logo

logo

logo

logo

logo

بيع ملك الغير

بيع ملك غير

sale of the property of others - vente des biens d'autrui

 عقد البيع

عقد البيع

بيع ملك الغير

ماجد الحجار

شروط بيع ملك الغير

آثار بيع ملك الغير

 

تناول القانون المدني هذا البيع في المواد (434، 435، 436) وقضت المادة (434) مدني سوري بما يلي:

إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه؛ جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع.

وفي كل حال لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة".

والمفروض في مسألة بيع ملك الغير أن البيع واقع من البائع من دون إذن المالك؛ إذ لو كان مأذوناً لكان وكيلاً، وإن عقد الوكيل ضمن حدود وكالته وتفويضه نافذ على الموكل كما لو باشره بنفسه.

أولاًـ شروط بيع ملك الغير:

1ـ ألا يكون البائع مالكاً المبيع بتاريخ التعاقد:

وذلك كأن يظن البائع نفسه وارثاً المبيع عن مالكه المتوفى؛ في حين يكون هناك وارث فعلي يحجبه، ولا يعتد بكون ملكية البائع معلقة على شرط، إنما يعلق البيع في هذه الحالة على الشرط نفسه فيزول بزواله، ويقتضي في هذه الحالة تطبيق قواعد ضمان الاستحقاق ما لم يبرم المشتري عقداً احتمالياً فيتحمل تبعة تحقق الشرط.

أما إذا انتفت ملكية البائع على جزء من المبيع فقط، كأن يكون مالكاً على الشيوع ويبيع كامل المال الشائع بما فيه حصة الشريك على الشيوع فيجب والحالة هذه تحليل إرادة المشتري، فإذا لم يكن ليشتري المبيع لو كان عالماً بانتفاء ملكية البائع على جزء منه؛ جاز له طلب الإبطال وإلا تحول حقه إلى طلب التعويض أسوة بأحكام استحقاق المبيع جزئياً، ولا يعتد بعلم البائع أو جهله انتفاء حقه على المبيع، ومؤيد كلتا الحالتين الإبطال. وإن إجازة المالك البيع أو تملك البائع المبيع قبل إدعاء المشتري بالإبطال يحول دون إدعائه به.

2ـ أن يؤدي البيع إلى نقل الملكية فوراً:

وذلك كما في بيع الأشياء المعينة بذاتها إذا لم يكن ثمة اتفاق أو نص مخالف، أما في حال الاتفاق أو النص من دون نقل الملكية الفوري، وعلق انتقال الملكية على أجل معين أو على القيام بعمل معين كالفرز أو التسجيل؛ فلا مجال لإبطال البيع لانتفاء ملكية البائع عند التعاقد، ويبقى للمشتري في هذه الحالة إما طلب الإبطال لانتفاء ملكية البائع للمبيع بالتاريخ المحدد لانتقال الملكية وإما الفسخ لعدم وفاء البائع بالتزامه، وعليه فإن انتفاء ملكية البائع للمبيع بتاريخ التعاقد لا يؤدي إلى الإبطال في الحالات التالية:

آ ـ بيع المثليات التي لا يمتلكها المشتري إلا بالفرز.

ب ـ البيع المؤجل فيه انتقال الملكية إلى موعد لاحق، أو المعلق على القيام بعمل معين كالتسجيل في سجل خاص كما في بيع العقارات أو السيارات أو التسليم مثلاً وإن كان المبيع شيئاً معيناً بذاته.

أما تأجيل الوفاء بالثمن فلا يحول دون الإبطال إذا لم يكن نقل الملكية مؤجلاً.

ج ـ العقد الذي يلتزم فيه البائع بشراء شيء لنقل ملكيته إلى المشتري؛ إذ لا يعدّ بيعاً بالمعنى الصحيح؛ بل عقد قائم بذاته يلقي على عاتق البائع التزاماً بعمل لا التزاماً بنقل حق، فإذا لم يقم بتنفيذ التزامه كان عقده عرضة للفسخ.

3ـ ألا يتملك المشتري المبيع نتيجة العقد:

فإذا سلّم البائع المبيع إلى المشتري الذي كسب ملكيته بالاستناد إلى ذلك السبب الصحيح بالحيازة أو التقادم؛ فلا يقبل من المشتري الادعاء بالإبطال لانتفاء مصلحته في ذلك الادعاء، على أن الأمر يختلف إذا تملك المشتري المبيع بسبب آخر مستقل عن العقد كالإرث أو الوصية أو الشراء من المالك الحقيقي ـ مثلاًـ فلا يحول دون ذلك إدعائه بإبطاله؛ إذ إنه تملك العقارـ مثلاًـ بوصفه خلفاً عاماً أو خاصاً للمالك الأصلي فلا يفقد حقوقه حيال بائع ملك سلفه.

ثانياًـ آثار بيع ملك الغير:

عالج القانون المدني السوري أحكام بيع ملك الغير وآثار هذا البيع في المواد (434 ، 436). وقد حدد القانون في هذه المواد الثلاث نتائج هذا العقد وآثاره فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى المالك الحقيقي:

1ـ بين المتعاقدين:

المشتري وحده هو الذي يجوز له طلب إبطال البيع باعتبار أن بيع ملك الغير قابل للإبطال لمصلحة المشتري، فالمشتري وحده هو الذي يجوز له طلب إبطال البيع، وله أن يتمسك بطلب الإبطال، إما في صورة دعوى إبطال يرفعها على البائع ليسترد منه الثمن أو ليستبق ضمان الاستحقاق، وإما في صورة دفع يدفع به دعوى البائع إذا طالبه هذا الأخير بالثمن، وعليه قرر القانون في هذه الناحية للمشتري حقين اثنين على البائع وهما:

1ـ إبطال العقد.

2ـ طلب التعويض عن ضرورة هذا الإبطال.

 أ ـ طلب إبطال العقد:

أعطى القانون الحق للمشتري في طلب إبطال العقد (وهذا الحق معطى للمشتري فقط) من دون البائع والمالك ومن دون أن يشترط لهذا الإبطال حسن نية المشتري؛ أي جهله عدم ملكية البائع (المادة 434 مدني سوري)، فدل بذلك على أن قابلية الإبطال هنا يقررها القانون حكماً خاصاً أنشأه النص في هذا الموضوع من فصل البيع لمصلحة قدرها المشرِّع وليس بناءً على سبب الغلط من عيوب الرضا المقرر في القواعد العامة، ولكن القانون قد حكم بانبرام البيع في حق المشتري وامتناع إبطاله في حالتين:

> إذا أجاز المالك البيع الواقع.

> أو إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد العقد، كما لو اشترى البائع المبيع من المالك أو مات هذا فورثه البائع.

ففي هاتين الحالتين يسقط حق الإبطال ويلتزم المشتري نهائياً بالمبيع لأنه قد اشتراه بمحض إرادته، وهو إنما أعطي حق الإبطال لأنه عرضة لدعوى الاستحقاق من المالك ومهدد بانتزاع المبيع من يده، وقد زال هذا التهديد في هاتين الحالتين:

(1)ـ فإجازة المالك للعقد تجعله ساري الحكم في حقه و يتحقق به انتقال الملكية إلى المشتري انطلاقاً من القاعدة الكلية (إذا زال المانع عاد الممنوع) وهذه قاعدة مقبولة في النظريات القانونية.

(2)ـ وفي حال أيلولة ملكية المبيع إلى البائع حكم المشرع هنا بانبرام العقد في حق المشتري، ففي كلتا الحالتين تصبح ملكية المشتري فيما اشتراه مستقرة مطمئنة فيزول حق الإبطال الممنوح له بهذا السبب ولم يعد يجوز الإبطال إلا بسبب آخر إن وجد.

والمبدأ العام: إذا كان الإبطال حقاً مشروع الطلب لجانب المشتري وحده ولمصلحته فقط؛ فهل لإجازته البيع وإعلان رضاه به تأثير في حقه؟

لم يبحث القانون السوري صراحة هذه الناحية ولم يتعرض لها، ولكن القواعد العامة تقتضي أنه إذا أجاز هذا البيع بعد علمه أن المبيع ملك الغير؛ يسقط حقه في طلب الإبطال ويبقى للمالك فقط حق الاسترداد؛ ذلك لأن الحق الخاص يسقط بإسقاط صاحبه الكامل الأهلية، وإن الإبطال هنا مشروع لحماية المشتري ولمصلحته الخاصة فيسقط بإجازته للعقد.

ب ـ في طلب التعويض:

إذا طلب المشتري إبطال بيع الشيء المعين الذي تبين أنه مملوك لغير بائعه وقضى له به؛ فقد أعطى القانون له حقاً خاصاً حيال البائع، وهو التعويض المناسب عن ضرر قد لحق به من إبطال البيع؛ وذلك لأن الإبطال وإن كان مبنياً على طلب المشتري نفسه وهو مستند إلى خطأ البائع و تقصيره، والمشتري يعدّ مضطراً إلى طلب الإبطال في هذه الحال، غير أن حق المشتري في التعويض عن إبطال البيع ليس مطلقاً كحقه في الإبطال نفسه الثابت له قانوناً وسواء أكان حسن النية أم سيئها، أما حقه في التعويض فمشروط بحسن النية، فإذا كان المشتري عالماً حين الشراء أن المبيع ليس ملكاً للبائع لم يكن له والحالة هذه أن يطلب تعويضاً في حال الإبطال؛ لأنه هو المتسبب لنفسه في الضرر عن علم وطمع , أما سوء نية البائع فليس شرطاً لاستحقاق المشتري عليه تعويضاً؛ بل هو المسؤول عن التعويض على المشتري عند الإبطال ولو كان البائع معتقداً عند البيع إنه هو المالك، كما لو تلقى المبيع إرثاً عن مورثه ثم باعه ثم تبين أنه كان وديعة عند المورث؛ ذلك لأن التعويض في هذه الحال مستند إلى المسؤولية التقصيرية بناءً على قاعدة (الخطأ عند تكوين العقد) وليس مستند التعويض المسؤوليةَ العقدية؛ لأن البيع عند إبطاله أصبح كأنه لم يكن فلم يبق أساساً صالحاً لمسؤولية عقدية.

وإن المسؤولية التقصيرية بمقتضى القواعد العامة توجب التعويض ولو كان المخطئ حسن النية. ويلاحظ هنا أن مسؤولية البائع في التعويض عند إبطال البيع إذا كان حسن النية هي محل خلاف بين علماء القانون، ولكن المشرع اختار إثباتها في المادة (436) مدني وفقاً للمبادئ العامة للالتزامات. بمعنى أن سوء النية مفترضة وعلى الشاري إثبات حسن النية.

2ـ بالنسبة إلى المالك الأصلي:

إذا لم يقر المالك الأصلي البيع، وسواء أجاز المشتري البيع أم لم يجزه؛ فإن المالك الأصلي أجنبي عن هذا البيع فلا يسري في حقه، ومن ثم يبقى المالك الأصلي مالكاً للمبيع إذا لم يقر البيع. وانطلاقاٌ من هذا المبدأ قرر القانون أن بيع الشيء الواقع من غير مالكه من دون إذنه لا يسري حكمه على ذلك الغير؛ أي لا ينفذ عليه (المادة 434 مدني سوري)، فقد اشترط القانون صراحة أن يكون الشيء المبيع معيناً بالذات لأن هذه شريطة أساسية لإبطال هذا البيع.

وقد حمى المشرع المالك بعدم سريان حكم هذا البيع في حقه، ومعنى ذلك أن ملكية المالك في ملكه الذي بيع من دون إذنه تبقى ثابتة له لا ينقلها ذلك العقد، وإنما يكون للعقد آثاره بين عاقديه، وهذا تخريج على القواعد العامة التي تقتضي بأنه "لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً" (المادة 153 من القانون المدني).

وعلى هذا فإنه يجوز للمالك أن يقيم دعوى استحقاق صيانة لحقه ويطلب استرداد المبيع ما لم يمنع ذلك مانع قانوني.

وليس للمالك هنا طلب إبطال البيع لأن هذا الحق بطبيعته لم يقرر له لأنه ليس طرفاً في العقد، فاسترداد المالك للبيع شيء وإبطال البيع الواقع بين شخصين شيء آخر.

فقد يؤخذ المبيع من يد مشتريه بحق، ويبقى البيع قائماً بين المتعاقدين، والبائع مسؤول عن تنفيذه، فإذا استحال التنفيذ العيني يمكن التنفيذ بطريق التعويض وفقاً للقواعد العامة في الالتزامات.

والمانع القانوني الذي يمنع المالك من استرداد المبيع أحد أمرين: إما التقادم العادي إذا كان المشتري سيئ النية وإما تطبيق القاعدة العامة في حيازة المنقول سند الحائز أي حيازة المنقول بحسن نية سند الملكية، وقد أقر المشرع السوري حكم هذه القاعدة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أديب استنبولي، شفيق طعمة، التقنين المدني السوري، الجزء الرابع، الطبعة الثانية (المكتبة القانونية).

ـ جاك يوسف الحكيم، العقود الشائعة أو المسماة ـ عقد البيع، الطبعة الثانية (مطبعة محمد نهاد هاشم الكتبي، دمشق 1973).

ـ شفيق الجراح، القانون المدني (العقود المسماة) عقد البيع (المطبعة التعاونية، 1984ـ 1985).

ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الرابع (دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان).

ـ مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري ـ العقود المسماة ـ عقد البيع والمقايضة، الطبعة السادسة (مطابع فتى العرب، دمشق 1965).


التصنيف : القانون الخاص
النوع : القانون الخاص
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 430
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 544
الكل : 29573033
اليوم : 27949