logo

logo

logo

logo

logo

الرضاع

رضاع

breast-feeding - allaitement

 الرضاع

الرضاع

أحمد بدر الدين حسون

التعريف
حكمة الرضاع المكلف بأجرة الإرضاع
مدة الرضاع حالة استحقاق الأم أجرة الإرضاع
مقدار الرضاع المحرَّم  مدة الاستحقاق
حرمة الرضاع كحرمة النسب بدء الاستحقاق
حق الولد في الإرضاع واجب المرضع
التفضيل بين الأم والمتبرعة بالإرضاع إثبات الرضاع
 

التعريف:

التعريف اللغوي:

الرضاع ـ بكسر الراء وفتحها ـ في اللغة: مَصْدَرُ رَضَعَ أُمَّهُ يَرْضِعُهَا ـ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ ـ رَضْعًا وَرَضَاعًا وَرَضَاعَةً، أَيِ: امْتَصَّ ثَدْيَهَا، أَوْ ضَرْعَهَا، وَشَرِبَ لَبَنَهُ.

وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَهِيَ مُرْضِعٌ وَمُرْضِعَةٌ.

وَهُوَ رَضِيعٌ [المعجم الوسيط مادة (رضع)، والمصباح المنير مادة (ر ض ع)].

التعريف الاصطلاحي:

الرضاع في الشرع: اسم لوصول لبن امرأة أو ما حصل من لبنها في جوف طفل بشروط.

حكمة الرضاع:

لإرضاع الأم وليدها رعاية جسمانية بالبناء والإنشاء، وغاية عاطفية ونفسية حيث تمنحه قدراً من الأمان والاستقرار النفسي والرضا.

فإرضاع الأم زاد للنفوس ونماء للروح قبل بناء البدن، وفيه بث غراس المودة والمحبة والحنان والرحمة.

فاستقرار الرضيع على صدر أمه، وحمله بين يديها، واحتواؤها إياه بعينيها وقلبها يشعره بالأمن النفسي، والاستقرار العاطفي، فيرتشف من روحها وقلبها ما يقوي به روحه ونفسه ويضيء سراج المحبة والرحمة والمودة في قلبه، ويحميه من آفات الجحود والعقوق.

وتستفيد الأم من إرضاعها طفلها فوائد عديدة؛ أهمها:

¦ عودة الرحم إلى حجمها الطبيعية بأسرع وقت.

¦ تقلل استعدادها للحمل مرة أخرى حتى تستعيد صحتها، وتختزن في جسمها من المواد اللازمة للحمل الجديد.

¦ تقلل من إصابتها بالسرطان وخصوصاً سرطان الثدي.

مدة الرضاع:

قال جمهور الفقهاء: المدة حولان كاملان، وقال أبو حنيفة: سنتان ونصف، وقال مالك: سنتان وشيء لم يحده، وقال زفر: ثلاث سنين.

ودليل كون الرضاع في الصغر أحاديث، منها:

روى البخاري في صحيحه: بَاب مَنْ قَالَ: لا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ]حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَة[ [البقرة 332]، وَمَا يُحَرِّمُ مِنْ قَلِيلِ الرَّضَاعِ وَكَثِيرِهِ: … عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّr دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ، فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَخِي، فَقَالَ: «انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ؛ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ».

وفي الحديث قالr: «لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام» [الترمذي].

وعن ابن عباس قال: قال رسول اللهr: «لا رضاع إلا ما كان في الحولين» [التحقيق في أحاديث الخلاف، ابن الجوزي، (1748)].

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍt عَنِ النَّبِىr قَالَ: «لاَ يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلاَّ مَا كَانَ فِى الْحَوْلَيْنِ» [السنن الكبرى، البيهقي، (16084)].

وعن أم سلمة عن النبيr قال: «لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان في البدن مثل الطعام» [المعجم الأوسط، الطبراني، (7517)].

وعَنْ أَبِى عَطِيَّةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِى مُوسَى فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِى وَرِمَ ثَدْيُهَا، فَمَصَصْتُهُ فَدَخَلَ حَلْقِى شَىْءٌ سَبَقَنِى، فَشَدَّدَ عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى، فَأَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: سَأَلْتَ أَحَداً غَيْرِى؟ قَالَ: نَعَمْ، أَبَا مُوسَى، فَشَدَّدَ عَلَىَّ، فَأَتَى أَبَا مُوسَى فَقَالَ: أَرَضِيعٌ هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: لَا تَسْأَلُونِى مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ، أَوْ قَالَ: بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ. وَرَوَاهُ الثَّوْرِىُّ عَنْ أَبِى حَصِينٍ وَزَادَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: «إِنَّمَا الرَّضَاعُ مَا أَنَبْتَ اللَّحْمَ وَالدَّم» [السنن الكبرى، البيهقي، (16071)، والمعجم الكبير، الطبراني، (8499)].

وعَنِ ابْنِ عُمَرَt أَنَّهُ قَالَ: «لاَ يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلاَّ مَا كَانَ فِى الصِّغَرِ» [السنن الكبرى، البيهقي، (16076)، والمصنف، ابن أبي شيبة، (17062)].

وقال عبد الله، أي ابن مسعود: «إنما يحرم من الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم» [مسند أحمد بن حنبل، (4114)، والمصنف، ابن أبي شيبة الكوفي، (17029)، وسنن الدار قطني، 4/172].

وقال أبو موسى الأشعري: «لا يحرِّم الرضاع إلا ما أنبت اللحم والدم» [المصنف، ابن أبي شيبة، (17030)].

وعن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن جده، أنه سأل أم سلمة عن الرضاع؟، فقالت: «لا رضاع إلا ما كان في المهد قبل الفطام» [المصنف، ابن أبي شيبة، (17056)].

وإن أبا هريرة سئل عن الرضاع؟، فقال: «لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان في الثدي قبل الفطام» [المصنف، ابن أبي شيبة، (17057)].

مقدار الرضاع المحرِّم:

في المسألة أقوال عديدة، أستعرضها مع الدليل:

ـ القول الأول: أن القليل والكثير من الرضاع يُحِّرم الزواج.

بدليل أَنَّ شُرَيْحاً حَدَّثَ أَنَّ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما قَالَا: «يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ» [السنن الكبرى، البيهقي، (16055)، والمصنف، ابن أبي شيبة، (17032)، والمعجم الكبير، الطبراني، (9698)، وسنن الدار قطني، 4/171، ومسند أبي يعلى، (4710)، 8/163].

وأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: «قَلِيلُ الرَّضَاعِ وَكَثِيرُهُ يُحَرِّمُ فِى الْمَهْدِ» [السنن الكبرى، البيهقي، (16059)].

وقالوا: إن الله سبحانه وتعالى عَلَّق التحريمَ باسم الرضاع، فحيث وُجِد وجد حكمه، وورد الحديث موافقاً للآية: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» [أخرجه البخاري، فتح الباري، 5/253]. حيث أطلق الرضاع ولم يذكر عدداً، ولحديث: «كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما» [المجتبى من السنن، النسائي، (3330)]، ولم يستفصل عن عدد الرضعات.

وهذا قول الجمهور: الحنفية، والمالكية، وأحمد في رواية عنه، وكثير من الصحابة والتابعين.

ـ القول الثاني: أن الكثير من الرضاع يحرِّم:

لا يُحرِّم من الرضاع إلا ما كان كثيراً، فعن أم الفضل: أن نبي اللهr سئل عن الرضاع، فقال: «لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان» وقال قتادة: المصة والمصتان [المجتبى من السنن، النسائي، (3308)].

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّr قَالَ: «لا تُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» [مسند أحمد بن حنبل، (16110)].

وعن أبي الزبير قال سألت بن الزبير عن الرضاع؟، فقال: «لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ولا الثلاث» [المصنف، ابن أبي شيبة، (17026)].

ثم وردت روايات عديدة تبين مقدار الكثير:

أ ـ خمس رضعات:

ذهب الشافعية والحنابلة في القول الصحيح عندهم إلى أن ما دون خمس رضعات لا يؤثر في التحريم، وروي هذا عن عائشة، وابن مسعود وابن الزبير رضي الله عنهم، وبه قال عطاء وطاوس.

واستدلوا بما ورد عن عائشة، قالت: كان فيما أنزل من القرآن (عشر رضعات معلومات يحرمن) ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول اللهr وهن فيما يقرأ من القرآن [أخرجه مسلم].

ب ـ أكثر من عشر رضعات:

كما ورد عن حفصة قالت: «كان رسول اللهr لا يُحَرِّم من الرضاع إلا عشر رضعات، أو بضع عشرة» [المعجم الأوسط، الطبراني، (3913)].

ومما سبق يمكن بيان الرأي الراجح في المسألة، وهو اعتماد عدد الرضعات الخمس فما فوق، إذ بها يقال للرضيع إنه يكتسب من مرضعته صفاتها، وبها ينبت اللحم وينشز العظم، وتحقق غاية التشريع، وما دون ذلك لا تأثير له في الصفات ولا في بناء الجسم.

حرمة الرضاع كحرمة النسب:

للرضاع أثر في تحريم الزواج كأثر النسب في ذلك، حيث يحرم الزواج بسب الرضاعة كما يحرم الزواج بسبب الولادة والنسب، ودليل ذلك:

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَ عَمِّي مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِr، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّه فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّهُ عَمُّكِ، فَأْذَنِي لَهُ»، قَالَتْ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهr: «إِنَّهُ عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْك»، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» [البخاري (5239)].

وحديث عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيr، أَنَّ رَسُولَ اللهِr كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أُرَاهُ فُلاَنًا (لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ) فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ هذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِr: «أُرَاهُ فُلاَنًا» (لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ) فَقَالَتْ عَائِشَةُ؛ لَوْ كَانَ فُلاَنٌ حَيًّا (لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ) دَخَلَ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِr: «نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلاَدَةِ» [البخاري ومسلم].

وعن عائشة عن النبيr قال: «ما حرمته الولادة حرمه الرضاع» [المجتبى من السنن، النسائي، (3300)].

عن عائشة: أن عمها من الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها فحجبته، فأخبر رسول اللهr فقال: «لا تحتجبي منه؛ فإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» [المجتبى من السنن، النسائي، (3301)].

وقد ورد نص بتحريم ابنة الأخ من الرضاعة:

حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّr، فِي بِنْتِ حَمْزَةَ: «لاَ تَحِلُّ لِي، يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ» [البخاري ومسلم].

وعلة تحريم الرضاع قياساً على تحريم النسب:

أن بين النسب والرضاع اشتراكاً في التأثير في الإنسان واكتساب الصفات الوراثية من جهة، والصفات النفسية والخلقية من جهة أخرى، حيث كشفت الدراسات الحديثة أن الرضيع يتأثر ويكتسب من مرضعته كثيراً من الصفات الأخلاقية، كما يكتسب الإنسان الصفات الوراثية من والديه.

وأثبتت الدراسات العلمية أثر الغذاء في الإنسان، ويوم تخلت البشرية عن الرضاع واستعاضت عنه بأغذية صناعية أو حيوانية لوحظ الفرق، مما حدا أصوات الحق والعدل والعلم أن يناشدوا العالم بأهمية الرضاع الطبيعي، وضرورة العودة إليه، والاهتمام البالغ به؛ لإبعاد الأمراض الجسمية والنفسية عن المرضعة والرضيع، (وقد نشرت أبحاث علمية دقيقة في هذا الموضوع يمكن الرجوع إليها في المجلات الطبية).

حق الولد في الإرضاع:

لا خلاف بين الفقهاء في أنه يجب إرضاع الطفل ما دام في حاجة إليه، والطفل في سن الرضاع.

واتفقوا على أن الإرضاع واجب على الأم (ديانة)، بمعنى: أنها تُسأل عنه أمام الله تعالى؛ حفاظاً على حياة الولد، سواء أكانت متزوجة بأبي الرضيع، أم مطلَّقة منه وانتهت عدتها.

واختلفوا في مَن يجب عليه إرضاع الطفل (قضاء).

ـ فعند الشافعية والحنابلة: يجب على الأب استرضاع ولده، ولا يجب على الأم الإرضاع، وليس للأب إجبارها عليه، دنيئة كانت أم شريفة، في عصمة الأب كانت أم بائنة منه، إلا إذا تعينت بأن لم يجد الأب من ترضع له غيرها، أو لم يقبل الطفل ثدي غيرها، أو لم يكن للأب ولا للطفل مال، فيجب عليها حينئذٍ.

واستدلوا على وجوب الاسترضاع على الأب بقوله تعالى: ]وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى[ [الطلاق 6]، وإن اختلفا فقد تعاسرا.

وقوله تعالى: ]وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ[ [البقرة 233] محمول على حال الاتفاق وعدم التعاسر.

ـ وعند الحنفية: يجب على الأم إرضاع ولدها؛ ديانةً، أي: بينها وبين الله، من دون إلزامها بذلك قضاء.

ـ وعند المالكية: يجب الإرضاع على الأم بلا أجرة إن كانت ممن يُرْضِع مثلها، وكانت في عصمة الأب، ولو حكماً؛ كالمطلقة طلاقاً رجعياً، أما المطلقة طلاقاً بائناً من أب الرضيع، والشريفة التي لا يُرْضِع مثلها فلا يجب عليها الإرضاع، إلا إذا تعينت لذلك؛ بأن لم يوجد غيرها.

واستدلوا بقوله تعالى: ]وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ[ [البقرة 233]، وقالوا: استُثْنِيَ التي لا يُرْضِع مثلها من عموم الآية لأصل من أصول الفقه وهو: العمل بالمصلحة، ولأن العرف عدم تكليفها بالإرضاع فهو كالشرط.

ويفهم مما سبق أن الفقهاء اتفقوا على وجوب الإرضاع على الأم في ثلاث حالات، وهي:

ألا يقبل الطفل الرضاع إلا من ثدي أمه، فيجب عندئذٍ إرضاعه إنقاذاً له من الهلاك؛ لتعين الأم، كما تجبر المرضعة على استدامة الإجارة بعد مضي مدتها إذا لم يقبل ثدي غيرها.

ألا توجد مرضعة أخرى سواها، فيلزمها الإرضاع؛ حفاظاً على حياته.

إذا عُدِم الأب؛ لاختصاصها به، أو لم يوجد لأبيه ولا للولد مال لاستئجار مرضعة فيجب عليها إرضاعه، لئلا يموت.

وأوجب الشافعية على الأم إرضاع اللَّبَأ: وهو اللبن النازل أول الولادة؛ لأن الولد لا يعيش من دونه غالباً، وغيره لا يغني، وقد اكتشف الطب الحديث بأن اللبأ يقوم بتطهير جسم المولود وتغذيته في اللحظة الأولى التي يتناول بها الغذاء من فمه، بعد أن كان يتغذى عن طريق الحبل السري.

مع أهمية هذه الرضعات الأولى في اكتساب المناعة ضد الأمراض، وانتقال صفات الرحمة والمحبة والحنان، والتواصل الروحي والعاطفي بين المرضعة والرضيع.

التفضيل بين الأم والمتبرعة بالإرضاع:

اتفق الفقهاء على أن الأم تُقَدَّم في الإرضاع إذا أرضعت ولدها من دون أجر، أو لم تطلب زيادة على ما تأخذه الأجنبية ولو دون أجر المثل، أو لم توجد مرضعة إلا بأجر؛ رعاية لمصلحة الصغير بسبب كون الأم أكثر حناناً وشفقة عليه من غيرها، ولأن في منع الأم من إرضاع ولدها إضراراً بها، وهو لا يجوز، لقوله تعالى: ]لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِه[ [البقرة 233]، وقوله سبحانه: ]وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ[ [البقرة 233] دل النص على أن الأم أحق برضاع ولدها في الحولين.

فإن وجدت متبرعة بالإرضاع، وطلبت الأم الأجر، أو وجدت مرضعة بأجر أقل مما تأخذه الأم، كانت الأم ـ عند المالكية والحنابلة ـ هي الأحق من غيرها بأجر المثل، لإطلاق الآية السابقة: ]لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِه[ [البقرة 233]، وآية: ]وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ[ [البقرة 233]، ولأنها أحنى وأشفق على الولد من الأجنبية، ولبنها أَمْرَأُ من لبن غيرها.

وتُقَدَّم الأجنبية ـ في رأي الحنفية والشافعية في الأظهر ـ حينئذٍ، سواء أكان الأب موسراً أم معسراً؛ رفقاً بالأب ودفعاً للضرر عنه، لقوله تعالى: ]لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِه[ [البقرة 233]، أي بإلزامه لها أكثر من أجرة الأجنبية، وقوله تعالى: ]وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ[ [البقرة 233].

ويقال للأم حينئذٍ: إما أن ترضعيه متبرعة، وإما بمثل الأجرة التي تطالب بها غيرك، وإما أن تسلميه لها.

وإذا سلمته الأم لأجنبية بقي لها حق الحضانة، فإما أن ترضعه المرضعة عند الأم، وإما أن ترضعه في بيتها، ثم تَرُدَّه إلى الأم.

المكلف بأجرة الإرضاع:

على الأب خمس نفقات للولد الصغير: أجرة الإرضاع، وأجرة الحضانة، ونفقة المعيشة، وأجرة مسكن الحضانة، وأجرة خادم له إن احتاج إليه.

فالمكلف بأجرة الإرضاع هو الأب؛ لأنه هو المُلْزَم بالنفقة على الولد، وتكون أجرة الإرضاع على من تجب عليه النفقة، لقوله تعالى: ]وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا ولا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِه[ [البقرة 233]، وقوله سبحانه: ]فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ[ [الطلاق 6].

مع ملاحظة أن إلزام الأب بالنفقة بأنواعها إذا لم يكن للصغير مال.

فإن كان له مال فالأصل أن نفقة الإنسان في مال نفسه، صغيراً كان أو كبيراً.

فإن كان الأب فقيراً ولم يكن للصغير مال أجبرت الأم في رأي الحنفية على إرضاعه، وتكون الأجرة دَيناً على الأب يُطَالب بها عند يساره.

وتجبر الأم على الإرضاع في رأي المالكية وليس لها الرجوع بالأجرة على الأب إذا أيسر.

حالة استحقاق الأم أجرة الإرضاع، ومدة الاستحقاق وبدء الاستحقاق:

أولاً ـ حالة استحقاق الأم أجرة الإرضاع:

إذا أرضعت الأم ولدها بنفسها أو بإجبارها على الإرضاع قضاء فهل تستحق أجرة على الإرضاع؟ في الأمر تفصيل وهو ما يأتي:

لا تستحق الأم أجرة الإرضاع عند الحنفية والشافعية والحنابلة في حال الزوجية أو في أثناء العدة من الطلاق الرجعي؛ لأن الزوج مكلف بالإنفاق عليها، فلا تستحق نفقة أخرى مقابل الإرضاع، حتى لا يجتمع عليه واجبان: النفقة والأجرة في آن واحد.

ووافق المالكية على هذا الرأي إذا كان الإرضاع واجباً على الأم، وهو الحالة الغالبة، أما إن كان الإرضاع غير واجب على الأم؛ كالشريفة القدر فإنها تستحق الأجرة على الإرضاع.

تستحق الأم الأجرة على الإرضاع بالاتفاق بعد انتهاء الزوجية والعدة، أو في عدة الوفاة، لقوله تعالى: ]فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ[ [الطلاق 6]، فهي واردة في المطلَّقات، ولأنه لا نفقة للأم بعد الزوجية وفي عدة الوفاة.

تستحق الأم الأجرة على الإرضاع في عدة الطلاق البائن في الأصح عند بعض الحنفية، لأنها كالأجنبية، وكذا عند المالكية، لقوله تعالى: ]فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ[ [الطلاق6]، فقد أوجب الله تعالى للمطلقات بائناً الأجرة على الإرضاع، حتى لو كانت حاملاً ولها النفقة؛ لأن كلاً من النفقة وأجرة الإرضاع وجب بدليل خاص به، فوجوب أحدهما لا يمنع وجوب الآخر، وهذا هو المقرر في القانون السوري كما سيأتي.

وذكر بعض الحنفية أن المُفْتَى به عدم الفرق بين عدة الرجعي والبائن، فلا تستحق الأم أجرة الإرضاع في الحالتين لوجوب النفقة لها مطلقاً، وهذا هو المعمول به في محاكم مصر.

والحاصل: أن المدار في استحقاق الأم أجرة الإرضاع وعدم استحقاقها على وجوب الإرضاع وعدم وجوبه عليها في رأي المالكية، وعلى وجوب النفقة للأم وعدم وجوبها لها في رأي الحنفية.

ثانياً ـ مدة الاستحقاق:

اتفق الفقهاء على أن مدة استحقاق الأجرة على الإرضاع هي سنتان فقط، فمتى أتم الطفل حولين كاملين لم يكن للمرضع الأم الحق في المطالبة بأجرة الإرضاع، لقوله تعالى: ]وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ[ [البقرة 233]، فقد دلت الآية على أن الأب يلزم بنفقة الإرضاع في مدة سنتين فقط.

ثالثاً ـ بدء الاستحقاق:

تستحق المرضع غير الأم ـ المسماة ظئراً ـ وكذا الأم بعد انتهاء الزوجية الأجرة على الإرضاع من تاريخ العقد؛ لأنها مستأجرة للإرضاع، فلا تستحق الأجرة إلا من يوم العقد.

وأما الأم المرضع في حال قيام الزوجية أو في أثناء العدة من طلاق رجعي فتستحق الأجرة بالإرضاع في المدة مطلقاً بلا عقد إجارة في رأي المالكية، وأما في رأي الحنفية على الراجح فمن تاريخ قيامها بالإرضاع.

ولا تسقط الأجرة بموت الأب، بل تكون دائنة له أسوة بغرمائه، فليست الأجرة نفقة وإنما هي دين يستحق في التركة، إذ لو كانت نفقة لسقطت بموته، كما تسقط بالموت نفقة الزوجة والقريب ولو بعدا لقضاء، ما لم تكن مستدانة بأمر القاضي.

وإذا لم يكن للرضيع أب وجبت الأجرة على من يلي الأب في الإنفاق عليه.

موقف القانون السوري من أجرة الإرضاع:

نصت المادة (152):

«على المكلف بأجرة الرضاع، ولكن في سن الرضاع، لا بعد الفطام:

أجرة رضاع الولد، سواء أكان الرضاع طبيعياً أم اصطناعياً على المكلف بنفقته، ويعتبر ذلك في مقابل غذائه».

ونصت الفقرة الثانية من هذه المادة على حالة عدم استحقاق الأم أجرة الإرضاع:

«2 ـ لا تستحق الأم أجرة الرضاع حال قيام الزوجية، أو في عدة الطلاق الرجعي».

والمعنى بالمفهوم أنها تستحق أجرة الإرضاع بعد انتهاء الزوجية وانقضاء العدة مطلقاً، وفي عدة الطلاق البائن، وفي عدة الوفاة.

ونصت المادة (153) على الأخذ برأي الحنفية، ولكن في حالة إعسار الأب فقط بتقديم المتبرعة بالإرضاع على الأم، وهو المعقول.

ونص المادة هو: «المتبرعة أحق بالإرضاع إن طلبت الأم أجرة، وكان الأب معسراً، على أن يكون الإرضاع في بيت الأم».

ولكن في الحضانة تقدم الأم إذا كان الأب موسراً، ولو طلبت أجراً أكثر.

وسبب التفريق بين الحضانة والرضاع: أن الرضاع أمر مادي يقصد به التغذية ونمو الجسد، أما الحضانة فتتطلب حناناً وشفقة، والأم أحن وأشفق من غيرها.

واجب المرضع:

وأما المرضع فلا تكلف بشيء سوى الإرضاع، إضافة إلى ما يوجبه عليها العرف من إصلاح طعام الولد، وحفظه، وغسله، وغسل ثيابه؛ لأن خدمة الصغير واجب عليها؛ لأن العرف معتبر فيما لا نص فيه.

فإن أرضعته بلبن شاة فلا أجر لها؛ لأنها لم تأتِ بالعمل الواجب عليها، وهو الإرضاع.

إثبات الرضاع:

يثبت الإرضاع بأحد أمرين: الإقرار والبينة.

1ـ أما الإقرار: فهو عند الحنفية اعتراف الرجل والمرأة معاً أو أحدهما بوجود الرضاع المُحَرِّم بينهما.

أ ـ فإذا أقر الرجل والمرأة بالرضاع قبل الزواج، بأن اعترفا بأنهما أخوان من الرضاع فلا يحل لهما الإقدام على الزواج، وإن تزوجا كان العقد فاسداً، ولم يجب للمرأة شيء من المهر.

وإن كان الإقرار بعد الزواج وجب عليهما الافتراق، فإن لم يفترقا اختياراً فرق القاضي بينهما جبراً؛ لأنه تبين فساد العقد، ويجب للمرأة الأقل من المسمى ومهر المثل.

ب ـ وإذا كان الإقرار من جانب الرجل وحده، كأن يقول: هي أختي أو أمي أو بنتي في الرضاع:

فإن كان الإقرار قبل الزواج فلا يحل له التزوج بها.

وإن كان بعد الزواج وجب عليه أن يفارق المرأة، فإن لم يفارقها اختياراً وجب على القاضي أن يفرق بينهما جبراً؛ لأن الإقرار حجة قاصرة على المُقِرِّ لا يتعداه إلى غيره إلا إذا صَدَّقَه الغير، أو ثبتت بالبينة صحة الإقرار، ولكن لا يبطل حقها بالمهر والنفقة والسكنى.

جـ ـ وإذا كان الإقرار من جانب المرأة وحدها: فإن كان قبل الزواج فلا يحل لها أن تتزوجه، ولكن يحل له أن يتزوجها إذا وقع في قلبه كذبها على المفتى به؛ لأن الطلاق له لا لها، والإقرار حجة قاصرة على المُقِرِّ، ويحتمل أن يكون إقرارها لغرض خفي في نفسها.

وإن كان الإقرار منها بعد الزواج فلا يؤثر الإقرار في صحة الزواج إلا إذا صدقها الزوج فيه.

ويثبت الرضاع عند المالكية بإقرار الزوجين معاً، أو باعتراف أبويهما، أو باعتراف الزوج المكلف وحده ولو بعد العقد؛ لأن المكلف يُؤاخَذ بإقراره، أو باعتراف الزوجة فقط إذا كانت بالغاً قبل العقد عليها، لا إن أقرت بعده، ويفسخ الزواج بينهما في كل هذه الأحوال.

ويشترط لصحة الإقرار عند الشافعية رجلان، فلا يثبت بإقرار غيرهما، لاطلاع الرجال عليه غالباً.

ولو قال الرجل: هي بنتي أو أختي برضاع، أو قالت المرأة: هو أخي حرم تناكحهما، لأنه يؤاخذ كل منهما بإقراره.

ولو قال زوجان: بيننا رضاع محرِّم فرِّق بينهما، وسقط المهر المسمى، ووجب مهر المثل إن حدث الوطء.

وإن ادعى الزوج رضاعاً محرِّماً، فأنكرت زوجته ذلك انفسخ النكاح وفرق بينهما.

وإن ادعت الزوجة الإرضاع، فأنكر الزوج ذلك، صُدِّق بيمينه إن كانت قد زُوِّجت برضاها، وإلا بأن زُوِّجت بغير رضاها، فالأصح تصديقها بيمينها.

وإن أقرت المرأة بأن زوجها أخوها من الرضاع، فكَذَّبها لم يقبل قولها في فسخ النكاح؛ لأنه حق عليها.

2ـ وأما البينة: فهي الشهادة، وهي الإخبار في مجلس القضاء بحق الشخص على الغير.

وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على ثبوت الرضاع بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين من أهل العدالة.

واختلفوا في ثبوت الرضاع بشهادة رجل واحد، أو امرأة واحدة، أو أربع من النساء.

فقال الحنفية: لا تقبل هذه الشهادات، لما روي عن عمرt أنه قال: «لا يقبل على الرضاع أقل من شاهدين»، وكان قوله بمحضر من الصحابة، ولم يُنْكِر عليه أحد، فكان هذا إجماعاً، ولأن الرضاع مما يطلع عليه الرجال، فلا يقبل فيه شهادة النساء على الانفراد، كالشهادة في الدخول.

وقال المالكية: لا يثبت الرضاع قبل العقد بشهادة امرأة فقط ولو فشا منها أو من غيرها الرضاع، إلا أم الصغير، فتقبل شهادتها، مع الفشو وانتشار الخبر، ولا يصح العقد معه.

ويثبت الرضاع بشهادة رجل وامرأة أو بشهادة امرأتين إن فشا الرضاع منهما أو من غيرهما بين الناس، قبل العقد.

ولا تشترط مع الفشو عدالة على الأرجح، وإنما اشترط لقبول هذه الشهادة: الإظهار قبل الزواج، لإبعاد التهمة عن الشاهد بهذه الشهادة.

وقال الشافعية: يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة، لاختصاص النساء بالاطلاع عليه غالباً كالولادة، ولا يثبت من دون أربع نسوة، إذ كل امرأتين بمنزلة رجل.

وتقبل شهادة المرضعة مع غيرها إن لم تطلب أجرة عن رضاعها، ولا ذكرت فعلها، بل شهدت أن بينهما رضاعاً محرِّماً؛ لأنها لا تريد بهذه الشهادة نفعاً ولا تدفع ضرراً. أما إذا طلبت الأجرة فلا تقبل شهادتها؛ لأنها متهمة.

وتقبل شهادة أم الزوجة وبنتها مع غيرهما حسبة بلا تقدم دعوى، ومن المتفق عليه أن الرضاع مما تقبل فيه شهادة الحسبة، فلا تتوقف على الدعوى، لأنه يتضمن الحرمة، وهي من حقوق الله تعالى، كما تقبل الشهادة على الطلاق حسبة من دون تقدم دعوى.

وهكذا فإن الشرائع السماوية تطالب الأمهات بالإرضاع، لتبقى الأسرة متآلفة، والمجتمع يتمتع بالصحة، فالإرضاع يقلل من انتشار الأمراض لدى الأمهات المرضعات، كما يحمي الأطفال من الأوبئة، ويكسبهم المناعة الجسمية والنفسية.

وقد صدرت أبحاث طبية مكثفة بدءاً من عام 1990 حتى الآن، تؤكد أن الإرضاع يقي الأم من سرطان الثدي، ويعطي الطفل مناعة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن الجوزي، التحقيق في أحاديث الخلاف.

ـ ابن عابدين، حاشية ابن عابدين (ط إحياء التراث).

ـ الترمذي، سنن الترمذي.

ـ الدار قطني، سنن الدار قطني.

ـ البيهيقي، السنن الكبرى.

ـ محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح بخاري (داد القلم، بيروت 1891).

ـ مسلم، صحيح مسلم .

ـ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (دار الفكر، دمشق).

ـ قانون الأحوال الشخصية السوري.

ـ النسائي، المجتبى من السنن.

ـ ابن يعلى، مسند ابن يعلى.

ـ أحمد بن حنبل، مسند أحمد ابن حنبل (المكتب الإسلامي، بيروت 8791).

ـ الفيومي، المصباح المنير.

ـ ابن أبي شيبة الطوفي، المصنف.

ـ الطبراني، المعجم الأوسط.

ـ الطبراني، المعجم الكبير.

ـ إبراهيم مصطفى، أحمد حسن الزيات، حامد عبد القادر، محمد علي النجار، المعجم الوسيط (مكتبة النوري، دمشق).

ـ الرملي، نهاية المحتاج (ط مصطفى الحلبي).

 


التصنيف : العلوم الشرعية
النوع : العلوم الشرعية
المجلد: المجلد الرابع: الرضاع ــ الضمان المصرفي
رقم الصفحة ضمن المجلد : 5
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 599
الكل : 31240273
اليوم : 65430