logo

logo

logo

logo

logo

شرط الأمة الأكثر رعاية

شرط امه اكثر رعايه

most-favored-nation clause - clause de la nation la plus favorisée

 شرط الأمة الأكثر رعاية

شرط الأمة الأكثر رعاية

وفاء فلحوط

التطور التاريخي الأساس القانوني لشرط الأمة الأولى بالرعاية
دلالة شرط الأمة الأولى بالرعاية وأهميته تطبيقات عملية لشرط الأمة الأولى بالرعاية
أنواع شرط الأمة الأولى بالرعاية آثار الأخذ بشرط الأمة الأكثر رعاية
 

يعدُّ شرط الأمة الأولى بالرعاية Most favoured nation clause ـ باعتباره أحد أهم وسائل إلغاء التمييز في المعاملة ـ من المسائل الأساسية في القانون الدولي.

أولاً ـ التطور التاريخي:

ظهر شرط أو بند الأمة (الدولة) الأولى بالرعاية من خلال تعامل أمراء العرب في شمالي إفريقيا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر بغرض منح الموانئ الفرنسية المزايا التجارية ذاتها المعطاة للمدن الإيطالية، ثم أخذ بالانتشار في المعاهدات الثنائية سواءً تلك المتعلقة بالتجارة أم بالملاحة أم بالمسائل الأخرى، وخاصة تلك التي عقدتها الدول الأوربية منذ القرن السابع عشر، ليصبح فيما بعد بمنزلة قاعدة ارتكازٍ في المعاهدات التجارية على وجه الخصوص.

ومما تجدر الإشارة إليه أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 لم تتضمن حكماً أو إشارة إلى بند الأمة الأكثر رعاية، إلا أن لجنة القانون الدولي عملت وتعمل على تدوين هذا البند وتقنينه.

ثانياً ـ دلالة شرط الأمة الأولى بالرعاية وأهميته:

1 ـ دلالة شرط الأمة الأولى بالرعاية: تبنت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات مبدأ نسبية المعاهدات في المادة (34)، إذ نصت على أن: «المعاهدة لا تنشئ حقوقاً أو التزامات للدول الغير دون رضاها». ومع ذلك يمكن ـ استثناءً من مبدأ نسبية آثار المعاهدات ـ للدولة الغير أن تكتسب حقاً من معاهدة لم توقع عليها بموجب شرط تعاقدي سابق في الاتفاقات على بند الأمة الأكثر رعاية.

ويشير شرط الأمة الأولى بالرعاية عموماً إلى بند يتم إدراجه في اتفاق بين طرفين (دولتين) بحيث يعطي أحدهما (ويسمى المانح) الآخر (ويسمى المستفيد) وضع الدولة الأولى بالرعاية من أي طرف ثالث.

وتطبيقاً لذلك إذا عقدت الدولة (أ) اتفاقاً مع الدولة (ب) وضمنته شرط الدولة الأولى بالرعاية لـ (ب)، فإن أية ميزة تمنحها الدولة (أ) لدولة أخرى (ج) ستستفيد منها الدولة (ب) تلقائياً على اعتبارها أولى بالرعاية من الدولة (ج).

ويقصد بشرط الدولة الأولى بالرعاية في إطار نظريات تحرير التجارة الدولية منح كل طرف من الأطراف المتعاقدة المعاملة نفسها الممنوحة لأي رف آخر من مزايا أو إعفاءات أو تخفيض للرسوم الجمركية يتمتع بها في سوق الدولة بلا قيد أو تمييز، مما يؤدي إلى استفادة الطرف المعني من التخفيض الأكبر الذي قد يمنح لدولة أو لدول أخرى بموجب معاهدة لاحقة.

2 ـ أهمية شرط الأمة الأولى بالرعاية: ينطوي شرط الأمة الأولى بالرعاية على مزايا مهمة، إذ يعدّ وسيلة من وسائل توحيد القواعد أو النظم التي يتناولها، كما أنه يؤدي إلى المساواة في التعامل، لأنه قائم على هدف إلغاء التمييز في المعاملة بين الدول المختلفة مما يسهم في توسيع نطاق التعاملات الدولية، ولا سيما المبادلات التجارية الدولية، وذلك لتخفيضه القيود الواردة على تلك المبادلات.

ثالثاً ـ أنواع شرط الأمة الأولى بالرعاية:

ميَّز جانب من الفقه ما بين شرط الأمة الأولى بالرعاية الأحادي الجانب وبين شرط الأمة الأولى بالرعاية المتبادل، وعدّوا أن الشرط الأول (أحادي الجانب) أقرب إلى أن يكون نوعاً من أنواع الاستعمار، في الوقت الذي يقوم فيه الشرط المتبادل على المساواة والمعاملة بالمثل مما يجعله متوافقاً مع مبادئ القانون الدولي.

وعلى صعيد آخر أمكن التمييز كذلك ما بين شرط الأمة الأولى بالرعاية غير المشروط، وبين شرط الأمة الأولى بالرعاية المشروط، بحيث ينشئ الأول صيغة نموذجية تسمح بالسريان التلقائي لجميع المزايا الممنوحة من دون المطالبة بها، في حين يقتضي الثاني منح المزايا على أساس من التنازلات المتساوية.

وبالنتيجة يظلّ الاختيار ما بين الشرط الأول والشرط الثاني رهناً بالاعتبارات السياسية بين الدول. ومع ذلك يرى جانب من الفقه أن شرط الأمة الأولى بالرعاية ولو كان من النوع غير المشروط من شأنه أن يؤدي ـ بصورة أو أخرى ـ إلى مزيد من النمو الاقتصادي العالمي، لأن الدولة التي تخفّض من قيودها تستفيد تماماً مثل الدولة التي تدخل السوق بشروط مُيسِّرة.

رابعاً ـ الأساس القانوني لشرط الأمة الأولى بالرعاية:

اختلف فقهاء القانون التجاري الدولي في مسألة الأساس القانوني لشرط الأمة الأولى بالرعاية، إذ حاول أنصار المذهب الطبيعي تأسيس الحق في معاملة الدولة الأولى بالرعاية استناداً إلى مبدأ حرية التجارة، في حين ذهب جانب فقهي آخر إلى اعتبار معيار الدولة الأولى بالرعاية خلاصة مجردة لشرط الدولة الأولى بالرعاية، فلكي يصبح شرط الدولة الأولى بالرعاية ملزماً قانوناً فإنه يتطلب أساساً رضائياً، أو أن يتم منح معاملة الدولة الأولى بالرعاية من خلال تصرف أحادي الجانب حسبما ينظمه القانون الدولي.

ومن جانبهم ذهب فقهاء القانون الدولي العام إلى القول: إن إمعان النظر في المعاهدات المتضمنة لشرط الدولة الأولى بالرعاية يبين أن الأساس القانوني لاستفادة الدولة الطرف في مثل هذه المعاهدات من المعاهدة أو المعاهدات اللاحقة المستهدفة منح الغير معاملة أفضل لا يكمن في المعاهدة أو المعاهدات اللاحقة ذاتها بحيث يسوغ القول بانصراف آثارها إلى غير أطرافها.

بل حقيقة الأمر أن الأساس القانوني لهذه الاستفادة إنما يكمن في شرط الدولة الأولى بالرعاية ـ في ذاته ـ وهو حكم من أحكام المعاهدة الأولى التي تتضمن هذا الشرط، وليس حكماً من أحكام المعاهدة أو المعاهدات اللاحقة.

ومن ثم، فمن الواضح أن مصدر الحق الذي يكتسب بمجرد إبرام المعاهدة أو المعاهدات اللاحقة هو ـ في الحقيقة ـ حكم من أحكام المعاهدة الأولى علق تطبيقه على شرط واقف بحيث لا يبدأ إنتاجه لآثاره القانونية إلاَّ من لحظة تحقق هذا الشرط.

وغني عن البيان أن حكم المعاهدة الأولى المعلق تطبيقه على الشرط الواقف، وهو شرط الدولة الأجدر بالرعاية في ذاته، وغني عن البيان كذلك أن الشرط الواقف هو تحقق واقعة عقد المعاهدة اللاحقة المتضمنة منح معاملة أفضل لدولة لم تكن طرفاً في المعاهدة الأولى المتضمنة لشرط الدولة الأجدر بالرعاية.

وما دام البٍّين أن الدولة لا تكتسب الحق من المعاهدة أو من المعاهدات اللاحقة بل من المعاهدة الأولى التي هي طرف فيها ونتيجة لتضمنها نصاً علق تطبيقه على شرط واقف فلا يسوغ القول بوجود استثناء من مبدأ نسبية آثار المعاهدات.

خامساً ـ تطبيقات عملية لشرط الأمة الأولى بالرعاية:

تبنت شرطَ الأمة الأولى بالرعاية العديد من المنظمات والاتفاقيات الدولية، وفيما يلي أهمها: على سبيل المثال

ـ اتفاقية الغات (الاتفاقية العامة للتعرفات الجمركية والتجارة): وقّعت اتفاقية GATT في جنيڤ (عام 1947) لتكون الإطار الناظم للتجارة الدولية، ويعدُّ مبدأ الدولة الأولى بالرعاية المبدأ الرئيس لهذه الاتفاقية، ومن هنا لم يكن من قبيل المصادفة أن ضمنته الاتفاقية المذكورة في مادتها الأولى، التي نصت على «إن أي ميزة، أو تفضيل، أو امتياز، أو إعفاء يمنح من قبل أي طرف متعاقد لأي منتج ناشئ في، أو متجه إلى بلد آخر، يمنح حالاً وبدون شرط للمنتج المشابه الناشئ في، أو المتجه إلى أقاليم جميع الأطراف المتعاقدين».

ومع ذلك تمَّ وضع مجموعة من الاستثناءات على شرط الدولة الأولى بالرعاية منذ إنشاء GATT 47 وكان منها: أ ـ ترتيبات تحرير التجارة بين مجموعة الدول المنتمية إلى إقليم جغرافي واحد، كالاتحادات الجمركية ومناطق التجارة الحرة، إذ سمحت الجات بتبادل المزيد من الإعفاءات في إطار هذه الترتيبات من دون الالتزام بمنح المعاملة التفضيلية نفسها لبقية الأطراف المتعاقدة في الجات غير المنتمية لهذا الإقليم الجغرافي الواحد. ب ـ التبادل التجاري بين الدول النامية من دون الحاجة إلى وجود الجوار الجغرافي، حيث يحق للدول النامية بموجب هذا الاستثناء إبرام اتفاقيات تجارية لتبادل المزايا فيما بينها فحسب، من دون الالتزام بمنح هذه المعاملة لدول أخرى لا يتم تصنيفها دولاً نامية. كما أنه يحق لهذه الدول (النامية) التمتع بترتيبات الحماية مما يعني إعفاءها من شرط الدولة الأولى بالرعاية حتى تصل صناعاتها الوليدة إلى القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.

ـ منظمة التجارة العالمية (WTO): نشأت منظمة التجارة العالمية في نهاية الجولة الثامنة من مفاوضات اتفاقية الغات (جولة الأورغواي 1986 ـ 1994) التي انتهت في مراكش لتبدأ هذه المنظمة عملها في 1/1/1995، وقد قامت على الاستمرار في تطبيق شرط الدولة الأولى بالرعاية بصفته مبدأً من مبادئها الرئيسة.

 ـ منظمة المؤتمر الإسلامي: أقرَّ مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الثامن الذي انعقد في طرابلس (مايو/1977) الاتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي والفني والتجاري وقد تعهدت الدول الأعضاء في الفصل الثالث، المادة (8/أ) بتطبيق المعاملة التجارية المتساوية وغير التمييزية في علاقاتها البينية فيما يتعلق بسياسات التجارة الخارجية.

ـ كما اعتمد شرط الدولة الأولى بالرعاية في العديد من الاتفاقيات الدولية الثنائية، ومنها مثلاً اتفاق التجارة والتعاون الاقتصادي والعلمي والفني بين جمهورية مصر وروسيا في عام 1993، وكذلك اتفاقية مصر مع كازاخستان في عام 2007م إذ منح كل طرف للآخر ميزة الدولة الأولى بالرعاية في مسائل محددة.

سادساً ـ آثار الأخذ بشرط الأمة الأكثر رعاية:

سبقت الإشارة إلى أن شرط الأمة الأكثر رعاية يعدّ أحد وسائل توحيد القانون، ويترتب على الأخذ به المساواة في المعاملة بين الدول، إلاَّ أن الدول المنتفعة من هذا الشرط تستطيع أن تطالب فقط بالمساواة القانونية، أي بالتمتع بجميع الامتيازات المنصوص عليها في المعاهدة الجديدة ولكنها لا تستطيع المطالبة بالمساواة الفعلية.

وتختلف آثار الأخذ بشرط الأمة الأكثر رعاية باختلاف المجال المتفق عليه، إذ تختلف نتائج الأخذ به في مجال المعاهدات التجارية والاقتصادية تختلف عن نتائج الأخذ به في مجالات أخرى، ذلك أن تطبيقه قد امتد على نحو شمل عدا المسائل التجارية مسائل أخرى منها ما ينتمي إلى القانون الدولي الخاص، كتلك المتعلقة بمركز الأجانب أو بتنازع القوانين، ومنها ما تعلق بالقانون الدولي العام، ومثالها تبني هذا الشرط من قبل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.

إلاَّ أنه كثيراً ما يتم التركيز على آثار الأخذ بشرط الدولة الأولى بالرعاية في نطاق القانون الاقتصادي (التجاري) الدولي، إذ يميز متخصصو هذا الفرع القانوني نوعين من الآثار أو النتائج، أولها يتمثل في التقديرات المستنبطة والناتجة من تحرير التجارة (نتيجة الأخذ بهذا الشرط) وأثر ذلك في الدخل العالمي وتدفقات التجارة الدولية.

أما النوع الآخر من النتائج فيعدُّ بمنزلة حقائق مؤكدة أو نتائج فعلية لإعمال هذا الشرط حيث يمكن الحديث هنا عن التخفيضات الجمركية، وإزالة أو ترشيد مشاركة الأجانب في النشاط الخدمي، وتحرير إجراءات الاستثمار بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية بما يرافق هذه الاستثمارات من نقل للتكنولوجيا تعدُّ الكثير من الدول في أمس الحاجة إليها.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ إبراهيم محمد العناني، القانون الدولي العام، الجزء الأول، القاعدة القانونية الدولية (المطبعة التجارية الحديثة، 1997).

ـ خليل السحمراني، منظمة التجارة العالمية والدول النامية، ط1 (دار النفائس، بيروت، لبنان 2003م).

ـ عبد الواحد محمد الفار، أحكام التعاون الدولي في مجال التنمية الاقتصادية (عالم الكتب، القاهرة).

ـ ماهر ملندي، القانون الدولي الاقتصادي، الجزء الأول (منشورات جامعة دمشق (التعليم المفتوح) 2008 ـ 2009م).

ـ محمد المجذوب، القانون الدولي العام، منشورات الحلبي الحقوقية (لبنان 2002م).

ـ محمد عزيز شكري، مدخل إلى القانون الدولي العام، الطبعة الخامسة (منشورات جامعة دمشق 1991 ـ 1992م).

ـ ياسر الحويش، القانون الدولي الاقتصادي، الجزء الثاني (منشورات جامعة دمشق (التعليم المفتوح) 2008 ـ 2009م).


التصنيف : القانون الدولي
النوع : القانون الدولي
المجلد: المجلد الرابع: الرضاع ــ الضمان المصرفي
رقم الصفحة ضمن المجلد : 279
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 514
الكل : 31252800
اليوم : 988