logo

logo

logo

logo

logo

بيع النائب ل-نفسه

بيع نايب لنفسه

NULL - vente du député à soi même

 عقد البيع

عقد البيع

بيع  النائب لنفسه

ماجد الحجار

مفهوم بيع النائب لنفسه

حكم بيع النائب لنفسه

 

عرفت المادة (386) من القانون المدني السوري البيع بأنه: "عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً في مقابل ثمن نقدي". والاجتهاد القضائي مستقر على اشتراط توافر جميع الأركان حتى ينهض البيع من الوجهة القانونية،  فقد ذهب الاجتهاد إلى القول: يجب توافر جميع أركان البيع من رضا ومبيع وثمن، فإذا اكتفى الحكم بإثبات توافر الركنين الأولين وأغفل الركن الثالث كان قضاؤه مخالفاً للقانون. هذا هو الأصل العام لعقد البيع من الناحية القانونية المجردة، أما من الناحية الخاصة والتي تمثل مدار هذا الموضوع فإنه لا بد من إيراد القاعدة العامة بخصوص بيع النائب لنفسه، وهذه القاعدة العامة هي: إنه لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء أكان التعاقد لحسابه أم لحساب شخص آخر من دون ترخيص من الأصيل، على أنه يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يجيز التعاقد ما لم يكن هناك ما يخالف النظام العام والقواعد القانونية الآمرة. وعلى ضوء هذا المبدأ العام لمفهوم بيع النائب لنفسه فإنه لا بد من إيضاحه من الناحية العملية من خلال المعطى التالي: أي لا يجوز للنائب عن البائع أن يبيع الشيء من نفسه أو من شخص آخر هو نائب عنه أيضاً، كما لا يجوز للنائب عن المشتري أن يبيع مال نفسه أو مال شخص هو نائب عنه أيضاً من المشتري الذي هو نائب عنه، ذلك أن النائب يتحكم بإرادته وحده في مصلحتين متعارضتين، والتعارض يبدو في حالة ما إذا كان النائب ينوب عن  المتبايعين معاً لم يحسب حسابه أحد من الأصليين.

إذاً حينما يتولى النائب طرفي العقد، نيابة عن أحد المتبايعين وأصالة عن نفسه، فلا تتيسر الحماية الواجبة لمصلحة الأصيل في مثل هذه الحالة، نتيجة تعارض مصلحته مع مصلحة الأصيل.

أولاًـ مفهوم بيع النائب لنفسه:

قد يكون شخص نائباً عن غيره "نيابة قانونية أو شرعية" في بيع شيء معين (كالولي والوصي على القاصر، والوكيل عن البائع، والقيم على ناقص الأهلية أو فاقدها… إلى آخره)، ويرغب ذلك النائب في أن يشتري الشيء (المال) الذي نيط به بيعه لنفسه، فما حكم هذا البيع في حال الوقوع؟ بمعنى آخر وبمثال تقليدي إذا أراد الوكيل الذي نيط به بيع مال موكله الأصيل أن يشتري المال الموكل ببيعه لنفسه، فما هو حكم هذا البيع من الناحية القانونية؟

قبل الإجابة عن هذا التساؤل، وإيضاحاً لجوهر الموضوع لابد من إبداء بعض التطبيقات العملية بهذا المعنى:

تؤكد القواعد القانونية عدم جواز تصرف الأب أو الجد في عقار الصغير ـ مثلاًـ لنفسه.

عدم جواز تصرف الوصي والقيم والوكيل عن النائب في مال المحجور لنفسه.

ليس للوكلاء أن يشتروا لأنفسهم الأموال الموكلين هم ببيعها.

ليس لمديري الشركات ومن في حكمهم أن يشتروا الأموال المكلفين هم ببيعها.

ليس للموظفين ومن في حكمهم أن يشتروا الأموال التي أنيط بيعها على يدهم.

ليس لوكيل التفليسة أن يشتري لنفسه الأموال التي أوكل إليه إدارتها.

ليس لمصفّي التركة أن يشتري الأموال لنفسه التي أنيط به تصفيتها.

ليس لمصفي الشركة أن يشتري مال الشركة موضوع التصفية.

ليس للنائب القانوني عن المدين المعسر أن يشتري أمواله (أموال المدين نفسه).

10ـ لا يجوز للقاضي أن يبيع ماله للمحجور عليه، ولا أن يشتري مال المحجور عليه لنفسه.

من المؤكد أن التشريعات وكذلك النصوص في التقنين المدني ـ بوجه عامـ كانت قد منعت مثل هذه البيوع في حال الوقوع تأسيساً على قاعدة رئيسة مفادها: أنه لا يجوز لمن يقوم مقام غيره أن يشتري الشيء المنوط به بيعه. وهذه القاعدة الأساسية تضع المعيار القانوني العام لحكم بيع النائب لنفسه، وعليه فقد أوضح الشراح هذا المعنى الحقوقي بشيء من الدقة.

ثانياًـ حكم بيع النائب لنفسه:

بحث المشرع السوري في مواد القانون المدني الأحكام القانونية لموضوع بيع النائب لنفسه وتناول هذه المسألة في المواد (447ـ449)، وتناول المشرع المصري هذا الموضوع في المواد (479ـ481) من التقنين المدني المصري وبحثه أيضاً المشرع المدني الليبي في المواد (468ـ 470)، وفي التقنين المدني العراقي تناول المشرع العراقي أحكام هذا البيع في المواد (588 ـ592)، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني بحثه المشرع في المواد (378 ـ379ـ381).

وعلى ضوء هذه النصوص القانونية فإنه من الواضح أن النائب مؤتمن على مصلحة المنوب عنه "الأصيل"، وهذه الصفة توجب عليه أن يبذل وسعه في البيع بأكبر ثمن ممكن لمصلحة الأصيل المنوب عنه، فإذا أراد أن يشتري ما أنيط به بيعه فمصلحته الشخصية تدفعه إلى الشراء بأقل ثمن ممكن؛ فهي متعارضة مع مصلحة الأصيل المنوب عنه المنوط به رعايتها، فشراؤه لنفسه الشيء الذي ينوب عن صاحبه في بيعه لا يخلو من شبهة في أداء مهمته التي اؤتمن عليها فهي مدعاة للريبة وسوء الظن.

لذلك رأت التشريعات عموماً والمشرع السوري خصوصاً أن تبعد هذه البيوع عن التهمة والريبة تحقيقاً للطمأنينة على مصلحة المنوب عنه، فجاءت المادة (447) مدني سوري تمنع كل نائب عن غيره في بيع شيء من أن يشتري لنفسه مباشرة أو تحت اسم مستعار ذلك الشيء الذي أنيط به بيعه ولو كان شراؤه بالمزاد العلني.

1ـ المبدأ العام منع بيع النائب لنفسه:

عمم المشرع السوري في المواد (447 حتى 449) حكم منع بيع النائب لنفسه مبدأً عاماً، وكذلك في التشريعات العربية الأخرى تناولت التشريعات المدنية ذلك المنع بنصوص قانونية صريحة حيث منعت بيع النائب لنفسه، وأتى المشرع السوري بنصوص واضحة في هذا الخصوص، فمنع كل نائب من البيع لنفسه سواء أكانت نيابته شرعية مستندة إلى نص تشريعي كنيابة الأولياء عن من تحت ولايتهم من القاصرين؛ أم كانت إدارية كنيابة الموظف الحكومي العام؛ أم كانت قضائية مستندها قرار القاضي كنيابة الوصي المنصوب على القاصرين ونيابة المصفي لشركة أو تركة أو نيابة الحارس القضائي؛ أم كانت النيابة عقدية مستندة إلى عقد كنيابة وكيل البيع عن موكله، ففي جميع هذه الحالات فكل نائب في بيع مهما كان نوع نيابته ومستندها لا يجوز له أن يشتري لنفسه الشيء الذي أنيط به بيعه عن غيره، ومبرر ذلك المنع هو أن القانون قضى بهذا المنع خشية من أن يغلّب النائب مصلحته على مصلحة الأصيل عندما تتعارض هذه المصلحة مع واجباته تجاهه.

وبصورة عامة: فإن الجزاء الذي رتبه المشرع في حال وقوع هذا البيع هو عدم نفاذ التصرف بحق الأصيل، وذلك بسبب وجود شبهة استغلال الصفة أي صفة النيابة أو التكليف. وينفذ هذا البيع بحق الأصيل إذا ما أجازه، وهذا ما عناه المشرع في المادة (109) من القانون المدني السوري بقولها: "لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء كان التعاقد لحسابه هو أم لحساب شخص آخر دون ترخيص من الأصيل على أنه يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يجيز التعاقد كل هذا مع مراعاة ما يخالفه مما يقضي به القانون أو قواعد التجارة".

ونتيجة لما سبق وقاعدة عامة يمكن القول: كل نائب في بيع مهما كان نوع نيابته ومستندها لا يجوز له أن يشتري الشيء الذي أنيط به بيعه نيابة عن غيره.

2ـ الحكم الخاص بالسماسرة والدلالين والخبراء:

لم يكتف القانون بمنع النائب في البيع أن يشتري لنفسه بل جاءت المادة (488) مدني سوري تتناول بهذا المنع السماسرة والدلالين والخبراء الذين يعهد إليهم بتقدير قيمة شيء يراد بيعه؛ إذ لا يجوز للسمسار إذا عهد إليه شخص في بيع مال له أن يشتري هذا المال لنفسه، فهؤلاء (السماسرة والدلالين و الخبراء) وإن لم تكن لهم صفة النيابة بالبيع؛ ليس لهم أن يشتروا لأنفسهم مباشرة أو تحت اسم مستعار الأشياء التي كلفوا التوسط في بيعها أو تقدير قيمتها؛ لأن شراءهم لها يثير الشبهة في أمانتهم عند القيام بمهمتهم.

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى إيضاح هذا المفهوم بالقول: وكذلك لا يجوز للسمسار إذا عهد إليه شخص ببيع مال له أن يشتري هذا المال لنفسه. وفي هذا المسار ذهب القضاء المصري إلى الحكم بأنه: إذا عهد شخص إلى شخص آخر بأن يبيع له كمية من القطن فإنه لا يجوز لمن عهد إليه البيع أن يشتري القطن لنفسه، والسمسار إما أن يكون عنده توكيل بالبيع فيصبح والحالة هذه وكيلاً ويمنع ككل وكيل من شراء ما وكل في بيعه، وإما لا يكون عنده توكيل فعند ذلك لا يكفي رضاؤه بشراء الشيء لنفسه بل يجب قبول المالك؛ وفي هذا إذن يجعل الشراء جائزاً. ومثل السمسار الخبير الذي يعهد إليه بتقويم الشيء فلا يجوز له أن يشتري ذلك الشيء لنفسه وسبب ذلك تعارض المصلحة؛ إذ إن ذلك قد يحمله على أن يشتري الشيء بثمن بخس، أو أن ذلك قد يحمله على أن يبخس في تقويم الشيء حتى ينتفع هو من بخس الثمن.

والخبير كالسمسار إما أن يكون عنده توكيل فيكون حكمه حكم الوكيل لا يجوز له الشراء لنفسه، وإما لا يكون عنده توكيل فلا بد والحالة هذه من قبول المالك. والسمسار والخبير ممنوعان من شراء المال ولو بيع في المزاد العلني سواء أكان الشراء باسمهما أم باسم مستعار.

أما طبيعة ذلك المنع من الشراء فإنه لا يكون بسبب نقص الأهلية، فنقص الأهلية شيء و المنع من الشراء شيء آخر، والمنع يقوم بسبب تعارض المصلحة كما سبق البحث في هذه النقطة.

إذن: إن الرأي السائد في تحريم بيع النائب لنفسه إنما يقوم على قرينة قانونية هي: أن الأصيل عندما أناب النائب في بيع ماله لم يدخل في هذه الإنابة أن يكون المناب هو المشتري سواء لنفسه أم بالنيابة عن غيره؛ وإلا لكان قد باع له مباشرة من دون حاجة إلى إنابته في البيع، فإذا باع النائب المال لنفسه ـ سواء باعتباره أصيلاً في الشراء أم باعتباره نائباً عن غيره فيه ـ يكون قد جاوز حدود نيابته، فلا ينفذ تصرفه في حق الأصيل إلا إذا أجازه هذا، ويترتب على هذا التكليف النتائج التالية:

أ ـ أن الأصيل إذا أدخل في حسابه جواز أن يشتري النائب المال لنفسه فأذن له في ذلـك الشراء جاز شراؤه، ويكون التصرف قد دخل في حدود النيابة.

ب ـ إذا لم يأذن الأصيل مقدماً فله أن يجيز الشراء بعد تمامه؛ إذ الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة.

ج ـ إذا كانت النيابة قانونية أو قضائية كنيابة الولي أو الوصي أو القيم فالقانون هو الذي يتولى بنفسه رسم حدود النيابة

3ـ الاستثناء: حالات جواز بيع النائب لنفسه:

تستثنى من المبدأ العام القائل بمنع تعاقد النائب مع نفسه الحالات الآتية:

أ ـ إذا أذن الأصيل للنائب أن يتعاقد مع نفسه، أو أجاز ذلك بعد وقوع التعاقد.

ب ـ إذا كان القانون يجيز ذلك، كما في تعاقد النائب في البيع مع نفسه، فقد أجازت المادة (447) من القانون المدني ذلك؛ شريطة أن يتم بإذن القضاء.

ج ـ وجود عرف تجاري يسمح بذلك، كما في الوكالة بالعمولة، وسمسار الأوراق التجارية، وذلك لأن في حرص هؤلاء على ثقة عملائهم ضمان كاف لإقرار أعمالهم.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أديب استنبولي، شفيق طعمة، التقنين المدني السوري، الجزء الرابع، الطبعة الثانية (المكتبة القانونية).

ـ شفيق الجراح، القانون المدني (العقود المسماة) عقد البيع (المطبعة التعاونية، 1984ـ 1985).

ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الرابع (دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان).

ـ مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري، العقود المسماة، عقد البيع والمقايضة، الطبعة السادسة (مطابع فتى العرب، دمشق 1965).


التصنيف : القانون الخاص
النوع : القانون الخاص
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 433
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 530
الكل : 31297252
اليوم : 45440