logo

logo

logo

logo

logo

الخلجان

خلجان

gulfs - golfes

 الخلجان

الخلجان

ماهر ملندي

 الخلجان الوطنية

الخلجان الدولية

الخلجان التاريخية

   

تطوَّرت قواعد القانون الدولي للبحار عرفياً، قبل أن تستقر مدونة في متن القرارات والمعاهدات الدولية. ولم يعد يُعنى هذا القانون باستغلال المياه السطحية لأعالي البحار فحسب، بل بالنظام القانوني للمناطق البحرية المجاورة للإقليم البري لكل دولة وما تحتويه من ثروات وموارد، وكذلك بقاع البحر وما تحته والفضاء الذي يعلوه. والسفن التي تمخر البحار والغواصات التي تجوب أعماقه، وبالمنشآت المستخدمة لاستثماره. كما ازداد الاهتمام الدولي بالبحار نتيجة التقدم الهائل في وسائل النقل والمواصلات والأساليب التكنولوجية لاستغلال البحار وثرواتها. ولهذا سعت الدول دائماً نحو فرض سيادتها على أكبر مسافة ممكنة من البحار الملاصقة لسواحلها والاستئثار بالسيطرة عليها. مما أفرز وجهات نظر متباينة ونزاعات دولية لا تحصى. لذلك فقد توالت المعاهدات لتحديد ممارسة الاختصاص الوطني في حوض الأبيض المتوسط، منذ أن عقدت روما وقرطاجة اتفاقية عام 509 قبل الميلاد. وتمَّ أيضاً تدوين قواعد الحرب البحرية وقمع القرصنة في تصريح باريس لعام 1856 واتفاقية جنيف لعام 1864 واتفاقيات لاهاي للأعوام 1899-1907م. وقد أخفقت جميع جهود عصبة الأمم من أجل تقنين قواعد القانون الدولي للبحار وتطويرها بما يتلاءم مع احتياجات العصر والتقدم العلمي. وذلك رغم التوصل عام 1923م إلى عقد اتفاقية جنيف حول النظام الدولي للموانئ البحرية. ولكن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة نجحت في عقد أول مؤتمر دولي حول قانون البحار، والذي نجم عنه التوصل إلى عقد اتفاقيات جنيف الأربع بتاريخ 21/4/1958م حول البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة، وأعالي البحار والجرف القاري والصيد البحري. كما تمَّ عقد مؤتمرٍ ثانٍ في جنيف عام 1960م. ولكنه لم يلقَ أي نجاح يُذكر حيث تبيَّن بعد فترة وجيزة أنَّ هذه الاتفاقيات لم تستطع مواكبة التطورات السريعة التي شهدها المجتمع الدولي، وخاصة بعد حصول عددٍ كبير من الدول النامية على استقلالها ومطالبتها بممارسة السيادة الدائمة على مصادرها الطبيعية، بما في ذلك الاستفادة من الثروات والموارد البحرية. لذلك اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 17/12/1970م إعلاناً بالمبادئ التي تحكم أعماق البحار والمحيطات التي تتجاوز حدود الولاية الوطنية. كما دعت الجمعية العامة إلى عقد مؤتمر ثالث حول قانون البحار، الذي انعقد بالفعل اعتباراً من عام 1973 على شكل اجتماعات ومفاوضات دورية استغرقت تسع سنوات. وقد أثمرت أعماله بتاريخ 10/12/1982 بإقرار اتفاقية قانون البحار في مدينة مونتيغوباي الواقعة في دولة جامايكا. وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ اعتباراً من 16/11/1994 بعد انقضاء عام على إيداع الصك الستين للتصديق. وتتكوَّن الاتفاقية من /320/ مادة وتسعة ملاحق. إذ نصت المادة /311/ على أن أحكامها تتقدم على تلك المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف لعام 1958 في حالة تعارضها وفيما إذا كانت الأطراف واحدة في جميع هذه الاتفاقيات، أما إذا اختلف الأطراف كلياً أو جزئياً، فعندها تتم العودة إلى مبدأ الأثر النسبي للمعاهدات الوارد في المادة الثالثة من اتفاقية فيينا لعام 1969حول قانون المعاهدات. أي إن المعاهدة لا تلزم إلاَّ أطرافها، باستثناء القواعد الكاشفة عن أعراف دولية أو قواعد آمرة والتي تتمتع بصفة الإلزام تجاه جميع أعضاء المجتمع الدولي، وكما نصت على ذلك أيضاً المادة /38/ من اتفاقية ڤيينا لعام 1969م. وباستثناء أعالي البحار وقاعها، تخضع جميع المناطق البحرية الأخرى ذات التسميات المختلفة إلى سيادة الدولة الساحلية أو تمارس على بعضها اختصاصات الولاية الوطنية فقط، وبما يتفق مع قواعد القانون الدولي والقيود التي فرضتها الأعراف الدولية ونصوص اتفاقيات جنيف لعام 1958 وجامايكا لعام 1982م حول قانون البحار. وهذه المناطق هي: المياه الداخلية والأرخبيلية والبحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة والمنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري والخلجان والمضائق والقنوات البحرية والبحار المغلقة وكذلك الخلجان les golfes.

والخليج gulf هو «انبعاج واضح المعالم، يكون توغله بالقياس إلى عرض مدخله على نحو يجعله يحتوي على مياه محصورة بالبرّ، ويشكل أكثر من مجرد انحناء للساحل. غير أن الانبعاج لا يُعتبر خليجاً إلاّ إذا كانت مساحته تعادل أو تفوق مساحة نصف دائرة قطرها خط يُرسم عند مدخل ذلك الانبعاج» (المادة الأولى من اتفاقية جنيف لعام 1958م حول البحر الإقليمي والمادة العاشرة من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار).

وتقسَّم الخلجان إلى ثلاث فئات: وطنية ودولية وتاريخية، ولكل منها نظامها القانوني الخاص بها.

أولاً- الخلجان الوطنية:

وهي تقع بأكملها في إقليم دولة واحدة، ولا يزيد اتساع الفتحة التي توصلها بالبحر على أربعة وعشرين ميلاً بحرياً، حيث يتم تحديد خط وهمي بين نقطتي الحد الأدنى للجزر على طرفي مدخل الخليج. وتعدُّ المياه المحصورة ما وراء الخط باتجاه اليابسة هي مياه داخلية للدولة الساحلية. وابتداءً من هذا الخط الوهمي وباتجاه أعالي البحار، يتم تحديد المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة. وتمارس الدولة الساحلية اختصاصها الوطني على ما يعبر الخليج الوطني من سفن وأشخاص مع مراعاة حق المرور البريء في المياه الإقليمية عند الدخول والخروج منه (المادة العاشرة من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار).

وهنا تجدر الإشارة إلى أن قانون الولاية البحرية السوري رقم /28/ لعام 2003م قد نصَّ في مادته الثانية على أن المياه الداخلية السورية تشمل مياه الخلجان الواقعة على طول ساحل الجمهورية العربية السورية، وتحدّد ما بين خط الساحل والخط المستقيم بين حد أدنى الجزر على نقطتي مدخله الطبيعي.

ثانياً- الخلجان الدولية:

وهي تلك الخلجان الواقعة على شواطىء عدة دول وتزيد فتحة الدخول إليها على مسافة 24 ميلاً بحرياً بين نقطتي الحد الأدنى للجزر عند مدخل الخليج. حيث يتم رسم خط وهمي داخل الخليج بشكل لا يتجاوز مسافة 24 ميلاً بحرياً بين نقطتي أدنى الجزر. وتقوم الدول الساحلية المطلة على الخليج بتحديد المياه الداخلية والإقليمية ما وراء خط الأساس داخل الخليج، بشرط ألا تمدُّ بحرها الإقليمي أبعد من الخط المتوسط الذي تقع كل نقطة فيه على أبعاد متساوية من أقرب النقاط على خط الأساس، كما هو الأمر في الخليج العربي، ما لم تتفق الأطراف المعنية على خلاف ذلك. كما جرى العرف في بعض المناطق، على إخضاع الخليج الذي يقع في أقاليم أكثر من دولة للسيادة المشتركة للدول المطلة عليه أو المحيطة به، مثل خليج فونسيكا الذي يقع بين السلفادور وكوستاريكا ونيكاراغوا.

ثالثاً- الخلجان التاريخية:

وهي أصلاً من الخلجان الدولية لكون مسافة الفتحة التي تصلها بالبحار العالية تزيد على أربعة وعشرين ميلاً بحرياً. ولكن جرى العرف الدولي على حق الدولة الساحلية بممارسة سيادتها على مثل هذا الخليج، بسبب مباشرتها الاختصاص الوطني عليه منذ فترة طويلة أو غير معلومة ودون اعتراض من قبل الدول الأخرى. ولم تحدِّد اتفاقيتا جنيف لعام 1958 وجامايكا لعام 1982م معايير محدّدة لمفهوم الخلجان التاريخية. وإنما اكتفتا بالنص على عدم تطبيق قواعد الخلجان الدولية عليها، وبالتالي فهي تبقى خاضعة لسيادة الدولة الساحلية القائمة على وجود مبررات تاريخية. ومن أشهر الأمثلة على الخلجان التاريخية: خليجا تونس وقابس في الجمهورية التونسية وخليج سرت في ليبيا وخليجا هدسون وسان لوران في كندا.

ويعدّ خليج العقبة من أشهر الخلجان الواقعة في المشرق العربي حيث يشكل الذراع الأيمن في شمال البحر الأحمر، وتحيط به ثلاث دول عربية وهي مصر والسعودية والأردن إضافة إلى فلسطين المحتلة. يبلغ طول الخليج نحو مئة ميل بحري ويراوح عرضه بين 3 و 18 ميلاً بحرياً. وتتواجد على مدخله عدة جزر، ومنها تيران وصنافير وبعض الصخور المعوّقة للملاحة فيه. وقد أقدمت إسرائيل عام 1949م على احتلال ميناء أم الرشراش الواقع في أقصى شمال الخليج بطول خمسة أميال بحرية، وبدَّلت اسمه إلى ميناء إيلات. وفي عام 1950م قامت السعودية بالنزول عن حقوقها في جزيرتي تيران وصنافير لمصر، التي سارعت إلى تمركز قواتها فيها ومنع السفن الإسرائيلية من المرور عبرها إلى داخل الخليج أو الخروج منه. واستمرت السلطات المصرية بممارسة ولايتها على مدخل الخليج ومراقبة السفن التي تعبره وتفتيشها. بل وافقت السلطات البريطانية منذ عام 1951م بأن تتقيد بالإجراءات الأمنية المفروضة من الحكومة المصرية، واستمر الوضع هكذا لحين وقوع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م واحتلال القوات الإسرائيلية لجزيرتي تيران وصنافير، ثم مالبثت أن انسحبت منهما بعدما تمركزت قوات دولية في شرم الشيخ، وسمحت للسفن الإسرائيلية بعبور الخليج. وفي شهر أيار لعام 1967م طلبت السلطات المصرية سحب القوات الدولية، وأعادت مصر تمركز قواتها في مدخل الخليج إلى أن استولت إسرائيل على شرم الشيخ وسيناء إثر عدوان حزيران عام 1967م، وتحكَّمت بالتالي بمدخل الخليج. وقد عدّت الدول العربية خليج العقبة من الخلجان التاريخية، حيث مارست عليه سيادتها من دون منازعة منذ أكثر من ألف عام، وهو يحتل أهمية استراتيجية وحيوية للعالم العربي. كما أن الاحتلال الإسرائيلي للسواحل الفلسطينية منذ عام 1948م وميناء أم الرشراش عام 1950م وجزيرة سيناء عام 1967م يعدُّ مخالفاً لقواعد القانون الدولي ومبادئه كافة التي تحظّر الاعتراف بشرعية الاحتلال العسكري الرامي إلى اكتساب أقاليم الغير بالقوة، وكذلك قرارات الشرعية الدولية - وخاصة القرار رقم /242/ لعام 1967م و /338/ لعام 1973م - الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، والتي تطالب الكيان الصهيوني بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة. علماً أنه كان يحق للسلطات المصرية ممارسة حقوق التفتيش والمصادرة والضبط لسفن العدو الصهيوني باعتبارها طرفاً محارباً كما هو وارد في قانون النزاعات المسلحة الدولية. في حين لم تحترم سلطات الاحتلال الإسرائيلية القواعد الدولية المستقرة بهذا الشأن عندما مارست أعمالاً سيادية في خليج العقبة، فالاحتلال لا ينقل السيادة أبداً. على أي حال، فقد أنهت اتفاقيات السلام الإسرائيلية/المصرية لعام 1979م والإسرائيلية/الأردنية لعام 1994م على ما يبدو الجدل الدائر حول تحديد الطبيعة القانونية للخليج فيما إذا كان تاريخياً أم لا، فقد أضفت شرعية مشكوكاً فيها للوجود الصهيوني في الخليج. ولكن لا يجوز مع ذلك أن تمس نصوص هذه الاتفاقيات الثنائية الحقوق الثابتة للدول الأخرى المطلة على الخليج العربي.

مراجع للاستزادة:

- إبراهيم الدغمة، القانون الدولي الجديد للبحار (دار النهضة العربية، القاهرة 1983م).

-  بدرية عبد الله العوضي، الأحكام العامة في القانون الدولي للبحار (الكويت 1988م).

- صلاح الدين عامر، القانون الدولي الجديد للبحار، دراسة لأهم أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (دار النهضة العربية، القاهرة 1983م.)

- عبد الكريم علوان، الوسيط في القانون الدولي العام، الكتاب الثاني (مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن 1997م).

- محمد الحاج حمود، القانون الدولي للبحار، مناطق الولاية الوطنية (مطبعة الأديب، بغداد 1990م).

- محمد المجذوب، القانون الدولي العام (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2002م).

- J. Combacou,“Le droit international de la mer”, Que sais-Je, no 2257 (P. U. F, Paris 1995).

- L. Lucchini, Le droit de la mer (Pedone, Paris 1997).

- M. Virally, Le nouveau droit international de la mer (Pedone, Paris 1983).

 


التصنيف : القانون الدولي
النوع : القانون الدولي
المجلد: المجلد الثالث: الجرف القاري ــ الرسم والنماذج الصناعية
رقم الصفحة ضمن المجلد : 402
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 511
الكل : 29634307
اليوم : 14317