logo

logo

logo

logo

logo

المنطقة الاقتصادية الخالصة

منطقه اقتصاديه خالصه

economic exclusive zone - zone économique exclusive

 المنطقة الاقتصادية الخالصة

المنطقة الاقتصادية الخالصة

ماهر ملندي

نشأة المنطقة الاقتصادية الخالصة

تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة

حقوق الدول الساحلية

حقوق الدول غير الساحلية والمتضررة جغرافياً

المنطقة الاقتصادية الخالصة في سورية

 

وتسمى أحياناً المنطقة الاقتصادية الحصرية Economic Zone Exclusive، وهي أحد ابتكارات اتفاقية جمايكا لعام 1982م حول قانون البحار. وترجع بجذورها التاريخية إلى مطالبة بعض الدول النامية ـ وخاصة تلك المطلة على المحيطات ـ بضرورة مد مياهها الإقليمية إلى مسافة قد تصل إلى مئتي ميل بحري اعتباراً من سواحلها، لكي تستطيع استغلال موارد هذه المنطقة، وبالتالي الحد من انفراد الدول الكبرى في الحصول على ثروات أعالي البحار والمحيطات ومواردها، مما يسهم في تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية.

أولاً ـ نشأة المنطقة الاقتصادية الخالصة:

تنطلق فكرة المنطقة الاقتصادية الخالصة من تصريح الرئيس الأمريكي ترومان لعام 1945م حول ضرورة إنشاء مناطق لحماية ثروات الصيد في مناطق أعالي البحار المتاخمة للبحر الإقليمي في الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا ما أثار مطامع بعض دول أمريكا اللاتينية التي حذت حذو الولايات المتحدة بالإعلان عن مناطق صيد خاصة بها، تشمل أحياناً سطح البحر وقاعه وما تحت القاع إلى الحد الذي يمكِّن من استثمار الموارد الطبيعية لهذه المناطق، ولكن بما لا يؤدي إلى عرقلة الملاحة البحرية والجوية.

وكان أول من طالب بتقنين فكرة المنطقة الاقتصادية الخالصة على الصعيد الدولي ممثل كينيا لدى اللجنة القانونية الاستشارية الأفروـ آسيوية التي أعلنت في مؤتمرها المنعقد في لاغوس (نيجيريا) عام 1972م أحقية الدولة الساحلية في ممارسة حقوق سيادية خالصة بهدف استغلال الثروات الطبيعية الحيّة وغير الحيّة واستخراجها من المنطقة الواقعة فيما وراء البحر الإقليمي بمسافة لا تتجاوز مئتي ميل بحري باتجاه أعالي البحار، اعتباراً من خط الأساس الذي يبدأ منه قياس البحر الإقليمي. وهذا ما أكّدته أيضاً منظمة الوحدة الإفريقية بإعلانها الصادر في أديس أبابا عام 1973م وفي مقديشو عام 1974م. ثم انتشرت هذه الفكرة لدى معظم دول القارتين الأوربية والآسيوية، ولدرجة أن محكمة العدل الدولية قد عدّتها في حكمها الصادر عام 1973م في قضية مصائد بحر الشمال أنها اكتسبت القيمة العرفية الملزمة. ثم ما لبثت أن تكرست فكرة المنطقة الاقتصادية الخالصة على أنها قاعدة قانونية منصوص عليها في الفصل الخامس من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار.

ثانياً ـ تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة:

عرَّفت المادة (55) من اتفاقية جامايكا لعام 1982م المنطقة الاقتصادية الخالصة بأنها تلك المنطقة الواقعة ما وراء البحر الإقليمي والملاصقة له والخاضعة لنظام قانوني خاص يحدّد حقوق الدولة الساحلية والتزاماتها وولايتها وحقوق الدول الأخرى. كما حدَّدت المادة (57) من الاتفاقية امتداد المنطقة الاقتصادية الخالصة بما لا يزيد على مئتي ميل بحري اعتباراً من خطوط الأساس التي يُقاس منها عرض البحر الإقليمي. وهذا ما يعني أنَّ امتدادها لا يتجاوز مسافة /188/ ميلاً بحرياً بعد اقتطاع الاثني عشر ميلاً التي تمثّل الحد الأقصى لامتداد البحر الإقليمي. ويتمّ تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة للدول ذات السواحل المتقابلة أو المجاورة عن طريق الاتفاق على أساس قواعد القانون الدولي، أو باللجوء إلى محكمة العدل الدولية للتوصل إلى حل منصف، أو بإعمال إجراءات تسوية المنازعات المنصوص عليها في اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار (المادة 74 من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار).

ثالثاً ـ حقوق الدول الساحلية:

قسَّمت اتفاقية عام 1982م حقوق الدول الساحلية في المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى فئتين، إضافة إلى عددٍ من الواجبات والحقوق الأخرى المنصوص عليها في الاتفاقية. وهاتان الفئتان هما:

1ـ حقوق سيادية لغرض استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية، الحيّة وغير الحيّة، للمياه التي تعلو قاع البحر ولقاع البحر وباطن أرضه. وحفظ هذه الموارد وإدارتها، وكذلك فيما يتعلق بالأنشطة الأخرى للاستكشاف والاستغلال الاقتصادي للمنطقة كإنتاج الطاقة من المياه والتيارات والرياح.

2ـ حقوق الولاية فيما يتعلق بإقامة واستعمال الجزر الاصطناعية والمنشآت والتركيبات وإجراء البحث العلمي البحري وحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها (المادة 56 من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار).

ويُقصد بالموارد الطبيعية الحيّة كل الكائنات النباتية والحيوانية التي تعيش في مياه البحر أو في قاعه أو باطن الأرض، أما الموارد الطبيعية غير الحية فهي جميع الثروات المعدنية، الصلبة والسائلة والغازية الموجودة في قاع البحر أو باطنه. وبذلك تمَّ التوفيق بين المصالح الاقتصادية للدول الساحلية عبر منحها حقوقاً سيادية فيما يتعلق باستكشاف الثروات الطبيعية للمنطقة الاقتصادية الخالصة واستغلالها، لا يجوز للغير أن يستثمرها من دون إذن هذه الدولة، وبين مصالح الدول الأخرى عندما تمَّ منح الولاية فقط للدولة الساحلية بالنسبة للأمور الأقل ارتباطاً بالاستغلال الاقتصادي للمنطقة كإقامة الجزر الاصطناعية وإجراء البحث العلمي وحماية البيئة البحرية.

وفي جميع الأحوال لا تخضع هذه المنطقة لسيادة الدولة الساحلية، بل هي منطقة اختصاص وظيفي تمارس فيها الدولة الساحلية بعض السلطات الحصرية المتعلقة باستغلال الموارد الحيّة وغير الحيّة، وتختلف أيضاً بطبيعتها الاقتصادية عن تلك التي تباشرها الدولة الساحلية في المنطقة المتاخمة والمتعلقة بأمور الجمارك والصحة والهجرة.

كما تلتزم الدولة الساحلية عند مباشرتها للحقوق السيادية وولايتها الوطنية في المنطقة الاقتصادية الخالصة القيام بالواجبات التالية:

الإعلان عن إقامة الجزر الاصطناعية والمنشآت والتركيبات ووضع وسائل دائمة للتنبيه على وجودها لضمان سلامة الملاحة الدولية، وتحديد مناطق آمنة حولها (المادة 60 من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار).

اتخاذ التدابير المناسبة لحفظ الموارد الحيّة وضمان عدم تعرض بقائها للاستغلال المفرط. وكذلك تجديدها بمستويات يمكن أن تُدِر أقصى غلة قابلة للدوام وفق العوامل البيئية والاقتصادية ذات الصلة (المادتان 61 و62 من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار).

مراعاة حقوق الدول الغير على المنطقة الاقتصادية الخالصة باعتبارها تشكِّل جزءاً من أعالي البحار. إذ تتمتّع كل هذه الدول ـ ساحلية كانت أو غير ساحلية ـ بحرية الملاحة والتحليق ووضع الكابلات وخطوط الأنابيب المغمورة وغير ذلك مما يتصل بهذه الحريات من أوجه استخدام البحر المشروعة دولياً، كتلك المرتبطة بتشغيل السفن والطائرات. وتلتزم الدول الغير باحترام حقوق الدولة الساحلية في هذه المنطقة وفقاً لقواعد القانون الدولي (المادة 58 من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار).

وتعدُّ حقوق الدولة الساحلية على موارد المنطقة الاقتصادية الخالصة تطبيقاً لمبدأ السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية الذي صاغته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العديد من قراراتها، وخاصة القرار رقم 3016/27 الصادر في 18/12/1973 الذي يؤكد "حق الدول في ممارسة سيادتها الدائمة على مواردها الطبيعية في إطار حدودها الدولية أو فيما يتعلق بمواردها الموجودة في قيعان البحار والمحيطات وفي باطنها داخل حدود الولاية الوطنية أو في المياه التي تعلوها".

رابعاً ـ حقوق الدول غير الساحلية والمتضررة جغرافياً:

تمثِّل المنطقة الاقتصادية الخالصة حوالي ثلث مساحة البحار والمحيطات إذا ما قامت جميع الدول الساحلية بتحديدها. وهنالك ست دول فقط تتقاسم أكثر من 40% من مساحة هذه المنطقة على الصعيد العالمي (الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وأندونيسيا ونيوزيلندا وكندا وروسيا)، وتحتوي على نحو 95% من الثروات السمكية الأسهل استغلالاً (وثيقة الأمم المتحدة A/AC.138.87 تاريخ 4/6/1973م).

ولهذا تداعت الدول غير الساحلية والمتضررة جغرافياً إلى التضامن خلال انعقاد المؤتمر الثالث لقانون البحار، وذلك من أجل الدفاع عن مصالحها والاستفادة من ثروات المنطقة الاقتصادية الخالصة، التي تعد في حقيقتها جزءاً من أعالي البحار التي لا يملكها أحد.

والمقصود بالدولة غير الساحلية كل دولة ليس لها ساحل بحري (المادة 124 من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار)، مثل سويسرا والنمسا والتشيك وسلوفاكيا والنيبال وأفغانستان وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى. أما الدول المتضررة جغرافياً فهي الدول الساحلية ـ بما في ذلك الدول المشاطئة لبحار مغلقة أو شبه مغلقة ـ التي يجعلها موقعها الجغرافي معتمدة في حصولها على إمدادات كافية من السمك لأغراض تغذية سكانها أو جزء من سكانها على استغلال الموارد الحيّة للمناطق الاقتصادية الخالصة لدول أخرى واقعة في المنطقة نفسها، وكذلك الدول الساحلية التي لا تستطيع ادعاء مناطق اقتصادية خالصة خاصة بها، سواء بسبب قصر الساحل أم ضيق المساحات البحرية للدول المجاورة أو المقابلة أم غير ذلك من العوامل الجغرافية الأخرى (المادة 70 من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار).

ويحق للدول غير الساحلية أو الحبيسة والمتضررة جغرافياً بالمشاركة على أساس منصف باستغلال جزء مناسب من فائض الموارد الحيّة فقط الموجودة في العمود المائي ـ من دون تلك الراقدة في القاع ـ للمنطقة الاقتصادية الخالصة التي تحدّدها الدول الساحلية الواقعة في المنطقة الإقليمية نفسها أو ما دون الإقليمية. وذلك مع مراعاة الظروف الاقتصادية والجغرافية لجميع الدول المعنية. ويتم تحديد أحكام هذه المشاركة وصورها بواسطة عقد اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف، مع إمكانية فرض بعض القيود المتعلقة بحفظ الموارد الحيّة والانتفاع الأمثل بها. كما لا تنتقل حقوق استغلال الموارد الحيّة للدولة غير الساحلية أو المتضررة جغرافياً انتقالاً مباشراً أو غير مباشر إلى دولة ثالثة أو إلى رعاياها ما لم تتفق الأطراف المعنية على ذلك.

ومما يجدر ذكره أيضا أنه يحق للدولة الساحلية التي يعتمد اقتصادها اعتماداً شبه كلي على استغلال الموارد الحيّة لمنطقتها الاقتصادية الخالصة أن تمتنع عن منح موافقتها لدولة غير ساحلية أو متضررة جغرافياً لكي تشاركها في استغلال موارد هذه المنطقة (المواد 69 و70 و71 و72 من اتفاقية عام 1982م الخاصة بقانون البحار).

خامساً ـ المنطقة الاقتصادية الخالصة في سورية:

أفرد قانون الولاية البحرية السورية رقم (28) لعام 2003م الباب الخامس منه لمعالجة الأحكام المتعلقة بالمنطقة الاقتصادية الخالصة في سورية التي حدّدتها المادة (21) من القانون بأنها تلك الواقعة ما وراء البحر الإقليمي، وتشمل كامل المنطقة المتاخمة، وتمتد باتجاه البحر العام إلى ما يتجاوز مئتي ميل بحري مقاسة من خطوط الأساس، مع مراعاة أحكام القانون الدولي. هذا وقد أوضحت المادة (22) من القانون السوري الحقوق والسلطات التي تتمتّع بها سورية على المنطقة الاقتصادية الخالصة، والتي جاءت متوافقة نوعاً ما مع نصوص اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار، وهذه الحقوق هي:

حقوق سيادية لغرض استكشاف واستغلال وصون وإدارة الموارد الطبيعية البحرية الحيّة وغير الحيّة لقاع البحر وباطن أرضه ومياهه العلوية، أو القيام بالأنشطة الأخرى للاستكشاف والاستغلال الاقتصاديين لهذه المنطقة كإنتاج الطاقة من المياه والتيارات والرياح.

حقوق ولاية فيما يتعلق بإقامة واستعمال جزر اصطناعية ومنشآت وتركيبات، وإجراء البحث العلمي البحري، واتخاذ التدابير لحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها.

وأضافت المادة (23) أنه لا يحق لغير السفن والطائرات السورية ممارسة استكشاف أو استغلال الموارد الحيّة وغير الحيّة في المنطقة الاقتصادية الخالصة إلاَّ بعد الحصول على موافقة الجهات المعنية وفق الأنظمة والقوانين النافذة. كما يحق للسلطات السورية تفقد السفن الأجنبية وتفتيشها واحتجازها وإقامة دعاوى ضدها في حال مخالفتها للقوانين والأنظمة السورية المتعلقة بالمنطقة الاقتصادية. ويخضع وضع الأسلاك والأنابيب المغمورة في هذه المنطقة من قبل أي دولة أجنبية أو جهة أجنبية لواجب الحصول مسبقاً على ترخيص من الجهات المعنية في سورية، وبشرط مراعاة الأسلاك والأنابيب الموضوعة سابقاً وعدم الإضرار بها. وهذا ما يتعلق أيضاً بالنسبة لإقامة الجزر الاصطناعية والمنشآت والتركيبات الأخرى.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ إبراهيم الدغمة، القانون الدولي الجديد للبحار (دار النهضة العربية، القاهرة 1983م).

ـ بدرية عبد الله العوضي، الأحكام العامة في القانون الدولي للبحار (الكويت 1988م).

ـ صلاح الدين عامر، القانون الدولي الجديد للبحار (دار النهضة العربية، القاهرة 1983م).

ـ محمد الحاج حمود، القانون الدولي للبحار (مطبعة الأديب، بغداد 1990م).

- J. COMBACAU, Le droit international de la mer, Coll. Que sais- je? n o 2257, (P.U.F, Paris, 1985).

- L. LUCCHINI, Le droit de la mer, (Pédone, Paris, 1996).

- M. VIRALLY, Le nouveau droit international de la mer, (Pédone, Paris, 1983).


التصنيف : القانون الدولي
النوع : القانون الدولي
المجلد: المجلد السابع: المحكمة الجنائية الدولية _ ولاية المظالم في الإسلام
رقم الصفحة ضمن المجلد : 224
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 509
الكل : 31721279
اليوم : 75861