logo

logo

logo

logo

logo

التركة

تركه

inheritance - héritage

 الترِكَة

الترِكَة

محمد يوسف الشربجي

تعريفها ومآلها شرعاً كيفية قسمتها شرعاً
الحقوق المتعلقة بالتركة أحوال أصحاب الفروض
وقت انتقالها إلى الورثة التخارج
 

أولا- تعريفها ومآلها شرعاً:

التركة لغة: ما يتركه الشخص ويبقيه.

واصطلاحاً: عند الجمهور كل ما يخلّفه الميت من الأموال والحقوق المالية الثابتة مطلقاً، فتشمل الأشياء المادية من منقولات وعقارات، والحقوق العينية كحقوق الارتفاق من مسيل أو شِرب وغيرهما، والمنافع كحق الانتفاع بالمأجور والمستعار، والحقوق الشخصية كحق الشفعة وحق الخيار كخيار الشرط، وتشمل أيضاً ما تسبب فيه من خمر كان له ثم صار خلاً بعد وفاته، وشبكة نصبها فوقع فيها بعد موته صيد.

وهي عند الحنفية: الأموال والحقوق المالية التي كان يملكها الميت، فتشمل الأموال المادية من عقارات ومنقولات وديون على الغير، والحقوق العينية التي ليست مالاً، ولكنها تقوّم بمال أو تتصل به، كحق الشرب والمسيل والمرور والعلو والرهن إذ يرث الورثة الدين موثقاً برهنه.

وخيارات الأعيان، كخيار العيب وخيار التعيين وخيار فوات الوصف المرغوب فيه، ولا تشمل عندهم الخيارات الشخصية المتعلقة بمشيئة المورث وإرادته، كخيار الشرط، وخيار الرؤية، وحق الشفعة، ولا تشمل أيضاً المنافع كالإجارة والإعارة لانتهاء العقد بالموت، ولأن المنافع ليست مالاً عند متقدمي الحنفية. ولا تشمل قبول الوصية، فتلزم الوصية بموت الموصى له، أي قبل أن يقبل أو يرد، ويعد عدم الرد قبولاً.

والحنفية يحصرون التركة في المال أو الحق الذي له صلة بالمال فقط، فالذي يورث عندهم هو الأعيان المالية المتعلقة بمال المورث لا بشخصه ولا بإرادته ومشيئته. فالحقوق عندهم منها ما يورث كحق حبس المبيع وحبس الرهن لأنها تتعلق بمال المورث، ومنها ما لا يورث كحق الشفعة، وخيار الشرط، وحد القذف، وحق التزويج لأنها تتعلق بإرادته ومشيئته، ولهذا لا يورث خيار القبول والإجازة في بيع الفضولي والأجل.

ولا تورث الولايات والعواري والودائع والرجوع عن الهبة، أما خيار العيب وخيار التعيين والقصاص وخيار الرؤية والوصف فيورث.

ثانياً- الحقوق المتعلقة بالتركة:

الحقوق المتعلقة بالتركة قسمان:

1- أن يتعلق بها حق الغير حال الحياة، وهذا لا يدخل في مسمى التركة، فيقدم على تجهيز الميت لتعلقه بالمال قبل صيرورته تركة، ويسمى بالحقوق العينية كحق البائع في تسليم المبيع، وحق المرتهن في المرهون.

2- ألا يتعلق بها حق الغير، وهذا الذي يدخل في مسمى التركة، ويتعلق به حقوق أربعة وهي على الترتيب الآتي:

أ- تجهيز الميت وتكفينه: وهو كل ما يحتاج إليه الميت من حين موته إلى أن يوارى الثرى، من غير تبذير ولا تقتير.

ب- قضاء ديونه: ثم بعد التجهيز تقضى ديون الميت من جميع ماله الباقي بعد التجهيز، ويقدم الدَّين على الوصية، وإنما قدمها الله تعالى في قوله ]مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن[ [النساء 11] للعناية بشأنها، وعدم التفريط فيها، وللحث على أدائها، وأما الدين فنفوس الدائنين مطمئنة إلى أدائه، وهو قوي. 

ج- تنفيذ وصاياه، وتنفذ من ثلث المال الباقي بعد أداء الحقوق المتقدمة لا من ثلث أصل المال، لقوله تعالى ]مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن[[النساء11]، وتقدم الوصية على الإرث.

د- الإرث: وهو آخر الحقوق المتعلقة بالتركة، وتنتقل ملكيته جبراً لأفراد الورثة بحسب أنصبائهم ضمن شروط أربعة:

1- تحقق موت المورِّث، أو بإلحاقه بالموتى تقديراً، وذلك كجنين انفصل ميتاً في حياة أمه، أو بعد موتها بجناية على أمه، موجبة للغرّة (وهي عبد أو أمَة، وتقدر بنصف عشر الدية أو بخمسين ديناراً والغرّة في الأصل: بياض في الوجه) فيقدَّر أن الجنين كان حياً قبل الجناية، ويقدر أيضاً أن الموت قد عرض له بالجنابة على أمه، لتورث عنه الغرة، أو بإلحاق المورِّث بالموتى حكماً، كما في حكم القاضي بموت المفقود اجتهاداً.

2- تحقق حياة الوارث بعد موت مورثه ولو لحظة.

3- معرفة إدلاء الوارث للميت بقرابة، أو نكاح، أو ولاء.

4- تعيين الجهة المقتضية للإرث تفصيلاً، وهذا يختص بالقاضي، فلا تقبل شهادة الإرث مطلقاً، كقول الشاهد للقاضي: هذا وارث، بل لا بد في شهادته من بيان الجهة التي اقتضت إرثه منه، ولا يكفي أيضاً قول الشاهد: هذا ابن عمه، بل لابد من العلم بالقرب والدرجة التي اجتمعا فيها.

ثالثاً- وقت انتقالها إلى الورثة:

إذا كانت التركة في تعريفها الاصطلاحي هي كل ما يتركه الميت من أموال فإن التركة تنتقل إلى الورثة عقب وفاة المورِّث مباشرة، هذا هو الأصل، أما إذا كانت التركة مدينة بدين مستغرق لكل أموالها، أو لجزءٍ منها فقد اختلف الفقهاء في وقت انتقال التركة إلى الورثة على رأيين:

الرأي الأول: التركة المستغرقة بالديون لا تنتقل ملكيتها إلى الورثة وقت الموت، وإنما تبقى عل ملك المورّث (حكماً وتقديراً) حتى تقضى ديونه، وهو رأي الحنفية.

واستدلوا على ذلك بقوله تعالى ]مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن[[النساء11] فالله سبحانه وتعالى جعل حق الورثة بعد الوصية والدين، وبالتالي فإن التركة تنتقل إلى الورثة بعد قضاء الدين.

وقالوا: إن الدين مانع من الإرث، ولكن يحق للورثة دفعُ الدين من أموالهم، وتملك التركة، فهم خلفاء الميت في التركة المدينة، وتكون ملكاً لهم مع تعلق الدين بها في حدود التركة.

أما إذا كانت الديون مستغرقة لجزء من التركة فعند الحنفية ثلاثة أقوال أشهرها: أن الجزء الذي يفي بالدين يبقى على ملك المورِّث، وما زاد على ذلك ينتقل إلى الورثة؛ لأنه لا تنافي بين انتقال الملكية للورثة وثبوت حق في تعلق الدين بها.

الرأي الثاني: إن التركة المدينة بدين مستغرق، أو غير مستغرق تنتقل ملكيتها إلى الورثة وقت وفاة المورث، وتكون ملكاً لهم، مع تعلق الدين بها في حدود التركة؛ لأن تعلق الدين بالتركة لا يزيل الملكية، كما كان الحال قبل وفاة المورث، وأن الموت سبب الميراث، والحكم يرتبط بسببه وجوداً وعدماً، والدين ليس مانعاً من الملكية، وتبقى التركة متعلقة بالدين، كالرهن الذي لا تزول الملكية عنه للراهن مع حبسه عند المرتهن، وهذا رأي الجمهور. والراجح قول الحنفية لأن حق الدائنين مقدم على حق الورثة وبالتالي ليس للورثة حق في التركة بمجرد موت المورث إلا بعد قضاء ديونه وتنفيذ وصاياه، والله تعالى يقول ]مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن[، ويترتب على هذا الاختلاف ما يأتي:

1- نماء التركة وغلتها، كثمار الأشجار، وأجرة البيت والسيارة، هو تابع في الملك للتركة على الرأي الأول، ولذلك توفَّى منه الديون والوصية، وهو ملك للورثة على الرأي الثاني، وبالتالي فإن الوصية بالثلث تحسب بحسب الرأيين السابقين.

2- ما يحدث للميت من مال بعد وفاته، ويكون كسبه بسبب منه، كالصيد والجائزة، فهي ملحقة بالتركة على القول الأول، وهي للورثة حصراً على القول الثاني.

3- النفقات التي تحتاج إليها التركة تجب على التركة نفسها في الرأي الأول، وهي على الورثة في الرأي الثاني.

4- حق الشفعة بعد الموت، وقبل سداد الدين لا يثبت للورثة بحسب القول الأول، وتثبت للورثة بحسب القول الثاني.

5- يصح التصرف بالتركة من الورثة قبل سداد الديون، كالقسمة والبيع، فتنفذ على القول الثاني، وهي باطلة أو موقوفة على القول الأول.

رابعاً- كيفية قسمتها شرعاً:

بعد تجهيز الميت وتسديد ديونه وتنفيذ وصاياه، يقسم الباقي من التركة بين الورثة على الترتيب الآتي:

1- أصحاب الفروض.

2- العصبات النسبية: وهم الذين يدلون إلى الرجل بالذكورة، ويحوزون ما أبقاه أصحاب الفرائض من التركة، كالابن والأب والأخ والعم.

3- العصبة السببية: وهي عصبة المعتق لمن اعتقه فهو يرثه إن لم يكن له وارث صاحب فرض ولا عصبة نسبية.

4- عصبة مولى العَتاقة: فإذا مات العبد المعتق عن غير وارث ذي فرض أو عصبة ولم يكن مولاه المعتق له حياً كان الإرث لعصبة مولاه النسبية.

5- الرد على أصحاب الفروض النسبية.

6- ذوو الأرحام: وهم أقارب الميت غير ذوي الفروض ولا العصبة من الأقارب الإناث كالخالة والعمة، أو من الذكور الذين تتوسط بينهم وبين الميت أنثى كابن البنت وأب الأم.

7- مولى الموالاة: وهو شخص معروف النسب، آخاه شخص مجهول النسب، فقال له أنت مولاي ترثني إذا مت، وتعقل عني إذا جنيت فقال الآخر المعلوم النسب قبلت، فيرثه إذا مات، ويأخذ بالعصوبة، أي يأخذ جميع التركة عند انعدام وارث سواه.

8 - المقر له بنسب محمول على الغير: حين يقر لشخص بأنه أخوه أو عمه، ولم يثبت ذلك بدليل آخر غير الإقرار فإنه يرثه أو يشاركه في الميراث حين لا يوجد أي وارث من نسب أو صحيح أو زوجية.

9- الموصى له بأكثر من الثلث.

10- بيت المال.

وتفصيلاتهم على النحو الآتي:

- أصحاب الفرض: هم الورثة الذين قدرت لهم شرعاً أنصباء (سهام) معينة في التركة، والوارثون ذوو الفروض اثنا عشر: أربعة من الرجال: وهم الزوج والأب والجد والأخ لأم، وثمانية من النساء: وهنّ الزوجة، والأم، والجدة (أم الأم أو الأب)، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم.

وأنصباؤهم (سهامهم) المقدرة في كتاب الله تعالى ستة، هي: النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس، وأصحاب كل نصيب ما يأتي:

أ- أصحاب النصف:

أصحاب النصف خمسة بالإجماع وهم:

1- الزوج عند عدم الفرع الوارث، أي عند عدم الابن والبنت، وابن الابن وبنت الابن.

2- البنت: إذا انفردت عما يساويها وخلَت عن معصب كالابن.

3- بنت الابن: إذا انفردت وخلت عن معصّب، ولم يكن هناك بنت ولا ابن؛ لأنه يحجبها عن النصف.

4- الأخت الشقيقة: إذا انفردت وخلت عن معصب وحاجب، ولم يكن هناك بنت ولا بنت ابن.

5- الأخت لأب: إذا انفردت وخلت عن معصب وحاجب، ولم يكن هناك بنت ولا بنت ابن، ولا أخت شقيقة.

والدليل على ذلك قوله تعالى في البنت ]وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ[ [النساء 11]، وقوله تعالى في الزوج ]وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ[ [النساء 12]، وقال تعالى في الأخت: ]يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤُ هَلَك لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك[ [النساء176].

أمّا بنت الابن فدليلها الإجماع.

ب- أصحاب الربع:

الربع فرض اثنين وهما:

1- الزوج: مع الفرع الوارث.

2- الزوجة فأكثر: مع عدم الفرع الوارث.

ودليل الربع فيهما قوله تعالى في ميراث الزوج: ]فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْن[ [النساء 12] وفي ميراث الزوجة ]وَلَهُنَّ الرٍّبُعْ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكمْ وَلَدٌ[ [النساء 12].

ج- صاحب الثمن:

الثمن: فرض واحد وهو الزوجة فأكثر عند وجود الفرع الوارث لقوله تعالى: ]فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم[ [النساء 12].

د- أصحاب الثلثين:

الثلثان فرض أربعة وهم:

1- البنتان فأكثر: عند عدم الابن المعصب لهن، لقوله تعالى ]فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ[ [النساء 11].

2- بنتا الابن فأكثر عند عدم الولد للمتوفى (الابن)، وعدم المعصب لهن (ابن الابن)، وعدم البنت، للإجماع.

3- الأختان الشقيقتان فأكثر عند عدم البنتين وبنتي الابن وعدم المعصب لهن (الأخ الشقيق)، وعدم الحاجب كالأب والجد.

4- الأختان لأب فأكثر عند عدم البنتين وبنتي الابن والأختين الشقيقتين وعدم المعصب لهن وعدم الحاجب. ودليل إرث الأخوات مطلقاً قوله تعالى ]فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ[ [النساء 176].

هـ- أصحاب الثلث وثلث الباقي:

الثلث فرض اثنين:

1- الأم عند عدم الفرع الوارث (الولد)، والعدد من الإخوة.

2- العدد من الإخوة والأخوات لأم عند عدم الفرع الوارث والأصل الذكر.

ودليل الثلث قوله تعالى في ميراث الأم: ]فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّه الثُّلُثُ[ [النساء11]، وفي ميراث الإخوة والأخوات لأم ]فَإن كَانُوا أَكْثرَ من ذَلِك فَهُم شُرَكَاءُ في الثُلُثِ[ [النساء12].

وثلث الباقي للأم مع الأب وأحد الزوجين، وتسمى بالغرَّاوين.

و- أصحاب السدس:

السدس فرض سبعة:

1- الأب مع وجود الفرع الوارث (الولد) لقوله تعالى: ]وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لِهُ وَلَدٌ[ [النساء 11].

2- الجد مع الولد وعدم الأب، للإجماع.

3- الأم مع وجود الفرع الوارث أو العدد من الإخوة والأخوات، لقوله تعالى: ]وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ[ [النساء11]، وقولـــــــــــــه سبحانه: ]فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ[ [النساء11].

4- الجدة الصحيحة، أي لأم أو لأب فأكثر عند عدم الأم، وتشترك الجدات في السدس إذا اجتمعن، والقربى تحجب البعدى.

والدليل: ما رواه أبو سعيد الخدري والمغيرة بن شعبة وقبيصة بن ذؤيب رضي الله تعالى عنهم من أنه عليه الصلاة والسلام «أعطاها السدس»، وأما التشريك بين الجدات فلما  روي أن أم الأم جاءت إلى الصدّيق t وقالت «أعطني ميراث ولد ابنتي» فقال: «اصبري حتى أشاور أصحابي، فإني لم أجد لك في كتاب الله تعالى نصيباً، ولم أسمع فيك من رسول الله r شيئاً»، ثم سألهم، فشهد المغيرة بإعطاء السدس، فقال للمغيرة: هل معك أحد؟ فشهد به أيضاً محمد بن مسلمة الأنصاري، فأعطاها ذلك.

ثم جاءت أم الأب إليه، وطلبت الميراث، فقال: أرى أن ذلك السدس بينكما، وهو لمن انفردت منكما، فشرّكهما فيه.

5- بنت الابن فأكثر مع البنت الواحدة وعدم المعصب (الابن أو ابن الابن)، تكملة للثلثين لما رواه الجماعة إلا مسلماً والنسائي عن هُزيل بن شَرحبيل، قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال: للابنة النصف، وللأخت النصف. وأتت ابن مسعود، فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى الأشعري فقال: لقد ضللت إذن، وما أنا من المهتدين، أقضي فيهما بما قضى النبي  r: للبنت النصف، ولابنة الابن السدس، تكملة للثلثين، وما بقي فللأخت.

6- الأخت لأب فأكثر مع الأخت الشقيقة، وعدم المعصب (الأخ لأب)، وعدم الأصل الذكر والفرع، للإجماع على أنه لها - تكملة للثلثين - نصيب الأختين.

7- الأخت لأم أو الأخ لأم عند عدم الفرع الوارث والأصل الذكر (الأب والجد)، لقوله تعالى: ]وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُوَرَثُ كَلالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخُ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ[ [النساء 12].

خامساً- أحوال أصحاب الفروض:

مما تقدم يتبين أن مجموع الوارثين اثنا عشر:

أربعة من الرجال: وهم الأب، والجد أبو الأب، والأخ لأم، والزوج.

وثمانية من النساء: وهن الزوجة، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والأم، والجدة أم الأم أو الأب، (الجدة الصحيحة) التي لا يدخل في نسبها إلى الميت جد وهمي.

وتبين أيضاً أن الورثة أربعة أقسام:

1- قسم يرث بالفرض فقط: وهم سبعة: الزوج والزوجة، والأم، والجدة لأم، والجدة لأب، والأخ لأم، والأخت لأم، ويمكن اختصار القول فيهم فيقال: الأم وولداها، والجدتان، والزوجان.

2- وقسم يرث بالتعصيب فقط: وهم اثنا عشر: العصبة بالنفس عدا الأب والجد، والمعتق، والمعتقة.

3- وقسم يرث مرة بالفرض، ومرة بالتعصيب، وقد يجمع بينهما: وهو اثنان: الأب والجد أبو الأب ( الجد الصحيح) فكل منهما يرث السدس بالفرض مع الابن أو ابن الابن، ويرث بالتعصيب إذا خلا عن الفرع الوارث، ويجمع بين الفرض والتعصيب إذا كان معه أنثى من الفروع، وفضل أكثر من السدس، فيأخذه تعصيباً.

4- وقسم يرث مرة بالفرض، ومرة بالتعصيب، ولا يجمع بينهما: وهم أربعة: البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، فإن انفردت كل واحدة عمن يعصبها ورثت بالفرض، وإن كان معها من يعصبها فترث بالتعصيب، وهؤلاء الورثة: منهم من يرث بسبب القرابة النسبية، ويسمون أصحاب الفروض النسبية، وهم جميع الورثة عدا الزوجين.

ومنهم من يرث بسبب الزوجية، فيسمون بأصحاب الفروض السببية، وهما الزوجان.

سادساً- التخارج:

1- تعريفه:

وهو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث في مقابل شيء معلوم من التركة أو من غيرها، ولا يكون إلا بالرضا بين الطرفين.

وهو عقد معاوضة، أحد بدليه نصيب الوارث في التركة، والبدل الآخر هو المال الذي يدفع للوارث المُخْرَج.

وهذا العقد جائز عند التراضي، فإذا تم تملك الوارث العوض المعلوم الذي أعطيه زال ملكه عن نصيبه في التركة إلى بقية الورثة الذين اصطلح معهم.

وقد حدث في عهد الراشدين، إذ طلق عبد الرحمن بن عوف امرأته تُماضر بنت الأصبغ الكلبية في مرض موته، ثم مات وهي في العدّة، فورَّثها عثمان t مع ثلاث نسوة أخر، فصالحوها عن ربع ثمنها على ثلاثة وثمانين ألفاً (قيل: دنانير، وقيل: دراهم).

2- كيفية قسمة التركة عند التخارج:

تختلف قسمة التركة عند التخارج باختلاف صوره على النحو الآتي:

1- أن يخرج أحد الورثة عن نصيبه لآخر في مقابل شيء يأخذه من مال الوارث الخاص: فيحل الثاني محل الأول في نصيبه من التركة، وتضم سهامه إلى سهامه، كأن يكون الورثة زوجاً وأخوين شقيقين، فأخرج أحد الشقيقين الزوج من نصيبه بمال دفعه إليه من ماله الخاص، فيضم نصيب الزوج وهو سهمان من أربعة إلى نصيبه وهو سهم واحد، فيصبح له ثلاثة أسهم ولشقيقه الآخر سهم واحد.

2- أن يخرج أحد الورثة عن نصيبه لبقية الورثة في مقابل مال يدفعونه إليه من غير التركة بنسبة أنصبائهم، فتكون كل التركة لبقية الورثة بنسبة أنصبائهم، ويجعل المُخرَج غير وارث، كأن تموت امرأة عن زوج وابن وبنت، ثم يخرج الابنُ والبنتُ الزوجَ في مقابل مبلغ معين من مالهما الخاص يدفعانه للزوج بنسبة نصيبهما، فإن التركة تقسم بين الابن والبنت، للأول الثلثان وللأخرى الثلث.

3- أن يخرج أحد الورثة عن نصيبه لبقية الورثة في مقابل مال يدفعونه إليه من غير التركة بالتساوي: فتقسم الحصة المصالح عليها بين بقية الورثة بالتساوي، ففي المثال السابق إذا دفع الابن والبنت المبلغ مناصفة استحقا نصيب الزوج وهو الربع مناصفة.

4- أن يخرج أحد الورثة عن نصيبه لبقية الورثة في مقابل مال يدفعونه إليه من التركة: فتقسم حصة الخارج على سائر الورثة بنسبة أنصبائهم.

وطريق ذلك أن تقسم التركة أولاً على فرض عدم التخارج، ثم يطرح سهم الخارج من أصل المسألة أو عولها في نظير طرح بدل التخارج من التركة.

ونص القانون المصري (م 48) والسوري (م 304/31) على تعريف التخارج وكيفية قسمة التركة بالأوجه السابقة.

مراجع للاستزادة:

 

- محمد الزحيلي، الفرائض والمواريث والوصايا (دار الكلم الطيب، دمشق 2001م).

- مصطفى الخن، مصطفى البغا، علي الشربجي، الفقه المنهجي، الجزء الخامس، في الوقف والوصية والفرائض (دار العلوم الإنسانية، دمشق، د.ت).

- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (ط/4، دار الفكر، دمشق 2002م).


التصنيف : العلوم الشرعية
النوع : العلوم الشرعية
المجلد: المجلد الثاني: بطاقة الائتمان ــ الجرائم الواقعة على السلطة العامة
رقم الصفحة ضمن المجلد : 165
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 548
الكل : 29586463
اليوم : 41379