logo

logo

logo

logo

logo

عقد النقل البحري

عقد نقل بحري

shipping contract - contrat de transport maritime

 عقد النقل البحري

عقد النقل البحري

محمد سامر

تعريف عقد النقل البحري وإثباته حدود مسؤولية الناقل البحري
التزامات الناقل البحري الإعفاء الاتفاقي من المسؤولية
مسؤولية الناقل البحري  دعوى المسؤولية
 

النقل البحري هو عصب الحياة التجارية وتبادل السلع والحاجيات والمواد في جميع أرجاء المعمورة وقد نظمته الاتفاقيات الدولية البحرية، ونظم أحكامه التشريع السوري في قانون التجارة البحرية رقم (46) لعام  2006م بما يتفق وقواعد الاتفاقيات الدولية.

أولاً ـ تعريف عقد النقل البحري وإثباته:

عقد النقل البحري هو عقد يلتزم بمقتضاه شخص يدعى الناقل بأن يقوم بنقل البضائع أو الأشخاص بالبحر مقابل أجرة (المادة 210 من قانون التجارة البحرية رقم 46 لعام 2006م).

ويقوم عقد النقل البحري على طرفين هما: الناقل والشاحن، فالشاحن هو الذي يطلب نقل بضائع من مكان إلى آخر، مباشرة أو عن طريق وكيله، أما الناقل فهو الذي يلتزم بنقل البضاعة لتسلم بعد ذلك إلى المرسل إليه.

وعقد النقل البحري عقد رضائي يكفي لانعقاده توافر الإيجاب والقبول بين طرفيه وكتابة العقد شرط إثبات لهذا العقد. ولا يثبت عقد النقل البحري إلا كتابة ويمكن أن يكون إلكترونياً فقد نص المشرع (بالمادة 211 من قانون التجارة البحرية لعام 2006م) أنه لا يثبت عقد النقل البحري إلا بالكتابة ويمكن أن يكون إلكترونياً ويصدر الوزير المختص التعليمات المتعلقة بذلك. وقد درج العرف على تحرير عقد النقل البحري بوثيقة الشحن وهي سند بالبضائع الموسوقة يعطيها الربان للشاحن ووثيقة الشحن تعد إثباتاً للعقد والشحن معاً.

ثانياً ـ التزامات الناقل البحري:

1 ـ التزامات الناقل في ميناء قيام الرحلة البحرية:

وتنطوي هذه الالتزامات على تأمين السفينة الصالحة للملاحة والنقل البحري، وتسلم البضائع، وشحنها، ورصها (تستيفها).

أ ـ تأمين سفينة صالحة للملاحة البحرية:

يلتزم الناقل البحري بأن يضع تحت تصرف الشاحن سفينة صالحة للملاحة لإتمام عملية النقل. والقانون السوري قد أوجب على الناقل البحري في المادة (228) إعداد سفينة صالحة للملاحة، وتنفيذ عملية النقل على نحو آمن لتحقيق التزامه في إيصال البضاعة سالمة لمكان الوصول (المادة 241/1 من قانون التجارة البحرية).

وتأمين السفينة يفرض أن يتخذ الناقل قبل البدء بالرحلة البحرية الاحتياطات الآتية:

(1) إعداد السفينة إعداداً فنياً جيداً تكون معه صالحة للملاحة.

(2) تجهيز السفينة وتزويدها بالمهمات والرجال والمؤن اللازمة للرحلة البحرية.

(3) تنظيف العنابر وسائر أقسام السفينة المعدة لشحن البضائع. وذلك حسب نوع السفينة وبحسب طبيعة الرحلة.

وإذا لم تتخذ هذه التدابير ولحق البضائع ضرر فيفترض أنه بخطأ الناقل ويكون للشاحن الحق في التعويض، وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كان عدم صلاحية السفينة ناشئاً من عيب خفي فيها يجهله الناقل فإن ذلك لا ينتقص من مسؤوليته. بيد أن القضاء الفرنسي مستوحياً في ذلك اعتبارات العدالة وحدها يقضي بعدم مسؤولية الناقل في هذه الحالة استناداً إلى أن السفينة الحديثة كثيرة التعقيد، بحيث يستحيل على الناقل مهما بذل من عناية أن يحيط بجميع أجزائها وأن يتوصل لمعرفة عيوبها الخفية. وصلاحية السفينة للملاحة هي مسألة نسبية تقدر وفقاً لظروف كل حالة بمراعاة طبيعة البضاعة المنقولة ونوع الرحلة.

ب ـ القيام بتسلم البضائع:

وتعد هذه العملية وفقاً لكل من القانون السوري واتفاقية هامبورغ للنقل البحري العام بداية لسريان مسؤولية الناقل، بعكس ما جاء في اتفاقية بروكسل لعام 1978التي جعلت مسؤولية الناقل تبدأ من الشحن حتى التفريغ.

وفي جميع الأحوال يتوجب على الناقل عند التسلم إصدار وثيقة الشحن إذا طلب الشاحن ذلك، مع ملاحظة أن المشرع قد أجاز للناقل تسليم الشاحن إيصالاً بتسلم البضائع قبل الشحن على أن تستبدل الوثيقة بهذا الإيصال بعد وضع البضاعة في السفينة (الفقرة الثانية والثالثة من المادة 213 من قانون التجارة البحرية).

ويتوجب أن يتم تسلم البضائع في الموعد المتفق عليه، وفي ميناء الشحن ما لم يتفق على خلاف ذلك، وعندها يتعين على الناقل أن يقوم بكل ما يلزم لنقل البضائع إلى رصيف الميناء تمهيداً لشحنها ويدخل هذا ضمن نطاق تطبيق عقد النقل خلافاً لما أخذت به معاهدة بروكسل. وتسلم الناقل للبضائع يمكن أن يكون على ظهر السفينة وذلك عندما يتفق على أن الشحن يقع على عاتق الشاحن، وهو ما أخذ به القانون السوري خلافاً للمعاهدتين اللتين لم تجيزا مثل هذا الاتفاق وبالتالي لا يتصور في ظل أي منهما أن يتم التسلم على ظهر السفينة.

ويترتب على الالتزام بتسلم البضائع من الشاحن أن يكون الناقل مسؤولاً تجاه الشاحن وملزماً بتعويضه عن كل ضرر ينتج من تخلفه عن تنفيذ هذا الالتزام ما لم يكن ذلك مبرراً (كاختلاف نوع البضاعة عما هو متفق عليه في العقد).

ج ـ عمليات الشحن:

تستهدف عمليات الشحن نقل البضاعة من الرصيف ووضعها في السفينة، وتختلف الوسيلة المتبعة في ذلك تبعاً لنوع البضاعة.

وعقد النقل لا يبدأ تنفيذه إلا من وقت بدء الشحن، ومن ثم فرحلة السفينة في طريقها إلى ميناء الشحن لا تعد بداية لتنفيذ العقد. والوقت الذي يجب أن تتواجد فيه السفينة فيه في ميناء الشحن يتحدد حسب الاتفاق، وفي حال عدم وجود اتفاق بخصوص ذلك يتم الرجوع إلى عرف الميناء الذي يجري فيه الشحن، وفي حال مخالفته يحق للشاحن فسخ عقد النقل إضافة إلى المطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر، إلا إذا أثبت الناقل أن التأخير يعود لسبب أجنبي فعندها يبقى للشاحن الحق في فسخ العقد أو المطالبة بالتنفيذ رغم التأخير ولكن دون المطالبة بالتعويض.

ونص القانون في مادتيه (222 و223) ويقابلها في اتفاقية بروكسل المادة (4/6)، وفي اتفاقية هامبورغ المادة (13)، على أن الشحن يجب أن يرد على البضاعة المتعاقد عليها وفي حال اختلافها يحق للناقل رفض نقلها.

وعندما تكون البضائع حيوانات حية فلا يجوز شحنها إلا على السفن المخصصة لذلك، كما يجب أن يرافقها مندوب عن الشاحن في أثناء النقل.

وعندما تكون السفينة مستأجرة بكاملها من قبل الشاحن فلا يجوز للناقل أن يشحن البضاعة في غير الأماكن المخصصة لشحن البضائع. ولا يجوز له في هذه الحالة أن يقوم بنقل بضاعة للغير على ظهر السفينة المستأجرة سواء أكان ذلك في الأماكن المخصصة للشحن أم لا، وإلا يكون للمستأجر حق المطالبة بأجرة نقلها.

وبمقتضى قانون التجارة البحرية السوري فإن الأصل أن الملتزم الرئيسي هو الناقل، مع جواز الاتفاق على أن يقوم الشاحن بذلك وعندها يترتب ما يلي:

(1) التسلم سيتم على ظهر السفينة.

(2) الشاحن سيكون هو المسؤول عما يحدث للبضائع من ضرر في أثناء عملية الشحن.

(3) التزام الناقل بإيصال السفينة إلى الميناء اللازم للشحن وإخطار الشاحن بذلك.

وأياً كان الملتزم بالشحن سواء الناقل أم الشاحن فلا بد من تعاونهما لإنجاز هذه العملية (المادة 232 من قانون التجارة البحرية).

وقد جرى العمل على أن ينص في عقود النقل على أن يتحمل الشاحن مصاريف عملية الشحن ولو قام بها الناقل. وفي معاهدتي بروكسل وهامبورغ فإن الملتزم بالنقل هو دائماً الناقل، فلم تسمح كلتاهما بالاتفاق على أن يقوم الشاحن بعملية الشحن.

د ـ عمليات رص أو تستيف البضاعة:

رص البضاعة أو تستيفها يعني ترتيب البضاعة في العنابر المخصصة لها، أو على سطح السفينة في الحالات التي يجوز فيها ذلك، بطريقة تبعد عن البضاعة خطر الهلاك والتلف وتحافظ على توازن السفينة.

ويقوم الناقل أو وكيله الربان بعملية رص البضاعة، ولو قام بذلك مقاولون متخصصون يبقى الناقل مسؤولاً عن أخطائهم في مواجهة الشاحنين. ذلك كله تحت إشراف الربان على هذه العملية للتحقق من سلامة السفينة وتوازنهاٍ.

ويعد الرص أو التستيف المعيب خطأً تعاقدياً يرتب مسؤولية الناقل عما قد ينجم عنه من أضرار، ولذا يسعى الربان عادة إلى الحصول على شهادة بالرص في ميناء الوصول قبل تسليم البضاعة للمرسل إليه. ينظمها متخصصون، ولا يكون لها حجية إلا إذا تمت بحضور المرسل إليه أو وكيله أو بناءً على إذن من المحكمة أو كان عقد النقل متضمناً شرطاً يخول الربان حق الاستعانة بالخبراء.

وفيما يخص تنفيذ هذا الالتزام لم ينص القانون والمعاهدات على شيء في هذا الخصوص، ومن ثم يخضع تنفيذه للأصول الفنية التي استقر عليها العمل في الموانئ بحسب نوع البضاعة موضوع النقل وطبيعتها.

وقد اشترط المشرع السوري أن يكون النقل داخل العنابر ولم يجز للناقل في غير الملاحة الساحلية نقل أي بضائع على سطح السفينة محملاً إياه مسؤولية ما قد يصيبها من أضرار بسبب ذلك (المادة 230 من قانون التجارة البحرية)، ومن أخطار هذا النقل:

ـ تعريض السفينة للخطر بسبب عدم توازنها الناتج من تحول مركز الثقل.

ـ تعريض البحارة للخطر نتيجةً لصعوبة تنقلهم في أثناء العواصف والأخطار البحرية وانشغال الممرات على السطح بالبضائع.

ـ تعريض البضاعة نفسها لخطر السقوط في البحر أو التبلل بمياه البحر أو بالأمطار.

ـ تعريض البضاعة الموجودة في العنابر لخطر انهيار سطح السفينة بحمولته عليها وتسرب ماء البحر إليها.

ولكن مع هذا ومراعاة من المشرع لما تحقق من تقدم في صناعة السفن فقد أورد على هذا الأصل استثناءات أجاز فيها للناقل أن يقوم بالشحن والرص على السطح، هي كالتالي:

ـ إذا أذن له الشاحن كتابةً بذلك.

ـ إذا كان ملزماً بذلك بموجب الأنظمة واللوائح السارية في ميناء الشحن.

ـ إذا جرى العرف في مرفأ الشحن أو اقتضت طبيعة البضاعة ذلك (كالأخشاب والسيارات...).

ولكن في جميع الأحوال أوجب المشرع أن يذكر في وثيقة الشحن أن البضاعة مشحونة على السطح.

ولدى توافر إحدى الحالات السابقة لا يكون الناقل مسؤولاً عما يصيب البضاعة من ضرر بسبب شحنها بهذه الكيفية إذا أثبت أن الضرر حصل نتيجة الطبيعة الخاصة لهذا النقل، ولكنه مع ذلك يبقى ملزماً بما يقضي به القانون والعرف من اتخاذ الاحتياطات اللازمة للمحافظة على البضاعة المشحونة بهذه الكيفية ما لم يثبت وجود السبب الأجنبي.

2 ـ التزامات الناقل خلال عملية النقل البحري:

وجوهر هذه الالتزامات هو النقل والحفاظ على البضائع المنقولة خلال الرحلة.

أ ـ القيام بنقل البضائع:

الالتزام الرئيسي على عاتق الناقل هو نقل البضائع، محققاً الهدف الأساسي الذي يسعى إليه الشاحن، وهو إيصال البضاعة سالمة إلى مكان الوصول، فعليه أن يوصل البضاعة إلى الجهة المقصودة كاملة وسليمة في الميعاد المحدد والمتفق عليه. وإلا ففي مدة معقولة تتناسب مع نوع السفينة وطبيعة البضاعة وضمن خط السير الملاحي المتفق عليه أو خط السير المعتاد. ولا يجوز للربان أن ينحرف عن هذا الخط، فقد يؤدي الانحراف إلى تعرض السفينة أو البضاعة للخطر، كما لو مرت السفينة على ميناء معين غير داخل في خط سيرها فصودرت البضاعة المرسلة أو تعرضت السفينة لعاصفة ألحقت ضرراً بالبضاعة، فهنا لا يجوز للناقل التعلل بالقوة القاهرة لأنها ما كانت لتحدث الضرر لو لم يرتكب الناقل خطأً سابقاً وهو الانحراف عن خط السير المعتاد. ما لم يكن الانحراف مبرراً إما بموجب بنود العقد نفسه، وإما لتوافر إحدى الحالات التي نص عليها المشرع في المادة (256)، (ومثالها الانحراف بقصد إنقاذ أرواح بشرية).

وعادة يتم النقل على السفينة التي شحنت عليها البضاعة دونما تغيير لأن تغييرها يزيد من احتمال تعرض البضاعة للضرر أو للأخطار، ولكن في حالة الاضطرار إلى ذلك أوجب المشرع على الناقل تغييرها، ويسري هذا الالتزام لا في حال توقف السفينة نهائياً فحسب وإنما في حال التوقف المؤقت أيضاً إذا كان من شأن هذا التوقف الإضرار بالبضائع (الفقرة الثانية من المادة 229 من قانون التجارة البحرية). وإذا اضطر الناقل إلى ذلك وقام باستئجار سفينة أو أكثر فيتحمل هو المصاريف ولا يستحق أي زيادة في الأجرة.

أما إذا قام الناقل ببذل العناية اللازمة ولم يستطع على الرغم من ذلك تأمين سفينة أخرى فلا يعد عندئذ مسؤولاً، ولكن عليه أن يخطر الشاحنين بالظرف الذي يوجد فيه وأن يتخذ الوسائل اللازمة للمحافظة على البضائع، وعندها على كل شاحن أن يقوم بنقل بضائعه على مسؤوليته ويلتزم بدفع الأجرة للناقل بقدر ما تم من الرحلة.

وغالباً ما ينطوي العقد على ما يمنح الناقل حق تغيير السفينة، ولكن هذا الأمر لا يعفي الناقل من التزاماته المتعلقة بالسفينة والبضاعة، وفي هذه الحالة يتحمل الناقل مصاريف نقل البضاعة ويكون مسؤولاً عن ذلك وعما يحدث من أضرار نتيجة النقل وتغيير السفينة، وعليه أن يحصل من ربان السفينة الثانية على وثيقة شحن.

وتنتهي عملية النقل بوصول البضاعة إلى المكان المتفق عليه، وقد يجيز العقد للربان التوجه إلى ميناء آخر كأن ترد في وثيقة الشحن عبارة «أو أي ميناء آخر قريب يمكن أن تصل إليه السفينة بسلام»، ويرد هذا الأمر في الأحوال التي لا يمكن فيها وصول السفينة إلى الميناء المتفق عليه لسبب خارج عن إرادة الربان (كوجود حجر صحي مثلاً.. إلخ).

وإذا ورد في العقد مكانان للوصول مع ترك الخيار للشاحن، عندئذ على الربان أن يتوجه بالبضاعة إلى الميناء الذي يحدده الشاحن في أثناء الرحلة، وإلا كان عليه أن يتوجه إلى الميناء المذكور أولاً في العقد حتى تأتيه تعليمات الشاحن.

ب ـ الحفاظ على البضائع المنقولة:

يتوجب على الناقل الحفاظ على البضائع التي يقوم بنقلها مادامت في حراسته. ويسأل إذا أخل بالتزامه بالحفاظ على البضاعة وعدم بذل العناية اللازمة لتحقيق ذلك.

3 ـ التزامات الناقل في ميناء الوصول:

وتتمثل تلك الالتزامات بالقيام بتفريغ البضاعة وتسليمها.

أ ـ القيام بتفريغ البضاعة:

التفريغ يتضمن العمليات المادية التي تستهدف إخراج البضاعة من السفينة وإنزالها بواسطة الروافع إلى الرصيف، أو إلى الصنادل في حال كانت السفينة راسية بعيداً عن الرصيف.

وبمقتضى معاهدتي بروكسل وهامبورغ فإن من يقوم بالتفريغ هو الناقل دوماً ولا يجوز الاتفاق على خلاف ذلك، أما في ظل القانون فالأصل أن الناقل هو من يقوم بالتفريغ، فهو من يتعاقد مع المقاول البحري ويتحمل تبعة ما قد يرتكبه هذا المقاول أو تابعوه من أخطاء، ولكن استثناء أجاز المشرع الاتفاق على أن يقوم الشاحن أو المرسل إليه بالتفريغ (الفقرة الأولى من المادة 229 من قانون التجارة البحرية).

وغالباً ما يرد في وثيقة الشحن شرط يقضي بأن يكون التفريغ على عاتق المرسل إليه، وهذا ما يعرف بشرط التسليم تحت الروافع (أي التسليم على ظهر السفينة)، وبمقتضى هذا الشرط على المرسل إليه بعد تسلم البضاعة أن يقوم بتفريغها في ميعاد معين على أن يبدأ سريانه من الوقت الذي يخطر فيه الربان المرسل إليه بأن السفينة مستعدة للتفريغ.

ويتم تحديد مهل الشحن والتفريغ بالاتفاق بين المتعاقدين (الفقرة الثانية من المادة 186 من قانون التجارة البحرية)، وفي حال عدم اتفاق المتعاقدين على مدة معينة يُلجأ إلى الأعراف السائدة.

وتبدأ مهلة انتظار السفينة للشحن من اليوم الذي يلي إعلام الناقل للشاحن عن جاهزية السفينة لتقبل البضائع، أما مهلة الانتظار للتفريغ فتبدأ من اليوم الذي يلي إبلاغ الناقل للشاحن عن استعداد السفينة للتفريغ. ولا تحسب ضمن مهلة الانتظار إلا أيام العمل دون أيام العطل الأسبوعية والأعياد الرسمية. كما يتوقف سريان مهلة الانتظار إذا حالت القوة القاهرة دون القيام بالشحن أو التفريغ، كسوء الأحوال الجوية وغيرها (الفقرة الثالثة من المادة 187 من قانون التجارة البحرية). ولا يستحق زيادة في الأجرة أو مكافأة عن هذه المهلة، ولكن غالباً ما يتفق على أن يمنح الشاحن أو المرسل إليه مكافأة سرعة إذا ما قام بإنجاز العملية قبل الموعد المحدد في العقد (الفقرة الثانية من المادة 187 من قانون التجارة البحرية).

وإذا انقضت المهلة المحددة (اتفاقاً أو عرفاً) يبدأ سريان مهلة إضافية لا تتجاوز المهلة الأصلية وتدخل ضمن هذه المهلة، خلافاً لما هو عليه الأمر في المهلة الأصلية، أيام العطل والأعياد، ولا تتوقف هذه المهلة الإضافية بسبب القوة القاهرة، وذلك لأن التأخير كان سببه تقصير الشاحن أو المرسل إليه في تنفيذ التزاماته، وتعد المهلة الإضافية مأجورة (الفقرة الرابعة من المادة 187 من قانون التجارة البحرية).

وفي حال انقضاء المهلة الإضافية من دون إتمام الشحن أو التفريغ فيتم منح مهلة إضافية ثانية يكون فيها للربان أن يتقاضى عن كل يوم منها تعويضاً يساوي مثلاً ونصف المثل من المبلغ المستحق عن كل يوم من أيام المهلة الإضافية الأولى، وذلك من دون إخلال بما قد يستحق من تعويضات عن الأضرار التي قد تصيب الناقل.

والتعويض المستحق عن المهل الإضافية يعد من ملحقات الأجرة ويخضع لما تخضع له الأجرة من أحكام، وخاصة ما يتعلق منها بضمانات الناقل لاستيفائها، وسقوط حق الادعاء بها.

وقد تتضمن وثيقة الشحن ما يعرف بشرط «التفريغ التلقائي» وبمقتضاه، في حال تأخر المرسل إليه عن تسلم البضائع يقوم الربان بالتعاقد مع مقاول يقوم بتفريغ البضاعة وتسلمها لمصلحة المرسل إليه وعلى نفقته.

ب ـ الالتزام بتسليم البضائع:

التسليم هو الإجراء القانوني الذي توضع البضاعة فيه تحت تصرف صاحب الحق فيها. إذ تنتقل حيازة البضاعة للمرسل إليه ويتمكن من فحصها والتحقق من مطابقتها للمواصفات الواردة في وثيقة الشحن.

والتسليم في اتفاقيتي بروكسل وهامبورغ هو دائماً لاحق للتفريغ، أما في ظل القانون فيمكن أن يكون إما لاحقاً (وهو الأصل)، وإما مزامناً وذلك في حال وجود «شرط التفريغ التلقائي» وإما سابقاً في حال وجود شرط «التسليم تحت الروافع».

وصاحب الحق في تسلم البضاعة هو الحامل الشرعي لوثيقة الشحن. وقد جرى العمل على أن يقوم الربان بتسليم البضاعة لوكيل السفينة ليقوم بتوزيعها على أصحاب الحق فيها، ولكن في هذه الحالة لا تنقضي مسؤولية الناقل.

وقد تناول القانون حالة تعدد المطالبين بالبضاعة نتيجة تحرير وثيقة الشحن على عدة نسخ، وذلك في المادة (239) من قانون التجارة البحرية، فميّز حالتين، وهما:

الحالة الأولى: في حالة التزاحم قبل التسليم: فإن الأولوية تكون لحامل النسخة الأسبق في تاريخ التظهير، لأن الوثيقة تمثل حيازة البضاعة فتعد كأنها انتقلت إليه ولم يعد للمالك الأول إعادة تظهيرها لأنه لم يعد يملكها.

الحالة الثانية: في حالة التزاحم بعد التسليم: فمن تسلم البضاعة تكون له الأفضلية على حملة النسخ الأخرى، ولو كانت تظهيراتهم أسبق تاريخاً، ولكن بشرط أن يكون من تسلم البضاعة حسن النية وفقاً لما نصت عليه المادة (239) إذا جاء فيها أنه: «1ـ إذا تقدم عدة أشخاص يحملون نسخاً من وثيقة الشحن القابلة للتداول بطلب تسلم البضائع، وجب تفضيل حامل النسخة التي يكون أول تظهير فيها سـابقاً علـى تظهيرات النسخ الأخرى. 2ـ إذا تسلم البضائع حامل حسن النية لإحدى النسخ، كانت له الأفضلية على حامل أو حملة النسخ الأخرى ولو كانت تظهيراتها أسبق تاريخاً».

وإذا لم يتمكن الناقل من تحديد من هو صاحب الحق بدقة، كان من واجبه أن يطلب إلى القضاء تعيين حارس قضائي تودع لديه البضائع حتى يتمكن من معرفة صاحب الحق.

وعندما لا يحضر أحد لتسلم البضاعة، أو حضر المرسل إليه إلا أنه رفض التسلم لأن البضاعة معيبة، أو غير مطابقة للمواصفات المتفق عليها مع الشاحن، ففي هذه الحالة للناقل الحق في أن يطلب إلى القضاء المستعجل إيداع البضاعة لدى أي شخص لحساب المرسل إليه أو لدى حارس قضائي. وإذا لم تكن الأجرة قد دفعت بعد، فله أن يطلب تقرير بيع ما يكفي من البضاعة لتسديد هذه الأجرة ثم إيداع الباقي (المادة 240 من قانون التجارة البحرية). وينص قانون التجارة البحرية السوري لعام 2006 في المادة (237) منه على أن «يعد تسليم نسخة من سند الشحن إلى الناقل قرينة على تسليم البضائع إلى صاحب الحق في تسلمها ما لم يثبت غير ذلك»، وثمة وثيقة أخرى تثبت تسليم البضائع وهي أذون التسليم التي تحكمها المادة (226) منه، والتي تجيز لكل من له حق في تسلم بضائع بمقتضى سند شحن أن يطلب من الناقل إصدار أذون تسليم تتعلق بكميات منها بشرط أن ينص على ذلك في سند الشحن، ويعطي إذن التسليم حامله الشرعي حق تسلم البضائع المبينة به، ومؤدى ذلك أن استرداد الناقل لإذن التسليم موقعاً عليه من حامله الشرعي بالتسلم يثبت قيام الناقل بتسليم البضاعة المبينة في الإذن.

وعندما يضطر الناقل إلى تسليم البضائع لنائب قضائي عن المرسل إليه كما في حالة إيداعه البضائع لدى أمين يعينه قاضي الأمور المستعجلة المادة (240)، أو إلى نائب اتفاقي كما في حالة تسليم البضائع إلى مقاول التفريغ إعمالاً لشرط التفريغ التلقائي، فإن إثبات التسليم يكون بالحصول من النائب القضائي أو الاتفاقي على إيصال بتسلم البضائع.

ثالثاً ـ مسؤولية الناقل البحري:

1ـ الطبيعة القانونية لمسؤولية الناقل البحري:

أوضحت اتفاقية بروكسل أن التزام الناقل البحري هو التزام بتحقيق نتيجة هي إيصال البضاعة كاملة وسليمة إلى المكان المطلوب وفي الموعد المحدد، وتنعقد مسؤولية الناقل عند تخلف هذه النتيجة، ولا حاجة إلى أن يثبت الشاحن ذلك. (الفقرة الثانية من المادة الرابعة من اتفاقية بروكسل) أي إن مسؤولية الناقل قائمة على الخطأ المفترض غير القابل لإثبات العكس، وليس أمام الناقل ليدفع هذه المسؤولية إلا أن يثبت السبب الأجنبي.

وهنالك استثناء أوردته اتفاقية بروكسل في الفقرة الأولى من المادة الثالثة منها عدت بموجبه التزام الناقل بجعل السفينة صالحة للملاحة قبل وعند البدء بالرحلة التزاماً ببذل عناية، أي إن مسؤوليته في هذه الحالة قائمة على الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس.

أما اتفاقية هامبورغ فقد أقامت كقاعدة عامة مسؤولية الناقل على أساس الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس، وقد مكنت الناقل من التخلص من مسؤوليته عن الضرر الناشئ من هلاك البضاعة أو تلفها، أو التأخر في تسليمها إذا أثبت أنه هو وتابعوه ومن استخدمهم في تنفيذ العقد، قد اتخذوا جميع التدابير المعقولة لتفادي سبب الضرر ونتائجه (الفقرة الأولى من المادة الخامسة من اتفاقية هامبورغ). أي إن الناقل يبرأ من المسؤولية حتى لو بقي سبب هلاك البضاعة أو تلفها أو التأخر في تسليمها مجهولاً، إذا أثبت بذل العناية المعقولة في نقل البضائع والمحافظة عليها.

ولكن هذه القاعدة التي جاءت بها اتفاقية هامبورغ لها استثناءان، تكون في كل منهما مسؤولية الناقل واجبة الإثبات:

أ ـ المسؤولية في حالة الحريق: أقامت اتفاقية هامبورغ مسؤولية الناقل في حالة الحريق على أساس الخطأ الواجب الإثبات، وذلك عندما ألزمت المدعي أن يثبت أن خطأ أو إهمال الناقل أو أحد تابعيه أو وكلائه كان هو السبب في إحداث الحريق، أو كان السبب في عدم إطفاء الحريق أو تفادي آثاره أو التقليل منها.

ب ـ المسؤولية في نقل البضائع على سطح السفينة: سبقت الإشارة إلى أنه لا يجوز النقل على السطح إلا إذا توافرت حالات معينة وهي أذن الشاحن كتابةً بذلك أو أن الناقل كان ملزماً بذلك بموجب الأنظمة واللوائح المعمول بها في ميناء الشحن. أو إذا جرى العرف في ميناء الشحن على ذلك أو اقتضت طبيعة البضاعة ذلك. وفي حال قيام الناقل بنقل البضاعة على السطح من دون توافر إحدى هذه الحالات، أو في حال عجزه عن إثبات اتفاقه مع الشاحن على نقلها على السطح، أو في حال عدم الجواز له بالاحتجاج بمثل هذا الاتفاق على الغير، ففي جميع هذه الحالات تنعقد مسؤولية الناقل بمجرد أن يثبت المدعي أن النقل على السطح كان السبب الوحيد لحدوث الضرر، ولا يبرأ الناقل من المسؤولية إلا بإثبات أن الضرر يعود لسبب أجنبي.

كما بينت الاتفاقية أن مخالفة الاتفاق على وجوب النقل في العنابر تحرم الناقل من التمسك بأحكام تحديد المسؤولية نظراً لافتراض أن قصد الناقل قد اتجه لإحداث الضرر.

أما قانون التجارة البحرية لعام 2006 فإنه يعد التزام الناقل البحري بنقل البضاعة سالمة إلى ميناء الوصول في الميعاد المتفق عليه أو في الميعاد المعقول، في حال عدم الاتفاق على ميعاد معين، التزاماً بتحقيق نتيجة لأن المادتين (243) و(254/1) لا تعفيان الناقل من مسؤوليته عن الهلاك أو التلف أو التأخير إلا إذا أثبت أن ذلك يرجع لسبب أجنبي لا يد له أو لنائبه أو لأحد تابعيه فيه، والالتزام المنصوص عليه هو التزام عقدي والمسؤولية عن الإخلال به مسؤولية عقدية.

2 ـ حالات تحقق مسؤولية الناقل البحري:

يلتزم الناقل بإيصال البضاعة سليمة وكاملة إلى ميناء الوصول وفي الموعد المحدد، وعلى ذلك تقوم مسؤوليته في أربع حالات هي:

أ ـ الامتناع عن تنفيذ النقل: إذا امتنع الناقل عن تسلم البضاعة أو نقلها بغير سبب مشروع، فإنه يكون قد امتنع عن تنفيذ التزامه الأساسي أي التزامه بنقل البضائع التي اتفق مع الشاحن على نقلها ويُعد مسؤولاً تجاه الشاحن، إلا إذا أثبت أن الشاحن لم يقدم له البضاعة المتفق عليها أو أن البضاعة كانت خطرة، أو أن عدم تنفيذه النقل يرجع لسبب أجنبي لا يد له أو لنائبه أو لأحد من تابعيه فيه.

ب ـ الهلاك: يعد الناقل مسؤولاً عن هلاك البضاعة سواء أكان الهلاك كلياً (كما لو احترقت البضاعة أو سرقت) أم جزئياً (كما لو وصلت البضاعة ناقصة من حيث الوزن أو المقدار أو العدد)، وسواء أكان الهلاك حقيقياً أم حكمياً. وتعد البضائع في حكم الهالكة إذا لم تسلم خلال الستين يوماً التالية لانقضاء ميعاد التسليم.

والعرف قد تسامح بقدر صغير إذا كان النقص حاصلاً بسبب ظروف النقل أو طبيعة البضاعة كما لو كانت سوائل تبخر جزء منها أو كانت حبوباً سقط جزء منها في أثناء عمليتي الشحن والتفريغ، وقد ورد ذلك أيضاً في قانون التجارة البحرية، إذ تنص المادة (145) منه على أنه:

« إذا كانت البضاعة تفقد بطبيعتها جزءاً من قدرها لمجرد نقلها، فلا يسأل الناقل إلا عن النقص الذي يفوق النسبة التي يقضي بها العرف ما لم يثبت أن النقص نجم بالفعل عن سبب آخر.

إذا كانت البضاعة المنقولة بمقتضى سند نقل واحد مجزأة لعدة أجزاء أو طرود حسبت نسبة التسامح في النقص لكل جزء أو طرد على انفراد إذا حدد قدره عند الإرسال بصورة مستقلة في سند النقل أو إذا أمكن تحديده بطريقة أخرى». أما إذا تجاوز النقص القدر المسموح به فيسأل الناقل عن النقص كله على افتراض أنه يعد في هذه الحالة قد ارتكب خطأً.

وإذا انطوت وثيقة الشحن على تحفظ بخصوص وزن أو مقدار البضاعة، فعندها يتعين على صاحب الحق في تسلم البضاعة أن يثبت حقيقة المقدار المشحون ليتسنى له إثبات الهلاك الجزئي ومطالبة الناقل بالتعويض.

ج ـ التلف: ويقصد به وصول البضاعة كاملة سواء من حيث الوزن أو العدد، ولكنها معيبة أو بها عجز، كلها أو جزء منها. وفي هذه الأحوال يسأل الناقل عن هذا التعيب أو التلف إذا كانت وثيقة الشحن نظيفة خالية من أي تحفظ بشأن حالة البضاعة حين شحنها، إذ يفترض أنه تسلمها من الشاحن بحالة جيدة وأن العيب قد حصل في أثناء النقل. أما إذا تضمنت وثيقة الشحن تحفظاً يتعلق بحالة البضاعة الظاهرة، فعندها يفترض أن الناقل قد تسلمها وهي معيبة، ويكون عبء إثبات العكس على عاتق المرسل إليه.

وبخصوص الحالة التي يقوم فيها الناقل بتسليم وثيقة شحن نظيفة للشاحن، وأخذه منه بالمقابل خطاب ضمان يتحفظ فيه على وضع البضاعة، فهنا العبرة في علاقة الناقل بالمرسل إليه لوثيقة الشحن إذ لا حجية لهذا الخطاب إلا بين طرفيه، أي الشاحن والناقل، ومن ثم فهو مسؤول تجاهه عن كل هلاك أو تعيب قد يصيب البضاعة. إلا أن سند الشحن النظيف لا يمنع الناقل من إثبات سبب من أسباب الإعفاء من المسؤولية التي ينص عليها القانون.

د ـ التأخر في التسليم: يقع على الناقل التزام بتسليم البضاعة في الوقت الذي اتفق عليه في وثيقة الشحن، إذا كان محدداً فيها، وإلا فيتم في الفترة الزمنية التي يحددها العرف في ضوء نوع البضاعة وطريق الرحلة. ولا يعد مجرد التأخر في تسليم البضاعة سبباً للتعويض، وإنما يجب أن يكون غير عادي وأن يسبب الضرر لصاحب الحق في تسلم البضاعة.

3 ـ طرق دفع مسؤولية الناقل البحري:

في بعض الحالات يستطيع الناقل أن يعفي نفسه من المسؤولية عن الضرر الذي يلحق بالبضاعة المنقولة بحراً. وهنا يلاحظ أن اتفاقية بروكسل، على الرغم من النص على بطلان شروط الإعفاء من المسؤولية، أجازت ذلك في حالات معينة هي:

أ ـ في حال عدم صلاحية السفينة للملاحة بعد بدء الرحلة: الناقل يلتزم ببذل العناية اللازمة والمعقولة لجعل السفينة صالحة للملاحة قبل الرحلة وعند البدء فيها، ومن ثم لا يسأل الناقل عن الهلاك أو التلف الناشئ من حالة عدم صلاحية السفينة للملاحة إذا أثبت أنه قام ببذل العناية المعقولة قبل وعند بدء الرحلة. كما أن الناقل لا يسأل كذلك عن نتائج العيوب الخفية في السفينة التي لا يمكن لمجهز متيقظ من تبينها (المادة الرابعة من اتفاقية بروكسل).

ب ـ عند وجود الأخطاء الملاحية والأخطاء المتعلقة بإدارة السفينة: الناقل في اتفاقية بروكسل لا يسأل عن الهلاك أو التلف الناشئ من أي عمل أو إهمال أو خطأ من جانب الربان أو البحارة أو المرشد أو مستخدمي الناقل في الملاحة أو في إدارة السفينة. أي إن الناقل يعفى من الأخطاء الملاحية لتابعيه وهي الأخطاء الفنية المتعلقة بقيادة السفينة (كما لو خالف الربان قواعد السير في البحار مما أدى إلى اصطدام السفينة وتضرر البضاعة المشحونة عليها).

وكذلك يعفى الناقل من أخطاء تابعيه المتعلقة بإدارة السفينة والتي يترتب عليها عدم المحافظة على سلامة السفينة وتعريضها للخطر إن لم يكن ذلك متعلقاً بقيادة السفينة أو تسييرها. علماً أنه لا ينال من اعتبار العمل خطأ في إدارة السفينة أن يسبب ضرراًَ في البضاعة مادام لم ينشأ مستقلاً عن الضرر اللاحق بالسفينة.

ويبقى الناقل مسؤولاً عن أخطاء تابعيه التجارية، أي الأخطاء التي تتعلق بشحن البضاعة أو رصها أو حفظها أو تفريغها، ويقع باطلاً أي شرط يعفي الناقل من هذه المسؤولية.

ج ـ نصت اتفاقية بروكسل على عدة أخطار بحيث إذا استطاع الناقل أن يعزي الضرر إلى أحدها فلا تقع عليه مسؤولية، وهي: القوة القاهرة، خطأ الشاحن وعيب البضاعة، وأفعال الناقل الخالية من الخطأ.

(1) القوة القاهرة: ويدخل في إطار القوة القاهرة ما يأتي:

ـ الحريق بغير خطأ من الناقل: وحتى يعفى الناقل من المسؤولية عليه أن يثبت أن الضرر يعود سببه للحريق، ولكن مع ذلك يبقى الناقل مسؤولاً عن الضرر إذا تمكن الشاحن من إثبات أحد أمرين: حدوث الحريق بفعل الناقل، أو نتيجة خطأ منه لا بخطأ تابعيه.

ـ أخطار البحر الاستثنائية التي تتعرض لها السفينة بسبب رحلتها (كالأعاصير).

ـ أخطار الحرب: سواء أكانت نزاعاً مسلحاً أم حرباً أهلية وسواء كانت معلنة أم من المتوقع نشوبها.

ـ أخطار الطبيعة، كالصاعقة مثلاً.

ـ أعمال الأعداء العموميين: من الصعب تحديد المقصود بالأعداء العموميين، ولعل المراد بذلك أعمال القراصنة.

ـ كل عمل صادر من سلطة عامة يمنع التنفيذ ولا يرجع إلى خطأ الناقل.

ـ قيود الحجر الصحي.

ـ الإضراب أو الإغلاق في أثناء العمل: وكل ما من شأنه أن يحول دون مباشرة العمل ويؤدي إلى استحالة التنفيذ.

ـ الفتن أو الاضطرابات الأهلية.

 (2) خطأ الشاحن وعيب البضاعة: لا يسأل الناقل عما يصيب البضاعة من ضرر إذا كان ناشئاً من خطأ من جانب الشاحن أو مالك البضاعة أو وكيله أو ممثله. وقد تضمنت الاتفاقية تطبيقاً لذلك بخصوص البضائع الخطرة التي لم يكن الناقل ليسمح بشحنها على السفينة لو علم بطبيعتها.

كما لا يسأل الناقل عما يصيب البضاعة من ضرر بسبب عجز في الحجم أو الوزن أو أي هلاك أو تلف آخر ناتج من عيب خفي أو عن طبيعة البضاعة الخاصة، ولكن لا يمكن للناقل الاحتجاج بالعجز الذي يصيب البضاعة في أثناء الطريق إذا كانت البضاعة بطبيعتها غير قابلة للعجز، أو كانت حالتها عند الشحن لا تسمح بالعجز كالحبوب الجافة مثلاً.

وبخصوص التغليف غير الجيد لا يمكن للناقل أن يحتج به في مواجهة الغير حسن النية إذا لم يدرج في وثيقة الشحن تحفظ بخصوص هذا الشأن، ومن ثم يكون مسؤولاً أمام الغير ولكن يحق له الرجوع على الشاحن بعد أن يدفع التعويض لصاحب الحق، على أن يثبت علاقة السببية بين عدم كفاية التغليف والضرر.

(3) أفعال الناقل الخالية من الخطأ: لا يسأل الناقل عن الضرر الذي يلحق البضاعة إذا كان الضرر قد نجم عن:

ـ إنقاذ أو محاولة إنقاذ الأرواح أو الأموال في البحر.

ـ العيوب الخفية في السفينة التي لا يمكن لمجهز متيقظ أن يتبينها.

ـ الانحراف المعقول في المسير deviation: إذا كان لإنقاذ أو محاولة إنقاذ الأرواح أو الأموال في البحر. وعلى الناقل إثبات أن الضرر نجم عن الانحراف، وأن الانحراف كان معقولاً،كما لو اضطر الربان إلى تغيير الطريق لإصلاح خلل طارئ بالسفينة نتج من الجو السيئ الذي صادفها في أثناء الرحلة. أما إذا كان الانحراف نتيجة خطأ من الناقل فلا يعفى من المسؤولية.

أما اتفاقية هامبورغ فقد بينت أسباب إعفاء الناقل من المسؤولية وقسمتها إلى عامة وأخرى خاصة:

وسبب الإعفاء العام يتمثل في قيام الناقل بإثبات أنه هو ومن استخدمهم في تنفيذ العقد من تابعين ووكلاء قد اتخذوا جميع التدابير المعقولة لتفادي الضرر ومستتبعاته. أما أسباب الإعفاء الخاصة: ويقصد بها الأسباب التي ترجع للطبيعة الخاصة للبضاعة وإلى واجب الإنقاذ.

ـ سبب الإعفاء المستند إلى كون البضاعة حيوانات حية:

نصت المادة الخامسة في فقرتها الخامسة على أن الناقل يعفى من المسؤولية عن الهلاك أو التلف أو التأخر في التسليم الناشئ عن المخاطر الخاصة بذلك النوع من النقل، وذلك إذا أثبت الناقل أنه نفذ التعليمات التي أصدرها إليه الشاحن بشأن هذه الحيوانات، وأنه في الظروف التي وقع فيها الحادث، يمكن نسبة الهلاك أو التلف أو التأخير إلى المخاطر الخاصة بهذا النوع من النقل، فإنه يفترض نسبة الضرر لتلك المخاطر الخاصة، إلا إذا أثبت المدعي أن الضرر نشأ من خطأ أو إهمال من الناقل أو من تابعيه أو من وكلائه.

ـ سبب الإعفاء القائم على واجب الإنقاذ: أي التدابير التي يقوم بها الربان لإنقاذ الأرواح أو الأموال، وهنا على الناقل أن يثبت أن هلاك البضائع أو تلفها أو التأخير في تسليمها نشأ عن تلك التدابير، وأن تكون تلك التدابير معقولة (المادة الخامسة من اتفاقية هامبورغ).

أما عن طرق دفع مسؤولية الناقل البحري في قانون التجارة البحرية فقد نص كذلك على أسباب عامة للإعفاء وأخرى خاصة لذلك كما يأتي:

ـ الأسباب العامة للإعفاء في قانون التجارة البحرية السوري:

ـ القوة القاهرة: لا يسأل الناقل عن الهلاك أو التعيب الذي يصيب البضاعة نتيجة لقوة قاهرة.

ولا تُعد أخطار البحر من قبيل القوة القاهرة إلا إذا بلغت من الشدة مدى يجعلها غير متوقعة الحدوث أو لا يمكن دفعها.

ـ فعل الغير: والغير هو كل شخص غير الناقل وغير المضرور، ولا يكون الناقل مسؤولاً عن أفعاله وسواء أكان فعل الغير مكوناً للخطأ أم لا، ولكن ينبغي أن تتوافر فيه عناصر السبب الأجنبي أي إنه لا يمكن توقعه ولا تفاديه ولا تفادي نتائجه. وعلى ذلك لا يكون الناقل مسؤولاً عن الضرر الذي يلحق البضاعة بسبب اصطدام سفينته بسفينة أخرى بخطأ من ربان هذه السفينة، ويعد أيضاً ناشئاً من فعل الغير تلف البضاعة بسبب وجود بضاعة أخرى معيبة بالسفينة لم يكن الناقل على علم بعيبها، لأنه إذا كان يعلم بعيبها فلا يكون سبب الضرر أجنبياً عنه.

ـ خطأ المضرور: يعفى الناقل من المسؤولية عما يصيب البضاعة من ضرر بسبب خطأ الشاحن في عدم تغليفها جيداً مثلاً، أو عدم إعلام الناقل بطبيعة البضاعة...إلخ.

ـ العيب الذاتي في البضاعة: تنتفي مسؤولية الناقل إذا أثبت أن الضرر كان بسبب عيب البضاعة الذاتي، أي أن تكون البضاعة تحمل بذاتها بذور الفساد، كأن تكون مما يتلف بسرعة نتيجة ارتفاع الحرارة أو انخفاضها أو نتيجة التعرض للرطوبة.

ولا يلزم الناقل بإثبات تحفظ في وثيقة الشحن بالعيب الذاتي، إلا إذا كان العيب ظاهراً أو كان يعلم به.

ـ أسباب الإعفاء الخاصة في قانون التجارة البحرية السوري: وهذه الأسباب هي:

ـ الإعفاء القائم على خصوصية طريقة نقل البضائع: أي النقل على سطح السفينة، فهنا يعفى الناقل من المسؤولية إذا أثبت أن النقل تم وفق إحدى الحالات التي يجوز فيها النقل بهذه الطريقة، وأن الهلاك أو التلف ناشئ من المخاطر الخاصة بالنقل على سطح السفينة (المادة 245) وذلك لا يعفي الناقل من تقصيره في اتخاذ الاحتياطات اللازمة للمحافظة على البضاعة.

ـ الإعفاء القائم على الطبيعة الخاصة للبضاعة: والمقصود بالبضاعة هنا الحيوانات الحية: فقد قرر المشرع في المادة (246) من قانون التجارة البحرية إعفاء الناقل من المسؤولية في حالة نقل الحيوانات الحية عن كل ما يلحقها من ضرر إذا كان الهلاك أو الضرر ناشئاً من المخاطر الخاصة بهذا النوع من النقل وإذا نفذ الناقل تعليمات الشاحن بشأن نقل هذه الحيوانات، بل يفترض أن هلاكها أو ما أصابها من ضرر نشأ من المخاطر الخاصة بهذا النوع من النقل حتى يثبت الشاحن وقوع خطأ من الناقل أو من نائبه أو من أحد تابعيه ومن أمثلة الضرر نفوق الحيوانات بسبب دوار البحر، أو تهيج الحيوانات نتيجة ارتفاع الأمواج وإصابتها تبعاً لذلك بالمرض...إلخ.

ويختلف القانون هنا عن اتفاقية هامبورغ وذلك عندما جعل الإعفاء مقتصراً على حالات هلاك البضائع أو تلفها دون التأخير في تسليمها، ففي الحالة الأخيرة على الناقل إذا ما أراد دفع مسؤوليته أن يثبت وجود السبب الأجنبي.

ـ الإعفاء القائم على سلوك الشاحن: قضى قانون التجارة البحرية بأنه إذا تعمد الشاحن ذكر بيانات غير صحيحة في وثيقة الشحن عن طبيعة البضائع أو قيمتها فلا يسأل الناقل عن هلاك البضائع أو تلفها إذا أثبت أن هذه البيانات غير صحيحة وأن الشاحن فعل ذلك عمداً، حتى لو كان الهلاك أو التلف ناشئاً من خطأ من الناقل أو من تابعيه، مادام خطأ الناقل أو تابعيه لم يرق إلى مستوى الغش، وبصرف النظر عما إذا كان لهذه البيانات غير الصحيحة دخل في تحقق الضرر أم لا معاقبةً للشاحن على غشه (المادتان 219 و224 من قانون التجارة البحرية) علماً أن الناقل لا يلتزم بإثبات أن الشاحن قصد الإضرار بالناقل أو بغيره.

ـ الإعفاء القائم على واجب الإنقاذ والمساعدة البحرية: تنص الاتفاقات الدولية على واجب الإنقاذ والمساعدة لتأمين سلامة الأرواح في البحار وما تفرضه الاتفاقات الدولية أكده القانون، وواجب الإنقاذ أولى من التزام الناقل بالمحافظة على البضائع.

رابعاً ـ حدود مسؤولية الناقل البحري:

1 ـ مبدأ تحديد المسؤولية:

يقصد بمبدأ تحديد مسؤولية الناقل وضع حد أقصى للتعويض يلتزم به الناقل مهما بلغ الضرر.

أ ـ تحديد المسؤولية في اتفاقية بروكسل: نصت الاتفاقية في الفقرة الخامسة من مادتها الرابعة على الحد الأقصى لمسؤولية الناقل وجعلته مبلغ مئة جنيه إنكليزي عن كل طرد أو وحدة، أو ما يعادل هذه القيمة بنقد عملة أخرى.

ثم عدل البروتوكول الملحق بهذه الاتفاقية في مادته الثانية هذا الحد إلى عشرة آلاف فرنك ذهبي عن كل طرد أو وحدة، أو 30 فرنك ذهبي عن كيلوجرام من الوزن الإجمالي للبضاعة الذي يفقد أو يتلف على أن يؤخذ بالأعلى من الحدين.

ب ـ تحديد المسؤولية في اتفاقية هامبورغ: نصت في الفقرة الأولى من المادة السادسة على ما يأتي:

«1) يكون الحد الأقصى لمسؤولية الناقل عن الضرر الناشئ عن هلاك أو تلف البضائع هو الحد الأعلى من حدين يحسب أولهما على أساس 835 وحدة حسابية لكل طرد أو وحدة شحن. وثانيهما على أساس وحدتين ونصف من الوحدات الحسابية عن كل كيلوجرام من الوزن الإجمالي للبضائع التي هلكت أو تلفت.

2) يكون الحد الأقصى لمسؤولية الناقل في حالة التأخير في تسليم البضائع مبلغاً يعادل مرتين ونصف مبلغ الأجرة المستحقة عن البضائع التي تأخر في تسليمها بشرط ألا يزيد ذلك المبلغ عن المبلغ الكلي للأجرة المستحقة طبقاً لعقد النقل البحري للبضائع».

ج ـ تحديد المسؤولية في قانون التجارة البحرية السوري: أحال قانون التجارة البحرية بشأن ذلك إلى الاتفاقيات الدولية النافذة في سورية إذ نص في الفقرة الأولى من المادة (247) على أنه: «تحدد المسؤولية أياً كان نوعها عن هلاك البضائع أو تلفها وفق الاتفاقيات الدولية والأنظمة النافذة عن كل طرد أو وحدة شحن أو الوزن أيها أعلى».

2 ـ حالات المسؤولية غير المحدودة:

أقام قانون التجارة البحرية السوري مسؤولية الناقل عن التعويض الكامل للضرر فيما يأتي:

أ ـ إذا كان الشاحن قد صرح عن جنس البضاعة وقيمتها قبل شحنها وأدرج هذا التصريح في وثيقة الشحن، وللناقل أن يثبت عكس هذا التصريح. ولكن إذا تعمد الشاحن تقديم تصريح كاذب عن طبيعة البضاعة أو قيمتها وهو على علم بذلك فإن القانون قد رتب جزاء عليه بأن قرر عدم مسؤولية الناقل عما يصيب البضاعة من خسائر أو أضرار (المادة 244 من قانون التجارة البحرية).

ب ـ في حال تنازل الناقل عن كل أو بعض الحقوق والإعفاءات المقررة له. أو في حال قبوله بتشديد مسؤوليته والتزاماته على أن يتم ذكر ذلك في وثيقة الشحن.

ج ـ إذا كان الضرر اللاحق بالبضاعة راجعاً إلى غش أو خطأ جسيم من الناقل أو من نائبه أو أحد تابعيه، وللتيسير على المضرور افترض المشرع أن القصد انصرف إلى الإضرار وذلك في حالتين:

(1) إذا صدرت الوثيقة خالية من التحفظات مع وجود ما يقتضي ذكرها، وذلك بقصد الإضرار بالغير حسن النية.

(2) إذا كان النقل تم على السطح مع وجود اتفاق بنقلها في العنابر المخصصة للنقل (المواد 248 و251 و255 من قانون التجارة البحرية).

خامساً ـ الإعفاء الاتفاقي من المسؤولية:

1 ـ الشروط الاتفاقية بإعفاء الناقل من المسؤولية أو التخفيف منها:

إن نصوص اتفاقيتي بروكسل وهامبورغ والقانون منعت شروط الإعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها (المادة 813 من اتفاقية بروكسل والمادة 23 من اتفاقية هامبورغ والمادة 250 من قانون التجارة البحرية رقم 46)، وفي حال تم ذلك فالشرط باطل دون الوثيقة وبقية الشروط التي تبقى صحيحة. وأهم هذه الشروط هي:

أ ـ الشرط الذي يقضي بإعفاء الناقل من أخطائه الشخصية.

ب ـ الشرط الذي يقضي بإعفاء الناقل من أخطاء تابعيه.

ج ـ الشرط الذي يقضي بتحديد مسؤولية الناقل بأقل من الحد الأقصى المقرر.

د ـ اشتراط تنازل الشاحن عن حقه في التعويض الذي يستحقه من شركة التأمين في حالة هلاك أو تعيب البضاعة، لأن هذا التنازل يعد إعفاءً أو تخفيفاً لمسؤولية الناقل بصورة غير مباشرة.

هـ ـ شرط التحكيم الذي يقضي بحرمان المدعي من حق اختيار المحكمة التي سيتم إجراء التحكيم فيها، أو الشرط الذي يقضي بإعفاء المحكمين من التقيد بأحكام هذه النصوص.

و ـ الشرط الذي يقضي بتقصير مدة تقادم دعوى المسؤولية ضد الناقل.

ز ـ الشروط التي تهدف إلى حرمان المدعي من حقه، أو تقييد حقه، في اختيار المحكمة لرفع دعوى المسؤولية ضد الناقل.

ح ـ شرط عدم مسؤولية الناقل في حالة إجراء الشحن والتفريغ من قبل وكلاء الشاحن أو المرسل إليه.

ط ـ كل شرط يقضي باستبعاد النقل البحري من الخضوع لأحكام النصوص الخاصة التي يخضع لها في الأصل.

2 ـ حالات جواز إدراج شرط للإعفاء من المسؤولية:

نصت اتفاقية بروكسل على الحالات التي يكون فيها شرط الإعفاء من المسؤولية صحيحاً ومنتجاً لآثاره القانونية، وهذه الحالات هي:

أ ـ أن يخضع عقد النقل البحري في ظل اتفاقية بروكسل لنوعين من الأحكام: الأول يحكم الفترة الواقعة بين الشحن والتفريغ، وهذا نظمته اتفاقية بنصوص لا يجوز الاتفاق على خلافها. والثاني يحكم كلاً من الفترة السابقة لعملية الشحن والفترة اللاحقة لعملية التفريغ، فهنا يجوز للأطراف اشتراط إعفاء الناقل من المسؤولية.

ب ـ استبعدت اتفاقية بروكسل من نطاق تطبيقها النقل على السطح، ونقل الحيوانات الحية، وعليه يحق للمتعاقدين إدراج ما يشاؤون من الشروط بخصوص هذين النوعين من النقل، ولو أدى ذلك إلى الإعفاء من المسؤولية.

ج ـ سمحت اتفاقية بروكسل للناقل أن يبرم مع الشاحن أي اتفاق يتضمن أية شروط بشأن مسؤوليات الناقل والتزاماته، وجعلت لهذا الاتفاق أثره القانوني الكامل بحيث يكون ملزماً لطرفيه دون أحكام الاتفاقية، ولكن اشترطت الاتفاقية لذلك ما يلي:

(1) أن يكون النقل ذا طابع استثنائي خاص.

(2) ألا تصدر وثيقة شحن بمناسبة هذا النوع من النقل وإنما يرد هذا الاتفاق في وثيقة خاصة ينص فيها على أنها غير قابلة للتداول.

(3) ألا يتضمن الاتفاق شرطاً مخالفاً للنظام العام.

وقد أخذ قانون التجارة البحرية بذلك في المادة 252 منه وأجاز مثل هذا النوع من الاتفاقات بالشروط ذاتها التي أوردتها الاتفاقية مع اختلاف يتصل بالشرط الثالث إذ اشترط القانون بدلاً منه ألا ينطوي الاتفاق على إعفاء الناقل من أخطائه أو أخطاء تابعيه.

سادساً ـ دعوى المسؤولية:

1ـ الحق في إقامة الدعوى:

تقام دعوى المسؤولية من قبل صاحب الحق في البضاعة التي يدعي هلاكها أو تلفها أو تأخر وصولها، ولذا يمكن أن يكون مدعياً الشاحن أو المرسل إليه أو من أصبح حاملاً شرعياً لوثيقة الشحن، ويمكن أن يكون شخصاً آخر حل محل صاحب البضاعة في حقوقه، كشركة التأمين. وتقام دعوى المسؤولية على الناقل البحري عن الضرر الحاصل في أثناء عملية النقل ومن حق المدعي في حالة النقل المتتابع مقاضاة الناقل الأول، والناقلين اللاحقين له، علماً أن الناقل الأول يبرأ من المسؤولية إذا أثبت أن الحادث الذي نشأ منه هلاك البضاعة أو تلفها أو تأخير وصولها وقع في أثناء وجودها في حراسة ناقل لاحق. وأخيراً يستطيع المدعي رفع الدعوى ضد تابعي الناقل.

2 ـ الاختصاص القضائي في دعوى المسؤولية:

نصت المادة (259) من قانون التجارة البحرية على أنه يجب على المدعي أن يختار واحدة من المحاكم الآتية ليرفع إليها دعواه ضد الناقل:

أ ـ المحكمة المختصة وفقاً لقانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.

ب ـ المحاكم الأخرى المختصة: فتحقيقاً للعدالة والتوازن بين مصالح الناقل ومصالح صاحب الحق في البضاعة، ارتأى المشرع إتاحة الفرصة للمدعي بأن يرفع دعواه أمام المحكمة الأقرب له وفي الدولة التي يعرف نظامها القانوني والقضائي أفضل من غيرها، فنص على أن للمدعي حسب اختياره أن يرفع الدعاوى الناشئة عن عقد نقل بحري إلى المحكمة التي يقع في دائرتها ميناء الشحن أو ميناء التفريغ أو الميناء الذي حجز فيه على السفينة.

أما اتفاقية هامبورغ فقد جعلت للمدعي الخيار بأن يرفع دعوى المسؤولية أمام محكمة مختصة وفقاً لقانون الدولة التي تقع فيها المحكمة والتي يقع في دائرتها واحد من الأماكن أو الموانئ الآتية:

ـ المركز الرئيسي للمدعى عليه، وفي حالة عدم وجوده تكون العبرة بمحل إقامته المعتاد.

ـ محل إبرام العقد بشرط أن يكون للمدعى عليه في هذا المحل منشأة أو فرع أو وكالة وأن يكون العقد قد أبرم بواسطة هذه المنشأة أو هذا الفرع أو هذه الوكالة.

ـ ميناء الشحن أو ميناء التفريغ.

ـ أي مكان آخر يعين لهذا الغرض في عقد النقل البحري.

إضافة إلى ذلك فقد منحت الاتفاقية للمدعي خياراً آخر بأن أجازت له في حال الحجز على السفينة التي نقلت عليها البضائع أو على سفينة أخرى مملوكة للمالك نفسه أن يرفع دعوى المسؤولية أمام محاكم الدولة التي وقع فيها الحجز بشرط أن تكون هذه الدولة طرفاً في الاتفاقية (الفقرة 2 من المادة 21 من اتفاقية هامبورغ).

ويمكن لأطراف عقد النقل البحري عدم اللجوء إلى القضاء لفض النزاع بينهم وإنما اللجوء إلى التحكيم. وفي هذا قضى قانون التجارة البحرية على أنه «إذا اتفق في عقد نقل البضائع بالبحر على إحالة الدعاوى الناشئة عنه إلى التحكيم، وجب إجراء التحكيم حسب اختيار المدعي في دائرة المحكمة التي يقع فيها مرفأ الشحن أو مرفأ التفريغ أو في موطن المدعى عليه أو في مكان إبرام العقد بشرط أن يكون للمدعى عليه في هذا المكان مركز رئيسي أو فرع وكالة أو في المكان المعين في اتفاق التحكيم أو في دائرة المحكمة التي يقع فيها المرفأ الذي حجز فيه على السفينة» (المادة 260 من قانون التجارة البحرية).

3 ـ انقضاء دعوى المسؤولية:

نصت (المادة 258 من قانون التجارة البحرية) على أنه: «تنقضي الدعاوى الناشئة عـن عقد نقل البضاعة بالبحر بمضي سنتين من تاريخ تسليم البضائع أو من التاريخ الذي كان يجب أن يتم فيه التسليم. وينقطع سريان المدة بكتاب مسجل مع إشعار تسلم أو ما يقوم مقامه أو بتسـليم المستندات المتعلقـة بالمطالبـة أو بندب خبير لتقدير الأضرار وذلك بالإضافـة إلى الأسباب المقررة في القانون المدني. وينقضي حق من وجهت إليه المطالبة في الرجوع على غيره من الملتزمين بمضي تسـعين يوماً من تاريخ إقامة الدعوى عليه أو من تاريخ قيامه بالوفاء ولو انقضت المدة المشار إليها».

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد حسني، عقد النقل البحري (منشأة المعارف، الاسكندرية، بلا تاريخ).

ـ إلياس حداد، القانون التجاري (بري بحري جوي)، (منشورات جامعة دمشق 2005م).

ـ بهجت عبد الله قايد، القانون البحري (مكتبة نهضة الشرق، القاهرة 1984م).

ـ مصطفى كمال طه، أساسيات القانون البحري (منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان 2006م).

ـ محمد فريد العريني. ومحمد السيد الفقي، القانون البحري والجوي (منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان 2005م).

ـ محمد كمال حمدي، عقد الشحن والتفريغ في النقل البحري (دار منشأة المعارف، الاسكندرية  1983م).

ـ هاني دويدار، موجز القانون البحري (دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية 1999م).

ـ قانون التجارة البحرية السوري رقم 46 لعام 2006م. والتعليمات التنفيذية بالقرار رقم 935 تاريخ 18/6/2007

ـ اتفاقية سندات الشحن، بروكسل 25 / 8 / 1924م.

ـ اتفاقية هامبورغ للنقل البحري 31/3/1978م.


التصنيف : القانون التجاري
النوع : القانون التجاري
المجلد: المجلد الخامس: طرق الطعن في الأحكام الإدارية ــ علم العقاب
رقم الصفحة ضمن المجلد : 287
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 598
الكل : 31555156
اليوم : 71561