يحصل على أغلبية الأصوات الصحيحة المعطاة في الدائرة الانتخابية.

ونظام الانتخاب بالأغلبية يمكن تصوّره في نظام الانتخاب الفردي، كما يمكن تصوره في نظام الانتخاب بالقائمة، فإذا كان النظام المعمول به هو نظام الانتخاب الفردي؛ فإن المرشح الفائز هو بكل بساطة المرشح الذي يحصل على العدد الأكبر من الأصوات من بين المرشحين، وليس بالضرورة الأغلبية المطلقة (أي أكثر من نصف عدد الأصوات الصحيحة التي أعطيت في الانتخاب)؛ وإذا كان النظام المعمول به هو الانتخاب بالقائمة، فإن القائمة التي تنال العدد الأكبر من الأصوات في الدائرة الانتخابية هي التي تفوز في الانتخاب، فتستأثر بكل المقاعد البرلمانية المخصصة لتلك الدائرة.

ونظام الانتخاب بالأغلبية التعددية يأخذ إحدى صورتين رئيسيتين:

(1) نظام الأغلبية النسبية (أو البسيطة) Relative (or Simple) Majority System: وطبقاً لهذا النظام، يعدّ المرشح (أو القائمة الانتخابية) الحاصل على العدد الأكبر من الأصوات فائزاً في الانتخابات، حتى لو كان مجموع عدد الأصوات التي حصل عليها باقي المرشحين (أو بقية القوائم) يزيد على عدد الأصوات التي نالها هذا المرشح (أو تلك القائمة).

ويتضح من ذلك أن عملية الانتخاب في ظل نظام الانتخاب بالأغلبية النسبية تتسم بالسهولة والبساطة وعدم التعقيد في الإجراءات، حيث تُحسم نتيجة الانتخاب من الدور الأول، ولذلك فقد اصطلح على تسمية هذا النظام في الفقه الإنكليزي بـ«الاقتراع بالأغلبية على دور واحد»، أو «نظام الفائز الأول».

وينتشر «نظام الفائز الأول» بصورته المثالية حتى اليوم في المملكة المتحدة والدول التي كانت تاريخياً تحت تأثير بريطانيا، مثل كندا والولايات المتحدة الأمريكية، ويجري استخدام «نظام الفائز الأول» أيضاً في العديد من الأمم الكاريبية، وفي خمس دول آسيوية (بنغلادش وبورما والهند وماليزيا ونيبال)، فضلاً عن أمم تعيش في جزر صغيرة في جنوبي المحيط الهادئ (الباسيفيك)، أما في إفريقيا فيجري استخدامه من قبل خمس عشرة دولة كانت أغلبها مستعمرات بريطانية سابقة، وبالمحصلة يمكن القول إنه من أصل 312 بلداً وإقليماً تبلغ نسبة البلدان التي تعتمد نظام الفائز الأول 22 بالمئة.

(2) نظام الأغلبية المطلقة Absolute Majority System: ويعني أن المرشح الذي يُنتَخَب هو الذي يفوز بأكثر من نصف عدد الأصوات الصحيحة المعطاة في الانتخاب، أي أكثر من 50% من الأصوات، وذلك مهما كان عدد المرشحين، فنظام الأغلبية المطلقة لا يكتفي إذن بمجرد حصول أحد المرشحين على أكثرية الأصوات بالنسبة إلى بقية المرشحين منفردين كما هو الحال في نظام الأغلبية النسبية، بل يستوجب أن يحصل أحد المرشحين على أصوات تفوق في مجموعها عدد الأصوات التي حصل عليها بقية المرشحين مجتمعين.

فإذا لم يحصل أي من المرشحين على أكثر من نصف عدد الأصوات الصحيحة المعطاة في الانتخاب؛ فهذا يعني أن الأغلبية المطلقة اللازمة لإعلان الفوز في الانتخابات لم تتحقق، ولهذا تتم معالجة مثل هذه الحالة بإعادة عملية الانتخاب، أي بإجراء جولة ثانية من الانتخابات، ويتم إعلان الفائز في انتخابات الجولة الثانية بوصفه منتخَبَاً.

وتختلف تفاصيل إدارة الجولة الثانية عند التطبيق من دولة إلى أخرى، إلا أنَّ هناك طريقتين هما الأكثر شيوعاً في هذا الشأن:

الطريقة الأولى: تجعل الجولة الثانية من التصويت مسابقة «للتصفية» المباشرة بين الفائزَيْن اللذَيْن يحصلان على أعلى عدد من الأصوات في انتخابات الجولة الأولى First round، ويسمى هذا النظام بنظام تصفية الأغلبية Majority-runoff system. ويسفر نظام الانتخاب هذا عن نتيجة تتسم بالأغلبية عن حق، ويحصل فيها أحد المرشحين بالضرورة على أغلبية مطلقة من الأصوات، ويتم إعلان فوزه.

الطريقة الثانية: أن يعاد الانتخاب ليس بين المرشَّحَيْن الاثنين الفائزَيْن بأعلى الأصوات، وإنما بين كل المرشحين الذين حصلوا على نسبة معيّنة من الأصوات في انتخابات الجولة الأولى يحددها قانون الانتخاب. فيدخل انتخابات الإعادة (أي الجولة الثانية) كل من حصل – مثلاً - على أصوات تزيد عن 10% أو 25% من الناخبين المسجلين في الجولة الأولى، وهنا قد يتعدد المرشحون فلا مفرَّ من الاكتفاء بالأغلبية النسبية. فالأغلبية المطلقة تشترط في انتخابات الجولة الأولى، والأغلبية النسبية أو البسيطة تكفي لإنجاح المرشح في انتخابات الجولة الثانية.

وتستخدم فرنسا صيغة نظام الأغلبية المطلقة في انتخاباتها التشريعية، فهي البلد الذي يقترن به عادة نظام الجولتين، وتتم هذه الانتخابات (انتخابات الجمعية الوطنية) وفق نظام الانتخاب الفردي بالأغلبية المطلقة (على دورتين أو جولتين)، ويعدّ فائزاً أو منتخباً من الجولة الأولى كل مرشح يحصل على الأغلبية المطلقة من الأصوات المدلى بها، بشرط أن تمثِّل هذه النسبة ربع عدد الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية. وإذا لم ينل أيّ من المرشحين هذه النسبة، وبالتالي لم يفُزْ أحد بالمقعد البرلماني عن الدائرة الانتخابية؛ تجري الدورة الثانية في يوم الأحد التالي. ولا يمكن أن يتقدم في الجولة الثانية سوى المرشحين الذين حصلوا على الأقل على نسبة 12.5% من الأصوات المدلى بها في الجولة الأولى. وإذا لم يحصل سوى مرشح واحد على نسبة 12.5% من الأصوات المدلى بها في الجولة الأولى، أو لم يحصل أيّ من المرشَّحين على هذه النسبة؛ يتقدم إلى الجولة الثانية فقط المرشَّحان اللذان حصلا على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة المعطاة في الجولة الأولى. ويتم إعلان الفائز بأعلى عدد من الأصوات في انتخابات الجولة الثانية بوصفه منتخَباً، بغض النظر عن حصوله أو عدم حصوله على الأغلبية المطلقة (أي يُكتفى هنا بالأغلبية النسبية فقط)، وفي حال تعادل المرشَّحين يفوز المرشَّح الأكبر سناً.

وهكذا فإن الأغلبية المطلقة -في صورتيها- تجعل الانتخاب يجري على دورين، تفصل بينهما في العادة فترة أسبوع أو أسبوعين، ومن هنا فإنها تسمى في الفقه الإنكليزي بنظام الجولتيـن Two-round System، وهو ما يعرف أيضاً بنظـام التصفيـة The run-off system أو نظـام الاقتـراع المزدوج The double-ballot system، وتعرف في الفقه الفرنسي بنظام «البلتجة» Ballotage.

ويتضح لنا مما سبق أن نظام الأغلبية التعددية - سواء البسيطة (النسبية) أم المطلقة - يؤدي إلى إلحاق الظلم بالأقليات السياسية Political minorities والإجحاف بها في الانتخابات؛ إذ لا يعطيها تمثيلاً «عادلاً» يتناسب مع الأهمية العددية للأصوات التي حصلت عليها؛ ويزداد ذلك وضوحاً في حالة الأخذ بنظام الأغلبية البسيطة الذي يكتفي بحصول المرشح على أعلى نسبة من الأصوات لكي يعدّ فائزاً بصرف النظر عن مجموع عدد الأصوات التي حصل عليها بقية المرشحين.

ودفعاً لهذا الظلم ورغبةً في جعل المجلس التشريعي «مرآةً للأمة» Mirror of the nation، يُمثِّل الشعب بجميع أطيافه وتياراته تمثيلاً صادقاً؛ تبنت القوانين الانتخابية في بعض الدول «نظام التمثيل النسبي».

ب - الانتخاب بالتمثيل النسبي Proportional Representation: وهو نظام انتخابي تمنح بمقتضاه الأحزاب السياسية عدداً من مقاعد المجلس النيابي يتناسب مع عدد الأصوات التي يظفر بها الحزب بالفعل في الاقتراع، فتصبح قوته في البرلمان مرآة لقوته الانتخابية لدى المقترعين، وفي ذلك ما يفيد أحزاب الأقلية التي تحرم من التمثيل في الأنظمة الانتخابية الأخرى.

ويقوم الأساس المنطقي الذي يقبع خلف جميع نظم التمثيل النسبي على تقليص التفاوت القائم بين حصة حزب من التصويت الوطني وحصته من المقاعد البرلمانية بصورة واعية؛ فإذا فاز حزب للأغلبية بمعدل 40% من الأصوات؛ يجب أن يفوز تقريباً بمعدل 40% من المقاعد البرلمانية، ولو فاز حزب للأقلية بمعدل 10% من الأصوات؛ فيجب أن يحصل أيضاً على 10% من المقاعد البرلمانية.

ويتضح من ذلك أن الأخذ بنظام التمثيل النسبي يحقق العدالة، وذلك لأنه يترجم «بأمانة» نصيب الحزب من الأصوات القومية (أو الوطنية) إلى نسب مماثلة من المقاعد في المجلس التشريعي، كما أنه يضمن تمثيل أحزاب الأقلية بجانب حزب الأغلبية، لأن كل قائمة تفوز بعدد من المقاعد يتناسب مع عدد الأصوات التي حصلت عليها، وذلك بخلاف نظام الانتخاب بالأغلبية الذي يعطي جميع المقاعد البرلمانية للقائمة التي تحصل على أكثرية الأصوات.

ويقتضينا الإنصاف أن نشير هنا إلى أن نظم التمثيل النسبي - رغم المميزات العديدة التي تتمتع بها - ومن بينها أنها تتجنب النتائج الشاذة وغير العادلة التي تسفر عنها نظم الأغلبية التعددية، وتعمل أيضاً على تيسير وجود هيئة تشريعية أكثر تمثيلاً، وكذلك تسهيل وصول أحزاب الأقلية إلى التمثيل في الهيئة التشريعية؛ مما يؤدي إلى تعزيز الديمقراطية، في البلدان النامية خاصة - فإنها مع ذلك تتعرض لانتقادات عديدة، أهمها أنها عملية حسابية معقَّدة يصعب على الكثيرين فهمها والإلمام بتفاصيلها، كما أنها تميل إلى الترويج لحكومات ائتلافية رغم ما فيها من نواقص، وهو ما يؤدي إلى مشكلات تشريعية خانقة، ومن ثم انعدام القدرة على تنفيذ سياسات متماسكة في فترات تكون فيها الاحتياجات مُلِحَّة.

ولمَّا كانت نظم التمثيل النسبي تعكس النظام الحزبي القائم؛ فإنها قد تُسَهِّل أيضاً من عملية تفتيته وانقسامه، فقد تتيح هذه التعددية الاستقطابية لأحزاب الأقلية الصغيرة أن تملي رغباتها على الأحزاب الكبيرة في المفاوضات الائتلافية، ففي«إسرائيل» على سبيل المثال تتسم الأحزاب الدينية المتطرفة عادة بقدرتها على الحسم في تشكيل الحكومة، في حين ظلت إيطاليا تعاني مدة خمسين عاماً التحولات غير المستقرة للحكومات الائتلافية.

4 - نظام تمثيل المصالح والمهن:

لئن كانت المجالس النيابية الحالية في الدول الديمقراطية تتكون من ممثلين للأفراد أو للأحزاب السياسية المختلفة - غير أن الأمة لا تتكون من الأفراد والأحزاب السياسية فقط - فالأمم اليوم أصبحت مؤلفة من عناصر اجتماعية قائمة على الجماعات العاملة، المختلفة الأشكال، ذات المصالح المشتركة والمنافع المتحدة، كجماعات الأطباء والمحامين والمهندسين والحرفيين والعمال والفلاحين… إلخ.

ومن هنا فقط ذهب كثير من الفقهاء - على رأسهم العميد ديجي - إلى وجوب تمثيل المصالح المختلفة في البرلمان؛ لأنه ما دام الاتجاه نحو تحقيق التمثيل النسبي قد وضح بأوسع معانيه ليشمل كل التيارات والاتجاهات والأقليات السياسية بنسبة أهميتها العددية، فلِمَ لا يقوم بجانب ذلك المجلس الممثل للأفراد المختلفين مجلس آخر منتخب من أصحاب المهن والصناعات والحرف؟

وعلى ذلك يتطلب نظام تمثيل المصالح والمهن عدم تمثيل الميول والاتجاهات السياسية فقط في البرلمان، بل تمثيل العناصر الاقتصادية والاجتماعية؛ أي أصحاب الحرف والمهن المحلية في الدولة.

وجدير بالذكر أن فكرة تمثيل المصالح والمهن ليست حديثة العهد، إذ يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر عندما طبقت في فرنسا قبل الثورة، حيث كان البرلمان يضم ممثلين عن الأشراف ورجال الدين والعامة، وكانت كل طبقة تنتخب ممثليها الذين كانوا يجلسون في غرفة خاصة بكل طبقة يناقشون شؤون طبقتهم. وقد طبقت هذا النظام بعض الدول بعد ذلك، مثل السويد في القرن التاسع عشر والنمسا في القرن العشرين.

ويأخذ تطبيق تمثيل المصالح والمهن إحدى طريقتين:

الطريقة الأولى: تتمثل في تحديد نسبة معيّنة من المقاعد النيابية لتمثيل أصحاب المصالح والمهن بجوار تمثيل الاتجاهات السياسية المختلفة.

ومن هذا القبيل ما نصت عليه المادة /14/ من قانون الانتخابات العامة الحالي في سورية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم/26/ تاريخ 14/4/1973 على أن: «أ- يتكون مجلس الشعب من ممثلين عن القطاعين التاليين: 1- العمال والفلاحين 2- باقي فئات الشعب ب- تكون نسبة العمال والفلاحين في مجلس الشعب 50% على الأقل من مجموع عدد مقاعده… إلخ».

الطريقة الثانية: تتمثل في انتخاب أحد المجلسين النيابيين بأكمله لتمثيل المصالح الاقتصادية والاجتماعية في الدولة، على أن يكون المجلس الآخر لتمثيل الاتجاهات السياسية.

ومن الواضح أن الطريقة الثانية تفترض الأخذ بنظام المجلسين النيابيين Bicameralism، في حين تفترض الطريقة الأولى التطبيق في ظل نظام المجلس النيابي الواحد Unicameralism.

تلك كانت أهم أشكال النظم الانتخابية التي تأخذ بها دول العالم سواء في الديمقراطيات الوليدة أم الراسخة. ولنا أن نتساءل في هذا المقام عن الأسس التي يقوم عليها النظام الذي يتم بمقتضاه انتخاب أعضاء مجلس الشعب في الجمهورية العربية السورية؟

سابعاً - الأسس التي يقوم عليها النظام الانتخابي في الجمهورية العربية السورية:

تنصّ الفقرة الثانية من المادة /50/ من الدستور السوري الحالي لسنة 1973على أن: «يُنتخب أعضاء مجلس الشعب انتخاباً عاماً وسرياً ومباشراً ومتساوياً وفقاً لأحكام قانون الانتخاب». وقد أحال الدستور المذكور في المادة /53/ منه إلى قانون الانتخاب مهمة القيام بتحديد الدوائر الانتخابية، وعدد أعضاء مجلس الشعب على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، وكذلك أيضاً وضع تعريف للعامل والفلاح.

وتنفيذاً لهذين النصَّيْن الدستوريين، فقد صدر بتاريخ 14/4/1973 المرسوم التشريعي رقم/26/ متضمناً قانون الانتخابات العامة، ونصَّ في المادة /14/ منه على أن:

«أ- يتكون مجلس الشعب من ممثلين عن القطاعين التاليين: 1- العمال والفلاحين 2- باقي فئات الشعب ب- وتكون نسبة العمال والفلاحين في مجلس الشعب 50% على الأقل من مجموع عدد مقاعده، ولا يشترط هذه النسبة عند توزيع المقاعد بين القطاعين في الدائرة الانتخابية الواحدة».

وحدَّد القانون المذكور في المادة الأولى منه المقصود بكل من العامل والفلاح، فعرَّف العامل بأنه «مَن يعمل في الدولة أو القطاع العام أو المشترك أو الخاص لقاء أجر»، أما الفلاح فعرَّفه بأنه «كل من يعمل في الأرض بنفسه، أو يعمل بالاشتراك مع غيره، وتكون الزراعة مصدر رزقه الأساسي، ولم يكن مشمولاً بقانون الإصلاح الزراعي وتعديلاته».

كما نصَّ قانون الانتخابات العامة على أن: «يُنتخب مجلس الشعب بالاقتراع السري المباشر من قبل جميع الناخبين المتمتعين بحق الانتخاب بموجب هذا المرسوم التشريعي، ولكل ناخب صوت واحد»، ونصَّ أيضاً على أن: «يجري انتخاب أعضاء مجلس الشعب على أساس الدائرة الانتخابية، وتنتخب كل دائرة عدداً من المرشحين يساوي عدد المقاعد المخصص لها».

ويستفاد من مجمل هذه النصوص أن نظام انتخاب أعضاء مجلس الشعب في سورية يقوم على الأسس التالية:

1 - مبدأ الاقتراع العام:

أخذ المشرع السوري في تنظيمه لهيئة الناخبين بمبدأ الاقتراع العام؛ فلم يشترط في الناخب أية شروط تتصل بالثروة أو بالعلم والكفاية، غير أن عدم تقييد الاقتراع بأي من القيدَيْن اللذَيْن تقدَّم ذكرهما (الثروة أو النصاب المالي، والكفاية الخاصة) لا يستتبع حتماً عدم تقييده بقيود أخرى لا تتنافى ومبدأ الاقتراع العام، ومن أجل ذلك كان من الطبيعي أن يتطلب المشرع السوري في المواطن شروطاً معيّنة يجب أن تتوافر فيه حتى يتمتع بحق الانتخاب.

وإذا كان الأمر كذلك، فمن هم إذن المتمتعون بحق انتخاب أعضاء مجلس الشعب؟ وما هي الشروط التي يجب توافرها في هؤلاء الناخبين؟

في معرض الإجابة عن هذا التساؤل، نصَّت المادة /54/ من الدستور السوري الحالي لسنة 1973 على ما يلي: «الناخبون هم المواطنون الذين أتموا الثامنة عشرة من عمرهم، والمسجلون في سجل الأحوال المدنية، وتوافرت فيهم الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخاب».

وكما هو واضح من هذا النص، فإن المشرع الدستوري لم يتحدث عن الناخبين في سورية إلا من حيث إنهم هم المواطنون الذين أتموا الثامنة عشرة من عمرهم، والمسجلون في سجل الأحوال المدنية، أما فيما يتعلق بالشروط الواجب توافرها في هؤلاء الناخبين، فقد أحال إلى قانون الانتخاب مهمة القيام بذلك. وتنفيذاً لذلك، فقد نصَّت المادة الثالثة من قانون الانتخابات العامة على أن: «يتمتع بحق الانتخاب كل مواطن عربي سوري من الذكور والإناث، أتم الثامنة عشرة من عمره في أول السنة التي يجري فيها الانتخاب ما لم يكن محروماً من هذا الحق بموجب هذا المرسوم التشريعي والتشريعات النافذة».

ويستفاد من هذا النص أن هناك أربعة شروط يجب توافرها لدى كل من يريد أن يمارس حقه في انتخاب أعضاء مجلس الشعب، وهذه الشروط تتعلق بـ:

أ - الجنسية: لم يشترط قانون الانتخابات العامة في الناخب السوري غير أن يكون مواطناً عربياً سورياً، أي أن يكون متمتعاً بجنسية الجمهورية العربية السورية.

وإذا كانت بعض الدول تقيم نوعاً من التفرقة بين الوطنيين الأصليين، والوطنيين بالتجنس، فلا تمنح المتجنسين الحق في مباشرة الحقوق السياسية إلا بعد مضي مدة معيّنة على اكتسابهم الجنسية؛ وذلك كي يثبتوا ولاءهم للدولة الجديدة التي عقدوا العزم على الارتباط بها (كما هو الحال في مصر، حيث قضت المادة الرابعة من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 بأنه: «يجب أن يقيد في جدول الانتخاب كل من له مباشرة الحقوق السياسية من الذكور والإناث، ومع ذلك لا يقيد من اكتسب الجنسية المصرية بطريق التجنس إلا إذا كانت قد مضت خمس سنوات على الأقل على اكتسابه إياها»)؛ فإن الدستور السوري النافذ لم يفرِّق بين الوطنيين الأصليين والوطنيين بالتجنس فيما يتعلق بممارسة حق الانتخاب، ولم يشترط كذلك مرور مدة زمنية معيّنة، فالمادة /54/ من هذا الدستور جاءت خالية من هذه التفرقة في معرض تحديدها للناخبين السوريين، وكذلك أيضاً المادة الثالثة من قانون الانتخابات العامة المشار إليها آنفاً.

ب - السن: اشترط كل من الدستور السوري وقانون الانتخابات العامة في الناخب السوري سناً معيّنة يجب أن يبلغها أولاً ـ كدليل للنضج العقلي ـ قبل أن يزاول حقوقه السياسية، فلقد بيَّنت المادة /54/ من الدستور النافذ والمادة /3/ من قانون الانتخابات الحالي أنَّ مَنْ يتمتع بحق الانتخاب هو كلُّ مواطنٍ عربي سوري، أتم الثامنة عشرة من عمره، وذلك في أول السنة التي يجري فيها الانتخاب.

ج - الجنس: يتمتع بحق الانتخاب وفقاً لما نصت عليه المادة الثالثة من قانون الانتخابات العامة «كل مواطن عربي سوري، سواء أكان ذكراً أم أنثى»، وبذلك يكون المشرع السوري قد استبعد أي تمييز بين المواطنين السوريين المتمتعين بحق الانتخاب، بما في ذلك التمييز القائم على الجنس؛ فالمرأة في سورية -وفقاً للدستور السوري الحالي- تقف على قدم المساواة مع الرجل في جميع المجالات، وتكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وتعمل أيضاً على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي.

د - الأهلية (الصلاحية العقلية والأدبية): تَطَلَّب المشرع في المواطن السوري - كي يتمتع بممارسة حقوقه السياسية، ومن بينها حق انتخاب أعضاء مجلس الشعب - أن يكون متمتعاً بأهلية مباشرة حقوقه المدنية والسياسية؛ أي ألا يكون قد لحقه مانع من موانع الانتخاب، ويلحق الشخص مانع من موانع الانتخاب إذا كان محروماً - وفقاً لأحكام قانون الانتخاب والتشريعات الأخرى النافذة بهذا الشأن - من مباشرة حقوقه السياسية، أو كان من بين الطوائف التي أُوْقِفَ حقها في ممارسة هذه الحقوق، وتفصيل ذلك كما يلي:

أ- المحرومون من حق الانتخاب: حدَّد المشرع السوري في المادة الرابعة من قانون الانتخابات العامة الحالي لسنة 1973 الأشخاص المحرومين من ممارسة الحق في انتخاب أعضاء مجلس الشعب، وهؤلاء الأشخاص هم:

(1) المحجور عليهم مدة الحجر.

(2) المصابون بأمراض عقلية مدة مرضهم.

(3) المحكومون بمقتضى المواد 63 ، 65 ، 66 من قانون العقوبات.

(4) المحكومون بجرم شائن.

ب- الموقوف عنهم حق الانتخاب:

حدَّد المشرع السوري طوائف معيّنة من المواطنين أوقف عنها ممارسة الحق في انتخاب أعضاء مجلس الشعب، وتحدثت المادة الخامسة من قانون الانتخابات العامة الحالي عن هذه الطوائف بقولها: «يوقف حق الانتخاب عن عسكريي الجيش ورجال الشرطة طيلة وجودهم في الخدمة، عدا من قبل ترشيحه وفقاً لأحكام هذا المرسوم التشريعي».

وكما هو واضح من هذا النص، فإن المشرع السوري قد أوقـف حق الانتخاب عن عسكريي الجيش ورجال الشرطة، و«الوقف» هنا ليس حرماناً من مباشرة هذا الحق، وإنما هو إعفاء مؤقت يسري مفعوله طوال وجود هؤلاء في الخدمة، أما إذا غادر الواحد منهم موقعه الوظيفي سواء بالاستقالة أم بالانتقال إلى وظيفة مدنية أخرى؛ فيستردّ حقه في أن يكون ناخباً على الفور، ما لم يكن محروماً من هذا الحق لسبب من الأسباب التي ذكرتها المادة الرابعة من قانون الانتخابات المشار إليها آنفاً.

2 - مبدأ الاقتراع الدوري:

إذا كانت الديمقراطية النيابية تقتضي أن ينتخب الشعب عدداً من النواب ليمثلوه داخل البرلمان؛ فإنها تتطلب أيضاً أن يكون هؤلاء النواب مسؤولين أمام الجهة التي انتخبتهم، ولهذا يجب عليهم أن يعودوا في فترات زمنية محددة إلى الشعب؛ ليقول كلمته فيهم، فيعيد انتخابهم أو يختار نواباً آخرين بدلاً منهم يكونون أقدر على تمثيله وتحقيق رغباته. ولذلك فإن أغلب الدساتير تنص على إجراء انتخابات دورية منتظمة لتجديد المجلس النيابي. وتطبيقاً لذلك، فقد حدَّد المشرِّع السوري في المادة /51/ من الدستور الحالي مدة مجلس الشعب بأربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له. فإذا انتهت هذه المدة، فإنه في مثل هذه الحالة تجري الانتخابات لتجديد المجلس، وذلك في الأيام التسعين التي تلي تاريخ انتهاء مدة مجلس الشعب.

3 - نظام الانتخاب المباشر (على درجة واحدة):

أخذ المشرع السوري - فيما يتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الشعب - بنظام الانتخاب المباشر أي على درجة واحدة. وقد نَصَّ على ذلك صراحة في المادة /50/ من الدستور الحالي لسنة 1973، حيث قضت هذه المادة في فقرتها الثانية بأن: «ينتخب أعضاء مجلس الشعب انتخاباً عاماً وسرياً ومباشراً… إلخ»، كما أن قانون الانتخابات العامة جاء متفقاً وهذا الأصل الدستوري، فنص في مادته الثانية على أن: «ينتخب مجلس الشعب بالاقتراع السري المباشر… إلخ».

وعلى ذلك، فإن مقتضى نظام الانتخاب المباشر (على درجة واحدة) أن يقوم الناخبون في سورية بأنفسهم بانتخاب أعضاء مجلس الشعب مباشرةً ودون أية واسطة، ويشترك هذا النظام مع ما ساد في ظل دستور عام 1950 وكذا جميع الدساتير اللاحقة، في حين يختلف مع الوضع المقرر في ظل مشروع الدستور الملكي لعام 1920، ودستور عام 1930 حيث كان يسود نظام الانتخاب غير المباشر(على درجتين).

4 - أسلوب الاقتراع أو التصويت الشخصي:

أخذ قانون الانتخابات العامة في سورية بأسلوب الاقتراع أو التصويت الشخصي، حيث أوجب على كل مواطن متمتع بحق الانتخاب أن يزاول هذا الحق بنفسه أمام لجنة الانتخاب بعد أن يثبت شخصيته، وليس له أن يتخلى عن حقه في التصويت ولا أن يوكِّل سواه بتمثيله في ممارسة هذا الحق. وهذا المبدأ ينتج مباشرة من طبيعة حق التصويت، إذ التصويت يعبِّر عن علاقة ثقة بين الناخب والمنتَخَب، ولا سبيل لتوثيق هذه الصلة حقوقياً إلا بتماس شخصي بينهما، فلا ينبغي أن يتوسط بينهما شخص آخر في ممارسة هذا الحق، وإلا فَسُدَت غايته المثلى.

ويتضح من ذلك أن المشرع السوري لم يأخذ بفكرة الإنابة أو التوكيل في التصويت التي تجيز للناخب أن ينيب شخصاً آخر في مزاولة حقه في التصويت، ولا بفكرة التصويت بالمراسلة، والتي تجيز للناخب أن يملأ ورقة الاقتراع ويرسلها إلى لجنة الانتخاب في الدائرة التي يقع فيها موطنه الانتخابي عن طريق مكاتب البريد، أو أية وسيلة أخرى متاحة.

5 - أسلوب الاقتراع أو التصويت السري :Secret Ballot

تعدّ سرية التصويت من الضمانات الأساسية اللازمة لكفالة الحرية في مزاولة الحقوق السياسية، ومنها حق الانتخاب؛ ولهذا نجد أن الاقتراع السري أصبح مقرراً في جميع الدول الديمقراطية بسبب أن بعض الناخبين قد يجدون حرجاً شديداً من بعض المرشحين الذين تربطهم معهم صلات قربى أو فكر أو مذهب، ناهيك عن أن كثيراً من هؤلاء الناخبين قد تنقصهم الشجاعة والجرأة لإعلان آرائهم صراحةً إبان المعارك الانتخابية خاصةً، بحيث قد تمنعهم العلانية من الاشتراك في الانتخاب، أو أداء واجبهم الانتخابي على النحو الذي ترتضيه ضمائرهم .

ومن هنا فقد كان المشرع السوري حريصاً على تقرير مبدأ سرية التصويت، وذلك لضمان إجراء الانتخابات بحرية ونزاهة، ولتفادي وجوه الضغط المتصور ممارستها على هيئة الناخبين بغية توجيههم وجهة معيّنة بهدف انتخاب مرشح بعينه؛ وللقضاء على الخجل الذي قد يعتري ناخباً ما إبان ممارسته لحق الانتخاب أمام الأشهاد؛ فالتصويت السري يسمح للناخب بالإعراب عن رأيه الحقيقي دون خوف، كما أنه يغلق المجال أمام تدخلات الإدارة وإرهاب الناخبين لانتخاب مرشحيها، ويحول دون تحقق البغضاء والمنازعات وأساليب البطش التي لا ينجو منها أي تصويت علني، هذا فضلاً عما تؤدي إليه سرية الانتخاب من انعدام «الرشاوى الانتخابية» تقريباً لعدم وثوق الأحزاب أو المرشحين من تنفيذ الناخب لتعهداته وهو واقف أمام صندوق الاقتراع لا سلطان عليه سوى ضميره.

وحاصل القول أن نظام التصويت السري يعدّ خطوة تقدمية نحو تصويت أصدق بسبب أن التصويت العلني فيه مساس بحرية الناخب، ويجعله أكثر تعرضاً للضغوطات الحزبية، والتأثيرات الشخصية، والقوى الاجتماعية ذات النفوذ. ولهذا فقد تبنت صراحةً جميع الدساتير السورية - منذ بدء الحياة النيابية حتى صدور الدستور الحالي لسنة 1973 - نظام التصويت أو الاقتراع السري.

ولقد تعرَّضت المادة /33/ من قانون الانتخابات العامة الحالي لسنة  1973 لتنظيم مبدأ سرية التصويت وشخصيته، فنصَّت على ما يلي:

¦ يمارس الناخب حقه في الانتخاب بموجب «بطاقته الانتخابية» وفي أي من مراكز الانتخاب في محل قيده أو إقامته أو عمله.

¦ يسلّم رئيس اللجنة الناخب مغلفاً موقعاً عليه من قبله ومختوماً بخاتم اللجنة، ثم يدخل إلى الغرفة السرية لممارسة حق الانتخاب .

¦ يضع الناخب ورقة الاقتراع في المغلف المختوم بعد دخوله الغرفة السرية سواء كانت الورقة مطبوعة أم مكتوبة، وسواء أعدها مسبّقاً أم كتبها في الغرفة المذكورة.

¦ يُدَوَّن اسم المقترع في جدول انتخاب المركز بعد وضعه مغلف الاقتراع في صندوق الانتخاب.

6 - نظام الاقتراع أو التصويت الاختياري Voluntary Voting:

تبنى قانون الانتخابات العامة في سورية نظام التصويت الاختياري أو الطَّوعي مواكباً بذلك المسيرة الديمقراطية لغالبية الدول الديمقراطية الغربية التي تبنت هذا النهج، استناداً إلى أن هذه الطريقة لا تعطي المواطن إمكانية إعلان عدم اهتمامه بالمسائل السياسية فحسب، بل إنها تتيح له أيضاً فرصة عدم إظهار موافقته على قواعد الأساس التي يقوم عليها المجتمع، هذا فضلاً عن أنه لا يجب إجبار الفرد على ممارسة حق كفله القانون له.

غير أنَّ المشاهَد دائماً أنَّ هناك نسبةً كبيرةً من الناخبين تمتنع عن مزاولة الحقوق السياسية، ومنها حق الانتخاب، وهذا الوضع يمثل خطراً على النظام الديمقراطي نفسه إلى حد سمح للبعض بأن ينعى على البرلمانات أنها لا تمثل الشعب؛ وإزاء ذلك واجهت بعض الدول ظاهرة الامتناع الانتخابي (العزوف عن المشاركة في الانتخابات) بأن جعلت التصويت إجبارياً compulsory.

ومما لاشك فيه أن التصويت الإجباري - وإن كان لا يتفق مع المبدأ الديمقراطي المتمثل في «حرية التصويت» المبني أساساً على حرية الرأي والتعبير - أمر مرغوب به ولا ضرر منه، والاعتراض الوحيد الذي يقوم ضده هو الصعوبة العملية لاستخدام الإكراه على الاقتراع بصورة مجدية، إذ إن إكراه كل ناخب بالعنف على المثول في مكتب الاقتراع أمر يثير الاشمئزاز، ولكن قامت الحجة على بطلان هذا الاعتراض الأخير، فالانتخاب الإجباري موجود ومطبق بصورة تامة، وقد نظمه عدد من القوانين الانتخابية في بعض الدول، وبفضل التصويت الإجباري في تلك الدول هبطت نسبة المتخلفين فيها عن الاقتراع إلى أدنى مستوياتها؛ فجعل التصويت إجبارياً لا يعني إذن إكراه جميع الناخبين بلا استثناء على الاقتراع، بل هو إنقاص عدد الذين لا يصوِّتون إلى أقل حدّ ممكن، ونحن نعلم أن عدد المتخلفين عن الانتخاب في البلاد التي لا تطبق التصويت الإجباري قد يبلغ نسبة كبيرة حدودها الوسطى 20% وقد ترتفع حتى 50% من المكلفين بالانتخاب، فأية قيمة سياسية لانتخاب لم يشترك فيه في الواقع غير نصف الناخبين؟! هذا وإنَّ التصويت الإجباري ليس مؤيَّداً إلا بعقوبات خفيفة، وهي «مالية» في غالب الأحيان، وقد تبلغ الحرمان المؤقت من حق التصويت في حال التكرار.

7 - مبدأ الاقتراع أو التصويت المتساوي:

أرسى المشرع السوري مبدأً عاماً يعدّ بمنزلة ضمانة أساسية لجميع المواطنين في الدوائر الانتخابية كافة، هذا المبدأ يتمثل في عدم التفرقة بين الأشخاص المتمتعين بحق الانتخاب عند قيامهم بممارسة حقهم في الاقتراع وفقاً لثروتهم أو درجة ثقافتهم أو مركزهم الاجتماعي… إلخ؛ استناداً إلى أن المبدأ الديمقراطي يقوم في جوهره على مبدأ المساواة الذي يعطي لكل ناخب نصيباً متساوياً في اختيار النواب، ويضمن أيضاً لكل ناخب الحق في أن يكون لصوته الانتخابي الوزن الحسابي نفسه الذي يعطى لصوت غيره من الأشخاص المتمتعين بحق الانتخاب في الدائرة الانتخابية نفسها، ويعبر الفقه الدستوري عن تلك المساواة بالمبدأ القائل: «شخص واحد صوت واحد ــــ صوت واحد قيمة واحدة  One Person, One Vote - One Vote, One Value».

وحاصل القول أن المشرع السوري لم يأخذ بنظام تعدد الأصوات «الاقتراع المتعدد» الذي بموجبه يكون لكل ناخب أكثر من صوت انتخابي بعدد ما يتمتع به من صفات، كما لم يأخذ أيضاً بنظام «التصويت العائلي» الذي يسمح بالتمييز بين الأعزب والمتزوج، فيعطي هذا الأخير الحق في الإدلاء بعدد من الأصوات يكون مساوياً لعدد أفراد أسرته؛ وإنما أخذ بنظام «الاقتراع المتساوي»، بحيث يكون لكل من يتمتع بحق الانتخاب -أياً كانت صفته- صوت واحد فقط. وهذا ما ورد النص عليه صراحةً في الدستور السوري الحالي، حيث قضت الفقرة الثانية من المادة /50/ بأن «يُنتخب أعضاء مجلس الشعب انتخاباً عاماً وسرياً ومباشراً ومتساوياً… إلخ». كما أن قانون الانتخابات العامة سار في الاتجاه نفسه، حيث قضت المادة الثانية منه بأن: «يُنتخب مجلس الشعب بالاقتراع السري المباشر من قبل جميع الناخبين المتمتعين بحق الانتخاب ولكل ناخب صوت واحد».

وهكذا، فإنه لا يجوز للناخب وفقاً لأحكام قانون الانتخابات العامة أن يقترع في الانتخاب الواحد أكثر من مرّة، وقد وضع المشرع السوري العقوبات اللازمة لمن يخالف ذلك؛ حيث نصت المادة /3/ من المرسوم التشريعي رقم 24 تاريخ 3/10/1981 على أن: «يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين:

أ - مَن اقترع وهو يعلم أنه محروم من حق الانتخاب أو موقوف عنه هذا الحق بمقتضى القوانين النافذة أو بموجب قرارات قضائية مبرمة. 

ب - مَن اقترع في الانتخاب الواحد أكثر من مرة».

8 - نظام الانتخاب بالقائمة (نظام الدوائر متعددة العضوية):

أخذ المشرع السوري - فيما يتعلق بشكل النظام الذي يجري بموجبه انتخاب أعضاء مجلس الشعب - بنظام الانتخاب بالقائمة، ويمكن استنتاج ذلك من نص المادة /12/ من قانون الانتخابات العامة، حيث قضت هذه المادة بأن: «يجري انتخاب أعضاء مجلس الشعب على أساس الدائرة الانتخابية، وتنتخب كل دائرة عدداً من المرشحين يساوي عدد المقاعد المخصص لها».

وكما هو واضح من نص هذه المادة، فإن الناخبين السوريين في كل دائرة انتخابية سيقومون بانتخاب عدد معيّن من الأشخاص المرشحين لعضوية مجلس الشعب (ومن هنا جاءت تسمية هذا النظام بنظام الدوائر متعددة العضوية)، لا مرشح واحد فقط كما هو الحال في نظام الانتخاب الفردي (أو ما يسمى بنظام الدوائر منفردة العضوية) هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لمَّا كان الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة يقتضي أن يتسع حجم الدائرة الانتخابية حتى يقلّ عددها؛ فقد تم تقسيم إقليم الدولة إلى دوائر انتخابية كبيرة نسبياً، تنتخب كل منها عدداً معيّناً من المرشحين (وهؤلاء يمثلون كلاً من: القطاع (أ) وهم العمال والفلاحون، والقطاع (ب) وهم باقي فئات الشعب) يساوي عدد المقاعد المخصص لها.

ويلاحظ في هذا الصدد أن الناخب في ظل هذا النظام إذا كان عليه أن يقدِّم قائمة بأسماء عددٍ من المرشحين يساوي العدد المقرر انتخابه عن الدائرة الانتخابية التي يقترع فيها، فإنه في الوقت نفسه يتمتع بحرية المفاضلة بين المرشحين داخل القائمة الواحدة، حيث لا يطلب منه وفقاً لهذا النظام التصويت على القائمة كلها دون أي تعديل فيها سواء بالحذف أو الإضافة أم بإعادة ترتيب الأسماء الواردة فيها (كما هو الحال في نظام القائمة المغلقة)، وإنما تترك له حرية تأليف القوائم، بحيث يسمح له بإعادة ترتيب الأسماء الواردة في القائمة أو استبعاد بعضها وإضافة غيرهم من القوائم الأخرى. وبمعنى أدق يُكوّن الناخب لنفسه قائمةً يختار أعضاءها من بين المرشحين الذين يقع عليهم اختياره.

وبناء عليه يمكن القول إن سورية تأخذ - فيما يتعلق بشكل النظام الانتخابي الذي تجري بموجبه الانتخابات التشريعية - بنظام الدوائر متعددة العضوية وفقاً لأسلوب القائمة المفتوحة.

9 - نظام الاقتراع بالأغلبية النسبية على دور واحد:

اعتمد قانون الانتخابات العامة في سورية نظام «الاقتراع بالأغلبية النسبية على دور واحد»، فعدّ المرشح الحاصل على العدد الأكبر من الأصوات الصحيحة المعطاة فائزاً في الانتخاب.

وهذا ما نصت عليه المادة /44/ من قانون الانتخابات العامة بقولها: «يُصَنَّف المرشحون، كلٌّ في قطاعه حسب عدد الأصوات الصحيحة التي نالها كل منهم، ويعتبر المرشحون الأوائل من كل قطاع حسب عدد المقاعد المخصص له فائزين بالانتخاب، وإذا حصل مرشحان أو أكثرـ بالنسبة للمقـاعد الأخيـرة من كـل قطاع ـ على أصـوات متساويـة فتُجْرَى بينهم القُرْعَة».

كما نصَّ قانون الانتخابات العامة على فوز المرشحين في الدائرة الانتخابية بالتزكية في حالة ما إذا لم يتقدم للترشيح أكثر من العدد المطلوب انتخابه لكل من القطاعين (العمال والفلاحين وباقي فئات الشعب)، وهو ما أوضحته المادة /45/ من القانون المذكور بقولها: «يعتبر المرشحون فائزين بالتزكية إذا كان عددهم لا يزيد على عدد المقاعد المخصصة لأي من القطاعين في الدائرة الانتخابية، وفي هذه الحالة لا يجري الاقتراع بالنسبة للقطاع الذي فاز أعضاؤه بالتزكية، ويعلن ذلك على الناخبين قبل موعد الانتخاب».

10 - نظام الدوائر الانتخابية:

لكل دولة من الدول طريقتها في تحديد الدوائر الانتخابية التي ترى أنها المثلى والأكثر ملائمة لطبيعتها الجغرافية والاجتماعية، والأقرب للتمثيل الديمقراطي الصحيح، فمنها من يجعل الدولة كلها دائرة انتخابية واحدة، ومنها من يقوم على تقسيم الدولة إلى عدة دوائر انتخابية، وهي القاعدة العامة في معظم الدول. أما في سورية فنجد أن الدستور الحالي لعام 1973 لم يتعرض لتحديد الدوائر الانتخابية، حيث نص في المادة /53/ منه على أن: «يحدد القانون الدوائر الانتخابية وعدد أعضاء مجلس الشعب»، وبذلك يكون الدستور قد أحال إلى القانون مهمة تحديد الدوائر الانتخابية. وتنفيذاً لذلك، فقد نصت المادة /12/ من قانون الانتخابات العامة على أن: «يجري انتخاب أعضاء مجلس الشعب على أساس الدائرة الانتخابية، وأنْ تنتخب كل دائرة عدداً من المرشحين يساوي عدد المقاعد المخصص لها».

وبناء عليه، فقد جرى تقسيم إقليم الجمهورية العربية السورية إلى دوائر انتخابية واسعة النطاق، بحيث تعتبر كل محافظة فيها دائرة انتخابية، باستثناء محافظة حلب التي تقسم إلى دائرتين انتخابيتين، هما: (أ) مدينة حلب (ب) مناطق محافظة حلب.

ولمَّا كان عدد المحافظات في الجمهورية العربية السورية يبلغ أربع عشرة محافظة؛ فإن مجموع عدد الدوائر الانتخابية في سورية يكون «خمس عشرة دائرة انتخابية».

مراجع للاستزادة:

- ابن خلدون، أبو زيد عبد الرحمن بن محمد، المقدمة (دار القلم العربي، بيروت 1978).

- أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، تحقيق: أحمد مبارك البغدادي (مكتبة دار ابن قتيبة، الطبعة الأولى، الكويت 1989).

- إبراهيم عبد العزيز شيحا، النظم السياسية والقانون الدستوري «تحليل النظام الدستوري المصري» (منشأة المعارف، الإسكندرية 2000).

- أحمد فؤاد عبد الجواد عبد المجيد، البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي في الفكر السياسي الحديث «دراسة مقارنة في الفلسفة السياسية» (دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة 1998).

- السيد صبري، مبادئ القانون الدستوري (المطبعة العالمية، القاهرة 1949).

- ثروت بدوي، النظم السياسية ( دار النهضة العربية، القاهرة 1994) .

- حسن مصطفى البحري، الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كضمان لنفاذ القاعدة الدستورية «دراسة مقارنة» (رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق بجامعة عين شمس بالقاهرة سنة 2005/2006).

- سام سليمان دلّه، مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية (مطبعة المحبة، دمشق 2002).

- سعاد الشرقاوي، النظم السياسية في العالم المعاصر ( دار النهضة العربية، القاهرة 2002).

- سعد عصفور، المبادئ الأساسية في القانون الدستوري والنظم السياسية (منشأة المعارف، الإسكندرية 1980).

- رمزي طه الشاعر، الأيديولوجيات وأثرها في الأنظمة السياسية المعاصرة (مطبعة جامعة عين شمس، القاهرة 1988).

- فؤاد العطار، النظم السياسية (دار النهضة العربية، القاهرة 1968).

- عبد الحميد متولي، القانون الدستوري والأنظمة السياسية مع المقارنة بالمبادئ الدستورية في الشريعة الإسلامية (منشأة المعارف، الإسكندرية 1999).

- عبد الغني بسيوني عبد الله، النظم السياسية والقانون الدستوري (منشأة المعارف، الإسكندرية 1997).

- عبد الوهاب الكيالي، موسوعة السياسة «الجزء الأول» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1985).

- عبود العسكري، أصول المعارضة السياسية في الإسلام (دار النمير للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، دمشق 1997) .

- عفيفي كامل عفيفي، الأنظمة النيابية الرئيسية «نشأتها ــــ تطورها ــــ تطبيقاتها»، دراسة تحليلية مقارنة (منشأة المعارف، الإسكندرية 2002).

- عمر حلمي فهمي، الانتخاب وتأثيره في الحياة السياسية والحزبية (دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، القاهرة 1991).

- كمال الغالي، مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية (مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، دمشق 1985).

- ماجد راغب الحلو، الاستفتاء الشعبي والشريعة الإسلامية (دار المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، الإسكندرية 1983).

- محمد الشافعي أبو راس؛ نظم الحكم المعاصرة «دراسة مقارنة في أصول النظم السياسية»- الجزء الأول - النظرية العامة في النظم السياسية (عالم الكتب، القاهرة 1977).

- معجم القانون (الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة 1999).

- المعجم الوسيط (مكتبة الشروق، الطبعة الرابعة، القاهرة 2004).

- المعجم الوجيز (مطابع الدار الهندسية، الطبعة الأولى، القاهرة 1980).

- منير العجلاني؛ الحقوق الدستورية (دمشق 1955).

- موسوعة الدساتير المصرية والوثائق المتعلقة بها «الفترة من 1824 حتى 2007» (مجلس الشورى، مركز المعلومات، القاهرة، الطبعة الثالثة، يوليو 2007).

- أوليفيه دوهاميل وإيڤ ميني، المعجم الدستوري، ترجمة منصور القاضي (المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بيروت 1996).

- ALEX CARROLL, Constitutional and Administrative Law (London: Longman, Second Edition, 2002).

- The Political Writings of Jean Jacques Rousseau, in two Volumes, (Volume I1, Cambridge University Press, 1915).

- ANDREW REYNOLDS,  & Others; Electoral System Design: The New International IDEA Handbook (Sweden: Stockholm, International Institute for Democracy and Electoral Assistance, 2002 & 2005 edition).

- Voting by Mail; An Article prepared by the International Institute for Democracy and Electoral Assistance (Sweden, Stockholm; The International IDEA Technical Paper Series for Election Administrators No.2, 1999).

 


التصنيف : القانون العام
النوع : القانون العام
المجلد: المجلد الأول: الإباحة والتحريم ـ البصمة الوراثية
رقم الصفحة ضمن المجلد : 497
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 509
الكل : 31814835
اليوم : 14378