logo

logo

logo

logo

logo

النظام الدستوري السوري

نظام دستوري سوري

Syrian constitutional regime - régime constitutionnel syrien

 النظام الدستوري السوري

النظام الدستوري السوري

سام دلة

الخصائص العامة للدستور الدائم لعام 1973

المبادئ الأساسية للدولة وللمجتمع

تنظيم السلطات العامة

 

في استفتاء شعبي بتاريخ 12 آذار/مارس 1971 تم انتخاب الفريق حافظ الأسد رئيساً للجمهورية، وبعد أدائه القسم الدستوري في 14 آذار 1971 وتسلمه مهام رئاسة الجمهورية كلف اللواء عبد الرحمن خليفاوي تشكيل الوزارة. وتم تنفيذاً للدستور المؤقت لعام 1971ـ الذي نص على قيام جبهة تضم القوى الوحدوية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي ـ التوقيع في 7 آذار 1972 على ميثاق الجبهة التي سميت "الجبهة الوطنية التقدمية"، وضم الميثاق القوى والأحزاب السياسية التالية:

  حزب البعث العربي الاشتراكي

  حزب الاتحاد الاشتراكي العربي

  الحزب الشيوعي السوري

  تنظيم الوحدويين الاشتراكي

  حركة الاشتراكيين العرب

 واستقالت حكومة خليفاوي في شهر تشرين الثاني/نو&https://www.arab-ency.com.sy/law/details/25934/7#1700;مبر 1972، وكلف محمود الأيوبي تشكيل الوزارة الجديدة التي ضمت مختلف القوى المشاركة في الجبهة الوطنية التقدمية.

وأقر مجلس الشعب في 20 شباط/فبراير 1973 مشروع الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية، وعرض على الاستفتاء الشعبي وتمت الموافقة عليه في 12 آذار 1973، وصدر عن رئيس الجمهورية بالمرسوم رقم /208/ تاريخ 13 آذار 1973.

أولاً ـ الخصائص العامة للدستور الدائم لعام 1973

يتألف الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية من مقدمة وأربعة أبواب و(156) مادة.

يتضمن الباب الأول (المواد 1ـ49) أربعة فصول: يبين الفصل الأول (المواد1ـ12) المبادئ السياسية، ويبين الفصل الثاني (المواد 13ـ20) المبادئ الاقتصادية، ويبين الفصل الثالث (المواد 21ـ24) المبادئ التعليمية والثقافية، ويبين الفصل الرابع (المواد 25ـ49) الحريات والحقوق والواجبات العامة.

ويتضمن الباب الثاني (المواد 50ـ 148) ثلاثة فصول: ينظم الفصل الأول (المواد 50ـ82) السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس الشعب، وينظم الفصل الثاني (المواد 83ـ130) السلطة التنفيذية المتمثلة برئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ومجالس الشعب المحلية، وينظم الفصل الثالث (المواد 131ـ148) السلطة القضائية المتمثلة بقضاة الحكم والنيابة العامة والمحكمة الدستورية العليا.

ويتضمن الباب الثالث (المادة 149) كيفية تعديل الدستور. ويتضمن الباب الرابع والأخير (المواد 150ـ 156) أحكاماً عامة وانتقالية.

أما المقدمة التي تعد بحكم المادة (150) جزءاً لا يتجزأ من الدستور، فتتناول نضال الأمة العربية ودورها العظيم في بناء الحضارة الإنسانية، وكفاح الشعب العربي لنيل الاستقلال.

وقد طرأ على الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية منذ دخوله حيز التنفيذ في 13 آذار 1973 ثلاثة تعديلات فقط.

التعديل الأول:

جرى التعديل الأول عام 1980، وتناول المادة (6) من الدستور المتعلقة بعلم الدولة وشعارها ونشيدها. فقد كان النص الأساسي لهذه المادة هو التالي: "علم الدولة وشعارها ونشيدها هو علم دولة اتحاد الجمهوريات العربية وشعارها ونشيدها". وأصبح نصها بعد التعديل كالآتي: "يبين القانون علم الدولة وشعارها ونشيدها والأحكام الخاصة بكل منها".

وكان هذا التعديل ضرورياً بعد اندثار اتحاد الجمهوريات العربية الذي نشأ في الأول من أيلول/سبتمبر 1971، وذلك نتيجة عدم تطبيق الدستور الاتحادي الذي أنشأه.

التعديل الثاني:

جرى التعديل الثاني عام 1991، وتناول الفقرة الثالثة من المادة (84) من الدستور المتعلقة بالفترة الواجب خلالها انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فقد كان النص الأساسي لهذه الفقرة هو التالي: "يتم انتخاب الرئيس الجديد قبل انتهاء ولاية القائم في مدة لا تقل عن ثلاثين يوماً ولا تزيد عن ستين يوماً". وأصبح نصها بعد التعديل كالآتي: "يتم انتخاب الرئيس الجديد قبل انتهاء ولاية القائم في مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد عن ستة أشهر".

التعديل الثالث:

جرى التعديل الثالث في حزيران/يونيو 2000 إثر وفاة الرئيس حافظ الأسد رحمه الله، وتناول الفقرة الأخيرة من المادة (83) من الدستور المتعلقة بالسن الواجب توافرها في المرشح لرئاسة الجمهورية. فقد كان النص الأساسي لهذه المادة هو التالي: "يشترط في من يرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون عربياً سورية متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية متماً الأربعين من العمر". وأصبح نصها بعد التعديل كالآتي: "يشترط في من يرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون عربياً سورياً متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية متماً الرابعة والثلاثين من العمر".

وتعدّ الطبيعة الجمهورية من أهم المميزات المتعلقة بطبيعة الحكم في سورية في ظل الدستور الدائم. وتوضح المادة الأولى ذلك، بتحديدها الاسم الرسمي للدولة بالجمهورية العربية السورية، والفقرة الأولى من المادة الثانية بنصها أن "نظام الحكم في القطر العربي السوري نظام جمهوري".

بالرجوع إلى مقدمة الدستور ومواده، وخصوصاً مواد الفصل الأول (1ـ12) من الباب الأول منه يمكن تحديد أهم مميزات النظام الجمهوري الذي جاء به هذا الدستور بالآتي:

نظام ديمقراطي:

تتجلى الطبيعة الديمقراطية لنظام الحكم الذي أقامه الدستور الدائم من خلال النص صراحةً على مبدأ الديمقراطية الشعبية، وعلى تلبية متطلبات الديمقراطية التمثيلية.

أ ـ الديمقراطية الشعبية:

جاء في مقدمة الدستور التي تُعدّ جزءاً لا يتجزأ منه أن إنجاز الدستور يأتي "تتويجاً لنضال شعبنا على طريق مبدأ الديمقراطية الشعبية". وتم التأكيد على ذلك في المادة الأولى من الدستور التي نصت: "الجمهورية العربية السورية دولة ديمقراطية شعبية…". وجاء في الفقرة الثانية من المادة الثانية على أن "السيادة للشعب ويمارسها على الوجه المبين في الدستور". ونصت كذلك المادة (10) على أن "مجالس الشعب مؤسسات منتخبة انتخاباً ديمقراطياً يمارس المواطنون من خلالها حقوقهم في إدارة الدولة وقيادة المجتمع".

ب ـ الديمقراطية التمثيلية:

تقوم الديمقراطية التمثيلية على أربعة أركان، هي: وجود هيئة نيابية منتخبة ذات سلطة فعلية، وتوقيت مدة العضوية في هذه الهيئة، وتمثيل النائب للأمة بكاملها، واستقلال الهيئة النيابية عن الناخبين. ونص الدستور الدائم على توافر هذه المقومات، فنصت المادة (50) منه على قيام مجلس الشعب ـ المنتخب أعضاؤه من الشعب مباشرةً ـ بممارسة السلطة التشريعية في الدولة. وحددت المادة (51) منه ولاية هذا المجلس بأربع سنوات لا يجوز تمديدها إلا في حالة الحرب. ونصت المادة (52) منه على أن "عضو مجلس الشعب يمثل الشعب بأكمله ولا يجوز تحديد وكالته بقيد أو شرط…". ولا يوجد أي نص في الدستور يشير إلى مسؤولية عضو مجلس الشعب أمام ناخبيه.

وعلى الرغم من أن الطابع العام للدستور يأخذ بالديمقراطية التمثيلية، فإنه أخذ بالاستفتاء الشعبي الذي يعدّ أحد مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة. فالمادة (112) منه أعطت رئيس الجمهورية سلطة استفتاء الشعب في القضايا المهمة التي تتصل بمصالح البلاد العليا.

نظام قومي:

يتصف الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية لعام 1973 بطابعه القومي، ويعدّ هذا الطابع تجسيداً دستورياً لأهم أفكار حزب البعث العربي الاشتراكي. وهذا ما يوضح تغليب البعد القومي في السياسة السورية في مختلف المجالات.

ويظهر الطابع القومي للدستور في أولى العبارات التي تبتدئ بها مقدمته التي نصت على أنه: "استطاعت الأمة العربية أن تنهض بدور عظيم في بناء الحضارة الإنسانية حين كانت موحدة…". وأضافت أنه: "صمدت الأمة العربية في وجه التحديات ورفضت واقع التجزئة والاستغلال…". وتتوج هذه المقدمة طابعها القومي من خلال المنطلقين الأول والثاني ـ كما أشير إليهما سابقاً ـ اللذين يؤكدان أهمية الوحدة العربية والعمل العربي المشترك.

ويتجلى الطابع القومي للنظام الذي أقامه الدستور الدائم من خلال الفقرة الأولى من المادة الأولى التي تحدد الاسم الرسمي للدولة "بالجمهورية العربية السورية"، وتقدم هذه التسمية الجانب القومي العربي على الجانب القطري السوري. وتبين الفقرة الثانية من المادة نفسها البعد الجغرافي القومي للدولة، عندما نصت على أن "القطر العربي السوري جزء من الوطن العربي". وتضيف الفقرة الثالثة من نفس المادة إلى البعد الجغرافي للدولة بعدها البشري القومي عندما نصت على أن "الشعب في القطر العربي السوري جزء من الأمة العربية يعمل ويناضل لتحقيق وحدتها الشاملة".

ويتجلى هذا الطابع القومي للنظام الذي أقامه الدستور الدائم أيضاً من خلال المادة (4) من الدستور التي تعدّ اللغة العربية لغة رسمية وحيدة للبلاد، ويتجلى هذا الطابع كذلك من خلال المادة (7) التي تتضمن القسم الدستوري حيث يشير هذا القسم إلى ضرورة قيام من يقسم على الدستور بالعمل على تحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية. ويتجلى هذا الطابع أخيراً على نحو غير مباشر من خلال عدد من المواد الأخرى تشير إلى أهداف الأمة العربية أو بناء المجتمع العربي (المواد 8 ، 11 ، 21 ، 23 ، 24، 40 ، 42 ، 45 ، 49).

نظام اشتراكي:

يتصف الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية لعام 1973 بطابعه الاشتراكي، ويتجلى هذا الطابع بدايةً من خلال المنطلق الثالث من المنطلقات الرئيسية للدستور: "إن السير باتجاه إقامة النظام الاشتراكي بالإضافة إلى أنه ضرورة منبعثة من حاجات المجتمع العربي فإنه ضرورة أساسية لزج طاقات الجماهير العربية في معركتها ضد الصهيونية والإمبريالية".

وأكدت الفقرة الأولى من المادة الأولى من الدستور الدائم الطبيعة الاشتراكية لنظام الحكم في الجمهورية العربية السورية بنصها على أن: "الجمهورية العربية السورية دولة… اشتراكية…". ويترسخ هذا الطابع في العديد من المواد المتعلقة بالمقومات الاقتصادية والاجتماعية للدستور وبممارسة الحقوق والحريات العامة، التي ستتبين لاحقاً.

بيد أن الاشتراكية التي تُعدّ إحدى خصائص النظام الذي أقامه الدستور الدائم ليست سوى مفهوم متطور مع حالة تطور المجتمع لا يمكن تحديده في قالب جامد، وهو ما أوضحه السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد في كلمته التي ألقاها في الجلسة الختامية للمؤتمر القطري التاسع لحزب البعث العربي الاشتراكي حين قال: "أما الاشتراكية فهي مفهوم يطبقه كل مجتمع على طريقته وبالشكل الذي يحقق مصلحته. إنها مفهوم مرن لا يمكن تحديده في قالب جامد محدد، فهناك الاشتراكية الفرنسية وقاعدتها الشعبية هي الأقوى اليوم، واشتراكية الصين التي تذهل العالم الغربي…". وهذه النظرة المتطورة لمفهوم الاشتراكية هي التي تفسر التحولات الاقتصادية التي بدأت تشهدها سورية منذ عدة سنوات، على الرغم من المحافظة على الطابع الاشتراكي للنظام الاقتصادي القائم في ظل الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية.

نظام يأخذ بمبدأ الحزب القائد والجبهة الوطنية التقدمية:

أقام الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية نظاماً سياسياً يقوم على مبدأ الحزب القائد والجبهة الوطنية التقدمية. وتجسد ذلك من خلال المادة (8) من الدستور التي نصت على أن: "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة، ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية".

أ ـ مبدأ الحزب القائد: أرسى الدستور الدائم مبدأ الحزب القائد في المجتمع والدولة، وأعطى هذه القيادة لحزب البعث العربي الاشتراكي في المادة (8) من الدستور: "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة…".

ولم يتجسد هذا الدور القيادي لحزب البعث العربي الاشتراكي صراحة في نصوص الدستور إلا من خلال مادتين فقط؛ الأولى هي في الفقرة الثانية من المادة (8) السابقة التي تؤكد هذا الدور القيادي بنصها على أن حزب البعث العربي الاشتراكي "يقود جبهة وطنية تقدمية". والثانية هي الفقرة الأولى من المادة (84) التي جسدت هذا الدور القيادي من خلال دور الحزب في كيفية انتخاب رئيس الجمهورية بنصها على أن: "يصدر الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية بناء على اقتراح القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي…".

تمّ التنويه في مقدمة الدستورـ التي تُعدّ كما أشير سابقاً جزءاً لا يتجزأ منه ـ إلى دور حزب البعث العربي الاشتراكي في قيادة ثورة الثامن من آذار 1963، وإلى كون هذا الحزب أول حركة في الوطن العربي أعطت الوحدة العربية محتواها الثوري الصحيح، وكللت مسيرة الحزب النضالية بالحركة التصحيحية في 16 تشرين الثاني/نو&https://www.arab-ency.com.sy/law/details/25934/7#1700;مبر 1970.

ويتجسد الدور القيادي لحزب البعث العربي الاشتراكي للمجتمع والدولة من خلال انتشار تنظيماته في كل أنحاء البلاد وفي كل النشاطات العامة، ومن خلال قيادة أعضائه لمختلف المنظمات الشعبية والنقابات في المجتمع، ومختلف هيئات الدولة العليا، خاصةً السلطتين التنفيذية والتشريعية.

ولكن الدور القيادي للحزب وخصوصاً علاقته بالدولة والسلطة لم يكن مؤطراً ضمن قواعد تنظيمية محددة وواضحة، مما أدى في بعض المراحل إلى تداخل وصل إلى حد التماهي بين الحزب والدولة، وهذا ما أشير إليه في المؤتمر القطري التاسع للحزب الذي انعقد في حزيران/يونيو 2000. ففي الجلسة الختامية للمؤتمر وبعيد انتخابه أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب طرح الدكتور بشار الأسد الأمين القطري للحزب ورئيس الجمهورية مسألة العلاقة بين الحزب والسلطة فقال: "إن السؤال الذي يطرح نفسه ويطرحه البعض… كيف ننظم علاقة الحزب بالسلطة بطريقة لا يتجاوز فيها الحزب دوره بالانغماس في تفاصيل العمل الإداري والسلطوي، ولا تتجاوز فيها السلطة الإدارية وظيفتها بمحاولة الهيمنة على المؤسسة الحزبية. وهذه العلاقة بحاجة إلى دراسة موضوعية على كافة المستويات من أجل علاقة سليمة وأكثر فاعلية للمجتمع".

وهذه الدعوة مهمة جداً لإيجاد صيغة جديدة للعلاقة بين الحزب القائد وسلطات الدولة، لتكون هذه العلاقة مقننة بين الحزب والسلطة التنفيذية على المستوى السياسي، من دون التداخل في مفاصل العمل الإداري.

ب ـ الجبهة الوطنية التقدمية: يعدّ إحداث جبهة تضم القوى الوطنية والتقدمية في سورية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، أحد طموحات الحركة التصحيحية منذ قيامها. فقد جاء في البيان الصادر عن القيادة القطرية المؤقتة في 16 تشرين الثاني 1970 أنه: "ينبغي حشد الطاقات التقدمية والشعبية، ووضعها في خدمة المعركة، وذلك من خلال تطوير العلاقات باتجاه جبهة تقدمية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي".

وتحقق هذا الطموح في 7 آذار 1972، عندما تم التوقيع على ميثاق للجبهة الوطنية التقدمية التي ترسخ وجودها دستورياً بالمادة (8) من الدستور التي تنص على أن: "حزب البعث العربي الاشتراكي… يقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية".

وضمت الجبهة عند قيامها الأحزاب والقوى السياسية التالية:

حزب البعث العربي الاشتراكي.

حزب الاتحاد الاشتراكي العربي.

الحزب الشيوعي السوري.

تنظيم الوحدويين الاشتراكي.

حركة الاشتراكيين العرب.

وانضم إلى الجبهة في 10 آذار 1980 ـ بموجب الفقرة الأخيرة من المادة (3) من نظامها الأساسي التي تنص على إمكانية انضمام أطراف أو عناصر أخرى ـ الاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد العام للفلاحين، وانضم إليها أيضاً في 31 كانون الأول/ديسمبر 1988 الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي، وكان الحزب السوري القومي الاجتماعي آخر حزب ينضم إلى الجبهة عام 2006.

نظام رئاسي ـ برلماني:

لم تحدد مواد الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية صراحةً طبيعة نظام الحكم، هل هو رئاسي أم هل هو برلماني؟

والواقع يصعب تصنيف النظام السياسي السوري في ظل هذا الدستور في إطار النظام الرئاسي أو النظام البرلماني، ويعود السبب في ذلك إلى أن الدستور أخذ من جهة ببعض آليات النظام الرئاسي، ومن جهة أخرى ببعض آليات النظام البرلماني.

فقد أخذ من النظام الرئاسي بوجوب انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرةً بطريقة الاستفتاء المادة (84)، ويمارس سلطات فعلية. فهو الذي يمارس وحده السلطة التنفيذية نيابةً عن الشعب المادة (93/ف2)، وهو الذي يضع السياسة العامة للدولة بالتشاور مع مجلس الوزراء، ويشرف على تنفيذها المادة (94)، وهو غير مسؤول عن الأعمال التي يقوم بها إلا في حالة الخيانة العظمى المادة (91). وعلى الرغم من عدم مسؤولية رئيس الجمهورية السياسية، فإن قراراته تُعدّ نافذة من دون الحاجة إلى التوقيع الإضافي من قبل الوزير أو الوزراء المختصين، وذلك بخلاف ما هو عليه الحال في ظل النظام البرلماني.

وأخذ من النظام البرلماني بثنائية السلطة التنفيذية: رئيس للدولة غير مسؤول سياسياً، ومجلس للوزراء مسؤول أمام رئيس الجمهورية ومجلس الشعب. وأخذ أيضاً بالتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث أعطى الدستور للسلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية حق إعداد مشروعات القوانين وإحالتها إلى مجلس الشعب للنظر فيها وإقرارها المادة (110)، وأعطى رئيس الجمهورية الحق في مخاطبة مجلس الشعب والإدلاء ببيانات أمامه المادة (108)، وأجاز الجمع بين الوزارة وعضوية مجلس الشعب المادة (125). وفي المقابل منح الدستور مجلس الشعب سلطة الرقابة على عمل الحكومة المادة (72) وسلطة تشكيل لجان تحقيق لجمع المعلومات وتقصي الحقائق في هذا الشأن المادة (73). وعلى صعيد التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية يتبين أنّ الدستور منح السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية حق حل مجلس الشعب المادة (107)، ومجلس الشعب حق حجب الثقة عن الوزارة أو عن أحد الوزراء المادة (72).

وعموماً يمكن القول: تغلب على النظام الذي جاء به الدستور مظاهر النظام الرئاسي أكثر من مظاهر النظام البرلماني. فبموجب أحكام هذا الدستور يتمتع رئيس الجمهورية بصلاحيات تفوق تلك المعطاة لرئيس الجمهورية في فرنسا في ظل دستور الجمهورية الخامسة لعام 1958.

الدستور والإسلام:

أشار الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية في مادته الثالثة إلى الإسلام والفقه الإسلامي، حيث جاء في نصها: "1ـ دين رئيس الجمهورية الإسلام. الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع".

ثانياً ـ المبادئ الأساسية للدولة وللمجتمع

بعد أن عرض الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية المبادئ السياسية المحددة لطبيعة النظام السياسي في الدولة قام بتحديد المبادئ أو المقومات الأساسية التي تقوم عليها الدولة والمجتمع في المجالات: الاقتصادية، والتعليمية والثقافية، والاجتماعية.

المبادئ الاقتصادية:

خصص الدستور الفصل الثاني المواد (13ـ19) من الباب الأول لتحديد المبادئ الاقتصادية في الدولة والمجتمع، ويمكن أن يميز في هذا الصدد بين أمرين أساسيين نص عليهما الدستور في هذا المجال هما: تحديد نمط الاقتصاد بالاشتراكي المخطط، وتحديد أنواع الملكية.

أ ـ الاقتصاد اشتراكي مخطط:

نصت المادة (13) من الدستور على أن " الاقتصاد في الدولة اقتصاد اشتراكي مخطط يهدف إلى القضاء على جميع أشكال الاستغلال. يراعى في التخطيط الاقتصادي في القطر تحقيق التكامل الاقتصادي في الوطن العربي".

وبناءً عليه يكون الاقتصاد في الدولة اقتصاداً اشتراكياً يعتمد على التخطيط، ويهدف إلى القضاء على جميع أنواع الاستغلال. هذا النمط الاقتصادي ذو بعد قومي يهدف من خلال التخطيط إلى تحقيق التكامل الاقتصادي العربي؛ ولذلك نظمت الملكية في إطار هذا النمط الاقتصادي الاشتراكي وأهدافه.

ب ـ أنواع الملكية:

حددت المادة (14) من الدستور الملكية في ثلاثة أنواع هي: ملكية الشعب، والملكية الجماعية، والملكية الفردية.

(1) ـ ملكية الشعب: تشمل ملكية الشعب الثروات الطبيعية والمرافق العامة والمنشآت والمؤسسات المؤممة أو التي تقيمها الدولة، وتتولى الدولة استثمارها والإشراف على إدارتها لمصلحة مجموع الشعب. وباختصار فإنها تشمل جميع أملاك الدولة العامة والخاصة. وتوجب الفقرة الأولى من المادة (14) على المواطنين حماية هذه الأملاك.

(2) ـ الملكية الجماعية: تشمل هذه الملكية الممتلكات العائدة للمنظمات الشعبية والمهنية والوحدات الإنتاجية والجمعيات التعاونية والمؤسسات الاجتماعية. وقد أوجب الدستور على الدولة رعاية هذه الممتلكات ودعمها المادة (14/ف2).

(3) ـ الملكية الفردية: تشمل الملكية الفردية الممتلكات الخاصة بالأفراد. ويحدد الدستور أن هذه الملكية تؤدي وظيفة اجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي ضمن إطار خطة التنمية، ولذلك لا يجوز أن تعارض في طرق استخدامها مصالح الشعب المادة (14/ف3).

ولذلك ووفقاً لنص الدستور ونمط الاقتصاد الاشتراكي الذي يهدف إلى القضاء على جميع أنواع الاستغلال يجب تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية بما يضمن حماية الفلاح والعامل الزراعي من الاستغلال ويضمن زيادة الإنتاج المادة (16)، ويجب أيضاً أن يهدف استثمار المنشآت الاقتصادية الخاصة والمشتركة إلى تلبية الحاجات الاجتماعية، وزيادة الدخل القومي وتحقيق رفاه الشعب المادة (20).

وضمن الدستور صيانة هذه الملكية الفردية ذات الوظيفة الاجتماعية، بحيث لا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون، ومنع المصادرة العامة للأملاك الخاصة، في حين أجاز المصادرة الخاصة بحكم قضائي أو بقانون مقابل تعويض عادل.

المبادئ التعليمية والثقافية:

خصص الدستور الفصل الثالث (المواد 21ـ24) من الباب الأول لتحديد المبادئ التعليمية والثقافية، من حيث هدف نظام التعليم والثقافة، ومن حيث واجبات الدولة في هذا الإطار.

فحددت المادة (21) من الدستور أهدف النظام التعليمي والثقافي ببناء جيل عربي قومي اشتراكي، علمي التفكير، مرتبط بتاريخه وأرضه، معتز بتراثه، مشبع بروح النضال من أجل تحقيق أهداف أمته في الوحدة والحرية والاشتراكية والإسهام في خدمة الإنسانية وتقدمها. ولذلك يضمن نظام التعليم التقدم المستمر للشعب، ومسايرة التطور الدائم لحاجاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المادة (22)، وتعد الثقافة القومية أساساً لبناء المجتمع العربي الاشتراكي المادة (23/ف1).

ولتحقيق هذه الأهداف تشجع الدولة المواهب والكفاءات الفنية وتعمل على تنميتها لدى جميع المواطنين المادة (23/ف2)، وتشجع التربية الرياضية التي تُعدّ دعامة أساسية لإعداد جيل قوي بجسمه وأخلاقه وتفكيره المادة (23/ف3). ويتوجب على الدولة كذلك تقديم الدعم الشامل للعلم والبحث العلمي المادة (24/ف1)، وحماية حقوق المؤلفين والمخترعين المادة (24/ف2).

المبادئ الاجتماعية:

لم يخصص الباب الأول من الدستور المتعلق بالمبادئ الأساسية فصلاً مستقلاً للمبادئ الاجتماعية، إلا أنه جاء على ذكر بعض هذه المبادئ في نهاية الفصل الرابع المتعلق بالحريات والحقوق والواجبات العامة. ويمكن إجمال المبادئ الاجتماعية التي ذكرها الدستور في نقطتين: الأولى هي حماية الأسرة ورعاية المرأة، والثانية هي الضمان الاجتماعي والصحي.

أ ـ حماية الأسرة ورعاية المرأة: عني الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية بحماية الأسرة، فعدها الخلية الأساسية في المجتمع وأوجب على الدولة حمايتها المادة (44/ف1)، وحماية الزواج وتشجيعه من خلال العمل على إزالة العقبات المادية والاجتماعية التي تعوقه، وحماية الأمومة والطفولة ورعاية النشء والشباب من خلال توفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم المادة (44/ف2).

وعني الدستور أيضاً برعاية المرأة، فأوجب على الدولة إتاحة الفرص أمامها للمساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع المادة (45).

ب ـ الضمان الاجتماعي والصحي: أولى الدستور الدائم رعايته لمسألة الضمان الاجتماعي والصحي باعتبارهما حقّاً للمواطن في مواجهة الدولة، ولذلك أوجب على الدولة أن تتكفل بكل مواطن وأسرته في حالات الطوارئ، والمرض، والعجز، واليتم، والشيخوخة المادة (46/ف1). وأوجب عليها أيضاً حماية صحة المواطنين، من خلال توفيرها وسائل الوقاية والمعالجة والتداوي المادة (46/ف2).

سيادة القانون:

نصت الفقرة الثانية من المادة (25) من الدستور على أن "سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة". وتم تكريس هذا المبدأ الأساسي من مبادئ دولة القانون ـ الذي يُعدّ أساس الحكم ـ من خلال عدد من الضمانات الدستورية: كاستقلال القضاء وحصانته، وحق التقاضي، ومبدأ براءة المتهم، ومبدأ قانونية العقوبة.

أ ـ استقلال القضاء وحصانته: يعدّ استقلال القضاء وحصانته ـ اللذان يضمنا للقضاة الحياد والنزاهة ـ أهم مقومات مبدأ سيادة القانون. فوجود قضاء مستقل ومحصن يُعدّ شرطاً أساسياً لضمان الحقوق والحريات وحمايتها. ونصت في هذا الصدد المادة (131) على أن "السلطة القضائية مستقلة…"، وأضافت المادة (133): " القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون. شرف القضاة وضميرهم ضمان لحقوق الناس وحرياتهم".

ب ـ حق اللجوء إلى القضاء والدفاع أمامه: إذا كان وجود القضاء المستقل والمحصن شرطاً لحماية الحقوق والحريات في إطار مبدأ سيادة القانون فإن ضمان حق التقاضي أو حق اللجوء إلى القضاء، والدفاع أمامه هو شرط أساسي لإعطاء هذه الحماية مضمونها، لأن الأفراد يجدون في القضاء الملاذ الأخير الذي يلجؤون إليه لضمان حقوقهم وحرياتهم.

وأشار الدستور الدائم إلى هذا الحق في الفقرة الرابعة من المادة (28) منه بنصه على أن: "حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون".

ج ـ مبدأ براءة المتهم: يُعدّ المبدأ القاضي أن "كل متهم بريء حتى يدان" من المبادئ الأساسية في التشريعات الجزائية. ويعدّ هذا المبدأ الذي يفترض براءة المتهم حتى يدان بحكم قضائي ضمانة أساسية لحريات الأفراد، ويجنبهم حجز حرياتهم لمجرد الشبهات؛ ولذلك حرص الدستور الدائم عليه في الفقرة الأولى من المادة (28) منه حين نص على أن: "كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم". ويعني هذا النص صراحةً افتراض براءة المتهم في مختلف مراحل الدعوى الجزائية حتى صدور الحكم المبرم من الجهة القضائية المختصة، ويعني ضمناً أنّه لا يمكن إثبات الإدانة إلا في حالة الأدلة اليقينية القاطعة والجازمة، أما حالة الشك فيجب أن تفسر لمصلحة المتهم.

د ـ مبدأ قانونية العقوبة: أكد الدستور الدائم مبدأ أساسياً آخر من مبادئ التشريعات الجزائية، وهو مبدأ عدم تجريم فعل من الأفعال وتقرير عقوبة له إلا بنص قانوني صادر عن السلطة التشريعية. وحرصت المادة (29) من الدستور عليه حين نصت على أنه: "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني"، ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن هذا النص يفرض على المشرع العادي عند تجريمه لفعل من الأفعال أن يحدد عقوبته إما بذاتها وإما بحدها الأدنى والأعلى على الأقل، ولا يتركها إلى السلطة التقديرية المطلقة للقاضي.

الحقوق والحريات الأساسية:

خصص الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية الفصل الرابع من الباب الأول منه للحريات والحقوق الأساسية للمواطنين، وجاء في الفقرة الثانية من المادة (25) منه أن: "الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية، وتحافظ على كرامتهم وأمنهم"، وأضافت الفقرتان الثانية والثالثة من المادة (28) أنه: "لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا وفقاً للقانون، 2ـ لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك". وكفل الدستور إلى جانب مبدأ الحرية التي يتمتع بها كل مواطن مبدأ تمتع جميع المواطنين بالحقوق السياسية عندما نصت المادة (26) منه على أن: "لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك". وتمارس هذه الحقوق والحريات في حدود القانون وفقاً لما أكدته المادة (27) من الدستور التي نصت على أنه: "يمارس المواطنون حقوقهم ويتمتعون بحرياتهم وفقاً للقانون".

وبناءً عليه يمكن القول: إنّ المشرع العادي لا يملك من خلال القوانين التي يسنها تجاه الحقوق والحريات سوى تنظيم كيفية ممارستها والتمتع بها، ويعد منعه ممارسة هذه الحقوق والتمتع بهذه الحريات خرقاً للدستور.

وفي هذا الصدد نصت أحكام الدستور على عدد من الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين وهي:

أ ـ مبدأ المساواة: أقر الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية في الفقرة الثالثة من المادة (25) مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون، وجاء فيها: "المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات".

ويوجب مبدأ المساواة في الحقوق وفقاً للفقرة الرابعة من المادة (25) من الدستور أن "تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين"، ويعني ذلك أن المساواة في الحقوق هي مجرد مساواة قانونية. ويفترض مبدأ المساواة في الواجبات المادة (40) والمساواة في أداء التكاليف العامة المادة (41).

ب ـ حرمة المسكن وسرية المراسلات: أقر الدستور مبدأ حرمة المسكن، فعد المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا في الأحوال المبينة في القانون المادة (31). وأقر الدستور أيضاً مبدأ سرية المراسلات البريدية والاتصالات السلكية المادة (32).

ج ـ حق التنقل: كفل الدستور حرية التنقل لكل مواطن، وأسماها حق التنقل في أراضي الدولة، إلا من منع من ذلك بحكم قضائي أو تنفيذاً لقوانين الصحة والسلامة العامة المادة (33/ف2). ومنع الدستور إبعاد المواطنين العرب السوريين عن أرض الوطن المادة (33/ف1).

د ـ حق اللجوء السياسي: كفل الدستور حق اللجوء السياسي في المادة (34) منه التي نصت على أنه: "لا يسلم اللاجئون السياسيون بسبب مبادئهم السياسية أو دفاعهم عن الحرية".

هـ ـ حرية الاعتقاد: حرية الاعتقاد مصونة، وتحترم الدولة جميع الأديان وتكفل الدولة حرية القيام بجميع الشعائر الدينية على ألا يخل ذلك بالنظام العام المادة (35).

و ـ حق العمل: كفلت المادة (34) من الدستور حق العمل لكل مواطن، معتبرة العمل حقّاً وواجباً في آن معا، وأوجب الدستور على الدولة توفير العمل لجميع المواطنين. ويحق لكل مواطن أن يتقاضى أجره بحسب نوعية العمل ومردوده وعلى الدولة أن تكفل ذلك، وعلى الدولة أيضاً تحديد ساعات العمل، وتأمين الضمان الاجتماعي للعمال، وتنظيم حقوقهم في الراحة والإجازة والتعويضات والمكافآت.

ز ـ حق التعليم: يُعدّ التعليم بموجب المادة (37) من الدستور حقّاً تكفله الدولة، وهو مجاني في جميع مراحله، وإلزامي في مرحلته الابتدائية وتعمل الدولة على توسيع إلزامية التعليم ليشمل مراحل أخرى. وتشرف الدولة على التعليم وتوجهه بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج.

ح ـ حرية الرأي والصحافة والنشر: صان الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية حرية الرأي في المادة (37) منه التي نصت على أن "لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى"، وتضيف هذه المادة على أنه من حق كل مواطن "أن يسهم في الرقابة والنقد البناء بما يضمن سلامة البناء الوطني والقومي ويدعم النظام الاشتراكي". ولتحقيق ذلك تضيف هذه المادة أنه يتوجب أن "تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر وفقاً للقانون".

ط ـ حق الاجتماع والتظاهر: جاء في المادة (39) من الدستور أن: "للمواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً في إطار مبادئ الدستور، وينظم القانون ممارسة هذا الحق". وبناءً على هذا النص الصريح والواضح لا يملك المشرع العادي عن طريق القوانين أن يمنع حق الاجتماع والتظاهر السلمي تحت طائلة خرق الدستور، وإنما يملك مجرد تنظيم هذا الحق.

ي ـ حق إقامة التنظيمات النقابية والاجتماعية والمهنية والتعاونية: أعطت المادة (48) من الدستور "للقطاعات الجماهيرية حق إقامة تنظيمات نقابية أو اجتماعية أو مهنية أو جمعيات تعاونية للإنتاج أو الخدمات، وتحدد القوانين إطار التنظيمات وعلاقاتها وحدود عملها".

ثالثاً ـ تنظيم السلطات العامة

أقام الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية ثلاث سلطات هي: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية.

1ـ السلطة التشريعية (مجلس الشعب):

منح الفصل الأول (المواد 50ـ82) من الباب الثاني من الدستور مجلس الشعب سلطة التشريع. غير أنه إذا كان هذا المجلس يُعدّ صاحب السلطة الأساسية في التشريع فهو ليس الوحيد في ممارسة هذه السلطة، فلرئيس الجمهورية أيضاً ـ كما سيتبين لاحقاً ـ سلطة التشريع في بعض الحالات التي حددتها المادة (111) من الدستور.

ومنح الدستور مجلس الشعب أيضاً سلطة إقرار الموازنة العامة للدولة، وممارسة الرقابة على أعمال الحكومة.

ونظم الفصل الأول المشار إليه بقية اختصاصات مجلس الشعب، وكيفية تشكيله، ووضع أعضائه. واستكملت الأحكام المتعلقة بانتخاب المجلس وتكوينه ووضع أعضائه وكيفية ممارسة اختصاصاته، بقانون الانتخابات العامة (ق.أ.ع) الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (26) تاريخ 14 نيسان 1973، وبالنظام الداخلي لمجلس الشعب (ن.د) الذي أقره المجلس في حزيران 1974.

أ ـ انتخاب مجلس الشعب: أوجبت الفقرة الثانية من المادة (50) من الدستور أن يتم انتخاب أعضاء مجلس الشعب انتخاباً عاماً وسرياً ومباشراً ومتساوياً وفقاً لأحكام قانون الانتخاب. وأوجبت المادة (57) من الدستور أن يتضمن قانون الانتخاب نصوصاً تكفل: حرية الناخبين بانتقاء ممثليهم وسلامة الانتخاب، وحق المرشحين في مراقبة عمليات الانتخاب، وعقاب العابثين بإرادة الناخبين. وأكدت الفقرة الأولى من المادة (58) من الدستور أن تجري انتخابات مجلس الشعب الجديد خلال (90) يوماً التي تلي انتهاء ولاية المجلس السابق.

لم تتناول أحكام الدستور، وأحكام قانون الانتخابات العامة طبيعة النظام الانتخابي لأعضاء مجلس الشعب، سوى من زاوية أنه انتخاب يتم بالاقتراع السري والمباشر من قبل الناخبين المتمتعين بحق الانتخاب (المادة 2 من قانون الانتخابات العامة).

وبموجب قانون الانتخابات (المادة 12 من قانون الانتخابات العامة) يجري انتخاب أعضاء مجلس الشعب على أساس الدائرة الانتخابية، وتنتخب كل دائرة عدداً من المرشحين يساوي عدد المقاعد المخصص لها. وتُعدّ كل محافظة دائرة انتخابية، باستثناء محافظة حلب التي تقسم إلى دائرتين: دائرة مدينة حلب ودائرة مناطق محافظة حلب (المادة 13 من قانون الانتخابات العامة). ويحدد المرسوم الصادر عن رئيس الجمهورية المتضمن الدعوة إلى انتخاب مجلس الشعب عدد المقاعد المخصص لكل دائرة.

وعموماً يمكن القول: إنّ قانون الانتخابات العامة أقام نظاماً انتخابياً خاصاً، يتحدد بالنقاط الثلاث التالية:

يقدم بموجبه الترشيح بشكل فردي، مع حق المرشحين في خوض الانتخابات ضمن قوائم أو لوائح انتخابية مشتركة.

يتمتع بموجبه الناخب في كل دائرة انتخابية بحق انتخاب مرشح واحد على الأقل أو عدد من المرشحين يناسب عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية التي يقترع فيها.

يفوز بموجبه في الانتخاب في كل دائرة انتخابية المرشحون الأوائل (الذين يناسب عددهم عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية) والذين حصلوا على أكبر عدد من أصوات الناخبين.

ب ـ ولاية مجلس الشعب: حددت المادة (51) من الدستور ولاية مجلس الشعب بأربع سنوات ميلادية تبدأ من أول اجتماع له. ويبدأ مجلس الشعب وفقاً للفقرة الأولى من المادة (60) أول اجتماع له بدعوة تحدد "بمرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب، ويجتمع حكماً في اليوم السادس عشر إذا لم يصدر مرسوم دعوته".

ولا يجوز بموجب المادة (51) المشار إليها أعلاه تمديد ولاية مجلس الشعب إلا في حالة الحرب. ونصت الفقرة الأولى من المادة (58) من الدستور على حالة أخرى لتمديد ولاية مجلس الشعب، فبموجب الفقرة الأولى من هذه المادة تجري انتخابات مجلس الشعب الجديد خلال التسعين يوماً التي تلي انتهاء ولاية المجلس السابق، وتبقى بالتالي البلاد من دون مجلس للشعب خلال الفترة الفاصلة التي قد تمتد (90) يوماً، يمارس رئيس الجمهورية سلطة التشريع خلالها وفقاً للمادة (111) من الدستور كما سيتوضح لاحقاً. ولكي لا تبقى البلاد فترة أطول من دون مجلس للشعب نصت الفقرة الثانية من المادة (58) على أن "يعود المجلس (مجلس الشعب) إلى الانعقاد حكماً إذا لم ينتخب غيره، ويجتمع بعد انقضاء التسعين يوماً، ويبقى قائماً حتى يتم انتخاب مجلس جديد".

وتنتهي ولاية المجلس في إحدى حالتين: الأولى هي انتهاء أجل ولايته المحددة بأربع سنوات، والثانية هي حل المجلس قبل انتهاء أجل ولايته. ومنحت الفقرة الأولى من المادة (107) من الدستور رئيس الجمهورية الحق بحل مجلس الشعب، ويجري انتخاب مجلس جديد خلال (90) يوماً من تاريخ الحل.

ج ـ عدد أعضاء مجلس الشعب وقطاعاته: نصت المادة (53) من الدستور على وجوب تحديد "القانون… عدد أعضاء مجلس الشعب، على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويبين القانون تعريف العامل والفلاح".

ووفقاً للمراسيم المتضمنة الدعوة إلى انتخاب مجلس الشعب منذ الدور التشريعي الخامس حتى الآن بلغ عدد أعضاء مجلس الشعب 250 عضواً.

د ـ هيئات مجلس الشعب: نصت الفقرة الثانية من المادة (60) من الدستور على أن: "ينتخب المجلس في اجتماعه الأول رئيسه وأعضاء مكتبه". ويشكل مجلس الشعب مثل كل البرلمانات عدداً من اللجان البرلمانية التي تتوزع العمل فيما بينها قبل إخضاع القضايا المطروحة على مجلس الشعب بهيئته العامة. ويعقد مجلس الشعب أول اجتماع له برئاسة أكبر الأعضاء سناً، ويتولى أمانة السر عضوان من أصغر الأعضاء سناً إضافةً إلى عضوين مراقبين يشكلون المكتب المؤقت للمجلس، ريثما يؤدي أعضاء المجلس اليمين الدستورية، وينتخبون رئيس المجلس (المادة 4 من النظام الداخلي) ومكتبه.

ويشكل مجلس الشعب نوعين من اللجان هما: اللجان الدائمة، ولجان التحقيق. وتختلف مهمة كل من هذين النوعين من اللجان.

(1) ـ اللجان الدائمة:

يقوم المجلس بتشكيل لجانه الدائمة عند افتتاح أول دور تشريعي جديد وتحديداً في دورة تشرين الأول/أكتوبر من كل سنة (المادة 69 من النظام الداخلي). ويبلغ عدد هذه اللجان الدائمة وفق النظام الداخلي (12) لجنة (المادة 70 من النظام الداخلي) وهي: لجنة الشؤون الدستورية، لجنة الموازنة والحسابات، لجنة القوانين المالية، لجنة الشؤون العربية والخارجية، لجنة التوجيه والإرشاد، لجنة التخطيط والإنتاج، لجنة الخدمات، لجنة الأمن القومي، لجنة الداخلية والإدارة المحلية، لجنة الشكاوى والعرائض، لجنة الزراعة والري، لجنة البيئة والنشاط السكاني.

وتختص كل لجنة بالنظر في المواضيع المحددة في اختصاصها كما يدل عليها اسمها، وكما هي محددة في النظام الداخلي للمجلس. ويجوز للمجلس تشكيل لجان دائمة أخرى أو يضيف إلى أي لجنة مهام جديدة عند إحداث وزارة أو إدارة أو مؤسسة جديدة.

وتتألف كل لجنة من (30) عضواً على الأكثر، ويوزع مكتب المجلس الأعضاء على اللجان الدائمة ويراعى في ذلك اختصاص الأعضاء ورغباتهم قدر الإمكان، ومن ثم يعرض الأمر على المجلس للموافقة (المادة 72 من النظام الداخلي).

ولا يجوز لعضو المجلس أن يكون عضواً في أكثر من لجنتين دائمتين، ويشترط في كل عضو في المجلس أن يكون عضواً في إحدى اللجان الدائمة على الأقل، في حين لا يجوز للوزراء الأعضاء في مجلس الشعب أن يكونوا أعضاء في اللجان الدائمة (المادة 73 من النظام الداخلي).

وتنتخب كل لجنة من بين أعضائها رئيساً لها ونائباً للرئيس ومقرراً (المادة 79 من النظام الداخلي).

(2) ـ لجان التحقيق:

لمجلس الشعب أن يشكل لجاناً للتحقيق في أمر معين أو لجمع المعلومات حول مسألة محددة، ويتم إعلام ذلك إلى السلطة التنفيذية (المادة 74 من النظام الداخلي).

وتقوم هذه اللجان باتخاذ كل الإجراءات للوصول إلى الحقيقة، وتتمتع في ذلك ببعض السلطات، وعلى السلطة التنفيذية والقضائية تسهيل مهمة التحقيق الذي تجريه اللجنة (المادة 75 من النظام الداخلي). وترفع لجنة التحقيق تقريراً إلى رئيس مجلس الشعب تضمنه آراءها ونتيجة التحقيق، ويعرض التقرير على المجلس للمناقشة (المادة 77 من النظام الداخلي).

هـ ـ دورات مجلس الشعب: نصت المادة (61) من الدستور على أن: "يدعى المجلس لثلاث دورات عادية في السنة، كما يجوز دعوته لدورات استثنائية، ويحدد النظام الداخلي للمجلس مواعيد الدورات ومددها. ويدعى إلى الدورات الاستثنائية بقرار من رئيس المجلس أو بناء على طلب خطي من رئيس الجمهورية أو من ثلث أعضاء المجلس". ويضاف إلى الدورات العادية والاستثنائية، دورات حكمية أيضاً وجلسات خاصة.

(1) ـ الدورات العادية:

وفقاً لنظامه الداخلي (المادة 2 من النظام الداخلي/ف1) يعقد مجلس الشعب ثلاث دورات في السنة في الفترات التالية:

ـ الأولى: من أول ثلاثاء من تشرين الأول/أكتوبر حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر (قرابة ثلاثة أشهر).

ـ الثانية: من منتصف شباط/فبراير حتى نهاية آذار/مارس (نحو شهر ونصف).

ـ الثالثة: من منتصف أيار/مايو وحتى نهاية حزيران/يونيو (نحو شهر ونصف).

ويتضح من ذلك أن مجلس الشعب ينعقد في دورات عادية مدة (6) أشهر خلال السنة، وتعد هذه المدة قليلة خاصةً إذا ما أخذ بعين الحسبان أنّ المجلس لا ينعقد فعلياً في جلسات خلال فترات دورات الانعقاد إلا في المواعيد التي يقررها رئيس المجلس.

(2) ـ الدورات الاستثنائية:

خارج دورات انعقاده العادية يجوز دعوة مجلس الشعب للانعقاد في دورات استثنائية وفق ما يلي:

بقرار من رئيس مجلس الشعب.

بناء على طلب خطي من رئيس الجمهورية.

بناء على طلب خطي من ثلث أعضاء مجلس الشعب.

ويحدد رئيس مجلس الشعب مواعيد الاجتماع في الدورات الاستثنائية (المادة 2 من النظام الداخلي/ف3).

(3) ـ الدورات الحكمية والجلسات الخاصة:

بموجب الفقرة الأولى من المادة (60) من الدستور يعقد مجلس الشعب حكماً بقوة القانون أول اجتماع له في اليوم السادس عشر من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب، إذا لم يصدر مرسوم عن رئيس الجمهورية في هذا الشأن قبل هذا التاريخ.

ووفقاً للنظام الداخلي لمجلس الشعب، إذا انتهت دورة المجلس وهو ينظر في تعديل للدستور ولم يقترن اقتراح التعديل بنتيجة تمدد دورة المجلس بقرار من رئيس المجلس لاستكمال البحث في التعديل (المادة 192 من النظام الداخلي).

ووفقاً للنظام الداخلي يعقد المجلس جلسة خاصة لأداء القسم الدستوري من قبل رئيس الجمهورية وأعضاء المجلس فور اعتبار تعديل الدستور نهائياً (المادة 191 من النظام الداخلي). ويعقد مجلس الشعب أيضاً جلسة خاصة لدعوة رئيس الجمهورية المنتخب لأداء القسم الدستوري (المادة 183/ف1 من النظام الداخلي)، ولتلاوة كتاب الاستقالة المقدم من قبل رئيس الجمهورية (المادة 185 من النظام الداخلي).

ويعقد المجلس أيضاً اجتماعاً خاصاً من دون جدول أعمال إذا ما دعا رئيس المجلس إحدى الشخصيات من ضيوف الجمهورية لإلقاء كلمة في المجلس (المادة 201 من النظام الداخلي).

و ـ جلسات مجلس الشعب: يعقد مجلس الشعب في كل دورة له عدداً من الجلسات وفقاً لشروط وإجراءات محددة، وتنظم سير الجلسات، وتدار المناقشات من قبل رئيس المجلس وفقاً لإجراءات محددة، ويعقب المناقشات في بعض الجلسات التصويت الذي يتم وفق إجراءات حددها النظام الداخلي للمجلس.

ويشترط لصحة انعقاد جلسة مجلس الشعب (النصاب) حضور الأغلبية المطلقة لمجموع الأعضاء (126 عضواً حالياً)، ولا يؤثر انسحاب عضو أو أكثر من الجلسة بعد افتتاحها في صحة انعقاد الجلسة. ويعدّ العضو المنسحب في هذه الحالة مستنكفاً عن التصويت (المادة 30 من النظام الداخلي).

وتعقد جلسات المجلس من حيث المبدأ علنياً، ويجوز أن يعقد المجلس جلساته سراً، بناءً على طلب من السلطة التنفيذية أو من قبل عشرة من أعضائه على الأقل، وذلك للبحث في شؤون محددة (المادة 31 من النظام الداخلي). ويجب إعلان جدول الأعمال على لوحة إعلان المجلس قبل (5) ساعات من موعد الجلسة (المادة 35 من النظام الداخلي). ولا تجوز المناقشة في موضوع لم يكن مدرجاً على جدول الأعمال إلا إذا وافق المجلس على إضافتها إلى جدول الأعمال بالأغلبية المطلقة للحاضرين (المادة 36 من النظام الداخلي).

ز ـ اختصاصات مجلس الشعب: حددت المادة (71) من الدستور اختصاصات مجلس الشعب، ومن هذه الاختصاصات اختصاصان أساسيان تتمتع بهما معظم البرلمانات في العالم، وهما: سلطة التشريع،و سلطة الرقابة على السلطة التنفيذية، إضافةً إلى عدد من الاختصاصات الأخرى.

(1) ـ سلطة التشريع:

تشمل سلطة التشريع لمجلس الشعب إقرار القوانين، وإقرار الموازنة (قانون الموازنة).

> إقرار القوانين: أعطى الدستور رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشعب حق المبادرة التشريعية، فقد نصت المادة (110) من الدستور على أن: "لرئيس الجمهورية أن يعد مشاريع القوانين ويحيلها إلى مجلس الشعب للنظر فيها وإقرارها". وعندما تقدم المبادرة التشريعية من قبل رئيس الجمهورية تسمى "مشروع قانون"، ويتم عادةً إعداد بعض مشاريع القوانين في مجلس الوزراء (وفقاً للفقرة الرابعة من المادة 127 من الدستور) ومن ثم ترفع إلى رئيس الجمهورية الذي إذا وافق عليها أحالها إلى مجلس الشعب.

وأعطت المادة (70) من الدستور أعضاء مجلس الشعب الحق في اقتراح القوانين، وعندما تقدم المبادرة التشريعية من قبل أعضاء مجلس الشعب تسمى "اقتراح قانون أو اقتراح بقانون". واشترطت المادة (97) من النظام الداخلي لمجلس الشعب أن يقدم الاقتراح بقانون من قبل (10) أعضاء على الأقل. ويجب أن يبقى هذا النصاب متوافراً حتى انتهاء الإجراءات التشريعية.

> إقرار الموازنة: إضافة إلى القوانين المالية الأخرى التي يقرها مجلس الشعب وفق الإجراءات السابقة، يقر مجلس الشعب قانون الموازنة العامة وفق إجراءات خاصة؛ لأن قانون الموازنة العامة يتميز بطبيعة خاصة. فهو قانون مؤقت يقر مدة سنة ويتعلق بنفقات الدولة وإيراداتها، ولا يمكن تقديمه إلا من قبل السلطة التنفيذية.

ويجب على السلطة التنفيذية أن تعرض مشروع الموازنة على مجلس الشعب قبل شهرين من بدء السنة المالية ـ المادة (74) من الدستورـ التي تبدأ في أول السنة الميلادية.

ويحال مشروع الموازنة إلى لجنة الموازنة والحسابات (المادة 117 من النظام الداخلي)، ويوزع على الأعضاء ويدرج على أول جلسة للمجلس (المادة 118 من النظام الداخلي). وتتقدم الحكومة فيها ببيانها المالي حول الموازنة، ويفسح المجال لأعضاء المجلس بإبداء ملاحظاتهم على المشروع (المادة 119 من النظام الداخلي).

وتتقدم لجنة الموازنة والحسابات بتقريرها حول مشروع الموازنة خلال (30) يوماً من إحالة المشروع إليها، قابلة للتمديد (10) أيام على الأكثر، وإلا عمد المجلس بانتهاء هذه المدة الإضافية إلى مناقشة مشروع الموازنة كما ورد من السلطة التنفيذية (المادة 120 من النظام الداخلي). ويبدأ المجلس إذا قدم تقرير اللجنة بمناقشته في جلسة عامة، وتبدأ بعد ذلك مناقشة مشروع الموازنة (المادة 126 من النظام الداخلي).

وبموجب المادة (79) من الدستور لا يستطيع مجلس الشعب في أثناء مناقشته مشروع الموازنة أن يزيد أو ينقص من تقدير مجموع الواردات والنفقات الوارد فيه (ونصت على ذلك أيضاً المادة 127 من النظام الداخلي). ويبدأ المجلس بمناقشة النفقات وإقرارها أولاً، ثم ينتقل إلى مناقشة الواردات وإقرارها ومن ثم يشرع في إقرار مواد مشروع الموازنة (المادة 128 من النظام الداخلي). ويتم التصويت على مشروع الموازنة وفقاً للمادة (75) من الدستور باباً باباً. ولا يجوز بعد إقرار الموازنة إجراء المناقلة بين أبوابها إلا وفقاً لأحكام القانون المادة (78/الدستور).

ولا تتوقف مهمة مجلس الشعب عند إقرار الموازنة، وإنما تمتد إلى كيفية تنفيذها، وذلك من خلال المادة (82) من الدستور، التي أوجبت على السلطة التنفيذية أن "تعرض الحسابات النهائية للسنة المالية على مجلس الشعب في مدة لا تتجاوز عامين منذ انتهاء السنة، ويتم قطع الحساب بقانون، ويطبق على قطع الحساب ما يطبق على الموازنة في الإقرار".

(2) ـ الرقابة على السلطة التنفيذية:

حدد في المادتين (70ـ71) من الدستور وسائل الرقابة الأساسية التي يملكها مجلس الشعب في مواجهة السلطة التنفيذية وهي: السؤال والاستجواب وحجب الثقة، وحدد النظام الداخلي لمجلس الشعب كيفية ممارسة هذه الوسائل وأضاف إليها وسيلتين هما: طلب طرح موضوع عام للمناقشة، ودراسة العرائض المقدمة للمجلس.

> الأسئلة: السؤال هو استفهام يوجهه عضو مجلس الشعب للسلطة التنفيذية حول أمر يجهله، أو يرغب في التأكد من واقعة علم بها أو ليستعلم عن نية السلطة التنفيذية في أمر من الأمور (المادة 136 من النظام الداخلي). والسؤال الذي هو حق لكل عضو في المجلس يجب أن يوجهه عن طريق رئاسة المجلس سواء كان خطياً أم شفهياً (المادة 137 من النظام الداخلي).

ويتم توجيه السؤال الخطي إلى رئيس المجلس، ويحيله إلى السلطة التنفيذية، وتجيب هذه الأخيرة شفهياً فور تلاوته في الجلسة، أو تجيب عنه خطياً خلال شهر من إحالته إليها (المادة 140 من النظام الداخلي). ويتلى جواب السلطة التنفيذية في الجلسة التي تلي وروده، ويحال الموضوع إلى اللجنة المختصة لدراسته إذا لم يكتفِ السائل بالجواب، ومن ثم يمكن أن يطرح للمناقشة (المادة 141 من النظام الداخلي).

أما السؤال الشفهي فيوجهه العضو إلى السلطة التنفيذية في جلسة مجلس الشعب، ولا يقبل في الجلسة الواحدة أكثر من (10) أسئلة شفهية، ويحق للأعضاء الاشتراك في المناقشة، وليس للمتكلم أن يتحدث في الموضوع أكثر من مرة واحدة ولمدة عشر دقائق فقط. ويمكن للسائل إذا لم يكتفِ بجواب السلطة التنفيذية أن يتقدم بسؤال خطي، وتجيب السلطة التنفيذية على الفور أو ترجئ ذلك إلى الجلسة التالية (المادة 139 من النظام الداخلي).

> طلب المناقشة: يجوز لإحدى لجان مجلس الشعب أو لـ(10) من أعضائه على الأقل أن يطلبوا طرح موضوع عام للمناقشة، لاستيضاح سياسة الحكومة وتبادل الرأي حوله. ويقدم الطلب كتابةً، ويبلغ إلى السلطة التنفيذية وإلى رؤساء اللجان الدائمة التي يتصل اختصاصها بموضوع النقاش، ويدرج بعد ذلك على جدول أعمال أقرب جلسة للمناقشة فيه. ويمكن للمجلس أن يقرر المناقشة فيه على الفور إذا وافقت الحكومة على ذلك، ويمكن له أيضاً أن يقرر استبعاد المناقشة إذا رأى أن الموضوع غير صالح للمناقشة (المادة 143 من النظام الداخلي).

> دراسة العرائض: لم يحدد النظام الداخلي لمجلس الشعب من بإمكانه أن يتقدم إليه بعريضة متضمنة شكوى حول موضوع ما. ويتبين من خلال نصوص النظام الداخلي أنه لا يمكن أن يكون المتقدم هو أحد أعضاء مجلس الشعب، لأن للأعضاء وسائل أقوى من العريضة كالسؤال والاستجواب وحجب الثقة وطلب المناقشة، ويمكن للمجلس تشكيل لجان للتحقيق في موضوع ما، ويمكن القول: إنّ مقدمي العرائض إلى المجلس هم المواطنون، أو على نحو أدق المتضررون من عمل قامت به السلطة التنفيذية.

وتحال العرائض المقدمة لديوان مجلس الشعب إلى لجنة العرائض والشكاوى أو إلى اللجان المختصة (المادة 161 من النظام الداخلي). وتدرس اللجنة العريضة، وتقدم تقريراً حولها إلى المجلس (المادة 163 من النظام الداخلي). ويتوجب على السلطة التنفيذية إذا أحيلت إليها العريضة أن تقدم جوابها في غضون شهر على الأكثر (المادة 165 من النظام الداخلي)، وعلى اللجنة إعلام مقدم العريضة بنتيجة شكواه (المادة 166 من النظام الداخلي). وإذا لم تقتنع اللجنة بجواب السلطة التنفيذية فلها أن تحيل الشكوى عند الاقتضاء مصحوبة بملاحظاتها وبجواب السلطة التنفيذية إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لإجراء التحقيقات اللازمة ضمن صلاحيات هذه الأخيرة. ويمكن للجنة أن تبلغ المشتكي تحقيقات الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش (المادة 167 من النظام الداخلي)، ويمكن لها في ضوء ذلك أن تقترح القوانين اللازمة لضمان حقوق المشتكين (المادة 168 من النظام الداخلي).

> الاستجواب: الاستجواب هو مطالبة السلطة التنفيذية ببيان أسباب تصرفها في أمر ما أو الغاية منه، من دون أن ينطوي الطلب على ما يدل التدخل في أعمالها (المادة 151 من النظام الداخلي). ويحق لكل عضو من أعضاء مجلس الشعب استجواب عضو أو أكثر من السلطة التنفيذية (الوزراء أو الوزارة)، ويقدم استجوابه بشكل خطي (المادة 152 من النظام الداخلي). ويبلغ الاستجواب إلى السلطة التنفيذية، ويدرج في أول جلسة للمجلس تلي تاريخ التبليغ، ويحدد موعد مناقشته بعد (5) أيام، إلا إذا رأت السلطة التنفيذية الإجابة على الفور (المادة 152 من النظام الداخلي). ويشرح المستجوب في جلسة المناقشة استجوابه ثم يجيب عضو السلطة التنفيذية المختص، فإذا اكتفى المستجوب بالجواب عدّ الموضوع منتهياً، وإذا لم يكتفِ المستوجب يعطى قبل غيره حق الكلام لمدة ربع ساعة للرد على جواب السلطة التنفيذية، ويعطى حق الكلام أيضاً إضافةً إلى المستجوب لاثنين من مؤيدي الاستجواب، وثلاثة من المعارضين له (المادة 154ـ155 من النظام الداخلي).

وإذا أصر المستجوب على عدم الاكتفاء بعد المناقشة كان له الحق باللجوء إلى طلب حجب الثقة (المادة 156 من النظام الداخلي).

> حجب الثقة: حددت المادة (72) من الدستور بعض شروط تقديم طلب حجب الثقة عن الوزارة أو أحد الوزراء ونتيجته، وحدد إجراءات ممارسة ذلك النظام الداخلي لمجلس الشعب. ويجب لتقديم طلب حجب الثقة وفقاً للمادة (72) من الدستور توافر الشرطين التاليين:

أ ـ لا يجوز طلب حجب الثقة عن الوزارة أو أحد الوزراء إلا بعد استجواب.

ب ـ يجب أن يكون طلب اقتراح حجب الثقة عن الوزارة أو أحد أعضائها موقعاً من خمس (1/5) أعضاء مجلس الشعب (أي من قبل (50) عضواً حالياً) على الأقل.

ويبلغ رئيس مجلس الشعب طلب حجب الثقة إلى رئيس الوزراء والوزير المعني، ويدرج في جدول أعمال أول جلسة تعقد بعد يومين من تقديمه. ويحق للوزارة أو للوزير المطلوب حجب الثقة عنه طلب تأجيل مناقشة حجب الثقة مدة لا تتجاوز (3) أيام (المادة 157 من النظام الداخلي).

ولحجب الثقة ـ بموجب المادة (72) من الدستورـ عن الوزارة أو أحد الوزراء لا بد من موافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس الشعب، ويبلغ رئيس مجلس الشعب قرار حجب الثقة إلى رئيس الجمهورية (المادة 159 من النظام الداخلي).

وفي حال حجب الثقة عن الوزارة وفقاً للمادة (172) من الدستور يجب أن يقدم رئيس مجلس الوزراء استقالة الوزارة إلى رئيس الجمهورية، وفي حال حجب الثقة عن أحد الوزراء يجب على هذا الوزير تقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية على الفور.

(3) ـ الاختصاصات الأخرى لمجلس الشعب:

يمارس مجلس الشعب وفقاً لأحكام الدستور عدداً من الاختصاصات الأخرى غير إقرار القوانين والرقابة على العمل الحكومي، منها:

أ ـ إقرار المراسيم التشريعية: لمجلس الشعب إقرار المراسيم التشريعية التي يصدرها رئيس الجمهورية وفقاً للمادة (111) من الدستور التي تعطيه سلطة التشريع في بعض الحالات، كما سيتبين لاحقاً.

ويحيل المراسيم التشريعية التي تعرض عليه إلى اللجان المختصة لإبداء الرأي وإعداد تقاريرها (المادة 114 من النظام الداخلي)، وتطرح بعد ذلك للمناقشة. ويحق للمجلس إلغاؤها أو تعديلها وفقاً لأحكام المادة (111) من الدستور كما سيتبين لاحقاً، وتُعدّ إذا لم يتم إلغاؤها أو تعديلها بحكم المقرة من دون حاجة إلى إجراء التصويت، ويبلغ هذا الإقرار إلى رئيس الجمهورية (المادة 115 من النظام الداخلي).

ب ـ إقرار المعاهدات والاتفاقيات الدولية: لمجلس الشعب وفقاً للفقرة الخامسة من المادة (71) من الدستور إقرار "المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تتعلق بسلامة الدولة، وهي معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، أو الاتفاقيات التي تمنح امتيازات للشركات أو المؤسسات الأجنبية، وكذلك المعاهدات والاتفاقيات التي تحمل خزانة الدولة نفقات غير واردة في موازنتها أو التي تخالف أحكام القوانين النافذة أو التي يتطلب نفاذها إصدار تشريع جديد".

ويحيل رئيس الجمهورية إلى المجلس مشروعات قوانين التصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية المذكورة في الفقرة الخامسة من المادة (71) من الدستور، المشار إليها أعلاه، ويحيل المجلس بدوره هذه المشروعات إلى اللجان المختصة لإعداد تقرير حولها قبل عرضها في المجلس بجلسة عامة. ولا تخضع المعاهدات والاتفاقيات الدولية للمناقشة والتصويت عليها مادة مادة، وإنما يتم إقرارها أو رفضها على نحو إجمالي (المادة 116 من النظام الداخلي).

ج ـ مناقشة سياسة الوزارة وإقرار خطط التنمية: لمجلس الشعب وفقاً للفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (71) من الدستور مناقشة سياسة الوزارة وإقرار خطط التنمية.

فعندما تشكل وزارة جديدة أو ينتخب مجلس شعب جديد تتقدم الوزارة ببيان عن سياستها وخطط التنمية إلى المجلس (المادة 147 من النظام الداخلي)، ويتلى البيان ويناقش في جلسة خاصة، ولا يترتب على هذا النقاش إجراءات التصويت (المادة 148 من النظام الداخلي). وتعيد الحكومة النظر في مبادئ البيان إذا تبين أثناء النقاش معارضة المجلس له (المادة 149 من النظام الداخلي).

وتتقدم الوزارة إلى مجلس الشعب ببيان عن تنفيذ خطط التنمية وتطوير الإنتاج في شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، ويحال البيان إلى اللجان المختصة لدراسته وتقديم تقاريرها عنه. ويناقش المجلس هذه التقارير والبيان في جلسة خاصة، وتكون لتوصياته حول خطط التنمية الأولوية في التنفيذ (المادة 150 من النظام الداخلي).

د ـ إقرار العفو العام: لمجلس الشعب وفقاً للفقرة السادسة من المادة (71) من الدستور إقرار العفو العام، والعفو العام هو قانون يتضمن إعفاء فئة غير محددة من المحكوم عليهم من العقوبة أو من جزء منها ضمن شروط يحددها. ويمارس العفو العام عادةً في حالات: انتخاب رئيس جمهورية جديد، لمحو عقوبات فعل معين مرتبط ببعض الظروف السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، ذكرى مناسبة ما… إلخ. ويختلف العفو العام عن العفو الخاص الذي يصدر عن رئيس الجمهورية، كما سيتوضح لاحقاً.

ولمجلس الشعب أيضاً وفقاً للفقرة السابعة من المادة (71) من الدستور قبول استقالة أحد أعضائه أو رفضها، كما أشير سابقاً، وللمجلس كذلك وفقاً للفقرة الأولى من المادة (71) من الدستور ترشيح رئيس الجمهورية، وله أيضاً وفقاً للمادة (91) من الدستور ـ كما سيتوضح ذلك لاحقاً ـ اتهامه بالخيانة العظمى.

السلطة التنفيذية:

تناول الفصل الثاني من الباب الثاني من الدستورـ المتعلق بالسلطة التنفيذية ـ الأحكام الناظمة لرئيس الجمهورية (المواد 83ـ114)، ولمجلس الوزراء (المواد 115ـ128).

أ ـ رئيس الجمهورية:

نظم الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية الأحكام المتعلقة برئيس الجمهورية من شروط وانتخاب وحقوق، ومسؤولية، وحدد السلطات التي يتمتع بها.

(أ) ـ الأحكام المتعلقة برئيس الجمهورية:

فيما يلي الشروط الواجب توافرها في من يختار لمنصب رئيس الجمهورية، وكيفية انتخابه، ومدة ولايته، وشغور منصبه، ومسؤوليته، وكيفية محاكمته.

(1) ـ الشروط المتعلقة بالمرشح لمنصب رئيس الجمهورية: حددت المادتان (3) و(83) من الدستور الشروط الواجب توافرها في المرشح لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية بالتالي:

> الدين: نصت الفقرة الأولى من المادة (3) من الدستور على أن "دين رئيس الجمهورية الإسلام".

> الجنسية: نصت المادة (83) من الدستور على أنه "يشترط في من يرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون عربياً سورياً…". ولم يحدد الدستور المدة التي يجب أن يتمتع خلالها بالجنسية العربية السورية لكي يحق له الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.

> الأهلية: نصت المادة (83) من الدستور على أنه "يشترط في من يرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون… متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية…". وهذا شرط منطقي بالنظر لمن يشغل منصب رئيس الجمهورية، ويتمتع بالسلطات الواسعة التي تترتب عليه.

> السن: نصت الفقرة الأخيرة من المادة (83) من الدستور على أنه "يشترط في من يرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون… متماً الرابعة والثلاثين من العمر". وخضع هذا الشرط للتخفيض من (40) عاماً إلى (34) عاماً بموجب التعديل الثالث للدستور.

(2) ـ كيفية اختيار رئيس الجمهورية:

وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة (84) من الدستور يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم بمدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على ستة أشهر.

ووفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة نفسها "يصدر الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية عن مجلس الشعب بناءً على اقتراح القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ويعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم فيه". ويتبين من ذلك أن اختيار رئيس الجمهورية يمر بمراحل ثلاث:

> الاقتراح بالترشيح: يصدر الاقتراح للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية بقرار من القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي. وهذا أمر منطقي لأن ترشيح القيادة القطرية لأحد أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي ينسجم مع نص المادة (8) من الدستور التي تقرر أن حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة. ولكن يجب ألا يفهم ذلك على أنه يشترط أن يكون المرشح عضواً في القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ففي انتخابات منصب رئيس الجمهورية التي جرت خلال العام 2000 اقترحت القيادة القطرية في قرارها المتخذ في 11 حزيران/يونيو 2000، ترشيح الدكتور بشار الأسد لمنصب رئيس الجمهورية، ولم يكن في ذلك الوقت عضواً في القيادة القطرية.

> الترشيح: يعرض الاقتراح بترشيح رئيس الجمهورية ـ بعد وروده من القيادة القطرية ـ على مجلس الشعب في أول جلسة له بعد أن يتم تسجيله في ديوانه(المادة 177 من النظام الداخلي). ويشكل مكتب المجلس لجنة خاصة للنظر في الاقتراح، وتبت اللجنة فيه خلال مدة أقصاها (48) ساعة من تاريخ إحالة الاقتراح عليها (المادة 178 من النظام الداخلي)، ويعرض تقرير اللجنة على المجلس الذي يبت به بالتصويت العلني (المادة 179 من النظام الداخلي)، وتتم الموافقة على الترشيح بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس (المادة 180 من النظام الداخلي).

ويبلغ رئيس مجلس الشعب القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي بقرار المجلس إذا لم ينل المرشح الأغلبية المطلوبة (المادة 181 من النظام الداخلي)، ويتخذ قراراً بعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم إذا وافق مجلس الشعب على اقتراح الترشيح (المادة 182 من النظام الداخلي).

> الاستفتاء على المرشح: بموجب الفقرة الثانية من المادة (84) من الدستور "يجري الاستفتاء بدعوة من رئيس مجلس الشعب" الذي يحدد موعد الاستفتاء بقرار منه، يبلغه إلى السلطة التنفيذية (المادة 182 من النظام الداخلي) لإجراء المقتضى.

ويقوم رئيس مجلس الشعب بإعلان نتيجة الاستفتاء (المادة 183 من النظام الداخلي). ويشترط بموجب الفقرة الرابعة من المادة (84) من الدستور، ليصبح المرشح المستفتى عليه رئيساً للجمهورية أن يحصل على الأكثرية المطلقة لمجموع أصوات المقترعين. فإذا حصل المرشح المستفتى عليه على هذه النسبة يدعوه رئيس مجلس الشعب لأداء القسم الدستوري الوارد في المادة (7) من الدستور، وإذا لم يحصل على هذه النسبة يبلغ رئيس مجلس الشعب النتيجة إلى القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي (المادة 183 من النظام الداخلي) لإجراء المقتضى. ويتم في هذه الحالة وفقاً للفقرة الرابعة من المادة (84) من الدستور ترشيح شخص آخر، وتتبع بهذا الشأن إجراءات الترشيح السابقة على أن يتم ذلك خلال شهر من تاريخ إعلان نتائج الاستفتاء الأول. وإضافة إلى الاستفتاء على ترشيح المرحوم الرئيس حافظ الأسد في 12 آذار 1971لمنصب رئيس الجمهورية في ظل الدستور المؤقت لعام 1971 الذي جاءت نتيجته بالموافقة، جرى في ظل الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية الترشيح والاستفتاء على منصب رئيس الجمهورية خمس مرات حتى عام 2000، وجاءت جميع النتائج بالموافقة، وذلك في التواريخ التالية:

ـ 8 شباط 1978 الاستفتاء على ترشيح الرئيس حافظ الأسد (الولاية الثانية).

ـ 10 شباط 1985 الاستفتاء على ترشيح الرئيس حافظ الأسد (الولاية الثالثة).

ـ 12 كانون الثاني 1992 الاستفتاء على ترشيح الرئيس حافظ الأسد (الولاية الرابعة).

ـ 10 شباط 1999 الاستفتاء على ترشيح الرئيس حافظ الأسد (الولاية الخامسة).

ـ 10 تموز 2000 الاستفتاء على ترشيح الدكتور بشار الأسد.

وبموجب المادة (95) من الدستور "يتولى رئيس الجمهورية تسمية نائب أو أكثر وتفويضهم ببعض صلاحياته…"، ويقبل استقالاتهم ويعفيهم من مناصبهم. ويؤدي نواب رئيس الجمهورية القسم الدستوري أمامه قبل مباشرتهم أعمالهم المادة (96 من الدستور).

(3) ـ مدة ولاية رئيس الجمهورية وحقوقه:

نصت المادة (85) من الدستور على أن: "ينتخب رئيس الجمهورية لمدة سبعة أعوام ميلادية تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم". وهذه المدة غير قابلة للتمديد بأي حال من الأحول، إلا أنها قابلة للتجديد لمدد أخرى، أي إنه يمكن انتخاب الشخص نفسه لولايات متتالية ومن دون حدود.

وتنتهي ولاية رئيس الجمهورية بانتهاء أجلها، وتنتهي أيضاً بالاستقالة وفقاً للمادة (87) من الدستور التي تنص على أنه: "إذا قدم رئيس الجمهورية استقالته من منصبه وجه كتاب الاستقالة إلى مجلس الشعب". وتنتهي كذلك بإدانته بعد محاكمته بتهمة الخيانة العظمى وفق أحكام المادة (91) من الدستور، كما سيتبين ذلك لاحقاً. وتنتهي أخيراً بالوفاة، وهذا ما حدث في 10 حزيران 2000 في بداية السنة الثانية من الولاية الخامسة للرئيس الراحل حافظ الأسد رحمه الله.

ويتقاضى رئيس الجمهورية خلال فترة ولايته ما يتطلبه منصب الرئاسة من إنفاق ومزايا، ونصت على ذلك المادة (92) من الدستور التي جاء فيها أنه: "يحدث بقانون ما يقتضيه منصب رئيس الجمهورية من المراسم والميزات كما تحدد مخصصاته بقانون".

ونظم الدستور الحالات التي يشغر فيها مؤقتاً أو دائماً منصب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولايته، ومن يحل محله في هذه الحالات.

فبموجب المادة (86) من الدستور "إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية مهامه أناب عنه نائب رئيس الجمهورية".

ونصت المادة (88) من الدستور على أن "يمارس النائب الأول لرئيس الجمهورية أو النائب الذي يسميه صلاحيات رئيس الجمهورية حين لا يمكنه القيام بها، وإذا كانت الموانع دائمة وفي حالتي الوفاة والاستقالة يجري الاستفتاء على رئيس الجمهورية الجديد وفقاً للأحكام الواردة في المادة (84) من هذا الدستور وذلك خلال مدة لا تتجاوز تسعين يوماً. وإذا كان المجلس (مجلس الشعب) منحلاً أو بقي لانتهاء ولايته أقل من تسعين يوماً فيمارس النائب الأول صلاحيات رئيس الجمهورية حتى اجتماع المجلس الجديد". ونحن نرى أن نص هذه المادة جاء ناقصاً لأنه حتى يستقيم حكم النص لا بد أن تضاف العبارة التالية: "وانتخاب رئيس جديد للجمهورية".

وفي حال عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية نصت المادة (89) من الدستور على أنه: "إذا شغر منصب رئيس الجمهورية ولم يكن له نائب يمارس رئيس مجلس الوزراء جميع صلاحياته وسلطاته ريثما يتم الاستفتاء خلال تسعين يوماً على رئيس الجمهورية".

(ب) ـ سلطات الرئيس:

نصت الفقرة الأولى من المادة (93) من الدستور على أن "يسهر رئيس الجمهورية على احترام الدستور وهو يضمن السير المنتظم للسلطات العامة وبقاء الدولة". ويتمتع رئيس الجمهورية في هذا الإطار ـ وفق أحكام الدستورـ بالعديد من السلطات التنفيذية، والاستثنائية، وفي مجال التشريع، والعلاقات الخارجية، والجيش، والاستفتاء…إلخ.

(1) ـ السلطات التنفيذية:

في الواقع إن معظم السلطات التي يمارسها رئيس الجمهورية هي سلطات تنفيذية، وهو وحده الذي يمارس السلطة التنفيذية وفق ما يفهم ظاهرياً من نص الفقرة الثانية من المادة (93) من الدستور التي تقرر أن: "يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب ضمن الحدود المنصوص عليها في هذا الدستور". ولكن الواقع يقتضي أن يساعده في ممارسة السلطة التنفيذية مجلس الوزراء. وفي هذا المجال سيتم توضيح سلطات رئيس الجمهورية في علاقته بمجلس الوزراء، وسلطاته التنفيذية المباشرة.

> سلطاته في علاقته بمجلس الوزراء: يتمتع رئيس الجمهورية في علاقته بمجلس الوزراء بسلطة تعيين رئيس مجلس الوزراء والوزراء، ودعوة مجلس الوزراء للانعقاد برئاسته، ووضع السياسة العامة التي ينفذها مجلس الوزراء، ومسؤولية رئيس مجلس الوزراء والوزراء أمامه.

> سلطاته التنفيذية المباشرة: باعتبار أن رئيس الجمهورية يمارس ـ وفقاً للفقرة الثانية من المادة (93) من الدستورـ السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب، فإنه يتمتع بهذه الصفة بحق ممارسة بعض أعمال السلطة الإدارية، وهذا ما تؤكده المادتان (99) و(109) من الدستور. وتجدر الإشارة هنا، إلى أنه لا تشترط أحكام الدستور ضرورة خضوع قرارات رئيس الجمهورية التي يتخذها في هذا المجال إلى التوقيع الإضافي من قبل الوزير أو الوزراء المختصين.

(2) ـ السلطات الاستثنائية:

 على غرار المادة (16) من دستور الجمهورية الخامسة لعام 1958 في فرنسا ـ التي منحت رئيس الجمهورية الفرنسية سلطات استثنائية في أثناء الأزمات ـ منحت المادة (113) من الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية رئيس الجمهورية سلطات مماثلة. فقد نصت هذه المادة على أن "لرئيس الجمهورية إذا قام خطر جسيم وحال يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة واستقلال أرض الوطن، أو يعوق مؤسسات الدولة عن مباشرة مهامها الدستورية أن يتخذ الإجراءات السريعة التي تقتضيها هذه الظروف لمواجهة الخطر".

(3) ـ علاقته بالسلطة التشريعية:

يمارس رئيس الجمهورية في علاقته بمجلس الشعب عدداً من السلطات الدستورية، ويمارس مكانه سلطة التشريع في بعض الحالات.

> دعوة مجلس الشعب للانعقاد: يدعو رئيس الجمهورية بمرسوم يصدر عنه ـ وفقاً للفقرة الأولى من المادة (60) من الدستور التي أشير إليها سابقاًـ مجلس الشعب بعد انتخابه إلى الاجتماع الأول. وله وفقاً للمادتين (61، 108ف1) الحق في دعوة مجلس الشعب للانعقاد إلى دورة استثنائية.

> حق حل مجلس الشعب: يملك رئيس الجمهورية وفقاً لنص المادة (107) من الدستور سلطة حل مجلس الشعب بقرار معلل يصدر عنه، ولكن لا يجوز له حل مجلس الشعب أكثر من مرة لسبب واحد. وتجري الانتخابات لمجلس الشعب الجديد خلال (90) يوماً من تاريخ الحل.

> حق المبادرة التشريعية: يملك رئيس الجمهورية كما أشير سابقاً حق المبادرة التشريعية، فالمادة (110) من الدستور تنص على أن: "لرئيس الجمهورية أن يعد مشاريع القوانين ويحيلها إلى مجلس الشعب وإقرارها". وله أيضاً الحق في أن يخاطب مجلس الشعب برسائل، وأن يدلي أمامه ببيانات المادة (108/ف1/الدستور).

> حق الاعتراض على القوانين وإصدارها: وفقاً لنص المادة (98) من الدستور المشار إليها سابقاً "يصدر رئيس الجمهورية القوانين التي يقرها مجلس الشعب، ويحق له الاعتراض على هذه القوانين بقرار معلل خلال شهر من تاريخ ورودها إلى رئاسة الجمهورية، فإذا أقرها المجلس ثانيةً بأكثرية ثلثي أعضائه أصدرها رئيس الجمهورية". وتمنح معظم الدساتير رؤساء الدول سلطة إصدار القوانين والاعتراض عليها.

وإلى جانب مجلس الشعب الذي يمارس السلطة التشريعية منحت المادة (111) من الدستور رئيس الجمهورية سلطة التشريع في ثلاث حالات. وتسمى التشريعات الصادرة عن رئيس الجمهورية في هذه الحالات بموجب المادة السابقة "مراسيم تشريعية".

> خارج انعقاد دورات مجلس الشعب: يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع خارج انعقاد دورات مجلس الشعب على أن تعرض جميع التشريعات التي يصدرها على المجلس في أول دورة انعقاد له.

> في أثناء انعقاد دورات المجلس في حالة الضرورة القصوى: يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع في أثناء انعقاد دورات مجلس الشعب إذا استدعت ذلك الضرورة القصوى المتعلقة بمصالح البلاد القومية أو بمقتضيات الأمن القومي على أن تعرض هذه التشريعات على المجلس في أول جلسة له.

> في الفترة الفاصلة بين ولايتي مجلسين: يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع في المدة الفاصلة بين ولايتي مجلسين، ولا تعرض هذه التشريعات على مجلس الشعب، ويكون حكمها في التعديل والإلغاء حكم القوانين النافذة.

(4) ـ سلطات رئيس الجمهورية في مجال العلاقات الدولية:

بموجب المادة (102) من الدستور "يعتمد رئيس الجمهورية رؤساء البعثات السياسية لدى الحكومات الأجنبية، ويقبل اعتماد رؤساء البعثات الأجنبية لديه".

ويتمتع رئيس الجمهورية أيضاً في مجال العلاقات الدولية بموجب المادة (104) من الدستور بسلطة إبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية وإلغائها وفقاً لأحكام الدستور.

 (5) ـ سلطاته العسكرية والحربية:

يعدّ رئيس الجمهورية وفقاً للمادة (103) من الدستور القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة. ويصدر جميع القرارات والأوامر اللازمة لممارسة هذه السلطة، وله حق التفويض ببعض هذه السلطات.

ووفقاً للمادة (100) من الدستور "يعلن رئيس الجمهورية الحرب والتعبئة العامة ويعقد الصلح بعد موافقة مجلس الشعب".

(6) ـ استفتاء الشعب وإعلان حالة الطوارئ وحق العفو الخاص:

يتمتع رئيس الجمهورية بسلطة استفتاء الشعب، وإعلان حالة الطوارئ، وحق العفو الخاص.

ب ـ مجلس الوزراء:

تناول البند الثاني (المواد 115ـ128) من الفصل الثاني من الباب الثاني من الدستور الوارد تحت عنوان "مجلس الوزراء" الأحكام المتعلقة بتكوين مجلس الوزراء، واختصاصاته، ونظام أعضائه واختصاصاتهم.

(1) ـ تكوين مجلس الوزراء:

يتكون مجلس الوزراء بموجب الفقرة الأولى من المادة (115) من الدستور من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء. ويتولى رئيس الجمهورية ـ وفقاً للمادة (95) من الدستور كما أشير سابقاً ـ سلطة تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وقبول استقالتهم وإعفائهم من مناصبهم بمرسوم. ويتألف مجلس الوزراء من جميع أعضاء الوزارة.

> رئيس مجلس الوزراء: يقوم رئيس الجمهورية من الناحية الدستورية بتكليف من يشاء تشكيل الوزارة، وبعد تشكيل الوزارة يرأس المكلف بتشكيلها مجلس الوزراء.

ويختص رئيس مجلس الوزراء ـ كما تدل تسميته ـ دستورياً برئاسة مجلس الوزراء، إلا في حالة ترؤس رئيس الجمهورية لمجلس الوزراء وفقاً للمادة (97) من الدستور، لأنه في هذه الحالة يصبح رئيس مجلس الوزراء عضواً كسائر الأعضاء. ويشرف رئيس مجلس الوزراء إضافةً إلى ذلك، وفقاً للفقرة الثانية من المادة (115) من الدستور "على أعمال الوزراء". ويتمتع رئيس مجلس الوزراء أيضاً وفقاً للمادة (89) من الدستور بحق الحلول محل رئيس الجمهورية في حالة شغور منصب رئيس الجمهورية ولم يكن له نائب.

ونصت المادة (128) من الدستور على أن "…يمارس رئيس مجلس الوزراء والوزراء الاختصاصات المنصوص عليها في التشريعات النافذة بما لا يتعارض مع الصلاحيات الممنوحة لسلطات الدولة الأخرى في هذا الدستور".

وحددت المادة (3) من المرسوم التشريعي رقم (147) تاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 1967 اختصاصات رئيس مجلس الوزراء الأساسية، التي يمكن إجمالها بما يلي:

إدارة جلسات مجلس الوزراء، وإدارة جلسات اللجان الدائمة واللجان الأخرى عند الحاجة، والدعوة إلى الجلسات العادية والاستثنائية ووضع جدول الأعمال، وطرح القضايا التي يراها ضرورية من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء، والسماح لغير أعضاء المجلس بحضور جلساته.

الإشراف على عمل مجلس الوزراء واللجان الدائمة لتنفيذ المهمات والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، والإشراف كذلك على المكاتب والهيئات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء.

إصدار التعليمات اللازمة والملزمة لأعضاء المجلس واللجان الدائمة ومديري الأجهزة التابعة للمجلس والمحافظين ولجميع أجهزة الدولة من أجل تحقيق سياسة الدولة وخططها.

دعوة رؤساء اللجان الدائمة للاجتماع كلما دعت الحاجة بهدف التشاور وتنسيق الأعمال فيما بينها، وتشكيل اللجان المؤقتة لبحث موضوع معين وتقديم الاقتراحات له.

ويتولى رئيس مجلس الوزراء إضافةً إلى ذلك العديد من المهام التي توكل إليه بموجب العديد من التشريعات النافذة. ويرتبط برئاسة مجلس الوزراء مكتب شؤون مجلس الوزراء وعدد من الأجهزة الاستشارية والرقابية.

ويُعدّ رئيس مجلس الوزراء مسؤولاً عن أعماله أمام رئيس الجمهورية المادة (117/ الدستور)، وأمام مجلس الشعب المادة (72/ الدستور).

ويمكن أن يكون لرئيس مجلس الوزراء نائب أو أكثر.

> الوزراء: يتم تعيين الوزراء من قبل رئيس الجمهورية بالتشاور طبعاً مع رئيس مجلس الوزراء. وتتألف الوزارة من فئتين من الوزراء: الوزراء الذين هم على رأس وزارات (بحقائب من حيث المبدأ)، ووزراء الدولة (من دون حقائب). وبالنسبة إلى وزراء الدولة: يمكن أن تأتي تسمية وزير دولة لوزير على رأس وزارة (التخطيط، البيئة،…)، أو وزير دولة لدى وزير لوزارة بحقيبة (وزير الدولة للشؤون الخارجية)، أو تأتي تسميته وزير دولة فقط فيكون تحت تصرف رئيس مجلس الوزراء.

ومن الناحية "البروتوكولية" يأتي تقدم الوزراء بعضهم على بعض وفقاً لترتيب تسميتهم في المرسوم المتضمن تأليف الوزارة.

ويُعدّ الوزير كما هو حال رئيس مجلس الوزراء مسؤولاً سياسياً أمام رئيس الجمهورية وأمام مجلس الشعب.

(2) ـ اختصاصات مجلس الوزراء:

يعدّ مجلس الوزراء، وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة (115) من الدستور "الهيئة التنفيذية العليا للدولة…، ويشرف على تنفيذ القوانين والأنظمة ويراقب عمل أجهزة الدولة ومؤسساتها". ويتضح من هذا النص أن مجلس الوزراء يُعدّ الجهاز التنفيذي والإداري الأعلى في الدولة، الذي يساعد رئيس الجمهورية بصفته يمارس السلطة التنفيذية نيابةً عن الشعب، وفق نص الفقرة الثانية من المادة (93) من الدستور. وقد حددت المادة (127) من الدستور اختصاصات مجلس الوزراء بما يلي:

الاشتراك مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة وتنفيذها.

توجيه أعمال الوزارات وجميع الإدارات والمؤسسات العامة للدولة وتنسيقها ومتابعتها.

وضع مشروع الموازنة العامة للدولة.

إعداد مشروعات القوانين. ولا يملك في هذا الخصوص إحالتها إلى مجلس الشعب لأن ممارسة هذا الحق من اختصاصات رئيس الجمهورية فقط.

إعداد خطط التنمية وتطوير الإنتاج واستثمار الثروات القومية، وكل ما من شأنه دعم الاقتصاد وتطويره وزيادة الدخل القومي.

عقد القروض ومنحها وفقاً لأحكام الدستور.

عقد الاتفاقيات والمعاهدات وفقاً لأحكام الدستور.

ملاحقة تنفيذ القوانين، والمحافظة على أمن الدولة، وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة.

إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وفقاً للقوانين والأنظمة ومراقبة تنفيذها.

وواضح أنّ مجلس الوزراء، لا رئيس مجلس الوزراء هو من يتمتع بسلطة توجيهية ورقابية وتنظيمية وتقريرية واسعة، خصوصاً ما يتعلق منها بالجانب الإداري.

3ـ المحكمة الدستورية العليا:

نظم الفصل الثالث (المواد 131ـ148) من الباب الثاني من الدستور السلطة القضائية، ونصت المادة (131) منه على أن "السلطة القضائية مستقلة، ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى". وأسند الدستور إلى القانون تنظيم الجهاز القضائي (العدلي أو العادي كما يسميه بعضهم) بجميع فئاته وأنواعه ودرجاته المادة (135/ الدستور). وأسند الدستور أيضاً إلى مجلس الدولة ممارسة القضاء الإداري، أي الفصل في المنازعات الإدارية المادة (138/الدستور). في حين نظم الدستور على نحو أساسي المحكمة الدستورية العليا وحدد اختصاصاتها.

أ ـ تكوين المحكمة الدستورية العليا:

(1) ـ تعيين أعضاء المحكمة ومدة العضوية:

نصت المادة (139) من الدستور على أن: "تؤلف المحكمة الدستورية العليا من خمسة أعضاء، يكون أحدهم رئيساً يسميهم رئيس الجمهورية".

وأضافت المادة (14) منه أن: "تكون مدة العضوية في المحكمة الدستورية العليا أربع سنوات قابلة للتجديد". ولا يقبل أعضاء المحكمة الإقالة إلا وفقاً لأحكام القانون المادة (142/ الدستور). ولا تنتهي لذلك العضوية إلا بانتهاء مدتها على نحو طبيعي، أو بطلب الاستقالة أو طلب الإحالة على التقاعد يوجه إلى رئيس الجمهورية (المادة 10 من قانون المحكمة الدستورية العليا). ويسمي رئيس الجمهورية في هذه الحالة عضواً بديلاً عن العضو المستقيل أو المحال على التقاعد مدة لا تتجاوز المدة الباقية للأصيل (المادة 11 من قانون المحكمة الدستورية العليا).

(2) ـ شروط العضوية ونظامها:

أسند الدستور المادة (148) إلى قانون المحكمة مهمة تحديد الشروط الواجب توافرها في أعضاء المحكمة. وحددت المادة (2) من قانون المحكمة هذه الشروط، وهي أن يكون العضو:

سوري الجنسية، متمتعاً بشروط التوظيف العامة.

متماً الأربعين من عمره، ولم يتجاوز الخامسة والستين عند التعيين.

حائزاً إجازة في الحقوق من إحدى الجامعات السورية أو ما يعادلها.

مارس القضاء أو المحاماة أو التدريس في الجامعة، أو أكثر من واحدة منها مدة (15) سنة على الأقل، أو مارس وظائف في الدولة مدة (20) سنة على الأقل بعد حصوله على إجازة الحقوق.

ونصت المادة (140) من الدستور على عدم جواز الجمع بين رئاسة المحكمة أو عضويتها والوزارة أو عضوية مجلس الشعب.

ومنعت المادة (4) من قانون المحكمة أيضاً الجمع بين رئاسة المحكمة أو عضويتها وأي مهنة أو وظيفة أخرى، باستثناء التدريس في الجامعة. ومنعت كذلك المادة (3) منه تسمية من تربط بينهم صلة القربى والمصاهرة حتى الدرجة الرابعة لرئاسة المحكمة أو عضويتها.

وينطبق على رئيس المحكمة وأعضائها ما ينطبق على القضاة في نظامهم الوظيفي.

ب ـ اختصاصات المحكمة الدستورية العليا:

حددت المادة (145) من الدستور اختصاصات المحكمة الدستورية العليا، وتمارس المحكمة اختصاصاتها المنصوص عليها في الدستور بهيئتها العامة. وتتألف الهيئة العامة للمحكمة من الرئيس والأعضاء، ولا يُعدّ انعقادها صحيحاً إلا بحضور أربعة من أعضائها ومن بينهم الرئيس، وتتخذ قراراتها بالأكثرية، ويرجح في حال تساوي الأصوات الجانب الذي فيه الرئيس (المادة 13 من قانون المحكمة الدستورية العليا). ويتم رئيس محكمة النقض أو رئيس مجلس الدولة أو كلاهما بقرار من رئيس المحكمة إذا فقد نصاب المحكمة لأي سبب كان، وإذا غاب رئيس المحكمة ينوب عنه العضو الذي يليه في الأقدمية ويكمل النصاب على النحو السابق (المادة 14 من قانون المحكمة الدستورية العليا).

وتختص المحكمة بالنظر في دستورية القوانين، والتحقيق في طعون انتخابات مجلس الشعب، ومحاكمة رئيس الجمهورية، ويضاف إلى ذلك اختصاص استشاري.

(1) ـ الرقابة على دستورية القوانين والمراسيم التشريعية:

منحت المادة (145) من الدستور المحكمة الدستورية العليا سلطة النظر والبت في دستورية القوانين والمراسيم التشريعية الصادرة عن رئيس الجمهورية بموجب المادة (111) من الدستور، وحددت من يحق لهم الطعن أو الاعتراض على دستورية القوانين، وبعض إجراءات النظر فيها، والآثار المترتبة على ذلك.

 وقد منح الدستور المادة (145/ف1) رئيس الجمهورية أو ربع أعضاء مجلس الشعب حق الاعتراض (الطعن) على دستورية قانون قبل إصداره (رقابة سابقة). ويوقف إصدار القانون حتى تبت المحكمة بذلك.

ومنح الدستور أيضاً المادة (145/ف2) ربع أعضاء مجلس الشعب حق الاعتراض على دستورية مرسوم تشريعي خلال (15) يوماً من انعقاد دورة مجلس الشعب (رقابة لاحقة).

ويتم التثبت من توقيع الأعضاء إذا كان الاعتراض مقدماً إلى المحكمة الدستورية العليا من قبل ربع أعضاء مجلس الشعب، ويعلم رئيس الجمهورية بذلك (المادة 27 من قانون المحكمة الدستورية العليا). ويعين رئيس المحكمة في كلتا الحالتين ـ سواء تقدم بالاعتراض رئيس الجمهورية أم ربع أعضاء مجلس الشعب ـ أحد الأعضاء مقرراً لدراسة المسائل القانونية المثارة في الاعتراض، وإعداد تقرير بقبوله أو رفضه من حيث الشكل أو الموضوع، يرفع إلى الهيئة العامة للمحكمة للنظر فيه (المادة 28 من قانون المحكمة الدستورية العليا). وتصدر المحكمة قرارها في الاعتراض على دستورية قانون أو مرسوم خلال (15) يوماً من تاريخ تسجيل الاعتراض لديها، ويجب على المحكمة في حالة الاعتراض على دستورية قانون، وكان لهذا القانون صفة الاستعجال إصدار قرارها خلال (7) أيام المادة (145/ الدستور).

وحددت الفقرة الثالثة من المادة (145) من الدستور الأثر المترتب على الحكم بعدم الدستورية، حيث نصت على أنه: "إذا قررت المحكمة الدستورية العليا مخالفة القانون أو المرسوم التشريعي للدستور يُعدّ لاغياً ما كان مخالفاً منهما لنصوص الدستور بمفعول رجعي ولا يرتب أي آثر".

(2) ـ التحقيق في طعون انتخابات مجلس الشعب:

منحت المادة (62) من الدستور مجلس الشعب سلطة الفصل في صحة عضوية أعضائه على ضوء التحقيقات التي تجريها المحكمة الدستورية العليا.

(3) ـ الاختصاص الجزائي: محاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى:

أسندت المادة (91) سلطة محاكمة رئيس الجمهورية في حالة اتهامه بالخيانة العظمى إلى المحكمة الدستورية العليا.

(4) ـ الاختصاص الاستشاري:

منحت المادة (147) من الدستور المحكمة الدستورية العليا سلطات استشارية بناء على طلب رئيس الجمهورية، حيث نصت على أن: "تتولى المحكمة الدستورية العليا بناء على طلب رئيس الجمهورية إبداء الرأي في دستورية مشروعات القوانين والمراسيم التشريعية وقانونية مشروعات المراسيم". والهدف من وراء ذلك هو التقليل من الاعتراضات على دستورية القوانين بعد إقرارها، والمراسيم التشريعية بعد إصدارها، والتأكد من عدم مخالفة المراسيم الصادرة عن رئيس الجمهورية للقوانين النافذة.

ويجب على المحكمة الدستورية العليا وفقاً لقانونها أن تبدي رأيها خلال (10) أيام من تاريخ ورود الطلب إليها، وإبلاغ رئيس الجمهورية بذلك (المادة 32 من قانون المحكمة الدستورية العليا).

 

 


التصنيف : القانون العام
النوع : القانون العام
المجلد: المجلد السابع: المحكمة الجنائية الدولية _ ولاية المظالم في الإسلام
رقم الصفحة ضمن المجلد : 438
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1083
الكل : 45629099
اليوم : 29782