logo

logo

logo

logo

logo

الضابطة العدلية

ضابطه عدليه

judiciary police - police judiciaire

 الضابطة العدلية

الضابطة العدلية

محمود جلال

أعضاء الضابطة العدلية

وظائف الضابطة العدلية

 

الضابطة العدلية Police judiciaire هي سلطة أو اختصاص منحه المشرع لفئة معينة من الموظفين بهدف مساعدة النيابة العامة على أعمال البحث الأولي أو الاستدلال توصلاً لاقتضاء حق المجتمع في عقاب الخارجين على نظامه.

وقد أخذت أغلب النظم الإجرائية المعاصرة بنظام الضابطة العدلية ولكن بتسميات متعددة ذات مدلول واحد ومعنى متماثل، مثل الضبطية أو الضبط أو "البوليس" أو الشرطة أو الأمن أو الدرك أو الضبط القضائي (في مصر) أو الشرطة القضائية (في التشريع الإيطالي).

ويميز الفقه عادة بين الضابطة العدلية والضابطة الإدارية. أما الضابطة الإدارية فهي تلك التي تمارس أعمال الضبط وحفظ الأمن العام قبل وقوع الجريمة بهدف منعها، فهي ضابطة وقائية مهمتها العمل على احترام قواعد القانون وتوطيد الأمن والنظام والسهر على السلامة العامة ومراقبة نشاط الأفراد والجماعات الذين يكونون خطراً على النظام العام، وهي الأعمال التي تدخل في صميم اختصاص قوى الأمن الداخلي من الشرطة وغيرها.

أما الضابطة العدلية فهي تلك التي تمارس صلاحياتها بعد وقوع الجريمة حيث تقوم بأعمال البحث عن هذه الجرائم ومرتكبيها وجمع المعلومات عنها والتحري عن أدلة إسنادها؛ أي إن وظيفة الضابطة العدلية أو القضائية ليست وقائية مانعة وإنما هي عقابية قامعة، فهي لا تمنع الجرائم قبل وقوعها وإنما تقمعها بعد وقوعها، لذلك فإن مهامها لا تبدأ إلا حيث تنتهي مهام الضابطة الإدارية.

 ومع هذه السهولة النظرية في التفرقة بين أعمال الضابطة الإدارية والعدلية فإن التمييز بينهما في العمل ليس بهذه البساطة ولاسيما أن كثيراً من القائمين بهمة الضابطة الإدارية يقومون إلى جانبها بمهمة الضابطة العدلية، فشرطي المرور الذي ينظم حركة السير وهذه إحدى مهام الضابطة الإدارية هو نفسه الذي يتولى تنظيم الضبط اللازم وإحالة المخالف لأحكام قانون السير إلى القضاء وهذه من مهام الضابطة العدلية.

ولعل أهمية التمييز بين الضابطة العدلية والضابطة الإدارية يكمن في القوة الثبوتية لضبوط الضابطة العدلية المستمدة من المادة (178) من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تنص على أنه: "يعمل بالضبط الذي ينظمه ضباط الضابطة العدلية ومساعدو النائب العام في الجنح والمخالفات المكلفون باستثباتها حتى يثبت العكس". أما الضبوط الأخرى فلا قيمة لها إلا بوصفها معلومات عادية (المادة 180 من قانون أصول المحاكمات الجزائية). وفيما يلي تحديد أعضاء الضابطة العدلية ثم وظائفها:

أولاً ـ أعضاء الضابطة العدلية:

1ـ أعضاء الضابطة العدلية ذوو الاختصاص العام: وهم الذين يتمتعون بصفة الضبطية العدلية ويمارسون اختصاصاتها في جميع الجرائم، ويقسمون من حيث الصفة والتمثيل إلى طائفتين:

ـ الأعضاء الأصليون: وهم الذين حددتهم المادة السابعة من قانون الأصول الجزائية التي نصت: "يقوم بوظائف الضابطة العدلية النائب العام ووكلاؤه ومعاونوه وقضاة التحقيق، ويقوم بها أيضاً قضاة الصلح في المراكز التي لا يوجد فيها نيابة عامة".

ـ الأعضاء المساعدون: وهم الذين حددتهم المادة الثامنة من قانون الأصول الجزائية التي نصت: "يساعد النائبَ العام في إجراء وظائف الضابطة العدلية: المحافظون ـ مدراء المناطق ـ مدراء النواحي ـ قائدة الشرطة ـ ضباط الشرطة ـ رؤساء مخافر الشرطة ـ مختارو القرى وأعضاء مجالسهاـ رؤساء المراكب البحرية والجويةـ جميع الموظفين الذين خولوا صلاحيات الضابطة العدلية بموجب قوانين خاصة"، والمادة التاسعة التي تنصّ: "لنواطير القرى العموميين والخصوصيين وموظفي مراقبة الشركات والصحة والحراج الحق في ضبط المخالفات وفقاً للقوانين والأنظمة المنوط بهم تطبيقها، ويودعون رأس المرجع القضائي المختص المحاضر المنظمة بهذه المخالفات".

ويشار إلى أن بعض أعضاء الضابطة العدلية ذوي الاختصاص العام الأصليين منهم والمساعدين يتمتعون بصفة الضابطة العدلية ويمارسون مهامها في جميع أنحاء القطر كالنائب العام وقائد قوى الأمن الداخلي ورئيسي شعبة الأمن السياسي والأمن الجنائي، وبعضهم الآخر يتمتعون بصفة الضابطة العدلية ويمارسون مهامها ضمن حدود الأماكن والدوائر التي يمارسون فيها وظائفهم التي تتحدد بالاستناد إلى مكان وقوع الجريمة أو مكان إقامة فاعلها أو مكان إلقاء القبض عليه.

يبدو أن خطة المشرع السوري في تقسيم الضابطة العدلية على النحو المتقدم متبعة في أكثر التشريعات العربية كالتشريع اللبناني في المادتين (38 و39) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد الصادر عام 2001، والتشريع المصري في المادة (23) من قانون الإجراءات المعدلة بالقانون رقم 7 لعام 1963، ونظام الإجراءات الجزائية في المملكة العربية السعودية في المادة (26).

2ـ أعضاء الضابطة العدلية ذوو الاختصاص الخاص: وهم الذين يتمتعون بصفة الضابطة العدلية ويمارسون مهامها في نطاق معين من الجرائم كرجال الضابطة الجمركية بالنسبة لجرائم التهريب، وموظفي مؤسسات الكهرباء العاملين في شعبة مكافحة السرقات التي تقع على الطاقة الكهربائية، وموظفي التموين بالنسبة لجرائم التسعير والاحتكار، وموظفي الصحة بالنسبة لجرائم الغش في الأغذية، وموظفي مؤسسة الإسكان بالنسبة لجرائم الاعتداء على المقالع الحجرية، وموظفي الآثار بالنسبة للجرائم الواقعة على الآثار…إلخ. وهؤلاء الأعضاء ليس لهم صفة الضابطة العدلية خارج نطاق الجرائم الداخلة في حدود اختصاصهم وبالتالي لا قيمة للضبوط التي ينظمونها خارج نطاق الجرائم الداخلة في اختصاصهم إلا بوصفها ضبوطاً عادية، وذلك بخلاف الضبوط التي ينظمها أعضاء الضابطة العدلية ذوو الاختصاص العام والتي تتمتع بقوة ثبوتية في كل الجرائم تتمثل بأنه يعمل بها في قضايا الجنح والمخالفات حتى ثبوت عكسها، بشرط تمتع منظمي هذه الضبوط بالشروط اللازمة وهي الصفة والاختصاص وحلف اليمين وارتداء اللباس الرسمي ما لم تكن طبيعة العمل تتطلب عدم ارتداء اللباس الرسمي.

ثانياً ـ وظائف الضابطة العدلية:

للضابطة العدلية وظائف عدة أجملتها المادة السادسة من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي جاء فيها: "موظفو الضابطة العدلية مكلفون باستقصاء الجرائم وجمع أدلتها والقبض على فاعليها وإحالتهم على المحاكم الموكول إليها أمر معاقبتهم". وينبغي هنا التمييز بين وظائف الضابطة العدلية في الظروف العادية، ووظائفها في الظروف الاستثنائية:

1ـ ففي الظروف العادية: تقتصر وظائف الضابطة العدلية على:

أ ـ استقصاء الجرائم واستثباتها: أي أعمال التحري والتنقيب التي تهدف إلى الكشف عن الجرائم وفاعليها وظروفها. ويتم ذلك إما عفوياً من قبل الضابطة العدلية في أثناء قيامها بأعمال الدوريات المعتادة، وإما بناء على إخبار الفريق المتضرر أو شكواه.

ب ـ جمع الأدلة: وذلك بهدف إثبات وقوع الجريمة وإسنادها إلى فاعلها، وهذا ما قد يتطلب الانتقال إلى مسرح الجريمة لمعاينته وضبط الأدلة والمحافظة عليها وحمايتها باتخاذ الوسائل الكفيلة بذلك.

ج ـ تنظيم الضبوط: فقد أوجب القانون على موظفي الضابطة العدلية تنظيم ضبوط ومحاضر بالأعمال التي يقومون بها والإجراءات التي يتخذونها، وأساس هذا الواجب هو مبدأ التدوين الذي يعد أحد الأسس التي يقوم عليها قانون الأصول الجزائية لما يوفره من ضمانات دستورية تحمي الحقوق والحريات التي أوجب المشرع احترامها ومراعاتها والنص عليها صراحة في الضبط على أنها روعيت بدقة تحت طائلة بطلان الإجراء، والقاعدة الفقهية المتبعة بهذا الصدد تنصّ على أن كل ما لم يدون لم يتخذ؛ أي إن الدليل الوحيد على إثبات مراعاة واحترام القيود والضوابط التي تحمي الحقوق والحريات هو تدوين تلك الإجراءات التي تثبت ذلك. فإذا كان القانون يوجب على قاضي التحقيق تنبيه المتهم بأن من حقه عدم الإجابة إلا بحضور محامٍ فإن خلو الضبط من إشارة صحيحة تثبت القيام بهذا الواجب تجعل من التحقيق باطلاً حتى لو كان القاضي قد نبه المتهم فعلاً إلى ذلك الحق ما دام أنه لم يدون في الضبط القيام بذلك.

د ـ تلقي الإخبارات والشكاوي: فالإخبار عن الجرائم واجب اجتماعي على كل فرد في المجتمع وخاصة إذا كان الإخبار متعلقاً بجناية من جنايات أمن الدولة (المادة 388 من قانون العقوبات والمواد 26ـ424 من قانون أصول المحاكمات الجزائية)، وإذا كان الإبلاغ واجباً قانونياً على الأفراد القيام به فإنه ـ من باب أولىـ واجب قانوني على الضابطة العدلية. لذلك أوجب القانون على أعضاء الضابطة العدلية تلقي الإخبارات والشكاوى التي تصل إليهم وإبلاغ النيابة العامة بها واتخاذ ما يلزم بصددها وذلك تحت طائلة المسئولية ومهما كان نوع الجريمة (المادة 389 من قانون العقوبات والمادتان 21 و22 من قانون أصول المحاكمات الجزائية).

2ـ في الظروف الاستثنائية (حالة الجرم المشهود): هنا تتوسع سلطات الضابطة العدلية لتشمل إضافة إلى ما تقدم القبض على الفاعل وتفتيش المسكن في حالة الجناية المشهودة، وممارسة بعض الاختصاصات التي هي من اختصاص قاضي التحقيق أصلاً.

ويبدو أن وظائف الضابطة العدلية على النحو المتقدم في التشريع السوري مشابهة على نحو كبير جداً لوظائفها في التشريعات العربية. ففي لبنان حددت المادة (47) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد وظائف الضابطة العدلية فنصت على أنه: "يتولى الضباط العدليون ـ بوصفهم مساعدين للنيابة العامة ـ المهام التي تكلفهم النيابة العامة بها استقصاء الجرائم غير المشهودة وجمع المعلومات عنها والقيام بالتحريات الرامية إلى كشف فاعليها والمساهمين في ارتكابها وجمع الأدلة عليهم بما يستلزم ذلك من ضبط المواد الجرمية وإجراء كشوفات حسية على أماكن وقوع الجرائم ودراسات علمية وتقنية على ما خلفته من آثار ومعالم، ومن سماع لإفادات الشهود دون تحليفهم اليمين ولأقوال المشكو منهم أو المشتبه فيهم ويقوم الضباط العدليون بالمهام المشار إليها آنفاً تحت إشراف النائب العام".

وفي مصر نصت المادة (24) من قانون الإجراءات الجنائية المصرية أنه "يجب على مأموري الضبط القضائي إذا علموا بوقوع جريمة ـ سواء عن طريق التبليغ أو الشكوى أو عن أي طريقة أخرى ـ أن يحصلوا على جميع الإيضاحات، ويجروا المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم، أو التي يعلنون بها بأية كيفية كانت".

وفي المملكة العربية السعودية نصت المادة (24) من نظام الإجراءات الجزائية السعودي على إجراء التحريات، فمن واجبات أعضاء الضبط الجنائي التحري عن الجرائم وكشفها والبحث عن مرتكبيها وضبطهم. ونصت المادة (27/28) من نظام الإجراءات الجزائية السعودي على جمع الاستدلالات، فمن أهم واجبات عضو الضبط الجنائي فور علمه بوقوع جريمة جمع الاستدلالات اللازمة لتسهيل التحقيق، ويجب على عضو الضبط الجنائي الحصول على الإيضاحات اللازمة سواء من المبلغ أم الشهود أم المشتبه في أمرهم.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية (دار النهضة العربية، ط3، القاهرة 1998).

ـ عبد الفتاح الصيفي ومحمد إبراهيم زيد، قانون الإجراءات الجنائية الإيطالي الجديد (دار النهضة العربية، القاهرة 1990).

ـ عوض محمد عوض، المبادئ العامة في قانون الإجراءات الجنائية (منشأة المعارف، الإسكندرية).

ـ رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري (دار الجيل للطباعة، ط 16، القاهرة 1985).

ـ أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية (دار النهضة العربية، ط7، القاهرة 1996).

ـ حسن جوخدار، أصول المحاكمات الجزائية، الجزء الثاني (جامعة دمشق، 1988).


التصنيف : القانون الجزائي
النوع : القانون الجزائي
المجلد: المجلد الرابع: الرضاع ــ الضمان المصرفي
رقم الصفحة ضمن المجلد : 390
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1079
الكل : 45633285
اليوم : 33968